الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك نقول في عموم قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[البقرة: 185] وقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا".
وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ والنظر الصحيح والقياس الصحيح أيضًا قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأمر معلق بولي الأمر في هذه المسألة فمتى رأى وجوب الصوم أو الفطر مستندًا بذلك إلى مستند شرعي فإنه يُعمل بمقتضاه لئلا يختلف الناس ويتفرقوا تحت ولاية واحدة.
واستدل هؤلاء بعموم الحديث: "الصوم يوم يَصُوم الناس والفِطْر يوم يُفْطِر الناس".
وهناك أقوال أخرى ذكرها أهل العلم الذين ينقلون الخلاف في هذه المسألة.
وأما الشِّق الثاني من السؤال: وهو كيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس بها رؤية شرعية. فإن هؤلاء يمكنهم أن يثبتوا الهلال عن طريق شرعي وذلك بأن يتراؤوا الهلال إذا أمكنهم ذلك فإن لم يمكنهم هذا فإنه متى ثبتت رؤية الهلال في بلد إسلامي فإنهم يعملون بمقتضى هذه الرؤية سواء رأوه أو لم يروه.
وإن قُلنا بالقول الثاني وهو اعتبار كل بلد بنفسه إذا كان يخالف البلد الآخر في مطالع الهلال ولم يتمكنوا من تحقيق الرؤية في البلد التي هم فيها فإنهم يعتبرون أقرب البلاد الإسلامية إليهم؛ لأن هذا أعلى ما يمكنهم العمل به.
إذا رؤي الهلال في المملكة هل يجب الصيام على أهل البلاد الأخرى
؟
- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -حفظه الله- (1) :
إذا رؤي الهلال في المملكة مثلاً، هل يجب على أهل البلاد الأخرى الصيام أم أنه يعتبر لكل أهل بلدة رؤيتهم؟
فأجاب: هذه مسألة خلافية.
(1)"فتاوى الصيام" لابن جبرين ص (26، 27) .
القول الأول: أنه إذا رؤي الهلال في بلد لزم أهل البلاد الأخرى أن يصوموا.
والذين قالوا هذا القول اعتبروا الشهر شهرًا واحدًا، ولم يعتبروا اختلاف المطالع، فإذا أهلّ الهلال على أهل المشرق صام برؤيته أهل المغرب، وكذا بالعكس هذه البلاد.
وقالوا: كيف نجعل شهر بلاد يتقدم على شهر البلاد الأخرى بيوم أو بيومين أو نحو ذلك مع أنهم كلهم مسلمون ويدينون بدين موحد.
القول الثاني: أن لكل أهل بلدة رؤيتهم.
وقد ذهب إلى هذا القول بعض العلماء منهم الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، وألّف في ذلك رسالة أيدها كذلك بالأحاديث.
ومن الأحاديث التي استدل بها أصحاب هذا القول قصة كريب: حيث سافر إلى الشام ثم رجع إلى المدينة في آخر رمضان، فسأله ابن عباس رضي الله عنه عما لقي حتى سأله عن الهلال.
فقال: متى رأيتموه؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة وصمناه.
ثم قال: وهل صام أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
فقال ابن عباس: لكنا لم نره إلا ليلة السبت فصمنا ولا نزال نصوم حتى نراه أو نكمله ثلاثين.
قال كريب: أولا تكتفي برؤية أمير المؤمنين وصيامه؟
قال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي هذا الحديث: أن ابن عباس جعل لأهل الشام رؤيتهم ولأهل المدينة رؤيتهم وأن كلَاّ منهم يصوم إذا أهلّ عليه الهلال.
القول الثالث: أن رؤية أهل المشرق رؤية لأهل المغرب ولا عكس؛ والسبب أنه إذا رؤي في المشرق لزم أن يُرى في المغرب ولابد؛ وذلك لأنه لا يغيب عن أهل المشرق قبل أن يغيب عن أهل المغرب.
وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره.