الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هلال الرحمة
(*)
تناظرت الأيام يومًا بخشعة
…
لتبدي ما تخفي سترٌ بليلةِ
لتكشف ما وَارَى الزمان بكنهه
…
وتظهر ما يحويه منها بسبحةِ
لتطلب حقًا في التساوي فكلها
…
دقائق تمضي في الزمان بلمحةِ
ودورة ساعات النهار بسعيه
…
وكبوة أجفان الليالي بظلمة
فهذا زمان الناس يوم وليلة
…
وكلّ زمان الناس عدٌ بقسمة
وكل شهور الناس أيّامُ تنقضي
…
وكلّ سنين الناس تمضي بحسبة
فيا لقضاء الحق أحكم بأزْمُن
…
لنيطق بيان العدل فينا بشرعة
ومن يا تُرى قاضي لتلك بليلنا؟!
…
لنرقب ما يقضي بتلك القضية!
***
فطَلَّ هلال في السماء برونق
…
يموج ويعلو في الفضاء كَدُرَّهِ
يسير ويسْري في المنازل سابحًا
…
ويمضي بآلاء الإِله العظيمة
رويدكم يا أيها الصحب وقفةً
…
بعين بصير بل بنور البصيرة
فنحن جديد الناس بيضٌ كصفحة
…
ونحن سويعات الدهور لجولة
ندور ونجري في الزمان وكلنا
…
يعد عن الإنسان يمضي بنسخة
ونأتي بكورًا كي يسطر فعله
…
فكلّ حريُّ أن يصان بهمة
وكل حري أن يسجل بالهدى
…
ويكتب بالإحسان سعيًا لجنة
ولكن أَزْمَانَ الإِله تفاضل
…
بمحكم تنزيل الكتاب وسنة
***
(1) ديوان للشاعر/ محمد عبد الرحمن صان الدين.
فذا عرفات الحج أعلي مقامُه
…
وفُضِّل عن أيامنا بمزية
وذا بشهور الناس شهر مبارك
…
وذا بليال الناس فاز بسورة
وإني هلال الصوم من ذا يفوقني
…
أُهلُّ على الإنسان في خير طلعة
ففيّ جهاد النفس تغدو كليلةً
…
وتسمو على دنيا المتاع الرخيصة
ويعلو هتاف العقل صوتًا مدويًا
…
ليسري بقاعات الضمير برعشة
وفيّ تَشفُّ الروحُ ترقى لتعتلي
…
لتنعم فيوصل العوالي الزهية
وتضحي قلوب المؤمنين رهيفةً
…
وتشرق أغوارُ الفؤاد برحمة
***
أنا رمضان الخير بشرى إلى الورى
…
أنا رمضان الزاد بين العشيرة
أنا رمضان البر جودوا ببركم
…
أنا رمضان الفوز جدوا لجنة
فهل يَا تُرى شهري كمثل شهوركم؟!
…
وفيّ تباريح القلوب بأنه
وفي قيام الليل زلفى لخالقٍ
…
وفيّ تراويح العباد بِذِلِةِ
وفيّ كتابُ الله أنزل للورى
…
ليحكم بالإحسان بين البريةِ
أتانا بنور الحق يسطع بالهدى
…
لتشرق أعماق القلوب بحكمة
أتانا بهدي الله والعدلُ حكْمُهُ
…
أتانا بآيات الكتاب السّنية
بليلةِ قدر لا تبارى وفضلها
…
حريّ بأن يُسعى إليها بعزمة
ففيها فيوض من كريم بفضله
…
وفيها غياث للعباد برحمة
وفيها عظيم القدرِ والقدرُ عنده
…
فيارب وفقنا لتلك المثوبة
ويارب اقبلنا بشهر فضيلة
…
ويارب أعتقنا بشهر المبرة
***
فهيا إلى الرحمن يا ناس أقبلوا
…
بقلب سليم من دنايا الدنية
نشمر عزم الجد شوقًا لنوره
…
ونمضي على درب الصراط السوية
وأن نُشْرعَ الأفلاكَ في بحر توبة
…
لعل شراع التوب يحظى بمنة
وعل شراع الأوب يلقى قبوله
…
ليحظى برضوان الإله وروضةِ
فأطرقت الأيامُ خجلى منيبةً
…
ودانت لحُكْم الحق ذاكم بميزة
ودانت شهور الناس للصوم وانبرت
…
تقبل أعناق الهلال برغبة
وطابت نفوس القوم والجمع بهجة
…
برؤية إشراق الهلال بطلة
وقالوا أبا الخيرات عذرًا لجمعنا
…
وأهلا بشهر الصوم شهر المحبة
أنا صائم (*)
أنا صائم.. ومضى يتمتم في خشوع وابتهال
وعلى أسرته المضيئة.. بالقداسة.. والجلال
فيض من الأنوار.. يومض كالصباح على التلال
كصحيفة الأبرار.. كالقلب المعدل بالوصال
***
وبناظريه تسأول.. عذب تدفق في حنان
وتطلع يطوي المدى.. وبغوص في لج الزمان
فكأنما عيناه في.. ثبج الأشعة كوكبان
أو كوتان.. مطلتان.. على فراديس الجنان
***
(*) للشاعر محمد هاشم رشيد.
أنا صائم.. ومضى يتمتم.. لم يثر.. لم يعتد
لم تنتفخ أوداجه.. حنقا.. ولم يتهدد
لكنه عبر الطريق.. وسار نحو المسجد
بسكينة القلب الوقور.. ونشوة المتعبد
***
أنا صائم.. ومضى يتمتم.. وهو يرنو للسماء
والطهر وشحه.. ولفعه.. بأردية الضياء
لم يصغ للكلم المسف.. ولا تطاول لاعتداء
بل سار في ألق القداسة.. تحت أجنحة الصفاء
***
ومضى يفكر.. لم يعد للتمتمات على الشفاه
إلا اختلاج صامت.. تعيا المدارك عن مداه
أنا صائم.. وأنا هنا..
مازلت.. انتظر الصلاة
لكنني.. ماذا صنعت؟
وما سأصنع.. للحياة؟
***
هي بضع ساعات.. وأغرق في الشراب وفي الطعام
وأعود أشعر بالدم المنساب.. ينتشل الحطام
لكن إخوتي الضعاف النائمين على الرغام
الصائمين عن الحياة المفطرين.. على الحمام
***
ماذا صنعت لهم؟ ولم أصنع سوى النزر اليسير
ولدى من نعم الإله وبره الفيض الغزير
مالي سأتركه.. يعانق كل ذي قلب كسير
ويداي أجدر بالسلاح.. لرد عدوان المغير
***
وأتى المساء.. ولم يجيء فطفقت أنتظر الصباح
وأنا أحاول أن أراه.. في الغدو أو الرواح
حتى بصرت به.. يطل إليّ.. من ألفي وشاح
يختار فيها المعدمون.. بأوجه غر صباح
ورأيته.. أبصرت صوته.. وقد حمل السلاح
ومضى مع الثوار.. يدلج في الروابي والبطاح
والتمتمات البيض في شفتيه.. في لون الجراح
فعرفت أسرار الصيام وكنه "حي على الفلاح"
ويقول الشاعر:
يا شهر مفترض الصوم الذي خلصت
…
فيه الضمائر والإخلاص للعمل
أرمضت يا رمضان السيئات لنا
…
بشربنا للتقى علا على نهل
وليت ظلك عنا غير منتقل
…
بصالح وخشوع غير منفصل
وليت شهرك حول غير منقطع
…
صوم وبر ونسك فيه متصل
ويقول محمد توفيق خانكي تحت عنوان: "خواطر صائم":
يا من إذا مرض الإنسان يشفيه
…
أوْ جاع يطعمه أو هام يسقيه
فرضت فرضًا علينا كم نقدسه
…
وبارتياح لدينا كم نحييه
أهلاً بشهر صيام فيه غبطتنا
…
وفيه لذتنا فيما نعانيه
من كان ذاق الطوى أو كان في عطش
…
طول النهار وذكر الله في فيه
أغناه عن كل ما أضحى يغذيه
…
وصار أعذب من ماء يرويه
الآمنا لرضاء الله ملجؤنا
…
إليه يا حبذا ما قد تعانيه
قد خص بالعز دومًا أهل طاعته
…
وخصّ بالذل عبدًا راح يعصيه
فكم يذوق محب من صبابته
…
صنوف مسغبة غبراء ترديه
يحيا ويفرح مذ يلقى القبول فلا
…
تحجم أخا الحب عن قرض تؤديه (1)
ويقول شاعر آخر:
شهر الشهور أتى بالخير أجمعه
…
عن سابغ العفْوِ والغُفران لم يَحُلِ
فيه الشياطين قد سُدَّتْ منافذُها
…
وسُلسِلَتْ مَالَهَا في الشر من أمل!
يا نفس للفوز هذي فرصة سَنَحتْ
…
دَعِي الوساوسَ والزَّلات وامتثلي
فَقُوتِكِ اليوَم: أذكار وأدْعية
…
مِلء المحارِيب، ملِء السهْلِ والجبل
أما الشرابُ، فكأس لا شراب بها!
…
فمِلؤُها الصَّفْوُ يَشْفي شِرة الغُلل
صفْو بِهِ الروح ترقى في معارجها
…
والجسم يسمو عن الإفراط في الأكلِ
***
(1)"قرة العين في رمضان والعيدين" لعلي الجندي (2/16) .
محمد الأخضر الجزائري عن هلال رمضان:
املأ الدنيا شعاعا
…
أيها النور الحبيب
اسكب الأنوار فيها
…
من بعيد وقريب
ذكر الناس عهودا
…
هي من خير العهود
يوم كان الصوم معنى
…
للتسامي والصعود
ينشر الرحمة في الأر
…
ض على هذا الوجود
يفتح الأرواح للحب
…
ويمضي بالصدود
وتكاد العين أن تنظر
…
من خلف الحدود
وتكاد اليد أن تلمس
…
أسباب الخلود
هو عهد قد تقضى
…
كله بر وجود
وفي وداع رمضان:
بالأمس أقبل مشرق الميلاد
…
شهر التقاة وقبلة العباد
في موكب الأفراح خط رحاله
…
وأقام في بشر وفي إسعاد
حلم يمر وفرصة مرغوبة
…
كالطيف لا كبقية الآماد
واليوم شد إلى الرحيل متاعه
…
قد زود الدنيا بخير الزاد
لا أوحش الر-حمن منك- منازلا
…
خير الليالي بين كل معاد
رمضان تأتي والوجود معرس
…
وتجيء أثرك بهجة الأعياد
وإذا عزمت على الرحيل فإنما
…
حزن الفراق يحز في الأكباد (1)
(1) ديوان "فلسفة الحياة"(60) ، لعبد الغفار الدلاش.
مصطفى حمام:
أنا يا شهرنا الكريم وفيّ
…
أنا باق على هوى رمضان
إن أيامك الثلاثين تمضي
…
كلذيذ الأحلام للوسنان
أمل السماء (*)
تتغير الدنيا.. ولا تتغير
…
ومدى الزمان تجيء، لا تتأخر
في كل عام أنت أكرمُ زائر
…
للأرض، تهدي من بها يتعثر
لكننا.. والظلم يفترش الربى
…
ونفوسنا مما تبرى تتحسر
لم ندر كيف إلى التسامي نهتدي
…
والأقوياء على الضعاف تجبروا
***
رمضان.. يا شهر التحرر، ليتنا
…
من جاهلية فكرنا نتحرر
رمضان تأتي واللظى يغتالنا
…
والحب في جنباتنا يتكسر
والظلم يفتد بالأحبة، والمدى
…
مما يراه، على المدى يتفجر
والجوع يفترس العباد، فترتمي
…
كتلا مواكبُهم، هنا تتضور
وخزائن الأموال خلف سدودها
…
بِضراوة الحرمان.. لا تتأثر
***
حتام يا رمضان يصرخ جائع
…
ويئن ظمآن.. ويسقط معسر؟
الصوم فيك فريضة، ولحكمة
…
شُرِع الصيامُ لعالم يتدبر
(*) ديوان للشاعر يس الفيل.
لكننا.. والنفس مال بها الهوى
…
نعدو.. ولكن الخطى تتقهقر
فإلى متى هذا الضلال وعالمي
…
رغم الغواية بالهداية أجدر؟
***
رمضان يا أمل السماء لأمة
…
بك لم تزل عبر المدى تستبشر
ثبت على التقوى قلوب أحبتي
…
وامنح هداك لعالم يتدهور
واهد الهداة إلى مرافيء دينهم
…
واحفظ خطاهم في الطريق ليعبروا
واحمل إلى ملأ السماء تحية
…
من أمة بصيامها تتطهر
ما زلت يا رمضان أكرم زائر
…
للأرض، تهدي من بها يتعثر
ولسوف تبقى فرحة أبدية
…
ليست تُمل، وإن تكن تتكرر (1)
***
يقول الشاعر محمد الأسمر في ديوانه "بين الأعاصير"(592) :
رعى الله شهر الصوم أما نهاره
…
فغاب وأما ليله فهو ساهرُ
وحيّا رجالاً حين لاح هلاله
…
مشت بهم مشي النسيم البشائر
بطان إذا ما الشمس أرخت قناعها
…
خماص إذا ما أقبلت وهي سافر
خضوعًا لمن فوق السموات عرشه
…
ويعلم منهم ما تكن السرائر
هو الله فاعبده العبادة كلها
…
إذا راح يلهو بالعبادة فاجر
* ويقول الشاعر مصطفى حمام:
انفثوا السحر يا رجال البيان
…
فأطيلوا الحديث عن رمضان
العزيز الحبيب اسْمَح منْ أهل
…
علينا وأكرم الضيفان
(1) مجلة منار الإسلام، العدد التاسع - السنة السادسة عشر.
النصيح المعلم الواعظ الها
…
دي رسول الحنان والإحسان
حدثونا عن راحة القيد فيه
…
حدثونا عن نعمة الحرمان
هو للناس قاهر دون قهر
…
وهو سلطانهم بلا سلطان
قال: جوعوا نهاركم فأطاعوا
…
خشعا يلهجون بالشكران
قال: افنوا الدجى بنسك وذكر
…
فتباروا في طاعة الرحمن
إفسحوا لي في الذاكرين مكانا
…
ومكان في مجلس القرآن
هيئوا لي منارة احتفي بالفجر
…
فيها مجلجلة بالأذان
ويقول الشاعر محمد هارون الحلو:
الله أكبر لاح وجه المشرق
…
بهلاله وجبينه المتألق
رمضان أقبل بالبشائر والهدى
…
وبسلسل من بره المتدفق
قدس من الصلوات في نفحاته
…
ما شاء كل منهمُ أن يستقي
حفوا به وقد استحف نفوسهم
…
فيض الجلال به وحسن الرونق
شهر به غدر الليالي أشرقت
…
في الدهر بالأمل السني الشيق
مرحى هلال الصوم عدت بطلعة
…
وضاء سنا جبين مشرق
والله أودع فيك من أسراره
…
روحا بغير البر لم يتخلق
هو ذلك الشهر الكريم تحدثت
…
عن السماء بسرها المتغلق
سطعت بنور الله فيك حقيقة
…
تهدي لسعي في الزمان موفق
ويقول الشاعر محمود جبر:
رمضان يا طهر النفوس
…
هرعت استجديك وقدك
واعف يومك عن الحديث
…
لا يطابق منك قصدك
وأذيب ليلك في التبتل
…
أبتغي الأنوار عندك
أنت المفضل في السماء
…
وبالكتاب خصصت وحدك
يا معبد المتهجدين
…
فزعت استهديك رشدك
يا قلب ذلك من تحب
…
فَسُق له يا قلب وجدك
واشرح له شوق الجوا
…
رح وابتغ الإحسان جهدك
ضل الذي لا يستطيب
…
شذا رباك وعرت وردكْ
رمضان يا روض الخلود
…
أنا اللهيف رجوتُ سعدكْ
ويقول الشيخ عبد الله بن علي في وداع رمضان:
خليليّ شهر الصوم زمّت مطاياه
…
وسارت وفود العاشقين بمسراه
فيا شهر لا تبعدْ لك الخير كله
…
وأنت ربيع الوصل يا طيب مرعاه
مساجدنا معمورة في نهاره
…
وفي ليله والليل يحمد مسراه
عليك سلام الله شهر قيامنا
…
وشهر تلاقينا بدهر أضعناه
ويقول الشاعر اليمني عبد العزيز الدريني:
أي شهر قد تولى
…
يا عباد الله عنا
حق أن نبكي عليه
…
بدماء لو عقلنا
كيف لا نبكي لشهر
…
مرّ بالغفلة عنا
ثم لا نعلم أنا
…
قدد طُردنا أو قُبلنا
كان هذا الشهر نورًا
…
بيننا يزهو حسنا
فاجعل اللَّهم عقباه
…
لنا نورًا حسنًا
***
وأخيرًا مع الشاعر الذي يستمطر الدمع من رقة شعره.. مع عمر بهاء الدين الأميري، وقد كتب في رمضان هذي القصائد.
يقول في ديوانه "قلب ورب" في قصيدة "الصيام والغذاء":
جدد حياتك بالصيام
…
فبالصيام غذاء روحكْ
داوِ الذي تشكوا بتقوى
…
الله، تبرأُ من قروحكْ
واغنم أوَيْقات التجلي
…
في الطريق إلى نزوحك
اشحذ سُمُوك عن حياة
…
اللغو، وادأب في طموحكْ
وارقَ الذُّرا ودع الثرى
…
طال المقام على سفوحِكْ
ويقول في قصيدة "في العبء":
يا ربّ
…
يا رب.. عبد في صَدَىً (1) وطِوَىً (2)
مُوله.. نائس (3) منْ غربة لِنَوى
تداولته كف الدهر وانطلقت
يسعى به هائمًا في لهفة وجوى
قلب مواجعه في خفقة ضرعتْ
يدعو.. ويدعو.. ويرجو للعليل دَوا
***
(1) الصدى: العطش.
(2)
الطِوى: الجوع
(3)
النائس: المتحرك المتذبذب.
وقال في قصيدته "رمضان العافية":
قالوا: سيتعبك الصيامُ
وأنت في السبعين مضني
فأجبت بل سيشد من
عزمي، ويحبو القلب أمنًا
ذكرًا.. وصبرًا.. وامتثالاً
الذي أغنى وأقنى
ويمدني.. روحًا وجسمًا
بالقوى معنى ومبنى
رمضان عافية فصمة
تُقىً، لتحيا مطمئنا
ويقول في ليلة القدر قصيدة "نشوة القدر":
ما نبا سيفي ولا دهري أبي
مُذ تخذت الله فَذا مأربا
وتوجهت إلى كرسيه
أرمق العرش، وتقديسي ربا
مسلفا جسمي وروحي للسنا
وخلاياي تعيش الطرب
غمر الأكوان بالنشوة في
ليلة القدر، سُمْوّا مجتبى
وتجلى النور في قلبي رضًا
فاض إنعامًا.. وأسدى وحَبَا
ويقول في رمضان في قصيدة "كل وهمته":
تتالت دقائقه مطمئنة
وفرّت.. ومرّت كبرق الأسنة
له وَقْعُه.. ولَهُ لمعُهُ
أفانين: فيضٌ.. وفرض.. وسنة
وكل وهمته.. والتجلي
مشاع، ولله فضل ومنّة
فمن كان في قلبه نورُه
سما.. ونما في ليالي المظنة
ومن كان في القلب ديجوره
سألنا له الله كشف الدجنة
ويقول في قصيدته "برق في منام ليلة قدر":
أبرقٌ؟ وكيف! وما أرعدا؟!
أم النورُ في البون.. حرا بدا؟
ومن أي أفق؟ ثرى أم ذُرا
ومن أيّ نبع أفاض النّدى؟!
تراءى.. ولا.. ليس من وجهة!
فلا.. لا ثرى.. لا ذُرا.. لا مدى!
وفي ليلة القدر.. غفوًا وصحوًا
متى؟ كم.. وكم؟ أزلا سرمدا
وأُسمعت لا من فم نغمةً
جِنَانيّة ما لها من صدى
تزف لي المجد والسعد في
تجلّ.. وتوردني الموردا
إذا كدتُ أزلق عن أوجه
تبدت.. ومدّت لجذبي يدا
وقال لي القلب: إني هنا
لديّ السنا.. والمُنى.. والجدا
فملت إلى لا نهاياته
وبادرني حفقة منجدا
وأنعم بالذكر كنهي رضا
وأدنى لمنطلقي الفرقدا
نضا عن كياني حجاب الهوى
وعيني غطىّ.. فلم تشهدا
وبصرّ عقلي بسرّ الدنا
وقد صاغها ربها معبدا
وذراتها.. ذرّة.. ذرّة
تُصَلي.. فتابعها واقتدى
وعُدْت رويدا.. رويدا.. إلى
جذوري.. وعايشتُها مُصْعِدا
ولكن بروحيَ.. شوقي بكى
وذوقي ذكا.. وقصيدي شدا
وأخيرًا يقول في وداع رمضان - في قصيدة "رمضان":
ذهبت راؤُهُ.. ونونُ ختامه
فانبرى في الحديث عن أيامه
قال شهري مضى.. ويا فوز عبد
لم ينم عن صيامه وقيامِهْ..
هو قد برّ نفسه فتصدى
للتجليّ.. واشتد في إقدامهْ
والرحيم الرحمن برّ مناهُ..
فتجلى له بفيض سلامه
أنا حيّ في قلبه، وستبقى
ليلة القدر في سنا أحلامه
وأخيرًا "حتى ترضى" يقول الأميري.. ونختم بها:
لك الحمد طوعًا.. لك الحمد فَرْضا
وثيقًا عميقًا.. سماءً وأرضًا
لك الحمد صمتًا.. لك الحمد ذكرًا
لك الحمد خفقًا حثيثا.. ونبضا
لك الحمد ملء خلايا جَناني
وكل كياني.. رنوا وغمضا
إلهي وجاهي إليك اتجاهي
وطيدًا مديدًا لترضى فأرضي
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
سيد بن حسين العفاني
***