المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها - نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان - جـ ٣

[سيد حسين العفاني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والعشرونفتاوى الصيام

-

- ‌ما هي أركان الصيام:

- ‌ما حكم من رأى الهلال وحده عند دخول الشهر أو خروجه

- ‌ما هي الطريقة التي يثبت بها أول كل شهر قمري

- ‌هل يجوز للمسلم الاعتماد في بدء الصوم ونهايته على الحساب الفلكي

- ‌سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:عن أهل المدينة رأى بعضهم هلال ذي الحجة، ولم يَثْبُت عند حاكم المدينة؛ فهل لهم أن يَصُوموا اليوم الذي في الظَّاهر التاسع

- ‌للقاضي إذا تحقق من خبر الإذاعة إعلان دخول الشهر

- ‌وما حكم من سمع الخبر من الإذاعة ولم يأخذ به

- ‌ كتاب الحكم برؤية الهلال

- ‌الصيام برؤية واحدة

- ‌كيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية

- ‌إذا رؤي الهلال في المملكة هل يجب الصيام على أهل البلاد الأخرى

- ‌رؤية الهلال في بلد هل تلزم البلاد الأخرى بالصيام

- ‌أهل القرية يلزمهم رؤية العاصمة

- ‌كيف يصوم الناس إذا اختلفت المطالع

- ‌الصوم مع الدولة التي تقيم فيها

- ‌كل مسلم يصوم ويفطر مع مسلمي بلده

- ‌هل يمكن لأهل أفريقيا أن يصوموا برؤية أهل مكة

- ‌اختلاف مطالع الأهلة وأي الجهات أولى بالاتباع

- ‌صيام من يطول نهارهم جدًا وكذا من يقصر نهارهم

- ‌حكم صوم من لا تطلع عندهم الشمس أيام الشتاء مطلقا

- ‌العبرة في ابتداء الصيام في البلدة التي سافر منها وفي نهايته في البلدة التي قدم إليها

- ‌ما الحكم في قوم يصومون رمضان ثلاثين يوما باستمرار

- ‌متى قامت البينة على دخول رمضان وجب الصوم

- ‌رأى هلال رمضان ورد القاضي شهادته مخافة الخطأ هل يصوم

- ‌لا يجوز للمسلم صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال

- ‌نِيّة الصِّيام

- ‌صائم رمضان هل يفتقر كل يوم إلى نية

- ‌تَبيِيتُ النِّيَّة في الصوم

- ‌ النية الجازمة للفطر دون أكل وشرب هل يفطر

- ‌لا يجوز لمن نوى صوم القضاء وشرع فيه أن يقطعه

- ‌حكم تعليق النية في صيام النفل

- ‌هل يصح أن ينوي الصائم -صيام نفل- نية الصيام بعد الزوال

- ‌هل يثاب الصائم نفلاً على الوقت الذي سبق نيته:

- ‌هل من نوى الإفطار يفطر

- ‌وقت الإمساك، والأكل بعد طلوع الفجر

- ‌الأكل والشرب بعد الأذان

- ‌الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر

- ‌لا يمسك عن الطعام حتى نهاية الأذان

- ‌هل للصائم الفطر بمجرد الغروب

- ‌هل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره

- ‌بلاد يتأخر فيها الغروب كيف يفطر أهلها

- ‌الإفطار بغروب الشمس

- ‌راكب الطائرة متى يفطر

- ‌لا يلزمه الإفطار

- ‌كيف يفطر من يؤذن المغرب في بلده وهو في الطائرة يرى الشمس لم تغرب

- ‌من أسلم وسط نهار رمضان

- ‌إذا أفطر لعذر وزال العذر في نفس النهار هل يواصل أم يمسك

- ‌إذا رؤي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسيا فهل يذكر أم لا

- ‌هل يؤمر الصبي المميز بالصيام

- ‌حكم صيام من يعقل زمنًا ويُجَن زمنًا آخر

- ‌فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليهم الصوم

- ‌كلما أراد أن يصوم أغمى عليه هل له الفطر

- ‌صيام المرأة الكبيرة التي يشق عليها الصوم

- ‌متى يسقط صيام رمضان عن الكبير

- ‌صيام المريض الذي لا يرجى برؤه

- ‌قبول خبر الطبيب المسلم العدل. وغير المسلم والمسلم غير العدل

- ‌سفر القصر، وسفر الطاعة والمعصية، والسافر في رمضان هل ينكر عليه

- ‌السفر المبيح للفطر

- ‌متى يبدأ المسافر بالفطر

- ‌الصيام في السفر بالوسائل المريحة

- ‌نوى الصيام ثم سافر في أثناء النهار هل له أن يفطر

- ‌حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو على سفر

- ‌المقيم في بلد أكثر من أربعة أيام يصوم

- ‌هل للفطر في السفر أيامًا معدودة

- ‌ المسافة التي يجب عندها الإفطار

- ‌مسافر وصل إلى أهله قبيل العصر مفطرًا هل يمسك بقية اليوم

- ‌إذا رجع المسافر إلى بلده مفطرًا هل يستمر في فطره أم يمسك

- ‌المبتعث مسافر يفطر ولو امتد ابتعاثه سنوات

- ‌هل السائقون خارج المدن بصفة مستمرة ينطبق عليهم حكم السفر

- ‌لا يجوز الفطر في رمضان إلا لعذر

- ‌حكم السفر في شهر رمضان تحايلاً على الإفطار

- ‌حكم صيام الحائض النفساء

- ‌جاءها الحيض في سن الحادية عشرة هل يلزمها الصوم

- ‌النفساء والصوم

- ‌الدم الخارج بعد السقط هل يفطر

- ‌حكم صيام من أجهضت

- ‌حكم صيام من أسقطت في الشهر الثالث

- ‌متى طهرت النفساء فإنها تصوم وتصلي

- ‌صيام الحامل والمرضع

- ‌حكم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما

- ‌صيامك وأنت حامل ومعك نزيف لا يؤثر على الصيام

- ‌حكم المرأة الحامل التي لا تطيق الصوم

- ‌لم تصم ثلاث رمضانات بسبب الولادة والحمل

- ‌حكم من رؤي مفطرًا في مكة في رمضان

- ‌هل يفطر من يعمل في الأفران

- ‌صوم العاملين في مجال الحديد والصلب

- ‌من أخذ شيء من ماله ولا يقدر عليه إلا بالفطر

- ‌يفطر لإنقاذ غيره من مهلكة

- ‌الفطر بسبب الامتحانات لا يجوز

- ‌حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهي حائض

- ‌حكم الصائم إذا جامع وهو مسافر

- ‌استعمال العادة السرية في نهار رمضان مفسد للصوم

- ‌خروج المني في نهار رمضان

- ‌حكم من قبَّل أو لمس وهو صائم فأمنى أو أمذى

- ‌حكم من سحب منه دم وهو صائم

- ‌هل الفصاد في نهار رمضان يفسد الصوم

- ‌حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم

- ‌قلع الضرس وبلع الريق هل يفطر الصائم

- ‌حكم أخذ الحقنة الشرجية للصائم

- ‌استعمال الإبر في الوريد وفي العضل هل يفطر الصائم

- ‌الكحل هل يبطل الصيام

- ‌استخدام مراهم للأنف للصائم

- ‌حكم القطرة والمرهم في العين للصائم

- ‌القطرة في الأنف والأذن والعين في نهار رمضان

- ‌شرب الدخان حرام ومن المفطرات

- ‌بلع البلغم هل يفطر الصائم

- ‌ابتلاع النخامة هل يفطر الصائم

- ‌حكم من ترك القضاء حتى رمضان الذي بعده

- ‌القضاء لمن لم يصم رمضان سنوات عديدة

- ‌قضاء رمضان لمن أفطر بغير عذر جهلاً بوجوب الصيام

- ‌قضاء الصوم على الترتيب ولو لسبع سنوات

- ‌من برئت ذمته بالإطعام لم يجب عليه الصيام

- ‌إذا تعدد الجماع في اليوم أو في الشهر هل تتعدد الكفارة

- ‌جامع زوجته وهو لم يعلم أن ذلك اليوم من رمضان

- ‌باشر زوجته معتقدًا بقاء الليل ثم تبين له طلوع الفجر

- ‌جامع زوجته وهو جاهل هل تلزمه الكفارة

- ‌إذا لم يجد الإطعام هل تسقط عنه الكفارة

- ‌هل تسقط كفارة الوطء عن هذا الرجل

- ‌أفطر رمضان متعمدًا ثم جامع هل يلزمه القضاء والكفارة

- ‌جامع زوجته بعد أن أفطر بالأكل هل عليه الكفارة

- ‌قدم مسافرًا وهو مفطر ووجد امرأته تغتسل من الحيض هل يجوز أن يجامعها

- ‌حكم من مات وعليه صيام واجب

- ‌من مات وعليه قضاء من شهر رمضان

- ‌مات وعليه كفارة

- ‌إذا مات الشخص وعليه صيام من رمضان

- ‌يشرع ذلك أن تصوم عن والدك من الأيام مما يغلب على ظنك أنه أفطرها

- ‌حكم من مات وعليه خمسة أيام وله خمسة أبناء

- ‌صم عن نفسك أولاً ثم صم عن قريبك

- ‌الأوْلى أن تتولى أمها القضاء عنها

- ‌من الأحق بالقضاء عن المرأة زوجها أو أولادها

- ‌مات على نية قضاء الصوم ولم يقض

- ‌لا شيء على من لم يفرط في قضاء ما عليه

- ‌أصيبَتْ باختلال عقلي فلم تصلي ولم تصم ثم ماتت هل يصام عنها

- ‌هل القضاء عن الميت خاص بصوم النذر فقط

- ‌موجبات القضاء والكفارة

- ‌لا يجزيء دفع نقود عن الإطعام

- ‌إطعام المساكين هل يكفي في مكان واحد

- ‌الإطعام هل يجوز لغير السلمين

- ‌حكم قراءة آيات الصيام أول ليلة من رمضان في العشاء

- ‌حكم السهر في ليالى رمضان لتلاوة القرآن بأجرة

- ‌هل الإفطار الجماعي من محدثات الأمور

- ‌الاعتكاف هل له أقسام

- ‌هل تكفي النية إذا شرط في اعتكافه شيئًا لابد منه ولم ينطق به

- ‌بعض أحكام الاعتكاف

- ‌متى يبدأ دخول المعتكف المسجد في العشر الأواخر ومتى ينتهي

- ‌متى يخرج المعتكف من اعتكافه

- ‌حكم الاعتكاف في الغرف التي داخل المسجد

- ‌يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر

- ‌هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌الاتصال بالتليفون للمعتكف هل يجوز

- ‌رفض والده ولم يسمح له بالاعتكاف

- ‌هل للمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب

- ‌جواز تنقل المعتكف في جميع أنحاء المسجد

- ‌ما يستحب وما يكره للاعتكاف

- ‌هل يَلْزَم من نذر أن يعتكف الوفاء به

- ‌نذر أن يعتكف في مسجد معين هل يجوز له أن يعتكف في غيره

- ‌صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها

- ‌نذر أن يصوم الاثنين والخميس ثم بدا له أن يصوم يومًا ويفطر يومًا

- ‌نذرت أن تصوم سنة -لوجه الله- لشفاء زوجها

- ‌حكمة إباحة الصوم في أيام التشريق للمتمتع والقارن مع عدم الهدي

- ‌حكم الإستكثار من صيام شعبان وحكم صوم النصف الأخير منه

- ‌التهنئة بقدوم رمضان

- ‌الموت في رمضان

- ‌هل يضاعف الصوم في الحرم

- ‌الكافر لا يجاهر بالفطر في رمضان

- ‌التدرج في الصوم

- ‌هل يَكْفُر تارك الصوم

- ‌صيام بعض الأيام بلياليها هل يجزيء عن صيام الشهر

- ‌حكم من أفطر في رمضان

- ‌أيهما أفضل ليلة القدر أم ليلة الإسراء

- ‌هل يجوز إهداء ثواب الصيام للميت

- ‌هل أصوم وأصلي عن والدي المتُوفَّى

- ‌حكم الاعتكاف للرجل والمرأة

- ‌هل يجوز الاعتكاف بلا صوم

- ‌ليس له أن يخص يومًا بعينه يعتاد الاعتكاف فيه

- ‌هذا الحديث لا يصح في فضل الاعتكاف

- ‌إخراج زكاة الفطر عن الأخت

- ‌هل تلزم صدقة الفطر الرجل عن أهل بيته

- ‌هل يلزم إخراج الفطرة عن الولد الغائب

- ‌هل يلزم إخراج الفطرة عن الولد الغائب

- ‌هل الأنواع التي تخرج في صدقة الفطر محددة

- ‌الأطعمة التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها

- ‌هل يجوز إخراج زكاة الفطر لحمًا

- ‌حكم من يُجْبَر على إخراج زكاة الفطر دراهم

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر أثناء الخطبة بعد صلاة العيد

- ‌هل تسقط زكاة الفطر عمن لم يخرجها قبل العيد

- ‌نسي إخراج زكاة الفطر قبل العيد

- ‌حكم وضعها عند الجار حتى يأتي الفقير وتأخرت عن يوم العيد

- ‌لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر للمجاهدين

- ‌زكاة الفطر توزع بين فقراء البلد

- ‌هل أخرج زكاة الفطر في بلدي أم في مكان العمل الذي أقيم فيه

- ‌هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد لآخر

- ‌زكاة الفطر تتبع الإنسان أينما كان

- ‌تزيين المساجد بالأنوار في أيام الفطر

- ‌من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌من فتاوى الشيخ ابن باز

- ‌الصوم والإفطار يتبعان بلد الإقامة

- ‌من فتاوى اللجنة

- ‌حكم صوم يوم عاشوراء

- ‌استنشاق الدواء هل يفطر

- ‌صيام رمضان 28 يومًا

- ‌هل نصوم 31 يومًا

- ‌قطرة العين هل تفطر

- ‌من أكل وقت الأذان

- ‌توضيح من سماحة الشيخ الفاضل عبد العزيز بن باز علم الحساب لا يعتمد عليه في إثبات الصوم والفطر والأحكام الشرعية بإجماع سلف الأمة

- ‌من فتاوى الشيخ ابن عثيمين حفظه الله

- ‌صيام القضاء والنافلة بنية واحدة

- ‌أقسام الناس في الصيام

- ‌السفر المبيح للفطر

- ‌سائق الشاحنات كيف يصوم ومتى

- ‌فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليه الصوم

- ‌الإفطار من أجل الامتحانات هل يجوز

- ‌استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم لا يفطر

- ‌سريان البنج في الجسم هل يفطر

- ‌معجون الأسنان هل يكره للصائم

- ‌دواء الغرغرة هل يبطل الصوم

- ‌الحقنة الشرجية للصائم هل تفطر

- ‌الحقن والإبر المغذية هل تفطر الصائم

- ‌حقنة العروق وحقنة العضل هل تفطر

- ‌اعتكف وترك الوظيفة

- ‌من فتاوى الشيخ محمد مخلوف مفتي مصر سابقًا

- ‌ خبر الطبيب غير المسلم

- ‌ صيام رمضان في شمال أوربا

- ‌الباب الثاني والعشرونالصوم ورمضان في واحة الشعر

- ‌شهر الرضا والنور

- ‌هلال الرحمة

الفصل: ‌صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها

مسجد بيت المقدس. قال: "صل ها هنا". قال: إني نذرت أن أصلي في ذلك المسجد. قال: "صل ها هنا". فلما رآه مصرًا قال: "شأنك إذًا". رواه أبو داود والحاكم وصححه (1) .

‌صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها

- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

عما ورد في ثواب صيام الثلاثة أشهر، وما تقول في الاعتكناف فيها، والصمت: هل هو من الأعمال الصالحات؟ أم لا؟

فأجاب: أما تخصيص رجب وشعبان جميعًا بالصوم، أو الاعتكاف فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين، بل قد ثبت في "الصحيح": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم إلى شعبان، ولم يكن يصوم من السنة أكثر مما يصوم شعبان، من أجل شهر رمضان.

وأما صوم رجب بخصوصه، فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يُروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات، وأكثر ما روي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب يقول:"اللَهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان".

وقد روى ابن ماجة في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم رجب وفي إسناده نَظَر.

لكن صح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب أيدي الناس؛ ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب. ويقول: لا تشبهوه برمضان.

ودخل أبو بكر فرأى أهله قد اشتروا كِيزانًا للماء، واستعدوا للصوم، فقال "ما هذا؟! " فقالوا: رجب. فقال: "أتريدون أن تشبهوه برمضان؟ " وكسر تلك الكيزان. فمتى أفطر بعضًا لم يكره صوم البعض.

وفي "المسند" وغيره: حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم وهي رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.

(1)"فتاوى الصيام لابن جبرين"(ص 115) .

ص: 163

فهذا في صوم الأربعة جميعا، لا من يخصص رجب.

وأما تخصيصها بالاعتكاف فلا أعلم فيه أمرًا، بل كل من صام صومًا مشروعًا، وأراد أن يعتكف من صيامه كان ذلك جائزًا بلا ريب.

وإن اعتكف بدون الصيام، ففيه قولان مشهوران، وهما روايتان عن أحمد: أحدهما: أنه لا اعتكاف إلا بصوم، كمذهب أبى حنيفة، ومالك.

والثاني: يصح الاعتكاف، بدون الصوم. كمذهب الشافعي.

وأما الصمت عن الكلام مطلقًا في الصوم، أو الاعتكاف، أو غيرهما فبدعة مكروهة، باتفاق أهل العلم. لكن هل ذلك محرم، أو مكروه؟ فيه قولان في مذهبه، وغيره.

وفي "صحيح البخاري": أن أبا بكر الصديق دخل على امرأة من أحمس فوجدها مصمتة لا تتكلم، فقال لها أبو بكر:"إن هذا لا يحل: إن هذا من عمل الجاهلية".

وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائمًا في الشمس، فقال: من هذا؟ فقالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم فى الشمس، ولا يستظل، ولا يتكلم ويصوم. فقال: مروه فليجلس وليستظل وليتكلم، وليتم صومه".

فأمره صلى الله عليه وسلم مع نذره للصمت، أن يتكلم، كما أمره مع نذره للقيام أن يجلس، ومع نذره أن لا يستظل، أن يستظل.

وإنما أمره بأن يوفي بالصوم فقط، وهذا صريح في أن هذه الأعمال ليست من القرب التي يؤمر بها الناذر.

وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله

فلا يعصه".

كذلك لا يؤمر الناذر أن يفعلها، فمن فعلها على وجه التعبد بها والتقرب، واتخاذ ذلك دينًا وطريقًا إلى الله تعالى: فهو ضال جاهل مخالف لأمر الله ورسوله. ومعلوم أن من يفعل ذلك -من نذر اعتكافًا ونحو ذلك-، إنما يفعله تدينًا، ولا ريب أن فعله على وجه التدين حرام فإنه يعتقد ما ليس بقربه قربة، ويتقرب إلى الله تعالى بما لا يحبه الله،

ص: 164

وهذا حرام، لكن من فعل ذلك قبل بلوغ العلم إليه، فقد يكون معذورا بجهله إذا لم تقم عليه الحجة، فإذا بلغه العلم فعليه التوبة.

وجماع الأمر في الكلام قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو

ليصمت".

- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -حفظه الله-:

من فاته من رمضان صيام بعض الأيام وذلك لعذر. فهل يجب عليه أن يصومها متتابعة أم يجوز له أن يفرقها؟

فأجاب: الصحيح أنه يجوز قضاؤها متفرقة؛ لأن الآية ليس لها نص على التتابع بل إن الله -جل وعلا- أطلق فيها فدل على أنه يجوز أن يقضيها متفرقة.

ولكن الأفضل أن يقضيها متوالية؛ لأن ذلك حكاية الأداء، فإن الأيام التي أفطرها كانت متوالية فيقضيها متوالية (1) .

- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله:

ظاهرت من امرأتي ولم أجد عتق رقبة، فصمت شهر ذي القعدة ولما وصلت إلى اليوم العاشر من ذي الحجة قيل لي: لا يجوز لك صوم العيد. فهل أعيد الصيام لأن التتابع واجب؟

فأجاب: من كان عليه صيام شهرين متتابعين -كما هي حالة السائل-، فوافق صيامه يوم عيد، نقول: أفطر يوم العيد وصم يوما بدله: فإن التتابع واجب إلا في مثل هذه الحالة (2) .

- وسألت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

ما حكم امرأة صامت بدون إذن زوجها (أي بدون علمه) يومين علمًا أن الصوم كان قضاء لشهر رمضان المبارك، وكانت عند الصيام خجلت أن تخبر زوجها بذلك، إن كان غير جائز هل عليها كفارة؟

(1)"فتاوى الصيام لابن جبرين"(ص 125) .

(2)

"فتاوى الصيام لابن جبرين"(ص 102) .

ص: 165

فأجابت: يجب على المرأة قضاء ما أفطرته من أيام رمضان ولو بدون علم زوجها، ولا يشترط للصيام الواجب على المرأة إذن الزوج فصيام المرأة المذكورة صحيح. وأما الصيام غير الواجب فلا تصوم المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه -غير رمضان- (1) .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -حفظه الله-:

رجل كان على الإسلام ثم ارتد، وفي 15 من رمضان تاب في أثناء النهار. فهل يقضي ما فاته؟

فأجاب: المرتد إذا تاب في أثناء النهار أمرناه بإمساك بقية نهاره وبقية شهره وأسقطنا عنه ما مضى -وهذا الحكم ينطق أيضًا على الكافر الأصلي-.

ودليل ذلك: أن ثقيفا لما أسلمت كانوا في سنة تسع في رمضان وهم آخر من أسلم من أهل الحجاز فلما أسلموا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضوا أول الشهر بل أمرهم بإمساك بقيته. والله أعلم (2) .

- وسئلت أيضًا اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

هل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم صام عشر ذي الحجة؟

فأجابت: لم يثبت -فيما نعلم- أن الرسول صلى الله عليه وسلم صام عشر ذي الحجة أي: التسعة أيام ما قبل العيد. لكنه صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري (3) .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

(1)"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" رقم (12582) .

(2)

"فتاوى الصيام لابن جبرين"(ص 123، 124) .

(3)

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" رقم (7233) .

ص: 166

- وسئلت أيضًا اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

اختلف الناس هنا في صوم يوم عرفة لهذا العام، حيث صادف يوم السبت فمنهم من قال: إن هذا يوم عرفة نصومه لأنه يوم عرفة وليس لكونه يوم السبت المنهي عن صيامه، ومنهم من لم يصمه لكونه يوم السبت المنهي عن تعظيمه مخالفة لليهود، وأنا لم أصم هذا اليوم وأنا في حيرة من أمري، وأصبحت لا أعرف الحكم الشرعي لهذا اليوم، وفتشت عنه في الكتب الشرعية والدينية فلم أصل إلى حكم واضح قطعي حول هذا اليوم، أرجو من سماحتكم أن ترشدني إلى الحكم الشرعي وأن ترسله لي خطيًا، ولكم من الله الثواب على هذا وعلى ما تقدموه للمسلمين من العلم النافع لهم في الدنيا والآخرة.

فأجابت: يجوز صيام يوم عرفة مستقلاً سواء وافق يوم السبت أو غيره من أيام الأسبوع لأنه لا فرق بينها؛ لأن صوم يوم عرفة سنة مستقلة، وحديث النهي عن يوم السبت ضعيف؛ لاضطرابه ومخالفته للأحاديث الصحيحة.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم (1) .

- وسئل أيضًا فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -حفظه الله-:

هل يجوز صيام يوم عاشوراء وحده من غير أن يصام يوم قبله أو بعده، لأنني قرأت في إحدى

المجلات فتوى مفادها أنه يجوز ذلك لأن الكراهة قد زالت حيث اليهود لا يصومونه الآن..؟

فأجاب: كراهة إفراد يوم عاشوراء بالصوم ليست أمرا متففا عليه بين أهل العلم فإن منهم من يرى عدم كراهة إفراده، ولكن الأفضل أن يصام يوم قبله أو يوم بعده، والتاسع أفضل من الحادي عشر، أي من الأفضل أن يصوم يوما قبله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لئن بقيت إلى قادم لأصومن التاسع" -يعني مع العاشر- وقد ذكر بعض أهل العلم أن صيام عاشوراء له ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده.

الحالة الثانية: أن يفرده بالصوم.

(1)"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" رقم (11747) .

ص: 167

الحالة الثالثة: أن يصوم يومًا قبله ويومًا بعده.

وذكروا أن الأكمل أن يصوم يومًا قبله ويوما بعده، ثم أن يفرده بالصوم.

والذي يظهر أن إفراده بالصوم ليس بمكروه لكن الأفضل أن يضم إليه يومًا قبله أو يوما بعده (1) .

- وسئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -حفظه الله-:

هل يجب على من أراد صيام الست من شوال أن يصومها متتابعة أم يجوز تفرقتها في أول الشهر وأوسطه وآخره؟

فأجاب: صيام هذه الستة سنة وليس واجبا، والأفضل صيامها بعد العيد متتابعة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:"من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر".

لكن يجوز صيامها متتابعة ومتفرقة، كما يجوز صومها من أول الشهر أو من أوسطه أو من آخره، فإن ذلك كله يحصل به الصيام المطلوب فإن خرج الشهر قبل صيامها لعذر من مرض أو سفر أو نفاس، فلا مانع من صيامها بعده. والله أعلم (2) .

- وسئل أيضًا العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:

إذا صام ستة أيام من شوال في ذي القعدة، فهل يحصل له الأجر الخاص بها؟

فأجاب: أما إن كان له عذر من مرض أو حيض أو نفاس أو نحو ذلك من الأعذار التي بسببها أخر صيام قضائه أو أخر صيام الست، فلا شك في إدراك الأجر الخاص، وقد نصوا على ذلك.

وأما إذا لم يكن له عذر أصلاً، بل أخر صيامها إلى ذي القعدة أو غيره فظاهر النص يدل على أنه لا يدرك الفضل الخاص، وأنه سنة في وقت فات محله، كما إذا فاته صيام عشر ذي الحجة أو غيرها حتى فات وقتها، فقد زال ذلك المعنى الخاص، وبقي الصيام المطلق (3) .

(1)"الفتاوى لابن عثيمين - كتاب الدعوة"(1/188، 189) .

(2)

"فتاوى الصيام لابن جبرين"(ص 104) .

(3)

"الفتاوى السعدية للشيخ عبد الرحمن السعدي"(ص 230) .

ص: 168

- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

شخص يصوم ستة أيام شوال، أتاه مرض أو مانع أو تكاسل عن صيامها في إحدى السنوات هل عليه إثم؟ لأننا نسمع أنه من يصومها عام يجب عليه عدم تركها.

فأجابت: صيام ستة أيام من شوال بعد يوم العيد سنة، ولا يجب على من صامها مرة أو أكثر أن يستمر على صيامها، ولا يأثم من ترك صيامها.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم (1) .

- وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله -حفظه الله-:

بالنسبة لأيام البيض: هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك صيامها سفرًا ولا حضرًا؟ أم أنه

أمر مستحب؟

فأجاب: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم تطوعا ويكثر الصيام، كان يصوم حتى يقال: إنه لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: إنه لا يصوم؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر من صيام التطوع حضرا وسفرًا.

أما كونه يلازم أيام البيض: فهذا لا أدري ولا يحضرني الآن شيء فيه (2) .

- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -حفظه الله-:

امرأة تسأل تقول: إنها نذرت أن تصوم شهر رجب من كل عام ثم كبرت بها السن وعجزت عن الصيام فماذا تفعل؟

فأجاب أولاً: أنصح جميع إخواني المسلمين بالبعد عن النذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: "إنَّهُ لَا يَأتِي بِخَير وِإنما يستخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخيل".

وقد أشار الله عز وجل إلى النهي عنه في القرآن، فقال تعالى:(وَأقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أيمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ قل لا تقسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)[النور: 53] .

(1)"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" رقم (7306) .

(2)

"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح بن فوزان"(3/151) .

ص: 169

فإذا كان كذلك فلا تنذر فإن نذرت فإن كان طاعة وجب عليك الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه".

سواء كان هذ النذر مشروطًا بشرط حصول نعمة أو اندفاع نقمة أو كان نذرًا مطلقا، فنذر الطاعة قد يكون مشروطا بحصول نعمة أو اندفاع نقمة وقد يكون مطلقًا بلا شرط.

هذه ثلاثة أحوال:

1-

إذا قال قائل: لله عليَّ نذر أن أصوم غدًا.

هذا نذر طاعة مطلق. يعني ما له سبب.

2-

إذا قال: إن نجحت في الامتحان فلله على نذر أن أصوم ثلاثة أيام.

هذا مقيد بحصول مصلحة.

3-

إذا قال: إن شفى الله مريضي فلله على نذر أن أصوم شهرا.

هذا نذر طاعة مقيد باندفاع نقمة وهو المرض.

وعلى هذا: فنذر الطاعة يجب الوفاء به، ولكن نذر شهر رجب: نسأل هذه الناذرة: لماذا خصت شهر رجب بالنذر؟ إن قالت: لأنني أعتقد أن تخصيص رجب بالصوم عبادة. قلنا لها: هذا نذر مكروه، ولا يجب الوفاء به، لأن تخصيص رجب بالصوم مكروه، يعني: يكره للإنسان أن يخص شهر رجب بذاته من بين سائر السنَة، أما إذا كانت نذرت شهر رجب لأنه الشهر الموالي لحصول الحادث لا لعينه فإنها تصومه فإن عجزت فإن النذر الواجب يحذى به حذو الواجب في أصل الشرع.

وهنا سؤال: لو قال قائل لله: علي نذر أن ألبس هذا الثوب أيجب عليه أن يوفي نذره أم لا؟

الجواب: لا يجب أن يوفي به؛ لأن نذر المباح حكمه حكم اليمين.

فالآن: إن شاء لبس الثوب ولا عليه شيء، وإن شاء لم يلبس ووجب عليه أن يكفِّر

ص: 170