الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرضه أو إبطاء برئه أفطر وقضى بعد زوال. وله أن يعتمد على التجربة السابقة إذا كانت قريبة العهد بحيث لا ينتظر تغير حاله في هذه المدة، والله تعالى أعلم.
[2]
الترخيص للمريض في الفطر
سؤال: اعتراه مرض بسبب عملية جراحية في شهر رمضان، فأفطر اثني عشر يومًا ولم يقضها إلى الآن ويريد أن يكفر عن الصوم فكيف تكون الكفارة شرعًا، وطلب الجواب قبل حلول شهر رمضان التالي؟
(الجواب) : المريض إذا غلب على ظنه بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب مسلم حاذق أن صومه يفضي إلى هلاكه أو زيادة مرضه أو إبطاء شفائه أو نحو ذلك جاز له الفطر في رمضان شرعًا ووجب عليه قضاء ما أفطره من رمضان في أيام أخر ولا كفارة عليه قال تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) . ولا يلزم عند الحنفية أن يكون القضاء قبل رمضان التالي ولا أن تكون أيامه متتابعة بل يجوز أن تكون بعده وفي أيام متفرقة وفي ذلك تيسير وسعة، والله أعلم.
[3]
خبر الطبيب غير المسلم
سؤال: شاب مرض بالسل في سنة (1948م) واستمر في علاجه إلى سنة (1952) ، ثم خرج من المصحة ولا يزال يتردد عليها كل شهرين أو ثلاثة للاطمئنان على حالته، وقد أفطر شهر رمضان مدة المرض كلها، والطبيب المعالج له مسيحي، وأخبره بأن الصوم يضره صحيًا. فهل يقبل قوله ويؤخر القضاء إلى أن يصرح له بالصوم؟
(الجواب) : المرض من الأعذار المبيحة للفطر شرعًا. فإذا أفطر المريض فعليه القضاء بعد زوال العذر لقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) . ويعتبر العذر قائمًا إذا أخبره طبيب مسلم حاذق بأنه لا يزال
بحالة يضره الصوم معها، أو علم ذلك من نفسه بطريق التجربة أو بظهور أمارة تدل عليه. واشترط الحنفية في الطبيب الإسلام والحذق، ويكفي فيه أن يكون مستور الحال، وجزم الزيلعي باشتراط العدالة فيه أيضًا، وضعفه في البحر والنهر.
وقال الطحاوي: وإذا أخذ بقول طبيب ليس فيه هذه الشروط وأفطر، فالظاهر لزوم الكفارة كما لو أفطر بدون أمارة ولا تجربة لعدم غلبة الظن والناس عنه غافلون. واشترط الشافعية في الطبيب: الإسلام والعدالة. واشترط المالكية في أن يكون مأمونًا عارفًا كما في "الخطاب" و"الشرح الكبير" ولم ينصوا على اشتراط الإسلام، وللاحتياط عند الاشتباه في قيام المرض أو زواله يلزم أن يعرض المريض نفسه على طبيب مسلم حاذق، فإن منعه من الصوم بقيام العذر امتنع وإن لم يمنعه صام، والله أعلم.
[4]
فتوى أخرى في فدية الصيام عن الميت
سؤال: مرضت سيدة مرضًا شديدًا في شهر رمضان فلم تستطع أن تصوم منه سوى ستة أيام، واستمر مرضها إلى أن توفيت في شهر صفر التالي له دون أن تقضي ما فاتها من أيامه، فهل يجوز لابنها أن يخرج فدية عن صوم هذه الأيام التي فاتتها؟
(الجواب) : ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي في قوله الجديد، وأحمد والليث وأبو عبيد، إلى أن الولي يطعم عن الميت في قضاء رمضان لكل يوم مسكينًا، ولا يصوم عنه، لما أخرجه عبد الرزاق عن عائشة موقوفًا أنها قالت:"لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم". ولما أخرجه النسائي عن ابن عباس موقوفًا أنه قال: "لا يصوم أحد عن أحد". ولما روى عن ابن عمر موقوفًا: "من مات وعليه صيام شهر يطعم عنه مكان كل يوم مسكينًا" وعن عائشة قالت: "يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه". وسئل ابن عباس عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر وعليه صيام رمضان فقال: "أما رمضان فليطعم عنه، وأما النذر فيصام عنه".
والولي هو القريب وارثا كان أو غير وارث علي ما اختاره النووي في "شرح مسلم". وقيل هو الوارث خاصة وقيل هو العصبة خاصة.
وذهب الحنفية إلى أنه هو المتصرف في المال فيشمل الوصي ولو أجنبيًا كما ذكره ابن عابدين في الصوم والى أن الفدية التي يخرجها الولي عن الميت تؤخذ من ثلث مال الميت وجوبًا إن أوصي بإخراجها، وجوازا إن لم يوص، فإن تبرع بها الولي جاز، معلقا على مشيئة الله، وكان ثوابها للميت والله أعلم.
[5]
حكم فطر الحامل والمرضع
سؤال: هل يجوز الإفطار للحامل أو المرضع إذا خافتا من الصيام على الجنين أو الرضيع
…
وهل يلزمهما القضا والفدية أو يلزمهما أحدهما؟
(الجواب) : لاخلاف في أنه يجوز للحامل الإفطار إذا خافت على الجنين، وللمرضع إذا خافت على الرضيع، لحديث أنس بن مالك الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم". (رواه الخمسة) ، وليس المراد من الخوف مجرد التوهم والتخيّل، بل غلبة الظن بلحوق الضرر به بأمارة أو تجربة أو إخبار طبيب مسلم حاذق، وذهب بعض الفقهاء ومنهم الإمام ابن حزم إلى وجوب الإفطار عليهما في هذه الحالة لسقوط الصوم عنهما.
والقائلون بجواز الفطر لهما، منهم من أوجب عليهما القضاء والفدية، وإليه ذهب سفيان ومالك والشافعي وأحمد، ومنهم من أوجب القضاء فقط، وإليه ذهب الحنفية، وهو مذهب عليّ من الصحابة والحسن من التابعين.
وذهب إسحاق إلى أنهما يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما وإن شاءتا قضتا ولا إطعام عليهما.
ومثلُ الخوف منهما على الجنين والرضيع، خوفُ الحامل على نفسها من المرض الذي يستتبعه الحمل، وخوف المرضع على نفسها من المرض الذي يستتبعه الرضاع إذا كان بطريق من الطرق التي ذكرناها، فيجوز لكل منهما الفطر إذا وُجد الخوف المذكور، والله أعلم.
[6]
تأثير الصيام في المرضى بالقرحة
سؤال: هل يجوز للمريض بالقرحة في المعدة -أو الاثني عشر- الفطر في رمضان؟ وهل يضره الصيام؟
(الجواب) : قُدِّم إلينا هذا السؤال من كثيرين، فرأينا أن نستفسر عن هذا المرض، وتأثير الصيام في المرضى به من العالم الحجة الدكتور سليمان عزمي "باشا" الأستاذ بكلية الطب سابقًا، فتفضل سعادته بالبيان التالي:
"ومن المشاهدات الثابتة لدى الأطباء أن الجوع ضار بمن يشكو من القرحة في المعدة أو الاثني عشر؛ لأنه يحدث للمريض ألمّا يختلف في شدته، وقد يؤدي إلى مضاعفات تختلف في خطورتها".
فمن المعروف عن أعراض هذا المرض، أن حموضة المعدة تتزايد بعض الطعام، وتبلغ قمتها بعد ساعتين إلى أربع ساعات من تناوله، وفي هذه الفترة التي تبلغ فيها الحموضة زيادتها، يشعر المريض بألم شديد في معدته.
ومن أهم مسكِّنات هذا الألم، ما عرفه المرضى بالإحساس والمشاهدة، وما عرفه الطب بالخبرة والتجربة.
فأما ما عرفه المرضى بالمشاهدة، فهو أن الألم يكون في شدته أثناء الجوع وتخف حدته بل تزول بعد تناول الطعام لتعود ثانية في دورتها الآخذة في الازدياد.
وأما معرفة الأطباء بالخبرة فهو وصف الأدوية التي تهبط إفراز المعدة حتى لا يزيد إفرازها ولا تزيد حموضتها، وتعطي هذه عادة قبل الطعام.
كذلك تعطي له الأدوية التي تعادل الحموضة وهي المعروفة عند الأطباء بالقلويات أو ما شابهها من الأدوية المستحدثة، التي لها نفس هذه الخاصية لأنها تتحد مع الأحماض فتقلل الحموضة فيخف الألم، وهي تعطي عادة بعد الطعام بساعة أو ساعتين.
ومن القواعد الأساسية للعلاج المسلَّم بها من أخصائي الأمراض الباطنية والتي تحتمها المشاهدات، إعطاء الغذاء لتفادي الجوع بكميات صغيرة على فترات
منظمة، متقاربة بحيث تكون الفترة بين الوجبات أربع ساعات، وعلى أن تكون من الأطعمة المسموح بها لهذا المرض.
كذلك استعمال الدواء لابد أن يكون على فترات مثل هذه الفترات، منها ما هو قبل الأكل ومنها ما هو بعده بساعة أو ساعتين.
وعليه نرى من طبيعة العلاج في حد ذاته أن الإفطار محتم، وأن الصيام ضار، سواء أكان لراحة المريض وتخفيف آلامه أم لنظام العلاج وشفاء المرضى.
ولا أعرف دواء في تهبيط الإفراز أو تخفيف الحموضة أو تعادلها يستمر مفعولة مدة تقارب مدة الصيام.
ويفهم بالبديهة أن امتلاء المعدة بعد الجوع الشديد بالغذاء أو بالماء ضار أيما ضرر بالمعدات المريضة خصوصًا المصابة بالقرحة، ولذلك ينصح الطب دائمًا هؤلاء المرضى، بتقليل كميات الطعام وتقريب فتراته على النحو الذي بيناه، كما ينصح بتقليل كميات الطعام للأصحاء عمومًا محافظة على سلامة معداتهم وعدم إصابتها بالأمراض، ومن مبادئ الطب الحديث:"عالج صحتك بوسائل المحافظة عليها، ولا تنتظر أن تمرض فتعالج لتستردها".
هذا ما قاله الطبيب الحجة الثقة في تأثير الصوم في المريض بهذه القرحة، وقد نص الحنفية كما في البدائع على أن المرض المرخص في الفطر هو الذي يخاف أن يزداد بالصوم، وعلى أن المرض يوجب الفطر إذا خيف منه الهلاك، وإلقاء النفس إلى التهلكة حرام، ومن أفطر لهذا العذر وجب عليه القضاء بعد زواله. قال تعالى:(فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) .
والله أعلم.
***
[7]
حكم فطر صوم رمضان للمرضى بالبول السكري
سؤال: هل مرض البول السكري يبيح الفطر للمريض في كل أحواله؟
(الجواب) : فرض الله تعالى الصوم على الصحيح المقيم، ورخص
للمريض أن يفطر إذا أجهده المرض بقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . فليس كل مرض يبيح الفطر عند جمهور الأئمة، والمرجع في بيان ما يبيحه، وما لا يبيحه إلى رأي الطبيب المسلم الحاذق، أو إلى التجربة الصادقة، أو دلالة الحال كما نص عليه الفقهاء.
ومرض البول السكري تختلف حالاته، وقد رأيت للإجابة عن هذا السؤال أن أستطلع رأي الفاضل الثقة (الدكتور محمد ناجي المحلاوي) الطبيب الاخصائي الأستاذ للأمراض الباطنية بكلية الطب بالجامعة فأجاب بما يأتي: يظهر السكر في البول، في حالات مختلفة نجملها بما يلي:
أولا: قد يظهر السكر في البول بدون ارتفاع نسبته في الدم بسبب خلل خلقي في الكُلى، وقد ينشأ عنه انخفاض نسبة السكر في الدم عن المعدل الطبيعي للجسم. وعند ذلك يجب الإفطار، حتى يمكن تعويض الجسم عما يفقده من السكر الذي تفرزه الكلى في البول، وإلا نتج عن الصيام نقص كبير في كمية السكر في الدم، تظهر آثاره في علامات مرضية شديدة منها الرعشة وتهييج الأعصاب والقيء والعرق الغزير، واضطراب التفكير، بل قد تشبه في بعض الأحيان، تأثير الخمر في حالات السكر البين.
ثانيًا: قد يظهر السكر في البول عند بعض السيدات أثناء الرضاعة، وهذه حالة ليست مرضية، وحكم الإفطار فيها هو نفس حكم إفطار المرضع بوجه عام.
ثالثًا: وقد يحدث مرض البول السكري نتيجة لخلل في تمثيل المواد السكرية والنشوية (أي قدرة الأنسجة على استعمالها في عمليات الاحتراق) ويعزي هذا الخلل في الأغلب إلى نقص مادة الأنسولين في الجسم. وهي المادة التي تفرزها غدة البنكرياس، وهذا هو المرض المشهور "بالسكر"، وهو يظهر في درجات تتفاوت تفاوتا كبيرًا في الخفة والشدة.
فهناك حالات خفيفة لا يكاد يظهر فيها السكر في البول، إلا بكمية قليلة وفي فترات قصيرة.
وهذه الحالات لا يضرها الصيام بل قد يفيدها وخصوصًا إذا كان المريض بدينًا (سمينًا) .
أما في الحالات الشديدة حيث يبلغ ارتفاع نسبة السكر في الدم مبلغًا كبيرًا. وحيث يظهر السكر بكميات كبيرة في البول باستمرار فإن الفطر ضروري؛ لأن الجسم لا غنى له عن التغذية المستمرة المنظمة، لتوفير المواد السكرية اللازمة لعمليات الاحتراق المستمرة في الأنسجة، مع إعطاء كميات الأنسولين اللازمة.
ويضاف إلى ذلك أن المريض في هذه الحالات يفرز كميات كبيرة جدًا من البول، فيفقد بذلك كميات كبيرة من الماء، يجب تعويضها بالشرب، وإذا صام المريض فيها فإن الأنسجة تلجأ إلى المواد الدهنية المخزونة، وقد ينتج عن ذلك تراكم بقايا تمثيل هذه المواد إلى درجة كبيرة، قد تسبب تسمم الجسم بهذه المواد، وقد تصل إلى درجة الغيبوبة المعروفة (بالكوما) .
وفيما بين الحالات الخفيفة والحالات الشديدة التي ذكرناها حالات متوسطة يختلف حكمها من حيث الإفطار، فيترك للطبيب المعالج تقديرها وإبداء الرأي فيها".
(دكتور محمد ناجي المحلاوي)
فعلى المسلم الذي يريد الخروج من العهدة والتحري في أمر الدين إذا أصيب بمرض السكر أن يعرض نفسه على طبيب مسلم حاذق موثوق به في دينه لفحصه والوقوف على درجة مرضه بواسطة تحليل البول أو الدم أو هما، وبيان أثر الصوم في حالته، فقد يخبره بوجوب الفطر حتى لا يلقي بنفسه إلى التهلكة فيتبع رأيه، وقد يخبره، بوجوب الصوم، والله أعلم.
***
[8]
الحقنة الشرجية في رمضان مفطرة
سؤال: هل الحقنة الشرجية مفطرة للصائم؟
(الجواب) : الحقن في الشرج هو إدخال أي مادة سائلة من فتحة الشرج إلى الأمعاء الغليظة، إما بقصد طرد الفضلات وهي التي يستعمل فيها عادة البايونج أو الماء والصابون ونحوه مما لا يمكث في الأمعاء إلا يسيرًا ثم يقذف مع الفضلات من هذه الفتحة، وإما بقصد إمداد الجسم بالغذاء أو الدواء أو السائل
في الحالات المرضية التي يتعذر فيها إعطاء هذه المواد من طريق الفم أو حقنها في الوريد أو العضل أو تحت الجلد، وفي هذه الحالات تترك هذه المواد حتى تمتص، هذا ما قاله الأطباء الحاذقون.
وكيفما كان فإدخال هذه المواد السائلة من فتحة الشرج إلى الأمعاء مفطر شرعًا باتفاق الأئمة في المذاهب الأربعة (1) ، إذ الأمعاء من الجوف كالمعدة وسائر الجهاز الهضمي، وما يدخل فيه -اختيارًا- مفطر، لحديث:"الفطر مما دخل"، رواه أبو يعلى في "مسنده" مرفوعًا عن عائشة، وذكره البخاري تعليقًا فقال: وقال ابن عباس وعكرمة: الفطر مما دخل وليس مما خرج، والمراد الدخول من المنافذ المعروفة بدلالة العرف.
وقد نص الحنفية على أن من احتقن أفطر ووجب عليه القضاء ولا كفارة عليه في الأصح، وفسروا الاحتقان بصب الدواء في الدبر بواسطة الحقنة، وبمثله قال الحنابلة كما في "المغني"، والشافعية كما في "المجموع"، والمالكية كما في "الشرح الكبير"(وإن خالفوا الطب بقولهم إن السائل يصل بالحقنة الشرجية إلى المعدة) .
وفي "المجموع" للنووي أن هذه الحقنة مفطرة على المذهب سواء كانت قليلة أو كثيرة وسواء وصلت إلى المعدة أم لا، وبه قطع الجمهور ونقله ابن المنذر عن عطاء والثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق، وحكاه العبدري وسائر الأصحاب عن مالك، ونقله المتولي عن عامة العلماء (2) والله أعلم.
***
(1) يراجع قول شيخ الإسلام ابن تيمة عن الحقنة الشرجية وفتوى الشيخ ابن عثمين، والأولى: الترك. خروجًا من خلاف العلماء.
(2)
وخالف ابن حزم فقال: إن ما يدخل إلى الجوف من الدبر أو الإحليل أو الأذان أو العين أو الأنف أو من جرح في البطن أو في الرأس لا يفطر، وقال: إننا ما نهينا عن أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم علينا إيصاله (راجع "المحلى" (ص 214 جـ 6) وعليه فالحقن بجميع أنواعها لا تفطر، والمعول عليه قول الجمهور.
[9]
شرب الدخان في نهار رمضان مفطر
سؤال: هل شرب الدخان المعروف مفسد للصوم شرعًا؟
(الجواب) : نص الحنفية على أن الدخان عامة إذا دخل حلق الصائم بدون صنع منه، لا يفسد صومه لعدم إمكان التحرز عنه، فصار كالبلل يبقى في الفم بعد المضمضة لعدم القدرة على الامتناع عنه.
وأما إذا أدخله حلقه بصنعه وإرادته أيًا كان الدخان، وبأي صورة كان إدخاله، وهو متذكر صومه، فإن صومه يفسد شرعًا لإمكان التحرز عنه.
وقد فرع العلامة الشرنبلالي على ذلك حكم شرب الدخان المعروف كما في "إمداد الفتاح" وشرحه على الوهبانية فقال: بلزوم الكفارة مع القضاء في حالة فساد الصوم، وهي الحالة الثانية المذكورة بناء على الأصح في وجوب الكفارة بتناول ما يميل إليه الطبع، وتنقضي به شهوة البطن.
وتابعه العلامة ابن عابدين في حاشية الدر، ولا شك أن الدخان المعروف من أشد ما تستدعيه الشهوة وتميل إليه نفوس شاربيه، حتى إن أكثرهم يصبر على الجوع والظمأ الشديدين، ولا يكاد يصبر على تركه، ففي شربه في نهار رمضان عمدًا القضاء والكفارة على الأصح، والله أعلم.
***
[10]
قضاء الصوم
سؤال: من (لبنان - حمانا) رجل ترك صيام رمضان ثلاث سنوات لإصابته خلال هذه المدة بمرض السل، ثم من الله عليه بالشفاء، ولكنه فوجىء بمنعه من الصوم ثلاث سنوات أخرى بعد التقرير الطبي عن حالته الصحية فمذا يفعل تجاه ما فاته من أيام رمضان وتجاه المستقبل؟
(الجواب) : لا شك أن هذا الرجل في المدة الأولى معذور في الفطر بعذر المرض، وكذلك في المدة الثانية لقول الأطباء إن الصوم يضره صحيًا فيها فهو معذور أيضًا متى كان الأطباء مسلمون حاذقين مأمونين.