المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ صيام رمضان في شمال أوربا - نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان - جـ ٣

[سيد حسين العفاني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والعشرونفتاوى الصيام

-

- ‌ما هي أركان الصيام:

- ‌ما حكم من رأى الهلال وحده عند دخول الشهر أو خروجه

- ‌ما هي الطريقة التي يثبت بها أول كل شهر قمري

- ‌هل يجوز للمسلم الاعتماد في بدء الصوم ونهايته على الحساب الفلكي

- ‌سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:عن أهل المدينة رأى بعضهم هلال ذي الحجة، ولم يَثْبُت عند حاكم المدينة؛ فهل لهم أن يَصُوموا اليوم الذي في الظَّاهر التاسع

- ‌للقاضي إذا تحقق من خبر الإذاعة إعلان دخول الشهر

- ‌وما حكم من سمع الخبر من الإذاعة ولم يأخذ به

- ‌ كتاب الحكم برؤية الهلال

- ‌الصيام برؤية واحدة

- ‌كيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية

- ‌إذا رؤي الهلال في المملكة هل يجب الصيام على أهل البلاد الأخرى

- ‌رؤية الهلال في بلد هل تلزم البلاد الأخرى بالصيام

- ‌أهل القرية يلزمهم رؤية العاصمة

- ‌كيف يصوم الناس إذا اختلفت المطالع

- ‌الصوم مع الدولة التي تقيم فيها

- ‌كل مسلم يصوم ويفطر مع مسلمي بلده

- ‌هل يمكن لأهل أفريقيا أن يصوموا برؤية أهل مكة

- ‌اختلاف مطالع الأهلة وأي الجهات أولى بالاتباع

- ‌صيام من يطول نهارهم جدًا وكذا من يقصر نهارهم

- ‌حكم صوم من لا تطلع عندهم الشمس أيام الشتاء مطلقا

- ‌العبرة في ابتداء الصيام في البلدة التي سافر منها وفي نهايته في البلدة التي قدم إليها

- ‌ما الحكم في قوم يصومون رمضان ثلاثين يوما باستمرار

- ‌متى قامت البينة على دخول رمضان وجب الصوم

- ‌رأى هلال رمضان ورد القاضي شهادته مخافة الخطأ هل يصوم

- ‌لا يجوز للمسلم صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال

- ‌نِيّة الصِّيام

- ‌صائم رمضان هل يفتقر كل يوم إلى نية

- ‌تَبيِيتُ النِّيَّة في الصوم

- ‌ النية الجازمة للفطر دون أكل وشرب هل يفطر

- ‌لا يجوز لمن نوى صوم القضاء وشرع فيه أن يقطعه

- ‌حكم تعليق النية في صيام النفل

- ‌هل يصح أن ينوي الصائم -صيام نفل- نية الصيام بعد الزوال

- ‌هل يثاب الصائم نفلاً على الوقت الذي سبق نيته:

- ‌هل من نوى الإفطار يفطر

- ‌وقت الإمساك، والأكل بعد طلوع الفجر

- ‌الأكل والشرب بعد الأذان

- ‌الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر

- ‌لا يمسك عن الطعام حتى نهاية الأذان

- ‌هل للصائم الفطر بمجرد الغروب

- ‌هل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره

- ‌بلاد يتأخر فيها الغروب كيف يفطر أهلها

- ‌الإفطار بغروب الشمس

- ‌راكب الطائرة متى يفطر

- ‌لا يلزمه الإفطار

- ‌كيف يفطر من يؤذن المغرب في بلده وهو في الطائرة يرى الشمس لم تغرب

- ‌من أسلم وسط نهار رمضان

- ‌إذا أفطر لعذر وزال العذر في نفس النهار هل يواصل أم يمسك

- ‌إذا رؤي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسيا فهل يذكر أم لا

- ‌هل يؤمر الصبي المميز بالصيام

- ‌حكم صيام من يعقل زمنًا ويُجَن زمنًا آخر

- ‌فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليهم الصوم

- ‌كلما أراد أن يصوم أغمى عليه هل له الفطر

- ‌صيام المرأة الكبيرة التي يشق عليها الصوم

- ‌متى يسقط صيام رمضان عن الكبير

- ‌صيام المريض الذي لا يرجى برؤه

- ‌قبول خبر الطبيب المسلم العدل. وغير المسلم والمسلم غير العدل

- ‌سفر القصر، وسفر الطاعة والمعصية، والسافر في رمضان هل ينكر عليه

- ‌السفر المبيح للفطر

- ‌متى يبدأ المسافر بالفطر

- ‌الصيام في السفر بالوسائل المريحة

- ‌نوى الصيام ثم سافر في أثناء النهار هل له أن يفطر

- ‌حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو على سفر

- ‌المقيم في بلد أكثر من أربعة أيام يصوم

- ‌هل للفطر في السفر أيامًا معدودة

- ‌ المسافة التي يجب عندها الإفطار

- ‌مسافر وصل إلى أهله قبيل العصر مفطرًا هل يمسك بقية اليوم

- ‌إذا رجع المسافر إلى بلده مفطرًا هل يستمر في فطره أم يمسك

- ‌المبتعث مسافر يفطر ولو امتد ابتعاثه سنوات

- ‌هل السائقون خارج المدن بصفة مستمرة ينطبق عليهم حكم السفر

- ‌لا يجوز الفطر في رمضان إلا لعذر

- ‌حكم السفر في شهر رمضان تحايلاً على الإفطار

- ‌حكم صيام الحائض النفساء

- ‌جاءها الحيض في سن الحادية عشرة هل يلزمها الصوم

- ‌النفساء والصوم

- ‌الدم الخارج بعد السقط هل يفطر

- ‌حكم صيام من أجهضت

- ‌حكم صيام من أسقطت في الشهر الثالث

- ‌متى طهرت النفساء فإنها تصوم وتصلي

- ‌صيام الحامل والمرضع

- ‌حكم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما

- ‌صيامك وأنت حامل ومعك نزيف لا يؤثر على الصيام

- ‌حكم المرأة الحامل التي لا تطيق الصوم

- ‌لم تصم ثلاث رمضانات بسبب الولادة والحمل

- ‌حكم من رؤي مفطرًا في مكة في رمضان

- ‌هل يفطر من يعمل في الأفران

- ‌صوم العاملين في مجال الحديد والصلب

- ‌من أخذ شيء من ماله ولا يقدر عليه إلا بالفطر

- ‌يفطر لإنقاذ غيره من مهلكة

- ‌الفطر بسبب الامتحانات لا يجوز

- ‌حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهي حائض

- ‌حكم الصائم إذا جامع وهو مسافر

- ‌استعمال العادة السرية في نهار رمضان مفسد للصوم

- ‌خروج المني في نهار رمضان

- ‌حكم من قبَّل أو لمس وهو صائم فأمنى أو أمذى

- ‌حكم من سحب منه دم وهو صائم

- ‌هل الفصاد في نهار رمضان يفسد الصوم

- ‌حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم

- ‌قلع الضرس وبلع الريق هل يفطر الصائم

- ‌حكم أخذ الحقنة الشرجية للصائم

- ‌استعمال الإبر في الوريد وفي العضل هل يفطر الصائم

- ‌الكحل هل يبطل الصيام

- ‌استخدام مراهم للأنف للصائم

- ‌حكم القطرة والمرهم في العين للصائم

- ‌القطرة في الأنف والأذن والعين في نهار رمضان

- ‌شرب الدخان حرام ومن المفطرات

- ‌بلع البلغم هل يفطر الصائم

- ‌ابتلاع النخامة هل يفطر الصائم

- ‌حكم من ترك القضاء حتى رمضان الذي بعده

- ‌القضاء لمن لم يصم رمضان سنوات عديدة

- ‌قضاء رمضان لمن أفطر بغير عذر جهلاً بوجوب الصيام

- ‌قضاء الصوم على الترتيب ولو لسبع سنوات

- ‌من برئت ذمته بالإطعام لم يجب عليه الصيام

- ‌إذا تعدد الجماع في اليوم أو في الشهر هل تتعدد الكفارة

- ‌جامع زوجته وهو لم يعلم أن ذلك اليوم من رمضان

- ‌باشر زوجته معتقدًا بقاء الليل ثم تبين له طلوع الفجر

- ‌جامع زوجته وهو جاهل هل تلزمه الكفارة

- ‌إذا لم يجد الإطعام هل تسقط عنه الكفارة

- ‌هل تسقط كفارة الوطء عن هذا الرجل

- ‌أفطر رمضان متعمدًا ثم جامع هل يلزمه القضاء والكفارة

- ‌جامع زوجته بعد أن أفطر بالأكل هل عليه الكفارة

- ‌قدم مسافرًا وهو مفطر ووجد امرأته تغتسل من الحيض هل يجوز أن يجامعها

- ‌حكم من مات وعليه صيام واجب

- ‌من مات وعليه قضاء من شهر رمضان

- ‌مات وعليه كفارة

- ‌إذا مات الشخص وعليه صيام من رمضان

- ‌يشرع ذلك أن تصوم عن والدك من الأيام مما يغلب على ظنك أنه أفطرها

- ‌حكم من مات وعليه خمسة أيام وله خمسة أبناء

- ‌صم عن نفسك أولاً ثم صم عن قريبك

- ‌الأوْلى أن تتولى أمها القضاء عنها

- ‌من الأحق بالقضاء عن المرأة زوجها أو أولادها

- ‌مات على نية قضاء الصوم ولم يقض

- ‌لا شيء على من لم يفرط في قضاء ما عليه

- ‌أصيبَتْ باختلال عقلي فلم تصلي ولم تصم ثم ماتت هل يصام عنها

- ‌هل القضاء عن الميت خاص بصوم النذر فقط

- ‌موجبات القضاء والكفارة

- ‌لا يجزيء دفع نقود عن الإطعام

- ‌إطعام المساكين هل يكفي في مكان واحد

- ‌الإطعام هل يجوز لغير السلمين

- ‌حكم قراءة آيات الصيام أول ليلة من رمضان في العشاء

- ‌حكم السهر في ليالى رمضان لتلاوة القرآن بأجرة

- ‌هل الإفطار الجماعي من محدثات الأمور

- ‌الاعتكاف هل له أقسام

- ‌هل تكفي النية إذا شرط في اعتكافه شيئًا لابد منه ولم ينطق به

- ‌بعض أحكام الاعتكاف

- ‌متى يبدأ دخول المعتكف المسجد في العشر الأواخر ومتى ينتهي

- ‌متى يخرج المعتكف من اعتكافه

- ‌حكم الاعتكاف في الغرف التي داخل المسجد

- ‌يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر

- ‌هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌الاتصال بالتليفون للمعتكف هل يجوز

- ‌رفض والده ولم يسمح له بالاعتكاف

- ‌هل للمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب

- ‌جواز تنقل المعتكف في جميع أنحاء المسجد

- ‌ما يستحب وما يكره للاعتكاف

- ‌هل يَلْزَم من نذر أن يعتكف الوفاء به

- ‌نذر أن يعتكف في مسجد معين هل يجوز له أن يعتكف في غيره

- ‌صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها

- ‌نذر أن يصوم الاثنين والخميس ثم بدا له أن يصوم يومًا ويفطر يومًا

- ‌نذرت أن تصوم سنة -لوجه الله- لشفاء زوجها

- ‌حكمة إباحة الصوم في أيام التشريق للمتمتع والقارن مع عدم الهدي

- ‌حكم الإستكثار من صيام شعبان وحكم صوم النصف الأخير منه

- ‌التهنئة بقدوم رمضان

- ‌الموت في رمضان

- ‌هل يضاعف الصوم في الحرم

- ‌الكافر لا يجاهر بالفطر في رمضان

- ‌التدرج في الصوم

- ‌هل يَكْفُر تارك الصوم

- ‌صيام بعض الأيام بلياليها هل يجزيء عن صيام الشهر

- ‌حكم من أفطر في رمضان

- ‌أيهما أفضل ليلة القدر أم ليلة الإسراء

- ‌هل يجوز إهداء ثواب الصيام للميت

- ‌هل أصوم وأصلي عن والدي المتُوفَّى

- ‌حكم الاعتكاف للرجل والمرأة

- ‌هل يجوز الاعتكاف بلا صوم

- ‌ليس له أن يخص يومًا بعينه يعتاد الاعتكاف فيه

- ‌هذا الحديث لا يصح في فضل الاعتكاف

- ‌إخراج زكاة الفطر عن الأخت

- ‌هل تلزم صدقة الفطر الرجل عن أهل بيته

- ‌هل يلزم إخراج الفطرة عن الولد الغائب

- ‌هل يلزم إخراج الفطرة عن الولد الغائب

- ‌هل الأنواع التي تخرج في صدقة الفطر محددة

- ‌الأطعمة التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها

- ‌هل يجوز إخراج زكاة الفطر لحمًا

- ‌حكم من يُجْبَر على إخراج زكاة الفطر دراهم

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر أثناء الخطبة بعد صلاة العيد

- ‌هل تسقط زكاة الفطر عمن لم يخرجها قبل العيد

- ‌نسي إخراج زكاة الفطر قبل العيد

- ‌حكم وضعها عند الجار حتى يأتي الفقير وتأخرت عن يوم العيد

- ‌لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر للمجاهدين

- ‌زكاة الفطر توزع بين فقراء البلد

- ‌هل أخرج زكاة الفطر في بلدي أم في مكان العمل الذي أقيم فيه

- ‌هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد لآخر

- ‌زكاة الفطر تتبع الإنسان أينما كان

- ‌تزيين المساجد بالأنوار في أيام الفطر

- ‌من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌من فتاوى الشيخ ابن باز

- ‌الصوم والإفطار يتبعان بلد الإقامة

- ‌من فتاوى اللجنة

- ‌حكم صوم يوم عاشوراء

- ‌استنشاق الدواء هل يفطر

- ‌صيام رمضان 28 يومًا

- ‌هل نصوم 31 يومًا

- ‌قطرة العين هل تفطر

- ‌من أكل وقت الأذان

- ‌توضيح من سماحة الشيخ الفاضل عبد العزيز بن باز علم الحساب لا يعتمد عليه في إثبات الصوم والفطر والأحكام الشرعية بإجماع سلف الأمة

- ‌من فتاوى الشيخ ابن عثيمين حفظه الله

- ‌صيام القضاء والنافلة بنية واحدة

- ‌أقسام الناس في الصيام

- ‌السفر المبيح للفطر

- ‌سائق الشاحنات كيف يصوم ومتى

- ‌فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليه الصوم

- ‌الإفطار من أجل الامتحانات هل يجوز

- ‌استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم لا يفطر

- ‌سريان البنج في الجسم هل يفطر

- ‌معجون الأسنان هل يكره للصائم

- ‌دواء الغرغرة هل يبطل الصوم

- ‌الحقنة الشرجية للصائم هل تفطر

- ‌الحقن والإبر المغذية هل تفطر الصائم

- ‌حقنة العروق وحقنة العضل هل تفطر

- ‌اعتكف وترك الوظيفة

- ‌من فتاوى الشيخ محمد مخلوف مفتي مصر سابقًا

- ‌ خبر الطبيب غير المسلم

- ‌ صيام رمضان في شمال أوربا

- ‌الباب الثاني والعشرونالصوم ورمضان في واحة الشعر

- ‌شهر الرضا والنور

- ‌هلال الرحمة

الفصل: ‌ صيام رمضان في شمال أوربا

ومن ترك الصوم في رمضان لعذر المرض لا يجب عليه القضاء حتى يقدر عليه فيدرك عدة من أيام أخر. فإذا لم يقض بعد زوال العذر والقدرة على الصوم حتي شارف الموت، وجب عليه الوصية بالفدية بقدر ما أدرك من الأيام الأخر إذا كان له مال، ووجب على وليه الذي له حق التصرف في ماله إخراج الفدية عنه من ثلث ماله الباقي بعد التجهيز ووفاء الديون بدون توقف على إجازة الورثة، ولو زادت الفدية عن الثلث لا يجب الزائد إلا بإجازة الورثة.

وإن لم يوص بالفدية قبل موته جاز أن يتبرع عنه وليه بالفدية، ويرجى قبولها بمشيئة الله تعالى فتسقط عنه المطالبة بالصوم في الآخرة وإن بقى عليه الإثم للتأخير بدون عذر كما لو كان عليه دين لإنسان وماطله، حتى مات فأوفاه عنه وصيُّه أو غيره.

وأما إذا استمر العذر حتى مات بدون قضاء ما فاته فإنه لا تجب عليه الوصية بالفدية لعدم إدراكه عدة من أيام أخر.

(والخلاصة) أن هذا الرجل لا يلزمه الصوم في المدة الثانية ما دام الأطباء الأمناء الحذاق قد قرروا أنه يضره في صحته، وينظر في أمر القضاء بعد زوال العذر على حسب ما بيناه، والله أعلم.

***

[11]

‌ صيام رمضان في شمال أوربا

سؤال: تلقى فضيلة المفتي استفتاء من أعضاء البعثات المصرية، عن حكم الشريعة الغراء في صيام رمضان للمسلمين المقيمين في شمال أوربا، حيث تبلغ مدة صوم اليوم فيه 19 ساعة، وقد تزيد إلى 22 ساعة أو أكثر، فأرسل فضيلته إليهم بالطائرة الفتوى الآتي نصها، ومهَّد فيها بما يحبب لهم الصلاة والصوم خوفًا عليهم من الافتتان في هذه البلاد.

(الجواب) : إن التشريع الإسلامي في العبادات قد بني على توثيق الصلات بين العبد وربه، وحسن قيام العباد بحق الله تعالى الذي أفاض عليهم نعمة الوجود، ومن عليهم بالفضل والجود والخير والإحسانه: (وإِن تعدوا نعمة

ص: 320

الله لا تحصوها) . فهي تربية وتهذيب، ونظام وإصلاح يرقى بالفرد والمجتمع إلى مراقي السعادة والفلاح.

ورأسها وعمادها الصلاة، وهي مناجاة بالقلب واللسان بين العبد ومولاه يشهد فيها العبد افتقاره لخالقه، وإحسان الخالق إليه مع استغنائه عنه، ويعلم عن يقين أن الأمر كله لله، وأن لا معبود بحق سواه، فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.

ومن أهمها الصيام وهو رياضة روحية تُعِدُّ النفوس البشرية للسمو إلى معارج الكمال، والتحليق في أجواء العلم والعرفان وتُعوِّدها الصبر والثبات والقوة والعزة، وتصفِّيها من شوائب المادية وعوائق الجسمية، وتبغِّض إليها المآثم والمنكرات، وتحبِّب إليها الفضائل والمكرمات.

وقد بنى تشريع الصوم كما بنى التشريع الإسلامي عامة على السماحة والتيسير والطاقة والرفق بالناس، فلم يكن فيه إعنات ولا إرهاق، ولم يكن فيه حرج ولا عسر - قال تعالى:(وما جعل عليكم في الدين من حرج) . وقال في الصوم: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) . وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا به ما استطعتم" وفي الحديث الصحيح: "سددوا وقاربوا".

هذه السماحة، وهذا اليسر، قد ظهر جليا في فريضة الصوم، في الترخيص بالفطر للمسافر ولو كان صحيحًا، لما يلازم السفر غالبًا من المشقات والمتاعب، وللمريض لضعف احتماله وحاجته إلى الغذاء والدواء، حتى لا تتفاقم علته أو يبطىء برؤه، ولمن ماثلهما في الضرورة والاحتياج إلى الفطر، كالحامل التي تخاف على نفسها أو جنينها المرض أو الضعف، والمرضع التي تخشى ذلك على نفسها أو رضيعها، والطاعن في السن الذي لا يقدر على الصوم. فأباح الإسلام لهؤلاء فطر رمضان على أن يقضي كل من المسافر

ص: 321

والمريض والحامل والمرضع ما أفطره في أيام أخر خالية من الأعذار، وعلى أن يخرج الشيخ الفاني فدية الصوم عن كل يوم أفطره حسبما بين في الفقه.

والصوم الشرعي يبتدئ من طلوع الفجر وينتهي بغروب الشمس كل يوم، فتختلف مدته باختلاف عروض البلاد، وكيفما كانت المدة فإن مجرد طولها لا يعدُّ عذرًا شرعيًا يبيح الفطر، وإنما يباح الفطر إذا غلب على ظن الإنسان بأمارة ظهرت أو تجربة وقعت أو بإخبار طبيب حاذق أن صومه هذه المدة يفضي إلى مرضه أو إلى إعياء شديد يضره، كما صرح به أئمة الحنفية، فيكون حكمه حكم المريض الذي يخشى التلف أو أن يزيد مرضه أو يبطئ شفاؤه إذا صام.

هذا هو المبدأ العام في رخصة الفطر وفي التيسير على المكلفين. وكل امرئ بصير بنفسه، عليم بحقيقة أمره، يعرف مكانها من حِلِّ الفطر وحرمته.

فإذا كان صومه المدة الطويلة يؤدي إلى إصابته بمرض أو ضعف أو إعياء يقينًا أو في غالب الظن بإحدى الوسائل العلمية التي أومأنا إليها، حل له الترخص بالفطر، وإذا كان لا يؤدي إلى ذلك حرم عليه الفطر. والناس في ذلك مختلفون ولكل حالة حكمها "والله يعلم السر وأخفى" والله أعلم.

***

سؤال: سألت طبيبًا فاضلاً فأْخبرني بأن انقطاع النزيف من الأنف لا يتوقف على الاستلقاء على الظهر، بل يمكن قطعه باستنشاق الماء البارد في الوضع العادي بدون الاستلقاء، فلا ضرورة تدعو الصائم إلى الاستلقاء وقت النزف حتى ينصب الدم في حلقه فيفطر بابتلاعه.

(الجواب) : لذلك نفتي السائل بأنه ما دام في الإمكان علاج النزف باستنشاق الماء البارد، لا يجوز الالتجاء إلى الاستلقاء الذي يفضي إلى الإفطار، فإذا تفاقم الأمر وقرر طبيب حاذق ضرورة اتخاذ وسيلة أخرى للعلاج والإنقاذ تؤدي إلى الإفطار، كان هذا الصائم من أرباب الأعذار، فيفطر وعليه القضاء والله أعلم.

***

ص: 322

[12]

العجز عن الصوم وحكمه

سؤال: شخص اضطره المرض إلى فطر أيام من رمضان فما هو الواجب عليه شرعًا؟

(الجواب) : مذهب الحنفية أن المريض الذي رخص له الشارع في الفطر، يجب عليه قضاء ما أفطره من أيام رمضان بعد زوال العذر، لقوله تعالى:(ومن كان مريضًا أو على سفر فعدَّة من أيام أخر) ولا فدية عليه، خلافًا للشافعية حيث قالوا بوجوب القضاء والفدية لكل يوم مُدٌ من حنطة.

فإن استمر مرضه إلى أن مات لم يلزمه القضاء ولم يجب عليه الإيصاء بالفدية لأن وجوبه فرع وجوب القضاء.

فإذا زال العذر، ولم يقض ما فاته مع القدرة حتى شارف الموت، وجب عليه الإيصاء بالفدية من ثلث ماله، فإن أوصى - وجب على وليه أن يفدي عنه بعد موته عن كل يوم مثل فطرة الصوم (عن كل يوم نصف صاع من بُرَّ أوَ صاع من تمر أو شعير أو قيمة ذلك عند الحنفية) .

وإن لم يوص وتبرع عنه وليه بالفدية جاز وسقط عن الفرض، وإن بقى عليه إثم تأخيره كما لو كان على الميت دين، وماطل فيه حتى مات فأوفاه عنه وليه، فإنه يسقط عنه الدين، ولكن يبقى عليه إثم المماطلة والتأخير.

صوم الولي عن الميت:

وهل يصح صوم الوليِّ عن الميت؟ اختلف الفقهاء في ذلك.

1-

فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي في قوله الجديد، إلى أن الولي لا يصوم عن الميت بل يطعم عنه لكل يوم مسكينًا لما أخرجه النسائي عن ابن عباس موقوفًا:"لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد" ولما أخرجه عبد الرزاق عن عائشة موقوفًا: "لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم".

(ولا يقال) قد جاء في "الصحيحين" عن ابن عباس أنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر

ص: 323

أفأقضيه عنها. فقال: "لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ " قال: نعم قال: "فدين الله أحق أن يقضى".

وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".

(لأنا نقول) : إن هذا منسوخ لأن فتوى الراوي بخلاف مرويه بمنزلة رواية الناسخ.

هذا ما قالوه، وقد رده الشوكاني في "نيل الأوطار"، بأن الحق اعتبار ما رواه الصحابي دون ما رآه، وما ورد مرفوعًا في الباب يردّ ذلك كله.

2-

وذهب أحمد والليث وأبو عبيد إلى أن الولي لا يصوم عن الميت في قضاء رمضان، وأما في قضاء النذر فيصوم عنه.

3-

وذهب ابن حزم إلى أن الولي يصوم عن الميت وجوبا أي صوم كان نذرًا أو غيره.

4-

وذهب الجمهور ومنهم الشافعي في القديم إلى أن الولي يصوم استحبابًا عن الميت.

وقال النووي: إنه المختار من قول الشافعي، وقال به طاووس، والحسن والزهري وقتادة وأبو ثور والأوزاعي، وإليه ذهب أصحاب الحديث. وقال البيهقي: هذه سنة ثابتة لا أعلم في صحتها خلافًا بين أصحاب الحديث.

من هو الوليُّ:

وقد اختلف الفقهاء في المراد بالولي؛ فاختار النووي أنه القريب واراثًا أو غير وارث، وقيل هو الوارث خاصة، وقيل هو العصبة، وذهب الحنفية إلى أنه المتصرف في المال، فيشمل الوصي ولو أجنبيًا، كما ذكره ابن عابدين في الصوم.

جعل ثوب الصوم للميت:

ومع أن الحنفية قد ذهبوا إلى أنه لا يصوم أحد عن أحد أخذًا من حديث ابن عباس، إلا أنهم قالوا: إن للوليِّ وغيره أن يجعل ثواب صومه وصلاته

ص: 324

للميت تبرعًا بمثابة الصدقة، لما صرح به في الهداية من أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره، صلاة أو صومًا أو صدقة أو حجًا أو غيره.

وفي "البدائع" إن قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد" إنما هو في حق الخروج عن العهدة لا في حق الثواب.

فإن من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات أو الأحياء جاز، ويصل الثواب إليهم عند أهل السنة والجماعة.

وقد بينا ذلك تفصيلاً في فتوانا المسجلة بدار إفتاء الديار المصرية بتاريخ 14 أغسطسى سنة (1947م) برقم (377) ، مع تذييلها بتعليقات هامة وأسانيد شرعية وطبعت بمفردها في أغسطس سنة (1947م) .

المريض الفاني:

وينبغي أن يُعلم -تتمة لهذا البحث- أن المريض الذي تحقق اليأس من صحته، أو الذي تتناقص -صحته- في كل يوم إلى أن - يموت، وهو المسمى (بالشيخ الفاني) لنفاء قوته، أو لإشرافه على الفناء حتى عجز عن الصوم يرخَّص له فطر رمضان وتجب عليه الفدية عن كل يوم أفطره لو كان موسرًا ويخير بين دفعها في أول الشهر أو في آخره، ولا يجب عليه القضاء، ولكنه إذا قدر على الصوم بعد أن أخرج الفدية وجب عليه قضاء ما أفطره، إذ الفدية خلف عن الصوم المعجوز عنه لا غير، ومن هذا يتبين ما يجب على المريض في كل حال، والله أعلم بالصواب.

[13]

هل وضع مرهم البواسير يفطر

سؤال: رجل مصاب بالبواسير ولابدَّ له حين قضاء الحاجة من إدخال أصبعه في الموضع المعروف للتنظيف والتسوك بالمرهم الموصوف فهل ذلك يفسد صومه وهل يباح له الفطر لذلك شرعًا؟

(الجواب) : قد نص الحنفية على أن إدخال الأصبع في هذا الموضع مبتلة

ص: 325

يفسد الصوم فإذا لم يكن لهذا المريض بُدُّ من إجراء ما ذكر في وقت الصوم كان من أرباب الأعذار المبيحة للفطر وعليه القضاء بعد البراء. والله أعلم (1) .

[14]

صوم رمضان

سؤال: في الأقطار التي لا تطلع فيها الشمس أشهرًا أو يطول النهار فيها كثيرًا.

تقيم كريمتي وزوجها الآن في ألمانيا، وقد كتبت إلي تستفهم عن الواجب عليها وعلى المسلمين هناك في شهر رمضان بالنسبة إلى الصيام، حيث تقول: إن الشمس تستمر طالعة 20 ساعة وتختفي أربع ساعات، فهل يلزمهم الصيام قبل طلوع الشمس بساعة ونصف وهو وقت طلوع الفجر وعلى ذلك فيصومون إحدى وعشرين ساعة ونصف، ويفطرون ساعتين ونصفا أم ماذا؟ وما حكم الصلاة أيضًا في هذه البلاد، وكذلك في البلاد التي تستمر فيها الشمس طالعة نحو ستة أشهر وتغيب نحو ستة أشهر. هذا يا صاحب الفضيلة ما نريد الاستفهام عنه فلعلنا نظفر في وقت قريب بما يزيل العقبات عن المقيمين في تلك البلاد ببيان حكم الله تعالى تيسيرًا عليهم وتبيانًا لسماحة الدين الحنيف.

(الجواب) : اطلعنا على السؤال - ونفيد: بأنه فيما يختص بالبلاد التي تغيب فيها الشمس ستة أشهر أو نحو ذلك. اختلف الفقهاء في وجوب الصلاة على المقيمين بها وعدم وجوبها، فقال بعضهم: لا تجب عليهم الصلاة لعدم وجود السبب وهو الوقت. وقال بعضهم تجب عليهم الصلاة وعليهم أن يقدروا لها أوقاتها بالقياس على أقرب البلاد التي تطلع فيها الشمس وتغرب كل يوم، والقول الأخير قول الشافعية وهو قول مصحح عند الحنفية وهو الذي اخترناه للفتوى مراعاة لحكمة تشريع الصلاة.

وفيما يختص بصوم أهل هذه البلاد. فإنه واجبٌ عليهم، وعليهم أن

(1) ينظر ما سبق من الفتاوى.

ص: 326

يتحروا عن دخول شهر رمضان وعن مدة الصيام فيه بالقياس على أقرب البلاد التي شهد أهلها الشهر وعرفوا وقت الإمساك والإفطار فيه، وهو كذلك مذهب الشافعية الذي اخترناه للفتوى.

وأما البلاد التي تطلع فيها الشمس وتغرب كل يوم إلا أن مدة طلوعها تبلغ نحو عشرين ساعة، فبالنسبة للصلاة يجب عليهم أداؤها في أوقاتها لتميزها تميزًا ظاهرًا - وبالنسبة للصوم يجب عليهم الصوم في رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هناك، إلا إذا أدى الصوم إلى الضرر بالصائم وخاف من طول مدة الصوم الهلاك أو المرض الشديد، فحينئذ يرخص له الفطر، ولا يعتبر في ذلك مجرد الوهم والخيال وإنما المعتبر غلبة الظن بواسطة الأمارات أو التجربة أو إخبار الطبيب الحاذق بأن الصوم يفضي إلى الهلاك أو المرض الشديد أو زيادة المرض أو بطء البرء، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص فلكل شخص حالة خاصة. وعلى من أفطر في كل هذه الأحوال قضاء ما أفطره بعد زوال العذر الذي رخص له من أجله الفطُر، والله تعالى أعلم (1) .

حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح

سُئل عن حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح؟

وأجاب فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظة الله- بقوله:

"لا أعلم لهذا أصلاً والأظهر: أن يخشع ويطمئن ولا يأخذ مصحفًا بل يضع يمينه على شماله كما هي السنة: (يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ والساعد ويضعهما على صدره) هذا هو الأرجح والأفضل وأخذ المصحف يشغله عن هذه السنن، ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات عن سماع الإمام، فالذي أرى أن - ترك ذلك هو السنة وأن يستمع وينصت ولا

(1) من كتاب "فتاوى شرعية وبحوث إسلامية" طبع دار الاعتصام.

ص: 327

يستعمل المصحف فإن كان عنده علم فتح على إمامه وإلا فتح غيره من الناس، ثم لو قُدر أن الإمام غلط ولم يفتح عليه ما ضر ذلك في غير الفاتحة إنما يضر في الفاتحة خاصة لأن الفاتحة ركن لابد منها أما لو ترك بعض الآيات من غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه ولو كان واحد يحمل المصحف ويفتح على الإمام عند الحاحة فلعل هذا لا بأس به أما أنَّ كل واحد يأخذ مصحفا فهذا خلاف السنة" (1) . أ. هـ.

***

(1) مجلة التوحيد السنة الثانية والعشرون العدد التاسع.

ص: 328