الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العصر- فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فشرب والناس ينظرون، فأفطر صلى الله عليه وسلم في أثناء السفر بل أفطر في آخر اليوم.
كل هذا من أجل أن لا يشق الإنسان على نفسه بالصيام وتكلف بعض الناس في الصوم في السفر مع المشقة لا شك أنه خلاف السنة، وإنه ينطق عليهم قول النبى صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر"(1) .
المبتعث مسافر يفطر ولو امتد ابتعاثه سنوات
- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -حفظه الله-:
نحن مجموعة من المبتعثين في بلاد أخرى بعضنا له سنة والبعض الآخر سنتان أو ثلاث أو أربع فهل لنا حكم المسافر في الصيام؟
فأجاب: هذه مسألة اختلف فيها أهل العلم.
والجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة يقولون: إنهم في حكم المقيم يلزمهم الصوم، ولا يجوز لهم قصر الصلاة، ولا أن يمسحوا على الخفين ثلاثة أيام بل يوم وليلة.
وبعض أهل العلم يقول: إنهم في حكم المسافرين، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وهو ظاهر النصوص فهي لم تُحدِّد مدة السفر.
وذُكر أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام في أذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة.
وهذا الرأي واضح الرجحان ولكن من كان في نفسه حرج منه ورأى أن يأخذ بقول الجمهور وهو إتمام الصلاة ووجوب الصوم فلا حرج عليه في ذلك وهذا ما نراه ورآه شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال أيضًا: الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بالإحسان وسلم تسليما كثيرا.
(1)"فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين"(1/478-479) .
وبعد: فقد نشر لي في (المسلمون) يوم السبت 28 شعبان 1405 هـ جواب حول ترخص المبتعث برخص السفر من القصر والفطر ومسح الخفين ثلاثة أيام وكان الجواب مختصرًا وقد طلب مني بعض الإخوان أن أبسط القول في ذلك بعض البسط فأقول -وبالله التوفيق ومنه الهداية والصواب-:
المغتربون عن بلادهم لهم ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يَنْووا الإقامة المطلقة بالبلاد التي اغتربوا إليها كالعمال المقيمين للعمل والتجار المقيمين للتجارة ونحوهم ممن يقيمون إقامة مطلقة فهؤلاء في حكم المستوطنين في وجوب الصوم عليهم في رمضان وإتمام الصلاة والاقتصارعلى يوم وليلة في مسح الخفين، لأن إقامتهم التي اغتربوا إليها لا يخرجون منها إلا أن يخرجوا.
الحالة الثانية: أن ينووا الإقامة المقيدة بغرض معين لا يدرون متى ينتهي، ومتى انتهى
رجعوا إلى بلادهم، كالتجار الذي يقدمون لبيع السلع أو شرائها ثم يرجعون، وكالقادمين لمراجعة دوائر حكومية أو غيرها لا يدرون متى ينتهي غرضهم حتى يرجعوا إلى بلادهم فهؤلاء في حكم المسافرين فلهم الفطر وقصر الصلاة الرباعية ومسح الخفين ثلاثة أيام ولو بقوا سنوات. هذا قول جمهور العلماء بل حكاه ابن المنذر إجماعًا لكن لو ظن هؤلاء أن الغرض لا ينتهي إلا بعد المدة التي ينقطع بها حكم السفر فهل لهم الفطر والقصر؟ على قولين.
الحالة الثالثة: أن ينووا الإقامة المقيدة بغرض معين يدرون متى ينتهي، ومتى انتهى رجعوا إلى بلادهم بمجرد انتهائه، فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في حكم هؤلاء فالمشهور عن مذهب الإمام أحمد أنهم إن نووا إقامة أكثر من أربعة أيام أتموا وإن نووا دونها قصروا، قال في "المغني" (صفحة 288 المجلد الثاني) وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور قال: وروى هذا القول عن عثمان رضي الله عنه وقال الثوري وأصحاب الرأي إن أقام خمسة عشر يومًا مع اليوم الذي يخرج فيه أتم، وإن نوى دون ذلك قصر -انتهى- وهناك أقوال أخرى ساقها النووي في "شرح المُهَذب"(صفحة 220 المجلد الرابع) تبلغ عشرة أقوال وهي أقوال اجتهادية متقابلة ليس فيها نص يفصل بينها ولهذا
ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، إلى أن هؤلاء في حكم المسافرين لهم الفطر وقصر الصلاة الرباعية والمسح على الخفين ثلاثة أيام. انظر "مجموع الفتاوى - جمع ابن قاسم" صفحة (137، 138، 184) مجلد (24) و"الاختيارات" صفحة (73) وانظر "زاد المعاد لابن القيم" صفحة (29) مجلد (3) أثناء كلامه على فقه غزوة تبوك.
وقال في "الفروع" لابن مفلح -أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية- صفحة (64) مجلد (2) بعد أن ذكر الخلاف فيما إذا نوى مدة فوق أربعة أيام قال: "واختار شيخنا وغيره القصر والفطر وأنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن بها قامته لقضاء حاجة بلا نية إقامة". انتهى.
واختار هذا القول الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. انظر صفحة (372، 375) مجلد (4) من "الدرر السنية"، واختاره أيضًا الشيخ محمد رشيد رضا صفحة (1180) المجلد الثالث من "فتاوى المنار"، وكذلك اختاره شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي صفحة (47) من "المختارات الجلية".
وهذا القول هو الصواب، لمن تأمل نصوص الكتاب والسنة.
فعلى هذا: يفطرون ويقضون كأهل الحال الثانية، لكن الصوم أفضل إن لم يشق، ولا ينبغي أن يؤخروا القضاء إلى رمضان ثان؛ لأن ذلك يوجب تراكم الشهور عليهم فيثقل عليهم القضاء أو يعجزوا عنه.
والفرق بين هؤلاء وأهل الحال الأولى: أن هؤلاء أقاموا لغرض معينّ ينتظرون انتهاءه، ولم ينووا الإقامة المطلقة، بل لو طلب منهم أن يتموا بعد انتهاء غرضهم لأبوا ذلك، ولو انتهى غرضهم قبل المدة التي نووها ما بقوا في تلك البلاد.
أما أهل الحال الأولى: فعلى العكس من هؤلاء، فهم عازمون على الإقامة المطلقة مستقرون في محل الإقامة لا ينتظرون شيئًا معينا ينهون إقامتهم بانتهائه، فلا يكادون يخرجون من مغتربهم هذا إلا بقهر النظام فالفرق ظاهر للمتأمل، والعلم عند الله تعالى.
فمن تبين له رجحان هذا القول فعمل به فقد أصاب ومن لم يتبين له فأخذ بقول الجمهور فقد أصاب؛ لأن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد التي من اجتهد فيها فأصابَ