الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب: إذا أخذ الإنسان شيئًا من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنه ضعفًا فإنه لا يفطر بذلك سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرض، أو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج إليه.
أما إذا أُخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك، قياسا على الحجامة التي ثبتت السنة بأنها مفطرة للصائم.
وبناء على ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صومًا واجبًا، إلا أن يكون هناك ضرورة فإنه في هذا الحال يتبرع به لدفع الضرورة ويكون مفطرًا يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم.
وذكرت هذا التفصيل وإن كان السؤال يختص بنهار رمضان..
وبناء على ذلك فإنه إذا كان صائمًا في نهار رمضان فإنه لا يجوز أن يتبرع بدم كميته كثيرة بحيث يلحق بدنه منها ضعف إلا عند الضرورة فإنه يتبرع بذلك، ويفطر بقية يومه ثم يقضي بدله يومًا آخر (1) .
هل الفصاد في نهار رمضان يفسد الصوم
؟
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
عن الفصاد في شهر رمضان، هل يفسد الصوم أم لا؟
فأجاب: إن أمكنه تأخير الفصاد أخَّره، وإن احتاج إليه لمرض افتصد وعليه القضاء في أحد قولي العلماء. والله أعلم (2) .
وسئل أيضًا الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -حفظه الله-:
هل الحجامة من مبطلات الصيام؟
فأجاب: هذه مسألة خلافية:
ذهب "الإمام أحمد" إلى أن الحاجم والمحجوم يفطران إذا ظهر من المحجوم دم؛ إذا كانا -الحاجم والمحجوم- عامدين ذاكرين لصومهما.
(1)"الفتاوى لابن عثيمين - كتاب الدعوة"(1/174-175) .
(2)
"مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"(25/268) .
واستدل رحمه الله بأحاديث مرفوعة وردت في ذلك عن جماعة من الصحابة بلفظ: "أَفْطَر الحَاجِم والمحجُوم". وهذا الحديث قال فيه بعضهم: إنه يبلغ حد التواتر رواه اثنا عشر من الصحابة.
وعلَّل أصحاب هذا القول إفطار الحاجم لأنه يمتص الدم.
وأما المحجوم فلأنه يظهر منه دم كثير فيفطر كما أن خروج دم الحائض يسبب فطرها، وقد يكون الدم الذي يخرج من الحائض في بعض النساء أقل من الذي يخرج من المحتجم، ولأن خروج الدم قد يضعف البدن، وقد يكون استفراغًا كالقيء.
ولو لم تصدق عليه هذه العلل فإن الحديث صحيح رواه جماعة من الصحابة منهم ثوبان وشداد بن أوس ورافع بن خديج.
وهؤلاء الثلاثة روى أحاديثهم "الإمام أحمد" في "مسنده" وأهل "السنن" وكذلك معقل بن يسار وبلال بن رباح وعائشة وأبو هريرة -ورواه أيضًا صاحب القصة الذي ورد فيه الحديث- رضي الله عنهم.
وخالف فى ذلك الأئمة الثلاثة، وقد أخذ أصحابهم يتكلفون في الإجابة عن
الأحاديث التي استدل بها الإمام أحمد رحمه الله قال بعضهم: إنما قال: "افطر الحاجم والمحجوم" لأنهما كانا يغتابان الناس. ولما نقل هذا القول الإمام أحمد رحمه الله قال: لو كانت الغيبة تفطر ما بقي منّا أحد إلا وهو مفطر.
وأجاب آخرون بأجوبة، منها: أن الحديث منسوخ وقالوا: إنه ورد في أن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص في الحجامة للصائم والرخصة تدل على أن حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ. ولكن الحديث الذي فيه الرخصة فيه ضعف، وعلى تقدير صحته فلعل الرخصة هي السابقة للمنع، فليس عندنا دليل على أنها متأخرة عن هذا الحديث.
وأقوى ما تمسك به أصحاب هذا القول حديث ابن عباس الذي رواه البخاري قال: "احْتَجَم النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو صَائِم واحْتَجَم وهو مُحْرم".
ولكن جميع الرواة قالوا فيه: احتجم وهو صائم محرم. هذا هو اللفظ الصحيح وأكثر تلامذة ابن عباس لم يذكروا الصيام، وإنما اقتصروا على الإحرام. ولما نقل الحديث للإمام أحمد قال: ليس فيه الصيام إنما انفرد بذكره فلان وفلان
…