الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتكف وترك الوظيفة
سؤال: رجل معتكف وهو موظف، والدوام -أي نهاية العمل- في الوظائف إنما ينتهي في الخامس والعشرين من رمضان فما حكم ذلك؟ (1) .
الفتوى: لا شك أن هذا الذي اعتكف وترك ما يجب عليه من البقاء في الوظيفة، لا شك أنه مجتهد، ولكن الاجتهاد أيها الإخوة: إذا لم يكن مَبنيًا على قواعد شرعية، فإنه اجتهاد خاطيء، قد يُثَاب الإنسان عليه لكونه اجتهد وأراد الحق، لكن يجب أن يكون اجتهادنا مبنيًا على الكتاب والسُّنة.
فالذي ترك واجب الوظيفة، وجاء يعتكف، كالذي يهدم مصراً ويبني قصرًا؛ لأنه قام بشيء مستحب، ولم يقل أحد بوجوبه من المسلمين: فإن العلماء مجمعون على أن الاعتكاف لا يجب إنما هو سُنَّة.
وأما القيام بواجب الوظيفة، فإنه داخل في قوله تعالى:(يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود)[المائدة:1] . وفي قوله: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)[الإسراء:34] . فهذا الرجل ترك واجبًا لفعل مستحب، ولهذا يجب عليه أن يقطع الاعتكاف، ويذهب إلى وظيفته، إذا كان يريد السَّلامة من الإثم.
فإن بقي في اعتكافه، فإنه يكون قد اعتكف في زمن مستحق لغيره وقواعد الفقهاء تقتضي أن اعتكافه لا يَصِحُّ في هذه الحال، لأنه في زمن مغصُوب أو يشبه المغصُوب.
ولقد أحببت أن أنَبِّه على ذلك لأجل أن يعرف الإخوة الحريصون على فعل الخير أنه لابد من مراعاة القواعد الشرعية والأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من أجل أن يبني اجتهاده على حق، فيعبد الله على بصيرة.
***
(1) فتاوى الحرم (1408 هـ) .
مسائل تتعلق بالصوم
هل أصوم وأصلي عن والدي المتوفى
سؤال: أُصلِّي لأبي المُتَوَفَّى صلاة النافلة في الحرم هل يجوز ذلك والصدقة والصوم؟
الفتوى: نعم يجوز للإنسان أن يتصدق عن والده أو الدته أو أقاربه أو غيره هؤلاء من المسلمين ولا فرق بين الصدقات والصلوات والصيام والحج وغيرها ولكن السؤال الذي ينبغي أن نقوله: هل هذا من الأمور المشروعة وأن المشروع في حق الولد أن يدعو لوالده دعاء، إلا في الأمور المفروضة التي تدخلها النيابة فإنه يُؤدي عن والده ما افترض الله عليه ولم يؤده كما لو مات والده وعليه صيام فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ مَاتَ وَعَلَيه صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَليُّه" ولا فرق في ذلك بين أن يكون الصِّيام صيام فَرْض بأصْلِ الشَّرع كصيام رَمَضان أو إلزام الإنسان نفسه كما في صيام النَّذرَ. والله أعلم.
***
ما دخل الصوم بالصلاة
سؤال: يعيب بعض علماء المسلمين على المسلم الذي يصوم ولا يصلي، فما دخل الصلاة في الصيام، فأنا أريد أن أصوم لأدخل مع الداخلين من باب الريان، ومعلوم أن رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن، أرجو التوضيح وفقكم الله؟ (1)
الفتوى: الذين عابوا عليك أنك تصوم ولا تُصَلِّي على صواب فيما عابوه عليك، وذلك لأن الصلاة عمود الإسلام، ولا يقوم الإسلام إلا بها، والتارك لها كافر خارج من ملة الإسلام، والكافر لا يقبل الله منه صِيامًا، ولا صدقة، ولا حجًا ولا غيرها من الأعمال الصالحة لقول الله تعالى: (وما منعهم أن تقبل
(1) فتاوى الصيام.
منهم نفقاتهم إِلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إِلا وهم كارهون) [التوبة: 54] . وعلى هذا فإذا كنت تصوم ولا تصلي، فإننا نقول لك: إن صيامك باطل غير صحيح، ولا ينفعك عند الله، ولا يقربك إليه. وأما ما تَوَهَّمْتَهُ من أن رمضان إلى رمضان مكَفِّرًا لما بينهما نقول لك: إنك لم تعرف الحديث الوارد في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ وَالجُمُعة إلى الجُمُعَة وَرَمَضَان مُكفَرِّات لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائر". فاشترط النبي صلى الله عليه وسلم لتكفير رمضان إلى رمضان أن تجتنب الكبائر، وأنت أيها الرجل الذي لا تُصَلِّي وتَصُوم لم تجتنب الكَبَائر، فأي كبيرة أعظم من ترك الصلاة، بل إن ترك الصلاة كفر، فكيف يُمكن أن يكفر الصِّيام عنك، فَتركُ الصَّلاة كفْرٌ. ولا يُقبلُ منك الصِّيام. فعليك يا أخي أن تتوب إلى ربك. وأن تقوم بما فرض الله عليك من صلاتك ثم بعد ذلك تصوم. ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن قال:"وليكُنْ أوَّل مَا تَدعُوهُم إلَيه شَهَادةُ أن لا إله إلا الله، وأن مُحمدًا رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أنَ الله افترض عليهم خمس صلوات لكل يوم وليلة" فبدأ بالصلاة ثم الزكاة، بعد ذكر الشهادتين.
***
التدرج في الصوم
سؤال: هل حدث تدرج في صيام رمضان كالأمر في تحريم الخمر؟ (1) .
(شذى قنديل محمد - أبها)
الفتوى نعم حصل تدرج فحين نزل الصوم كان من شاء صام ومن شاء أطعم ثم بعد ذلك صار الصوم واجبًا لقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)[البقرة: 185] .
(1) المسلمون عدد (15) .
التَدرج الآخر لهم أنهم كانوا إذا ناموا بعد الإفطار أو صلوا العشاء لا يحل لهم الأكل والشرب والجماع إلا عند غروب اليوم التالي ثم خفف عنهم قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)[البقرة: 187] . فكانت المحظورات على الصائم إذا نام أو صلى العشاء ثم نسخ ذلك فكانت جائزة إلى أن يتبين الفجر.
***
كيف يكون الصيام درسًا للتقوى؟
كيف يكون الصيام درسًا للتقوى ووقاية من الشرور والآثام (1) ؟
الفتوى: إن الصوم التزام بكل الأخلاق الحميدة ودرس يفيد الإنسان.
هل يضاعف الصوم في الحرم
سؤال: هل يضاعف الصوم في الحرم كما في الصلاة؟
الفتوى: الصَّلاة في مكة أفضل من غيرها بلا ريب ولهذا ذُكِر أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان مُقيمًا في غزوة الحديبية كان في الحلَّ ولكن كان يُصَلِّي في الحرَّم أي داخل أميال الحرم وهذا يدل أن الصلاة في الحرم أي فيما دخل في الأميال أفضل من الصلاة في الحِل وذلك لِفَضل المكان وقد أخذ العلماء من هذه قاعدة قالوا فيها: إن الحسنات تُضَاعف في كل مكان وزمان فاضل، كما أن الحسنات تضاعف أيضًا باعتبار العامل كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لَا تَسُبُّوا أصْحَابِي فَوَالَّذي نَفْسي بِيَدِهِ لَوْ أن أحَدَكُم أ-نفَقَ مِثل أحدٍ ذَهبًا مَا بَلَغَ مُدِّ أحَدُهُم وَلا نَصيفه" إذًا فالعبادات تتضاعف باعتبار العامل وباعتبار الزمان وباعتبار المكان كما تتفَاضل أيضًا باعتبار نسبها وهيئتها وهذا أمر معلوم ولا يتسع المقام لبسطه
(1) المسلمون العدد (15) .
وشرحه ولكننا نقول: إن الصلاة في مكة أفضل من الصلاة في غيرها ونقول إن الصلاة في المسجد الحرام نفسه تتضاعف فتكون بمائة ألف صلاة فيما عداه وقد أخذ أهل العلم من ذلك أن الصِّيام يُضاعف في مكة ويكون أفضل من الصِّيام في غيرها وذلك لشَرف مكانه على أن الصِّيام إمساك وليس بعمل يحتاج إلى مكان ولا زمان سوى الزَّمان الذي شرع فيه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وقد ورد في حديث عن ابن ماجه بإسناد ضعيف أن: "مَنْ صَامَ رَمَضَان في مَكة وَقَامَ مِمَّا تَيَسَّر منْه كُتبَ لَهُ أجْرُ مائة ألف رَمَضان" وهذا إسناده ضعيف ولكن يُستأنسُ به ويدل على أن صَوم رَمَضانَ في مكة أفضَل من صَومٍ في غيرها.
صوم الوصال
سؤال: ما هو صوم الوصال وهل هو سُنَّة؟ (1) .
(أحمد محمود غريب - الفجيرة)
الفتوى: صوم الوصال أن لا يفطر الإنسان في يومين فيواصل الصيام يومين متتاليين وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال: "مَنْ أرادَ أن يُوَاصِلَ فَليُوَاصِل إلى السحر" والمواصل للسحر من باب الجائز وليست من باب المشروع والرسول صلى الله عليه وسلم حث على تعجيل الفطر وقال: "لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْر مَا عَجَّلُوا الفطر" لكنه أباح لهم أن يواصلوا إلى السحر فقط فلما قالوا: يا رسول الله إنك تواصل فقال: "إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكمْ".
صوم النذر
سؤال: امرأة تسأل تقول: إنها نذرت أن تصوم شهر رجب من كل عام ثم كبرت بها السن وعجزت عن الصيام فماذا تفعل؟ (2) .
الفتوى: أولاً: أنصح جميع إخواني المسلمين بالبعد عن النذر لأن
(1) المسلمون عدد (15) .
(2)
فتاوى نسائية.
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: "إنهُ لا يَأتِي بخَير وَإنَّما يُستَخْرَجُ به منَ البَخيل" وقد أشار الله عز وجل إلى النهي عنه في القرآن فقال تعالى: (وأَقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة)[النور: 53] فإذا كان كذلك فلا تنذر فإن نذرت فإن كان طاعة وجب عليك الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وسلم "مَنْ نَذَرَ أنْ يُطيعَ الله فَليُطعْه" سواء كان هذا النَّذر مَشُروطًا بشَرط حُصُول نِعمة أو اندِفاع نقمة أو كان نذَرًا مطلقًا، أرجو الانتباه: نذر الطاعة قد يكون مَشْرُوطا بحُصول نعمة أو اندفاع نقمة وقد يكون مُطلقا بلا شرط هذه ثلاثة أحوال، إذا قال قائل لله علي نذر أن أصوم غدًا. هذا نذر طاعة أم لا؟ نذر طاعة مطلق أو مقيد؟ مطلق -يعني ما له سبب، حسنًا إذا قال: إن نجحت في الامتحان فللَّه عليَّ نذر أن أصوم ثلاثة أيام- هذا مقيد بحصول مصلحة أو باندفاع نقمة؟ بحصول مصلحة إذا قال: إن شفى الله مريضي فللَّه عليَّ نذر أن أصوم شهرًا، هذا نذر طاعة مقيد باندفاع نقمة وهو المرض، وعلي هذا فنَذرُ الطاعة يجب الوفاء به، ولكن نذر شهر رجب نسأل هذه الناذرة لماذا خصّت شهر رجب بالنذر؟ إن قالت لأنني اعتقد أن تخصيص رجب بالصوم عبادة.
قلنا لها هذا نذر مكروه ولا يجب الوفاء به؛ لأن تخصيص رجب بالصوم مكروه -يعني يكره للإنسان أن يَخُصَّ رجب بذاته من بين سائر السنة-، أما إذا كانت نذرت شهر رجب لأنه الشهر الموالي لحُصُول الحادث لا لعينه فإنها تصومه فإن عجزت فإن النَّذر الواجب يحذى به حذو الواجب في أصل الشَّرع. وهنا سؤال مني لكم، لو قال قائل: لله عليَّ نذر أن ألبس هذا الثَّوب أيجب عليه أن يوفي نذره أم لا؟ الجواب لا يجب أن يوفي به لأن نذر المباح حكمه حكم اليمين فالآن إن شاء لبس الثوب ولا عليه شيء وإن شاء لم يلبس ووجب عليه أن يُكَفِّر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كُسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.
***
الإسراف في مائدة الإفطار
سؤال: الإفراط في إعداد الأطعمة للإفطار هل يقلل من ثواب الصوم؟ (1) .
الفتوى: لا يُقَلِّل - من ثواب الصَّوم والفعل المُحرم بعد انتهاء الصوم لا يقلل من ثوابه ولكن ذلك يدخل في قوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إِنه لا يحب المسرفين)[الأعراف: 31] .
فالإسراف نفسه محظور والاقتصاد نصفُ المعيشة وإذا كان لديهم فضل فليتَصَدَّقوا به فإنه أفضل من الإفراط في إعداد الأطعمة.
***
الموت في رمضان
سؤال: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذَا جَاءَ رَمَضَان فتحَتْ أبْوَابُ الجَنَّة وَغُلِّقَت أبْوَابُ النار" هل معنى ذلك أن من يموت في رمضان يدخَل الجنة بغير حساب؟ (2) .
الفتوى: ليس الأمر كذلك بل معنى هذا أن أبواب الجنة تُفَتَّح تنشيطًا للعاملين ليتسَنَّى لهم الدَّخول وتُغلَق أبواب النار لأجل انكفَاف أهل الإيمان عن المعاصي حتى لا يلجوا هذه الأبواب وليس معنى ذلك أن من مات في رمضان يدخل الجنة بغير حساب إنما الَّذين يدخلون الجنة بغير حساب هم الَّذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: "هم الذين لا يَستَرقُونَ وَلا يَكتُوونَ ولَا يَتَطَيَّرُون وَعَلَى ربِّهم يَتَوَكَلون".
***
(1) المسلمون عدد (15) .
(2)
المسلمون عدد (15) .
مراتب الفرض ومراتب الفضل
سؤال: سمعت أن الصيام مراتب فما صحة هذا القول وهل لكل منها ثواب خاص بها؟ (1) .
الفتوى: إذا قصد بالمَرَاتب الفرض والنَّفل فهذا صحيح والفرض أفضل من النفل أما مَراتَب الفَضل والأجر عند الله باعتبار الصَّائمين فهنا يختلف اختلافًا كبيراً بحسب ما فعله الإنسان أثناء الصّوم من التزام بالأخلاق والأداب الإسلامية وعدم الالتزام بها وبِحَسْب ما يكون في قلبه من الإخلاص.
فوائد الصوم الاجتماعية
سؤال: هل للصوم فائدة اجتماعية؟
الفتوى: نعم له فوائد اجتماعية منها شُعُور النَّاس بأنهم أمة واحدة يأكلون في وقت واحد ويصومون في وقت واحد ويشعر الغني بنعمة الله ويعطف على الفقير ويقلل مزالق الشيطان لابن آدم. وفيه تقوى الله وتقوى الله تقوّي الأواصر بين أفراد المجتمع.
علامات ليلة القدر
سؤال: ما هي علامات ليلة القدر؟ (2) .
الفتوى: من علامات ليلة القدر أنها ليلة هادئة وأن المؤمن يَنشَرحُ صدره لها، ويطمئن قلبه، وينشط في فعل الخير، وأن الشَّمس في صباحها تطلع صافية ليس لها شعاع.
***
(1) المسلمون عدد (15) .
(2)
فتاوى الحرم (1408 هـ) .