الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجابت: أولاً: القول الصحيح الذي يجب العمل به هو ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتهِ فَإِن غُمَّ عَلَيكُم فَأكمِلوا العِدَّة) مع أن العبرة في بدء شهر رمضان وانتهائه برؤية الهلال فإن شريعة الإسلام التي بعث الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم عامة خالدة مستمرة إلى يوم القيامة.
ثانيًا: أن الله تعالى علم ما كان وما سيكون من تقدم علم الفلك وغيره من العلوم، ومع ذلك قال (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185] وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" الحديث. فعلق صوم شهر رمضان والإفطار منه برؤية الهلال ولم يعلقه بعلم الشهر بحساب النجوم مع علمه تعالى بأن علماء الفلك سيتقدمون في علمهم بحساب النجوم وتقدير سيرها.
فوجب على المسلمين المصير إلى ما شرعه الله لهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من التعويل في الصوم والإفطار على رؤية الهلال.
وهو كالإجماع من أهل العلم، ومن خالف في ذلك وعول على حساب النجوم فقوله شاذ لا يعول عليه.
اختلاف مطالع الأهلة وأي الجهات أولى بالاتباع
- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1) :
نحن الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا، يصادفنا في كل بداية لشهر رمضان مشكلة تسبب انقسام المسلمين إلى ثلاث فرق:
1-
فرقة تصوم بتحري الهلال في البلدة التي يسكنون فيها.
2-
فرقة تصوم مع بداية الصيام في المملكة العربية السعودية.
3-
فرقة تصوم عند وصول خبر من اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا وكندا الذي يتحرى الهلال في أماكن متعددة في أمريكا، وفور رؤيته في إحدى البلاد يعمم على المراكز المختلفة برؤيته فيصوم مسلموا أمريكا كلهم في يوم واحد على الرغم من المسافات الشاسعة التي بين المدن المختلفة.
(1)"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء" فتوى رقم (1657) .
فأي الجهات أولى بالاتباع والصيام برؤيتها وخبرها؟ أفتونا مأجورين أثابكم الله؟
فأجابت: قد سبق أن نظر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية هذه المسألة وأصدر فيها قرارًا مضمونه ما يلي:
أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسًّا وعقلا ولم يختلف فيها أحد من العلماء وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
ثانيًا: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطيء أجر الاجتهاد.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره.
واستدل كل فريق منهم بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد، كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)[البقرة: 189] وبقوله صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا لِرُؤْيَتهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتهِ" الحديث، وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقًا في الاستدلال به.
ونظرًا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها، ونظرًا إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرنًا، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء مجلس كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.
ثالثًا: نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب وما ورد في ذلك من أدلة في الكتاب والسنة واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك فقرروا بإجماع: عدم اعتبار
حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية لقوله صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا لِرُؤْيَتهِ وأَفْطِرُوا
لِرُؤْيَتهِ" الحديث، وما في معنى ذلك من الأدلة.
وترى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن اتحاد الطلبة المسلمين في الدول التي حكوماتها غير إسلامية يقوم مقام حكومة إسلامية في مسألة إثبات الهلال بالنسبة لمن يعيش في تلك الدول من المسلمين.
وبناء على ما جاء في الفقرة الثانية من قرار مجلس الهيئة يكون لهذا الاتحاد حق اختيار أحد القولين: إما اعتبار اختلاف المطالع، وإما عدم اعتبار ذلك، ثم يعمم ما رآه على المسلمين في الدولة التي هو فيها، وعليهم أن يلتزموا بما رآه وعممه عليهم؛ توحيدًا للكلمة، ولبدء الصيام وخروجًا من الخلاف والاضطراب، وعلى كل من يعيش في تلك الدول أن يتراءوا الهلال في البلاد التي يقومون فيها، فإذا رآه ثقة منهم أو أكثر صاموا بذلك، وبلغوا الاتحاد ليعمم ذلك. وهذا في دخول الشهر. أما في خروجه فلابد من شهادة عدلينْ برؤية هلال شوال أو إكمال رمضان ثلاثين يوما، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صُومُوا لِرُؤْيَتهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتهِ فَإِن غُم عَلَيكُم فَأكمِلوا العُدة ثَلاِثين يَومًا".
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
البلاد التي فيها النهار أطول من الليل والصيام
- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1) :
تلقت رابطة العالم الإسلامي رسالة من الشيخ محمد دير منجى مبعوثها في كوبنهاجن -الدانمارك- يفيد فيها بأنه في بعض جهات الدول الاسكندنافية يكون النهار أطول من الليل بكثير على مدار السنة، حيث يكون الليل ثلاث ساعات فقط، في حين يكون النهار واحد وعشرين ساعة، وذكر أنه إذا صادف أن قدم شهر رمضان في الشتاء فإن المسلمين فيها يصومون مدة ثلاث ساعات فقط، وأما إذا كان شهر رمضان في فصل الصيف فإنهم يتركون الصوم لعدم قدرتهم عليه نظرًا لطول النهار. وطلب الشيخ دير منجى فتوى تحدد مواعيد الإفطار والسحور، والمدة
(1)"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" فتوى رقم (1442) .