المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني والعشرونالصوم ورمضان في واحة الشعر - نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان - جـ ٣

[سيد حسين العفاني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الحادي والعشرونفتاوى الصيام

-

- ‌ما هي أركان الصيام:

- ‌ما حكم من رأى الهلال وحده عند دخول الشهر أو خروجه

- ‌ما هي الطريقة التي يثبت بها أول كل شهر قمري

- ‌هل يجوز للمسلم الاعتماد في بدء الصوم ونهايته على الحساب الفلكي

- ‌سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:عن أهل المدينة رأى بعضهم هلال ذي الحجة، ولم يَثْبُت عند حاكم المدينة؛ فهل لهم أن يَصُوموا اليوم الذي في الظَّاهر التاسع

- ‌للقاضي إذا تحقق من خبر الإذاعة إعلان دخول الشهر

- ‌وما حكم من سمع الخبر من الإذاعة ولم يأخذ به

- ‌ كتاب الحكم برؤية الهلال

- ‌الصيام برؤية واحدة

- ‌كيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية

- ‌إذا رؤي الهلال في المملكة هل يجب الصيام على أهل البلاد الأخرى

- ‌رؤية الهلال في بلد هل تلزم البلاد الأخرى بالصيام

- ‌أهل القرية يلزمهم رؤية العاصمة

- ‌كيف يصوم الناس إذا اختلفت المطالع

- ‌الصوم مع الدولة التي تقيم فيها

- ‌كل مسلم يصوم ويفطر مع مسلمي بلده

- ‌هل يمكن لأهل أفريقيا أن يصوموا برؤية أهل مكة

- ‌اختلاف مطالع الأهلة وأي الجهات أولى بالاتباع

- ‌صيام من يطول نهارهم جدًا وكذا من يقصر نهارهم

- ‌حكم صوم من لا تطلع عندهم الشمس أيام الشتاء مطلقا

- ‌العبرة في ابتداء الصيام في البلدة التي سافر منها وفي نهايته في البلدة التي قدم إليها

- ‌ما الحكم في قوم يصومون رمضان ثلاثين يوما باستمرار

- ‌متى قامت البينة على دخول رمضان وجب الصوم

- ‌رأى هلال رمضان ورد القاضي شهادته مخافة الخطأ هل يصوم

- ‌لا يجوز للمسلم صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال

- ‌نِيّة الصِّيام

- ‌صائم رمضان هل يفتقر كل يوم إلى نية

- ‌تَبيِيتُ النِّيَّة في الصوم

- ‌ النية الجازمة للفطر دون أكل وشرب هل يفطر

- ‌لا يجوز لمن نوى صوم القضاء وشرع فيه أن يقطعه

- ‌حكم تعليق النية في صيام النفل

- ‌هل يصح أن ينوي الصائم -صيام نفل- نية الصيام بعد الزوال

- ‌هل يثاب الصائم نفلاً على الوقت الذي سبق نيته:

- ‌هل من نوى الإفطار يفطر

- ‌وقت الإمساك، والأكل بعد طلوع الفجر

- ‌الأكل والشرب بعد الأذان

- ‌الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر

- ‌لا يمسك عن الطعام حتى نهاية الأذان

- ‌هل للصائم الفطر بمجرد الغروب

- ‌هل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره

- ‌بلاد يتأخر فيها الغروب كيف يفطر أهلها

- ‌الإفطار بغروب الشمس

- ‌راكب الطائرة متى يفطر

- ‌لا يلزمه الإفطار

- ‌كيف يفطر من يؤذن المغرب في بلده وهو في الطائرة يرى الشمس لم تغرب

- ‌من أسلم وسط نهار رمضان

- ‌إذا أفطر لعذر وزال العذر في نفس النهار هل يواصل أم يمسك

- ‌إذا رؤي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسيا فهل يذكر أم لا

- ‌هل يؤمر الصبي المميز بالصيام

- ‌حكم صيام من يعقل زمنًا ويُجَن زمنًا آخر

- ‌فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليهم الصوم

- ‌كلما أراد أن يصوم أغمى عليه هل له الفطر

- ‌صيام المرأة الكبيرة التي يشق عليها الصوم

- ‌متى يسقط صيام رمضان عن الكبير

- ‌صيام المريض الذي لا يرجى برؤه

- ‌قبول خبر الطبيب المسلم العدل. وغير المسلم والمسلم غير العدل

- ‌سفر القصر، وسفر الطاعة والمعصية، والسافر في رمضان هل ينكر عليه

- ‌السفر المبيح للفطر

- ‌متى يبدأ المسافر بالفطر

- ‌الصيام في السفر بالوسائل المريحة

- ‌نوى الصيام ثم سافر في أثناء النهار هل له أن يفطر

- ‌حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو على سفر

- ‌المقيم في بلد أكثر من أربعة أيام يصوم

- ‌هل للفطر في السفر أيامًا معدودة

- ‌ المسافة التي يجب عندها الإفطار

- ‌مسافر وصل إلى أهله قبيل العصر مفطرًا هل يمسك بقية اليوم

- ‌إذا رجع المسافر إلى بلده مفطرًا هل يستمر في فطره أم يمسك

- ‌المبتعث مسافر يفطر ولو امتد ابتعاثه سنوات

- ‌هل السائقون خارج المدن بصفة مستمرة ينطبق عليهم حكم السفر

- ‌لا يجوز الفطر في رمضان إلا لعذر

- ‌حكم السفر في شهر رمضان تحايلاً على الإفطار

- ‌حكم صيام الحائض النفساء

- ‌جاءها الحيض في سن الحادية عشرة هل يلزمها الصوم

- ‌النفساء والصوم

- ‌الدم الخارج بعد السقط هل يفطر

- ‌حكم صيام من أجهضت

- ‌حكم صيام من أسقطت في الشهر الثالث

- ‌متى طهرت النفساء فإنها تصوم وتصلي

- ‌صيام الحامل والمرضع

- ‌حكم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما

- ‌صيامك وأنت حامل ومعك نزيف لا يؤثر على الصيام

- ‌حكم المرأة الحامل التي لا تطيق الصوم

- ‌لم تصم ثلاث رمضانات بسبب الولادة والحمل

- ‌حكم من رؤي مفطرًا في مكة في رمضان

- ‌هل يفطر من يعمل في الأفران

- ‌صوم العاملين في مجال الحديد والصلب

- ‌من أخذ شيء من ماله ولا يقدر عليه إلا بالفطر

- ‌يفطر لإنقاذ غيره من مهلكة

- ‌الفطر بسبب الامتحانات لا يجوز

- ‌حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهي حائض

- ‌حكم الصائم إذا جامع وهو مسافر

- ‌استعمال العادة السرية في نهار رمضان مفسد للصوم

- ‌خروج المني في نهار رمضان

- ‌حكم من قبَّل أو لمس وهو صائم فأمنى أو أمذى

- ‌حكم من سحب منه دم وهو صائم

- ‌هل الفصاد في نهار رمضان يفسد الصوم

- ‌حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم

- ‌قلع الضرس وبلع الريق هل يفطر الصائم

- ‌حكم أخذ الحقنة الشرجية للصائم

- ‌استعمال الإبر في الوريد وفي العضل هل يفطر الصائم

- ‌الكحل هل يبطل الصيام

- ‌استخدام مراهم للأنف للصائم

- ‌حكم القطرة والمرهم في العين للصائم

- ‌القطرة في الأنف والأذن والعين في نهار رمضان

- ‌شرب الدخان حرام ومن المفطرات

- ‌بلع البلغم هل يفطر الصائم

- ‌ابتلاع النخامة هل يفطر الصائم

- ‌حكم من ترك القضاء حتى رمضان الذي بعده

- ‌القضاء لمن لم يصم رمضان سنوات عديدة

- ‌قضاء رمضان لمن أفطر بغير عذر جهلاً بوجوب الصيام

- ‌قضاء الصوم على الترتيب ولو لسبع سنوات

- ‌من برئت ذمته بالإطعام لم يجب عليه الصيام

- ‌إذا تعدد الجماع في اليوم أو في الشهر هل تتعدد الكفارة

- ‌جامع زوجته وهو لم يعلم أن ذلك اليوم من رمضان

- ‌باشر زوجته معتقدًا بقاء الليل ثم تبين له طلوع الفجر

- ‌جامع زوجته وهو جاهل هل تلزمه الكفارة

- ‌إذا لم يجد الإطعام هل تسقط عنه الكفارة

- ‌هل تسقط كفارة الوطء عن هذا الرجل

- ‌أفطر رمضان متعمدًا ثم جامع هل يلزمه القضاء والكفارة

- ‌جامع زوجته بعد أن أفطر بالأكل هل عليه الكفارة

- ‌قدم مسافرًا وهو مفطر ووجد امرأته تغتسل من الحيض هل يجوز أن يجامعها

- ‌حكم من مات وعليه صيام واجب

- ‌من مات وعليه قضاء من شهر رمضان

- ‌مات وعليه كفارة

- ‌إذا مات الشخص وعليه صيام من رمضان

- ‌يشرع ذلك أن تصوم عن والدك من الأيام مما يغلب على ظنك أنه أفطرها

- ‌حكم من مات وعليه خمسة أيام وله خمسة أبناء

- ‌صم عن نفسك أولاً ثم صم عن قريبك

- ‌الأوْلى أن تتولى أمها القضاء عنها

- ‌من الأحق بالقضاء عن المرأة زوجها أو أولادها

- ‌مات على نية قضاء الصوم ولم يقض

- ‌لا شيء على من لم يفرط في قضاء ما عليه

- ‌أصيبَتْ باختلال عقلي فلم تصلي ولم تصم ثم ماتت هل يصام عنها

- ‌هل القضاء عن الميت خاص بصوم النذر فقط

- ‌موجبات القضاء والكفارة

- ‌لا يجزيء دفع نقود عن الإطعام

- ‌إطعام المساكين هل يكفي في مكان واحد

- ‌الإطعام هل يجوز لغير السلمين

- ‌حكم قراءة آيات الصيام أول ليلة من رمضان في العشاء

- ‌حكم السهر في ليالى رمضان لتلاوة القرآن بأجرة

- ‌هل الإفطار الجماعي من محدثات الأمور

- ‌الاعتكاف هل له أقسام

- ‌هل تكفي النية إذا شرط في اعتكافه شيئًا لابد منه ولم ينطق به

- ‌بعض أحكام الاعتكاف

- ‌متى يبدأ دخول المعتكف المسجد في العشر الأواخر ومتى ينتهي

- ‌متى يخرج المعتكف من اعتكافه

- ‌حكم الاعتكاف في الغرف التي داخل المسجد

- ‌يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر

- ‌هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌الاتصال بالتليفون للمعتكف هل يجوز

- ‌رفض والده ولم يسمح له بالاعتكاف

- ‌هل للمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب

- ‌جواز تنقل المعتكف في جميع أنحاء المسجد

- ‌ما يستحب وما يكره للاعتكاف

- ‌هل يَلْزَم من نذر أن يعتكف الوفاء به

- ‌نذر أن يعتكف في مسجد معين هل يجوز له أن يعتكف في غيره

- ‌صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها

- ‌نذر أن يصوم الاثنين والخميس ثم بدا له أن يصوم يومًا ويفطر يومًا

- ‌نذرت أن تصوم سنة -لوجه الله- لشفاء زوجها

- ‌حكمة إباحة الصوم في أيام التشريق للمتمتع والقارن مع عدم الهدي

- ‌حكم الإستكثار من صيام شعبان وحكم صوم النصف الأخير منه

- ‌التهنئة بقدوم رمضان

- ‌الموت في رمضان

- ‌هل يضاعف الصوم في الحرم

- ‌الكافر لا يجاهر بالفطر في رمضان

- ‌التدرج في الصوم

- ‌هل يَكْفُر تارك الصوم

- ‌صيام بعض الأيام بلياليها هل يجزيء عن صيام الشهر

- ‌حكم من أفطر في رمضان

- ‌أيهما أفضل ليلة القدر أم ليلة الإسراء

- ‌هل يجوز إهداء ثواب الصيام للميت

- ‌هل أصوم وأصلي عن والدي المتُوفَّى

- ‌حكم الاعتكاف للرجل والمرأة

- ‌هل يجوز الاعتكاف بلا صوم

- ‌ليس له أن يخص يومًا بعينه يعتاد الاعتكاف فيه

- ‌هذا الحديث لا يصح في فضل الاعتكاف

- ‌إخراج زكاة الفطر عن الأخت

- ‌هل تلزم صدقة الفطر الرجل عن أهل بيته

- ‌هل يلزم إخراج الفطرة عن الولد الغائب

- ‌هل يلزم إخراج الفطرة عن الولد الغائب

- ‌هل الأنواع التي تخرج في صدقة الفطر محددة

- ‌الأطعمة التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها

- ‌هل يجوز إخراج زكاة الفطر لحمًا

- ‌حكم من يُجْبَر على إخراج زكاة الفطر دراهم

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر أثناء الخطبة بعد صلاة العيد

- ‌هل تسقط زكاة الفطر عمن لم يخرجها قبل العيد

- ‌نسي إخراج زكاة الفطر قبل العيد

- ‌حكم وضعها عند الجار حتى يأتي الفقير وتأخرت عن يوم العيد

- ‌لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر للمجاهدين

- ‌زكاة الفطر توزع بين فقراء البلد

- ‌هل أخرج زكاة الفطر في بلدي أم في مكان العمل الذي أقيم فيه

- ‌هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد لآخر

- ‌زكاة الفطر تتبع الإنسان أينما كان

- ‌تزيين المساجد بالأنوار في أيام الفطر

- ‌من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌من فتاوى الشيخ ابن باز

- ‌الصوم والإفطار يتبعان بلد الإقامة

- ‌من فتاوى اللجنة

- ‌حكم صوم يوم عاشوراء

- ‌استنشاق الدواء هل يفطر

- ‌صيام رمضان 28 يومًا

- ‌هل نصوم 31 يومًا

- ‌قطرة العين هل تفطر

- ‌من أكل وقت الأذان

- ‌توضيح من سماحة الشيخ الفاضل عبد العزيز بن باز علم الحساب لا يعتمد عليه في إثبات الصوم والفطر والأحكام الشرعية بإجماع سلف الأمة

- ‌من فتاوى الشيخ ابن عثيمين حفظه الله

- ‌صيام القضاء والنافلة بنية واحدة

- ‌أقسام الناس في الصيام

- ‌السفر المبيح للفطر

- ‌سائق الشاحنات كيف يصوم ومتى

- ‌فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليه الصوم

- ‌الإفطار من أجل الامتحانات هل يجوز

- ‌استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم لا يفطر

- ‌سريان البنج في الجسم هل يفطر

- ‌معجون الأسنان هل يكره للصائم

- ‌دواء الغرغرة هل يبطل الصوم

- ‌الحقنة الشرجية للصائم هل تفطر

- ‌الحقن والإبر المغذية هل تفطر الصائم

- ‌حقنة العروق وحقنة العضل هل تفطر

- ‌اعتكف وترك الوظيفة

- ‌من فتاوى الشيخ محمد مخلوف مفتي مصر سابقًا

- ‌ خبر الطبيب غير المسلم

- ‌ صيام رمضان في شمال أوربا

- ‌الباب الثاني والعشرونالصوم ورمضان في واحة الشعر

- ‌شهر الرضا والنور

- ‌هلال الرحمة

الفصل: ‌الباب الثاني والعشرونالصوم ورمضان في واحة الشعر

‌الباب الثاني والعشرون

الصوم ورمضان في واحة الشعر

زاد بزاد وياشتان بينهما

من ذاق طعم شراب القوم يشريه

ص: 329

يقول مصطفى الصادق الرافعي - أديب الإسلام:

فديتك زائرًا في كل عام

تحيا بالسلامة والسلام

وتقبل كالغمام يفيض حينا

ويبقى بعده أثر الغمام

وكم في الناس من كلف مشوق

إليك وكم شجيّ مستهام

رمزت له بألحاظ الليالي

وقد عيّ الزمان عن الكلام

فَظل يَعَدّ يَوَمًا بْعد يَوَمًا

كما اعتادوا لأيام السقام

ومد له رواق الليل ظلا

ترف عليه أجنحة الظلام

فبات وملء عينيه منام

لتنفض عنهما كسل المنام

ولم أر قبل حبك من حبيب

كفى العشاق لوعات الغرام

فلو تدري العوالم ما درينا

لحنت للصلاة وللصيام

بني الإسلام هذا خير ضيف

إذ غشي الكريم ذرا الكرام (1)

يلمكم على خير السجايا

ويجمعكم على الهمم العظام

فشدوا فيه أيديكم بعزم

كما شد الكمى على الحسام

وقوموا في لياليه الغوالي

فما عاجت عليكم للمقام

وكم نفر تغرهم الليالي

وما خلقوا ولا هي للدوام

وخلوا عادة السفهاء عنكم

فتلك عوائد القوم اللئام

يحلون الحرام إذا أرادوا

وقد بان الحلال من الحرام

وما كل الأنام ذوي عقول

إذا عدوا البهائم في الأنام

ومن روّته مرضعة المعاصي

فقد جاءته أيام الفطام (2)

(1) الذرا: بفتح الذال: المنزل والستر.

(2)

ديوان مصطفى صادق الرافعي (31) .

ص: 331

رمضان (*)(* *)

الخيرُ باد فيك والإحسانُ

والذّكرُ والقرآن يا رمضانُ

والصوم فيك عبادةٌ ورياضة

تسموا بها الأرواحُ والأبدانُ

والشرُّ فيك مكبّلٌ ومغلل

والبرُّ فيكَ مجلل هتانُ

واللَّيل فيك نسائمٌ هفهافة

رَقصت لطيب عبيرها الرهبانُ

والفجرُ فيك عبادةٌ وتلاوةٌ

والصبُّح فيك سعاية وأمانٌ

والرُّوح فيكَ طليقة رفرافة

أحلامُها الغفرانُ والرِّضوانُ

والجسمُ فيك حبيسةٌ أطماعه

لا يستريحُ إذا سما الوجدانُ

والناس فيك تآلفٌ قد ضمَّهم

وأظَّلهم ظلُّ الهُدى الفينانُ

فكأنَّهم جسمٌ يئنُّ إذا اشتكَى

عضوٌ به وكأنَّه بنيانُ

بالصبر جئت وبالهُدى وكلاهُما

زادُ الشهيد إذا خلا الميدانُ

ذكراكَ هذِي والزَّمان زمانٌ

والمسلمون تآذر إخوانُ

والحاكمونَ منفَّذون شريعة

وضع الإله يحثهم إذعانُ

والعابدون الراكعون تسابقوا

يحدو بهم نحو الصلاة أذان

لم يبق فيك اليوم غيرُ مظاهر

وموائد بالمشتهى تزدانُ

ومآذنٌ تهفوا البطون لصوتها

وتصايح تجري به الصبيانُ

وتكاسلٌ طول النهار وسهرةٌ

رقص بها غمزت به الألحانُ

أيريد أهل الشرك هجرة شرعنا

لتُمجِّد الأصنامُ والأوثانُ

(*)"الاعتصام" العدد الثالث السنة السادسة والعشرون رمضان (1383 يناير 1964م) .

(* *) للشاعر محمود عواد - دار الوفاء للطباعة والنشر.

ص: 332

لا غير شرع الله يجمعُ شملنا

مهما أشار بحقِّه المجَّانُ

ما وحد الأوطان غير محمدٍ

ما ضمَّهما عدنانُ أو قطحانُ

جمع الشَّتيت فكان أكرم أمةٍ

فخرت بمجد رقِّيها الأزمانُ

أنسيت دنيا العزِّ يوم تجمَّعت

فيك الرَّجالُ وكلُّهم ألوانُ

فصهيبٌ ابن الروم جنب محمد

والفارسُّ المهتدي سلمانُ

وبلالُ فوق البيت يهتف للورى

في الحقِّ لا أسياد أو عبدانُ

يومًا غَزانا الكُفر تحت صليبه

أجنادُه الأسبانُ والطليانُ

فالدِّين جمَّعها لأكبر نجدة

لا الحربُ جمعها ولا الطُّغيانُ

إن تسأل الآثارَ فهي مجيبةٌ

أو تسأل الأخبارَ فهي لسانُ

مناجاة (*)

قِفي ها هُنا في رحابِ الهُدَى

ولله يا نفسُ فاسْتَسْلِمي

أطَل عَلى النّاسِ شَهْرُ الصَّيام

فبُشْراكِ بالوافِدِ المُكْرم

هَلُمّي هَلُمّي بهِ نَحْتَفي

ونُعْلِنُ عَنْ فرحَةِ المَقْدَم

أعيذُكِ مِنْ نَزَغاتِ الهوَى

وفي مَوْسِم الخِصْبِ أنْ تُحرَمي

على عَتَباتِ الرّضا والسّلام

أَطيلي الوُقوفَ ولا تَسْأَمي

فإنْ جادَ بالعَفْوِ رَبُّ السمَّاءِ

فحسْبُكِ ذلكَ مِنْ مَغْنَم

وحسبُكِ أَنّا عَفَرْنا الجَبينَ

لدَيهِ وفي حِصْنِهِ نَحْتَمِي

***

(*) من ديوان "نداء الحق" للشاعر أحمد محمد الصديق.

ص: 333

أيا نفسُ إنا نشُقُّ الطريقَ

على شَوْكِ مِحْنَتِنا المُوْلِم

نُريدُ لأمتنا أنْ تَسيرَ

على المَنْهَج الواضحِ القيِّم

نُريدُ الحَياةَ التي تَرْتَقِي

وتَسمو بها همةُ المُسْلِم

فنَجْهَرُ بالأمرِ بينَ الأنام

ونصدعُ بالحق مِلءَ الفَم

ونَخْلَعُ قَيْدَ الهَوانِ الثّقِيلِ

ونَنْهَضُ مِنْ كَهفِنا المُظلِم

ونَكتُبُ بالنُورِ "فتحا" جديدا

و"بَدْرا" نُسَطرها بالدم

وتِلكَ الأمانيُّ مَرْهُونة

بأقدارها في الغَدِ المُلهَم

***

صِيامُكِ يا نفسُ فيهِ الخَلاصُ

مِنَ الضعْفِ والعَجْزِ والمأثَم

ومِعْراجُكَ الفَذ تَقْوى الإِله

فَرَكْضا إلى الله لا تُحْجِمي

في رحاب رمضان

نَبّهْتَ فينا أنفُسا وَعُقُولا

وحَلَلْتَ للخَيْرِ العَميم رَسولاً

رَمَضانُ يا رَوْضَ القُلوبِ تَحِيّةً

خَطَرَتْ تَجُر إلى حماكَ ذُيُولا

قدْ جِئْتَ مَرْجُوا لأكرم نَفْحَةٍ

تَذَرُ الفُؤادَ بسِحْرِها مَتْبولا

رَمَضانُ حسبُكَ ما شَرُفْتَ بِهِ فقَدْ

فُضلت مِنْ رَبِّ السَّماء تفْضيلا

غَصَّتْ رِحابُكَ بالتُّقاة وَهَوَّمَتْ

فيكَ المَلائِكُ صعدا ونُزُولا

وتتبابَعَتْ رَحَماتُ ربكَ شُرعًا

كالغَيْثِ فاضَ مُبارَكا مَقْبُولا

أَيامُكَ الغَرّاءُ طاهِرَةُ الرُّؤى

مِثلُ الحَمائِم تَسْتَحِتمُّ أَصِيلاً

وَجْهُ الحَياةِ على ضِفافِكَ مُشرقٌ

وأريجُكَ الذّاكي يَهُب عَليلا

ص: 334

تَسْمو بهِ الأرْواحُ فَهْيَ طَلِيقَة

رَغِبَتْ إلى كَنَفِ الخُلودِ رَحِيلاً

حَنَّتْ لمغْناها القَديم فلمْ تجدْ

إلا سَبيلَكَ للخُلودِ سَبيلا

نِبْراسُكَ الوَضاءُ يُعْلِنُ للورَى

شَرع السمَاءِ مُنَزَّلا تَنْزِيلا

آياتُهُ الزّهْراءُ فيدكَ تَلألأتْ

وَحْيًا يُقيمُ إلى الفلاح دليلا

سادَتْ بِهِ حينَ استَقامَتْ أمةٌ

واعْتَزَّ مَنْ في النيرِ كانَ ذَليلاً

قدْ كانَ مَدْرَسَةٌ تُعد أئمّةً

نَشأوا على النَّهْجِ القَويم عُدولا

وكأنهمْ في اللهِ قلب واحِدٌ

يَحْيا بنِعْمَةِ ربِّهِ مَوْصولا

***

رَمَضانُ هلْ لي وَقْفة أستَرْوِحُ الذ

كْرَى وَأشُفُ طَلها العْسُولا

إنا لنَسْبَحُ في الهَجيرِ فَهَبْ لنَا

مِنْ ماءِ كَوْثَرِكَ العَزيزِ قَليلاً

إنّا لَفِي زَمَن مَسيخٍ وجهُهُ

قَدْ مَرغوهُ سُبَّةً وَوحُولا

الصّالحونَ أولُو النهي في أهْلِهِ

غُرَباءُ سيمُوا الخَسفَ والتنّكيلا

أَتَخالُ عَصْرَ الجاهِلِيةِ قدْ مَضى؟!

لا لَمْ يَزَلْ عهدُ الظلام طَولا!

كمْ مِنْ أبي جَهْلٍ تَراهُ مكابِرًا

وتَراهُ يُوقِعَ في المفاسِدِ جِيلاً!

أدْهى عُصورِ الجاهِليةِ عَصْرُنا

فاعْجَبْ لهُ بالعِلم صارَ جَهُولا!

العِلمُ بينَ يَدَيْهِ سَطوَةُ غاشِمٍ

جَحَدَ الإِلهَ.. وَأَخْطأ التّأويلا

وغَدا سِلاحُ العِلم فوقَ رِقابِنا

شبَحًا يُخِيفُ مَصِيرَنا المجْهُولا

لَيْل ونْ طالَتْ غَياهِبُ ظُلمِهِ

فلَسَوفَ يَتْلوهُ الصباحُ جَميلا

***

ص: 335

رَمَضانُ!.. هلْ لي وَقْفَة أَسْتَرْجِعُ الـ

ـماضِي

وأرْتَعُ في حِماهُ جَذُولا؟

يَستَعْذِبُ الأملُ المعَذَّبُ رِحلَةً

تَخِذَتْ مِنَ المجْدِ التليدِ مَقيلا

أَبطالَ "بَدْرٍ" يا جِباهًا شُرِّعَتْ

للشمسِ تَحْكي وجْهَهَا المصْقُولا

كنتُمْ على تاجِ الزَّمانِ لآلئًا

لعَتْ

وكنْتُمْ فَجْرَهُ المأمُولا

حَطَّمْتُمُ الشِّرْكَ المُصَعِّرَ خَدَّهُ

فَارْتَدَّ مَشْلولَ الخُطى مَخْذولا

غَنَّيْتُ يومَ "الفَتْح" مُصْحَفَ مَجدِكُمْ

طَرِبًا

أُرَتِّلُ آيَهُ تَرْتِيلا

ولمَحْتُ مَكَّةَ في الخَيالِ وقدْ عَنَتْ

لِلحَقِّ

زائِغَةَْ العُيونِ ذُهولا

وطَلائعُ الجُنْدِ البَواسِلِ أَتْرَعَتْ

طُرقاتِها بَحْرا يَفِيضُ سُيُولا

وأَكادَ أَنْظُرُ للنَّبِي مُطأطئًا

متواضعًا

جَمَّ الوَقِارِ.. جَليلا

وَيَصيحُ "جاءَ الحقُّ" وهوَ يُبيدُآ

لِهَةَ الضلالِ

ويمْحَقُ التّضْليلاً

أَينَ الطغاةُ الآثِمونَ؟ لقد عَفا

عنهمْ

فَكانُوا للرّسُولِ قَبِيلاً

أَتَرى لَهُمْ سَنَدًا مِنَ الصنَم الذي

يَهّوي كَثِيبًا في الرُّغَام مَهِيلا؟!

لا يَسْتَوِي رَب السَّماءِ وربُّهم

لكن عِبْءَ الحَقَّ كانَ ثقِيلا

***

يا إِخْوةَ الإسْلام.. إِنَّ سبيلَنا

للنّصْرِ يَسْتَدْعي الفَتَى المسْئولا

يُعْلي على الحَقِّ المُبينِ لِواءَنا

حُرِّا.. ويَطْرُدُ غاصِبًا ودَخِيلا

هِيَ ذي أفاعي الغَدْرِ تَنْفُثُ سُمَّها

أَفَلا نُحطمُ نابَها المهزُولا؟!

لوْ سادَ حُكُم اللهِ فينا لمْ تَهُنْ

في القُدْسِ قبْلَةُ مُصْطَفانا الأولى

كَلا

ولا كانَ الجِهادُ تَظاهُرا

وَالدِّ-ينُ في أَو-طانِنا مَغْلولا

***

ص: 336

رَمَضانُ هذي مِنْ فُيوضِكَ رَشْفَةٌ

بَلَّتْ لأحْشاءِ الشَّجِيِّ غَليلا

جِئْنا لنَنْعَمَ في لِقاكَ.. ونحتَفي

بكَ فِتْيةً عَرَفُوا الهُدَى وكُهولا

ولَكَ الجَوانِحُ رائحًا أَو غادِيًا

مَثْويً تَحِل به رِضًا وقَبُولا

تأملات في رمضان (*)

أَطِليّ عَلَيْنا مِنْ سَمائِكِ كالبَدْرِ

فلَيْلُ السُّرَى مِنْ حَوْلِنا تائِهُ الفَجْرِ

أَطِليّ

فَفِي طَياتِكِ النورُ والهُدى

هُوَ البَلسَمُ الشّافي لأدْوائِنا الكُثْرِ

ويا ذِكْرَياتِ المجْدِ سِفْرُك حافِلٌ

تُطَالِعُنا آياتُهُ مِنْ حِمى "بَدْرِ"

وتَنْفَحُنا مِنْ رَوْعةِ "الفَتْحِ" نفْحَةٌ

تَموجُ لها الأحْلَامُ ضاحِكَةَ الثغْرِ

رَأَيْنا فُلولَ الشِّرْكِ كيفَ تَحطمَتْ

على صخْرَةِ الإيمانِ في وَقْعَةِ الدّهْرِ

وكيفَ تَحَدّى الفَجْرُ جَيشَ ظَلامِهمْ

وخَطَّ سَبيلَ المؤمِنينَ إلى النّصْرِ

وأَعْلَنَ أَنَّ الحَق لابُدَّ ظافِرٌ

ولوْ بعْدَ حِينٍ فانَتظِرْ ساعَةَ الصفْر

رَسُولُ الهُدى قدْ كانَ للناسِ رَحْمَةً

تَشِعُّ بأنْوارِ الهِدايةِ والبِرّ

أَقامَ بعَيْنِ الله دَوْلتَهُ الّتي

هِيَ العَدْلُ في أَعْلى مَراتِبهِ الغُرِّ

وَكنّآ بِه خيرَ الأنام.. فما لَنا

نُخالِفُهُ نَحْوَ الضلالَةِ والخُسْرِ؟!

بَواتِرُنا كانَتْ إذا التمعت ضحى

يَبِيتُ لَها كسْرى وقَيْصَرُ في ذُعْرِ

حضارتنا كانت هي العلم والتقى

ولكنَّ هذا العَصْرَ يَفْخَرُ بالعُهْرِ

تَدورُ بِنا الأيامُ.. والكُلُّ غافلٌ

وها نحنُ في التيّهِ البَعيدِ.. ولا نَدْري

(*) أحمد محمد الصديق من ديوان "نداء الحق".

ص: 337

ولولا انْتِفاضُ الروح يَدْفَعُ رَكبَنا

ويَبْعَثُ ما في مَعْدِنِ التُرْبِ مِنْ تِبْرِ

ولولا كِتابُ الله يَنْسابُ نورُهُ

حياة.. لباتَ الكونُ أَشْبَهَ بالقَبْرِ

وأمْسَتْ بُيُوتُ الظّاعِنينَ مَلاعِبًا

لِريح البِلى والقَصْرُ يَنْعَى على القَصْرِ

فيا إِخْوةَ الإسلام عُودُوا لِربكُمْ

لَقَدْ ضَل مِنا الرّكبُ في المَهْمَهِ القَفْرِ

وَقَدْ رانَ لَيْلُ الجاهليةِ ضارِبًا

سُرادِقَهُ.. لا يَستَقيمُ على أَمْرِ

رَحيمُ بِنا رَبّ السماءِ

وإنهُ

لَيُمْهلُ.. والإنْسانُ يُمْعِنُ في الكُفْرِ

أَلا أيها الإنسانُ إنكَ كادِحٌ

ولابُدَّ أنْ تَلقي غَدًا حاصِلَ العُمْرِ

فَإِمّا نَعيما كنتَ تَرْجوهُ مُوقِنا

وإما جَحيمًا -كنتَ تَغْدُوهُ -بالشَّر

***

دَعَا رَمضانُ الخَيْرِ كل مُرابِطٍ

لَدَيْه.. فَلَبى المؤمنونَ على الإثْرِ

وطافَتْ بهم ريحُ الجِنانِ عَليلةً

تَهُب مِنَ الرحَمنِ.. ذائِعَةَ النشْرِ

تَنَفسَ فيها الخُلدُ حينَ تفتحَتْ

أزاهيرُهُ البَيْضاءُ في "ليلةِ القَدْرِ"

فَطُوبى لِمَنْ يَحْظى بِشَمَ عَبيرِها

فَيَسْجُدُ مَغْشيًا عَلَيْهِ مِنَ البِشْرِ

ويَضرعُ في حُب ويَبكي من الجَوَى

ويَكْتُمُ أشواقًا تَأجحُ كالجَمْر

ويُصْغِي إلى صَوْتِ السماءِ كأنَهُ

صَدى خَفَقاتِ القَلبِ يَنْبِض في الصَدرِ

صيامُكَ مِفْتاح لِكُل فَضيلَة

يُزودُكَ التقوى. ويُغْريكَ بالطُّهْرِ

فقلْ مُخلِصًا: آمَنْتُ باللهِ واستَقِمْ

وأحْسِنْ لَهُ الأعْمَالَ في السِّر والجَهْرِ

هنا مَصْنَعُ الأبطالِ.. يَصْنَعُ أمَّةً

وينفُخُ فيها قوةَ الرّوح والفِكْرِ..

ويَخلَعُ عنها كل قَيْد يَعوقُها

ويُعْلي منارَ الحَق.. والصدْقِ والصبْرِ

تَصومُ إذا صامَتْ عَنِ الفُحْشِ والخَنا

وتُفطِرُ في مَنْأي عَنِ الرِّجْسِ والجَوْرِ

ص: 338

لَها العِيدُ بُشْرى في الحَياةِ.. ومثلُهُ

وأفضَلُ منْهُ يَوْمَ تُبْعَثُ في الحَشْرِ

ربيع الروح (*)

"رمضانُ""أقبلَ قُمْ بنا يا صاح"

هذا أوانُ تَبَتُّلِ وصَلاح!

الكونُ معطارٌ بطيبِ قُدُومِهِ!

روْحٌ وريحانٌ ونفحُ أَقَاحِي!

"صفْوٌ أتيحَ فخذْ لنفسكَ قِسْطَهَا

فالصفوُ ليْسَ على المَدَىَ بمتَاح"!

واغنم ثواب صيامِه وقيامِه

تسعدْ بخيرٍ دائِمٍ وفَلاح!

***

كم مؤمنٍ لم تُلهِهِ الدُّنْيَا فَلَمْ

يستبدل الأتْراحَ بالأفْراح (1) !

قَوّام ليلٍ نائمٌ عنه الكَرَى

الصَوَّامُ واع صَاحِ!

وحلفِ شيطان غوىَ لم يزلْ

عبدا لبنتِ الكرِمْ والأقْدَاح!

في لَيْلَة زُمرُ المعاصي تنْتشِي

ونهاره في غفلة ومزاح!

"رمَضانُ" لا يَثْنِيه عنْ آثَامِه!

واهي العقيدة في إهَابِ وَقاح (2) !

***

الصَّومُ يُعْلِي مَنْ وَضيع غرائز

وطبائع سُودِ الوجُوهِ قِبَاح

تلك الغرائز كمْ لها مِنْ صوْلة

مسْعُورَةِ الأنيَابِ ذاتِ نُبَاح!

(*) ديوان شعر السيد الصديق حافظ.

(1)

الباء تدخل على المتروك في هذا التعبير قال تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) .

(2)

واهي: ضعيف. إهاب: جلد.

ص: 339

والنَفْسُ إنْ سَقَّتْ وهِيض جَنَاحُها (1)

فالصَّوْمُ معْراج بِغيرِ جَنَاح!

الصّوْمُ يمنحنا مشاعرَ رَحْمَة

وتعاونٍ، وتعفُّف، وسَمَاح!

"رمضانُ" فيه ليلةٌ خير لَنَا

مِنْ ألفِ شهْرِ في الزَّمَانِ صِباحِ!

فيها تَنَزَّلُ بالسَّلام مَلائِك (2)

والرَوحُ حتى مطلع الإصْباح!

قد أنزِل القرآن فيها جامعًا

لمراشِدِ التهذيب والإصْلاحِ!

ومصدِّقًا للرُّسْلِ فيما بَلّغُوا

عن مُنْزِلِ الأسْفَارِ والألوَاح!

هذا كتاب الله زادُ مُسَافر

وبرودُ ماءٍ في الهَجِير قَرَاح (3) !

أقبلْ عليه فإن من نفحاته

تقوى القلوبِ، وبهجةَ الأرواح!

يا ليلةَ القدْر امنَحِي أيامَنا

فضلَ الكريم المنعْم الفَتَّاحِ!

رباه إنّي فِي ضَلَالٍ حائر

عان أنوءُ بحِمْلِي الفَدَّاح!

هَذِ خُطايَ على الطريق ضريرة

يكْبُو غُدُوِّي باكِيًا ورَوَاحِي!

ثارتْ بِيَ الشهوَاتُ فاصرفْ شَرَّهَا

عنِّي وكَفْكِفْ ثَوْرَتِي وجِمَاحي!

يا نُور هذا الكونِ هَبْ لبَصِيَرتِي

قبسا من المِشْكَاةِ والمِصْبَاحِ!

إني لِمَا أنْزَلتَ مِنْ خير فَقير

فاغْنِنِي واملأ بعفْوِكَ سَاحي!

وامُدد يَديْك أبي إني هَالِك

وامنُنْ عَلَيَّ بتوبْة وَصَلاح!

واجعَلْ صِيَامَيَ راحةً لمتَاعِبِي

واجعل قِيَامِي بَلسَما لجِرَاحِي (4) !

(1) سقت: دنت من الخطايا، المعنى: إن تدنت النفس في الخطيئة فإن الصوم يعرج بها، وينأى بها عن الرذائل.

(2)

تنزل: أي نتنزل حذفت تاء تخفيفًا قال تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها) .

(3)

إن كتاب الله زاد المؤمن في رحلة الحياة، والماء البارد الذي يدفع عنه لهب هجيرها اللافح.

(4)

مجلة الأزهر الجزء التاسع، السنة الخامسة والستون.

ص: 340

ذلك هو الصوم (*)

يا عظيم البَطنِ.. حاذِرْ

قد أتى.. شهر الصيام

فُقْتَ في الإنفاق حدَّ الطَّوْقِ.. في صُنْع الطعام

حَسْبك الإسرافُ والتبذير

شهرًا.. كل عام

وتقشفْ بعد عيد الفطر، وامْسِكْ بالزمام

يا إلهي!.. ضاع في الشهوات.. مفهومُ التسامِي!

***

كيف تصفو رُوح مَرْءٍ

نفسُهُ للطُّعْم وَلهَى

فيقضِّي يومَ صوم

في شُرُودٍ

يتشهَّى

فكرُه عن ذِكْرِ رب الصَّوْم.. ناءٍ.. يتلهَّى!

والذي مِنْ (فِيِهِ) يُؤذي السمع والإحساس

أدْهَى!

***

ما الصيِّامُ الحقُّ إلاْ

مَرْتَع للرُّوح خِصْب

فيه أثْمار ونهر

ناقعُ الإرْوَاء عذْب

لذة الأرواح فيه

عن طعام الجسم.. تربو

يَطعَمُ الصُّوَّامُ من جُوع

من الزراق

قربُ

كيف يظمى أو يُعاني

الجوع.. مَنْ يرعِاه رب؟

***

(*) ديوان للشاعر/ محمد عبد الرحمن صان الدين.

ص: 341

أيها الراجي ثِمار الصوم

أعْط الصومَ حقَه

من خشوع واصطبار

والتذِاذ بالمشَقَّه

وانطلاق في سبيل العيش.. في رِفَّق ورقه

طارحا عن روحك المغلول.. بالشهوات رِبْقه

إن في هذا لِعَبْد الجسم طول العام عِتْقه

***

في صيام الشهر طبُّ

ليس يدريه طبيبُ

فيه أسرار يعيها

صائم حقًا أريب

فيه غيث من صفاء

ترتوي منه القلوب

فيه للأرواح سَبْحٌ

دونه الكون الرحيب

صائم في دِرعْ تقوى

تنْجَلي عنه الكروب (1)

إرهاف للإحساس (*)

أطلِقِ الأرواح من أصْفَادها

في بهيج من رياض الأتقياءْ (2)

غاديات رائحات كالسنا

سابحات بين آفاق الضياءْ (3)

إنها يا شهر ظمأى فاسقها

مشتهاها من ينابيع الصفاءْ

شهوة الأجساد قد ألقت بها

في قفار، ليس فيها من رَوَاءْ

ما غذاء الجسم في ألوانه

فيه للأرواح شيء من حِبَاءْ (4)

(1) مجلة الأزهر الجزء التاسع - السنة السادسة والستون.

(*) ديوان شعر محمد عبد الرحمن صان الدين.

(2)

أصفادها: قيودها.

(3)

السنا: الضوء.

(4)

حباء: عطاء.

ص: 342

إنما الأرواح تحيا بالذي

في صيام الجسم تُزجيه السماءْ (1)

يا ربيع الروح أقل، واعطها

صولجان الحكم في دنيا الشقاء

كي يعيش الناس من آلائها

في رفاء، وازدهار، وارتقاء (2)

هل درى أهل الحجا أن الذي

شيطن الإنسان في الأرض اشتهاء؟ (3)

زورق الشيطان في وجدانه

طُعْمَة فيها مع الإفراط داء

ما ارتقت إلا بزهد أنفس

في طعام عنه عاشت في غَنَاء

واطمأنت في حياة الروح لا

تبتغي إلا لُقَيمات، وماء

إنما سلطانها من دونه

كل سلطان به الإنسان باءْ (4)

حَسْبُهُ أن أخضع النفس التي

تَسترِقُّ الناس حتي الأقوياء (5)

أي سلطان يكف النفس عن

موبقات غير قيد كالوجاء (6)

إنه الصوم الذي أوحى به

-رحمة بالناس- رب الحكماء

فيه ترويض لطبع جامح

فِيه رَوْح، فيه للمرضى شفاء (7)

فيه للإحساس إرهاف فلا

يأخذ الدنيا بعين الأغبياء

ليت من قد أفطروا فيه وَعَوْا

ما به قد جاء خير الأنبياء!

في كتاب مُنْزَل أو سنَّة

من بيان ليس فيه من خفاء

من تَعَامَى عن هُدَاه عامدًا

فَليسِرْ في غَيه أنى يشاء

(1) تزجيه: ترسله.

(2)

آلائها: نعمها.

(3)

الحجا: العقل.

(4)

باء: رجع.

(5)

تسترق: تستعبد.

(6)

موبقات: مهلكات، والوجاء: قطع مصدر الشهوة.

(7)

روح: راحة وترويح.

ص: 343