الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه المسألة مدة المعالجة وما بعدها بزمن غير طويل للضرورة وهي عدم وجود الطبيب المسلم الثقة، وبخلاف ما بعد المعالجة بزمن طويل، لا سيما مع إحساس الإنسان من نفسه بتمام البرء والنشاط والقوة على الصيام وغلبة ظنه أن الصيام لا يسبب زيادة المرض أو تأخير البرء (1) .
وسئل أيضًا الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين -حفظه الله- (2) :
أيهما أفضل: الصوم أم الفطر في السفر؟
فأجاب: يجوز في السفر الصوم والفطر ولا يعيب من صام على من أفطر ولكن مع المشقة والتعب يفضل الفطر لقوله تعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[البقرة: 185]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته صاموا سنة ثمانٍ حتى قيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، ثم أفطروا ليتقوّوا على قتال عدوهم، فإذا احتاج الصائم إلى خدمة غيره فالفطر أفضل ما دام مسافرا، وعليه يُحْمَل حديث:"ذهب المفطرون اليوم بالأجر".
سفر القصر، وسفر الطاعة والمعصية، والسافر في رمضان هل ينكر عليه
؟
- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
عن المسافر في رمضان، ومن يصوم يُنْكر عليه، ويُنْسب إلى الجهل، ويقال له: الفطر أفضل؟
وما هو مسافة القصر؟
وهل إذا أنشأ السفر من يومه يفطر؟
وهل يفطر السفار من المكارية والتجار والجمال والملاح وراكب البحر؟
وما الفرق بين سفر الطاعة، وسفر المعصية؟
فأجاب: الحمد لله. الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، سواء كان سفر حج، أو
(1)"فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ"(4/183، 184) .
(2)
"فتاوى الصيام لابن جبرين"(ص 77) .
جهاد، أو تجارة أو نحو ذلك من الأسفار التي لا يكرهها الله ورسوله.
وتنازعوا في سفر المعصية كالذي يسافر ليقطع الطريق ونحو ذلك، على قولين مشهورين، كما تنازعوا في قصر الصلاة.
فأما السفر الذي تقصر فيه الصلاة: فإنه يجوز فيه الفطر مع القضاء باتفاق الأئمة، ويجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة، سواء كان قادرًا على الصيام أو عاجزًا، وسواء شق عليه الصوم، أو لم يشق، بحيث لو كان مسافرًا في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر.
ومن قال: إن الفطر لا يجوز إلا لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك من أنكر على المفطر، فإنه يستتاب من ذلك.
ومن قال: إن المفطر عليه إثم، فإنه يستتاب من ذلك، فإن هذه الأحوال خلاف كتاب الله، وخلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلاف إجماع الأمة.
وهكذا السنة للمسافر أنه يصلي الرباعية ركعتين، والقصر أفضل له من التربيع عند الأئمة الأربعة: كمذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي في أصح قوليه.
ولم تتنازع الأمة في جواز الفطر للمسافر؛ بل تنازعوا في جواز الصيام للمسافر: فذهب طائفة من السلف والخلف إلى أن الصائم فى السفر كالمفطر في الحضر، وأنه إذا صام لم يجزه بل عليه أن يقضي، ويروى هذا عن عبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، وغيرهما من السلف، وهو مذهب أهل الظاهر.
وفي "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس من البر الصوم فى السفر" لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز للمسافر أن يصوم، وأن يفطر، كما في الصحيحين عن أنس قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم".
وقد قال الله تعالى: (مَن كَانَ مَرِيضا أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّْة مْن َأيَّام أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسرَ)[البقرة: 185] .
وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه. كما يكره أن تؤتى معصيته".
وفي الصحيح أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني رجل أكثر الصوم أفأصوم في السفر؟
فقال: "إن أفطرت فحسن، وإن صمت فلا بأس".
وفي حديث آخر "خياركم الذين في السفر يقصرون ويفطرون".
وأما مقدار السفر الذي يقصر فيه ويفطر:
- فمذهب مالك والشافعي وأحمد أنه مسيرة يومين قاصدين بِسَير الإبل والأقدام، وهو ستة عشر فرسخا، كما بين مكة وعسفان، ومكة وجدة.
- وقال أبو حنيفة: "مسيرة ثلاثة أيام".
- وقال طائفة من السلف والخلف: بل يقصر ويفطر في أقل من يومين.
وهذا قول قوي، فإنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعرفة، ومزدلفة ومنى، يقصر الصلاة، وخلفه أهل مكة وغيرهم يصلون بصلاته، لم يأمر أحدا منهم بإتمام الصلاة.
وإذا سافر في أثناء يوم، فهل يجوز له الفطر؟
على قولين مشهورين للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
أظهرهما: أنه يجوز ذلك.
كما ثبت في السنن أن من الصحابة من كان يفطر إذا خرج من يومه ويذكر أن ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نوى الصوم في السفر، ثم إنه دعا بماء فأفطر، والناس ينظرون إليه.
وأما اليوم الثاني: فيفطر فيه بلا ريب، وإن كان مقدار سفره يومين في مذهب جمهور الأئمة والأمة.
وأما إذا قدم المسافر في أثناء يوم ففي وجوب الإمساك نزاع مشهور بين العلماء، لكن عليه القضاء سواء أمسك أو لم يمسك.