الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولست أحصى حصى الياقوت فيه ولا
…
درّا أصادفه فى مائه صدفا
بظنّ من وقفت فيه الشجون به
…
أنّ الصّبابة شابت والهوى «1» خرفا
تعسّف «2» الشوق فيه كلّ ذى شجن
…
والشوق ألطفه ما كان معتسفا
فاحلل عرا الهمّ واشربها معتّقة
…
رقّ النسيم مباراة لها وصفا
ومنها نهر الأبلّة
«3»
- الّذى طوله أربع فراسخ، ورءوس نخله على وجه الأرض شوارف وأصولها فى الثّرى رواسخ؛ بجانبيه بساتين إن هبّ النسيم بأغصانها تعانقت وتمايلت، وإن لعب بأفنانها تناظرت وتماثلت؛ كأنّما غرست فى يوم واحد شجراته، وقامت على خطّ الاستواء نخلاته؛ وفيه يقول التّنوخىّ شاعر اليتيمة:
واذا نظرت إلى الأبلّة خلتها
…
من جنّة الفردوس حين تخيّل
كم منزل فى نهرها الى السّرور
…
بأنّه فى غيره لا ينزل
فكأنّما تلك القصور عرائس
…
والزهر وشى فهى فيه ترفل
غنّت قيان الطّير فى أرجائه
…
هزجا يقلّ له الثقيل الأوّل
وتعانقت تلك الغصون فأذكرت
…
يوم الوداع وعيرهم تترحّل
ربع الربيع بها فحاكت كفّه
…
حللا بها عقد الهموم تحلّل
فمدبّج وموشّح ومدّنر
…
ومعمّد ومحبّر ومهلّل «1»
فتخال ذا عينا وذا ثغرا وذا
…
خدّا يعضّض تارة ويقبّل
ومنها غوطة «2» دمشق
- الّتى هى شرك العقول وقيد الخواطر، وعقال النفوس ونزهة النواظر، خلخلت الأنهار أسؤق أشجارها، وجاست المياه خلال ديارها؛ وصافحت أيدى النسيم أكفّ غدرانها، ومثّلت فى باطنها موائس أغصانها؛ يخال سالكها أن الشمس قد نثرت على أثوابه دنانير لا يستطيع أن يقبضها ببنان «3» ، ويتوهّم المتأمّل لثمراتها أنّها أشربة قد وقفت بغير أوان «4» فى كلّ أوان؛ فيالها