الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى لفظ عنه- رضى الله عنه- أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ من الشجر لما بركته كبركة المسلم» وساق الحديث.
وللنّخلة أسماء نطقت بها العرب من حين تبدو صغيرة إلى أن تكبر، وكذلك الرّطب من حين يكون طلعا إلى أن يصير رطبا؛ تقول العرب لصغار النخل:
الجثيث والهراء والودىّ والفسيل والأشاء «1» .
وقال الثّعالبىّ فى (فقه اللّغة) : إذا كانت النخلة صغيرة فهى الفسيلة والوديّة.
فاذا كانت قصيرة تناولها اليد فهى القاعد؛ «وفى «2» (غريب المصنّف) : العضيد، والجمع:
عضدان» . فإذا صار لها جذع [لا «3» ] يتناول منه المتناول فهى جبّارة. فإذا ارتفعت عن ذلك فهى الرّقلة والعيدانة. فاذا زادت فهى باسقة. فاذا تناهت فى الطّول مع انجراد فهى سحوق.
فصل فى نعوتها
اذا كانت النخلة على الماء فهى كارعة ومكرعة. فاذا حملت فى صغرها فهى مهتجنة. فاذا كانت تدرك فى أوّل النخل فهى بكور. فاذا كانت تحمل سنة وسنة
لا تحمل فهى سنهاء. فاذا كان بسرها ينتثر وهو أخضر فهى خضيرة. فاذا دقّت من أسفلها وانجرد كربها فهى صنبور. فاذا مالت فبنى تحتها دكّان تعتمد عليه فهى رجبيّة «1» . فاذا كانت منفردة عن أخواتها فهى عوانة.
ويقال للطّلع «2» : الكافور، والضّحك «3» ، والإغريض. فإذا انعقد سمّته «4» السّياب «5» .
فاذا اخضرّ قبل أن يشتدّ سمّته الجدال. فإذا عظم فهو البسر. فإذا صارت فيه طرائق فهو المخطّم. فاذا تغيّرت البسرة إلى الحمرة فهى شقحة. فاذا ظهرت الحمرة فهو الزّهو «6» ، وقد أزهى. فاذا بدت فيه نقط «7» من الإرطاب نصفها فهى المجزّع «8» . فإذا بلغ ثلثيها فهى حلقانة. فإذا جرى الإرطاب فيها فهى منسبتة.
وللشّعراء فى النّخل أوصاف، فمن ذلك ما أنشده الأصمعىّ «9» :
غدت سلمى تعاتبنى وقالت
…
رأيتك لا تريغ «10» لنا معاشا
فقلت لها: أما يكفيك دهم
…
اذا أمحلت «1» كنّ لنا رياشا «2»
بوارك ما يبالين اللّيالى
…
ضربن «3» لنا وللأيّام جاشا «4»
اذا ما الغاديات ظلمن «5» مدّت
…
بأسباب ننال بها انتعاشا
ترى أمطاءها «6» بالبسر هدلا «7»
…
من الألوان ترتعش ارتعاشا
وعن الشّعبىّ قال: كتب قيصر إلى عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- إنّ «8» رسلى أخبرونى أنّ بأرضك شجرة كالرجل القائم تفلّق عن مثل آذان الحمر، ثمّ يصير مثل اللّؤلؤ، ثم يعود كالزّمرّد الأخضر، ثمّ يصير كالياقوت الأحمر والأصفر
ثمّ يرطب فيكون كأطيب فالوذ «1» اتّخذ، ثمّ يجفّ فيكون عصمة «2» للمقيم، وزادا للمسافر فإن كان رسلى صدقونى فهى الشجرة الّتى نبتت على مريم بنت عمران. فكتب اليه عمر- رضى الله عنه-: إنّ رسلك صدقوك، وهى الشجرة الّتى نبتت على مريم، فاتق الله، ولا تتّخذ عيسى إنّ رسلك صدقوك، وهى الشجرة الّتى نبتت على مريم، فاتق الله، ولا تتخذ عيسى إلها من دون الله.
أخذ عبد الصّمد بن المعدّل هذه التشبيهات، فقال يصف النّخل فى أرجوزة أوّلها:
حدائق ملتفّة الجنان
…
رست بشاطى ترع ريّان
تمتار «3» بالأعجاز للأذقان
…
لا ترهب المحل من الأزمان
إن هى أبدت زينة المردان «4»
…
لا حت بكافور على إهان «5»
يطلع منها كيد الإنسان
…
إذا بدت ملمومة البنان
علّت بورس «6» أو بزعفران
…
حتّى اذا شبّه بالآذان
من حمر الوحش لدى العيان
…
شقّقه علجان ماهران
عن لؤلؤ صيغ على قضبان
…
مصوغة «1» من ذهب خلصان
ثمّ يرى للسّبع والثّمانى
…
قد حال مثل الشّذر «2» فى الجمان
يضحك عن مشتبه الأقران
…
كأنّه فى ناضر الأغصان
زمرّد لاح على تيجان
…
حتّى إذا تمّ له شهران
وانسدلت عثاكل القنوان
…
كأنّها قضب من العقيان
فصّلن بالياقوت والمرجان
…
رأيته مختلف الألوان
من قانىء أحمر أرجوانى
…
وفاقع أصفر كالنّيران
مثل الأكاليل على الغوانى «3»
ونحوه قول أبى هلال العسكرىّ:
ونخيل وقفن فى معطف الرّم
…
ل وقوف الحبشان فى التّيجان
شربت بالأعجاز حتّى تروّت
…
وتراءت بزينة الرّحمن
طلع الطّلع فى الجماجم منها
…
كأكفّ خرجن من أردان
فتراها كأنّها كمت «4» الخي
…
ل توافت مصرّة «5» الآذان
أهو الطّلع أم سلاسل عاج
…
حملت فى سفائن العقيان
ثمّ عادت شبائها تتباهى
…
بأعل شبائه أقران
خرزات من الزّبرجد خضر
…
وهبتها السّلوك للقضبان
ثمّ حال النّجار واختلف الشّكل
…
فلاحت بجوهر ألوان
بين صفر فواقع تتباهى
…
فى شماريخها وحمر قوانى
وقال النّمر بن تولب:
ضربن العرق فى ينبوع عين
…
طلبن معينه حتّى روينا
بنات الدّهر لا يخشين محلا
…
اذا لم تبق سائمة بقينا
كأنّ فروعهنّ بكلّ ريح
…
عذارى بالذوائب ينتضينا «1»
وقال النابغة:
صغار النّوى مكنوزة ليس قشرها
…
اذا طار قشر التّمر عنها بطائر
من الواردات الماء بالقاع تستقى
…
بأعجازها قبل استقاء الحناجر
وقال السّرىّ الرّفّاء:
وكأنّ ظلّ النّخل حول قبابها
…
ظلّ الغمام إذا الهجير توقّدا
من كلّ خضراء الذّوائب زيّنت
…
بثمارها جيدا لها ومقلّدا
خرقت أسافلهنّ أعماق الثّرى
…
حتّى اتّخذن البحر فيه «2» موردا
شجر إذا ما الصّبح أسفر لم ينح
…
للأمن طائره ولكن غرّدا
وقال شهاب الدّين الشّطنوفىّ:
كأنّ النّخيل الباسقات وقد بدت
…
لناظرها حسنا قباب زبرجد
وقد علّقت من حولها [زينة لها]
…
قناديل ياقوت بأمراس عسجد
وأمّا الجمّار وما قيل فيه- فالجمّار، هو رأس النّخل، واذا قطعت الجمّارة لا تعيش النخلة بعدها أبدا.
وقال الشيخ الرئيس: طبعه بارد فى الثانية، يابس فى الأولى؛ وهو قابض؛ وينفع من خشونة الحلق؛ ويقبض الإسهال والنّزف؛ وينفع من لسع الزّنبور ضمادا.
وقال شاعر يصفه:
جمّارة كالماء تبدو لنا
…
ما بين أطمار من اللّيف
جسم رطيب اللّمس لكنّه
…
قد لفّ فى ثوب من الصّوف
وأمّا ما وصف به الطّلع- فمن ذلك قول كشاجم:
أفدى الّذى أهدى إلينا طلعة
…
أهدت إلى قلب المشوق بلابلا
فكأنّما هى زورق من صندل
…
قد أو دعوه من اللّجين سلاسلا
وقال ابن وكيع:
طلع هتكنا عنه أستاره
…
من بعد ما قد كان مستورا
كأنّه لمّا بدا ضاحكا
…
فى العين تشبيها وتقديرا
[درج «1» من الصّندل قد أودعت
…
فيه يد العطّار كافورا]
وقال محمّد بن القاسم العلوىّ:
وطلع هتكنا عنه جيب قميصه
…
فيا حسنه فى لونه حين هتّكا
حكى صدر خود من بنى الرّوم هزّها
…
سماع فشقّت عنه ثوبا ممسّكا
وقال كشاجم «1» :
ولا بس ثوبا من الحرير
…
مضمّخ الظاهر بالعبير
مضمّن الباطن ثوب «2» نور
…
يفترّ عن مكنونة الثّغور
كأنّما فتّ من الكافور
وقال أيضا:
قد أتانا الّذى بعثت إلينا
…
وهو شىء فى وقتنا معدوم
طلعة غضّة أتتنا تحاكى
…
سفطا فيه لؤلؤ منظوم
وقال الرّبيع «3» بن أبى الحقيق اليهودىّ يرثى كعب بن الأشرف:
ذو «4» نخيل فى تلاع جمّة
…
تخرج الطّلع كأمثال الأكف