الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا ما وصفت به الكروم والأعناب نظما ونثرا
- فمن ذلك ما قاله مؤيّد الدّين الطّغرائىّ:
وكرمة أعراقها فى الثّرى
…
بعيدة المنزع والمضرب
كريمة تلتفّ أغصانها الغضّة
…
بالأقرب فالأقرب
تمتاح من قعر الثّرى ريّها
…
أشطانها «1» عفوا «2» ولم تجذب «3»
ألقحها الرّيح وصوب الحيا
…
والشمس فى المشرق والمغرب
فأعقبت حائلها «4» بعد ما
…
عاشت زمانا وهى لم تعقب
ووضعتها «5» نخبا تنتمى
…
الى أب أكرم به من أب
وألحفتها خضر أوراقها
…
مغذوّة بالحلب الأعذب
وأسلمتها الشمس من صبغة
…
التلويح للأغرب «6» فالأغرب
فمهرت فيها «7» وجاءت بما
…
يبهر من مستحسن معجب
وبدّلت خضر عناقيدها
…
بالأدهم اليحموم «1» والأشهب
واستسلفت ماء وجاءت به
…
مدامة كالقبس الملهب
ولم تزل بالرّفق حتّى اكتسى
…
لجينها من صبغها المذهب
فالأشقر المنتوج من نسلها
…
سليل ذاك الأشهب المنجب
ترى الثّريّا من عناقيدها
…
تلوح فى أخضر كالغيهب
ألقابها شتّى وألوانها «2»
…
متّفقات النّجر والمنصب
كم درّة فيها وكم جزعة «3»
…
صحيحة التّدوير لم تثقب
كأنّما الحالك منها لدى
…
أبيضها اللامع كالكوكب
جيلان «4» من زنج وروم غدت
…
فى جنن خضر لها تختبى «5»
كأنّما تحمل حبّاتها
…
أكارع النّغران «6» بالمخلب
أطيب بها حلّا «7» ومحظورة
…
فى كرمها أو كأسها أطيب
وقال آخر «1» :
رحنا إلى حديقة
…
بكلّ حسن محدقه
كأنّما عنقودها
…
زنج جنوا فى سرقه
فأصبحت رءوسهم
…
على الذّرا معلّقه
وقال ابن المعتزّ:
ظلّت عنا قيدها يخرجن من ورق
…
كما احتبى الزّنج فى خضر من الأزر
وقال النّاجم:
معرّش للكروم منتشر
…
أوراقه الخضر دون مرآها
فكلّ كرم هو السماء دجى
…
وكلّ عنقوده «2» ثريّاها
وقال الرّفّاء:
يحملن «3» أوعية المدام كأنّما
…
يحملنها بأكارع النّغران «4»
وقال الصّاحب بن عبّاد:
وحبّة من عنب قطفتها
…
تحسدها العقود فى التّرائب
كأنّها من بعد تمييزى لها
…
لؤلؤة قد ثقبت من جانب
وقال ابن المعتزّ:
وحبّة من عنب
…
من المنى متّخذه
كأنّها لؤلؤة
…
فى بطنها زمرّذه
وقال البادنىّ «1» :
وعناقيد تراها
…
اذ تمايلن مميلا
ركّبت فيها لآل
…
لم تثقّب فتزولا
وقال عبد المحسن الصورىّ يصف عنبا أهدى إليه وهو مغطّى بورقه:
جاءنا منك تحفة أنا «2» منها
…
أبدا فى تضاعف السّرّاء
عنب أسود كأنّ عليه
…
حللا من حنادس الظّلماء
خلته فى خلال أوراقه الخض
…
ر ولون اسوداده والصّفاء
كقموع «3» على أنامل خود
…
لحن من كمّ لاذة «4» خضراء
وقال ابن الرومىّ يصف العنب الرّازقىّ «5» :
كأنّ الرازقىّ وقد تباهى
…
وتاهت بالعناقيد الكروم
قوارير بماء الورد ملآى
…
تشفّ ولؤلؤ فيها يعوم
وتحسبه من العسل المصفّى
…
اذا اختلفت عليك به الطّعوم
فكلّ مجمّع منه ثريّا
…
وكلّ مفرّق منه نجوم
وقال فيه أيضا:
ورازقىّ مخطف «1» الخصور
…
كأنّه مخازن البلّور
قد ضمّنت مسكا إلى الشّطور
…
وفى الأعالى ماء ورد جورى «2»
لم يبق منه وهج الحرور
…
إلّا ضياء فى ظروف نور
له مذاق العسل المشور «3»
…
ورقّة الماء على الصّدور
ونفحة «4» المسك مع الكافور
…
لو أنّه يبقى على الدّهور
قرّط آذان الحسان الحور
…
بلا فريد وبلا شذور
وقال أبو الوليد بن زيدون وقد أهداه:
قد بعثناه ينفع الأعضاء
…
حين يجلو بلطفه السّخناء «5»
جاء يزهى بمستشفّ رقيق
…
خدع العين رقّة وصفاء
تنفذ العين منه فى ظرف نور
…
ملأته أيدى الشّموس ضياء
اكسبته الأيّام برد هواء
…
فهو جسم قد صيغ نارا وماء «6»
منظر يبهج القلوب وطعم
…
يسكر النفس شهده استمراء