المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وللناس فى وصف الرياض محاسن سنذكر منها النزر اليسير - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي عشر

- ‌القسم الأوّل من هذا الفنّ فى أصل النّبات وما تختصّ به أرض دون أرض

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم من هذا الفنّ فى أصل النّبات وترتيبه

- ‌[أما أصل النّبات]

- ‌وأمّا ترتيبه من ابتدائه إلى انتهائه

- ‌فصل فى ترتيب أحوال الزرع

- ‌الباب الثانى من القسم الأوّل من الفنّ الرابع فيما تختصّ به أرض دون أرض وما يستأصل شأفة النّبات الشاغل للأرض عن الزراعة

- ‌أمّا ما تختصّ به أرض دون أرض

- ‌الباب الثّالث من القسم الأوّل من الفنّ الرابع فى الأقوات والخضراوات

- ‌فأمّا الحنطة وما قيل فيها

- ‌وأمّا الشّعير

- ‌وأمّا ما وصف به الشعراء الزّرع وشبّهوه به

- ‌[وأمّا الحمّص

- ‌وأمّا الباقلّى

- ‌وأمّا أفعاله وخواصّه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء وشبّهوه به

- ‌وأما الأرزّ

- ‌وأمّا الخشخاش وما ينتج عنه من عصارته

- ‌وأمّا ما وصف به من الشّعر

- ‌وأمّا الكتّان وما قيل فى بزره وتشبيهه

- ‌وأمّا الشّهدانج

- ‌وأمّا البطّيخ وما قيل فيه

- ‌وهو نوعان

- ‌فالبّرىّ

- ‌وأما البستانىّ

- ‌وأمّا ما جاء فى وصفه وتشبيهه

- ‌وأمّا القثّاء والخيار وما قيل فيهما

- ‌وأمّا ما جاء فى وصفهما وتشبيههما من الشّعر

- ‌وأمّا القرع وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصف به من الشّعر

- ‌وأمّا ما قيل فى السّلق

- ‌وأمّا القنّبيط والكرنب

- ‌وأمّا السّلجم

- ‌وأمّا ما قيل فى الفجل

- ‌وأمّا الجزر وما قيل فيه

- ‌وأمّا الشّقاقل

- ‌وأمّا البصل وما قيل فيه

- ‌وأمّا الثّوم وما قيل فيه

- ‌وأمّا الكرّاث وما قيل فيه

- ‌وأمّا الهندبا وما قيل فيها

- ‌وأمّا النّعنع وما قيل فيه

- ‌وأمّا الجرجير وما قيل فيه

- ‌وأمّا السّذاب وما قيل فيه

- ‌وأمّا الإسفاناخ وما قيل فيه

- ‌وأمّا طبعه وأفعاله

- ‌وأمّا البقلة الحمقاء

- ‌أمّا توليدها

- ‌وأمّا طبعها وفعلها

- ‌وأمّا الحمّاض وما قيل فيه

- ‌فأمّا النّبطىّ

- ‌«وأمّا الرّومىّ

- ‌وأمّا الكرفس وما قيل فيه

- ‌القسم الثانى من الفنّ الرابع فى الأشجار

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم من هذا الفنّ فيما لثمره قشر لا يؤكل

- ‌فأمّا اللّوز وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا الجوز وما قيل فيه

- ‌وأمّا أفعاله وخواصّه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا الجلّوز وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا الفستق وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا شجر الصّنوبر وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصف به الصّنوبر وشبّه به من الشعر

- ‌وأمّا الرّمّان والجلّنار

- ‌وأمّا ما قيل فيهما من الشعر

- ‌وأمّا الموز وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصف به وشبّه من الشّعر

- ‌وأمّا ما وصف به وشبّه النّارنج

- ‌وأمّا ما وصف وشبّه به اللّيمو

- ‌الباب الثانى من القسم الثّانى من الفنّ الرابع فيما لثمره نوى لا يؤكل

- ‌فأمّا النّخل وما قيل فيه

- ‌فصل فى نعوتها

- ‌وأمّا البلح والبسر والتّمر

- ‌وقد وصف الشعراء البلح والبسر فى أشعارهم

- ‌فأمّا النّارجيل

- ‌وأمّا الفوفل

- ‌وأمّا الكاذىّ

- ‌وأمّا الخزم

- ‌وأمّا الزّيتون وما قيل فيه

- ‌وأمّا الخرنوب وما قيل فيه

- ‌وممّا وصف به القراسيا

- ‌وأمّا الزّعرور وما قيل فيه

- ‌وأمّا الخوخ وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصف به من الشّعر

- ‌وأمّا المشمش وما قيل فيه

- ‌وقد وصفه الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا العنّاب وما قيل فيه

- ‌وقد وصفه الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا النّبق وما قيل فيه

- ‌وقد وصفه الشعراء وشبّهوه

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفنّ الرابع فيما ليس لثمره قشر ولا نوى

- ‌فأمّا العنب وما قيل فيه

- ‌وأمّا طبعه

- ‌وأمّا ما وصفت به الكروم والأعناب نظما ونثرا

- ‌وأمّا التّين وما قيل فيه

- ‌وأمّا المختار من التّين وما قيل فى طبعه وخواصّه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء وشبّهوه

- ‌وأمّا التّوت وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشّعراء

- ‌وأمّا التّفّاح وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشّعراء

- ‌وأمّا السّفرجل وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصف به نظما ونثرا

- ‌وأمّا الكمّثرى وما قيل فيها

- ‌وأمّا ما وصفه به الشّعراء

- ‌وأمّا اللّفّاح وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء

- ‌وأمّا الأترجّ وما قيل فيه

- ‌وأمّا أفعاله وخواصّه

- ‌وأمّا ما وصفه به الشعراء

- ‌القسم الثالث من الفنّ الرابع فى الفواكه المشمومة

- ‌الباب الأول من هذا القسم من هذا الفنّ فيما يشمّ رطبا ويستقطر

- ‌فأمّا الورد وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما جاء فى وصف الورد نظما ونثرا

- ‌ومما قيل فى ذم الورد ومدحه

- ‌وممّا وصف به الورد الأبيض

- ‌وممّا وصف به الأصفر

- ‌وممّا وصف به الورد الأزرق

- ‌ومما قيل فى الورد الأسود

- ‌وأما ما جاء فيه نثرا

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأما ما جاء فى باكورة الخلاف

- ‌وأمّا ما جاء فى وصفه

- ‌فأما البنفسج وما قيل فيه

- ‌وأمّا أفعاله وخواصّه

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأمّا النّرجس وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما جاء فى وصفه

- ‌وأمّا الياسمين وما قيل فيه

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأمّا الآس وما قيل فيه

- ‌وأمّا طبعه

- ‌وأمّا أفعاله وخواصّه

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأمّا الزّعفران وما قيل فيه

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأمّا الحبق وما قيل فيه

- ‌وأمّا المرماحوز

- ‌وأمّا المرزنجوش

- ‌وأمّا الفلنجمشك

- ‌وأمّا ما وصفت به الرّياحين

- ‌القسم الرابع من الفنّ الرابع فى الرّياض والأزهار، ويتّصل به الصّموغ والأمنان والعصائر

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم من هذا الفن فى الرياض وما وصفت به نظما ونثرا

- ‌فمنها صغد سمرقند

- ‌ومنها شعب بوّان

- ‌ومنها نهر الأبلّة

- ‌وللناس فى وصف الرياض محاسن سنذكر منها النّزر اليسير

- ‌الباب الثانى من القسم الرابع من الفنّ الرابع فى الأزهار

- ‌فأمّا الخيرىّ

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأما ما جاء فى وصفه

- ‌وأما الخرّم وما قيل فيه

- ‌وأما الشّقيق وما قيل فيه

- ‌وأمّا ما جاء فى وصفه

- ‌وأمّا ما وصف به البهار

- ‌والكافور أصناف:

- ‌وأمّا الكهربا وما قيل فيه

- ‌وأمّا علك الأنباط

- ‌وأمّا علك الرّوم

- ‌وأمّا علك البطم

- ‌وأمّا الكثيراء

- ‌وأمّا الكندر

- ‌وأمّا الفربيون

- ‌وأمّا الصّبر

- ‌وأمّا المرّ

- ‌وأمّا الكمكام

- ‌وأمّا الضّجاج

- ‌وأمّا الأشّق

- ‌وأمّا تراب القىء

- ‌وأمّا القنّة

- ‌وأمّا الحلتيت

- ‌وأمّا الأنزروت

- ‌وأما السّكبينج

- ‌وأما السّادوران

- ‌وأما دم الأخوين

- ‌وأمّا الميعة

- ‌وأمّا صمغ قبعرين

- ‌وأما الصمغ العربىّ

- ‌وأما القطران

- ‌وأمّا الزّفت

- ‌الباب الرابع من القسم الرابع من الفنّ الرابع فى الأمنان

- ‌فأما العسل والشّمع

- ‌وأمّا اللّكّ

- ‌وأمّا القرمز

- ‌وأما اللّاذن

- ‌وأمّا الأفتيمون

- ‌وأمّا القنبيل

- ‌وأمّا الورس

- ‌وأما التّرنجبين

- ‌وأما الشّير خشك

- ‌وأمّا المنّ

- ‌وأما الكشوث

- ‌وأمّا سكّر العشر

- ‌استدراك

الفصل: ‌وللناس فى وصف الرياض محاسن سنذكر منها النزر اليسير

من رياض من لم يطف بزهرها من قبل أن يحلّق «1» فقد قصّر، ومن غياض من لم يشاهدها فى إبّانها فقد فاته من عمره الأكثر.

وهذه الأربعة الأماكن أجمع جوّابوا الأقطار على تفضيلها على ما عداها، وتمييزها على ما سواها.

‌وللناس فى وصف الرياض محاسن سنذكر منها النّزر اليسير

،

ونقتصر على لمعة ليس لنضارتها نظير.

فمن ذلك قول الثّعالبىّ فى (سحر البلاغة وسرّ البراعة) : روضة رقّت حواشيها وتأنّق واشيها؛ أشجارها كالعرائس فى حللها وزخارفها، والقيان فى وشيها ومطارفها؛ باسطة زرابيّها «2» وأنماطها، ناشرة حبرها ورياطها؛ كأنّما احتفلت لوفد، أو هى من.

حبيب على وعد.

ومن كلامه «3» أيضا: روضة قد تضوّعت بالأرج الطّيب أرجاؤها، وتبرّجت فى ظلل الغمام صحراؤها؛ وتنافحت بنوافج «4» المسك أنوارها، وتفاوضت «5» بغرائب المنطق أطيارها؛ بها أشجار كأنّ الخرّد أعارتها قدودها، وكستها برودها، وحلّتها عقودها.

ص: 262

ومن كلام الفتح بن خاقان فى (قلائد العقيان) : حتى استقرّوا «1» بالرّوض فحلّوا منه ذرا أيك ربيع مفوّفة بالأزهار، ومطرّزة بالجداول والأنهار؛ والغصون تختال فى أدواحها، وتنثنى فى أكفّ أرواحها.

ومن كلامه أيضا: روض مفترّ المباسم، معطّر الرياح النّواسم؛ قد صقل الربيع حوذانه «2» ، وأنطق بلبله وورشانه «3» ، وألحف غصونه برودا مخضرّه، وجعل إشراقه للشمس ضرّه، وأزاهيره تنير على الكواكب، وتختال فى خلع الغمائم السّواكب.

ومن كلامه: روضة لم يجل فى مثلها ناظر، ولم تدّع حسنها الخدود النّواضر؛ غصون تثنّيها الرياح، ومياه لها انسياح؛ وحدائق تهدى الأرج والعرف، وتبهج النفس وتمتع الطّرف.

ومن كلامه: روضة قد تأرّجت نفحاتها، وتدبّجت ساحاتها، وتفتّحت كمائمها، وأفصحت حمائمها؛ وتجرّدت جداولها كالبواتر، ورمقت أزهارها بعيون الجآذر «4» .

وقد أكثر الشعراء فى وصف الرّياض والغصون- فمن ذلك قول ابن الرّومىّ:

ص: 263

حيّتك عنّا شمال طاف طائفها

فى جنّة قد حوت روحا وريحانا

هبّت سحيرا فناجى الغصن صاحبه

سرّا بها وتداعى الطير إعلانا

ورق تغنّى على خضر مهدّلة

تسمو بها وتشمّ «1» الأرض أحيانا

تخال طائرها نشوان من طرب

والغصن من هزّه عطفيه نشوانا

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة:

سقيا لها من بطاح أنس

ودوح حسن بها مطلّ

فما ترى غير وجه شمس

أطلّ فيه عذار ظلّ

وقال أيضا من أبيات:

والرّوض محنىّ المعاطف خلته

نشوان تعطفه الصّبا فيميل

ريّان فضّضه النّدى ثم انجلى

عنه فذهّب صفحتيه أصيل

وقال الأخيطل الأهوازىّ [منشدا] :

الروض ينشر رفرفا «2» وحريرا

ومطارفا من سندس وحبيرا

حلّ الربيع نقاب كلّ خميلة

فأراك من صور النبات سفورا

غيد القوام اذا النسيم أمالها

ألقين عند صدورهنّ نحورا

ينحلّ عنهنّ النّدى فتخال ما

ينحلّ عنها لؤلؤا منثورا

كسل النعيم يدبّ فى حركاتها

فيريك فى أعطافهنّ فتورا

وقال أبو عبادة البحترىّ:

هذى الرياض بدا لطرفك نورها

فأرتك أحسن من رباط السّندس

ص: 264

ينشرن وشيا مذهبا ومدبّجا

ومطارفا نسجت لغير الملبس

وأرتك كافورا وتبرا مشرقا

فى قائم مثل الزّمرد أملس

متمايل الأعطاف فى حركاته

كسل النعيم وفترة المتنفّس

متحلّيا من كلّ حسن مونق

متنفّسا بالمسك أىّ تنفّس

وقال التّنوخىّ:

أما ترى الروض قد وافاك مبتسما

ومدّ نحو النّدامى للسّلام يدا

فأخضر ناضر فى أبيض يقق

وأصفر فاقع فى أحمر نضدا

مثل الرّقيب بدا للعاشقين ضحى

فاحمرّ خجلا واصفرّ ذا كمدا

وقال أبو بكر الصّنوبرىّ:

تشبّه الرّوض بالحبائب قد

زاد المحبّين فى محبّتها

كم من قدود هناك من قضب

تميل من لينها ونعمتها

كم وجنة خالها يلوح لنا

سواده فى صفاء حمرتها

وكم ثنايا تسبى بنكهتها

وكم عيون تصبى بلحظتها

تسارق «1» الغمز غمز خائفة

رقيبها من خفاء نظرتها

وقال أبو طاهر [بن]«2» الخبزأرزىّ:

وروضة راضها النّدى فغدا

لها من الزّهر أنجم زهر

تنشر فيها أيدى الرّبيع لنا

ثوبا من الوشى حاكه الفطر

ص: 265

وقال منصور بن الحاكم:

روضة غضّة علاها ضباب

قد تجلّت خلالها الأنوار

فهى تحكى مجامرا مذكيات

قد علاها من البخور بخار

وقال سعيد بن حميد مقسما:

لا وزهر الرياض تجرى عليها

باكيات «1» ضواحك النّوّار

صافحتها الرياح فاعتنق الرو

ض ومالت طواله للقصار

لائذا بعضه ببعض كقوم

فى عتاب مكّرر واعتذار

ما خلفناك بالقبيح ولا الذمّ

على البعد واقتراب المزار

وقال أبو هلال العسكرىّ:

وروضة حالية الصدور

كاسية البطون والظهور

محمودة المخبور والمنظور

مونقة المطوىّ والمنشور

معجبة الظاهر والمستور

ضاحكة كالوافد المحبور

باكية كالعاشق المهجور

شذّرها الغيث بلا شذور

شقائق كناظر المخمور

وأقحوان كثغور الحور

ونرجس كأنجم الدّيجور

والطّلّ منثور على المنثور

يرصّع الياقوت بالبلّور

وقال أيضا:

لبس الماء والهواء صفاء

واكتسى الروض بهجة وبهاء

فكأنّ النّهاء «2» صرن رياضا

وكأنّ الرياض عدن نهاء

ص: 266

وكأنّ الهواء صار رحيقا

وكأنّ الرحيق صار هواء

وتخال السماء بالليل أرضا

وترى الأرض بالنهار سماء

جلّلتها الأنوار زهرا وصفرا

يوم ظلّت تنادم «1» الأنواء

فتراها ما بين نور ونوء

تتكافا تبسّما وبكاء

وتظلّ الأشجار تتّخذ الحسن

قميصا أو الجمال رداء

وترى السّرو كالمنابر تزهى

وترى الطير فوقها خطباء

وقال كشاجم:

أرتك يد الغيث آثارها

وأعلنت الأرض أسرارها

وكانت أكنّت لكانونها

خبيئا فأعطته آذارها

فما تقع العين إلّا على

رياض تصنّف أنوارها

يفتّح فيها نسيم الصّبا

خباها ويهتك أستارها

ويسفح فيها دماء الشّقيق

ندّى ظلّ يفتضّ أبكارها

ويدنى إلى بعضها بعضها

كضمّ الأحبّة زوّارها

كأنّ تفتّحها بالضّحى «2»

عذارى تحلّل أزرارها

تغضّ لنرجسها أعينا

وطورا تحدّق أبصارها

اذا مزنة سكبت ماءها

على بقعة أشعلت نارها

وقال البسّامىّ «3» :

أما ترى الأرض قد أعطتك زهرتها

مخضرّة واكتسى بالنّور عاريها

ص: 267

فالسماء بكاء فى جوانبها

وللربيع ابتسام فى نواحيها

وقال آخر:

قهقه زهر الربيع فاستبشر

واكتست الأرض مطرفا أخضر

ترى ربيعا نوّاره ذهب

ماء لجين حصباؤه جوهر

عطّل صبّاغه الخدود بما

ورّد من صبغها وما عصفر

لابس قمص من العقيق على

غلائل من زبرجد أخضر

وقال المعوّج:

حقاق من النّوّار مزرورة العرا

على قطع الياقوت واللؤلؤ الغضّ

فهنّ على الأغصان أحقاق فضّة

وبالأمس كانت مطبقات على الغمض

وقال ابن الساعاتىّ:

لله ما شقّ من جيب الرياض بها «1»

وحبّذا من ذيول السّحب ما سحبا

يا ضاحك الومض والأنواء باكية

أشبهت لمياء إلّا الظّلم «2» والشّنبا

وقال أيضا:

يا حبّذا زمن الربيع ودوحه

قيد النواظر بل عقال الأنفس

وافاك يبسم والغمام معبّس

فاعجب لطلعة باسم ومعبّس

جليت عرائسه فهمّ قلوبنا

واللهو بين مقوّض ومعرّس «3»

ص: 268

أنفاسه من عنبر وسماؤه

من لؤلؤ وبساطه من سندس

وقال أبو عبادة البحترىّ:

ولا زال مخضرّ من الروض يانع

عليه بمحمرّ من النّور جاسد

يذكّرنى ريّا الأحبّة كلّما

تنفّس فى جنح من الليل بارد

وقال السّروىّ «1» :

غدونا على الرّوض الّذى طلّه النّدى

سحيرا وأوداج الأباريق تسفك

فلم أر شيئا كان أحسن منظرا

من النّور يجرى دمعه وهو يضحك

وقال آخر:

حظّ عين وحظّ سمع ربيعا

ن وتغريد بلبل وهزار

فى جلاء من الزمان ووجه الأرض

يكسى وشائع النّوّار

بابيضاض محدّق «2» باخضرار

واصفرار مبطّن باحمرار

كلّما أشرقت شموس الأقاحى

خلت إحدى الشّموس شمس النهار

وقال كشاجم:

وروض عن صنيع الغيث راض

كما رضى الصديق عن الصديق

اذا ما القطر أسعده صبوحا

أتمّ له الصنيعة فى الغبوق

يعير الرّيح بالنفحات ريحا

كأنّ ثراه من مسك سحيق

كأنّ الطّلّ منتثرا عليه

بقايا الدّمع فى خدّ المشوق

كأنّ غصونه سقيت رحيقا

فماست ميس شرّاب الرحيق

ص: 269

كأنّ شقائق النّعمان فيه

محضّرة كئوسا من عقيق

كأنّ النرجس البرّىّ فيه

مداهن من لجين للخلوق

يذكّرنى بنفسجه بقايا

صنيع اللّطم فى الخدّ الرقيق

وقال ابن سكّرة الهاشمىّ:

أما ترى الروضة قد نوّرت

وظاهر الرّوضة قد أعشبا

كأنّما الأرض سماء لنا

نقطف منها كوكبا كوكبا

وقال علىّ بن عطيّة البلنسىّ:

أديراها على الزّهر المندّى

فحكم الصّبح فى الظّلماء ماضى

وكأس الراح تنظر عن حباب

ينوب لنا عن الحدق المراض

وما غربت نجوم اللّيل لكن

نقلن من السّماء الى الرياض

وقال شاعر أندلسىّ:

وفتيان صدق عرّسوا تحت دوحة

وما لهم غير النبات فراش

كأنّهم والنّور يسقط فوقهم

مصابيح تهوى نحوهنّ فراش

وقال أبو محمد الحسن بن علىّ بن وكيع التّنّيسىّ:

أسفر عن بهجته الدهر الأغر

وابتسم الروض لنا عن الزّهر

أبدى لنا فصل الربيع منظرا

بمثله تفتن ألباب البشر

وشيا ولكن حاكه صانعه

لا لابتذال اللّبس لكن للنظر

عاينه طرف السماء فانثنت

عشقا له تبكى بأجفان المطر

فالأرض فى زىّ عروس فوقها

من أدمع القطر نثار من درر

وشى طواه فى الثّرى صيانة

حتّى اذا ملّ من الطّىّ نشر

ص: 270