الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: أقسام التمذهب
يُمكنُ تقسيمُ التمذهبِ عدَّةَ أقسامٍ، وذلك باعتباراتِ مختلفةٍ:
أولًا: ينقسمُ التمذهبُ باعتبارِ محلِّه إِلى ثلاثةِ أقسام:
القسم الأول: التمذهبُ في الأصولِ.
القسم الثاني: التمذهبُ في الفروعِ.
القسم الثالث: التمذهبُ في الأصولِ والفروعِ.
ثانيًا: ينقسمُ التمذهبُ باعتبارِ درجةِ الالتزامِ بالمذهبِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ في جميعِ المسائلِ، أو أغلبِها.
القسم الثاني: التمذهبُ في كثيرٍ مِن المسائلِ، أو بعضِها.
ثالثًا: ينقسمُ التمذهبُ باعتبارِ صفةِ التمذهبِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ الحقيقيُّ.
القسم الثاني: التمذهبُ الاسميُّ.
رابعًا: ينقسمُ التمذهبُ باعتبارِ معرفةِ الدليلِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ مع معرفةِ الدليلِ.
القسم الثاني: التمذهبُ مع عدمِ معرفةِ الدليلِ.
أولًا: أقسامُ التمذهبِ باعتبارِ محلِّه:
ينقسمُ التمذهبُ باعتبارِ محلِّه إِلى ثلاثةِ أقسامٍ:
القسم الأول: التمذهبُ في الأصولِ.
المرادُ بالأصولِ هنا: أصولُ الفقهِ، وما يتبعها مِن القواعدِ والضوابطِ الفقهيةِ ممَّا يصدقُ عليه أنَّه ظنّي - إِذ ما كان قاطعًا مِنْ أصولِ الفقهِ والقواعدِ والضوابطِ الفقهية، فليس محلًا للتمذهبِ؛ لأنَّه ليس محلًا للاجتهادِ - وقد تقدّمَ الحديثُ عنْ صحةِ التمذهبِ في أصولِ الفقهِ، وأنَّ التمذهبَ يتبعُ الاجتهادَ، فما كان محلًا له، فهو محلٌّ للتمذهبِ.
ويُعنى بالتمذهبُ في الأصولِ: التزامُ المتمذهبِ مذهبَ إِمامِه في المسائلِ الأصوليةِ والقواعدِ والضوابطِ الفقهيةِ الاجتهاديةِ، دونَ تقيّدٍ بفروعِ المذهبِ
(1)
.
ولا يعني الالتزامُ في الأصولِ عدمَ الخروجِ عن المذهبِ البتة، فقد يكونُ الالتزامُ التزامًا في الجملةِ.
ويكونُ التمذهبُ في الأصولِ: نظريًا، وتطبيقيًا.
- فالتمذهبُ النظري في الأصولِ يكونُ بالتأليفِ في أصولِ المذهبِ، وقواعدِه وضوابطِه الفقهيةِ، بتقريرِ المذهبِ، والاستدلالِ له، ومناقشةِ المخالفين.
- والتمذهبُ التطبيقي في الأصولِ يكونُ ببيانِ حكمِ النازلةِ وفقَ قواعدِ المذهبِ الأصوليةِ.
والمتمذهبُ في الأصولِ هو: مَن يلتزمُ مذهبَ إِمامِه في أصولِ الفقهِ، والقواعدِ والضوابطِ الفقهيةِ.
ويدخلُ تحتَ هذا القسم: طبقةُ المجتهدين المنتسبين إِلى المذهب
(2)
- وسيأتي التعريفُ بها - ممَّنْ ساروا على قواعدِ إِمامِهم، دونَ التزامِ أقوالِه
(1)
انظر: المصفى في أصول الفقه لأحمد بن الوزير (ص/ 40).
(2)
انظر: أصول الفقه للدكتور زكي شعبان (ص/ 332).
في الفروعِ
(1)
.
ويمكنُ أنْ يُمَثّلَ لهذا القسمِ - على خلافٍ في بعضِهم -: بأبي يوسفَ
(2)
، ومحمد بنِ الحسن
(3)
، وزُفَرَ
(4)
، وأشهبَ
(5)
، وابنِ القاسمِ
(6)
، والمزني
(7)
، وابنِ سريجٍ
(8)
، وأبي عليّ بنِ أبي موسى
(9)
، والقاضي أبي يعلى
(10)
.
القسم الثاني: التمذهبُ في الفروعِ.
يعدُّ التمذهبُ في الفروعِ قسمًا مِنْ أقسامِ التمذهبِ، فقد يكونُ الشخصُ ملتزمًا مذهبَ إِمامِه في الفروعِ دونَ الأصولِ؛ وذلك إِمَّا لاشتغالِه بعلمِ أصولِ الفقهِ وعدمِ تقيّدِه بمذهبِ أحدٍ فيه، بلْ يحققُ المسائلَ الأصوليةَ في ضوءِ الأدلةِ؛ وإِمَّا لتركِه الاشتغالَ بعلمِ أصولِ الفقهِ بالكليَّةِ، وجهلِه به أصلًا، وعدمِ درايتِه به.
(1)
انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 91)، وصفة الفتوى (ص/ 17)، وشرح الكوكب المنير (4/ 468).
(2)
انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 93 - 94)، وصفة الفتوى (ص/ 17 - 18)، وإعلام الموقعين (6/ 126).
(3)
انظر: المصادر السابقة.
(4)
انظر: إِعلام الموقعين (6/ 126). وزفر هو: زفر بن الهذيل بن قيس بن سليم بن مكمل التميمي العنبري البصري، أبو الهذيل، ولد سنة 110 هـ من كبار أصحاب الإِمام أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة يفضله، ويقول:"هو أقيس أصحابي"، كان فقيهًا حافظًا، ذا عقل ودين وفهم وورع، ثقةً مأمونًا، من بحور العلم، وأذكياء الوقت، جمع بين العلم والعبادة، ولي قضاء البصرة، توفي بالبصرة سنة 158 هـ. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 275)، والانتقاء في فضائل الأئمة لابن عبد البر (ص/ 335)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 128)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (2/ 317)، وسير أعلام النُّبَلاء (8/ 35)، وميزان الاعتدال للذهبي (2/ 71)، والبداية والنهاية (13/ 475)، والجواهر المضية للقرشي (2/ 207)، وتاج التراجم لقطلوبغا (ص/ 169)، والطبقات السنية للغزي (3/ 254)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ 99).
(5)
انظر: إِعلام الموقعين (6/ 126).
(6)
انظر: المصدر السابق.
(7)
انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 94).
(8)
انظر: المصدر السابق.
(9)
انظر: صفة الفتوى (ص/ 17)، وإعلام الموقعين (6/ 126).
(10)
انظر: المصدرين السابقين.
والعجبُ أنْ يحققَ العالمُ درجةَ عالية في الأصول، ويكتفي في الفروعِ بأدنى درجاتِ التمذهبِ.
وكما قلتُ في القسم الأولِ: إِنَّ التمذهبَ في الأصولِ لا يعني عدمَ الخروجِ عنْ المذهب مطلقًا، بلْ إِنَّ خروجَ المتمذهب عن مذهبِ إِمامِه في بعضِ المسائلِ لمقتَضى الدليلِ لا ينافي التمذهبَ، فكذا القولُ في شأنِ التمذهبِ في الفروعِ.
ويمكنُ أنْ يُمَثّلَ لهذا القسمِ بأبي إِسحاقَ الشاطبي؛ فإِنَّ أبا إِسحاقَ على جلالةِ قدرِه في الأصولِ، وسعةِ علمِه فيه، وإبداعِه في عرضِ مسائلِه، إِلَّا أنَّه في الفروعِ لا يُفتي الناسَ إِلَّا بالمشهورِ مِنْ مذهبِ الإِمامِ مالكٍ
(1)
.
القسم الثالث: التمذهب في الأصول والفروع.
قد يكونُ التمذهبُ في الأصولِ والفروعِ معًا، وذلك بأنْ يكونَ المتمذهبُ ملتزمًا بمذهبِ إِمامِه في أصولِه وفروعِه.
ويمكنُ أنْ يمثلَ لهذا القسمِ بأربابِ التخريجِ الذين يقومون بقياسِ ما لم ينصَّ عليه إِمامُهم بما نصَّ عليه؛ فإِنَّهم في الجملةِ متمذهبون في الأصولِ والفروعِ.
ثانيًا: أقسام التمذهب باعتبار درجة الالتزام بالمذهب:
ينقسمُ التمذهبُ باعتبارِ درجةِ الالتزامِ بالمذهبِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ في جميعِ المسائلِ، أو أغلبِها.
يرتبطُ التمذهبُ بالالتزامِ بالمذهبِ ارتباطًا وثيقًا؛ إِذْ به تَتَحَقّقُ حقيقةُ التمذهبِ، ولذا فإِنَّ التمذهبَ قد يكونُ بالالتزامِ بالمذهبِ في جميعِ
(1)
يقول أبو إِسحاقَ الشاطبيُّ - كما نقل الونشريسيُّ كلامَه في: المعيار المعرب (9/ 229) -: "وأنا لا أستحل - إِنْ شاءَ الله - في دين الله وأمانته أنْ أجد قولين في المذهب، فأفتي بأحدهما على التخيير، مع أنِّي مقلد؛ بل أتحرى ما هو المشهور والمعمول به، فهو الَّذي أذكره للمستفتي، ولا أتعرض له إِلى القول الآخر، فإنْ أشكل عليَّ المشهور، ولم أرَ لأحدٍ من الشيوخ في أحد القولين ترجيحًا، توقفت".
المسائلِ، أو أغلبِها، فنجدُ المتمذهبَ لا يخرجُ عن مذهبِه متى ما عَرَفَه إِلَّا على سبيلِ القِلّةِ والندرةِ - سواءٌ أكانَ تمذهبُه في الأصولِ، أم في الفروعِ، أم فيهما - ويكونُ سبيلُ المتمذهب في هذه الحالةِ هو السعي إِلى معرفةِ مذهبِ إِمامِه والراجحِ فيه، وقد يَتْبَعُ ذلك معرفةُ دليلِه.
يقولُ ابنُ القيّمِ: "إِذا وَجَدَ - أي: المجتهد في مذهبِه - نصَّ إِمامِه لم يَعْدِل عنه إِلى غيرِه البتة، وهذا شأنُ أكثرِ المصنفين في مذاهبِ أئمتِهم، وهو حالُ أكثرِ علماءِ الطوائفِ، وكثيرٌ منهم يظنّ أنَّه لا حاجةَ به إِلى معرفةِ الكتابِ والسنةِ والعربيةِ؛ لكونِه مجتزيًا بنصوصِ إِمامِه، فهي عنده كنصوصِ الشارعِ، قد اكتفى بها مِنْ كُلْفَةِ التعب والمشقةِ، وقد كفاه الإِمامُ استنباطَ الأحكامِ، ومؤنةَ استخراجِها مِن النَصوصِ، وقد يرى إِمامَه ذَكَرَ حُكْمًا بدليلِه، فيكتفي هو بذلك الدليلِ مِنْ غيرِ بحثٍ عن معارضٍ"
(1)
.
ويُمْكِنُ أنْ يُمَثلَ لهذا القسمِ بـ: ابنِ عرفةَ والدردير المالكيين، وابنِ عابدين الحنفي، ومنصورٍ البهوتي ومحمدِ الخلوتي
(2)
الحنبليين، وغيرهم خلق كثير.
القسم الثاني: التمذهب في كثيرٍ مِن المسائلِ، أو بعضِها.
قد يكونُ التزامُ المتمذهب بمذهبِه في كثيرٍ مِنْ أقوالِه، أو بعضِها، مع انتساب المتمذهبِ إِليه، ويكونُ السببُ في تركِه مذهبَه أحدَ أمرين:
(1)
إِعلام الموقعين (6/ 126).
(2)
هو: محمد بن أحمد بن عليّ البهوتي المصري، الشهير بالخلوتي، ولد بمصر، كان أحد علماء الحنابلة المحققين، إِمامًا في المعقول والمنقول، دَرَس الفقه والعلوم العقلية على علماء مصر، ولازم خاله منصور البهوتي، وانتفع به، واختص بالنور الشبراملسي الشَّافعي، فلازم دروسه، كان سديد البحث، مديد التقرير، أكيد التحرير، بديع التدقيق والتحقيق، مخرج الفروع على الأصول، وله تحريرات مهمة في المذهب الحنبلي، تولى التدريس والإِفتاء، من مؤلفاته: حاشية على منتهى الإِرادات، وحاشية على الإِقناع، توفي بمصر سنة 1088 هـ. انظر ترجمته في: خلاصة الأثر للمحبي (3/ 376)، والنعت الأكمل للغزي (ص/ 238)، والسحب الوابلة لابن حميد (2/ 869)، والمدخل إِلى مذهب الإِمام أحمد لابن بدران (ص/ 441)، وتسهيل السابلة لابن عثيمين (3/ 1570)، والأعلام للزركلي (6/ 12).
الأمر الأول: بلوغُه رتبةَ الاجتهادِ في الشريعةِ الإِسلاميةِ، وتقليدُه لإِمامِه في بعضِ المسائلِ.
الأمر الثاني: بلوغُ المتمذهبِ رتبةَ الاجتهادِ في بعضِ المسائلِ - بناءً على القولِ بتجزؤِ الاجتهادِ - فيخرجُ عن مذهبِه؛ لمَّا تبيّنَ له رجحانُ غيرِه.
ثالثًا: أقسام التمذهب باعتبار صفة التمذهب:
ينقسمُ التذهبِ باعتبارِ صفةِ التمذهبِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ الحقيقي.
كما تقدم لنا في تعريفِ التمذهبِ أنَّه التزامٌ، فإذا وُجِدَتْ في المنتسبِ إِلى المذهبِ حقيقةُ التمذهبِ، وهي الالتزامُ بالمذهب - سواءٌ أكانت في الأصولِ، أم في الفروعِ، أم فيهما - فهو التمذهبُ الحَقيقي حينئذٍ.
ويدخلُ تحتَ هذا القسمِ جميعُ المتمذهبين الذين لم يبلغوا رتبةَ الاجتهادِ في الشريعةِ الإِسلاميةِ.
القسم الثاني: التمذهب الاسمي.
المرادُ بالتمذهبِ الاسمي هو: انتسابُ المجتهدِ المطلقِ إِلى مذهب معيّنٍ - دونَ أنْ تُؤَثرَ هذه النسبةُ في آرائِه واختياراتِه - فهو متمذهبٌ بالاسمِ فقط، دون الحقيقة؛ إِذْ حقيقةُ التمذهبِ - وهي الالتزامُ بالمذهبِ - غيرُ موجودةٍ، لكنَّ المجتهدَ يُؤْثِرُ بقاءَ انتسابِه إِلى مذهبِه.
يقولُ أبو الفرجِ بنُ الجوزي
(1)
: "فأَمَّا المجتهد مِنْ أصحابِه - أيْ:
(1)
هو: عبد الرَّحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ الجوزي القرشي التيمي البكري، أبو الفرج جمال الدين، ولد سنة 509 هـ وقيل: 510 هـ كان شيخ وقته، فقيهًا حنبليًا أصوليًا مفسرًا علامةً حافظًا، أحد أئمة العلم، اشتهر بالوعظ والتذكير، والزهد والورع، من مؤلفاته: زاد المسير إِلى علم التفسير، وتلبيس إِبليس، والتحقيق لأحاديث التعليق، ومناقب الإِمام أحمد بن حنبل، توفي سنة 597 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 140)، وسير أعلام النُّبَلاء (21/ 365)، والبداية والنهاية (16/ 756)، والذيل على طبقات الحنابلة لابن =
أصحاب الإِمام أحمد - فإِنَّه يتَّبعُ دليلَه مِنْ غيرِ تقليدٍ له، ولهذا يميلُ إِلى إِحدى الروايتين عنه دونَ الأخرى، ورُبّما اختارَ ما ليس في المذهب أصلًا؛ لأنَّه تابعٌ للدليلِ، وإِنَّما يُنسبُ هذا إِلى مذهب أحمدَ؛ لميلِه إِلَى عموم أقوالِه"
(1)
.
وقد سبقَ لنا الحديثُ عن مسألةِ: (تمذهب المجتهد) بصورِها المختلفةِ.
ويمكنُ أنْ يمثلَ لهذا القسمِ بـ: تقي الدّينِ بنِ تيمية، وابنِ القيّم، وجلالِ الدّينِ السيوطي
(2)
.
رابعًا: أقسام التمذهب باعتبار معرفة الدليل:
ينقسمُ التمذهب باعتبارِ معرفةِ الدليلِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ مع معرفةِ الدليلِ.
يتحقّقُ التمذهبُ الكاملُ مع معرفةِ دليلِ المذهبِ، فيُوجدُ في المتمذهبين مَنْ له معرفةٌ بمذهبِه - في أصولِه وفروعِه، أو في أحدِهما - ومعرفةٌ بأدلتِه في جميعِ المسائلِ، أو بعضِها
(3)
، ولا شكَّ في أنَّ رتبةَ مَنْ عَرَفَ مذهبَه بدليلِه أعلى مِنْ رتبةِ مَنْ عَرَفَ مذهبَه، وجَهَلَ دليلَه.
وقد تؤدي معرفةُ المتمذهبِ بالدليلِ إِلى مزيدِ تمسكِه بمذهبه؛ لقوةِ دليلِه، وقد تؤدي إِلى تركِ المذهبِ ومخالفتِه؛ لضعفِ دليلِه أمامَ أدلةِ مَنْ خالفَه، وقد لا تُؤَثِّرُ المعرفةُ في زحزحةِ المتمذهبِ عنْ قولِ إِمامِه
(4)
.
= رجب (2/ 458)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 93)، والمنهج الأحمد للعليمي (4/ 11)، وطبقات المفسرين للداودي (1/ 275).
(1)
مناقب الإِمام أحمد (ص/ 666).
(2)
سيأتي في: المبحث الخامس من الباب الثاني: (دعم سبيل الارتقاء إِلى مقام الاجتهاد) التمثيلُ بعدد من المتمذهبين الذين بلغوا درجة الاجتهاد المطلق في الشريعة.
(3)
انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 98)، وصفة الفتوى (ص/ 22).
(4)
انظر: إِعلام الموقعين (6/ 126 - 127).
ويمكنُ أنْ يُمثلَ لهذا القسمِ بالعلماءِ الذين ألّفوا في فقهِ مذهبِهم وأصولِه، مع استدلالِهم له.
القسم الثاني: التمذهب مع عدم معرفة الدليل.
ليسَ مِن شرطِ تحققِ التمذهبِ أنْ يعرفَ المتمذهبُ دليلَ مذهبِه؛ إِذ التمذهبُ التزامٌ بالمذهبِ، وليستْ معرفةُ دليلِ المذهبِ مِنْ شرطِ الالتزامِ به.
وقد يكونُ مردُّ عدمِ معرفةِ دليلِ المذهبِ إِلى التدرجِ العلمي الَّذي يسيرُ عليه المتمذهبُ، فَيَتَدَرّجُ في العلمِ ويرتقي فيه، وأولُ درجاتِ التعلمِ والتفقهِ معرفةُ المذهبِ مجرّدًا عن دليلِه.
وقد يكونُ مردُّ عدمِ معرفةِ دليلِ المذهبِ إِلى قناعةِ المتمذهبِ بصوابِ رأي إِمامِه، فإِذا كان رأي إِمامِه صوابًا، فما الحاجةُ إِلى معرفةِ دليلِه؟ !
يقولُ ابنُ القيّمِ واصفًا حالَ بعضِ المتفقهةِ: "طائفةٌ تفقهتْ في مذاهب مَن انتسبتْ إِليه، وحَفِظَتْ فتاويه وفروعَه، وأقرَّتْ على أنفسِها بالتقليدِ المحضِ مِنْ جميعِ الوجوهِ، فإِنْ ذكروا الكتابَ والسنةَ يومًا ما في مسألةٍ، فعلى وجهِ التبركِ والفضيلةِ"
(1)
.
* * *
(1)
المصدر السابق (6/ 127).