المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تمهيد: في تقليد الميت - التمذهب – دراسة نظرية نقدية - جـ ٢

[خالد الرويتع]

فهرس الكتاب

- ‌الفرع الرابع عشر: الضعيف

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للضعيف:

- ‌الفرع الخامس عشر: المنكر

- ‌الفرع السادس عشر: الشاذ

- ‌الفرع السابع عشر: الطرق

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للطرق:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للطرق:

- ‌الفرع الثامن عشر: الإجراء

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للإجراء:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للإجراء:

- ‌الفرع التاسع عشر: التوجيه

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للتوجيه:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للتوجيه:

- ‌المسألة السادسة: تفضيل مذهب من المذاهب

- ‌المبحث الرابع: أقسام التمذهب

- ‌الفصل الثاني: نشأة التمذهب، وتاريخه

- ‌المبحث الأول: نشأة التمذهب

- ‌المطلب الأول: حالة الناس قبل نشوء المذاهب

- ‌المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية

- ‌المطلب الثالث: أسباب نشوء المذاهب الفقهية

- ‌المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التمذهب

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التمذهب من نشأته إلى نهاية القرن الثالث الهجري

- ‌المطلب الثاني: التمذهب من القرن الرابع الهجري إلى نهاية القرن السابع الهجري

- ‌المطلب الثالث: التمذهب من القرن الثامن الهجري إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري

- ‌المطلب الرابع: التمذهب من منتصف القرن الرابع عشر الهجري إلى العصر الحاضر

- ‌الفصل الثالث: حكم التمذهب

- ‌تمهيد: في تقليد الميت

- ‌المبحث الأول: التمذهب بمذهب الصحابي(1)، والتابعي

- ‌المبحث الثاني: التمذهب بأحد المذاهب الأربعة الفقهية المشهورة

- ‌المبحث الثالث: التمذهب بغير المذاهب الأربعة

- ‌الفصل الرابع الأحكام المترتبة على التمذهب

- ‌المبحث الأول: طبقات المتمذهبين

- ‌المطلب الأول أبرز مناهج المتقدمين في تقسيم طبقات المتمذهبين

- ‌تمهيد

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تقسيم ابن الصلاح

- ‌المسألة الثانية: تقسيم ابن حمدان

- ‌المسألة الثالثة: تقسيم ابن القيم

- ‌المسألة الرابعة: تقسيم ابنه كمال باشا

- ‌المطلب الثاني: أبرز مناهج المتأخرين في تقسيم طبقات المتمذهبين

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تقسيم شاه ولي الله الدهلوي

- ‌المسألة الثانية: تقسيم محمد أبو زهرة

- ‌المسألة الثالثة: تقديم الدكتور محمد الفرفور

- ‌القسم الأول: المجتهدون اجتهادًا مطلقًا في الشرع

- ‌القسم الثاني: المجتهدون المقيَّدون بالمذهبِ

- ‌المطلب الثالث: الموازنة بين التقسيمات

- ‌المبحث الثاني: الانتقال عن المذهب

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الانتقال عن المذهب إلى الاجتهاد

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المستقل

- ‌المسألة الثانية: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المنتسب

- ‌المطلب الثاني: الانتقال عن التمذهب بمذهب معين إلى التمذهب بمذهب آخر

- ‌المطلب الثالث: الخروج عن المذهب في بعض المسائل

- ‌المبحث الثالث: تتبع الرخص

- ‌توطئة

- ‌المطلب الأول: تعريف التتبع

- ‌المطلب الثاني: تعريف الرخصة في: اللغة، والاصطلاح

- ‌أولًا: تعريف الرخصة في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف الرخصة في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: تعريف تتبع الرخص

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين الرخصة من العالم، وزلة العالم

- ‌المطلب الخامس: حكم تتبع الرخص

- ‌المبحث الرابع: التلفيق بين المذاهب

- ‌المطلب الأول: تعريف التلفيق في اللغة، والاصطلاح

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تعريف التلفيق في اللغة

- ‌المسألة الثانية: تعريف التلفيق في الاصطلاح

- ‌المطلب الثاني: صور التلفيق

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: التلفيق بين قولين في مسألة وفروعها

- ‌المسألة الثانية: التلفيق بين أثر القول وقول آخر في مسألة وفروعها

- ‌المطلب الثالث: أقسام التلفيق، وحكم كل قسم

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولى: التلفيق في الاجتهاد

- ‌المسألة الثانية: التلفيق في التقليد

- ‌المسألة الثالثة: التلفيق في التقنين

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين التلفيق وتتبع الرخص

- ‌الفصل الخامس: أحكام المتمذهب

- ‌المبحث الأول: عمل المتمذهب إذا خالف مذهبه الدليل

الفصل: ‌تمهيد: في تقليد الميت

‌تمهيد: في تقليد الميت

للتمذهبِ علاقةٌ واضحةٌ بمسألةِ: (تقليد الميت)؛ مِنْ جهةِ أنَّ عملَ المتمذهب، وإِفتاءَه في الغالبِ بقولِ إِمامِه، وهو مجتهدٌ ميتٌ، سواءٌ أكان أخذُه لقولَ إِمامِه تقليدًا محضًا، أو بعد معرفةِ مأخذِه.

يقولُ أبو القاسمِ الرافعي: "اعلمْ أنَّ الذين يُقال لهم: أصحاب الشَّافعي وأصحاب أبي حنيفةَ ومالك رحمهم الله ثلاثةُ أصنافٍ

وتقليدُهم إِيَّاهم مفرَّعٌ على جوازِ تقليدِ الميتِ"

(1)

.

فأثرُ مسألةِ: (تقليد الميت) على مسألة: (حكم التمذهب)

(2)

، و (حكم إِفتائِه بمذهبِه)

(3)

، واضحٌ جليٌ.

• صورة المسألة:

أنْ يكونَ للمجتهدِ الميتِ قولٌ منصوصٌ ثابتٌ عنه، كالقولِ بالإِباحةِ أو بالتحريمِ مثلًا

(4)

، فهل يجوزُ لغيرِ المجتهدِ تقليدُه فيه؟

(5)

.

هذه هي صورةُ المسألةِ، وقبلَ الدخولِ في تفاصيلها يحسنُ إِيرادُ مثالٍ

(1)

العزيز شرح الوجيز (12/ 422). وانظر: روضة الطالبين للنووي (11/ 151).

(2)

هذا بناءً على توسيع دائرة مصطلح التقليد بحيث يشمل ما عدا الاجتهاد.

(3)

انظر: نهاية السول (4/ 583).

(4)

انظر: تيسير التحرير (4/ 249).

(5)

انظر: مقدمة في أصول الفقه لابن القصار (ص/ 170)، والمنخول (ص/ 480)، والمسودة (2/ 857)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3883)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1514)، والبحر المحيط (6/ 297)، وفواتح الرحموت (2/ 407).

ص: 721

لها، ويمكنُ أنْ يمثّل بمسألةِ:(اشتراط الطهارةِ لسجودِ التلاوةِ)، فقد ذَهَبَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، والإِمامُّ البخاري إِلى عدمِ اشتراطِ الطهارةِ لسجودِ التلاوةِ

(1)

، فهلْ يسوغُ تقليدُهما فيما ذَهَبا إِليه؟

• تحرير محل النزاع:

أولًا: مسألةُ: (تقليد الميت) محلُّ خلافِ بين القائلين بجوازِ التقليدِ عمومًا، أمَّا مَنْ مَنَع التقليدَ جُمْلَةً، فإِنَّه يمنعُ تقليدَ الحيّ والميتِ

(2)

.

ثانيًا: قيَّد بعضُ الأصوليين المسألةَ بما إِذا لم يُوجدْ مجتهدٌ، أمَّا إِذا وُجِدَ في الأحياءِ مجتهدٌ، فلا يجوزُ تقليدُ الميتِ اتفاقًا

(3)

، وممَّنْ قيّدَ المسألةَ بهذا الاتفاقِ أبو الوفاءِ بن عقيل

(4)

.

وحكايةُ الاتفاقِ آنفِ الذكرِ محلُّ نظرٍ؛ للأمورِ الآتيةِ:

الأمر الأول: أنَّ أكثرَ مَنْ عَرَضَ المسألةَ مِن الأصوليين لم ينصّوا على هذا القيدِ

(5)

.

الأمر الثاني: نصَّ بعضُ الأصوليين على أنَّ الخلافَ في المسألةِ يشملُ ما لو وُجِدَ مجتهدٌ، أو لم يُوْجدْ

(6)

.

الأمر الثالث: مِن الأقوال في المسألةِ - كما سيأتي بعد قليلِ - التفريقُ بين ما لو وُجِدَ مجتهدٌ، فلا يجوزُ تقليدِ الميت، وبين ما لو لم يُوجدْ مجتهدٌ، فيجوز تقليدُ الميتِ.

(1)

انظر: مجموع فتاوى شيخ الإِسلام (21/ 270)، و (23/ 165).

(2)

انظر: البحر المحيط (6/ 297).

(3)

انظر: المصدر السابق.

(4)

انظر: الواضح في أصول الفقه (5/ 227).

(5)

انظر على سبيل المثال: المنخول (ص/ 480)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (6/ 71)، ومنتهى الوصول والأمل لابن الحاجب (ص/ 221)، ومختصره (2/ 1260)، والتحصيل من المحصول (2/ 301)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3883)، وأدب المفتي والمستفتي (ص / 160)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1514)، والتحبير (8/ 9383).

(6)

انظر: لمع اللوامع لابن رسلان، القسم الثاني (2/ 656)، وحاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396).

ص: 722

وهذا يدلُّ على دخولِ حالة ما إِذا كان هناك مجتهدٌ في خلافِ المسألةِ.

ثالثًا: تشملُ مسألةُ: (تقليد الميت) مَنْ عدا المجتهد المطلق، هل له تقليدُ الميت؟ فيدخل في الخلاف: مجتهدُ المذهبِ، ومَنْ دونه مِن المتمذهبين، والعاميُّ الصرف

(1)

.

يقولُ الشيخُ محمد بخيت المطيعي: "مرادُ الإِسنوي بالمقلّد غيرُ المجتهدِ المطلقِ، فيشملُ: مجتهدَ المذهبِ، ومجتهدَ الفتوى، ومَنْ هو دونهما"

(2)

.

ويتلخص ممَّا سَبَقَ أنَّ محل النزاعِ هو: أنْ يُوجدَ لمجتهدٍ ميتٍ قولٌ تصحُّ نسبتُه إِليه

(3)

، فهلُ يسوغُ تقليدُه في الحالةِ؛ سواء أكان في الأحياءِ مجتهدٌ أم لا.

• الأقوال في المسألة:

اختلفَ العلماءُ في مسألةِ تقليدِ المجتهدِ الميتِ على أقوال:

القول الأول: أنَّ تقليدَ الميتِ جائزٌ مطلقًا.

وهذا القولُ أصحُّ الوجهين عند الشافعيةِ

(4)

، وهو الوجه الصحيح عند الحنابلة

(5)

.

(1)

انظر: النقود والردود للبابرتي (2/ 728)، وشرح الكوكب المنير (4/ 513).

(2)

سلم الوصول (4/ 581).

(3)

انظر: الإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (4/ 236).

(4)

انظر: حلية العلماء للشاشي (1/ 64)، والعزيز شرح الوجيز للرافعي (12/ 425)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ 165)، والمجموع شرح المهذب للنووي (1/ 55)، وروضة الطالبين له (11/ 99)، والآيات البينات للعبادي (4/ 369).

(5)

انظر: المسودة (2/ 934)، وإعلام الموقعين (6/ 201)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1514)، والتحبير (8/ 3938)، والإِنصاف (11/ 193).

ص: 723

ونَسَبَه المرداويُّ

(1)

، وابنُ النجارِ

(2)

إِلى جمهورِ العلماءِ. ونسبه الرويانيُّ - كما نقله عنه بدرُ الدِّين الزركشي - إِلى أكثرِ الشافعيةِ

(3)

. وذَهَبَ إِليه بعضُ الحنفيةِ

(4)

.

وقد اختاره جمعٌ مِن العلماءِ، منهم: أبو بكر الشاشي

(5)

، والأسمندي

(6)

، وأبو القاسمِ الرافعي

(7)

، وابنُ الصلاحِ

(8)

، ومال إِليه: ابن التلمسانيُّ

(9)

،

(1)

انظر: التحبير (8/ 3983).

(2)

انظر: شرح الكوكب المنير (4/ 513).

(3)

انظر: البحر المحيط (6/ 297).

(4)

انظر: أصول الفقه للامشي (ص/ 201)، وتيسير التحرير (4/ 250)، وفواتح الرحموت (2/ 407).

(5)

انظر: حلية العلماء (1/ 64). وأبو بكر الشاشي هو: محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشاشي تركي الأصل، فخر الإِسلام أبو بكر، ولد بميَّافارفين سنة 429 هـ كان إِمامًا علامة جليلًا، حافظًا لمعاقد مذهب الشافعية، زاهدًا ورعًا متواضعًا، وكان يلقب في حداثة سنه بالجنيد؛ لشدة ورعه ودينه، انتهت إِليه رئاسة المذهب الشَّافعي بعد وفاة شيخه أبي إِسحاق الشيرازي، تولى التدريس في عدد من المدارس، وتخرج به عدد من علماء الشافعية، من مؤلفاته: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء - الملقب بالمستظهري - والترغيب في المذهب، والشافي شرح الشامل لابن الصباغ في عشرين مجلدًا، توفي سنة 507 هـ. انظر ترجمته في: تبيين كذب المفتري لابن عساكر (ص/ 306)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 356)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (4/ 1241)، وسير أعلام النُّبَلاء (19/ 393)، والوافي بالوفيات للصفدي (2/ 73)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (6/ 70)، وطبقات الشافعية للإِسنوي (2/ 86)، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (5/ 206).

(6)

انظر: بذل النظر (ص/ 693).

(7)

انظر: العزيز شرح الوجيز (12/ 421).

(8)

انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 160).

(9)

انظر: شرح المعالم (2/ 454). وابن التلمساني هو: عبد الله بن محمد بن عليّ الفهري المصري، أبو محمد شرف الدين، ويُعْرَفُ بابن التلمساني، ولد سنة 567 هـ كان أحد أئمة المذهب الشافعي، فقيهًا أصوليًا متكلمًا دينًا خيرًا، ذكيًا فصيحًا، من علماء الديار المصرية ومحققيهم، تصدر لإِقراء مذهبه، وانتفع به الناص، من مؤلفاته: شرح المعالم في أصول الفقه، وشرح المعالم في أصول الدين، والمغني في شرح التنبيه، وإرشاد المسالك إِلى أبين المسالك، توفي سنة 658 هـ وقيل: 644 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 160)، وطبقات الشافعية للإِسنوي (1/ 316)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 426)، وحسن المحاضرة للسيوطي (1/ 383).

ص: 724

واختاره أيضًا: محيي الدين النووي

(1)

، والقاضي البيضاوي

(2)

، وابنُ حمدان

(3)

، وتقيُّ الدين بن تيمية

(4)

، وتاجُ الدين بن السبكي

(5)

، وبدرُ الدين الزركشي

(6)

، ومحبُّ الله بن عبد الشكور

(7)

.

وقد بيَّن جمالُ الدين الإِسنويُّ أنَّ الفخر الرازيَّ مالَ إِلى هذا القولِ

(8)

.

ويلحقُ باربابِ هذا القولِ: كل مَنْ جوَّز إِفتاءَ غيرِ المجتهد بقول إِمامِه مطلقًا، كما سيأتي قولهم في مسألةِ:(إِفتاء المتمذهب بمذهب إِمامه).

القول الثاني: أنَّ تقليدَ الميتِ ممنوعٌ مطلقًا.

وهذا القولُ وجهٌ عند الشافعيةِ

(9)

، ووجهٌ عند الحنابلةِ

(10)

. وحكى أبو حامدٍ الغزالِيُّ إِجماعَ الأصوليين عليه

(11)

. ونعتَه ابن التلمساني بأنَّه القولُ المشهورُ

(12)

.

وهو قولُ بعضِ المعتزلةِ

(13)

. واختاره جمعٌ مِن العلماءِ، منهم: أبو

(1)

انظر: المجموع شرح المهذب (1/ 55).

(2)

انظر: منهاج الوصول (2/ 1085) مع شرحه السراج الوهاج.

(3)

انظر: صفة الفتوى (ص/ 70).

(4)

انظر: المسودة (2/ 934).

(5)

انظر: جمع الجوامع (2/ 326) مع شرح المحلي وحاشية البناني.

(6)

انظر: البحر المحيط (6/ 297)، وسلاسل الذهب (ص/ 448).

(7)

انظر: مسلم الثبوت (2/ 407) مع شرحه فواتح الرحموت.

(8)

انظر: نهاية السول (4/ 584).

(9)

انظر: حلية العلماء للشاشي (1/ 64)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ 160)، والمجموع شرح المهذب للنووي (1/ 55)، وروضة الطالبين له (11/ 99).

(10)

انظر: صفة الفتوى (ص/ 70)، وإِعلام الموقعين (6/ 201)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1514)، والتحبير (8/ 3983)، وشرح الكوكب المنير (4/ 514).

(11)

انظر: المنخول (ص/ 480)، وسيأتي تحرير هذا الإِجماع عند مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني.

(12)

انظر: شرح المعالم في أصول الفقه (2/ 454).

(13)

انظر: البحر المحيط (6/ 298).

ص: 725

الحسين البصري

(1)

، وأبو الخطابِ

(2)

، والفخر الرَّازي

(3)

، وتاجُ الدينِ الأرموي

(4)

، وسراجُ الدين الأرموي

(5)

.

وقد وَصَفَ محيي الدين النوويُّ

(6)

، والمرداويُّ

(7)

هذا القولَ بأنَّه ضعيفٌ.

القول الثالث: يجوزُ تقليدُ المجتهدِ الميتِ إِنْ فُقِدَ المجتهد، فإِنْ كان في الأحياء مجتهدٌ، فلا يجوزُ تقليدُ الميتِ.

ذَهَبَ إِلى هذا القولِ: ابنُ بَرهان

(8)

. ونسبه بدرُ الدين الزركشيُّ إِلى إِلكيا الهراسي

(9)

، وإِلى العز بنِ عبد السلام

(10)

.

وقد حَمَلَ أحمدُ الكوراني كلامَ الفخرِ الرَّازي على هذا القولِ؛ إِذ

(1)

انظر: المعتمد (2/ 933).

(2)

انظر: التمهيد في أصول الفقه (4/ 415)، وقارن منه بـ (4/ 394).

(3)

انظر: المحصول في أصول الفقه (6/ 71). يقول بدرُ الدين الزركشيُّ في: تشنيف المسامع (4/ 610): "من تأمل كلام المحصول عَلِمَ أنَّ الإِمامَ - الرَّازي - يمنع التقليد مطلقًا - أي: تقليد الميت - ومَنْ فَهِمَ عنه خلاف ذلك، وعزاه إِليه، فقد غلط". وانظر: الآيات البينات للعبادي (4/ 369، 371).

(4)

انظر: الحاصل من المحصول (2/ 1021).

(5)

انظر: التحصيل من المحصول (2/ 301).

(6)

انظر: المجموع شرح المهذب (1/ 55).

(7)

انظر: الإِنصاف (11/ 193).

(8)

انظر: نفائس الأصول (9/ 4156)، والبحر المحيط (6/ 299).

(9)

هو: عليّ بن محمد بن عليّ الطبري، أبو الحسن عماد الدين، وشمس الإِسلام، المعروف بإلكيا الهراسي، ولد سنة 450 هـ كان علامةً عالمًا كبيرًا، فقيهًا أصوليًا جدليًا فصيحًا جهوري الصوت، حافظًا للحديث، شيخ المذهب الشَّافعي في وقته، تفقه على إِمام الحرمين الجويني إِلى أن برع، وقال عنه:"البيان للكيا"، وتولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد إِلى أن توفي، من مؤلفاته: أحكام القرآن، وكتاب في الرد على مفرادت الإمام أحمد بن حنبل، قال الذَّهبي عنه:"لم يُنْصِفْ"، توفي ببغداد سنة 504 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 286)، وسير أعلام النُّبَلاء (19/ 350)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (7/ 213)، وطبقات الشافعية للإِسنوي (2/ 292)، والبداية والنهاية (16/ 210).

(10)

انظر: البحر المحيط (6/ 299 - 300)، وسلاسل الذهب (ص/ 448).

ص: 726

كيفَ يكون الرازيُّ شافعيَّ المذهب، ولا يجوِّز تقليدَ الميتِ؟ !

(1)

؛ وحينَ عرضَ الرازيُّ المسألةَ، ذَكَرَ في أوَلها القولَ بالمنع مِنْ تقليدِ الميتِ، ثمَّ ذَكَرَ في آخرِها الإِجماعَ على جوازِ العملِ بالفتوى المنقولةِ عن المجتهدِ الميتِ؛ لانقطاعِ المجتهدين، فجمعًا بين الكلامين يُحمل قولُه على المنعِ مِن تقليدِ الميتِ إِنْ وُجِدَ مجتهدٌ

(2)

.

القول الرابع: يجوزُ تقليدُ المجتهدِ الميتِ إِذا كان حاكي مذهبِه مجتهدًا فيه، مطَّلِعًا على ماخذِه، أهلًا للنَّظَرِ والتفريعِ، فإِنْ لم يكنْ حاكي المذهب بهذه الصفةِ، فلا يجوزُ تقليدُ الميت.

وهذا قولُ الآمدي

(3)

، وابنِ الحاجبِ

(4)

، وصفي الدينِ الهندي

(5)

.

ونَقَلَ بدرُ الدين الزركشي عن تاجِ الدينِ بنِ السبكي أنَّ هذا القولَ خارجٌ عن محلِّ النزاعِ؛ لأنَّ الكلامَ فيما إِذا ثَبَتَ أنَّه مذهبُ الميت، فإِنْ فُرِضَ أنَّ الناقلَ لا يُوْثقُ بنقلِه فهمًا وإِنْ وُثقَ به نقلًا، تَطَرَّقَ عدمُ الوثوقِ بفهمِه إِلى عدمِ الوثوقِ بنقلِه، وصارَ عدمُ قبولِه؛ لعدمِ صحةِ المذهبِ عن المنقولِ إِليه، لا لأنَّ الميتَ لا يُقَلَّد، فليس تفصيلُ القولِ الرابعِ واقعًا في محلِّ النزاع

(6)

.

ثمَّ إِنَّ القائلين بهذا القولِ ساقوا قولَهم في مسألةِ: (إِفتاء غيرِ المجتهدِ بقولِ أحدِ المجتهدين)، ولم يسوقوه في مسألةِ:(تقليد الميت)

(7)

.

(1)

انظر: الدرر اللوامع (ص/ 610).

(2)

انظر: المصدر السابق.

(3)

انظر: الإِحكام في أصول الأحكام (4/ 236).

(4)

انظر: منتهى الوصول والأمل (ص/ 221)، ومختصره (2/ 1260).

(5)

انظر: نهاية الوصول (8/ 3885).

(6)

انظر: تشنيف المسامع (4/ 611)، وستأتي مسألة:(إِفتاء المتمذهب بمذهب إِمامه)، وفيها مزيد بيان للقائلين بهذا القول.

(7)

ممن ساق القول الرابع في مسألة: (تقليد الميت): صفيُّ الدين الهندي في: نهاية الوصول (8/ 3884)، وتاجُ الدين السبكي في: جمع الجوامع (2/ 396) مع شرح المحلي وحاشية البناني، ولدرُ الدين الزركشي في: تشنيف المسامع (4/ 610)، وولي الدين العراقي في: الغيث الهامع (3/ 798). =

ص: 727

• أدلة الأقوال:

أدلةُ أصحابِ القولِ الأولِ (القائلين بجواز تقليد الميت مطلقًا):

استدلَّ أصحابُ القولِ الأولِ بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: انعقادُ الإِجماعِ على مرِّ العصورِ على أنَّ قولَ الميتِ باقٍ، ويُعْمَلُ به، والإِجماعُ حجةٌ

(1)

.

يقولُ ابنُ القيِّمِ: "وعليه عَمَلُ جميعِ المقلدين في جميعِ أقطارِ الأرضِ، وخيارُ ما بأيديهم مِن التقليدِ تقليدُ الأمواتِ"

(2)

.

مناقشة الدليل الأول: إِنَّ حقيقةَ الإِجماعِ: اتفاقُ المجتهدين، والاتفاقُ المذكورُ في الدليلِ إِنَّما هو اتفاقُ المقلِّدين، ولا عبرةَ باتفاقِهم

(3)

.

الجواب عن المناقشة: على فَرْضِ أنَّ الإِجماعَ صادرٌ مِنْ أهلِ العصرِ الذين يقلِّدون الميتَ، فإِجماعُهم حجةٌ في مثل هذا؛ لإِلجاء الضرورةِ إِليه، مع ما يتمتعون به مِن العلمِ، وأهليةِ النظرِ في الجملةِ، فهم ليسوا عوامًا، بلْ هم مجتهدون في مسألةِ:(تقليد الميت)، وإنْ لم يكونوا مجتهدين في

= يقول محيي الدين النووي في: روضة الطالبين (11/ 99) بعدما ذكر وجهين للشافعية في مسألة: تقليد الميت: "وبنوا على هذين الوجهين: أن من عرف مذهب مجتهد، وتبحر فيه، لكن لم يبلغ رتبة الاجتهاد، هل له أن يفتي ويأخذ بقول ذلك المجتهد؟ فعلى الصحيح: يجوز

".

(1)

انظر: المحصول في علم أصول الفقه للرازي (6/ 71 - 72)، وشرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، والتحصيل من المحصول (2/ 301)، ومنهاج الوصول للبيضاوي (2/ 1085) مع شرحه السراج الوهاج، والإِبهاج في شرح المنهاج (7/ 2946)، ونهاية السول (4/ 584)، والبحر المحيط (6/ 297)، والتحبير (8/ 3983)، والآيات البينات للعبادي (4/ 369)، وكشاف القناع للبهوتي (15/ 55)، وفواتح الرحموت (2/ 407).

(2)

إِعلام الموقعين (6/ 129).

(3)

انظر: نهاية الوصول للساعاتي (2/ 694)، والسراج الوهاج للجاربردي (2/ 1087)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3885)، ونهاية السول (4/ 584)، والإبهاج في شرح المنهاج (7/ 2946)، والبحر المحيط (6/ 299)، وتيسير التحرير (4/ 249 - 250)، والآيات البينات للعبادي (4/ 369).

ص: 728

أعيانِ المسائلِ الَّتي يَقَعُ فيها التقليدُ

(1)

.

الدليل الثاني: إِنَّ تصنيفَ الكتب الفقهيةِ مع فناءِ أصحابِها، ونقلَ الفقهاءِ لخلافاتِ العلماءِ، دليلٌ على جوازِ تقليدِ الميتِ؛ إِذْ لو لم يجز الأخذُ بها، لما كان لذكرِها فائدةٌ

(2)

.

يقولُ ابنُ القيمِ: "لو بَطَلَتْ بموتِهم - أي: لو بطلت المذاهب بموتِ المجتهدين - لبَطَلَ ما بأيدي الناسِ مِن الفقهِ عن أئمتِهم، ولم يسغْ لهم تقليدُهم، والعملُ بأقوالِهم"

(3)

.

مناقشة الدليل الثاني: إِن تصنيفَ الكتبِ الفقهيةِ مع فناءِ مؤلفيها، ليس لاعتمادِها في التقليدِ، وإِنَّما لها فائدتانِ:

الفائدة الأولى: استفادةُ طريقِ الاجتهادِ؛ لمعرفةِ حكمِ النازلةِ مِنْ عملِ الفقهاءِ وتصرفِهم في النوازلِ، وكيفية معرفةِ حكمِها ببناءِ النازلةِ على الفروعِ

(4)

.

الفائدة الثانية: معرفةُ المسائلِ المتفقِ عليها بن المذاهبِ مِن المسائلِ الَّتي هي محلّ خلافِ

(5)

.

الجواب عن المناقشة: قولُكم في الفائدةِ الثانيةِ: "معرفة المسائل المتفق عليها من المختلف فيها": إِن كان مقصودُكم بمعرفةِ المسائلِ المتفقِ

(1)

انظر: الآيات البينات للعبادي (4/ 375).

(2)

انظر: المحصول في علم أصول الفقه للرازي (6/ 71)، وشرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، والفائق في أصول الفقه (5/ 88)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3884)، ونهاية السول (4/ 584)، والبحر المحيط (6/ 298).

(3)

إِعلام الموقعين (6/ 202).

(4)

انظر: المحصول في علم أصول الفقه للرازي (6/ 71)، وشرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، والتحصيل من المحصول (2/ 351)، والحاصل من المحصول (2/ 1521)، والفائق في أصول الفقه (5/ 88)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3884)، ونهاية السول (4/ 584)، والبحر المحيط (6/ 299)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396) بحاشية البناني.

(5)

انظر: المصادر السابقة.

ص: 729

عليها؛ لئلا يخالفَها؛ لأنَّها خرقٌ للإِجماعِ، فإِنَّ هذا ينافي دعواكم؛ إِذ حُرْمةُ المخالفةِ فرعُ بقاءِ القولِ

(1)

.

وأجيب عن الجواب: بأنَّ ما ذكرناه مِن الفائدة لا ينافي ما ادعيناه مِن المنعِ مِنْ تقليدِ الميتِ؛ لأنَّه لا يلزمُ مِن الاعتدادِ بقولِه مع غيرِه مِن المجتهدين، الاعتداد بقولِه وحده

(2)

.

ويمكن أنْ يُضاف وجهٌ ثانٍ في الجواب عن مناقشةِ الدليلِ الثاني: بأنَّ ما ذكرتموه مسلَّمٌ، ولكنْ لا مانعَ مِنْ أنْ نقوَلَ: إِن تصنيفَ الكتبِ الفقهيةِ له ثلاثُ فوائد: الفائدتانِ اللتانِ ذُكِرَتا في المناقشةِ، والفائدة الثالثة: تقليدُ الميتِ، ولا سيما أنَّ عملَ الفقهاءِ وصنيعهم يدلُّ على هذه الفوائد.

الدليل الثالث: أن المجتهدَ إِذا قالَ قولًا، ثُمَّ ماتَ، فإِنَّ قولَه لا يبطلُ بموتِه

(3)

؛ يقولُ الإِمامُ الشَّافعي: "المذاهبُ لا تموتُ بموتِ أربابِها، ولا بفقدِ أصحابِها"

(4)

.

ويدلُّ على ما سبق: اختيارُ كثيرٍ مِن الأصوليين أنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهلِ العصرِ السابقِ لا يُعَدُّ إِجماعًا تَحْرُم مخالفتُه؛ لتقدّمِ الخلافِ، فالقولُ لا يموتُ بموتِ قائلِه

(5)

.

(1)

انظر: الآيات البينات للعبادي (4/ 374).

(2)

انظر: المصدر السابق.

(3)

انظر: البرهان (2/ 884 - 885)، والمنخول (ص / 480)، وبذل النظر للأسمندي (ص/ 693)، وصفة الفتوى (ص/ 70)، ومجموع فتاوى شيخ الإِسلام (20/ 585)، والمسودة (2/ 539)، وإعلام الموقعين (6/ 202).

(4)

انظر: البرهان للجويني (1/ 456)، وأدب المفتى والمستفتي (ص/ 165)، والمجموع شرح المهذب للنووي (1/ 55)، والبحر المحيط (6/ 297)، وتشنيف المسامع (4/ 609)، وسلاسل الذهب (ص/ 448)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396) بحاشية البناني، وشرح الكوكب المنير (4/ 513)، والعقد الفريد للسمهودي (ص/ 74).

(5)

انظر: التبصرة (ص/ 378)، والمنخول (ص / 320)، وروضة الناظر (2/ 486)، والإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (1/ 275)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ 160)، وشرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، وصفة الفتوى (ص/ 70).

ص: 730

ثُمَّ إِنَّ الحاكمَ إِذا حَكَمَ بحكمٍ، ثُمَّ ماتَ، فإِنَّ حكمَه لا يبطلُ بموتِه، والشاهدَ إِذا أَدَّى شهادتَه، ثُمَّ ماتَ، فإِنَّ شهادتَه لا تبطلُ بموتِه، ولا تبطلُ الوصيةُ بموتِ الموصي، وكذلك الراوي إِذا روى خبرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ ماتَ، فإِنَّ روايته لا تبطلُ بموتِه، فكذلك المجتهد إِذا قالَ قولًا، ثمَّ ماتَ، فإِنَّ قولَه لا يبطلُ بموتِه

(1)

.

الدليل الرابع: يؤدّى القولُ بالمنعِ مِنْ تقليدِ الميتِ - لأنَّه لا قولَ له - إِلى إِبطالِ الإِجماعاتِ المنعقدة مِن المجتهدين في العصورِ السابقةِ؛ لأنَّ قولَهم بَطَلَ بعدَ موتِهم، وتصير المسألةُ المجمعُ عليها مسألةً لا يُحكى فيها الإِجماع! وهذا ظاهرُ البطلانِ

(2)

.

يقولُ أبو القاسمِ الرافعي: "لو بَطَلَ قولُ القائلِ بموتِه، لبَطَلَ الإِجماعُ بموتِ المجمعين، ولصارت المسألةُ اجتهاديةً"

(3)

.

الدليل الخامس: لو منعنا الناسَ مِنْ تقليدِ الأمواتِ، لبقوا في حيرةٍ وحرج، ولوَقَعَ عليهم الضررُ عند فَقْدِ المجتهدِ، فلا بُدَّ لهم مِنْ تقليدِ الأمواتِ

(4)

.

(1)

انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (12/ 421)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ 165)، والمجموع شرح المهذب للنووي (1/ 55)، وروضة الطالبين له (11/ 99)، والمسودة (2/ 935)، وإعلام الموقعين (6/ 202)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1514)، ونهاية السول (4/ 485)، والبحر المحيط (6/ 297)، والتحبير (8/ 3983)، وشرح الكوكب المنير (4/ 513)، والآيات البينات للعبادي (4/ 369)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396) بحاشية البناني.

(2)

انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (12/ 421)، وشرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، وإعلام الموقعين (6/ 202)، وأصول الفقه لابن مفلح (4/ 1514)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396) بحاشية البناني.

(3)

العزيز شرح الوجيز (12/ 421).

(4)

انظر: المصدر السابق، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ 160)، وروضة الطالبين للنووي (11/ 99)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3886)، ونهاية السول (4/ 584 - 585)، والبحر المحيط (6/ 298)، وتيسير التحرير (4/ 250).

ص: 731

ويمكن أنْ يناقشَ الدليل الخامس من وجهين:

الوجه الأول: بعدمِ التسليمِ بوقوعِ الضررِ على الناسِ إِذا لم يقلدوا الأمواتِ؛ إِذ لا يخلو العصرُ مِنْ قائمٍ لله بالحجةِ.

الوجه الثاني: هذا الدليلُ يدلُّ على جوازِ تقليدِ الميتِ إِذا لم يُوجدْ مجتهدٌ، أمَّا إِذا وُجدَ مجتهدٌ، فإِن الحيرةَ الحرجَ مندفعان.

أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني (القائلين بمنع تقليد الميت مطلقًا):

استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: لو قُدِّرَ أنَّ المجتهدَ الميتَ لا يزال حيًا، فإِنَّ قولَه قد يتغيرُ إِذا عُرِضَتْ عليه المسألةُ مرةً أخرى؛ لتجديدِ نظرِه فيها، وعلى تقديرِ تجديدِ اجتهادِ المجتهدِ، يحتملُ رجوعُه عنْ قولِه، فيكون تقليدُه والحالةُ هذه بناءً على وهمٍ وترددٍ، وهذا غيرُ جائزٍ

(1)

.

مناقشة الدليل الأول: إِنَّ الأصلَ بقاءُ المجتهدِ على قولِه الَّذي ماتَ عليه، واحتمالُ تغيّر قولِه بناءً على تجديدِ الاجتهادِ، مخالفٌ للأصلِ

(2)

.

الدليل الثاني: ذَكَرَ بدرُ الدينِ الزركشي

(3)

، وأحمدُ الوزير

(4)

أنَّ أبا حامدٍ الغزالي حكى إِجماعَ علماءِ الأصولِ على منعِ تقليدِ الميتِ، والإِجماعُ حجةٌ يجبُ المصيرُ إِليه.

يقولُ أبو حامدٍ الغزالي: "قد قالَ الفقهاءُ: يُقَلِّده وإنْ ماتَ

وأجمعَ علماءُ الأصولِ على أنَّه لا يفعلُ ذلك"

(5)

.

(1)

انظر: المعتمد (2/ 933)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (4/ 394)، وبذل النظر للأسمندي (ص/ 693)، وصفة الفتوى (ص / 70)، وإعلام الموقعين (6/ 202)، والإِبهاج في شرح المنهاج (7/ 2945)، والبحر المحيط (6/ 298).

(2)

انظر: بذل النظر للأسمندي (ص/ 693)، وصفة الفتوى (ص / 71).

(3)

انظر: البحر المحيط (6/ 298)، وتشنيف المسامع (4/ 610).

(4)

انظر: المصفى في أصول الفقه (ص/ 829).

(5)

المنخول (ص/ 480).

ص: 732

ويمكن أنْ يناقش الدليل الثاني: بأنَّ الظاهرَ أنَّ مرادَ الغزالي حينَ حكى إِجماعَ الأصوليين على منعِ تقليدِ الميتِ، المنعُ مِنْ تقليدِ المجتهدِ الَّذي لم يثبتْ قولُه، أو لم يتحررْ، أمَّا تقليدُ مَنْ ثَبَتَ قولُه، وتحررَ المرادُ منه، فيجوزُ. يدلُّ على هذا: ما قاله الغزالِيُّ بعد حكايتِه للإِجماعِ: "ولو اتَّبعَ الآن عاميٌّ مذهبَ أبي بكر، مُعْرِضًا عن سائرِ المذاهبِ، لا يجوزُ له ذلك؛ فإِن الصحابةَ كانوا لا يَعْتَنُون بنخلِ المسائلِ وتهذيبها، وإِنَّما اعتنى به المتأخرونَ"

(1)

.

فكلامُ أبي حامد واضحٌ في تحديد المرادِ بالإِجماعِ الَّذي حكاه.

الدليل الثالث: أنَّ المجتهدَ لا قولَ له بعدَ موتِه، بدليلِ: أنَّ الإِجماعَ لا ينعقدُ مع خلافِه إِذا كان حيًّا، وينعقدُ مع موتِه، ويدل هذا على موتِ القولِ بموتِ قائلِه، وإِذا لم يكنْ للمجتهدِ قولٌ، لم يجزْ تقليدُه

(2)

.

مناقشة الدليل الثالث، نوقش الدليل مِن وجهين:

الوجه الأول: لا نُسلمّ أنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهلِ العصرِ السابقِ إِجماعٌ صحيحٌ

(3)

؛ إِذ المسألةُ محلّ خلافٍ بين الأصوليين، وكثيرٌ مِنْ محققيهم يرونَ أنَّه ليس بإِجماعٍ

(4)

.

(1)

المصدر السابق.

(2)

انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (12/ 420)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (6/ 71)، وشرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، والحاصل من المحصول (2/ 1521)، ومنهاج الوصول للبيضاوي (2/ 1085) مع شرحه السراج الوهاج، والفائق في أصول الفقه (5/ 87)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3884)، والإِبهاج في شرح المنهاج (7/ 2945)، ونهاية السول (4/ 584)، والبحر المحيط (6/ 298)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396) بحاشية البناني.

(3)

انظر: نهاية الوصول للهندي (8/ 3885)، والفائق في أصول الفقه (5/ 87)، والتقرير والتحبير (3/ 347)، وفواتح الرحموت (2/ 407).

(4)

انظر: شرح اللمع (2/ 726)، والتبصرة (ص/ 378)، والمنخول (ص / 320)، وروضة الناظر (2/ 486)، والإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (1/ 275)، ومختصر منتهى السول ابن الحاجب (1/ 491).

ص: 733

الوجه الثاني: سلّمْنا أنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهلِ العصرِ السابقِ يُعَدّ إِجماعًا، لكنْ لا يلزم مِنْ ذلك عدمُ جوازِ تقليدِ الميتِ؛ إِذ عدمُ مانعيةِ قولِ الميتِ انعقاد الإِجماع لا تستلزم أنْ لا يكون مثلَ قولِ الحي في جوازِ تقليدِه عند عدمِ الإِجماعِ على خلافه

(1)

.

الدليل الرابع: أنَّ المجتهدَ بعد موتِه خَرَجَ عن أهليّةِ الاجتهادِ، فيكون حالُه كحالِ المجتهدِ إِذا فَسَقَ

(2)

.

مناقشة الدليل الرابع: هناك فرقٌ بين الفسقِ، والموتِ، يبينُ هذا: أنَّ الشاهدَ لو شَهَدَ عند الحاكمِ، ثمَّ ماتَ، فإِنَّ الحاكمَ يحكمُ بشهادتِه، ولا يُؤَثِّرُ موتُه في ردِّ شهادتِه، بخلافِ ما لو شَهِدَ عند الحاكمِ، ثُمَّ فَسَقَ الشاهدُ، فإِنَّ الحاكمَ لا يحكمُ بتلك الشهادةِ، للفسقِ.

وإِذا ثَبَتَ الفرقُ بين الفسقِ والموتِ، لم يصحَّ إِلحاقُ الموتِ بالفسقِ

(3)

.

ثمَّ إِنَّ الموتَ وإِنْ أزالَ التكليفَ عن المجتهدِ، إِلَّا أنَّه أُمِنَ معه عدمُ رجوعِ المجتهدِ عن قولِه، لأنَّه لن يعيدَ النظرَ في اجتهادِه

(4)

.

أدلةُ أصحابِ القولِ الثالثِ: يتألفُ قولهم من شقين:

الشق الأول: المنعُ مِنْ تقليدِ الميتِ إِنْ وُجِدَ مجتهدٌ، واستدلوا بالآتي:

أولًا: أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني المانعين مِنْ تقليدِ الميتِ مطلقًا.

(1)

انظر: تيسير التحرير (4/ 250).

(2)

انظر: المعتمد (2/ 933)، والعزيز شرح الوجيز للرافعي (12/ 420)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ 160)، وصفة الفتوى (ص/ 70)، وإعلام الموقعين (6/ 202)، والبحر المحيط (6/ 298).

(3)

انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ 160)، وصفة الفتوى (ص/ 325).

(4)

انظر: المعتمد (2/ 933)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (4/ 394).

ص: 734

وقد سبقتْ مناقشتُها.

ثانيًا: أن تقليدَ المجتهدَ الحي أولى مِنْ تقليدِ المجتهدِ الميتِ

(1)

.

الشق الثاني: جوازُ تقليدِ الميتِ إِنْ لم يُوجدْ مجتهدٌ ودليلهم:

إِنْ لم يُوْجَد المجتهدُ، فإِنّنا نُجَوِّزُ تقليدَ الميتِ؛ للضرورةِ، إِذ كيفَ يستقيمُ حالُ الناسِ إِنْ لم يُوجدْ مجتهدٌ إِلَّا بتقليدِ الميتِ؟ ! فلو لم يُقلَّد الميتُ والحالة هذه، لضاعت الشريعةُ

(2)

.

• الموازنة والترجيح:

مِنْ خلالِ النظرِ في الأقوالِ وما استدلوا به، وما وَرَدَ عليها مِن مناقشاتٍ، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الأولِ القائلِ بجوازِ تقليدِ الميتِ مطلقًا، وقبلَ ذكرِ أسبابِ الترجيحِ أنبّه إِلى الأمرين الآتيين:

الأمر الأول: ليسَ للعامي أنْ يُقَلِّدَ المجتهدَ الميت ابتداءً؛ لأنَّ فرضَه إِذا نزلتْ به نازلةٌ سؤالُ العالمِ.

الأمر الثاني: لزومُ النظرِ فيما أفتى فيه المجتهدُ الميت، أو نُقِلَ قولُه فيه، مِنْ جهةِ غلبةِ الظنِّ هلْ لتغيّرِ العصرِ مدخلٌ في تغيّرِ قولِه؟

فإِنْ غَلَبَ على الظنِّ أنَّه لا مدخلَ للعصرِ في تغيّرِ قولِ الميتِ، فلا بأسَ بتقليدِه.

وإن غَلَبَ على الظنِّ أنَّ للعصر مدخلًا في تغيّرِ قولِ المجتهدِ الميتِ - مثل: أنْ يُبْنَي قولُه على العرفِ القائم في وقتِه - فينبغي التَّريث في تقليدِه، حتى نعلم مأخذَ قولِه ومقصدِه منه

(3)

.

(1)

انظر: نفائس الأصول (9/ 4156)، وسلاسل الذهب (ص/ 448 - 449).

(2)

انظر: شرح المعالم لابن التلمساني (2/ 454)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3885)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396) بحاشية البناني، وتيسير التحرير (4/ 250).

(3)

انظر: أصول الفقه للدكتور عياض السلمي (ص/488).

ص: 735

وقد رجحتُ ما سبق؛ للأسبابِ الآتية:

الأول: قوةُ أدلةِ أصحابِ القولِ الأولِ، ولا سيَّما الإِجماع الَّذي ذكروه، فلم يَزَلْ أتباعُ الأئمةِ في عهدِ أئمةِ الإِسلام ينقلون أقوالَ المجتهدين الأموات، ويقررونها، ويناظرونَ لنصرتِها، دون أنْ يُنْكِرَ عليهم أحدٌ.

الثاني: عملُ الفقهاءِ في مصنفاتِهم، فتجد فيها أقوالَ المجتهدين الأموات، تُقَرّر، ويُسْتَدلُّ لها، ويُعْتَرضُ عليها، ولو ماتتْ أقوالُهم بموتِهم، لكان ذكرهُم لها ضربًا مِن ضروبِ العبثِ.

الثالث: حاجةُ الناسِ إِلى تقليدِ المجتهدِ الميتِ، ولا سيما مع ندرةِ المجتهدين

(1)

.

يقولُ ابنُ الصلاحِ عن أثرِ القولِ الثاني المانعِ مِن تقليدِ الميت: "يجرُّ خَبطًا في الأعصارِ المتأخرةِ"

(2)

.

ويقولُ صفيُّ الدين الهندي: "لو لم نجوِّز هذا - أيْ: العمل بقول الميت - لأدَّى ذلك إِلى أنَّ الشريعةَ غيرُ وافيةٍ ببيانِ أكثر الوقائعِ الحادثةِ، ومعلومٌ أنَّ هذا يؤدِّي إِلى التهارجِ وفسادِ أحوالِ الناسِ"

(3)

.

الرابع: ضعفُ أدلةِ الأقوالِ الأخرى؛ بما وَرَدَ عليها مِنْ مناقشاتٍ.

• نوع الخلاف:

مالَ البنانيُّ إِلى أنَّ الخلافَ في مسألةِ: (تقليد الميت) خلافٌ لفظي

(4)

، يقول: "قد يُقَالُ: مَنْعُه له - أي: منع الرَّازي لتقليدِ الميت - إِنَّما هو مِنْ حيثُ كونُه عن الميتِ، وإِلَّا فَيُعْمَل به عنده مِنْ حيثُ نقلُ الثقةِ له

(1)

انظر: البحر المحيط (6/ 288).

(2)

أدب المفتي والمستفتي (ص/ 160). وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي (1/ 55).

(3)

نهاية الوصول (8/ 3886).

(4)

انظر: حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 396).

ص: 736

عن الميتِ المجتهدِ، وليس هذا مِنْ تقليدِ الميتِ عنده، وإنَّما هو عملٌ بالظنِّ، وبهذا يصيرُ الخلافُ بينه وبين القومِ لفظيًا؛ فإِنَّهم يقولون: للميتِ قولٌ لم يمتْ، فليقلَّدْ، وهو يقول: لا قولَ للميتِ، ولكنَّ الحكايةَ عنه تُغَلِّبُ ظنَّ أنَّ هذا حكمُ الله"

(1)

.

وما ذكره البنانيُّ، وإِنْ كان وجيهًا، إِلَّا أنَّه محلُّ نظرٍ؛ لأنَّ القائلين بمنعِ تقليدِ الميتِ يقولون: إِنَّ المجتهدَ إِذا ماتَ، بَطَلَ قولُه، ويؤكّدُ هذا: قولهم: إِنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهل العصرِ السابقِ، إِجماعٌ صحيحٌ

(2)

.

والذي يظهرُ لي أن الخلافَ في المسألةِ خلافٌ معنوي، له أثرُه في المسائلِ الأصوليةِ، والمسائلِ الفقهيةِ.

فمن المسائل الأصولية:

المسألة الأولى: إِذا انقسمَ أهلُ العصرِ إِلى قسمين، ثمَّ ماتَ أحدُهما، فهلْ يكون قولُ الباقين إِجماعًا؟

يتخرَّج الخلافُ في المسألة على الخلافِ في مسألةِ: (تقليد الميت)

(3)

.

المسألة الثانية: التمذهبُ بمذهب المجتهدِ الميتِ

(4)

. وسيأتي الحديثُ عن هذه المسألةِ استقلالًا.

المسألة الثالثة: إِفتاءُ غيرِ المجتهدِ بقولِ المجتهدِ الميتِ

(5)

. وسيأتي الحديثُ عن هذه المسألةِ استقلالًا.

(1)

انظر: المصدر السابق.

(2)

انظر: المحصول في علم أصول الفقه للرازي (4/ 138)، والحاصل من المحصول (2/ 701)، والتحصيل من المحصول (2/ 61).

(3)

انظر: نفائس الأصول (6/ 2786).

(4)

انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (12/ 422)، والوصول إِلى قواعد الأصول للتمرتاشي (ص/ 288).

(5)

انظر: الإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (4/ 236)، ونهاية الوصول للهندي (8/ 3883)، =

ص: 737

المسألة الرابعة: إِذا سألَ العاميُّ مجتهدًا، فأفتاه، ثُمَّ ماتَ المجتهدُ قبلَ عملِ العامي بفتوى المجتهدِ، فهل يسوغُ للعامي العملُ بالفتيا حينئذٍ؟

إِنْ قلنا: يجوزُ تقليدُ الميتُ، ساغَ العملُ بالفتيا.

وإنْ قلنا: لا يجوزُ تقليدُ الميت، لم يسغ العملُ بالفتيا

(1)

.

وأثرُ الخلافِ في المسائلِ الفقهيةِ ظاهرٌ في أبوابِ الفقهِ جميعِها،

ولا سيما في المسائل الَّتي انفردَ بها أحدُ المجتهدين.

• سبب الخلاف:

مِنْ خلالِ عرضِ المسألةِ بأقوالها وأدلتها، يظهرُ أنَّ الخلافَ راجعٌ إِلى السببين الآتيين:

السبب الأول: بقاءُ قولِ المجتهدِ بعد موتِه، فإِذا قالَ المجتهدُ قولًا، ثُمَّ ماتَ، فهلْ نقولُ ببقاءِ قولِه؟

إِنْ قلنا: إِنَّ قولَ المجتهد لا يبقى، بلْ يموتُ بموتِه، منعنا تقليدَه.

وإِنْ قلنا: إِنَّ قولَ المجتهدِ يبقى، ولا يموتُ بموتِه، جوّزنا تقليدَه.

السبب الثاني: لزومُ تجديدِ الاجتهادِ إِذا سُئلَ المجتهدُ عن المسألةِ مرةً ثانية.

فإِذا أوجبنا تجديدَ الاجتهادِ، فقد يقولُ قائلٌ بالمنعِ مِنْ تقليدِ الميتِ؛ لأنَّه لا يمكنُ منه تجديدُ الاجتهادِ.

وإِذا لم نوجبْ تجديدَ الاجتهادِ، جوّزنا تقليدَ الميت.

= والإِبهاج في شرح المنهاج (7/ 2945)، ونهاية السول (4/ 583)، والعقد الفريد للسمهودي (ص/ 79).

(1)

انظر: المسودة (2/ 932).

ص: 738

يقولُ بدرُ الدين الزركشي: "قيل: الخلافُ هنا - أيْ: في مسألةِ: (تقليد الميت) - مخرّجٌ مِن الخلافِ في إِعادةِ الاجتهادِ عند حدوثِ الحادثةِ مرةً أخرى"

(1)

.

* * *

(1)

البحر المحيط (6/ 300).

ص: 739