المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية - التمذهب – دراسة نظرية نقدية - جـ ٢

[خالد الرويتع]

فهرس الكتاب

- ‌الفرع الرابع عشر: الضعيف

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للضعيف:

- ‌الفرع الخامس عشر: المنكر

- ‌الفرع السادس عشر: الشاذ

- ‌الفرع السابع عشر: الطرق

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للطرق:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للطرق:

- ‌الفرع الثامن عشر: الإجراء

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للإجراء:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للإجراء:

- ‌الفرع التاسع عشر: التوجيه

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للتوجيه:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للتوجيه:

- ‌المسألة السادسة: تفضيل مذهب من المذاهب

- ‌المبحث الرابع: أقسام التمذهب

- ‌الفصل الثاني: نشأة التمذهب، وتاريخه

- ‌المبحث الأول: نشأة التمذهب

- ‌المطلب الأول: حالة الناس قبل نشوء المذاهب

- ‌المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية

- ‌المطلب الثالث: أسباب نشوء المذاهب الفقهية

- ‌المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التمذهب

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التمذهب من نشأته إلى نهاية القرن الثالث الهجري

- ‌المطلب الثاني: التمذهب من القرن الرابع الهجري إلى نهاية القرن السابع الهجري

- ‌المطلب الثالث: التمذهب من القرن الثامن الهجري إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري

- ‌المطلب الرابع: التمذهب من منتصف القرن الرابع عشر الهجري إلى العصر الحاضر

- ‌الفصل الثالث: حكم التمذهب

- ‌تمهيد: في تقليد الميت

- ‌المبحث الأول: التمذهب بمذهب الصحابي(1)، والتابعي

- ‌المبحث الثاني: التمذهب بأحد المذاهب الأربعة الفقهية المشهورة

- ‌المبحث الثالث: التمذهب بغير المذاهب الأربعة

- ‌الفصل الرابع الأحكام المترتبة على التمذهب

- ‌المبحث الأول: طبقات المتمذهبين

- ‌المطلب الأول أبرز مناهج المتقدمين في تقسيم طبقات المتمذهبين

- ‌تمهيد

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تقسيم ابن الصلاح

- ‌المسألة الثانية: تقسيم ابن حمدان

- ‌المسألة الثالثة: تقسيم ابن القيم

- ‌المسألة الرابعة: تقسيم ابنه كمال باشا

- ‌المطلب الثاني: أبرز مناهج المتأخرين في تقسيم طبقات المتمذهبين

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تقسيم شاه ولي الله الدهلوي

- ‌المسألة الثانية: تقسيم محمد أبو زهرة

- ‌المسألة الثالثة: تقديم الدكتور محمد الفرفور

- ‌القسم الأول: المجتهدون اجتهادًا مطلقًا في الشرع

- ‌القسم الثاني: المجتهدون المقيَّدون بالمذهبِ

- ‌المطلب الثالث: الموازنة بين التقسيمات

- ‌المبحث الثاني: الانتقال عن المذهب

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الانتقال عن المذهب إلى الاجتهاد

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المستقل

- ‌المسألة الثانية: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المنتسب

- ‌المطلب الثاني: الانتقال عن التمذهب بمذهب معين إلى التمذهب بمذهب آخر

- ‌المطلب الثالث: الخروج عن المذهب في بعض المسائل

- ‌المبحث الثالث: تتبع الرخص

- ‌توطئة

- ‌المطلب الأول: تعريف التتبع

- ‌المطلب الثاني: تعريف الرخصة في: اللغة، والاصطلاح

- ‌أولًا: تعريف الرخصة في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف الرخصة في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: تعريف تتبع الرخص

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين الرخصة من العالم، وزلة العالم

- ‌المطلب الخامس: حكم تتبع الرخص

- ‌المبحث الرابع: التلفيق بين المذاهب

- ‌المطلب الأول: تعريف التلفيق في اللغة، والاصطلاح

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تعريف التلفيق في اللغة

- ‌المسألة الثانية: تعريف التلفيق في الاصطلاح

- ‌المطلب الثاني: صور التلفيق

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: التلفيق بين قولين في مسألة وفروعها

- ‌المسألة الثانية: التلفيق بين أثر القول وقول آخر في مسألة وفروعها

- ‌المطلب الثالث: أقسام التلفيق، وحكم كل قسم

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولى: التلفيق في الاجتهاد

- ‌المسألة الثانية: التلفيق في التقليد

- ‌المسألة الثالثة: التلفيق في التقنين

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين التلفيق وتتبع الرخص

- ‌الفصل الخامس: أحكام المتمذهب

- ‌المبحث الأول: عمل المتمذهب إذا خالف مذهبه الدليل

الفصل: ‌المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية

‌المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية

لم تكنْ نشأة المذاهبِ الفقهيةِ - سواءٌ ما بقي منها، أو ما فَنِيَ - في وقتٍ واحدٍ، وإنَّما نشأَ أكثرُها في وقتٍ متقارب

(1)

، وقبلَ الحديثِ في هذا المطلب، أشيرُ إلى أنَّني لا أتحدثُ عن نشأةِ مذهبٍ بعينِه، ولا أكتبُ تاريخًا لَه، وإنَّما الحديثُ عن نشأةِ المذاهبِ الفقهيةِ على جهةِ العمومِ.

يصحُّ لي في البدءِ أنْ أقولَ: إنَّ نشأةَ المذاهب الفقهيةِ كانت نابعةً مِن المدارسِ الموجودةِ في تلك العصور

(2)

، فأعلامُ المَذاهب وأئمتها تخرجوا فيها

(3)

، ورأسُ المدارسِ الفقهيةِ آنذاك مدرستانِ:

المدرسة الأولى: مدرسةُ الأثرِ.

المدرسة الثانية: مدرسةُ الرأي

(4)

.

يقولُ الحافظ ابنُ رجبٍ: "اقتضتْ حِكْمَةُ الله سبحانه أنْ ضَبَطَ الدِّينَ وحفظَه، بأنْ نَصَبَ للناس أئمةً - مجتمعًا على علمِهم ودرايتِهم وبلوغِهم الغايةَ المقصودةَ في مرتبةِ العلمِ بالأحكامِ والفتوى - مِنْ أهلِ الرأي

(1)

انظر: الاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 171).

(2)

انظر: المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 186)، والمذاهب الفقهية للدكتور فوزي فيض الله (ص/26).

(3)

انظر: المدخل إلى دارسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ 46).

(4)

انظر: المصادر التي ذكرتها في المطلب الأول (ص/ 608)، حاشية رقم (3)، ومعالم السنن للخطابي (1/ 5)، والملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 205)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 189).

ص: 632

والحديثِ"

(1)

.

ويقول الشيخُ محمدٌ أبو زهرة: "اختلفت الآراءُ الفقهيةُ، وتكوَّنتْ مِنْ هذا الاختلافِ مدارس فقهيةٌ، ثم تَبَلْوَرَت المدارسُ، فصارتْ مذاهبَ فقهية"

(2)

.

وسأتحدثُ في هذا المطلب عن هاتينِ المدرستينِ بحديثٍ موجزٍ - تاركًا بعضَ الأمورِ المتعلقةِ بهما، وعلى وجهِ الخصوصِ النقد الموجّه إلى مدرسةِ الرأي

(3)

- لأنَّ المذاهبَ الفقهيةَ - والمتبوعةَ منها على وجهِ الخصوصِ - قد نَشَأَتْ عن هاتينِ المدرستينِ.

وكما أسلفتُ في المطلبِ السابقِ، فإنَّ منبعَ المدرستينِ الفقهيتينِ ونواتَهما كانتْ مِنْ أقوالِ الصحابةِ رضي الله عنهم، ومِنْ منهجِهم في معالجةِ النوازلِ، ومِنْ أقوالِ تلامذتِهم ومنهجِهم في دراسةِ النوازلِ

(4)

؛ إذ الصحابةُ رضي الله عنهم تفرقوا في الأمصارِ، فاشتغلتْ طائفةٌ منهم بالعِلم ونَشرِه، فكان لها طلاب عُنوا بأقوالِهم

(5)

- كما سبقت الإشارةُ إليه في كلامِ علي بنِ المديني في المطلب السابقِ - وتولّوا الإفتاءَ بعدهم

(6)

، ونتَجَ عن هذا تعددُ اتجاهاتِ العلماءِ

(7)

، فَظَهَرَتْ بوادرُ اتجاهين:

الاتجاه الأول: الوقوفُ مع النصّ الشرعي في حدودِه المبينة، دونَ التوغّلِ في علتِه وبواعثِه.

(1)

الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة (ص/ 28).

(2)

تاريخ المذاهب الإسلامية (ص/ 301).

(3)

انظر على سبيل المثال: تأويل مختلف الحديث لابن قتببة (ص/ 130 وما بعدها).

(4)

انظر: الفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ 53)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 75)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 73).

(5)

انظر: أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 11)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 35)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 56)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 85).

(6)

انظر: أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 11).

(7)

انظر: الاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 162).

ص: 633

الاتجاه الثاني: الوقوفُ مع النصِّ الشرعي، مع البحثِ والنظرِ في علتِه وغرضِ الشارعِ منه

(1)

.

ومَعَ استمرارِ الزمنِ، أَخَذَ الخلافُ يتعمّقُ بين الاتجاهينِ، واتّسعتْ شُقَّةُ الخلافِ المنهجي بين الفريقينِ، حتى ظَهَرَتْ إثرَ ذلك: مدرسةُ الأثرِ، ومدرسةُ الرأي، فكان لكلِّ واحدةٍ منهما مميزات وخصائص، وطريقةٌ في النظرِ في الأدلةِ والاستدلالِ منها، ظَهَرَ أَثَرُها في أصولِ المذاهب الفقهيةِ التي نشأتْ عنهما

(2)

.

يقولُ الشيخُ محمد أبو زهرةَ: "كلمَّا اخْتَلَفَت المدارسُ الفقهيةُ كان الاختلاف سببًا في أنْ تتميّزَ مناهجُ الاستنباطِ في كلِّ مدرسةٍ"

(3)

.

أولا: مدرسة الأثر:

كان مقرُّ مدرسةِ الأثرِ في الحجازِ، وفي مدينةِ النبي صلى الله عليه وسلم على وجهِ الخصوصِ

(4)

، ويرجعُ فقهُ هذه المدرسةِ إلى عددِ مِن الصحابةِ رضي الله عنهم، ومِنْ

(1)

انظر: الإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 136)، وتاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 143)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 186)، والفقه الإسلامي ومدارسه له (ص/ 54)، والشريعة الإسلامية تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 124)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 76)، والاجتهاد ومقتضيات العصر لمحمد الأيوبي (ص/ 89)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد موسى (1/ 50)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ 97)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 86).

(2)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 479)، والإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 137)، وتاريخ المذاهب الإسلامية له (ص/ 259)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 75).

(3)

أصول الفقه (ص/ 12). وانظر: أسباب اختلاف وجهات النظر الفقهية للدكتور وهبة الزحيلي (4/ 228) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر.

(4)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 186)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 76)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 100)، والاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 163)، ومقدمة في دراسة الفقه له (ص/ 153)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة =

ص: 634

أشهرِهم: عبدُ الله بنُ عمر، وعبدُ الله بنُ عباسٍ، وعائشةُ، وزيدُ بنُ ثابتٍ رضي الله عنهم

(1)

.

وقد اشتهرَ في هذه المدرسةِ عددٌ مِنْ فقهاءِ التابعين وأتباعِهم: كسعيدِ بنِ المسيبِ، وعروةَ بنِ الزبير، ومحمدِ بنِ شهابٍ الزهري

(2)

،

= للدكتور إسماعيل ميقا (ص/ 151)، والرأي وأثره في الفقه للدكتور إدريس بشير (ص/ 485)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 24، 401)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 189)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 125)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 76)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة لمصطفى عبد الرازق (ص/ 205)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 285)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 125)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد موسى (1/ 36)، و (2/ 13)، والمدخل لدراسة الفقه له (ص/ 53)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عمر الأشقر (ص/ 84)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 115)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ 81)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 120)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 83)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 61)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 93)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 150)، والمدخل إلى دارسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ 13)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 247)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 73)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 86). وقارن بالمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 196 - 198)، والفقه الإسلامي ومدارسه له (ص/ 59).

(1)

انظر: الإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 139)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 114)، والشريعة الإسلامية تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 114)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة للدكتور إسماعيل ميقا (ص/ 153)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 24)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 100 - 101)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 76)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 120)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ 80)، و (ص/ 118 وما بعدها)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 94)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ 67).

(2)

هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني، أبو بكر، ولد سنة 50 هـ وهو أحد كبار التابعين وأئمتهم، روى عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، كان حافظ عصره، =

ص: 635

وغيرِهم

(1)

.

وكان أشهرُ أربابِ هذه المدرسةِ، ولسانُ فقهائِها سعيدَ بنَ المسيب

(2)

.

ويتحدثُ الشيخ محمدٌ شلبي عن علماءِ مدرسةِ الأثرِ ومنهجِهم،

= ومن أحسن الناس سياقًا لمتون الأخبار، قال عنه الإمام أحمد:"الزهري أحسن الناس حديثًا، وأجود الناس إسنادًا"، وفال الزهري عن نفسه:"ما استودعتُ قلبي شيئًا قط فنسيته"، وقد بلغ في العلم مبلغًا كبيرًا حتى قيل عنه: إنه أعلم الناس، توفي سنة 124 هـ. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري (1/ 220)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 177)، وتهذيب الكمال للمزي (26/ 419)، وسير أعلام النبلاء (5/ 326)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (1/ 108).

(1)

انظر: أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 11)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 101)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة للدكتور إسماعيل ميقا (ص/ 154)، والرأي وأثره في الفقه للدكتور إدريس بشير (ص/ 485 وما بعدها)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 193)، والاجتهاد ومقتضيات العصر لمحمد الأيوبي (ص/ 91)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 101)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 125)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 76)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 124)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد موسى (1/ 40)، و (2/ 15)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 95، 97)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عمر الأشقر (ص/ 85)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 150)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 248)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ 67).

(2)

انظر: حجة الله البالغة للدهلوي (1/ 44)، والإنصاف في بيان سبب الخلاف له (ص/ 10)، وأصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 11)، وتاريخ المذاهب الإسلامية له (ص/ 262)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 101)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 25)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 189)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 103)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 125)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 77)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد موسى (1/ 38)، و (2/ 13)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 121)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 61)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 151)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 86)، والمدخل إلى دراسة الفقه لعبد المجيد الديباني (ص/ 119)، والمذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (1/ 17).

ص: 636

فيقول: "رَأَى هؤلاءِ مدينتَهم أغنى البلدانِ بالحديثِ، مهبط الوحي، ومجمع الصحابةِ

وفيها أقامَ الخلفاءُ وجمهرة الصحابةِ، فافتوا وقضوا، وحَفِظَ الناسُ قضاياهم وفتياهم، فإذا ضممنا إلى ذلك

بُعْدَ البلادِ عن الحضارةِ وحوادِثِها المتجددة: حَكَمْنَا بكفايةِ هذه الأحكامِ لتلك البلادِ، إلا إذا جدَّ جديدٌ - وهو قليلٌ - فيمكنُ أَخذُ حكمِه بقياسٍ أو بغيرِه"

(1)

.

ويتجلى الطابعُ العامُّ لهذه المدرسةِ في أمرينِ:

الأمر الأول: الوقوفُ مع نصوصِ السنةِ النبويةِ على وجهِ الخصوصِ؛ لوفرةِ الأحاديثِ التي وقفوا عليها، مع عنايتِهم بتحصيلِها، ولقلّةِ النوازلِ التي تحتاجُ إلى أحكامٍ غيرِ منصوصٍ عليها

(2)

.

الأمر الثاني: قلةُ استعمالِ علماءِ مدرسةِ الأثرِ للرأي

(3)

.

(1)

تعليل الأحكام (ص/ 73). وانظر: دراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 85)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 195)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 120)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 121)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 61)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 93، 95).

(2)

انظر: المصادر السابقة، والملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، وتاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 261)، وابن حزم - حياته وعصره له (ص/ 180)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 99)، والشريعة الإسلامية تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 125)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/77 - 78)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 217)، والرأي وأثره في الفقه للدكتور إدريس بشير (ص/ 517)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 368)، والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 165)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 402)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 76 - 77)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 115)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 83)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 249)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 73 - 74)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 87)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ 67 - 68)، والمنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة للدكتور عبد الملك بن دهيش (ص/19).

(3)

انظر: المصادر السابقة.

ص: 637

ولا يعني هذا أنَّهم لا يعتمدونَ على الرأي ولا يستعملونه، وإنَّما يستعملونه في المسائلِ التي لم يَرِدْ فيها دليلٌ نقليٌّ

(1)

.

ومِنْ أشهرِ أئمةِ المذاهبِ الفقهيةِ الذين تخزجوا في مدرسةِ الأثرِ: الإمامُ مالك بن أنس

(2)

، والإمامُ الشافعي - مع درايته وتأثره بمدرسة أهل الرأي - والإمامُ أحمدُ بن حنبل

(3)

، وأئمةُ أهلِ الظاهرِ

(4)

.

تانيًا: مدرسة الرأي:

كان مقرُّ مدرسةِ الرأي في العراقِ، وفي الكوفة على وجهِ

(1)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، وابن حزم - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 181)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 121)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 403)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 140)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 252).

(2)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، والمصفى في أصول الفقه لأحمد الوزير (ص/ 22)، وتاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 266)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 213)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 363)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة للدكتور إسماعيل ميقا (ص/ 243)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 76)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 61)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عمر الأشقر (ص/ 86)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 86)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور محمد يوسف (ص/53).

وقارن بآفاق فقه مالك لمحمد صالح (3/ 310) ضمن ندوة الإمام مالك.

(3)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، وحجة الله البالغة للدهلوي (1/ 455)، والمصفى في أصول الفقه لأحمد الوزير (ص/ 22)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 219)، والرأى وأثره في الفقه للدكتور إدريس بشير (ص/ 526)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور محمد يوسف (ص/ 53)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 86)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور محمد يوسف (ص/ 53)، وتأريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ 233)، ونشأة الفقه الإسلامي للدكتور وائل حلاق (ص/ 177).

(4)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 476)، وتاريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ 233)، والمدخل إلى دراسة الفقه لعبد المجيد الديباني (ص/ 127)، ونشأة الفقه الإسلامي للدكتور وائل حلاق (ص/ 177).

ص: 638

الخصوصِ

(1)

، ووَرِثَتْ هذه المدرسةُ عِلْمَ عددٍ من الصحابة رضي الله عنهم، وعلى رأسِهم: عمرُ بنُ الخطاب، وعبدُ الله بن مسعود، وعليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم في فتاويهم وأقضيتِهم

(2)

.

(1)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 478)، والمدخلَ الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 186)، والاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 163)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 101)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 189)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 106، 126)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 78)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 158)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة للدكتور إسماعيل ميقا (ص/ 219)، والرأي وأثره في الفقه للدكتور إدريس بشير (ص/ 497)، والمدخل إلى عليم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 285)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 126)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد موسى (2/ 133)، والمدخل لدراسة الفقه له (ص/ 53)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 116)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 121)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عمر الأشقر (ص/ 86)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 83)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 65)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 93، 98)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 152)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 250)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 74)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 87)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ 69)، والمدخل إلى دراسة الفقه لعبد المجيد الديباني (ص/ 131)، والمذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (1/ 16). وقارن بالمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 196 - 198)، والفقه الإسلامي ومدارسه له (ص/59).

(2)

انظر: الإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 139)، وتاريخ المذاهب الإسلامية له (ص/ 262)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 175، 187)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 364)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 114)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 25)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 102 - 103)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 78)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 74 - 75، 80)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 120)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 71)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ 98 وما بعدها)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 122)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عمر الأشقر (ص/ 86)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا =

ص: 639

وقد اشتهرَ في هذه المدرسة عددٌ مِنْ فقهاءِ التابعين وأتباعِهم، منهم: علقمةُ بنُ قيسٍ، والأسودُ بنُ يزيدَ، وإبراهيمُ النخعي

(1)

، وغيرُهم

(2)

.

وكما كان سعيدُ بنُ المسيب أشهرَ رجالاتِ مدرسةِ الأثرِ، فإنَّ إبراهيمَ النخعي كان حاملَ لواءِ مدرسةِ الرَأي

(3)

.

= (ص/ 65)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 98)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 152 - 153)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 250)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ 69)، والمدخل إلى دراسة الفقه لعبد المجيد الديباني (ص/ 131).

(1)

هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي اليماني، ثم الكوفي، أبو عمران، كان إمامًا حافظًا، ورجلًا صالحًا، وفقيهًا متوقيًا، قليل التكلف، عالم أهل العراق، وأحد أئمة التابعين المجتهدين، بصيرًا بفقه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كبير الشأن، كثير المحاسن، توفي سنة 96 هـ وقيل: سنة 95 هـ وهو ابن نيف وخمسين سنةً. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 388)، وحلية الأولياء لأبي نعيم (4/ 219)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 79)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (1/ 25)، وتهذيب الكمال للمزي (2/ 233)، وسير أعلام النبلاء (4/ 520)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 68).

(2)

انظر: حجة الله البالغة للدهلوي (1/ 44)، والإنصاف في بيان سبب الخلاف له (ص/ 10)، وأصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 11)، وتاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 143)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 25)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 103)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 126)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 78)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 75)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 125)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 116)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ 109 وما بعدها)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 99)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 154 - 155)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 250)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور شوقي الساهي (ص/ 69).

(3)

انظر: أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 11)، وتاريخ المذاهب الإسلامية له (ص/ 262)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 158)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 189)، والاجتهاد الجماعي للدكتور شعبان إسماعيل (ص/ 103)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 126)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 80)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 122)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 99)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 155)، والمدخل لدراسة الفقه =

ص: 640

ويتحدثُ الشيخُ محمدٌ شلبي عن مدرسةِ الرأي وشيوخِها، فيقول: "ذهبوا إلى أن الشريعةَ جاءتْ لحِكَمٍ ومَقَاصِد، وبُنِيتْ على أسبابٍ وعللٍ، وأنَّها معقولةُ المعنى، وليس شيءٌ منها قُصِدَ به التَّعَبّدُ إلا اليسير - وهو بابُ العباداتِ - فقعَّدوا القواعدَ العامةَ، وضبطوا عللَها، ثُمَّ وضعوها في الموضعِ اللائقِ بها في نظرِهم، حكّموها في بعضِ النصوصِ، فردّوها؛ لمخالفتِها أو مجيئِها على غيرِ مَهْيَعها

(1)

، ظَهَرَ ذلك جليًّا في بعضِ أخبارِ الآحادِ

"

(2)

.

وتظهر السمةُ البارزةُ لمدرسةِ الرأي في أمرين:

الأمر الأول: كثرةُ استعمالِ علماءِ المدرسةِ للرأي

(3)

.

يقولُ أبو الفتحِ الشهرستاني: "وإنَّما سُمّوا أصحاب الرأي؛ لأنَّ أكثرَ

= الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 87)، والمذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (1/ 17).

(1)

المَهْيَع: الطريق الواضح. انظر: مقاييس اللغة، مادة:(هيع)، (6/ 25).

(2)

تعليل الأحكام (ص/ 73). وانظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 478)، وأصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 12)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 402)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 190)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ 121، 126)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ 83، 85)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ 122)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 93، 99).

(3)

انظر: المصادر السابقة، وتاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 261)، وابن حزم - حياته وعصره له (ص/ 181)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 99)، والاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 163)، والشريعة الإسلامية - تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 126)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 79)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 81)، والرأي وأثره في الفقه للدكتور إدريس بشير (ص/ 517)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 362، 365 - 366)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 116)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 83)، والمدخل إلى دراسة الفقه لعبد المجيد الديباني (ص/ 138 - 136)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 73، 75)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ 88)، والمذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (1/ 17)، والمنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة للدكتور عبد الملك بن دهيش (ص/18).

ص: 641

عنايتِهم بتحصيل وجهِ القياسِ، والمعنى المستنبطِ مِن الأحكام، وبناءِ الحوادثِ عليها"

(1)

.

الأمر الثاني: قلّةُ استدلالِ علماءِ المدرسةِ بالأحاديثِ النبويةِ، فقد تشدّدوا في قبولِها؛ لكثرةِ الوضاعين في وقتِهم، وبُعْدِهم عن المصدرِ المكاني للسُنَّةِ النبويةِ، إضافةً إلى كثرةِ النوازلِ التي لم يُنَصَّ على حكمِها

(2)

.

ومِنْ أشهرِ أئمةِ المذاهبِ الفقهيةِ الذين تخرّجوا في مدرسةِ الرأي: الإمامُ أبو حنيفة النعمان

(3)

.

يقولُ ابنُ خَلدون متحدثًا عن مدرستي: الحديث، والرأي: "انقسم الفقهُ إلى طريقتين:

(1)

الملل والنحل (1/ 478).

(2)

انظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 261)، وابن حزم - حياته وعصره له (ص/ 181)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ 99)، والاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 163)، والشريعة الإسلامية تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 126)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ 79)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ 81)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 362، 365 - 366)، وأسباب اختلاف الفقهاء لمصطفى الزلمي (ص/ 403)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ 116)، والمدخل للتشريع الإسلامي للدكتور محمد النبهان (ص/ 155 - 156)، والمنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة للدكتور عبد الملك بن دهيش (ص/ 17).

(3)

انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 478)، وتمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق (ص/ 158)، والمدخل إلى علم أصول الفقه لمحمد الدواليبي (ص/ 363)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة للدكتور إسماعيل ميقا (ص/ 223)، والمذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ 65)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ 99)، وتاريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ 233)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور محمد يوسف (ص/53).

وقد أسرف شاه ولي الله الدهلوي في: حجة الله البالغة (1/ 450) فذكر أن الإمام أبا حنيفة كان ألزم الناس بمذهب إبراهيم النخعي وأقرانه، لا يتجاوزه إلا في مسائل قليلة! وانظر: الإمام محمد بن الحسن للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 42)، والمصباح في رسم المفتي لمحمد الراشدي (ص/ 187 وما بعدها).

ص: 642

طريقةِ أهلِ الرأي والقياسِ، وهم أهل العراقِ؛ وطريقة أهلِ الحديثِ، وهم أهلُ الحجازِ.

وكان الحديثُ قليلًا في أهلِ العراقِ

فاستكثرَ الناسُ مِن القياسِ ومَهَرُوا فيه، فلذلك قيل: أهل الرأي، ومقدَّم جماعتِهم الذي استقرَ المذهبُ فيه وفي أصحابِه: أبو حنيفة.

وإمامُ أهلِ الحجازِ: مالك بن أنس، والشافعي مِنْ بعدِه"

(1)

.

ولقد ظَهَرَت المناهجُ الأصوليةُ بصورةٍ أوضح في عصورِ الأئمةِ المجتهدين

(2)

، يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة:"إذا تجاوزنا عَصْرَ التابعين ووَصَلنا إلى عَصْرِ الأئمةِ المجتهدين، نَجِد المناهجَ تتميّزُ بشكلٍ أوضحَ، ومَعَ تمييز المناهج تتبيّنُ قوانينُ الاستنباطِ، وتَظْهَرُ معالمُها، وتظهرُ على ألسنةِ الأئمةِ في عباراتٍ صريحةٍ واضحةٍ دقيقةٍ"

(3)

.

ويقولُ الدكتورُ محمد مدكور: "كان هناك موازينُ للاجتهادِ في أذهانِ الصحابةِ والتابعين، أَخَذَتْ تَتَّضِحُ شيئًا فشيئًا، حتى وضحتْ ناصعةً في عَصْرِ الأئمةِ، وبَدَأَ الشافعيُّ في إبرازِها، وتدوينِها"

(4)

.

لقد انتشر في الأمصارِ الإسلاميةِ في القرنين: الأول والثاني الهجريين فقهاءُ مجتهدون، كانت لهم آراء وأقوال، ومنهم مَنْ بقي مذهبُه إلى وقتنا، ومنهم مَن اندثرَ مذهبُه

(5)

.

وممَّا تحسنُ الإشارةُ إليه: أنَّ المجتهدين الذين صارت لهم مذاهب مستقلةٌ - سواء أبقيت إلى الآن، أم فنيت - لم يجعلوا مِنْ آرائِهم وأقوالِهم

(1)

مقدمة ابن خَلدون (3/ 1046 - 1047).

(2)

انظر: أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ 12).

(3)

أصول الفقه (ص/ 12).

(4)

مناهج الاجتهاد في الإسلام (ص/413).

(5)

انظر: أسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/253).

ص: 643

مذاهبَ؛ ليعتنقَها تلامذتُهم، أو لتَرْسِمَ لهم طريقَ سلوكِهم، فضلًا عن دعوةِ الناسِ إليها، أو إلزامِهم بها، وإنَّما كانتْ أقوالُهم عبارةً عن آراء لهم فيما عُرِضَ عليهم، أو عَرَضُوا له مِن المسائلِ في مؤلفاتِهم

(1)

، ثمَّ تكوَّن مِن اجتهاداتِهم فِقْهٌ، ومِنْهَاجٌ سار عليه مَنْ تلاهم مِنْ تلامذتهم

(2)

، فرسموا مذهبًا قائمًا لأئمتِهم ولم يُلْزَم الناسُ في هذه العصورِ بمذهب مجتهدٍ واحدٍ، بحيثُ لا يأخذون بأقوالِ غيرِه من المجتهدين، بلْ كانَ للناسِ - العامي منهم، والمتعلم الذي لم يبلغْ درجةَ الاجتهادِ - أنْ يستفتوا مَنْ شاءوا مِن المجتهدين

(3)

.

وقد وفّق الله تعالى الأئمةَ الأربعةَ بوجودِ طلابٍ قاموا بالبذلِ لقيامِ مذهبِ إمامِهم، وألَّفوا في مذاهبِهم أصولًا وفروعًا، وخرّجوا أحكامَ النوازلِ في ضوءِ مذاهب أئمتِهم، فنَهَجُوا نَهْجَهم في الاستنباطِ، واستشهدوا بأقوالِهم وآرائِهم، وتحمّسَ آخرون منهم، فقاموا بنشرِ مذهب إمامِهم والذبِّ عنه

(4)

، إلى أنْ تتابعتْ هذه الجهودُ وأنجبتْ عبرَ السنينَ مذاهبَ قائمةً بأصولِها وفروعِها.

وكان هؤلاءِ المتمذهبون على قَدْرٍ كبيرٍ مِن العلمِ، أمَّا ما قاله الإمام محمدٌ الشوكاني عن المذاهب الأربعة: إنَّه أحدثها عوامُّ المقلِّدة لأنفسِهم، مِنْ دون أنْ يأذنَ بها إمامٌ مِن الأئمةِ المجتهدين

(5)

.

(1)

انظر: المصدر السابق (ص/ 12، 250)، والإمام محمد بن الحسن للدكتور محمد الدسوقي (ص/294).

(2)

انظر: تقديم محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ 17).

(3)

انظر: إعلام الموقعين (3/ 484)، وأسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/ 250).

وسيأتي مزيد توثيق للاستدلال بحال الناس في مسألة: (حكم التمذهب بأحد المذاهب الأربعة).

(4)

التمذهب - دراسة تأصيليلة واقعية للدكتور عبد الرحمن الجبرين، مجلة البحوث الإسلامية، العدد: 86 (ص/ 153).

(5)

انظر: القول المفيد (ص/ 123).

ص: 644

فلا يُسلَّم له أنَّهم مِنْ عوائم المقلّدة، لأنَّ عوامَّ المقلدةَ ليس عندهم قدرةٌ على إنشاءِ مذهبٍ، فضلًا عن السيرِ عليه.

أمَّا أنَّ الأئمةَ لم يأذنوا، فمُسَلّمٌ على أساسِ أنَّهم لم يدعوا أحدًا إلى قولِهم، ولم يلزموا الناسَ به.

* * *

ص: 645