الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابنُ النجارِ
(1)
، وابنُ منقورٍ
(2)
ابنَ حمدان في التقسيمِ الذي أورده.
المسألة الثالثة: تقسيم ابن القيم
تطرَّقَ ابنُ القيّمِ إلى الحديثِ عن طبقاتِ الفقهاء - أو المفتين - ومِنْ ضمنِهم المتمذهبون، فقسّمهم إلى أربعِ طبقات:
الطبقة الأولى: العالمُ بكتابِ لله، وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوالِ الصحابة رضي الله عنهم، المجتهدُ في أحكامِ النوازلِ، الذي يقصدُ موافقةَ الأدلة الشرعية حيثُ كانتْ، ولا ينافي اجتهادُه تقليدَ غيرِه أحيانًا
(3)
.
وأهل هذه الطبقة غيرُ داخلين في حديثي هنا؛ لانتفاءِ وصفِ التمذهبِ عنهم.
الطبقة الثانية: مجتهدٌ مقيّدٌ في مذهبِ مَنْ ائتمَّ به
(4)
.
الفقيه مِنْ أهلِ هذه الطبقة مجتهدٌ في معرفةِ فتاوي إمامِه وأقوالِه، ومآخذِه وأصولِه، عارفٌ بها، متمكّنٌ مِن التخريجِ عليها، وقياس ما لم ينصَّ إمامُه على حكمِه على ما نصَّ عليه، مِنْ غير أنْ يكونَ مقلِّدًا لإمامِه في الحكمِ، ولا في الدليلِ، لكنْ سَلَكَ طريقَه في الاجتهادِ والفتيا، ودعا
(1)
انظر: شرح الكوكب المنير (4/ 467 - 471).
(2)
انظر: الفواكه العديدة (2/ 171 - 175). وابن منقور هو: أحمد بن محمد بن أحمد بن حمد المنقور التميمي، ولد بحوطة سدير سنة 1067 هـ كان عالمًا حنبليًا بارعًا ورعًا، وقد تولى إفتاء الناس، مهر في الفقه على وجه الخصوص مهارة تامة، من مؤلفاته: الفواكه العديدة في المسائل المفيدة، ومناسك الحج، وتاريخ نجد، توفي بحوطة سدير سنة 1125 هـ. انظر ترجمته في: السحب الوابلة لابن حميد (1/ 252)، وتاريخ نجد لابن بشر (1/ 181)، والأعلام للزركلي (1/ 240)، وتراجم لمتأخر الحنابلة لابن حمدان (ص/ 53)، وروضة الناظرين للقاضي (1/ 62)، وتسهيل السابلة لابن عثيمين (3/ 1593)، وعلماء نجد لابن بسام (1/ 517).
(3)
انظر: إعلام الموقعين (6/ 125).
(4)
انظر: المصدر السابق (6/ 125).
إلى مذهبِه، ورتَّبَه وقرَّره، فهو موافقُ له في مقصدِه وطريقِه معًا
(1)
.
يقولُ ابنُ القيّمِ عن هذه الطبقةِ: "وقد ادعى هذه المرتبة مِن الحنابلةِ القاضي أبو يعلى، والقاضي أبو علي ابن أبي موسى في: (شرح الإرشاد) الذي له، ومِنْ الشافعيةِ خلقٌ كثيرٌ"
(2)
.
ثمَّ ذَكَرَ خلافَ العلماءِ في أبي يوسفَ، ومحمد بن الحسن، وزفر، وأشهب، وابنِ عبدِ الحكم
(3)
، وابنِ القاسم، وابنِ وهب، والمزني، وابنِ سريجٍ، وابنِ المنذرِ، ثمَّ قالَ:"ومَنْ تَأمَّل أحوالَ هؤلاءِ وفتاويهم واختياراتهم، عَلِمَ أنَّهم لم يكونوا مقلِّدين لأئمتِهم في كلِّ ما قالوه، وخلافُهم لهم أظهرُ مِنْ أنْ يُنْكَر، وإنْ كان منهم المستقلُّ والمستكثرُ، ورتبةُ هؤلاءِ دون رتبةِ الأئمةِ في الاستقلالِ بالاجتهادِ"
(4)
.
الطبقة الثالثة: مجتهدٌ في مذهبِ إمامِه، مقررٌ له بالدليلِ، متقنٌ لفتاويه، عالمٌ بها، لا يتعدى أقوالَ إمامِه، ولا يخالفها، وإذا وَجَدَ نصَّ إمامِه لم يعدلْ عنه إلى غيرِه البتة
(5)
.
(1)
انظر: المصدر السابق (6/ 125 - 126).
(2)
المصدر السابق (6/ 126).
(3)
هو: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن الليث المصري، أبو عبد الله، ولد سنة 182 هـ سمع من ابن وهب وأشهب، وصحب الإمام الشافعي وتفقه به، ودُعي إلى القول بخلق القرآن، فلم يجب، كان إمامًا ثقة فقيهًا مالكيًا متواضعًا، تولى إفتاء الناس، وانتهت إليه الرئاسة بمصر، قال عنه ابن خزيمة:"ما رأيتُ في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم"، من مؤلفاته: أحكام القرآن، والرد على الشافعي، وتوفي سنة 268 هـ وقيل: 269 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 98)، وترتيب المدارك للقاضي عياض (4/ 157)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 193)، وتهذيب الكمال للمزي (25/ 497)، وسير أعلام النبلاء (12/ 497)، والوافي بالوفيات للصفدي (3/ 338)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 67)، وطبقات الشافعية للإسنوي (1/ 29)، والديباج المذهب لابن فرحون (2/ 163)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (1/ 67).
(4)
إعلام الموقعين (6/ 126).
(5)
انظر: المصدر السابق.
يقولُ ابنُ القيِّمِ: "هذا شأنُ أكثرِ المصنفين في مذاهبِ أئمتِهم، وهو حالُ أكثرِ علماءِ الطوائفِ، وكثيرٌ منهم يظنُّ أنَّه لا حاجةَ به إلى معرفةِ الكتاب والسنةِ والعربيةِ؛ لكونِه مجتزيًا بنصوصِ إمامِه
…
وقد يَرَى إمامَه ذَكَرَ حُكْمًا بدليلِه، فيكتفي هو بذلك الدليلِ مِنْ غيرِ بحثٍ عن معارضٍ له، وهذا شأنُ كثيرٍ مِن أصحابِ الوجوه والطرقِ، والكتب المطولَّةِ والمختصرةِ، وهؤلاءِ لا يدَّعون الاجتهادَ، ولا يُقِرونَ بالتقليدِ"
(1)
.
ثم بيّنَ ابنُ القيّمِ أنَّ كثيرًا مِنْ أصحابِ هذه المرتبة مِنْ مختلفِ المذاهب يقولون: اجتهدنا في المذاهب، فرأينا أقربَها للحقِّ مذهبَ إمامِنا!
(2)
.
الطبقة الرابعة: طائفةٌ تَفَقّهَتْ في مذهب مَن انتسبتْ إليه، وحفظتْ فتاويه وفروعَه، وأقرَّتْ على أنفسِها بالتقليدِ المَحضِ مِنْ جميعِ الوجوه
(3)
.
وقد رَمى ابنُ القيّمِ بعضَ أربابِ هذه الطبقةِ بالتعصب لأقوالِ إمامِهم، فَذَكَرَ بعضَ صورِ التعصبِ التي وقعوا فيها
(4)
.
وقد تَبعَ ابنُ القيّمِ ابنَ الصلاحِ في منهجِه في تقسيمِ الطبقات، لكنَّه طوى طبقةَ أهلِ التخريجِ - أصحاب الوجوه والطرق - وطبقةَ أهلِ الترجيحِ في طبقةٍ واحدة، وهي الطبقةُ الثالثةُ:(المجتهد في مذهب من انتسب إليه)
(5)
.
وتَبعَ الدكتورُ عبدُ العزيز الربيعة ابنَ القيّمِ فيما ذَكَرَه مِن الطبقاتِ
(6)
.
(1)
المصدر السابق (6/ 126 - 127).
(2)
انظر: المصدر السابق (6/ 127)، وراجع تعقب ابن القيم لهذه الدعوى.
(3)
انظر: المصدر السابق.
(4)
انظر: المصدر السابق.
(5)
انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ 317).
(6)
انظر: المفتي في الشريعة الإسلامية (ص/ 14 - 16).