المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة - التمذهب – دراسة نظرية نقدية - جـ ٢

[خالد الرويتع]

فهرس الكتاب

- ‌الفرع الرابع عشر: الضعيف

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للضعيف:

- ‌الفرع الخامس عشر: المنكر

- ‌الفرع السادس عشر: الشاذ

- ‌الفرع السابع عشر: الطرق

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للطرق:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للطرق:

- ‌الفرع الثامن عشر: الإجراء

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للإجراء:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للإجراء:

- ‌الفرع التاسع عشر: التوجيه

- ‌أولًا: التعريف اللغوي للتوجيه:

- ‌ثانيًا: التعريف الاصطلاحي للتوجيه:

- ‌المسألة السادسة: تفضيل مذهب من المذاهب

- ‌المبحث الرابع: أقسام التمذهب

- ‌الفصل الثاني: نشأة التمذهب، وتاريخه

- ‌المبحث الأول: نشأة التمذهب

- ‌المطلب الأول: حالة الناس قبل نشوء المذاهب

- ‌المطلب الثاني: نشأة المذاهب الفقهية

- ‌المطلب الثالث: أسباب نشوء المذاهب الفقهية

- ‌المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة

- ‌المبحث الثاني: تاريخ التمذهب

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التمذهب من نشأته إلى نهاية القرن الثالث الهجري

- ‌المطلب الثاني: التمذهب من القرن الرابع الهجري إلى نهاية القرن السابع الهجري

- ‌المطلب الثالث: التمذهب من القرن الثامن الهجري إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري

- ‌المطلب الرابع: التمذهب من منتصف القرن الرابع عشر الهجري إلى العصر الحاضر

- ‌الفصل الثالث: حكم التمذهب

- ‌تمهيد: في تقليد الميت

- ‌المبحث الأول: التمذهب بمذهب الصحابي(1)، والتابعي

- ‌المبحث الثاني: التمذهب بأحد المذاهب الأربعة الفقهية المشهورة

- ‌المبحث الثالث: التمذهب بغير المذاهب الأربعة

- ‌الفصل الرابع الأحكام المترتبة على التمذهب

- ‌المبحث الأول: طبقات المتمذهبين

- ‌المطلب الأول أبرز مناهج المتقدمين في تقسيم طبقات المتمذهبين

- ‌تمهيد

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تقسيم ابن الصلاح

- ‌المسألة الثانية: تقسيم ابن حمدان

- ‌المسألة الثالثة: تقسيم ابن القيم

- ‌المسألة الرابعة: تقسيم ابنه كمال باشا

- ‌المطلب الثاني: أبرز مناهج المتأخرين في تقسيم طبقات المتمذهبين

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تقسيم شاه ولي الله الدهلوي

- ‌المسألة الثانية: تقسيم محمد أبو زهرة

- ‌المسألة الثالثة: تقديم الدكتور محمد الفرفور

- ‌القسم الأول: المجتهدون اجتهادًا مطلقًا في الشرع

- ‌القسم الثاني: المجتهدون المقيَّدون بالمذهبِ

- ‌المطلب الثالث: الموازنة بين التقسيمات

- ‌المبحث الثاني: الانتقال عن المذهب

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: الانتقال عن المذهب إلى الاجتهاد

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المستقل

- ‌المسألة الثانية: الانتقال عن التمذهب إلى الاجتهاد المنتسب

- ‌المطلب الثاني: الانتقال عن التمذهب بمذهب معين إلى التمذهب بمذهب آخر

- ‌المطلب الثالث: الخروج عن المذهب في بعض المسائل

- ‌المبحث الثالث: تتبع الرخص

- ‌توطئة

- ‌المطلب الأول: تعريف التتبع

- ‌المطلب الثاني: تعريف الرخصة في: اللغة، والاصطلاح

- ‌أولًا: تعريف الرخصة في اللغة:

- ‌ثانيًا: تعريف الرخصة في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: تعريف تتبع الرخص

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين الرخصة من العالم، وزلة العالم

- ‌المطلب الخامس: حكم تتبع الرخص

- ‌المبحث الرابع: التلفيق بين المذاهب

- ‌المطلب الأول: تعريف التلفيق في اللغة، والاصطلاح

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: تعريف التلفيق في اللغة

- ‌المسألة الثانية: تعريف التلفيق في الاصطلاح

- ‌المطلب الثاني: صور التلفيق

- ‌توطئة

- ‌المسألة الأولى: التلفيق بين قولين في مسألة وفروعها

- ‌المسألة الثانية: التلفيق بين أثر القول وقول آخر في مسألة وفروعها

- ‌المطلب الثالث: أقسام التلفيق، وحكم كل قسم

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولى: التلفيق في الاجتهاد

- ‌المسألة الثانية: التلفيق في التقليد

- ‌المسألة الثالثة: التلفيق في التقنين

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين التلفيق وتتبع الرخص

- ‌الفصل الخامس: أحكام المتمذهب

- ‌المبحث الأول: عمل المتمذهب إذا خالف مذهبه الدليل

الفصل: ‌المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة

‌المطلب الرابع: أسباب بقاء المذاهب الفقهية الأربعة

لم تخلُ الأمصارُ الإسلاميةُ في القرونِ الأُولى مِنْ وجودِ العلماءِ المجتهدين، فقد كان هناك مذاهبُ قائمةٌ لبعضِ المجتهدين، في حينِ أنَّ عددًا ليس بالقليلِ مِنْ هذه المذاهبِ لم يكتبْ لها البقاءُ، وبات الأمرُ على وجودِ المذاهب الفقهيةِ الأربعةِ المشهورةِ: المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذَهب الشافعي، والمذهب الحنبلي

(1)

.

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة عن المذاهبِ الأربعةِ: "وهذه كما يعبِّرُ الفقهاءُ: (مذاهب الأمصار)، أي: أنَّها التي انتشرتْ في الأمصارِ الإسلاميةِ، ولا يخلو مِصْرٌ منها، فلا يمكنُ أنْ يوجد مِصْرٌ إسلاميٌّ خالٍ منها، وقد يخلو مِنْ بعضِها، ولا يخلو مِنْ كلِّها"

(2)

.

وسوف أعرضُ في هذا المطلبِ عددًا مِن الأسباب التي توافرتْ لهذه المذاهبِ، فأسهمتْ في بقائِها عقودًا، بلْ قرونًا متطاولةً إلى وقتنِا الحاضرِ.

وليس بخافٍ أنَّ الأسبابَ التي سأذكرُها قد تتوافرُ جميعُها لمذهبٍ واحدٍ، وقد يتوافرُ بعضُها لمذهبٍ آخر.

(1)

انظر: محاضرات في تاريخ المذهب المالكي للدكتور عمر الجيدي (ص/ 9).

(2)

تقديم محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ 22 - 23).

وانظر: مقدمة ابن خَلدون (3/ 1050)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ 9)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (3/ 65)، والفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ 73)، والاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ 57)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي لمحمد محجوبي (ص/117 - 118).

ص: 649

وتجدرُ الإشارةُ قبلَ الشروعِ في ذكرِ الاسبابِ إلى أمرين:

الأمر الأول: أنَّ مِن الأسبابِ التي سأذكرها ما يكون سببًا في بقاءِ المذهبِ، وهو أيضًا في الوقتِ ذاتِه سببٌ في شيوعِه وانتشارِه.

الأمر الثاني: سيكونُ حديثي مركّزًا على بيانِ أسبابِ بقاءِ المذاهبِ الأربعةِ، ولن أتحدثَ عن أسبابِ فناءِ المذاهبِ المندثرةِ، وإنْ ذُكِرَ شيءٌ منها، فعلى سبيلِ التتميمِ لأسبابِ بقاءِ المذاهبِ الأربعةِ.

أسبابُ بقاءِ المذاهبِ الأربعةِ:

السبب الأول: التلاميذ النجباء

(1)

.

لقد كانَ لبعضِ الائمةِ المجتهدين تلاميذُ نجباءُ، أُعجِبوا بهم، وتأثّروا بمنهجِهم، فحملوا علمَهم، وأسّسوا لهم مذهبًا، وأخذوا أقوالَهم وآراءَهم فنشروها، ودوّنوها، وبثّوها في مؤلفاتِهم، وساروا على طريقتِهم في الفقهِ وأصولِه

(2)

، بلْ كانَ الأمرُ عند بعضِ التلاميذِ في مؤلفاتِهم ومناظراتِهم ولقاءاتِهم المختلفة أنْ عارضوا أقوالَ الأئمةِ المجتهدين بقولِ إمامِهم

(3)

.

وقد أَدْرَكَ الأئمةُ المجتهدون أنفسُهم قيمةَ وجودِ التلاميذ لهم في بقاءِ

(1)

انظر: تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 326)، والفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ 72 - 73)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور بدران أبو العينين (ص/ 96)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ 96)، والمدرسة البغدادية للمذهب المالكي للدكتور محمد العلمي (ص/ 132)، والمدخل للفقه الإسلامي للدكتور عبد الله الدرعان (ص/ 126).

(2)

انظر: تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 326)، وأسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/ 257)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ 96)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 111)، والإمام الأوزاعي لعبد الستار الشيخ (ص/ 263)، والمذاهب الفقهية لمحمد حمَّان (ص/ 70) ضمن كتاب: الاجتهاد الفقهي، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور حسين حسان (ص/ 89).

(3)

انظر: المدرسة المالكية بالأندلس لمصطفى الهروس (ص/ 48)، والإمام الشافعي للدكتور وهبة الزحيلي (7/ 61) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر.

ص: 650

علمِهم بعد موتِهم، فقد قالَ الشعبيُّ

(1)

لإبراهيمَ النخعي: "أَمَا إنِّي أفقه منك حيًّا، وأنتَ أفقهُ منّي مَيْتًا؛ وذاك أنَّ لك أصحابًا يلزمونك، فيُحْيون علمَك"

(2)

.

وممَّا يشهدُ لأهميةِ وجودِ التلاميذِ في حفظِ أقوالِ المجتهدِ والعنايةِ بها:

- ما قاله الإمامُ الشافعيُّ عن الليثِ بنِ سعدٍ

(3)

: "الليثُ بنُ سعدٍ أفقهُ مِنْ مالكٍ! إلا أنَّ أصحابَه لم يقوموا به"

(4)

.

- وما قاله أحدُ معاصري تلامذة الإمامِ الأوزاعي

(5)

: "ما لكم لا

(1)

هو: عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الهمداني، أبو عمر الشعبي، ولد سنة 20 هـ وقيل 21 هـ سمع من عدد من كبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، كان من أفقه أهل زمانه، علامةً حجةً، قال ابنُ سيرين لأبي بكر الهذلي:"الزم الشعبي؛ فلقد رأيته يُستفتى وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالكوفة"، توفي سنة 104 هـ وقيل: 107 هـ. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 365)، وأخبار القضاة لوكيع (2/ 413)، وتاريخ مدينة السلام للخطيب (14/ 143)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 78)، وسير أعلام النبلاء (4/ 294).

(2)

نقل كلامَ الشعبي شمسُ الدين الذهبيُّ في: سير أعلام النبلاء (4/ 526).

(3)

هو: الليث بن سعد بن عبد الرحمن، أبو الحارث المصري، ولد بقلقشندة سنة 92 هـ وقيل: 94 هـ كان فقيه النفس، إمامَ أهل مصر، ثقةً ثبتًا كثير الحديث، يحفظ الشعر، وقد اشتغل بالفتوى في مصر، وهو من الكرماء الأجواد النبلاء، توفي سنة 175 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (14/ 524)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 127)، وتهذيب الكمال للمزي (24/ 255)، والكاشف للذهبي (3/ 13)، وسير أعلام النبلاء (8/ 136)، والجواهر المضية للقرشي (2/ 720)، وحسن المحاضرة للسيوطي (1/ 278).

(4)

نقل قولَ الإمام الشافعي: ابنُ خلكان في: وفيات الأعيان (4/ 127)، وشمسُ الدين الذهبيُّ في: سير أعلام النبلاء (8/ 156)، وتقيُّ الدين بن تيمية في: مجموع الفتاوى (4/ 178).

ويقول الشيخ محمد الخضري في: تاريخ التشريع (ص/ 329) مُوْضِحًا كلامَ الإمام الشافعي: "ومعنى عدم قيامهم به: أنَّهم لم يُعنوا بتدوين آرائه، وبثّها في الجمهور، كما قاموا هم أنفسهم بتدوين آراء مالك". وانظر: مقدمة محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ 20)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ 97)، والفتوى - نشأتها وتطورها للدكتور حسين الملاح (ص/ 279).

(5)

القائل: سعيد بن عبد العزيز. والأوزاعي هو: عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الشامي الأوزاعي، أبو عمرو، ولد ببعلبك سنة 88 هـ وقيل: 93 هـ كان إمام أهل الشام في زمانه في =

ص: 651

تجتمعون؟ ! ما لكم لا تتذاكرون؟ ! "

(1)

.

ويقولُ الشيخُ محمدٌ الخضري: "وقد وُفّقَ هؤلاءِ الأئمةُ المشهورون الذين بقيتْ مذاهبُهم إلى أنْ يكونَ لهم أرفعُ التلاميذ شَأنًا، وأَبْيَنُهم حجةً، وأعلاهم كعبًا في نظرِ شعوبِهم وملوكِهم، فدوَّنوا ما تلقّوه عن إمامِهم مِن الأحكامِ، وأَخَذَهَا عنهم العددُ الكثيرُ مِنْ تلاميذِهم، فبثّوها بين الناسِ الذين اتَّبعوها؛ ثقةً منهم بمَنْ يفتيهم

"

(2)

.

وقد أدركَ بعضُ الأئمةِ ما لتلامذتِهم مِنْ جهدٍ في إظهارِ أقوالِهم، فها هو الإمامُ الشافعيُّ يقولُ عن تلميذِه المزني:"المزنيُّ ناصرُ مذهبي"

(3)

.

ومِن الأهميةِ بمكانٍ أنْ يكونَ التلاميذُ نجباءَ؛ إذ إن التلميذَ غيرَ النجيبِ، وغيرَ القوي في العلمِ غيرُ كافٍ في نشرِ المذهبِ والسعي في بقائِه.

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة عن سببِ عدمِ بقاءِ مذاهب بعض المجتهدين: "إنَّه لم يكنْ له تلاميذُ أقوياء ينشرون في الأقاليم آراءَهم

(4)

، ويخدمونها بالتدوينِ أو الفحصِ والجمعِ والروايةِ

"

(5)

.

ووجودُ العلماءِ المحققين المتمذهبين الذين لهم إسهامٌ وبروزٌ في الفقهِ

= الحديث والفقه، وجمع بين العلم والعبادة والتواضع، حتى قيل عنه: عالم الأمة، قال عنه عبد الرحمن بن مهدي:"ما كان أحد بالشام أعلم بالسنة من الأوزاعي"، توفي ببيروت سنة 157 هـ مرابطًا. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري (5/ 326)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 71)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 127)، وسير أعلام النبلاء (7/ 107)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (2/ 537).

(1)

تاريخ أبي زُرعة الرازي (1/ 361).

(2)

تاريخ التشريع الإسلامي (ص/ 326).

(3)

نقل قولَ الإمام الشافعي شمسُ الدين الذهبي في: العبر في خبر من غبر (1/ 379)، وتاجُ الدين بن السبكي في: طبقات الشافعية الكبرى (2/ 94)، وابنُ كثيرٍ في: طبقات الشافعية (1/ 130).

(4)

لعل الصواب: "آراءه".

(5)

تقديم محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ 21).

ص: 652

وأصولِه، ممَّا يُعززُ بقاءَ المذهبِ، ويدعو إلى عدمِ اندثارِه

(1)

.

وتعدَّى الأمرُ عند بعضِ تلامذةِ الأئمةِ وأربابِ مذاهبِهم خدمةَ المذهب والعنايةَ به، فأضحى كثيرٌ منهم يسعى في نشرِ مذهبِ إمامِه في الأقطارَ والأمصارِ التي يذهبُ إليها، ويستقرُّ فيها

(2)

.

وإليك بعض الأمثلةِ لبعضِ العلماءِ الذين قاموا بنشرِ مذهبِ إمامِهم:

- يحيى بنُ يحيى

(3)

تلميذُ الإمامِ مالكٍ، جاءَ في ترجمتِه أنَّه مِن الناشرين لمذهبِ الإمامِ مالكٍ

(4)

.

- عبدان بنُ محمد بن عيسى

(5)

، جاءَ في بعضِ الكتبِ التي ترجمتْ

(1)

انظر: الإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 428).

(2)

انظر: مالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 343)، والشافعي حياته وعصره له (ص/ 336)، والإمام زيد حياته وعصره له (ص/ 491)، وتاريخ المذاهب الإسلامية له (ص/ 535)، والاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ 103)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور محمد موسى (ص/163).

(3)

هو: يحيى بن يحيى بن كثير الليثي البربري الأندلسي المالكي، أبو محمد، ويعرف بابن أبي عيسى، ولد سنة 152 هـ كان إمامًا محدثًا فقيهًا حسن الرأي عالمًا زاهدًا ورعًا، من أكابر أصحاب الإمام مالك، وراوي موطئه، وناشر مذهبه في الأندلس، وكان الإمام مالك يسميه بعاقل الأندلس، وقد قدم يحيى إلى الأندلس بعلم كثير، فدارت الفتيا عليه بعد عيسى بن دينار، وانتهت إليه رئاسة الفقه بالأندلس، ولم يكن له بصر بالحديث، وكان يُشبه في سمته بسمت الإمام مالك بن أنس، توفي سنة 234 هـ وقيل: سنة 233 هـ. انظر ترجمته في: الانتقاء في فضائل الأئمة لابن عبد البر (ص/ 105)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ 143)، وجذوة المقتبس للحميدي (ص/ 566)، وترتيب المدارك للقاضي عياض (3/ 379)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (6/ 143)، وسير أعلام النبلاء (10/ 519)، وتاريخ الإسلام للذهبي (5/ 972)، والديباج المذهب لابن فرحون (2/ 352).

(4)

انظر: جذوة المقتبس للحميدي (ص/ 567)، وترتيب المدارك للقاضي عياض (3/ 381)، ونفح الطيب للمقري (2/ 10)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور محمد موسى (ص/ 164).

(5)

هو: عبد الله بن محمد بن عيسى، أبو محمد المروزي الجُنُوجِرْدي، المعروف بعبدان، ولد سنة 220 هـ يقول السمعاني:"اسمه عبد الله، ولقبه: عبدان"، كان عبدان ثقةً حافظًا صالحًا زاهدًا، وأحد الذين أظهروا مذهب الشافعية بخراسان، مرجوعًا إليه في الفتوى والمعضلات بعد أحمد بن سيار، وإمامَ أصحاب الحديث في عصره بمرو، موصوفًا بالبراعة في مذهبه، =

ص: 653

له: أنَّه نَشَرَ مذهبَ الإمامِ الشافعي في خراسان

(1)

.

- أبو الفرجِ عبدُ الواحدِ بنُ محمد المقدسي

(2)

، جاءَ في ترجمته أنَّه:"قَدِم الشامَ، فَسَكَنَ بيتَ المقدس، فَنَشَرَ مذهبَ الإمامِ أحمدَ فيما حوله، ثمَّ أقامَ بدمشقَ، فَنَشَرَ المذهبَ"

(3)

، وقال عنه بعضُ الحنابلة:"كان أبو الفرجِ ناصرًا لمذهبنا، متجرِّدًا لنشرِه"

(4)

.

- القاضي أبو زُرعة الثقفي

(5)

، جاءَ في ترجمتِه:"أنَّه الذي أدخل مذهبَ الشافعي إلى دمشقَ، وأنَّه كان يَهَبُ لمَنْ يحفظُ مختصرَ المزني مائة دينارٍ"

(6)

.

= وبالحفظ وبالزهد، قال عنه بعض العلماء:"اجتمع في عبدان أربعة أنواع من المناقب: الفقه، والإسناد، والورع، والاجتهاد"، وكان يضرب المثل بسمه في الحفظ والزهد، من مؤلفاته: الموطأ، توفي سنة 293 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (12/ 447)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 231)، وسير أعلام النبلاء (14/ 14)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (2/ 297)، وطبقات الشافعية للإسنوي (2/ 202)، وطبقات الشافعية لابن كثير (1/ 172).

(1)

انظر: طبقات الشافعية لابن كثير (1/ 172 - 173).

(2)

هو: عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد الشيرازي الأصل، أبو الفرج الأنصاري، ولد بحران، كان إمامًا أصوليًا فقيهًا، من أعيان الحنابلة، وشيخ علماء الشام في وقته، ومن كبار أئمة الإسلام، تخرج به الأصحاب، واشتهر أمره، وحصل له القبول التام، كل ذلك مع الزهد والورع والعبادة، وكان ناصرًا لمذهب السلف، وجرت بينه وبين الأشاعرة وقعات في مجلس السلاطين، ظهر عليهم بالحجة، من مؤلفاته: المبهج، والإيضاح، والتبصرة في أصول الدين، ومختصر في أصول الفقه، توفي سنة 486 هـ. انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (3/ 461)، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص/ 698)، وسير أعلام النبلاء (19/ 51)، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب (1/ 153)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (2/ 179)، والمنهج الأحمد للعليمي (3/ 7)، والدر المنضد له (1/ 216)

(3)

الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب (1/ 156 - 157).

(4)

المنهج الأحمد للعليمي (3/ 9).

(5)

هو: محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زرعة الثقفي مولاهم، أبو زرعة الدمشقي، تولى القضاء في دمشق ومصر، وهو أول من حكم بالمذهب الشافعي بالشام، كان رجلًا رئيسًا كبيرًا، عدلًا ثقةً عفيفًا، شديد التوقف في إنفاذ الأحكام، توفي بدمشق سنة 302 هـ. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (14/ 231)، والوافي بالوفيات للصفدي (4/ 82)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (3/ 196)، والبداية والنهاية (14/ 790).

(6)

طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي (3/ 197). وانظر: طبقات الشافعية للإسنوي =

ص: 654

- القاضي ابنُ فرحون المالكي، جاءَ في ترجمتِه: أنَّه "تولَّى القضاءَ بالمدينةِ

فسار فيها سيرةً حسنةً

وأظَهَرَ مذهبَ مالكٍ بها بعدَ خمولِه"

(1)

.

ويتصلُ بالسببِ الأول: (التلاميذ النجباء) ما يقومُ به أربابُ المذاهبِ ورجالُه مِنْ خدمةِ مذهبِهم بأمرين مهمّين لهما الأثرُ البالغُ في بقاءِ المذهبِ:

الأمر الأول: التدوين.

الأمر الثاني: التخريج الفقهي.

الأمر الأول: التدوين.

إنَّ تدوينَ المذهب في أصولِه وفروعِه وبيانَ أدلته - سواءٌ أكان التدوينُ مِنْ قِبَل إمامِ المذَهب، أم مِنْ قِبَل تلامذتِه وأتباعِه - مساعدٌ ومسهمٌ في حفظِ المذهبِ، وبقائِه وانتشارِه

(2)

، ومقرِّب له عند عمومِ الناسِ

(3)

.

= (2/ 519)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (3/ 126)، والشافعي - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 334).

(1)

نيل الابتهاج للتنبكتي (ص/33).

(2)

انظر: حجة الله البالغة للدهلوي (1/ 467)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 205)، والفقه الإسلامي ومدارسه له (ص/ 72)، والإمام محمد بن الحسن للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 352)، والإمام الشافعي للدكتور وهبة الزحيلي (7/ 61) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، والمذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (1/ 232)، وابن رشد وعلوم الشريعة للدكتور حمادي العبيدي (ص/ 169)، والمدرسة الفقهية المالكية للدكتور عبد المنعم التمسماني (1/ 411 وما بعدها) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب، والمدرسة المالكية العراقية للدكتور عبد الفتاح الزنيفي (1/ 555) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاض عبد الوهاب، والمدخل للفقه الإسلامي للدكتور عبد الله الدرعان (ص/ 125).

(3)

انظر: تقديم محمد أبو زهرة لنظرة تاريخية في حدوث المذاهب لأحمد تيمور (ص/ 21)، وتاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 329)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ 97)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 322)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 111)، والمذهب الحنفي لأحمد نقيب (1/ 112، 109).

ص: 655

وغيرُ خافٍ على أحدٍ أهميةُ التدوينِ، إذ وجودُ الثروةِ المذهبيةِ مؤذن بوجودِ حلولٍ لأكثر المسائل

(1)

، وكم مِنْ مذهبٍ اندثرَ، ولا يُعْلَم ما له مِنْ مدوّناتٍ.

الأمر الثاني: التخريجُ الفقهي

(2)

.

ممَّا هو معلومٌ أنَّ النوازلَ والحوادثَ لا تنتهي، ولا يُمكنُ لأحدٍ مِن الأئمةِ أنْ يُقرّرَ أحكامًا لكل الحوادثِ التي ستقعُ

(3)

، فإذا كان في المذهب مَنْ يقومُ ببيانِ أحكامِ النوازلِ في ضوءِ مذهبِه بالتخريجِ على فروع مذهبِه أوَ على أصولِه: نَمَا المذهبُ، ونموُّه يكفلُ بقاءَه واستمرارَه

(4)

.

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة: "إذا كان الاجتهادُ بالتخريجِ

لا ينقطع أبدًا؛ لأنَّ الفتوى لا تنقطعُ - وهو شرطها - فإنَّ المذهبَ الذي يُقررُ فقهاؤه ذلك في نماءٍ مستمرٍ، واتصالٍ بالحياةِ دائم"

(5)

.

وممَّا له صلةٌ بالتخريجِ الفقهي: أنْ يكونَ في التخريجِ سهولةٌ ومرونةٌ بحيثُ لا يلقى المتمذهبُ عَنَتًا ومشقةً أثناءَ قيامِه بتخريجٍ أحكامِ النوازلِ في مذهبِه.

وكذلك تخريجُ أصولِ المذهبِ مِنْ فروعِه، فقد قامَ بعضُ التلاميذِ النجباءِ بتخريجِ أصولِ مذهبِهم مِن الفروعِ الفقهيةِ المنقولةِ عن أئمةِ المذهبِ، ولوجودِ أصولٍ للمذهبِ أثرٌ بالغٌ في بقائِه واستمرارِه.

(1)

انظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 303).

(2)

انظر: أبو حنيفة - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 397)، وتخريج الفروع على الأصول لعثمان شوشان (1/ 90)، وابن عابدين وأثره في الفقه للدكتور محمد الفرفور (1/ 172)، والمذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (1/ 231).

(3)

انظر: الشافعي - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 320).

(4)

انظر: أبو حنيفة - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 384 وما بعدها)، ومالك - حياته وعصره له (ص/ 350).

(5)

مالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 357). وانظر: الموافقات (5/ 12).

ص: 656

السبب الثاني: تمذهبُ الدولةِ بالمذهبِ

(1)

.

لقد اهتمتْ دولٌ كثيرةٌ في الماضي والحاضرِ ببيانِ المذهبِ الفقهي الذي تنتمي إليه، فكانَ لكثيرٍ منها مذهبٌ رسمي مِنْ أحدِ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعةِ

(2)

.

وقد تَبعَ هذا الأمر عند كثير مِن الدولِ العنايةُ بالمذهبِ، والقيامُ برعايتِه ونشرِه، وتحاكم رعيتها إليه

(3)

، بلْ تعدَّى الأمرُ عند بعضِ الولاةِ في عصورٍ سابقةٍ إلى محاربةِ المذاهبِ الأخرى، ولا سيما المذاهبُ التي لها شوكةٌ

(4)

.

يقولُ ابن حزمٍ في هذا الصددِ: "مذهبانِ انتشرا في بدءِ أمرِهما بالرياسةِ

(1)

انظر: المعيار المعرب للونشريسي (1/ 169، 332 - 333)، ومالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 366)، وابن حنبل - حياته وعصره له (ص/ 316، 350)، ومدارك الشريعة الإسلامية لمحمد الخضر حسين (ص/39)، وأسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/ 257)، وأسباب اختلاف الفقهاء للدكتور مصطفى الزلمي (ص/ 30)، والإمام الأوزاعي لعبد الستار الشيخ (ص/ 264)، ومقدمة في دراسة الفقه للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 192)، والمدرسة المالكية الأندلسية لمصطفى الهروس (ص/ 50، 85 وما بعدها)، ونشأة المدرسة المالكية بالمغرب للدكتور إبراهيم القادري (1/ 294) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ 351)، والمدخل للفقه الإسلامي للدكتور عبد الله الدرعان (ص/ 126)، وبدعة التعصب المذهبي لمحمد عباسي (ص/ 217 وما بعدها).

(2)

انظر: المصقول في علم الأصول لمحمد زاده (ص/ 159)، وابن حزم - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 30).

(3)

انظر: المصقول في علم الأصول لمحمد زاده (ص/ 159 - 160)، والشافعي - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 338)، والفتوى - نشأتها وتطورها للدكتور حسين الملاح (ص/ 280)، وتطور المذهب المالكي في الغرب الإسلامي لمحمد شرحبيلي (ص/ 155 - 157)، وابن رشد وعلوم الشريعة للدكتور حمادي العبيدي (ص/ 177)، ومدرسة المغرب الأقصى في الفقه المالكي للدكتور مصطفى أحمد (1/ 363) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.

(4)

انظر: ابن حزم - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 446 - 448)، وصمود المذهب المالكي للدكتور عبد العزيز فارح (7/ 457) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.

ص: 657

والسلطانِ: مذهبُ أبي حنيفةَ

ومذهبُ مالكٍ عندنا بالأندلسِ"

(1)

.

وللسببِ الثاني: (تمذهب الدولة بالمذهب) بروزٌ في عدة ميادين، مِنْ أهمِّها ميدانانِ:

الميدان الأول: تعيينُ القضاةِ مِنْ مذهبٍ فقهي معيَّنٍ.

الميدان الثاني: توليةُ منصبِ الإفتاءِ مِنْ فقهاءِ مذهبٍ فقهي معيّنٍ.

الميدان الأول: تعيينُ القضاةِ مِنْ مذهبٍ فقهي معيَّنٍ

(2)

.

للقضاءِ المكانةُ الكبرى عند الناسِ، فهو ميزانُ العدلِ، وقد كانَ القضاةُ في عهدِ الصحابةِ رضي الله عنهم وعهدِ التابعين غيرَ متقيّدين بمذهبِ أحدٍ، بلْ يقضي الواحدُ منهم بما أدّاه إليه اجتهادُه

(3)

.

(1)

نقل كلامَ ابن حزم أبو عبد الله الحميدي في: جذوة المقتبس (ص/ 567)، وأحمدُ المقري في: نفح الطيب (2/ 10). وانظر: العبر في خبر من غبر للذهبي (2/ 303)، وجامع مسائل الأحكام للبُرزلي (6/ 374 - 375)، وتتمة شجرة النور الزكية لمحمد مخلوف (2/ 129)، ومالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 367)، والشافعي - حياته وعصره له (ص/ 335)، والمذاهب الفقهية للدكتور فوزي فيض الله (ص/ 67)، ومدرسة المغرب الأقصى في الفقه المالكي للدكتور مصطفى أحمد (1/ 376) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.

وقارن بمحاضرات في تاريخ المذهب المالكي للدكتور عمر الجيدي (ص/ 35 - 36)، والمدرسة المالكية بالأندلس لمصطفى الهرس (ص/ 87 وما بعدها).

(2)

انظر: تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 327)، وأسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/ 257)، والمدخل الففهي العام لمصطفى الزرقا (1/ 204)، والتقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ 96)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 321)، والإمام الشافعي للدكتور وهبة الزحيلي (7/ 61) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، ومقدمة في دراسة الفقه للدكتور محمد الدسوقي (ص/ 192)، والمدرسة المالكية الأندلسية لمصطفى الهروس (ص/ 205)، ومدرسة الإمام الحافظ أبي عمر ابن عبد البر لمحمد بن يعيش (2/ 397)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 90).

(3)

انظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 302)، وتاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ 327)، والاجتهاد في الفقه الإسلامي لعبد السلام السليماني (ص/ 321)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 111)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ 90).

ص: 658

وقد ولّى كثيرٌ مِن الخلفاءِ القضاءَ عددًا مِنْ علماءِ المذاهبِ، الأمر الذي عزّز مِنْ بقاءِ المذهب في المِصْرِ الذي يتولى أربابُه القضاءَ فيه

(1)

، فكان فيه عونٌ عظيمٌ للمتَمذهبين في بقاءِ مذهبِهم

(2)

؛ وترسيخ جذورِه، وتوسيع قاعدتِه

(3)

.

وقد كانَ لبعضِ المتمذهبين مكانةٌ عند الولاةِ، فكانوا يُشيرونَ عليهم باختيارِ قضاةٍ مِنْ أربابِ مذهبِهم

(4)

.

يقولُ الشيخُ محمد الخضري: "إذا هُيئَ لمذهبٍ مِن المذاهب مَلِكٌ، أو سلطانٌ يقلِّدُه، ويَقْصِرُ توليةَ القضاءِ على متبعيه: كان ذلك سببًا عظيمًا في انتشارِه، وازديادِ العلماءِ الذين يقومون به وبنشرِه"

(5)

.

ومِنْ أشهرِ الأمثلةِ لهذا السببِ:

- تولي أبي يوسفَ - صاحب الإمام أبي حنيفة - القضاءَ أيامَ الدولةِ العباسيةِ

(6)

، فقد جاءَ في ترجمتِه أنَّه كانت إليه توليةُ القضاءِ في الآفاقِ مِن

(1)

انظر: طبقات الشافعية لابن كثير (1/ 225)، ونفح الطيب للمقري (2/ 21)، وتاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ 302)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (1/ 111)، والفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد للدكتور عبد الله الجبوري (ص/ 45)، والمنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة للدكتور عبد الملك بن دهيش (ص/ 68)، والمدرسة المالكية العراقية للدكتور عبد الفتاح الزنيفي (1/ 552) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.

(2)

انظر: الفكر السامي لمحمد الحجوي (4/ 169)، ومالك - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 366)، وابن حنبل - حياته وعصره له (ص/ 316)، وابن حزم - حياته وعصره له (ص/ 234)، ومراحل تأسيس المدرسة الفقهية للدكتور مختار نصيرة (2/ 13) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.

(3)

انظر: الاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ 104).

(4)

انظر: نفح الطيب للمقري (2/ 10)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور ناصر الطريفي (ص/ 151).

(5)

تاريخ التشريع (ص/ 328). وانظر: التقليد والإفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ 97).

(6)

يقول ابن عبد البر في: الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة (ص/ 331): "كان أبو يوسف قاضي =

ص: 659

الشرقِ إلى الغرب، فلا يُعَيّنُ قاضٍ إلا بمشورتِه وموافقتِه، وكان يُعَيِّن القضاةَ مِنْ أربابِ المذهبِ الحنفي

(1)

.

- يحيى بن يحيى - تلميذ الإمام مالك - يقولُ ابنُ حزمٍ عنه: "كان مَكِينًا عند السلطانِ، مقبولَ القولِ في القضاةِ، وكان لا يلي قاضٍ في أقطارِ بلادِ الأندلسِ إلا بمشورتِه واختيارِه، ولا يشيرُ إلا بأصحابِه ومَنْ كان على مذهبِه

على أنَّ يحيى لم يلِ القضاءَ قطُّ"

(2)

.

الميدان الثاني: توليةُ منصبِ الإفتاءِ مِنْ فقهاءِ مذهبٍ فقهي معيّنٍ

(3)

.

مِن الميادين المهمّةِ التي غززتْ مِنْ بقاءِ المذاهبِ، وكان لها الأثرُ الكبيرُ في استمرارِه إسنادُ منصبِ الإفتاءِ إلى أرباب مذهبٍ فقهي معيّنٍ؛ إذ حين يتولَّى أحدُ علماءِ المذهبِ منصبَ الإفتاءِ في قَطرِه ومِصرِه، فإنَّه سيفتي بمذهبِ إمامِه، وفي الغالبِ سيسعى في تولّي أصحابِه منصبَ الإفتاءِ، فيشيع المذهبُ بين الناسِ، وتقوى حياتُه

(4)

.

= القضاة، قضى لثلاثة من الخلفاء: ولي القضاء في بعض أيام المهدي، ثم الهادي، ثم الرشيد، وكان الرشيد يكرمه ويُجله، وكان عنده حظيًّا مكينًا".

(1)

انظر: نفح الطيب لابن المقري (2/ 10)، والجواهر المضية للقرشي (3/ 613)، والشافعي - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 335)، والمذهب الحنفي لأحمد نقيب (1/ 108)، والفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ 76).

(2)

نقل كلامَ ابن حزم أبو عبد الله الحميدي في: جذوة المقتبس (ص/ 567)، وأحمدُ المقري في: نفح الطيب (2/ 10). وقارن بالمدرسة المالكية الأندلسية لمصطفى الهروس (ص/ 88 - 90).

(3)

انظر: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (2/ 222)، والانتقاء في فضائل الأثمة الثلاثة لابن عبد البر (ص/ 106)، ومدارك الشريعة الإسلامية لمحمد الخضر حسين (ص/ 39)، وأسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/ 257)، والمدرسة المالكية بالأندلس لمصطفى الهرس (ص/ 50)، والإمام الشافعي للدكتور وهبة الزحيلي (7/ 61) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، والمدرسة المالكية الأندلسية لمصطفى الهروس (ص/ 243)، ومدرسة الإمام الحافظ أبي عمر بن عبد البر لمحمد بن يعيش (2/ 401)، ونشأة المدرسة المالكية بالمغرب للدكتور إبراهيم القادري (1/ 295) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب.

(4)

انظر: المعيار المعرب للونشريسي (12/ 26)، ونفح الطيب للمقري (1/ 10)، والإمام الأوزاعي لعبد الستار الشيخ (ص/ 265).

ص: 660

وممَّا يدلُّ على أثرِ القضاءِ وغيرِه مِن المناصب في بقاءِ المذهبِ: ما قاله أبو الوفاءِ بنُ عقيلٍ عن علماءِ المذهب الحنبَلي: "هذا المذهبُ إنَّما ظَلَمَه أصحابُه! لأنَّ أصحابَ أبي حنيفةَ والشَافعي إذا بَرِعَ واحدٌ منهم في العلمِ، تولَّى القضاءَ وغيرَه مِن الولاياتِ، فكانت الولايةُ سببًا لتدريسِه واشتغالِه بالعلمِ، فأمّا أصحابُ أحمدَ، فإنَّه قلَّ فيهم مَنْ تعلّقَ بطَرَفٍ مِن العلمِ إلا ويخْرِجُه ذلك إلى التعبّدِ والتزهُّدِ؛ لغَلَبَةِ الخيرِ على القومِ، فينقطعون عن التشاغلِ بالعلمِ"

(1)

.

ويقولُ شاه ولي الله الدهلوي: "أيُّ مذهبٍ كان أصحابُه مشهورين، وسُدَّ إليهم القضاءُ والإفتاءُ، واشتهرتْ تصانيفُهم في الناسِ، ودرسوا درسًا ظاهرًا: انتشرَ في أقطارِ الأرضِ، ولم يزل ينتشر كلِّ حينٍ، وأيُّ مذهبٍ كان أصحابُه خاملين، ولم يُولَّوا القضاءَ والإفتاءَ، ولم يرغبْ فيهم الناسُ: اندرس مذهبُهم بعد حينٍ"

(2)

.

وقد كان بعضُ الناسِ يرغبُ في المذهب الذي أُسنِد إلى أربابِه منصبُ الإفتاءِ؛ طمعًا في أمثالِ هذه المناصبِ، ويَبيّن الشيخُ عبدُ القادر ابن بدران إعراضَ بعضِ المتمذهبين عن المذهبِ الذي لا تُوجد له مواردُ مالية، كالمذهبِ الحنبلي في وقتِه، فيقول: "أصابَ هذا المذهبَ ما أصاب غيرَه مِنْ تشتتِ كتبِه حتى آلتْ إلى الاندراسِ، وأكبَّ الناسُ على الدنيا، فنظروا فيها، فإذا هو - أي: المذهب الحنبلي - منهلُ سُنّةٍ، وفقهٌ صحيحٌ، لا مورد مالٍ، فهجره كثير ممَّنْ كان متبعًا له؛ رجاءَ قضاءٍ أو وظيفةٍ

"

(3)

.

ويقولُ الشيخُ محمدٌ الحجوي: "كم مِنْ عالمٍ في الشامِ وغيرِها أُريد

(1)

نقل كلامَ ابن عقيل ابنُ رجب في: الذيل على طبقات الحنابلة (1/ 348)، وابنُ بدران في: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ص/ 110). وانظر: المدخل لدراسة الفقه الإسلامي لمحمد محجوبي (ص/ 212)، والمدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ 204).

(2)

حجة الله البالغة (1/ 467).

(3)

المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ص/ 45).

ص: 661

توظيفُه في بلدٍ أهلُها حنابلةٌ في الفتوى مثلًا، فيلزم أنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مذهبِه الأصلي، كالشافعي، ويصير حنبليًا؛ كي يكون مفتيًا، مع أنَّ هذا سهلٌ لا بأسَ به"

(1)

.

وكلامُ الشيخِ الحجوي شاهدٌ ناطق على أنَّ للإفتاءِ مدخلًا في التمذهبِ؛ إذ لم يؤثر الإفتاءُ في بقاءِ المذهب فحسب، بلْ في انتقالِ علماءِ المذاهبِ الأُخْرَى إليه.

السبب الثالث: المدارسُ المذهبيةُ.

لقد اهتمتْ بعضُ المذاهبِ الفقهيةِ بتدريسِ علومِ الشريعةِ - ويأتي على رأسِها: أصول المذهب وفروعه - في مدارس مستقلةٍ، يدرِّسُ فيها الفقهاءُ والعلماءُ.

ومِنْ شأنِ وجودِ هذه المدارس أنْ تطيلَ عمرَ المذهبِ، وأنْ يستمرَ وجودُه ما دامتْ أحكامُه الأصولية والفقهية تُدرَّسُ.

وليس بخافٍ على أحدٍ ما للمدارسِ مِنْ دورِ كبيرٍ في الحفاظِ على المذهبِ، والإبقاءِ عليه على مرِّ العصورِ.

يقول العزُّ بنُ عبد السلام: "علوم المدارسِ: المذهبُ، والجدلُ، والخلافُ، وأصولُ الفقهِ، وعلمُ الكلامِ، وأَوْلاها: المذهبُ وأصولُه، ثمَّ الخلاف، ثمَّ الجدلُ

"

(2)

.

ويبدو أنَّ بعضَ المدارسِ كانت تُسمّى بإمامِ مذهبِها أو بأحدِ علماءِ مذهبِه

المتميزين، يقول الوزيرُ ابنُ هبيرة

(3)

: "أمَّا تعيين المدارسِ بأسماء

(1)

الفكر السامي (4/ 448).

(2)

القواعد الكبرى (2/ 235).

(3)

هو: يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن الشيباني العراقي، عون الدين أبو المظفر، ويُعرف بالوزير ابن هبيرة، ولد بقرية بني أوقر من الدُّور أحد أعمال الدجيل سنة 499 هـ كان =

ص: 662

فقهاء مُعَينين، فإنَّه لا أرى به بأسًا"

(1)

.

وقد أسهمَ بعضُ الخلفاءِ في بناءِ المدارسِ المذهبيةِ، ومِنْ أمثلةِ هذا: ما فعله صلاحُ الدين الأيوبي

(2)

في مصر، إذ أنشأَ فيها مدرستين: مدرسةً للمالكيةِ، والأخرى للشافعيةِ

(3)

.

السبب الرابع: الأوقافُ على أربابِ المذهبِ.

عُني بعضُ الموسرين بإقامةِ الأوقافِ على أرباب مذهبٍ معيّنٍ، بُغْيَةَ الأجرِ مِن الله تعالى، وما مِنْ شكٍّ في أنَّ الوقفَ على المذهب ورجالِه مِنْ أهمِّ الأسباب المعينةِ على بقاءِ المتمذهبين متمسكين بمذهبِهم، الأمر الذي يكفلُ بقاءَ المَذهبِ على مرِّ العصورِ

(4)

.

= من كبار علماء الحنابلة في وقته، إمامًا عالمًا عادلًا دينيًا خيرًا متعبّدًا، عاقلًا وقورًا متواضعًا، جزل الرأي، بارًا بالعلماء، كبير الشأن، متشددًا في اتباع السنة، وسِيَر السلف، وقد اشتغل بالوزارة، من مؤلفاته: الإفصاح عن معاني الصحاح، ومختصر إصلاح المنطق لابن السكيت، والعبادات الخمس، توفي سنة 560 هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان (6/ 230)، وسير أعلام النبلاء (20/ 426)، والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب (2/ 107)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (3/ 105)، والمنهج الأحمد للعليمي (3/ 177)، وشذرات الذهب لابن العماد (6/ 319).

(1)

نقل كلامَ ابن هبيرة تقيُّ الدين بنُ تيمية في: المسودة (2/ 959).

(2)

هو: يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني، ثم التكريتي، أبو المظفر صلاح الدين الأيوبي، السلطان الكبير، والملك العادل، فاتح الفتوح، ولد بتكريت سنة 532 هـ تلقى العلم على أبي طاهر السِّلفي، والفقيه علي ابن بنت أبي سعد، قال عنه تاج الدين بن السبكي:"كان فقهيًا، يقال: إنه كان يحفظ القرآن، و (التنبيه) في الفقه، و (الحماسة) في الشعر"، قام الاستيلاء على القاهرة، فدانت له العساكر، ومحا دولة بني عبيد، ثم قام بتوسيع دائرة دولته، كان رجلًا مهيبًا شجاعًا حازمًا، مجاهدًا كثير الغزو، عالي الهمة، يملأ العيون روعةً، والقلوب محبةً، كانت دولته نيفًا وعشرين سنة، يقول عنه شمس الدين الذهبي:"محاسن صلاح الدين جمة، لاسيما الجهاد، فله فيه اليد البيضاء ببذل الأموال والخيل المثمنة لجنده، وله عقل جيد، وفهمٌ وحزمٌ وعزمٌ"، توفي بقلعة دمشق سنة 589 هـ. انظر ترجمته في: التكملة لوفيات النقلة للمنذري (1/ 183)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (6/ 139)، وسير أعلام النبلاء (21/ 278)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (7/ 339).

(3)

انظر: طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي (7/ 356).

(4)

انظر: فقه السنة لسيد سابق (1/ 13).

ص: 663

ويدلُّ على هذا السببِ: ما حكاه الحافظ ابنُ رجبٍ عن بعضِ المتمذهبين الذين يظهرون الانتسابَ إلى مذهبٍ معيّنٍ في الظاهرِ، وهم في باطنِ الأمرِ منتسبون إلى مذهبٍ آخر؛ والباعث لهم على فعلِهم: أخذُ الأموالِ المختصةِ بأصحابِ ذلك الإمام مِن الأوقافِ ونحوِها

(1)

.

وإنْ كان ابنُ رجبٍ لم ينصَّ على أنَّ الأوقافَ سببٌ مِنْ أسبابِ بقاءِ المذهبِ، إلا أنَّ فيما حكاه ما هو أشدُّ، وهو الانتقالُ إلى المذهبِ، أو إظهارُ التمذهبِ به بُغْيَةَ ريعِ الأوقافِ، وفي هذا الأمرِ ما يدعو إلىَ بقاءِ المذهبِ، وعدمِ فنائِه.

السبب الخامس: تفرقُ المذهب في الأقاليم

(2)

.

مِن الأسبابِ المعينةِ على بقاءِ المذهب على مرِّ العصور والدهور انتشارُ المذهبِ وتفرق أربابِه في عدةِ أقاليم، فلو فُرِضَ اندثارُه في إقليمٍ ما، فإنَّ وجودَ أربابِه في أقاليم أُخر يكفلُ بقاءَ المذهبِ واستمرارَه.

* * *

(1)

انظر: الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة (ص/ 34 - 35)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (4/ 448).

(2)

انظر: الإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ 427).

ص: 664