الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعريف الخامس: جوازُ الإقدامِ على الفعلِ، مع اشتهارِ المانعِ منه شرعًا. وهذا تعريفُ شهابِ الدين القرافي
(1)
.
التعريف السادس: ما ثَبَتَ على خلافِ دليلٍ شرعي لمعارضٍ راجحٍ. وهذا تعريفُ الطوفي
(2)
.
المطلب الثالث: تعريف تتبع الرخص
قبلَ بيانِ المرادِ بتتبعِ الرُّخصِ، لا بُدَّ أولًا مِنْ بيانِ المقصودِ بالرخْصةِ في قولنا: تتبع الرخص:
المقصودُ بالرخصةِ في مسألتِنا هو الرُّخصةُ بمعناها اللغوي: السهولةُ واليسرُ الواقعةُ في المذاهبِ الفقهيةِ
(3)
، دونَ الرخصةِ المقابلةِ للعزيمةِ
(4)
.
يقولُ البنانيُّ: "الرخصةُ هنا بمعناها اللغوي: وهي السهولةُ، سواءٌ انطبقَ عليها حدُّ الرخصةِ اصطلاحًا، أم لا"
(5)
.
(1)
انظر: شرح تنقيح الفصول (ص/ 85).
(2)
انظر: شرح مختصر الروضة (1/ 459). وللاستزادة من التعاريفات وما ورد عليها من اعتراضات، انظر: الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس للدكتور عبد الكريم النملة (ص/ 12 - 44)، والحكم الوضعي عند الأصوليين للدكتور سعيد الحميري (ص / 310 - 320)، والرخصة الرعية للدكتور عمر كامل (ص/ 32 - 43)، والدرر البهية في الرخص الشرعية لأسامة الصلابي (ص/ 33 - 36).
(3)
انظر: مدارج السالكين لابن القيم (3/ 78)، وعمدة التحقيق للباني (ص / 114)، والأخذ بالرخص الشرعية وحكمه للدكتور وهبة الزحيلي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد: الثامن (1/ 61)، والأخذ بالرخص وحكمه للشيخ الطيب سلامة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد: الثامن (1/ 530).
(4)
انظر: التقليد في الشريعة الإسلامية لعبد الله الشنقيطي (ص/147)، وتبصير النجباء للدكتور محمد الحفناوي (ص/ 285) حاشية رقم (1).
(5)
حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 400).
ويقولُ ابنُ حجرٍ الهيتمي: "هل المرادُ بالرُّخصِ هنا - أيْ: في مسألةِ: (تتبع الرخص) - الأمور السهلة، أو الَّتي ينطبقُ عليها ضابطُ الرخصةِ عند الأصوليين؟
محلُّ نظرٍ، ولم أرَ مَنْ نبَّه عليه، ومقتضى تعبيرِ أصلِ:(الروضةِ) بالأهونِ عليه
(1)
الأول، وليسَ ببعيدٍ"
(2)
.
وقد عرَّفَ أعضاءُ مجمعِ الفقهِ الإِسلامي الرّخَص بأنَّها: ما جاءَ مِن الاجتهاداتِ المذهبيةِ مبيحًا لأمرٍ، في مقابلةِ اجَتهادات أخرى تَحْظُرُه
(3)
. وهو تعريفٌ جيدٌ.
وقد ذَكَرَ الأصوليون عدة تعريفاتٍ لتَتبعِ الرخصِ، منها:
التعريف الأول: اختيارُ المكلّفِ مِنْ كلّ مذهبٍ ما هو الأهونُ عليه.
ذَكَرَ هذا بدرُ الدّينِ الزركشيُّ، ولم ينصَّ على كونِه تعريفًا، وإِنَّما صدَّرَ الحديثَ عن تفسيقِ المتتبعِ للرخصِ بقولِه:"فلو اختار مِنْ كلِّ مذهبٍ ما هو الأهون عليه"
(4)
.
ولعل ما ذكره الزركشيُّ مستفادٌ ممَّا قرره أبو القاسمِ الرافعي؛ إِذْ ذَكَرَ حُكْمَ مَنْ أَخَذَ مِنْ كلِّ مذهبٍ ما هو الأهون عليه، دونَ أنْ يُسمّي الأخذَ بتَتَبّعِ الرخصِ
(5)
.
وتَبعَ بدرَ الدين الزركشيَّ فيما قالَ عددٌ مِنْ أهل العلمِ، منهم: جلالُ
(1)
انظر: العزيز شرح - الوجيز للرافعي - أصل الروضة - (12/ 427)، وروضة الطالبين للنووي (11/ 108).
(2)
الفتاوى الكبرى الفقهية (4/ 305).
(3)
مجلة مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي بجدة، العدد: الثامن (1/ 639). وانظر: القول الشاذ للدكتور أحمد المباركي (ص/ 133)
(4)
البحر المحيط (6/ 325). وانظر: تشنيف المسامع (4/ 620 - 621).
(5)
انظر: العزيز شرح - الوجيز (12/ 427)، وروضة الطالبين للنووي (11/ 108)
الدين السيوطيُّ
(1)
، وبدرُ الدّينِ الغزي
(2)
، وشمسُ الدّينِ الرملي
(3)
، وعبدُ الرؤوف المناوي
(4)
، والدكتور محمد الحفناوي
(5)
.
وقريبٌ ممَّا ذكره بدرُ الدين الزركشيّ تعريفُ جلالِ الدين المحلي؛ إِذ عرَّفَ تتبعَ الرخصِ بـ: أنْ يأخذَ المكلّفُ مِنْ كلِّ مِن المذاهب ما هو الأهون فيما يَقَعُ مِن المسائلِ
(6)
.
وتبعَ جلالَ الدِّينِ المحلي في تعريفِه: ابنُ أمير الحاج
(7)
، وأمير باد شاه
(8)
، وعبدُ الله العلوي
(9)
، ومحمد عليش المالكي
(10)
، والدكتورُ محمد مدكور
(11)
، وعبد العزيز الخليفي
(12)
، والدكتور إِبراهيم إِبراهيم
(13)
.
وتَبعَ جلالَ الدّين أيضًا: الدكتورُ عبد العزيز القايدي، إِلَّا أنَّه أبدلَ كلمةَ:"المسائل" بـ "الأحداثِ"
(14)
.
وقريبٌ مِنْ تعريفِ جلال الدين المحلي تعريفُ الدكتور وهبة الزحيلي، إِذ عرَّفَ تتبعَ الرخصِ بـ "أنْ يأخذَ الشخصُ مِنْ كلِّ مذهبٍ ما هو أهونُ عليه وأيسر، فيما يَطْرَأ عليه مِن المسائلِ"
(15)
.
(1)
انظر: شرح الكوكب الساطع (4/ 176).
(2)
انظر: الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد (ص/ 219).
(3)
انظر: فتاوى الرملي (4/ 378).
(4)
انظر: فيض القدير (1/ 210).
(5)
انظر: تبصير النجباء (ص/ 285).
(6)
انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 400) مع حاشية البناني.
(7)
انظر: التقرير والتحبير (3/ 351).
(8)
انظر: تيسير التحرير (4/ 254).
(9)
انظر: نشر البنود (2/ 350).
(10)
انظر: فتح العلي المالك (1/ 65).
(11)
انظر: مناهج الاجتهاد في الإِسلام (ص/ 447).
(12)
انظر: الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي (ص/153).
(13)
انظر: المدخل لدراسة الفقه الإِسلامي (ص/ 224).
(14)
انظر: مقدمة تحقيق تهذيب الأجوبة (1/ 267 - 268).
(15)
انظر: أصول الفقه (2/ 1153)، والأخذ بالرخص الشرعية وحكمه، مجلة مجمع الفقه الإِسلامي، العدد: الثامن (1/ 61).
التعريف الثاني: أنْ يعملَ العاميُّ بكلِّ رُخْصةٍ وَجَدَها، ولا يعملُ بغيرِها في ذلك المذهبِ.
وهذا مستفادٌ مِن كلامِ المرداوي؛ إِذ يقولُ في سياقِه للمسألةِ: "وهو - أيْ: العامي -: أنَّه كلما وَجَدَ رخصةً في مذهبٍ عَمِلَ بها، ولا يعملُ بغيرِها في ذلك المذهب"
(1)
.
وتبع ابنُ النجار المرداويَّ فيما قالَ
(2)
.
التعريف الثالث: أنْ يأخذَ المكلّفُ مِنْ كلِّ مذهبٍ بالأسهلِ.
وهذا تعريفُ إِبراهيمَ اللقاني
(3)
، وهو مستفادٌ ممَّا ذكره بدرِ الدين الزركشي، كما هو ظاهرٌ.
ووافق اللقانيَّ في تعريفِه: علويٌّ السقاف
(4)
، ومحمدُ بن عثمان الحكيم
(5)
.
التعريف الرابع: رفعُ مشقةِ التكليفِ باتّباعِ كلِّ سهلٍ.
وهذا تعريفُ بعضِ المالكيةِ، كما نقله محمدٌ الدسوقي
(6)
، وأحمدُ الصاوي
(7)
.
التعريف الخامس: اختيارُ الشخصِ لما يراه مناسبًا وملائمًا مِن الأحكامِ في المذاهب؛ لميلِ نفسِه، لسهولتِه عليها، ولكونِه أخفَّ تطبيقًا عنده ممَّا لو طبّقَ عليهَا غيرُه.
(1)
التحبير (8/ 4090).
(2)
انظر: شرح الكوكب المنير (4/ 577).
(3)
انظر: منار أصول الفتوى (ص/ 213).
(4)
انظر: مختصر الفوائد المكية (ص/ 40).
(5)
انظر: فتاوى علماء الأحساء (1/ 377). ومحمد الحكيم هو: محمد بن عثمان بن جلال الحكيم، أحد كبار علماء الشافعية بالأحساء، أخذ العلم عن الشَّيخ إِبراهيم بن حسن المفتي الحنفي، والشيخ عبد الله بن ناصر، وقد انتفع بعلمه خلق كثير، تصدر للإِفتاء والتدريس، له بعض الفتاوى والرسائل، توفي في الأحساء سنة 1095 هـ تقريبًا. انظر ترجمته في: فتاوى علماء الأحساء (1/ 367)، حاشية رقم (1).
(6)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 20).
(7)
انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (1/ 22).
وهذا تعريفُ عبدِ الله الشنقيطي
(1)
، وفي تعريفِه طولٌ مِنْ غيرِ حاجةٍ، ثم إِنَّه عادَ فعرَّفَ تتبع الرخص بـ:"تَطلّب السهولةِ واليسر في الأحكامِ"
(2)
.
التعريف السادس: أخذ المقلِّدِ أسهل وأخف أقوالِ العلماءِ عليه في المسائلِ.
وهذا تعريفُ الدكتور سعد الشثري
(3)
، ولو حذف إِحدى اللفظتين: أسهل، أو أخف؛ لئلا يكونَ في التعريفِ تكرارٌ.
التعريف السابع: الأخذُ بأخفِّ الأقوالِ في المسائلِ الخلافيةِ.
وهذا تعريفُ الدكتور عياض السلمي
(4)
، وقد نصَّ على أنَّ تتبعَ الرخص قد يقعُ مِن المجتهدِ، ومِن المقلِّدِ
(5)
.
التعريف الثامن: الأخذُ بالاجتهاداتِ المذهبيةِ لأمرٍ في مقابلةِ اجتهاداتٍ أخرى تَحْظُره؛ لمسوِّغٍ شرعي.
وهذا تعريفُ الشيخِ عبد الله آل خنين
(6)
.
وهو مستمدٌ مِنْ تعريفِ أعضاءِ مجمعِ الفقهِ الإِسلامي للرخصِ، إِلَّا أنَّه أضاف في آخره قيدًا، وهو "لمسوّغٍ شرعي".
وأرى أنَّ إِضافةَ هذا القيدِ محلُّ نظرٍ، لأنَّ كلامَ العلماءِ في المسألةِ يشملُ تتبعَ الرخصِ دونَ مسوّغٍ شرعي.
وغالبُ التعريفاتِ السابقةِ تسيرُ في اتجاهٍ واحدٍ، ويمكنُ تعريف تتبع الرخصِ بـ: أنْ يأخذَ المكلَّفُ فيما يَقَعُ له مِن المسائلِ بأخفِّ الأقوالِ، دونَ اعتبارٍ للقولِ الراجحِ.
(1)
انظر: التقليد في الشريعة الإِسلامية (ص/ 147).
(2)
المصدر السابق.
(3)
انظر: التقليد وأحكامه (ص/ 153).
(4)
انظر: أصول الفقه (ص/ 492).
(5)
المصدر السابق.
(6)
انظر: توصيف الأقضية في الشريعة (1/ 383)، والفتوى في الشريعة الإِسلامية (1/ 341).