الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للتشكيك في شيء منها.
ومن سبل الدفاع عن النصرانية تكذيب قصص المتحولين عنها إلى الإسلام، والتشكيك في صدق نوايا من يعلن انتقاله إلى الإسلام. وفي المقابل تورد قصص المتحولين من الإسلام إلى النصرانيّة.
المطلب الرابع: منهج التّنصير في غرف المحادثة
إنّ المتتبع لغرف المحادثة التّنصيريّة يجد أنها -في الغالب- تتبع طرقاً متنوعة؛ بعضها بعيد كل البعد عن المنهج العلمي والأخلاقي في الطرح والمناقشة (1).
وفي هذا المطلب نستعرض بعض هذه الطرق، ونجليها، ونورد ما يكون في بعضها من مجانبة لأمانة الطرح وأخلاق الحوار. فمن هذه الطرق:
أولاً: التعرض لدين المسلمين ونبيهم وكتابهم ومقدساتهم بالسب والشتم بأقذع الأوصاف والألفاظ.
وهو منهج ينأى بنفسه عنه كلُّ ذي خلق ومروءة من النّاس أيًّا كان دينه. ولا يُقْدم عليه -في الغالب- إلا مَنْ ضَعُفت حجته أو انعدمت.
وهذا المنهج مخالف لتعاليم المسيح عليه السلام في الإنجيل الذي بين أيدي النصارى اليوم. ففي إنجيل متّى؛ يقول المسيح عليه السلام: (وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مضطهديكم)(2).
ومخالف لتعاليم بولس (3) -صاحب المكانة المقدّسة في النصرانيّة- حيث يقول في
(1) يقول الدكتور باسم خفاجي: "لقد حاول هؤلاء -يعني المفكرين الأوروبيين- أن يصدوا عموم النّاس عن أي معنى طيب للإسلام، أو عن نبي الإسلام. أحياناً كانت تلك المحاولات تبدو بعيدة كل البعد عن الأصول العلمية أو الأخلاقية كذلك". انظر له: لماذا يكرهونه؟ الأصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، ص27.
(2)
متّى 5: 44. وفي ترجمة الفانديك والحياة؛ زيادة: (باركوا لاعنيكم وأحسنوا إلى مبغضيكم).
(3)
هو شاؤول الطرسوسي، يهودي فريسي، صاحب ثقافة فلسفيّة واسعة، وتلميذ العالم اليهودي عمالائيل. كان يُعذِّب أتباع المسيح إلى أن أعلن اتباعه له في طريق عودته من دمشق. تبوّأ مكانة متقدمة بين الحواريين بسبب ذكائه ونشاطه الدّعوي، وقُتل في روما سنة 65م. انظر: الموسوعة الميسرة 2/ 566.
رسالته الأولى إلى أهل كورونثوس: (ونُجهد النّفسَ في العمل بأيدينا. نُشتم فنُبارك. نُضطهد فنَحتمل)(1).
ولأنّ الإسلام جاء متمماً لمكارم الأخلاق فإنّا نجد في القرآن الكريم نهيَ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإخبارَه أنَّ كلَّ أمة من الأمم قد زُين لهم ما يعبدون، ولله الحجة البالغة، والحكمة التامة فيما يشاؤه ويختاره (2).
ثانياً: عرض الديانة النصرانية بشكل مبسط، وحصر المطلوب من المسلم لكي ينجو؛ في الإيمان بأنَّ المسيح أكمل الفداء، فمن قبل ذلك حمل عنه المسيح الأثقال والأعباء وملأ قلبه بالمحبة وحياته بالسعادة. والاستدلال لذلك بشواهد من الكتاب المقدس، مثل:(آمن بالرب يسوع تنلِ الخلاصَ أنت وأهلُ بيتك)(4).
ثالثاً: نزع الأدلة عن سياقاتها، ووضعها في سياقات مختلفة. وهو أسلوب تدليس وتضليل وتغييب للحقائق؛ بعيدٌ عن الأمانة في النقل والطرح.
ومن صور ذلك؛ تجاهل أسباب النزول، وسياقات الأحاديث. ومن أمثلة ذلك سعي أحد مدراء أبرز الغرف التّنصيريّة العربية لإثبات أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان شاكًّا في أمر دينه ودعوته بدليل قوله (نحن أولى بالشك من إبراهيم). متجاهلاً إيراد سياق الحديث، لأنّ فيه ما يدفع تشبيهه على المستمعين.
إنَّ هذا المدعي شكَّ النبي صلى الله عليه وسلم في دينه ودعوته يريد من العقلاء تجاهل عقولهم وتعمية
(1) رسالة بولس الأولى إلى أهل كورونثوس 4: 12.
(2)
انظر: تفسير ابن كثير 3/ 314 - 315.
(3)
سورة الأنعام، آية 108.
(4)
رسالة أعمال الرسل 16: 31.
أعينهم عن صاحب دعوة جابه بها قومه وحيداً بادئ الأمر، ثمّ في قلّة من أتباعه، متحملين صنوف الأذى والتعذيب والحصار والتقتيل، مهاجرين بدينهم بعيداً عن ديارهم وأموالهم.
فهل يصبر أحد على هذا ثلاثاً وعشرين سنةً وهو متشكك فيما يدعو إليه؟!
وهل يبني الشاكُّ دولة، ويكونُ له أتباعٌ يتجاوز عددهم اليوم ألفاً وخمسمائة مليون؟!
وهل يُخرِّجُ الشاكُّ ملايينَ الأتباع المتيقنين من دينهم، الثابتين على دعوتهم، الباذلين حيالها الأرواح والأموال والأعمار؟!
إنّ من يقول هذا كمن يريد لنا أن نقتنع أنّ أبلَهَ خرَّج عشراتِ المفكرين، ومتطبباً تتلمذ على يديه مئاتُ الجرّاحين البارعين!
وقبل هذا وذاك؛ فإنّ سبب ورود الحديث يوضح المقصود ويُزيل اللبس. يقول ابن قتيبة الدينوري (1): «فأمّا قوله: (أنا أحق بالشك من أبي إبراهيم عليه السلام)، فإنّه لمّا نزل عليه:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (2) قال قومٌ سمعوا الآية: شكَّ إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ولم يشك نبينا صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أحق بالشك من أبي إبراهيم عليه السلام) تواضعاً منه، وتقديماً لإبراهيم على نفسه. يُريد: أَنَّا لم نَشُكّ، ونحن دُونَهُ، فكيف يَشُكُّ هُوَ؟» (3).
رابعاً: استغلال جهالة المتحدثين على الشبكة؛ جهالة حال وجهالة عين، لأجل التأثير على المدعوين.
ومن ذلك إظهار من يتحدث بصوته -من الجنسين- ليخبر بأنَّه كان على دين الإسلام
(1) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري. من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين. توفي ببغداد سنة 672هـ، وله: تأويل مختلف الحديث- أدب الكاتب- المعارف- عيون الأخبار- الشعر والشعراء- مشكل القرآن، وغيرها. انظر: الأعلام، الزركلي 4/ 137.
(2)
سورة البقرة، من الآية 260.
(3)
انظر: تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، ص110.
قبل أن يدخل الغرف التّنصيريّة ويتعرف على حقيقة الدين النصراني ثم يعتنقه، ليجد السعادة والراحة والطمأنينة والانفكاك عن ما يسميه بقيود الإسلام وتعاليمه المخالفة للفطرة والعقل.
ومنهم من يُظهر أنه لا زال على الإسلام إلا أنه متأثر بما يطرحه القس في الغرفة، ثم يُظهر ازدياد تأثره وقناعته بكلام المنصر، وتراه يُمَكَّن من الحديث ليعبر عن ابتهاله للرب أن يهديه طريق الحق، ليُخْتَمَ هذا المشهد -الذي يتكرر كثيراً في هذه الغرف- باعتناقه النصرانيّة وسط ابتهاج النصارى وابتهالهم للرب أن يثبته.
وهذه الحالات لا يعول عليها عند اعتماد المنهج العلمي الصحيح في قبول الأخبار أو ردها، وإن كان من المسلَّم به وجود من يتحوّل إلى النصرانيّة من المسلمين.
وقد سار المسلمون على منهجيّة صارمة في قبول الأخبار، تشترط انتفاء جهالة العين والحال عن الرّاوي للنّظر في روايته.
قال النووي (1) في التقريب والتيسير: «رواية مجهول العدالة ظاهراً وباطناً لا تُقبل عند الجماهير» (2).
وقال السيوطي (3) في شرحه لكتاب النووي المتقدم: «(وأما مجهول العين)، وهو القسم الثالث من أقسام المجهول: (فقد لا يقبله بعض من يقبل مجهول العدالة)، وَرَدُّهُ هُوَ الصَّحِيحُ الذي عليه أكثر العلماء من أهل الحديث، وغيرهم» (4).
(1) هو أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف الحوراني النووي الشافعي. ولد بنوا من قرى حوران بالشّام سنة 631هـ ومات بها سنة 676هـ. علاّمة بالفقه والحديث، وله: شرح مسلم- رياض الصالحين- الأربعون حديثاً- شرح المهذب- التبيان في آداب حملة القرآن، وغيرها. انظر: الأعلام، الزركلي 8/ 149 - 150.
(2)
انظر: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، السيوطي 1/ 372.
(3)
هو جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضري السيوطي. ولد بمصر سنة 849هـ، ومات بها سنة 911هـ. له نحو ستمائة مصنف، منها: الإتقان في علوم القرآن- الأشباه والنظائر- الألفية في مصطلح الحديث- الألفية في النحو- تدريب الرّاوي- الدر المنثور في التفسير بالمأثور، وغيرها. انظر: الأعلام، الزركلي 3/ 301 - 302.
(4)
انظر: تدريب الرّاوي، السيوطي 1/ 373.
والسيوطي يَذكر أنَّ الأخذَ عن المجاهيل منهجٌ متبع عند كثير من اليهود والنصارى فيقول: «وأما النقل بالطريق المشتملة على كذّاب أو مجهول العين فكثيرٌ في نقل اليهود والنّصارى» (1).
خامساً: محاولة إبعاد أي فرصة لدى المستمع في الشك بصحة شيء ممّا يطرح عن الإسلام وكتابه ونبيه وسنته، وذلك بتكرار التأكيد على أنَّ ما يُطرح مصدره كتاب المسلمين وسنة نبيهم. وإعلان التحدي الصارخ لمن يستطيع نفي ذلك. ثم بعد ذلك تطرح الشبه والانتقادات التي يظهر للمستمع لأول وهلة أنها مأخوذة من الكتاب والسنة، ولكنها بعد التمحيص لا تعدو استدلالات لا تثبت على قدم التمحيص.
وفي هذا السياق يكثر إحالتهم إلى مواقع إسلاميّة كبرى من أمثال موقع وزارة الشؤون الإسلاميّة السعوديّة (2)، وموقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (3)، في محاولة لتأكيد صحة ما ينقل، وأنَّ مصدره ما هو عند المسلمين مرجعٌ معتمد مصدق، فلا مجال لشبهة الافتراء والتقول على المسلمين.
وهذا المنهج -أعني محاولة هدم الإسلام به وبأتباعه- له أهميته عند النصارى. وعليه قام كثير من النتاج الاستشراقي. وفي سياقه قدمت بحوث ورسائل علميّة، من أمثال رسالة الماجستير لإبراهيم خليل أحمد (4) -قبل إسلامه- والتي كان عنوانها:«كيف ندمر الإسلام بالمسلمين» (5).
سادساً: الاستشهاد بمقاطع صوتيّة لبعض مشايخ المسلمين أو الدعاة المشهورين أو عامة
(1) المرجع السابق 2/ 604.
(2)
رابط الموقع: www.moia.gov.sa
(3)
رابط الموقع: www.qurancomplex.org
(4)
هو قس ومنصر مصري، ولد في الإسكندريّة عام 1919م، وعمل أستاذاً بكلية اللاهوت بأسيوط. أشهر إسلامه عام 1959م، وألّف: محمد في التوراة والإنجيل والقرآن- المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي- تاريخ بني إسرائيل، وغيرها. انظر: قالوا عن الإسلام، عمادالدين خليل، هامش ص49.
(5)
انظر: قساوسة ومبشرون ومنصرون أسلموا، الحسيني معدي، ص126.
المسلمين بطرق تحقق مآرب المنصرين، ومن أمثلة ذلك:
المثال الأول: اقتطاع جزء من الحديث الصوتي مما يرد فيه لفظ سيء، وقطعه عن سياقه، وكثرة ترديده، بغية إظهار مشايخ المسلمين مظهر البعيدين عن محاسن الأخلاق، المتصفين برذائلها.
ومن ذلك تكرار اجتزاء قول أحدهم: (يا ابن مقطعه البظور)، والتعليق عليه بما يوهم لجوء دعاة الإسلام إلى استخدام الألفاظ النابية التي يستحيى من ذكرها.
ولو تم إيراد حديث الشيخ كاملاً لانتفى هذا التوهم، لأنَّ العبارة وردت في سياق منازلة حربيّة في غزوة أحد؛ بطلها أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم؛ حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (1). ولم يكن فيها حمزة شتّاماً، ولكنّه حكى حقيقةً ليفت في عضد منازله.
قال ابن هشام (2): «ثم مرّ به سِبَاع بن عبد العزى الغُبْشاني، وكان يكنى بأبي نِيَار، فقال له حمزة: هَلُمَّ إلَيَّ يَا بن مُقَطِّعَةِ البُظُور- وكانت أمّه أمّ أنمار مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفي .. وكانت ختّانةً بمكة» (3).
المثال الثَّاني: بث مقاطع صوتيّة سجلتها بعض القنوات الفضائية لمسلمات مارسن نكاح المتعة مراراً، أو تعرضن لانتهاكات جنسيّة من أقاربهن. ثم التعليق على هذه المقاطع بما يصور أنَّ المنهجية الشهوانيّة سبيل يمارسه جل المسلمين بدافع من دينهم.
المثال الثَّالث: بث مقاطع صوتيّة بصوتٍ يَظهر أنَّه لأحد الدعاة المسلمين، وفيه شرح لبعض أبيات نونيّة ابن القيم في وصف حور الجنة. وتحتوي المقاطع على تفاصيلِ ذكر المفاتن بصورة فيها تجاوز من الملقي. ثم تُخَلل فقرات الحديث بآيات من القرآن الكريم في هذا
(1) هو أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدمناف القرشي البدري الشهيد. عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرّضاع. استشهد يوم أحد سنة ثلاث من الهجرة. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 1/ 171 - 184.
(2)
هو أبو محمد جمال الدين عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري. مؤرخ وعالم بالأنساب واللغة وأخبار العرب. أشهر كتبه السيرة النبويّة، المعروف بسيرة ابن هشام. توفي بمصر سنة 213هـ. انظر: الأعلام، الزركلي 4/ 166.
(3)
انظر: سيرة ابن هشام 4/ 16 - 17.
الباب؛ في عملية توليف (مونتاج) مكشوفة المقصد.
المثال الرّابع: إيراد مقاطع صوتيّة لمشايخ يفتون فيها بمسائل شاذة كإباحة رضاع الكبير بإطلاق، ثم يتبع هذا بمقاطع لمقابلات أجرتها بعض القنوات الفضائية مع العامة من المسلمين في الشارع يستنكرون أن يكون هذا من الدين. ويُعْقِب هذا محاولة إقناع المستمعين بأنَّ هذه الفتوى من الدين الإسلامي (1)، وأنَّ هذا الدين يحوي من المنكرات الشيء الكثير، من أمثال هذه الفتوى، وأنَّ مشايخ الإسلام يكتمون هذه الأمور عن الأتباع إلى أنْ جاء من امتلك منهم الشجاعة فصرح بشيء منها.
وكلُّ هذا وما سبقه وما يتبعه يراد منه التنفير من الإسلام بأساليب بعيدة كل البعد عن أخلاقيات الطرح العلمي المنصف، الذي يعتمد الدليل والحجة والبرهان.
وإلا كيف يسوغ إيراد هذا الطّعن في دين مُلئَ كتابه وسنّة نبيه بالنصوص الآمرة بعفة اللسان، والمعلية قدر خلق الحياء؟!
وأين ذلك من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتّابعين، المشرقة بالتعفف والبُعد عن الفحش والبذاءة والسبّ والشتم؟!
وهل يترك هذا جميعه لينقض بمثالين أو ثلاثة، على نحو منهج مَنْ أشرنا لهم قريباً في نقض القاعدة العريضة الثابتة بالمثال الشاذ؟!
إنّ على صاحب هذا المنهج أنْ لا يُصدم إذا جاء من يصف المسيح عليه السلام بأنّه كان إرهابيًّا، عاقًّا لأمه، داعياً للكراهية، عنصريّاً، مشبِّهاً الأميين من غير اليهود بالكلاب، كاذباً، محبًّا للتعري، سابًّا لإخوانه الأنبياء، ولتلاميذه، ولليهود عامّة. وذلك من نصوص العهد الجديد (2).
وحاشا نبيَّ الله عيسى عليه السلام أن يكون على شيء من ذلك، بل كان مِنْ أولي العزم مِنَ الرّسل، وجيهاً في الدنيا والآخرة، برًّا بوالدته، مقرّباً من مولاه.
(1) انظر الرد على هذه الشبهة في الفصل الثّاني، صفحة 280
(2)
انظر هذه النصوص في: هل العهد الجديد كلمة الله، منقذ السقار، ص225 - 237.
ثمَّ أينَ تعيير الكافر في منازلة حربيّة بمهنة أمّه، وتجاوزٌ فرديٌّ لأحد شرّاح النونيّة، من أسفار كاملة في الكتاب المقدّس يجد الرّجل الكبير حرجاً من قراءتها، فضلاً عن الشباب والشّابات، ثمَّ يأتي من دارسي الكتاب المقدّس مَن يصفها بأنّها «أروع الأناشيد، وأعذب الأغاني، التي تصور الحب المتبادل بين الرَّجل والمرأة» (1)؟!
سابعاً: التلطف في الطرح الذي يراد منه دعوة المسلم للتخلي عن دينه واعتناق النصرانيّة. وتكرار الطرح الذي يلامس الوجدانيات، ومحبة الخير والنجاة لهذا المسلم المظلل الذي أراد الله به خيراً حين ساقه لدخول الغرف التّنصيريّة كما يصورون.
وقد يتصف هذا الخطاب اللطيف بحسن بيان الداعي للنصرانيّة، وتمكنه من طرح خطاب دعوي يظهر فيه المتانة والقوة والإحكام.
وقد يُظهر الداعي أنَّه كان مسلماً قبل أنْ يمن الله عليه بمعرفة حقيقة باطل الإسلام وصدق النصرانية كما يصور، وأنَّه مر بمرحلة التشكك والحيرة حين سمع كلام المنصرين عن الإسلام، إلى أنْ وصل إلى قناعةِ تبديل الدين.
وخلال هذا الطرح تتوالى ابتهالات المنصر إلى الله أن يقذف في قلب هذا المسلم معرفة الحق واتباعه.
ومن السبل التي يكثر اتباعها دعوة المسلم إلى تكرار دخول الغرف النصرانيّة، وفي هذا إيهام بقوة وصدق ما يطرح فيها، لأنَّ صاحب الحق لا يخشى أحداً، وهو أسلوبٌ من أساليب الحرب النفسيّة.
ثامناً: استضافة المتنصرين للحديث عن قصص تحولهم عن الإسلام. وقد سبقت الإشارة إلى أنَّ غالب هؤلاء مجاهيل.
تاسعاً: استغلال أثر الطرح الصوتي المباشر، وتعدد إمكانات التأثير فيه. وذلك يستبين أثره في نبرات الصوت، وطريقة الحديث. وقد جاء في الحديث (إنَّ من البيان لسحرا)(2).
(1) انظر: المدخل إلى الكتاب المقدس، حبيب سعيد، ص155.
(2)
رواه البخاري في صحيحه من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنه. وتمامه أنّ رجلين قدما من الشرق فخطبا، فعجب النّاس لبيانهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إنّ من البيان لسحرا، أو إنّ بعض البيان سحر). انظر: صحيح البخاري، كتاب الطب، باب إنَّ من البيان لسحرا، ح5767، ص1460.
ولهذا نجد إجادة بعض المنصرين لتغيير نبرة الصوت بين الانخفاض والارتفاع، وتنويع سرعة الحديث، وتمثيل الانفعالات المتعددة كالحزن والضحك والاستهزاء والحماسة وغيرها.
ويطوع بعضهم اللهجة العامية المبسطة للوصول إلى المتلقين. ويستغل بعضهم وجود رجع الصدى الفوري في هذا النوع من الخدمات ليضيق الخناق على المسلم ويحاصره بالشبهات التي لا يستحضر الرد عليها أحياناً، لإظهار التفوق عليه، ومحاولة هزيمته وإضعافه وهز قناعاته.
عاشراً: كثرة الاستدلال بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة للطعن في الإسلام. والغالب أنَّ المنصر يذكر مصدر الحديث ودرجته إذا كان سيستدل بفهمه منه بما يطعن به في الإسلام. أما إذا كانت الدلالة واضحة فإنَّه يورد الحديث الضعيف أو الموضوع دون أن يذكر المصدر. ومن المسلك الثاني -أعني إيراد الأحاديث الضعيفة والموضوعة- الأمثلة التالية:
المثال الأول: حديث: (تمر بالمسلمين في الجنّة سحابة فيسألون الله أن تمطر عليهم كواعب أترابا)، والتعليق على ذلك بما يفيد شهوانيّة المسلمين في دنياهم وأخراهم.
وهذا النص -فيما وقفت عليه- ورد في بعض كتب التفسير، ومداره على روايتين:
الأولى: رواية: (إنّ السرب من أهل الجنّة لتظلهم السحابة، قال: فتقول: ما أمطركم؟ قال: فما يدعو داع من القوم إلا أمطرتهم، حتى إنَّ القائل منهم ليقول أمطرينا كواعب أترابا)(1).
الثانية: رواية: (إنَّ قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله، وإنَّ السحابة لتمر بهم فتناديهم يا أهل الجنّة ماذا تريدون أن أمطركم؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب)(2).
(1) رواها ابن جرير الطبري عن الحسن بن عرفة عن عمر بن عبد الرحمن الأبار عن محمد بن سعد الأنصاري عن أبي ظبية السِّلَفي.
(2)
رواها ابن أبي حاتم عن عبد الله بن أحمد الدشتكي عن أبيه عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبدرب اليشكري عن أبي الغيث عطية بن سليمان عن أبي عبد الرحمن القاسم الدمشقي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وها هنا بعض الملاحظات المهمة:
الأولى: لم ترد أيُّ رواية في هذا المعنى في كتب السنة المعتمدة كالصحاح والسنن وغيرها مما وقفت عليه.
الثانية: الرِّواية الأولى من كلام التابعي، فلا يصح الاحتجاج بها، وحتى مع ورود رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تكون من المرسل، وهو أحد أنواع الحديث منقطع السند. ومنقطع السند بجميع أقسامه مردود للجهل؛ إلا مرسل الصحابي، ومرسل كبار التابعين المكثرين من الرواية عند كثير من أهل العلم إذا عضده مرسل آخر أو عمل صحابي أو قياس (1). وهذه الاستثناءات غير متحققة هنا، فلا تقوم هذه الرواية للاحتجاج.
الثالثة: الرواية الثانية، وهي رواية أبي أمامة رضي الله عنه (2) لا تصلح للاحتجاج، لجهالة أحدِ رواتها (3).
الرابعة: ليس في الروايتين -على افتراض صحتهما- ما يدل على ما أراد المنصرون إيصاله للنّاس من أنَّ إجماع المسلمين كلِّهم في الجنّة هو على طلب الكواعب الأتراب.
فالرواية الأولى تدل على أنَّ أكثر المسلمين يطلبون حوائجهم فتلبى لهم مهما عظمت وظُنَّ استحالة تحققها حتى إنَّه ليوجد من يُغرب في طلبه فيسأل السّحابة الكواعب الأتراب، وهذا يفيد ندرة من يذكر هذا المطلب.
والرواية الثّانية ليس فيها أنَّ المسلمين يطلبون ذلك.
الخامسة: كيف يطلب المسلمون هذا وقد وُعدوا به في الجنّة في جملة النعيم الذي يكون لهم؟!
(1) انظر: مصطلح الحديث، ابن عثيمين، ص16 - 17.
(2)
هو أبو أمامة الباهلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزيل حمص. روى علماً كثيراً، وتوفي سنة ست وثمانين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 3/ 359 - 363.
(3)
هو أبو الغيث عطية بن سليمان، قال عنه ابن حجر:"مجهول". انظر تقريب التهذيب، ابن حجر، ص432.
السادسة: ثبت في الأحاديث الصحيحة الكثيرة أنّ أغلى أمانيّ أهل الجنّة رؤية وجه الله الكريم، وليس شيئاً آخرَ من النّعيم الحسّي.
السابعة: أنّ من مزايا الإسلام أنّه اعترف بالواقع البشري على حقيقته، فلم يكبت نوازع الجسد وشهوات النفس، وإنما اعترف بهما من حيث المبدأ، ومن حيث أنهما شعور في النفس لا ينبغي كبته ولا مصادرته، ثمّ نظّم للإنسان سبيل الاستمتاع باللذّات (1).
ولهذا نرى كيف سلمت الشعوب الإسلاميّة من شرور الإنكار المطلق لهذه النّوازع الفطريّة، أو التّرك المطلق لها من غير قيدٍ أو ضبط.
ومن هنا جاء تشريع الزّواج في الإسلام، والحثّ عليه، والنّهي عن التبتل إلا لمانع شرعي، كما جاء الوعد بالمتعة الجنسيّة ضمن نعيم الجنّة.
المثال الثّاني: حديث عمر رضي الله عنه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يسأل الرجل فيما ضرب امرأته).
والحديث الذي فيه أنّه لما نزل في القرآن (واضربوهن) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اضربوهن) فضرب الرجال النساء تلك الليلة.
والحديث الذي فيه أنّ امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أنّ زوجها لطمها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أطيعي زوجك)، فرجعت من غير قصاص.
وقصة الزبير بن العوام (2) مع زوجتيه، وأنّه كان يربط شعورهن إلى بعض ويضربهن، فذهبت إحداهن -وهي أسماء بنت أبي بكر (3) - إلى أبيها الصديق تشتكي -يقول المنصر
(1) انظر: المثالية والواقعيّة في الإسلام، جمعة الخولي، مجلة الجامعة الإسلاميّة، العدد الرّابع والأربعون.
(2)
هو أبو عبد الله الزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى. حواري الرسول صلى الله عليه وسلم، وابن عمته، وأحد البدريين، وأحد العشرة المبشرين بالجنّة، وأحد السّتّة أهل الشّورى، وأوّل من سلّ سيفاً في سبيل الله. قتل في وقعة الجمل سنة ست وثلاثين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذّهبي 1/ 41 - 92.
(3)
هي أم عبد الله أسماء بنت أبي بكر الصديق. والدة عبد الله بن الزبير، وأخت أم المؤمنين عائشة، وآخر المهاجرات وفاة، وتعرف بذات النطاقين. روت عدّة أحاديث، وعمِّرت دهراً، وتوفيت سنة ثلاث وسبعين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 2/ 287 - 296.
متهكماً: ومن سيكون أعلم من الصديق بأمر الإسلام وتوجيهات النبي-، فقال لها أبو بكر:(أطيعي زوجك)(1).
هذه النصوص الأربعة جاءت مجتمعة في حديث أحد المنصرين في سياق بيانه لموقف الإسلام من المرأة من وجهة نظره.
وقبل النظر فيها نقرر قاعدة عقليّة لا تقبل الاختلاف، وهي أنّ الدّين الحقّ عصيٌّ على التناقض في أخباره وأحكامه. فلا يمكن أن يأمر بالشيء وينهى عنه، ويُحسِّن الأمر ويقبحه في ذات الوقت، ويأمر بالإكرام والإساءة في الوقت نفسه.
وهنا نتساءل! كم في نصوص القرآن الكريم وصحيح السّنّة، من تكريم للمرأة، وأمر بالإحسان إليها أمًّا وأختاً وزوجةً وابنةً وقريبةً وغير قريبة؟!
وكم في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتّابعين بعدهم من صور تطبيقيّة ساميةٍ تُنْزل المرأة مكانتها اللائقة بها؟!
وهل من المنهج الموضوعي تجاهلُ كلِّ هذا، والتّعويلُ على رواياتٍ محدودةٍ وإنْ صَحَّت، فضلاً عن أن تكون ضعيفةً لا تثبت على قدم الاحتجاج؟!
وإذا جئنا لتمحيص الروايات المذكورة نجد الأولى ضعيفةً لا تصلح للاحتجاج (2).
والثانيةُ لا وجود لها في كتب الحديث والتّفسير -فيما وقفت عليه-، ولا أظن الحاجة تدعو للنظر فيها، فإنّ هذا المنصر اختزل كلمةً واحدة من الآية التي عالجت موضوع المرأة الناشز، وركّب عليها رواية في غاية التهافت.
وبمعالجة عقليّة مبسّطة، فإنّ حدثاً كهذا لا يُقبل ولو رواه ثقة أو أكثر، حتى يتواتر النَّقَلة له، لأنّه عمّ بيوت المسلمين ولم تسلم منه امرأة، كما ذكر صاحب الرواية!
وفيه شبه كبير برواية صاحب إنجيل متّى، حين ذكر أنّ المسيح لما أسلم الروح على
(1) هذه الاستدلالات الأربعة مصدرها غرفة in jesus all things become new تاريخ 10 صفر 1432هـ الساعة 8م.
(2)
رواها أبو داوود، وحكم عليها الألباني بالضعف. انظر: ضعيف سنن أبي داوود، الألباني، ص166.
الصّليب، انشق حجاب الهيكل نصفين، وتزلزلت الأرض، وتشققت الصخور، وقام كثيرٌ من القديسين من قبورهم، ودخلوا المدينة، ورآهم النّاس.
فكيف انفرد متّى بهذه الرّواية العجيبة دون غيره من أصحاب الأناجيل والرسائل، الذين لم يخبروا بها.
ولهذا رفض قبول هذه الحادثة بعض من احترم عقله من داخل الدائرة النصرانية (1).
وعوداً على رواية الأمر بضرب النّساء، فإنّ نظرة سريعة للآية الواردة فيها تبين المقصود، إذ يقول الله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (2).
فالضرب مقتصر في حالة المرأة الناشز إذا لم يُفد معها الوعظ والهجر في المضجع، مع وجوب التزام الضوابط الشرعيّة فيه بأنْ لا يكون مبرحاً أو كاسراً لعظم أو مشوِّهاً لشيء من الجسد. ويحرم ضرب الزّوجة في غير هذه الحالة (3).
وما ذلك إلا تغليباً لارتكاب ضرر يسير هو الأذى النفسي والجسدي للمرأة، من أجل دفع ضررٍ أعظم وأعظم إذا آلت الحال إلى انفكاك عرى الأسرة، وطلاق المرأة، وضياع الأبناء.
وأمّا رواية الزوجة التي اشتكت زوجها، فقد ورد في بعض كتب التفسير أنّ امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعدي على زوجها أنّه لطمها، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:(القصاص)، فأنزل الله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض)، فرجعت بغير
(1) انظر: هل العهد الجديد كلمة الله، منقذ السقار، ص158.
(2)
سورة النساء، الآية 34.
(3)
انظر: شرح عمدة الفقه، عبد الله الجبرين 3/ 1383.
قصاص.
وهذه الرّواية لا تصلح للاحتجاج، لأنّها من رواية تابعي يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث هنا منقطع، وفيها راو متهم بالإرجاء (1). وعليه؛ فلا تصلح هذه الرواية للاحتجاج.
وكيف تصلح وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم كفارة لطم الأمة عتقها؟! (2)
أم كيف تصح وقد تكاثرت أقوال النبي صلى الله عليه وسلم بالوصيّة خيراً بالنساء عموماً والزّوجات خصوصاً. وقد منع من ضرب الوجه مطلقاً، وحذّر من عاقبة الظّلم، ومازح رجلاً فلّما قال أوجعتني يا رسول الله؛ مكّنه من نفسه ليقتص.
ولم يُشرع في الإسلام ضرب الزّوجة إلا في حالةٍ واحدة، وبضوابط تمنع الإيذاء والضّرر، وتُوجب تجنب الوجه.
ولم يُعهد في السيرة أنَّ امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي ضرب زوجها واعتداءه عليها، بل لما جاءت امرأة تستشيره في ثلاثةِ خُطّاب؛ أرشدها إلى تجنب أحدهم لأنّه كان ضرّاباً للنِّساء.
وأمّا قصة أسماء بنت أبي بكر مع زوجها الزبير فلم أجدها، ولا أظنُّ الحاجة تقوم للنظر فيها، لأنّها في غاية الضعف والتهالك، ومن قبيل ما يُغني سقوطه عن إسقاطه.
وكيف يَقبل عاقل نسبة هذا التصرف الهمجي لمهاجر الهجرتين، وأحد البدريين، وأول من سل سيفاً لحماية الدين، وأحد العشرة المبشرين؟!
(1) الحديث من رواية ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن خلف بن أيوب العامري عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن البصري يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الرواية لها حكم الحديث المقطوع لأنَّ الحسن البصري تابعي. وفيها خلف بن أيوب العامري؛ قال عنه ابن حجر: (ضعفه يحيى بن معين، ورمي بالإرجاء). انظر: تقريب التهذيب، ابن حجر، ص181.
(2)
جاء في صحيح مسلم، في كتاب الأيمان، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، ح1657، 2/ 785، عن معاوية بن سويد قال: لطمت مولى لنا فهربت، ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي، فدعاه ودعاني، ثم قال: امتثل منه، فعفا، ثم قال: كنا بني مقرِّن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادم واحدة، فلطمها أحدنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(أعتقوها)، قالوا: ليس لنا خادم غيرها، قال:(فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها).
حادي عشر: إيراد فهوم خاطئة من أدلة صحيحة من الكتاب والسنة. فقد يورد المنصر آيات من كتاب الله الحكيم، وأحاديث صحّت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنّه يحملها على غير ما دلّت عليه، وعلى خلاف ما فهمه منها السلف الصالح. ومن ذلك الأمثلة التّالية:
المثال الأول: القول بأنَّ الإسلام يبيح الزنا والسرقة بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن زنا وإن سرق)(1).
وهذا الفهم سقيم، لا يقول به من له أدنى معرفة بأحكام الإسلام وحدوده.
ولا أدري كيف يقال عن دين أنّه يبيح الزنا؛ وهو يحد فاعله بالجلد مائة والتغريب عاماً لغير المحصن، وبالرجم بالحجارة إلى الموت للمحصن؟! أم كيف يبيح السرقة وهو يحد فاعلها بالقطع؟!
والحديث بتمامه إنّما يدلّ على فضل التّوحيد، وأنّ من مات لا يشرك بالله شيئاً فإنّ مصيره الجنّة، وإن ارتكب شيئاً من الكبائر فهو تحت مشيئة الله؛ إنْ شاء عذّبه عدلاً، وإنْ شاء غفر له فضلاً (2).
وإذا كانت السّرقة والزّنا مباحة في الإسلام فلمَ هيَ غيرُ منتشرة في المجتمعات الإسلاميّة بنفس النسب في باقي المجتمعات، مع قيام الدّاعي لها من شدّة الفقر؟!
لقد حفظ الإسلام بتعاليمه أموال النّاس وأعراضهم وأنفسهم وعقولهم، وأعطى في ذلك حلولاً للبشريّة تكفل لها الرّاحة والسّعادة والأمن.
المثال الثّاني: القول بأنَّ الإسلام يعطي النبي صلى الله عليه وسلم حق التزوج بمن شاء من نساء المسلمين ولو كنّ متزوجات، بدليل قوله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (3).
(1) جزء من الحديث المتفق عليه من رواية أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنّه من مات مِن أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنّة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟، قال: وإن زنى وإن سرق). انظر: صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ح3222، ص797. وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنّة ومن مات مشركاً دخل النّار، ح94، 1/ 56.
(2)
انظر: شرح العقيدة الطحاوية، ابن أبي العز الحنفي، ص369 - 370.
(3)
سورة الأحزاب، من الآية 6.
وهذا الفهم متهالك، فإنَّ المعنى المراد بعيدٌ عن هذا الفهم السقيم.
ومعنى الآية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم في نفوذ حكمه فيهم، ووجوب طاعته عليهم، فلو دعاهم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النّبي أولى بهم من طاعة أنفسهم.
وقيل: أولى بهم من أنفسهم فيما قضى فيهم، وأولى بهم في الحمل على الجهاد وبذل النّفس فيه، فإن أَذِن لهم بذلك لم يجز لهم الاستئذان من آبائهم وأمهاتهم (1).
وقد يستدلون على هذا الفهم بقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (2).
وليس في الآية ما يدل على مرادهم، فإنّ معنى الآية أنّ الله تعالى أباح لنبيه صلى الله عليه وسلم المرأةَ المؤمنة إن وهبت نفسها له أن يتزوجها بغير مهر إذا شاء. ومع كثرة من وهبن أنفسهن له عليه الصلاة والسلام إلا أنَّه لم يختر قبول أي منهن، كما ورد ذلك عن ابن عبّاس رضي الله عنه (3). وقد أوجب الله على المؤمنين الاقتصار في الزوجات على أربع مع اشتراط الولي والمهر والشهود، ورخّص لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور الأربعة (4).
ثمّ يُقال لهؤلاء هاتوا مثالاً واحداً صحيحاً لامرأة متزوجة أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها بفراقها، ثمّ تزوّج بها. وهاتوا مثالاً صحيحاً واحداً لامرأة وهبت نفسها للنبيّ فتزوجها، مع إباحة هذا له.
إنّ الإسلام لحرصه على تآلف القلوب وتآخيها؛ حثّ على كل ما يقرب من ذلك، وحرّم كل ما ينافيه، ومن ذلك تحريم خِطبة المرء على خِطبة أخيه. فكيف يُتصور من نبي
(1) انظر: تفسير البغوي 3/ 507. وقد نسب هذه الأقوال إلى ابن عبّاس وعطاء وابن زيد.
(2)
سورة الأحزاب، من الآية 50.
(3)
هو عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب. ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وحبر الأمّة وفقيه العصر وإمام التّفسير. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات بالطّائف سنة ثمان وستين، وقيل غير ذلك. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 3/ 331 - 359.
(4)
انظر: تفسير ابن كثير 6/ 442 - 445. وقد نقله عن أبي بن كعب ومجاهد والحسن وابن جرير.
الأمّة أنْ يكون منه أعظم صور إفساد العلاقات وتأجيج العداوات، وذلك بأمر المسلم بمفارقة زوجته ثمّ التزوج بها.
المثال الثّالث: القول بأنَّ الإسلام يبيح الكذب بدليل إجازة الكذب في ثلاثة مواضع. وهذا فهم سقيم لا يقول به صاحب التفكير المستقيم، أو من له أدنى معرفة بالإسلام.
فالمفهوم من ترخيص الإسلام لهذه الحالات الثلاث أنّ الكذب محرّم كلُّه إلا ما استثني، ولا يفهم العاقل من ذلك أنّ الكذب كلُّه مباح بدليل ما استثني!
والكذب في الإسلام من كبائر الذنوب، ومن أمارات النفاق، وكم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أدلةٍ تحرمه وتنفر منه.
وأمّا الحالات الثلاث -وهي الكذب في الحرب وفي الإصلاح وفي حديث الرجل امرأته يرضيها- فهي عند كثير من العلماء من باب التورية، والتورية تسمى كذباً (1). أو هي استثناء تقتضيه المصلحة.
قال ابن قتيبة - رحمه الله: «وقد رُخِّص في الكذب في الحرب، لأنها خُدعة، وفي الإصلاح بين النّاس، وفي إرضاء الرَّجل أهله. ورُخص له أن يُوريَ في يمينه إلى شيء، إذا ظُلم أو خاف على نفسه، والتّورية أن ينويَ غير ما نوى مُسْتَحْلِفُهُ» (2).
ثمّ يقال: أين الرّخصة في الإصلاح بين متخاصمين، وإرضاء الرّجل زوجته، والمخادعة في الحرب، من الرّخصة في الكذب على الله تعالى لغرض تمجيده؟! يقول بولس في رسالته إلى روميّة:(ولكنْ إذا كان كذبي يَزيدُ ظُهور صدقِ الله من أجل مجده، فلماذا أُدان أنا بعدَ ذلك كما يُدان الخاطئ؟)(3).
المثال الرّابع: القول بأنَّ القرآن يدل صراحة على ألوهية المسيح بدليل قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ
(1) انظر: شرح رياض الصالحين، محمد بن صالح العثيمين 2/ 570 - 571.
(2)
انظر: تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، ص85.
(3)
الرسالة إلى روميّة 3: 7.
مَرْيَمَ} (1)، على اعتبار أنّ كلمة المسيح معطوفة على لفظ الجلالة، فيكون الله والمسيح هما الإله الحق الذي اتخذت معه الأحبار والرهبان زوراً.
يقول مُورِدُ الشّبهة: "إنّ محمد بن قتيبة -وهو أحد كبار علماء الإسلام- قال معلقاً على هذه الآية: «إمّا أنْ ندمرَ قواعد اللغة ونأخذَ الإسلام، أو ندمرَ الإسلامَ ونأخذَ باللغة العربية» ".
لقد جمعت هذه الشّبهة بين تفسير كلام الله على غير المراد به، والجهل بقواعد النحو العربي، والتقول على أحد علماء الإسلام.
بُنيت هذه الشّبهة على أنّ لفظ المسيح معطوف على لفظ الجلالة. والمعلوم من قواعد اللغة أنَّ الاسمَ المعطوفَ يأخذُ حكم الاسمِ المعطوفِ عليه، فلو كان لفظُ المسيحِ معطوفاً على اسم الجلالة لأخذ حكمه في الإعراب وكان مجروراً، بينما هو في الآية منصوبٌ على اعتبار عطفه على قوله (أحبارَهم ورهبانَهم). وبهذا ينهار الأساس الذي قامت الشّبهة عليه.
ثمّ إنّ فهم السلف الصالح، وما سطره المفسرون في كتب التفسير، ليس بينه وبين فهم هذا المنصر صلة، فهل يُترك فهمُ مَن أُنزل القرآن بلغتهم ويؤخذ بفهم غيرهم؟!
وأمَّا نسبة تلك العبارة إلى ابن قتيبة فهو افتراء محض، وكلام مطلق بلا تحقيق أو توثيق. فابن قتيبة أحد جهابذة الإسلام الموثوقين، وكُتُبه بين أيدينا ليس فيها هذا القول أو ما يقرب منه (2).
قال شيخ الإسلام موضحاً مكانة ابن قتيبة: «وابن قتيبة هو من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق والمنتصرين لمذاهب السّنّة المشهورة وله في ذلك مصنّفات متعدّدة.
قال فيه صاحب كتاب التّحديث بمناقب أهل الحديث: وهو أحد أعلام الأئمّة والعلماء والفضلاء أجودهم تصنيفاً وأحسنهم ترصيفاً، له زهاء ثلاثمائة مصنّف، وكان يميل إلى مذهب أحمد وإسحاق .. وكان أهل المغرب يعظّمونه ويقولون: من استجاز الوقيعة في ابن
(1) سورة التوبة، من الآية 31.
(2)
لابن قتيبة في برنامج المكتبة الشاملة (إصدار 3.36) أربعة عشر كتاباً ليس في شيء منها القول الذي نسب إليه.
قتيبة يتّهم بالزّندقة ويقولون: كلّ بيت ليس فيه شيء من تصنيفه فلا خير فيه.
قُلْت: ويقال هو لأهل السنة مثل الجاحظ للمعتزلة، فإنَّه خطيب السنة كما أنَّ الجاحظ خطيب المعتزلة» (1).
وعلى التّنزل مع صاحب الشّبهة فإنّه يُفهم من الآية أنّ النّصارى قد أشركوا بعيسى بن مريم عليه السلام الإله باعتقادهم- حين اتخذوا الأحبار والرّهبان أرباباً من دونه!
وإذا تخلّى صاحب هذا القول عن منهج بتر العبارات عن سياقاتها فإنّه سيجد في الآية السّابقة للآية التي ذكرها إنكار المولى جل جلاله على النّصارى اعتقادهم بنوّة المسيح لله مضاهاةً لقول من سبقهم من الأمم الكافرة (2).
وسوف يجد في تتمة الآية التي اجتزأ بعضها إخبار الله تعالى أنّه لم يأمر اليهود والنّصارى إلا بتوحيده سبحانه، وعدم الإشراك به واتخاذ الآلهة معه (3).
ثاني عشر: عدم الفصل بين الإسلام بوصفه ديناً، وفعل المسلمين وواقعهم. ولهذا تؤخذ سلوكيات بعض المنتسبين للإسلام لتُنسب إلى الدين.
وهذا الأسلوب يكثر طرقه من قبل المنصرين في غرف المحادثة. ومن ذلك ما أعقب حادث تفجير كنيسة القديسين بإسكندرية مصر، صبيحة أول العام الميلادي 2011.
فقد ضجت الغرف النصرانيّة قاطبة باتهام المسلمين بهذا الفعل، وأنَّ ذلك ليس إلا تطبيقاً لتعاليم دينهم الدموي الإرهابي، الذي جعل هذا الفعل أمراً واجباً، ورتب عليه دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب؛ كما ذكروا. ثم تباروا في إيراد كل آية أو حديث ورد فيه ذكر
(1) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 17/ 391 - 392.
(2)
وذلك قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} . سورة التوبة، الآية 30.
(3)
تمام الآية قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} . سورة التوبة، الآية 31.
مفردات القتال والحرب والجزية وغيرها.
وعند التحاور معهم لتطبيق ذات المنهج على ما سلكه النّصارى في القديم والحديث من جرائم قتل وإبادة جماعيّة فإنّهم يتبرؤون من نسبة من يفعل ذلك إلى الدين النصراني، في تناقض صارخ للمنهج الذي يطبق على المسلمين وينفى عن غيرهم.
وقد انكشف زيف هذا المنهج حين وقعت في أغسطس من عام 2011م مذبحة مروعة، حين أقدم شابٌّ نصراني نرويجي على قتل ثلاثة وتسعين شخصاً، وجرح ما يزيد عن هذا العدد، من روّاد أحد المخيمات الكشفيّة، من أبناء جلدته في العاصمة النرويجية أوسلو.
وذلك حين جزمت العديد من الجهات الإخباريّة والصحف الكبرى في أوروبا بأنّ الفاعل لا بد أنْ يكون متشدداً إسلاميًّا. ثم انكشف كذب هذا الادعاء حين اعترف النرويجي النصراني "أندريس ريفيك" أنّه قام بهذه الجريمة بدوافعَ لا علاقة للإسلام والمسلمين بها (1).
ثالث عشر: محاولة هدم الإسلام بالمعتقدات الفاسدة لبعض الفرق المنتسبة للإسلام.
وأكثر ما يُذكر في ذلك عقائد الرّافضة، فيؤخذ طعنهم في القرآن لنفي قدسية القرآن. ويؤخذ طعنهم في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للحط من مكانة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وثبوتية ما نقله الصّحابة من عقائد الدين وشعائره. ويؤخذ من بعض فتاوي أئمتهم -أعني الرافضة- تكأة للنيل من الإسلام، ولمزه بالعظائم، كما في فتوى إباحة مفاخذة الرضيعة.
وهذا الأسلوب لا يرتضون تطبيقه معهم قطعاً.
فلا يمكن للكنيسة الأرثوذكسيّة أن تقبل قولَ أحد الإنجيليين: «الذي يتأمل في عقيدة وطقوس وممارسات وتاريخ الكنيسة الأرثوذكسيّة في ضوء الكتاب المقدس، يجد الكثير والكثير جداً من مظاهر عبادة الأصنام .. وقد أدى ذلك إلى استعلان غضب الله من السّماء
(1) انظر الرّابطين:
arabic.cnn.com/2011/world/7/24/norway.update
www.aljazeera.net/NR/exeres/DB81D39E-7578-433A-A313-A07871EC510C.htm
على هذه الكنيسة التي استبدلت الحق بالباطل، واتقت وعبدت المخلوق دون الخالق» (1).
ولا يمكن للكنيسة الكاثوليكيّة أن تقبل قول أحد الإنجيليين: «وكيف هي حال الكنيسة البابويّة في عصرنا، التي نبتت في صحرائها الفسيحة أشواك التعاليم الباطلة والعبادات الأصناميّة، حتى خنقت زهرة التعاليم الإنجيليّة، فحينئذ لا يسعه إلا التباعد عنها» (3).
وبالمثل يمكن إيراد أمثلة كثيرة على طعن كل كنيسة في الكنائس الأخرى، وإنّما المقصود بيان بطلان منهج ضرب الفرق بعضها ببعض لأجل التوصل لهدم الدّيانة كلِّها.
وبهذا يتم الحديث على هذه الخدمة التّفاعليّة، وننتقل منها إلى الخدمة الرّابعة، وهي الشّبكات الاجتماعيّة.
(1) انظر: عبادة الأصنام في الكنيسة الأرثوذكسيّة، حنين عبد المسيح، ص3.
(2)
انظر: بدعة الرهبنة، حنين عبد المسيح، ص9.
(3)
انظر: البراهين الإنجيليّة ضد الأباطيل البابويّة، ميخائيل مشاقة، ص11.