الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: التنصير بواسطة مواقع مشاركة الملفات المرئيّة
تمثل مشاركة الملفات المرئيّة واحدةً من الخدمات التفاعليّة التي أقبل عليها مستخدمو الشبكة، وسيتضح في هذا المبحث قدر هذا الإقبال (1)، ولكن يحسن أولاً أن نعرف المقصود بهذه الخدمة. وذلك في المطلب التّالي:
المطلب الأوّل: التَّعريف بخدمة مشاركة الملفات المرئيّة
المسألة الأولى: التَّعريف اللغوي والاصطلاحي
أولاً: التَّعريف اللغوي:
هذا المصطلح فيه جزءان؛ الأول كلمة مشاركة، والثاني كلمة الملفات المرئيّة.
فأمّا كلمة مشاركة فهي مفاعلة من الفعل شارك.
قال صاحب "دراسات في النحو": «المفاعلة مصدر من مصادر (فاعل)، تقول فَاعَلَ يُفاعِل مُفاعَلةً كقَاتَل يُقاتِل مُقَاتَلة، وهو المصدر القياسي بالإجماع» (2).
وجاء في معجم مقاييس اللغة: «الشين والراء والكاف أصلان، أحدهما يدل على مقارنةٍ وخلافِ انفراد، والآخر يدل على امتداد واستقامة.
فالأول الشِّرْكة، وهو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما. ويقال: شاركتَ فلاناً في الشيء؛ إذا صرتَ شريكه. وأشركتَ فلاناً؛ إذا جعلتَه شريكاً لك. قال الله جلّ ثناؤه في قصة موسى: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} » (3).
وفي لسان العرب: «الشِّرْكة والشَّرِكة سواء: مخالطة الشريكين. يقال اشتركنا بمعنى
(1) فترة دراسة هذه الخدمة: شهر ربيع الأول من عام 1432هـ.
(2)
انظر: دراسات في النحو، صلاح الدين الزعبلاوي 1/ 153 (حسب فهرسة برنامج المكتبة الشاملة).
(3)
انظر: معجم مقاييس اللغة، ابن فارس 3/ 265. والشّاهد في سورة طه، الآية 32.
تشاركنا، وقد اشترك الرجلان وتشاركا وشارك أحدهما الآخر» (1).
ونخلص مما سبق إلى أنّ المشاركةَ هي أن يكونْ الشيءُ مشاعاً بين اثنين أو أكثر.
والجزء الثاني من المصطلح هو الملفات المرئيّة. وهو من مصطلحات الحاسب الآلي. فإنّ الملف في مجال الحاسب الآلي يُقصد به تلك الوحدة التخزينيّة الأساسيّة التي تمكن الحاسب من تمييز مجموعة من البيانات عن غيرها، وتكوّن رابطاً يجمع بين مزيج من التعليمات أو الكلمات أو الأرقام أو الصور في قالب واحد يمكن للمستخدم استرجاعه أو تعديله أو
حذفه أو تخزينه أو إرساله إلى جهاز إخراج معين (2).
وللملف عند علماء مجال الحاسب والمعلوماتيّة عدة أشكال كما تقدم. وهذه الاختلافات تكون بحسب هيئة المخرَج. ومن ذلك ما يسمى بالمخرجات الفيديويّة.
والفيديويه هنا نسبة إلى كلمة فيديو ( video) ، وهي كلمة لاتينية الأصل، تعني: أنا أشاهد.
والمخرجات الفيديويّة هي أشكال مصورة تعمل بمعدل سرعة حركة عدة إطارات في الثانية الواحدة لكي تعطي مظهراً للحركة. وتُدخَل للحاسب بواسطة آلة التصوير الفيديوية، ومن خلال بطاقة الفيديو التي تحول المعلومات المعالجة إلى إشارات يمكن عرضها عبر شاشة الحاسب (3).
ويمكن تعريف الفيديو بأنّه تقنيةُ ترتيب الإشارات الالكترونيّة لتشكيل صور متحركة. ويتم تخزين هذه الصور المتحركة ضمن هيئتين رئيسيتين. أولاهما الهيئة الرقمية. ومن أنواعها DVD، Mpeg-4، Quick Time، وغيرها. والثانية الهيئة التناظرية، وهي التي كانت متبعة في أشرطة الفيديو القديمة، التي يرمز لها بالرمز VHS (4) .
(1) انظر: لسان العرب، ابن منظور 4/ 2248.
(2)
انظر: المعجم الشّامل لمصطلحات الحاسب الآلي والإنترنت، الرّبيعي وآخرون، ص166.
(3)
انظر: المعجم الموسوعي لتكنولوجيا المعلومات والإنترنت، عامر قنديلجي، ص357.
(4)
انظر: موسوعة ويكيبيديا، مفردة: فيديو.
ولأنّ كلمة فيديو ليست عربيّةً فقد اجتهد البعض في تعريبها. فمنهم من عربها إلى مشهد، ومنهم من اختار مفردة لقطة، ومنهم من يسميها مقطعاً، أو فيلماً، ومنهم من ينقلها بحروفها إلى العربية.
والذي يراه الباحث أنْ يعبر بالملف المرئي للدلالة على هذا النوع من الملفات، وذلك لأمور.
منها أنَّنا نبحث في مجال من مجالات الحاسب الآلي، ولكل مجال مصطلحاته. وأهل هذا العلم اختاروا مفردة ملف للدلالة على معان معينة. وقسموا أشكال هذه الملفات إلى نصيّة
وصوريّة ومرئيّة.
ومنها أنَّ تلك الاجتهادات التعريبيّة لا تسعفها اللغة؛ فلا المشهد، ولا المقطع، ولا اللقطة، ممّا تَسنُد معاجم اللغة دلالتها على المقصود بها هنا- على ما بلغه فهم الباحث بالرجوع إلى بعض معاجم اللغة-، وإن كان مؤلفو المعجم الوسيط قد اختاروا مفردة فيلم للدلالة على هذا النوع من الملفات (1).
ولأنَّه لا مشاحَّة في الاصطلاح فيحسن عدمُ التوسع في هذا، وتركُه للمختصين في علوم اللغة العربية، على أنْ يكون الأصلُ الذي يسير عليه الباحث هنا تسميةَ هذه التقنية بالملفات المرئيّة؛ وإن جرى التعبير بالمشهد أو المقطع أو الفيلم أحياناً.
ثانياً: التَّعريف الاصطلاحي:
هناك عدة تعريفات اصطلاحيّة لتشارك الملفات المرئيّة ( Video Files Sharing) . منها:
التَّعريف الأوّل: مشاركة الملفات هي: «خدمة تشير إلى تلقي وإرسال الملفات الرقمية على الشبكة، وهي عملية تحميل الملفات من الشبكة ( Download) ، وتحميل الملفات إلى الشبكة ( Upload) ، وغالباً ما تتاح دون قيود» (2).
(1) انظر: المعجم الوسيط، ص702.
(2)
انظر موسوعة ويكيبيديا، مفردة: مشاركة الملفات.
التَّعريف الثاني: مشاركة الملفات هي: «استخدام أكثر من مستخدم في وقت واحد للملفات المخزنة على الحاسب المركزي أو الخادم لاستعراضها أو تعديلها، وذلك من خلال شبكة الحاسب» (1).
ويرى الباحث أنْ تعرف مشاركة الملفات المرئيّة على الشّبكة بأنها خدمة تفاعليّة تتيح لمستخدمي الشّبكة العالميّة جعل ملفاتهم المرئيّة مشاعةً للجميع.
وآلية هذه الخدمة -ببساطة- تقوم على مالك الملف، وعلى المستفيد منه. فأمّا مالك الملف فإنّه يقوم بإرساله إلى الشّبكة، وتسمى هذا العمليّة تحميلاً ( Upload) . وأمّا المستفيد من الملف فإنّه إمّا أنْ يقوم بالاطلاع عليه من مواقع الشبكة مباشرة؛ كما في مواقع: Youtube، Dailymotion، Google Video. وإمّا أن يقوم بتنزيل هذا الملف إلى جهازه ليتمكن من الاطلاع عليه؛ كما في مواقع Megaupload، Rapidshare، 4shared. والنوع الأول -الذي تشاهد فيه الملفات المرئيّة من خلال الموقع- هو محل الدراسة في هذا المبحث.
ويدرج بعض الدارسين هذا النوع ضمن ما يسمى بالشبكات الاجتماعيّة (2).
وهذا الأمر له وجاهته، ولا سيما في الفترة الأخيرة، التي شهدت تطويراً لهذه المواقع، بحيث خصص لكل مشترك صفحة مستقلة، يتواصل من خلالها مع الآخرين. كما أضيفت لبعض هذه المواقع خاصيّة الرّبط التلقائي مع الشبكات الاجتماعيّة.
المسألة الثانية: أهمية خدمة مشاركة الملفات المرئيّة
يمكن إبراز أهمية هذه الخدمة في الآتي:
أولاً: أنها تمثل واحدة من وسائل ما يسمى بالإعلام الجديد.
وهو إعلام حر؛ أنهى احتكار نشر المعلومة الذي كانت وكالات الأنباء والقنوات الفضائيّة والمحطات الإذاعيّة والصحف والمجلات تمارسه. وأضحى اليوم كلُّ فرد إعلاميًّا
(1) انظر: المعجم الشّامل لمصطلحات الحاسب الآلي والإنترنت، الرّبيعي وآخرون، ص170. والتَّعريف هنا لأصل عملية مشاركة الملفات، ويمكن تعميمه على مشاركة الملفات أيًّا كان موقع تخزينها.
(2)
سبق دراستها في المبحث السّابق.
يستطيع بكل حريّة ويسر نشر ما لديه من أخبار إلى العالم كله في ثوان معدودة بلا كلفة تذكر.
ولهذا حظي الإعلام الجديد باهتمام الحكومات والمؤسسات والأفراد على السواء. وقد بان هذا الاهتمام في إنشاء إدارات للإعلام الجديد في وزارات الإعلام (1)، وإنشاء أقسام له في المجموعات الإعلامية الإخبارية الكبرى، وفي الجامعات.
وأُصدرت له مجلات متخصصة، وكُتب عنه في الصحف، وتُحدث عنه في برامج القنوات الفضائيّة.
كما أُلفت عنه الكتب، وأُقيمت المؤتمرات (2)، وخُصصت له جوائز (3)، وتَصدى له باحثون برسائل علمية (4).
وقد شهد النّاس سطوته ودوره في الأحداث السياسيّة التي مرّت بها بعض البلاد العربيّة والإسلاميّة.
ومن قبل ذلك فإنّ كثيراً من دول العالم تحجب بعض مواقع الإعلام الجديد خوفاً من أثرها على الأنظمة السياسية بالدرجة الأولى؛ إذ بعضها لا يلقي بالاً للمواقع التي تقدح في الأديان، فضلاً عن تلك التي تهدد الأخلاق، في ظل انتهاج بعض الأنظمة تحييد الدين عن مجالات الحياة.
ثانياً: قوّة الإقبال على زيارة مواقع مشاركة الملفات المرئيّة، وهو ما سيتضح في المطلب التّالي عند استعراض أحد مواقع هذه الخدمة.
(1) من ذلك وزارة الإعلام والثقافة بالمملكة العربيّة السعوديّة.
انظر: الرّابط www.aleqt.com/2011/02/06/article_501008.html
(2)
من ذلك مؤتمر البحرين في إبريل من عام 2009م.
(3)
من ذلك جائزة هديل كما في الرّابط: hadeelprize.org
(4)
انظر: الرّابط tadwen.net/media