الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُعِزُّوهم وقد أذلَّهم الله" (1).
الشبهة الثانية: أنّ شريعة الجهاد في الإسلام شريعة عدوانيّة إرهابيّة، تهدف لإبادة المخالف في العقيدة، واستحلال ماله، واسترقاق نسائه، واستعباد ذريّته.
وهذا الشيء هو الذي يفسر العمليات العدوانيّة (الإرهابيّة) التي قام بها مجموعة من المسلمين، مدفوعين بما وعدوا به إذا استشهدوا، فهاجموا المدنيين في دور العبادة كما في كنيسة القديسَين في مصر، وكنيسة العذراء في العراق، وفي مراكز المال والاقتصاد كما في حادثة الحادي عشر من سبتمبر 2001م.
وهو الشيء المفسر أيضاً لسرعة انتشار الإسلام بعد ظهور الدّعوة المحمديّة.
الشبهة الثالثة: أنّ الحدود في الإسلام هي ضربٌ آخرُ من السِّمة الإرهابيّة في التشريع الإسلامي.
ومن ذلك القتل كما في القصاص، وقطع الأطراف كما في حد السرقة والحرابة، والرّمي بالحجارة حتّى الموت للزّاني المحصن، والجلد لشارب الخمر والقاذف وسائر التعزيرات، وغير ذلك من صنوف الحدود والعقوبات.
المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه
تتعدد الطرق التي يتبعها المنصرون في طرح شبهاتهم وجدلياتهم حول جوانب التشريع الإسلامي. وقد سبق في المباحث الثلاثة من هذا الفصل ذكر طرق مشتركة بين هذا المبحث وما سبقه، ويمكن أن نضيف هنا من الطرق ما يلي:
أولاً: الاستفادة من إمكانات التصوير المرئي المتحرك (الفيديو). وذلك من خلال عرض مشاهد إقامة الحدود في بعض بلدان الإسلام، والتي ساعدت جوانب التقنية في نشرها على نطاق واسع، مع انتشار آلات الاتصال المحمولة، المزودة بإمكانية التصوير الثابت والمتحرك،
(1) رواه البيهقي وصححه الألباني. انظر له: إرواء الغليل 8/ 255 - 256.
ومن ثمّ نشرها على مواقع الشبكات الاجتماعيّة، ومواقع تشارك الملفات، من خلال جهاز الاتصال نفسه.
إنَّ نَشْرَ هذه المشاهد قد يحدث أثراً سلبيّاً في نفس المتلقِّي، ولا سيّما إن كان لا يدين
بالإسلام، فإنّه رُبَّما نَفَرَ من هذا التشريع الذي يحمل في ظاهره أشد أنواع القسوة والدّمويّة.
وفي غمرة صدمة النفس ونُفرتها يأتي تعزيز تبغيض الإسلام من خلال التعليقات الصّوتيّة أو الكتابيّة التي تضاف إلى هذا الملف المرئي، فتعطيه تأثيراً أقوى.
ولك أنْ تتخيل ذلك الرّأس الذي يُبان عن الجسد، وتلك اليد التي تُبتر من مفصل الكف، وتلك المرأة التي تُرمى بالحجارة فيفضخ رأسها، وتكسر عظامها، وقد دفنت في حفرة لا تستطيع الفكاك منها.
ومثلها صور جلد الزاني غير المحصن، أو القاذف، أو شارب الخمر، وهو يئن من لهيب السياط على بدنه، ويصيح من ألم الجلد.
ثانياً: إنشاء المقارنات بين الإسلام والنصرانيّة في بعض الجوانب التشريعيّة على كيفيّاتٍ تظهر جمال النصرانيّة وقبح الإسلام.
ففي الملفات المرئيّة -المتحدث عنها آنفاً- يقارَن بين حال هذه المرأة التي يُنقل مشهد إعدامها رجماً بالحجارة، أو جلدِها مائة جلدة، مع استحضار قصّة تلك المرأة التي أتت الفعل نفسه، إلا أنّ المسيح قال لها اذهبي، ووبَّخ تلامذته المندفعين لرجمها، مذكراً إياهم أنّه لا يوجد منهم من هو نقيُّ من الأخطاء (مَن كان منكم بلا خطيئةٍ فليكن أوَّلَ من يرميها بحجر)(1).
وهكذا تُرسخ في نفس المتلقي صورةٌ ذهنيّة ملؤها الرّحمة والعفو والسّلامة والحياة في النصرانيّة، مقابل القسوة والعقاب والألم والموت في الإسلام.
ثالثاً: محاولة إقناع المسلمين بخطأ تشريعاتهم، من خلال المجادلات العقليّة التي يَظهر
(1) يوحنّا 8: 7.
لأول وهلة موافقتها للمنطق السليم، إلا أنّه عند التأمل ينكشف ما فيها من تدليس.
من ذلك على سبيل المثال، تساؤل بعضهم -في إحدى غرف النقاش المباشر- كيف سيكون حال المسلمين لو طبقت الدول النصرانية معهم مبدأ الجهاد كما هو في الإسلام،
فخيرتهم بين التنصر، أو دفع الجزية عن يد وهم صاغرون، أو القتال. وإذا آل الحال إلى القتال، فقد تحصلُ -وفق سنن الله الكونيّة، ولما تتميز به الدول النصرانية من تفوق في الآلة الحربيّة- مجازرُ تُسفك فيها دماء المسلمين، ويُستولى على أموالهم، وتُساق نساؤُهم سبايا يُنكحن من العلوج، وولدانُهم عبيداً يخدمن نساءَ النصرانيّات وولدانهَم في البيوت.
وفي غمرة صدمة المتلقي المسلم لهذا الطّرح، يستمر المنصر في إرسال أفكاره، فيوضح أنّ الرّادع الذي يحول دون حدوث ما سبق؛ أنّ الدين النصراني دين تسامح وسلام وتعايش ومحبّة وإقناع، ولهذا كان الأكثرَ أتباعاً، وكان انتشاره بسيف المحبّة والإقناع (1).
وبهذا قد يخرج المسلم من هذا الطرح بشبهة علقت في قلبه، وتشكك حيال فريضة هي ذروة سنام الإسلام.
رابعاً: عرض الأفلام السينمائيّة المنتجة عن واقع تطبيق الشرائع في بعض البلاد الإسلاميّة.
تلك الأفلام التي حازت -لسبب أو لآخر- على جوائز عالميّة، كفيلم "أسامة"، الذي يتحدث عن واقع المرأة في المجتمع الأفغاني إبّان حكم "طالبان"(2).
(1) وهذه مغالطة تاريخيّة لا تخفى على من استقرأ الموقف النّصراني من الأمّة الإسلامية منذ عهد النّبي صلى الله عليه وسلم، وإلى يومنا هذا، مستعرضاً الحروب الصليبيّة التي امتدت قرنين من الزّمان، ثمّ التنصير الجبري أو الإبادة في حقبة محاكم التفتيش، وما أعقب الحربين العالميتين من احتلال لمعظم البلاد الإسلاميّة واستنزاف لثرواتها، ولا زالت الحروب مستمرة على تعدد أشكالها ووسائلها.
(2)
انظر: الرابط groups.yahoo.com/group/elkharoof_eldal/message/13754