المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: التعريف بالشبكات الاجتماعية - التنصير عبر الخدمات التفاعلية لشبكة المعلومات العالمية

[محمد بن موسى المجممي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التَّمهيداهتمام المنصِّرين بوسيلة شبكة المعلومات العالميّة

- ‌المبحث الأول: التَّعريف بالتَّنصير

- ‌المطلب الأول: تعريف مصطلحات: التَّنصير، التَّبشير، الكرازة

- ‌المطلب الثاني: أهداف التَّنصير

- ‌المطلب الثالث: وسائل التَّنصير

- ‌المبحث الثاني: التَّعريف بشبكة المعلومات العالميّة

- ‌المبحث الثالث: أدلَّة اهتمام المنصِّرين بالشبكة

- ‌المطلب الأوّل: أسباب اهتمام المنصِّرين بالشبكة العالميّة

- ‌المطلب الثّاني: الأدلَّة القوليَّة

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العمليَّة

- ‌الفصل الأولطرق التّنصير عبر الخدمات التّفاعليّة

- ‌التمهيد: اهتمام المنصِّرين بالخدمات التّفاعليّة

- ‌المطلب الأول: التَّعريف بالخدمات التّفاعليّة

- ‌المطلب الثاني: أسباب اهتمام المنصِّرين بالخدمات التّفاعليّة

- ‌المطلب الثالث: دلائل اهتمام المنصِّرين بالخدمات التّفاعليّة

- ‌المبحث الأول: التنصير عبر المنتديات الحواريّة

- ‌المطلب الأول: التَّعريف بالمنتديات الحواريَّة

- ‌المطلب الثاني: مدخل إلى المنتديات التنصيريّة

- ‌المطلب الثالث: المنتديات التي تعرض الديانة النصرانيّة

- ‌المطلب الرّابع: المنتديات التي تتعرض للإسلام

- ‌المبحث الثاني: التنصير عبر المجموعات البريديّة

- ‌المطلب الأوّل: التَّعريف بالمجموعات البريديّة

- ‌المطلب الثاني: مدخل إلى المجموعات البريديّة التنصيرية

- ‌المطلب الثالث: جوانب التنصير في المجموعات البريديّة

- ‌المبحث الثالث: التّنصير بواسطة خدمات المحادثة

- ‌المطلب الأوّل: التَّعريف بخدمات المحادثة

- ‌المطلب الثاني: أنموذج للتنصير عبر خدمات المحادثة

- ‌المطلب الثالث: جوانب التّنصير في غرف المحادثة

- ‌المطلب الرابع: منهج التّنصير في غرف المحادثة

- ‌المبحث الرّابع: التنصير بواسطة مواقع الشّبكات الاجتماعيّة

- ‌المطلب الأوّل: التَّعريف بالشّبكات الاجتماعيّة

- ‌المطلب الثاني: أنموذج للتنصير عبر الشّبكات الاجتماعيّة

- ‌المطلب الثالث: التنصير من خلال موقع الفيسبوك

- ‌المبحث الخامس: التنصير بواسطة مواقع مشاركة الملفات المرئيّة

- ‌المطلب الأوّل: التَّعريف بخدمة مشاركة الملفات المرئيّة

- ‌المطلب الثاني: أنموذج للتنصير عبر خدمة مشاركة الملفات المرئيّة

- ‌المطلب الثالث: التنصير من خلال الملفات المرئيّة في اليوتيوب

- ‌المطلب الرابع: التنصير من خلال التعليقات في اليوتيوب

- ‌المطلب الخامس: منهج التنصير عبر موقع اليوتيوب

- ‌الفصل الثانيأبرز شبه المنصرين عبر الخدمات التفاعليّة، والرد عليها

- ‌تمهيد: بث الشبهات؛ أولى الخطوات التنصيرية

- ‌المطلب الأول: تعريف الشبهة لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: دلائل سعي المنصرين لبث الشبهات

- ‌المطلب الثالث: بواعث سعي المنصرين لبث الشبهات

- ‌المبحث الأول: أبرز الشبه حول القرآن الكريم، والرد عليها

- ‌المطلب الأول: موقف القرآن من الكتب السّابقة

- ‌المطلب الثاني: أبرز الشبه حول القرآن الكريم

- ‌المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبه

- ‌المطلب الخامس: مناقشة الشبه في ضوء الكتاب المقدس

- ‌المبحث الثاني: أبرز الشبه حول النبي صلى الله عليه وسلم، والرد عليها

- ‌المطلب الأول: إرسال الرسل، وحال أقوامهم معهم

- ‌المطلب الثاني: أبرز الشبه حول النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبه

- ‌المبحث الثّالث: أبرز الشّبه حول السّنة النّبويّة، والرّدّ عليها

- ‌المطلب الأول: تعريفُ السّنّة، وبيانُ مكانتها

- ‌المطلب الثاني: أبرز الشبه حول السنة

- ‌المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبه

- ‌المبحث الرّابع: أبرز الشبه حول التشريع الإسلامي، والرد عليها

- ‌المطلب الأول: المقصود بالتّشريع الإسلامي

- ‌المطلب الثاني: أبرز الشبه حول التشريع الإسلامي

- ‌المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه

- ‌المطلب الرابع: الرد على الشبه

- ‌الفصل الثالثواقع مواجهة التّنصير عبر الخِدْمات التفاعليّة

- ‌تمهيد: استفادة المسلمين من الشَّبكة في الذّبّ عن الدين

- ‌المطلب الأول: جوانب استفادة المسلمين من وسيلة الشبكة

- ‌المطلب الثّاني: ضوابط الدّعوة في الخدمات التفاعليّة

- ‌المبحث الأول: المواجهة باستخدام المنتديات الحواريّة

- ‌المطلب الأول: المُنتدياتُ المقتصرةُ على عَرض الإسلام

- ‌المطلب الثّاني: المنتديات التي تتعرض للنصرانيّة

- ‌المطلب الثّالث: تقييم المواجهة عبر المنتديات

- ‌المبحث الثاني: المواجهة عبر المجموعات البريديّة

- ‌المطلب الأوّل: محتويات المجموعات البريديّة الإسلاميّة

- ‌المطلب الثّاني: تقييم المواجهة عبر المجموعات البريديّة

- ‌المبحث الثالث: المواجهة عبر خدمات المحادثة

- ‌المطلب الأوّل: مدخل إلى غرف المحادثة الإسلاميّة

- ‌المطلب الثاني: محتوى النِّقاش في الغرف الإسلاميّة

- ‌المطلب الثالث: تقييم المواجهة عبر خدمة المحادثة

- ‌المبحث الرّابع: المواجهة عبر الشبكات الإجتماعيّة

- ‌المطلب الأول: نشر الإسلام من خلال شبكة الفيسبوك

- ‌المطلب الثاني: مواجهة التنصير من خلال شبكة الفيسبوك

- ‌المطلب الثّالث: تقييم المواجهة من خلال شبكة الفيسبوك

- ‌المبحث الخامس: المواجهة عبر مواقع مشاركة الملفات المرئيّة

- ‌المطلب الأوّل: مواجهة التنصير من خلال الملفات المرئيّة في اليوتيوب

- ‌المطلب الثّاني: مواجهة التنصير من خلال التعليقات التفاعليّة في اليوتيوب

- ‌المطلب الثّالث: تقييم المواجهة من خلال مواقع مشاركة الملفات المرئيّة

- ‌الخاتمة

- ‌أولاً: النتائج

- ‌ثانياً: التَّوصيات

- ‌قائمة المصادر والمراجع

- ‌أولاً: الكتب

- ‌ثانياً: مواقع الشّبكة العالميّة

- ‌ثالثاً: البرامج الالكترونيّة

- ‌رابعاً: المجلات

- ‌خامساً: المواد الصوتيّة

الفصل: ‌المطلب الأول: التعريف بالشبكات الاجتماعية

‌المبحث الرّابع: التنصير بواسطة مواقع الشّبكات الاجتماعيّة

توجد لدى الإنسانِ حاجةٌ فطريّة إلى التواصل مع الآخرين. ولمّا جاءت التقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الشّبكة العالميّة؛ بدأت صلات النّاس ببعضهم تضعف، في ظل عكوفهم على تصفح مواقع جيل الشّبكة الأول؛ الذي لم يكن فيه للتفاعليّة وجود يذكر.

ومن هنا جاءت فكرة تسخير إمكانات الشّبكة العالميّة لتحقيق هذه الحاجة الفطريّة لدى الإنسان. وكان روّاد هذه الفكرة هم مبتكرو الشّبكات الاجتماعيّة، التي يعدها بعض الدارسين الجيلَ الرّابع في تاريخ تطور الشّبكة العالميّة (1).

وقد بدأت هذه الشّبكات بشكل بسيط، وخدمات قليلة، ثم تحسّنت هذه الخدمات بشكل سريع جداً، إلى أن أضحى من المقبول تماماً -اليومَ- الجزمُ بأنّ الشّبكاتِ الاجتماعيّة تمثل أكثرَ خدمات الشّبكة العالميّة استخداماً، وأكثرَها مشتركينَ وزوّاراً، وأكثرَها استحواذاً على وقت متصفحي الشّبكة. وهذا ما ستوضحه الصفحات التّالية.

ولكن يحسن قبل ذلك أن نعرف بهذه الخدمة (2). وذلك من خلال المطلب التّالي:

‌المطلب الأوّل: التَّعريف بالشّبكات الاجتماعيّة

المسألة الأولى: التَّعريف اللغوي والاصطلاحي

أولاً: التَّعريف اللغوي:

مصطلح الشّبكات الاجتماعيّة مكون من مفردتين.

فأمّا (الشّبكات) فهي جمع شبكة. قال ابن فارس: «الشين والباء والكاف أصل صحيح يدل على تداخل الشيء. يقال شبَّك أصابعه تشبيكاً. ويقال: بين القوم شُبكة نسب؛ أي مداخلة. ومن ذلك الشّبكة» (3).

(1) انظر: الفيس بوك جيل رابع للإنترنت، مجلة التربية (اليمن)، عدد 30، إبريل 2010م، ص106.

(2)

فترة دراسة هذا المبحث: شهر ربيع الثاني 1432هـ.

(3)

انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس 3/ 242.

ص: 142

وفي المعجم الوسيط: «الشّبكة: شِرْكة الصياد في البر والبحر. وأكثر ما تتخذ من الخيط المشبَّك. وكل متداخل متشابك. يقال: شبكة المواصلات، وشبكة الكهرباء، ونحو ذلك. والجمع شبك وشباك» (1).

وعلى هذا فالشّبكة هي الشيء المتداخل، وتجمع على شَبَك وشِبَاك وشبكات (2).

والمفردة الثانية هي (الاجتماعيّة). جاء في المعجم الوسيط: «يقال رجل اجتماعي: مزاول للحياة الاجتماعيّة كثير المخالطة للناس» (3).

وهذه اللفظة لم ترد في معاجم اللغة القديمة-فيما وقف عليه الباحث- إلا أنّ معناها كثيراً ما يتكرر في تلك المعاجم باستخدام مفردة الخلطة؛ وضدها العزلة.

وباستخدام المعجم الوسيط لها يزول التردد في اعتماد استخدامها.

ثانياً: التَّعريف الاصطلاحي:

هناك عدة تعريفات اصطلاحيّة للشّبكات الاجتماعيّة ( Social Networks) . منها:

التَّعريف الأوّل: الشّبكات الاجتماعيّة هي: «وسيلة اجتماعيّة تساعد النّاس كي يتشاركوا المعلومات والأخبار مع أناس آخرين في دوائرهم الاجتماعيّة والعالميّة بسرعة وفعاليّة» (4).

التَّعريف الثاني: الشّبكات الاجتماعيّة هي: «خدمات تؤسسها وتبرمجها شبكات كبرى لجمع المستخدمين والأصدقاء، ومشاركة الأنشطة والاهتمامات، والبحث عن تكوين صداقات، والبحث عن اهتمامات وأنشطة لدى أشخاص آخرين» (5).

ويرى الباحث أن تُعَرَّف الشّبكات الاجتماعيّة بأنّها مواقع إلكترونيّة لإدارة العلاقات

(1) انظر: المعجم الوسيط، ص471.

(2)

انظر: النحو الوافي، عباس حسن، ص164؛ تجده نص على أنَّ شبكة تجمع على شبكات.

(3)

انظر: المعجم الوسيط، ص135.

(4)

انظر: فضائح Facebook، شادي نصيف، ص71.

(5)

انظر: موسوعة ويكيبيديا، مفردة: خدمة الشّبكة الاجتماعيّة.

ص: 143

الاجتماعيّة بفعاليّة.

المسألة الثانية: أهم مواقع الشّبكات الاجتماعيّة

بالنظر إلى ترتيب مواقع الشبكة العالميّة من حيث عدد الزوار؛ نجد أنّ المراكز الأربعة المتقدمة للشبكات الاجتماعيّة هي على النحو التالي (1):

أولاً: شبكة فيسبوك ( Facebook)(2) ، وسيأتي التَّعريف بها في المطلب التّالي.

ثانياً: شبكة تويتر ( Twitter)(3) .

وهي شبكة نشأت في أمريكا سنة 2006م مشروعاً بحثيًّا قامت به شركة Obvious. وتدعم اليوم سبع لغات، من بينها العربيّة.

يقوم الموقع على أساس التدوين المختصر، حيث يتاح للمشترك كتابة ما لا يزيد عن 140 حرفاً للتّدوينة الواحدة. وهو الأمر الذي يدفع لتركيز الفكرة وجعلها مُوجَّهة مُباشِرة؛ الأمر الذي جعل البعض يفضل الموقع على ما عداه من الشّبكات الاجتماعيّة (4).

يدعم الموقع تصفحه من خلال أجهزة الهواتف النقّالة، كما يدعم إرسال التّدوينات عبر رسائل الهاتف الجوّال القصيرة ( SMS) في بعض البلدان باشتراكات مدفوعة (5).

ثالثاً: شبكة ماي سبيس ( MySpace)(6) .

وقد ظهرت في العام الميلادي 2003؛ لتكون أولَّ الشّبكات الاجتماعيّة التي اكتسبت شهرة عالميّة (7). وظلت كذلك على مدى أربع سنوات، إلى أنْ أزاحتها عن هذا الموقع شبكة

(1) إحصائيات هذا المبحث حسب بيانات موقع alexa ليوم 7 ربيع الآخر 1432هـ.

(2)

رابط الموقع: www.facebook.com، وقد جاء في المركز الثاني عالميًّا.

(3)

رابط الموقع: twitter.com، وقد جاء في المركز التاسع عالميًّا.

(4)

انظر: تعريف بالموقع لأسامة المحيا، على الرّابط:

www.tech-k.com/wp-content/uploads/w-43090d0065.pdf

(5)

انظر: الرّابط twitter.com/about، وفيه أن عدد مشتركي الموقع بلغ 175 مليون شخص نهاية العام 2010م.

(6)

رابط الموقع: www.myspace.com، وقد جاء في المركز 71 عالميًّا.

(7)

أما أولها بإطلاق فهي شبكة Classmates التي ظهرت في 1995م. انظر: موسوعة ويكيبيديا، مفردة: خدمة الشّبكات الاجتماعيّة.

ص: 144

الفيسبوك (1).

رابعاً: شبكة لينكد إن ( LinkedIn)(2) .

ظهرت في عام 2002م لتكون شبكة اجتماعيّة مخصصة للمهنيين المحترفين، ممن يهتمون بالمحافظة على علاقاتهم المهنية الحالية، وتكوين علاقات جديدة في هذا الإطار. ولهذا نجد الموقع يشترط على المشترك وضع سيرة ذاتيّة له تبين مؤهلاته وخبراته لتكون متاحة لمن شاء الاطلاع عليها من الأفراد أو الشركات (3).

المسألة الثالثة: أهمية مواقع الشّبكات الاجتماعيّة

يمكن إبراز أهمية هذه الخدمة في النقاط التّالية:

أولاً: أنها تمثل واحدة من أهم وسائل ما يسمى بالإعلام الجديد. وهو إعلامٌ أثبت انتصاره على الإعلام التقليدي القائم على وكالات الأنباء، والقنوات الفضائيّة، والمحطات الإذاعيّة، والصحف والمجلات، وغيرها.

ثانياً: أنها أتاحت عدة خدمات تفاعليّة في مكان واحد. فهي تتيح خدمة التدوين التي تقوم بها المدونات، وخدمة المحادثة التي تقوم بها مواقع المحادثة، وخدمة تشارك الملفات المصورة والملفات المرئيّة التي كانت حكراً على مواقع تشارك الصور والفيديو، وخدمة الإرسال إلى مجموعة عناوين بريدية؛ التي كانت من مهام المجموعات البريدية، وخدمة الحوار النصي الذي كان من نصيب المنتديات الحواريّة.

وهي تكاد بهذا تَجمع إلى جانبها الخدمات التفاعليّة الأربع التي يتناولها البحث؛ وإن

(1) انظر: استخدام الشّبكات الاجتماعيّة في تقديم خدمات مكتبيّة متطورة، أماني مجاهد، مجلة دراسات المعلومات، عدد 8، مايو 2010م، ص68.

(2)

رابط الموقع: www.linkedin.com، وقد جاء في المركز 17 عالميًّا.

(3)

انظر: الإنترنت الدليل المصور، كيت شوب، ص172.

وانظر: الرّابط press.linkedin.com/about، وفيه أنَّ عدد مشتركي الموقع بلغ 90 مليون شخص مع نهاية 2010م.

ص: 145

كان ذلك بهيئات تقل فاعليّة عن المواقع المخصصة لهذه الخدمات.

ثالثاً: قوّة الإقبال على زيارة مواقع الشّبكات الاجتماعيّة، وهذا يمكِّن من الوصول لأعداد كبيرة من النّاس.

رابعاً: جُلّ جمهور هذه المواقع من فئة الشباب، وهم مظنة العمل والنشاط والحماس، وفيهم من الاندفاع وقلة الخبرة والتجربة ما قد يدفع لارتكاب الأخطاء.

ولهذا يرى (بيل تانسر) من خلال بحثه الذي أجراه لتحليل عادات تصفح أكثر من عشرة ملايين مستخدم للشّبكة؛ أنّ أكثر المستخدمين للشّبكات الاجتماعيّة هم من الفئة العمريّة من سن ثماني عشرة إلى أربع وعشرين سنة (1).

خامساً: إلى جانب فئة الشباب فإنَّ هذه المواقع يُشارك بها العديد من نخب المجتمع من رجالات العلم الشّرعي والسياسة والثقافة والاقتصاد وغيرها.

ولهؤلاء قوّةُ تأثير على الأتباع؛ تتسم بالتّوجيه المتابع للحدث. فحين يحتاج الشّاب -الذي يمضي أكثر وقته على مواقع الشّبكات الاجتماعيّة- إلى معرفة الرأي السّديد في نازلة من النّوازل في أي مجال، ويجد من العسير الرجوع إلى كبار علماء هذا الشّأن، فإنَّه سيفتح صفحاتِ من يثق به من المشاهير، أو يشترك في صفحاتهم، ليأتيه توجيههم في كل نازلة في حينها. وعندها سيكتفي بهذا الرأي في أغلب الظن.

وهكذا تتشكل عقليّة هذا الشاب، وتُصاغ توجهاته، بعيداً عن الطرق النّاجعة السليمة من المخاطر والشوائب.

ذلك أنّه يقع تحت ما يسمى "تأثير الهالة". ويقصد به أنّ اكتساب شخصٍ ما لشهرة واسعة بسبب بروزه في مجال من المجالات، يؤدي إلى اعتقاد كثير من النّاس أنّه يُحسن الكلام في كلِّ شيء، وأنّه مسدّد في اختياراته. والطريق النّاجعة هنا تكمن في الأخذ بالحكمة العظيمة:"اعرف الرّجال بالحق، ولا تعرف الحقّ بالرجال"(2).

(1) انظر: فضائح فيسبوك، شادي نصيف، ص53 - 54.

(2)

انظر: تكوين المفكر، عبد الكريم بكّار، ص208.

ص: 146

المسألة الرّابعة: الشّبكات الاجتماعيّة بين النّفع والضّرر

تعد الشّبكاتُ الاجتماعيّة أداةً قويّة في جانبي الإصلاح والإفساد، بحسب المسار الذي يكون فيه توجيه المستخدم لهذه الوسيلة.

فمن جهةٍ هي تتيح التّواصل مع العلماء والمفكرين والأدباء وطلبة العلم والنّابغين في الفنون لاستشارتهم والأخذ بآرائهم.

كما تيسر طرق التّواصل مع الإخوة والأرحام والأحبّة أيًّا كان مقر سكنهم بأيسر التكاليف.

وقد ابتكرت هذه المواقع آليّة لإعادة علاقاتٍ كان وصلها غايةً في الصعوبة؛ مع تباعد الأمكنة وتقادم الأزمنة وانقطاع أدوات الاتّصال بين أطرافها.

وفي الجهة الأخرى يأتي إهدار الوقت. وفي ذلك تضييع لرأس مال الإنسان في هذه الحياة، وهو العمر. وقد عدّ ذلك بعض المحققين أشد على المسلم من الموت، لأنّها تقطعه عن الله والدار الآخرة، بينما يقطعه الموت عن الدنيا وأهلها (1).

وتأتي كثرة الخلطة بلا نفع. وفضول المخالطة في فهم المسلم سبيل إلى خسارة الدّنيا والآخرة (2).

ويأتي جريان المرء فيما لا يعنيه. والمسلم منهي عن ذلك بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)(3).

ويضاف لذلك معاصي النظر؛ من كمِّ الصور والملفات المرئيّة المهول على هذه المواقع. والمسلم يستشعر مسؤوليته تجاه ذلك انطلاقاً من قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ

(1) انظر: الفوائد، ابن قيم الجوزية، ص56.

(2)

انظر: بدائع الفوائد، ابن قيم الجوزيّة 2/ 821.

(3)

رواه الترمذي وابن ماجة، وصحح الألباني الروايتين. انظر للألباني: صحيح سنن الترمذي 2/ 530 - 531، وصحيح سنن ابن ماجة 3/ 302.

ص: 147