الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطّاء.
وهكذا فهذه الأحاديث تؤيد المعتقد النصراني في أنّ المسيح عيسى بن مريم في مقام فوق البشريّة.
الشبهة الثانية: أنّه جاء في السّنّة أحاديث تخالف الحقائق العلميّة، ولا يقبلها المنطق والعقل.
ومن ذلك أنّ الشّمس إذا غربت فإنّها تسجد تحت العرش وتستأذن الله تعالى في
الخروج من المشرق ثانية، وذلك كل يوم.
ومنها نسبة أشياءٍ إلى الشيطان لا يقبلها العقل والمنطق، كأنْ يبول الشيطان في أذني من ينام عن صلاة الفجر، أو أنْ يبيت على خياشيمه، أو أنْ يفر إذا سمع الأذان وله ضراط.
الشبهة الثالثة: أنّه جاء في السّنّة أحاديث تخالف الذوق السليم، والفطر المستقيمة.
ومن ذلك إرشاد من سقط في شرابه ذباباً إلى أنْ يغمسَه ثم يطرحَه ثم يتناولَ هذا الشّراب. وهذا الأمر تنفر منه حتى نفوس المسلمين ولا يفعلونه لما تحمله هذه الحشرة في أرجلها وجسمها من القاذورات، ولما في غمسه في الشراب من زيادة تقذيره.
وكذا الحديث الذي يرشد الآكل إلى لعق أصابعه أو إلعاقها غيره إذا انتهى من طعامه، وفي هذا ما لا يخفى من الاستقذار ومخالفة الذوق وفعل ما تنفر منه الطباع المستقيمة.
المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه
إضافة إلى ما تقدم من الطرق في المبحثين السّابقين من الأمور المشتركة، يمكن أن يضاف هنا ما يلي:
أولاً: تجنب المصادر الحديثية المعتمَدة -عند الطّرف المناقَش- في أغلب الأحوال، والتنقيب والبحث عن المرويات في الكتب التي لا تعد حجة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ككتب الأدب والتاريخ والسير واللغة والرقائق وغيرها.
ثانياً: اتباع أسلوب التدليس في تصوير المراجع غير المعتمَدة في نقل الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم على أنها من كتب المسلمين العُمَد في ذلك.
وهذا الصنيع لإيهام من يقرأ بصحة النقولات والروايات.
ومثله التدليس بصحة الروايات، فيقول أحدهم:"صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال"، ثم يسوق رواية ضعيفة أو موضوعة أو مختلقة مفتراة من عند نفسه، كما سترى في المطلب التّالي.
ثالثاً: البعد عن المنهج العلمي الثابت في التعامل مع الروايات، واتباع أسلوب الانتقاء المبني على الهوى.
يظهر هذا -مثلاً- في ذكرهم مصدر الرواية إن كانت في الصحيحين أو أحدهما، وعدم ذكر المصدر إن كان خارج الصحيحين، كما سيتضح في المطلب الرّابع.
رابعاً: الانتقاء من داخل نصِّ الحديث ما يوافق الأمر الذي يريدون تقريره، ونبذُ باقي الحديث وعدمُ الإشارةِ إليه؛ إذ فيه -في كثير من الأحيان- ما يوضح المقصود، ويدفع الشبه، ويجلي المراد.
ففي حديث الشفاعة الطويل اجتزأ بعضهم عبارةً واحدة، هي قولَ راوي الحديث:(ولم يذكر -أي النبي صلى الله عليه وسلم له -أي لعيسى بن مريم عليه السلام خطيئة)، واستدل بها على تقرير ألوهية المسيح، نابذاً بقية الحديث. وسيأتي مزيد إيضاح لهذا لاحقاً.
خامساً: من أساليب التدليس التي يتبعها بعض المنصرين دسُّ بعض الجمل والكلمات داخل الأحاديث الصحيحة لتحرِف معناها إلى ما أرادوا.
وقد سبق بعض الأمثلة حينما ذكرنا كيف أضافوا كلمات في أحاديث مباشرته صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: دفاع عن السّنّة، محمد أبو شهبة، ص97 - 98.