الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قُثَم)، ومعناه الفاسد، ولهذا غيّره إلى محمد، وتَسَمَّى بهذا الاسم الذي يحمل المعاني المحمودة، وزاد بعضهم: وليوافق ما في الإنجيل من التبشير برسول يأتي من بعد عيسى اسمه أحمد. وأنّ هذا الأمر يعلمه بعض المسلمين ويتواصون بكتمانه (1).
المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه
تتعدد الطرق والمناهج التي يتبعها المنصرون في طرح شبهاتهم وجدلياتهم حول النبي صلى الله عليه وسلم. فبالإضافة إلى المنهجيات المشتركة التي ذُكرت في المبحث السابق؛ نضيف هنا ما يلي:
أولاً: تجاهل مصادر السيرة النبوية الأصلية المنقحة.
ثانياً: الاعتماد على مصادر لا تتماشى والمنهج العلمي الصحيح الذي يلتزمه الباحث المنصف عند دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك كتب المستشرقين، ومؤلفات السيرة غير المنقحة، وكتابات الطاعنين الحاقدين على النبي صلى الله عليه وسلم (2).
وهذا المسلك يشابه حال من أراد أن يخرج سيرة عيسى عليه السلام وفق ما كتبه عنه أعداؤه من اليهود وغيرهم (3). ولن يوجد نصراني يرتضي هذا المنهج، فكيف يقبله ويتعامل به في
(1) انظر: الرابط kmd5IZkRxRg=www.youtube.com/watch?v
(2)
وما أكثر هذه الكتب! ومنها على سبيل المثال: محمد والتعصب لفولتير، الكوميديا الإلهية لدانتي، الرسول حياة محمد لبودلي، دراما محمد الصحراوية لبودلي أيضاً، حياة محمد لجورج بوش الجد، نساء النبي لعائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ.
(3)
استعرض مؤلف يهودي، هو الأستاذ الدكتور أبيجدور شنآن، من الجامعة العبريّة بالقدس، في كتابه "ذلك الرّجل"، موقف اليهود من عيسى عليه السلام، استناداً إلى الكتب والمراجع اليهوديّة التي كتبها المفكرون والفلاسفة ورجال الدين اليهود، منذ عصر المسيح إلى العصر الحديث. وقد خرج المؤلف بإجماع هؤلاء على أنّ المسيح نتاج علاقة خارج نطاق الزوجيّة، وأنّه متنبئ كاذب، وأنّ ما نسب إليه من معجزات غيرُ صحيح، إضافة إلى الطّعن في الكتاب المقدس، وفي العقائد والشعائر النّصرانيّة. انظر: ذلك الرجل، أبيجدور شنآن، ترجمة عمرو زكريّا، مكتبة النافذة، ط1، 2009م.
دراسة سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟!
ثالثاً: اتباع المنهج الانتقائي المبني على الهوى، في اختيار الروايات الضعيفة والموضوعة وإظهارها، وتجاهل الروايات الصحيحة وإخفائها.
رابعاً: بتر الحوادث عن سياقاتها التي وردت فيها مختصة بها، وسلوك سبيل التعميم فيها. فيقوم هؤلاء -مثلاً- بتجريد حادثة نصح العرنيين بشرب ألبان وأبوال الإبل، عن كونها حالةً خاصّةً لقوم مخصوصين أصيبوا بمرض معين، إلى تعميم ذلك بأنّه توجيه نبوي للأتباع في كل زمان ومكان بشرب أكواب بول الإبل كما يشرب الظمآنُ الماء، والملتذُّ العصير (2).
ومثلها الحادثة التي وقعت يوم صلح الحديبية حين أظهر الصحابة الاقتتال على نخامته صلى الله عليه وسلم، فيعمد هؤلاء إلى إظهار أنّ ذلك كان شأنه صلى الله عليه وسلم مع الصحابة دائماً (3).
وكل هذا لأجل تنفير النّاس من الإسلام، وتبغيضه والنبي صلى الله عليه وسلم إلى قلوب الخلق، وطمس معالم النظافة والذوق والاتساق مع الفطر السليمة التي يتحلى بها الإسلام وأتباعه، وفي مقدمهم النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام.
خامساً: سلوك منهج التفسير الشخصي الذي يعكس ثقافة مغايرة للثقافة الإسلامية، والافتراض أو تبني فرضيات آخرين بناء على فهومهم الخاصّة التي بنيت على روايات صحيحة أو ضعيفة (4).
سادساً: الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم بإضافة كلمات إلى الأحاديث الصحيحة تعطي فهماً
(1) انظر: مع المفسرين والمستشرقين في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش دراسة تحليلية، زاهر الألمعي، ص22.
(2)
انظر تفصيل ذلك، في الأمر العاشر، صفحة 278.
(3)
انظر تفصيل ذلك في الأمر التاسع، صفحة 276.
(4)
انظر: مزاعم وأخطاء وتناقضات وشبهات بودلي، مهدي رزق الله أحمد، ص133، كتاب إلكتروني.
مغايراً للحديث.
ومن أمثلة ذلك إضافة مفردة (جنسيًّا) إلى أحاديث مباشرة الحائض، ليفهم منها المباشرة المقتضية للإيلاج (1).
سابعاً: الاتكاء على منهج بعض الفرق المبتدعة كالرافضة مثلاً في طعنهم في عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، للتوصل من خلال ذلك إلى الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم.
ثامناً: النزول إلى وحل السخرية والاستهزاء الذي يترفع عنه كل ذي مروءة.
وفي سبيل ذلك تولف المقاطع المرئية والصوتية وتملأ بالضحكات، في طريقة إجرامية؛ قال الله تعالى في أصحابها:{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} (2).
تاسعاً: الأخذ عمّن يُنسب إلى الإسلام ممن كتب كفريات في الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلة ذلك ما كتبه الباحث التونسي هشام جعيط في كتابه: "تاريخية الدعوة المحمدية في مكة"(3).
وهذا المنهج -أعني الاحتجاج على الإسلام بالمارقين منه- مناف للعدل والإنصاف والتجرد الذي يسلكه طلاب الحق.
ولو ضربت اعتقادات الكنائس النصرانية ببعض، وَرُدَّ على كل طائفة بتكفير وتبديع الطائفة الأخرى لها، والاحتجاج على كل طائفة بمن تعتبره خارجاً عن الملّة، لكان هذا في نظرهم بعيداً عن التجرد العلمي في الدراسة والتحقيق والحوار.
(1) انظر تفصيل ذلك صفحة 177.
(2)
سورة المطففين، الآيات 29 - 32.
(3)
انظر تفصيل ذلك، في الأمر الثاني عشر، صفحة 282.