الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الكلبي (1): «إنَّ أهل الكتاب اختلفوا فيما بينهم فصاروا أحزاباً يطعن بعضهم على بعض، فنزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه» (2).
الأمر الرابع: بيانه بعض ما أراد أهل الكتاب كتمانه وإخفاءه، كما في قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ
وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (3).
وبهذا البيان يتقرر أنّ القرآنَ بخصوصه، والإسلامَ بعمومه، امتدادٌ للشرائع السماوية السابقة، فالدين أصله واحد، والأنبياء إخوة لعلات (4)، والتجديد إنما يكون في التشريع مراعاة لأحوال النّاس.
ولهذا كان الإيمان بكل رسل الله وكتبه؛ من أركان الإيمان السّتّة.
ومهما وجدنا من توافق بين القرآن والتوراة والإنجيل فلا غرابة، إذ الكل من عند الله، وأخبار الله لا يمكن أنْ تتناقض بحال.
المطلب الثاني: أبرز الشبه حول القرآن الكريم
الناظر في منافذ الخدمات التفاعلية للشبكة يرى الكم الهائل من موضوعات الطعن في
(1) هو أبو يحيى عطية بن قيس الكلبي الدمشقي، الإمام القانت مقرئ دمشق. عرض القرآن على أم الدرداء (. توفي سنة إحدى وعشرين ومائة، وقيل غير ذلك. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 5/ 324 - 325.
(2)
انظر: تفسير البغوي 6/ 175 - 176 (طبعة دار طيبة).
(3)
سورة المائدة، الآية 15.
(4)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أولى النّاس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعَلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد» . رواه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى (واذكر في الكتاب مريم)، ح3443، ص853.
قال ابن حجر: «وأولاد العَلات الإخوة من الأب وأمهاتهم شتّى .. ومعنى الحديث أنَّ أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع» . انظر له: فتح الباري 6/ 489.
كتاب الله الكريم.
والوقوف على حصر كل ما يطرح أمر ليس بالإمكان، إلا أنَّ هناك ما يمكن إبرازه بالنظر لكثرة تكرره وطرحه، وتداول النقاش فيه.
والمقصد هنا أنْ يكون لدى مستخدم الشبكة التصور المسبق لأغلب الجدليّات التي تهدف للطّعن في القرآن، مع بيان موقع هذه المطاعن أمام الأدلة النّقليّة والعقليّة.
ولعل أبرز هذه الشبه ما يلي:
الشّبهة الأولى: عدم التسليم بصحة النص القرآني الموجود لدى المسلمين اليوم، والجزم
بحصول التحريف فيه (1) بدلالة ما يلي (2):
أولاً: أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، ولا وجود اليوم لستة منها، فإن كان الذي ألغى هذه الستة هو النبي صلى الله عليه وسلم فلن يكون بوحي من الله؛ إذ من العبث أن يلغي الله ما أنزله، وإن كان ذلك من فعل عثمان رضي الله عنه فقد فعله من تلقاء نفسه.
ثانياً: أنّ عملية جمع القرآن على عهد الصحابي عثمان رضي الله عنه قد شابها كثيرٌ من الشوائب، كعدم الاعتراف بآية الرجم التي أقسم عمر رضي الله عنه أنها كانت مما يقرأ من القرآن، وآية الرضاع التي تحدثت عنها عائشة ?. وقول عمر رضي الله عنه بعد هذا الجمع:(لقد ضاع قرآن كثير)، وقوله:(إنّ سورة الأحزاب كانت تقرأ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة وأربعاً وأربعين آية) بينما هي اليوم ثلاث وسبعون آية، وقوله:(في القرآن ألف ألف حرف، من أحصاها كان له بكل حرف حورية في الجنة) بينما أحرف القرآن الآن أقل من ذلك بكثير.
(1) المواضع التي تكرر هذه الشّبه كثيرة جداً، ومنها على سبيل التّمثيل:
-
…
منتدى الحوار الكنسي: copticforum.blogspot.com
-
…
منتدى الحق والضلال: 61559 christian-dogma.com/vb/showthread.php?t=
-
…
غرفة In Jesus all things have become new على البالتوك.
-
…
قناة القس مرقص عزيز على اليوتيوب: www.youtube.com/user/FatherMorcosAziz
(2)
هذه الاستدلالات ساقها المنصرون في مثل مراجع الهامش السابق، وقد سيقت هنا كما وردت، وسيأتي الرد عليها في مطلب لاحق.
ومنها أنّ عثمان أخذ مصحف حفصة (1) قهراً وغلاه بالزيت ثم حَرَّقه، وضرب زيداً (2) وأجبره على الكتابة، واختلف مع محمد بن أبي بكر (3) في أمر الكتابة -وكان من كتبة
الجمع- فسبّه محمدٌ ثم شارك في قتله بعد ذلك.
ومنها أنّ هذا الجمع شهد خلافاً شديداً بين الصحابة كاد يصل حد الاقتتال.
ومنها أنّ الآية الثانية والعشرين من سورة الأحزاب لم توجد إلا عند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (4)، فأضيفت في مصحف عثمان بناءً على قول النبي صلى الله عليه وسلم عن شهادة هذا الصحابي أنها تعدل شهادتين.
ثالثاً: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ الآية بالليل فينساها بالنهار، فنزل قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ
(1) هي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة. روت عدة أحاديث، وتوفيت سنة إحدى وأربعين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 2/ 227 - 231.
(2)
هو أبو سعيد زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي، شيخ المقرئين والفرضيين ومفتي المدينة وكاتب الوحي وصاحب المناقب الجمّة. كان من جمعة القرآن في الجمعين، وتوفي سنة خمس وأربعين، عن ست وخمسين سنة. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 2/ 426 - 441.
(3)
هو محمد بن أبي بكر الصديق. ولد عام حجة الوداع، ونشأ في حجر علي رضي الله عنه لأنه تزوج أمّه، وتولّى له إمارة مصر سنة سبع وثلاثين. كان ذا عبادة واجتهاد، وقتل سنة ثمان وثلاثين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 3/ 481 - 482. والإصابة، ابن حجر 6/ 193 - 194.
(4)
هو سعد بن مالك بن سنان، الإمام المجاهد مفتي المدينة. شهد الخندق وبيعة الرضوان، وكان من المكثرين من الرواية، وأحد الفقهاء المجتهدين، ومات سنة ثلاث وستين. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 3/ 168 - 172.
(5)
انظر الرّابط: www.copticforum.net/showthread.php?=10872، وقد أورد فيه الكاتب جل الشبهات التي يكرر النصارى طرحها في المنتديات وباقي منافذ الخدمات التفاعليّة. وفي الذي ذُكر هنا تظهر الجرأة على كيل التّهم والألفاظ السيئة بحق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه.
آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1)، فكان الله يعوِّض نبيه عمّا ينسى، فالصحابة من بعده أولى بالنسيان مع عدم تصور التعويض لهم فدلَّ على أنَّ الجزم بصحة النص القرآني خطأ.
رابعاً: دلالة مخطوطات القرآن.
ومنها مخطوطة صنعاء، وفيها اختلافات كثيرة، منها أنّ سورة الأعراف 165 آية، بينما هي في المصحف الحالي 206 آيات.
خامساً: وجود الأخطاء النحوية فيه، وأنّ المسلمين يدفعونها بزعم أنَّ القرآن حجة على العربيّة وليس العكس.
ويمثل هؤلاء لهذه الأخطاء بأمثلة كثيرة جداً (2).
الشبهة الثانية: أنّ القرآن دلّ صراحة على صحة العقائد النصرانيّة، ومن ذلك:
أولاً: أنه امتدح التوراة والإنجيل، وأخبر أنّ فيهما الهدى والنّور، وأنهما منزلتان من عند الله.
ثانياً: أنّه أمر اليهود والنّصارى بتحكيم التوراة والإنجيل، فدل ذلك على صحتهما، وصحة ما احتوته من عقائد، وكفايتهما للنّجاة.
ثالثاً: أنّ فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال اليهود والنّصارى عند الشك، فدل على صحة ما لديهم.
رابعاً: أنّ في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} (3)؛ دلالة على ألوهية المسيح (4).
(1) سورة البقرة، الآية 106.
(2)
انظر الرّابط: www.youtube.com/watch?v=D7QwjPOkxNw
(3)
سورة التوبة، الآية 31.
(4)
تكرر طرح هذه الشبهة في غرفة: In jesus all things become new على البالتوك.