الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثالثة: الطعن في قصص القرآن، من خلال الآتي:
أولاً: أنّ فيها ما لا يقبله العقل.
ومن ذلك أنّ الله علّم آدم الأسماء كلها، وأنَّ من معاني ذلك تعليمه أسماء كل البشر كما ورد في التفاسير.
ومن ذلك أنّ الجنّ لم تعلم بموت سليمان عليه السلام حتى أكلت الأرضة مِنْسَأَتَه.
ومنها أنّ مريم أُمرت بهز الشجرة، وهي حامل لا تقوى على هز جذع النخلة، وأنّه لم يكن هناك نخل في ذلك الوقت بذلك الموضع، وأنها كانت ترزق الطعام فيدخل عليها زكريا
ويجده، فكيف لم ترزق به وقت حاجتها عند معاناة ألم الوضع.
ثانياً: الاقتباس من التوراة والإنجيل، مع المخالفة في بعض التفاصيل، وأنّ هذا دليل على عدم صحة القصص القرآني.
المطلب الثالث: المناهج المتبعة في طرح هذه الشبه
تتعدد الطرق التي يتبعها المنصرون في طرح شبهاتهم وجدلياتهم حول كتاب الله الكريم. ومن تلك الطرق المتبعة في الخدمات التفاعلية للشبكة ما يلي:
أولاً: الاستفادة من إمكانات الخدمات التفاعليّة فيما يتعلق بالطرح المرئي أو الصوتي أو النّصّي.
ففي مواقع تبادل الملفات المرئيّة تُستغل عملية التوليف (المونتاج) لإنتاج مقاطع تجمع بين الصورة والصوت والكتابة، وقد فُصِّل البحث في هذا الجانب في موضعه من الفصل الأول (1).
وفي مواقع المحادثة يُستغل جانب التحادث في الوقت الفعلي، فيواجه المسلم الداخل إلى الغرف النصرانية بوابل من الشبهات التفصيلية مع المطالبة بالإجابة عليها في الحال، لإظهار
(1) انظر صفحة 184
عجزه، ومن ثمّ الاستعلاء عليه وتشكيكه في يقينياته الأساسيّة.
ويستفاد فيها من القدرات البيانيّة التي ميّز الله بها بعض النّاس؛ فيكون لأسلوبهم فعل السحر في التأثير على النفوس، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(إنّما أنا بشر، وإنّكم تختصمون إليّ، ولعلَّ بعضكم أن يكونَ ألحنَ بحجته من بعض، وأقضيَ له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حقِّ أخيه شيئاً فلا يأخذْ، فإنّما أقطعُ له قطعةً من النّار)(1). ولما جاء رجلان من المشرق فخطبا؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِنَ البيان لسحرا)(2).
وقد يملك المحاوَر الرد فيُمنع من إتمام إلقاء حجته، وذلك لأنّ مالك غرفة المحادثة لديه صلاحية توزيع وقت الحوار فيها، ولو كان ذلك على سبيل الإجحاف والظلم؛ الذي يدفع إليه مخافة ظهور حجة الخصم.
وتُستغل في هذه الغرف إمكانات التأثير الصوتي التي يحسنها البعض، من رفع الصوت وخفضه، وسرعة الإلقاء وإبطائه، وتمثيل المشاعر المختلفة من تهكم أو فرح أو حزن أو تعجب أو غضب أو رضى أو غير ذلك.
كما يستفاد فيها من رجع الصدى الفوري، أي التجاوب الآني من المحادَث، بالإضافة إلى أنّه قد لا يكون مستعداً للمحاورة، أو ممتلكاً للحصيلة العلمية التي تدفع عنه الشبه والمطاعن، وفي كل الأحوال لا تكون لديه فسحةٌ لمراجعة ما يلقى عليه.
ثانياً: اتخاذ ما يمكن تسميته بأسلوب الغمر (3)، وذلك بإيراد الطعون المتكاثرة حول كل ما يتعلق بالقرآن الكريم، لكي يتسرب إلى عقل القارئ بشكل غير مباشر أنّ القرآنَ كلَّه مثالبُ ومطاعن، لا يبقى معها منه شيء صاف عند التحقيق.
(1) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأحكام، باب موعظة الإمام للخصوم، ح7169، ص1771، واللفظ له. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، ح1713، 2/ 818.
(2)
رواه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الخطبة، ح5146، ص1312، واللفظ له. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، ح869، 1/ 386.
(3)
الغمر في اللغة: التغطية والسَّتْر، ومنه سمي الماء الكثير غمراً لأنّه يستر ما تحته. ويقال دخل في غمار النّاس، أي زحمتهم، حيث يستر بعضهم بعضاً. انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس 4/ 392 - 393. وهذه المفردة موافقة لصنيع أصحاب هذا المنهج، حيث يسترون كل محاسن القرآن الكريم ويغطونها بلباس الشبه والتشويه.
بل وصل الأمر إلى حدِّ نقدِ كل آية من آيات الكتاب العزيز، وادعاء اشتمالها على خطأ لغوي أو علمي أو تاريخي أو جغرافي أو منطقي أو نَسْخٍ أو تعدد قراءات أو غير ذلك، كما في موقعهم المسمّى:"نظرة موضوعيّة في عمق القرآن"(1).
ثالثاً: اتباع أسلوب التّهويل، بحيث تؤخذ الملاحظة البسيطة ليبنى عليها نتائج كبيرة لا تتناسب معها.
فمن ذلك ملاحظة أحدهم ثلاثة فروق بين طبعتين من المصحف في بلاد المغرب، فيها ترقيم البسملة من الفاتحة، وجعل الآية الأخيرة آيتين في الطبعة القديمة، وترقيم الحروف
المقطعة من أول البقرة.
فبنى على هذا نتيجةً مفادها إثبات وقوع التحريف في القرآن، وأنّ صور التحريف لا يحاط بها كثرةً باعتبار كثرة الدول الإسلاميّة، بناء على وجود هذه الملاحظات في دولة واحدة منها (2).
رابعاً: الأخذ عن مصادر المبتدعة كالرافضة من الشيعة، تصريحاً أو على سبيل الدّس والتدليس.
فمن مواضع التصريح قولهم في تقديم كتابٍ على الشّبكة يطعن في النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «لقد آثرنا أن نستعين ببعض المراجع الشيعية الاثني عشرية في تحضيرنا لهذا الكتاب؛ لكن بما أنَّ عملنا موجه للسنّة أولاً، كان استئناسنا بالشواهد الشيعية يقتصر على الهامش ليس إلا.
وهذه المراجع أساساً هي: بحار الأنوار، الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار، وسائل الشيعة، مستدرك الوسائل، الميزان في تفسير القرآن» (3).
ومثله كتاب "تدوين القرآن"، وفيه يعقد المؤلف موضوعات للطعن في القرآن الكريم
(1) رابط الموقع: www.thequran.com
(2)
انظر الرابط: www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=173546
(3)
انظر: الرّابط: create-answer.com/war2a%20book/om%20el%20mo2mnin.htm
بناء على عقيدة الرّافضة في تحريف القرآن، وهجومهم على أهل السّنّة في ذلك (1). وهو واحد من كتب عدة يوردونها لإظهار وجود الاختلاف بين المسلمين في كتابهم، وأنَّ ذلك من أدلة ثبوت تحريفه (2).
خامساً: مجانبة المنهج العلمي عند التعامل مع كتب التفسير. ولذلك عدة صور:
منها جعل أقوال المفسرين حجة في تبيان مراد الله تعالى من كلامه، فيكون قول المفسر -سواء كان متقدماً أم متأخراً- هو عين مراد الله تعالى من قوله.
وفي هذا من التجني ما لا يخفى، فإنّ غاية ما يكون من المفسرين هو بذل الجهد في فهم مراد الله تعالى من كلامه.
ومنها انتهاج أسلوب الانتقاء المبني على الهوى، بعيداً عمّا أجمع عليه المفسرون أو ذهب إليه جمهورهم.
ومن أمثلة ذلك ما نقله أحد المنصرين في تفسير الحروف المقطعة، فقد اختار -لهوى في نفسه- أنّ المراد بها ما نقله القرطبي (3) عن قطرب (4) أنّ الكفار كانوا ينفرون عن سماع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فأتى لهم بهذه الأحرف ليجلب انتباههم فيقيم عليهم الحجة. ثم ركّب على اجتزائه هذا نتائج تخدم عمله الدّعوي (5).
وهذا الفعل تجاوزٌ صارخٌ للموضوعيّة والأمانة في النّقل، فإنّ القرطبي ذكر أنّ أهل العلم
(1) انظر الرّابط: www.create-answer.com/kotobislamya/recension_quran_arabic.pdf
والرّابط www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=160412
(2)
انظر قائمة طويلة من هذه الأمثلة في الموقع التنصيري "الحقيقة" على الرّابط:
www.creat-answer.com/arabic/islamic_studies.htm
(3)
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الخزرجي الأنصاري الأندلسي القرطبي. من كبار المفسرين والعُبَّاد، وله: الجامع لأحكام القرآن- التذكرة بأحوال الموت وأحوال الآخرة- التقريب لكتاب التمهيد، وغيرها. مات بمصر سنة 671هـ. انظر: الأعلام، الزركلي 5/ 322.
(4)
هو أبو علي محمد بن المستنير بن أحمد، الشهير بقطرب. كان من علماء اللغة والأدب، وفي العقيدة على مذهب المعتزلة النظامية. مات سنة 206هـ، وله: معاني القرآن- النوادر- غريب الحديث، وغيرها. انظر: الأعلام، الزركلي 7/ 95.
(5)
انظر الرابط: www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=173962
اختلفوا في الحروف المقطعة على قولين. أحدهما: وجوب الإيمان بها دون الخوض في تفسيرها، لأنّها مما استأثر الله بعلمه. وثانيهما: جواز الكلام فيها، والتماس الفوائد التي تحتها (1).
ثمّ ساق اختلاف الأقوال بين المجيزين، وذكر منها ما قاله قطربُ وغيره أنّها «إشارة إلى حروف الهجاء، أعلمَ اللهُ العربَ حين تحداهم بالقرآنِ أنّه مؤتلفٌ من حروفٍ هيَ التي منها بناءُ كلامهم، ليكون عجزُهم عنه أبلغَ في الحجة عليهم» (2).
ولكنّ هذا المنصر أعرض عن كل الأقوال التي ساقها القرطبي، ومنها أحد قولي قطرب، ليختار -بلا مرجِّح- أحدَ الأقوال، موهماً أنّه الراجح أو الوحيد.
ومن أمثلة الأسلوب الانتقائي نقل أقوال المفسرين المختلفةِ اختلافَ تضادٍّ في بيان معنى الآية الواحدة، وضرب الأقوال بعضها ببعض، للتوصل من ذلك إلى الطعن في كتاب الله الكريم، ومن ذلك إيراد الأقوال المختلفة في اسم والد نبي الله إبراهيم عليه السلام (3).
سادساً: يُستشهد أحياناً بكتب التفسير المعتمدة عند المسلمين كتفسير الطبري وابن كثير وغيرهما مع ذكر رقم الجزء والصفحة والطبعة ومعلومات النشر، ويُحال أحياناً إلى مواقع إسلاميّة على الشّبكة.
وهذا يُظهر للناظر لأول وهلة تجرد النّاقل للحق، وأمانته في النقل، ولكنْ عند التّمحيص يظهر شيء من التّدليس، أو الكذب الصّريح أحياناً.
وسوف نذكر أمثلةً لذلك في مطلب الرّدّ التالي.
(1) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي 1/ 237 - 241.
(2)
المرجع السّابق 1/ 238.
(3)
انظر الرابط: www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=174064