الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل التاء مع العين المهملة
3292 -
" تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم". (عد هق) عن أبي هريرة.
(تعاد الصلاة) في الوقت أو بعده. (من قدر الدرهم من الدم) أي على ثوب المصلي أو بدنه. ([عد] (1) هق) (2) عن أبي هريرة) ثم تعقبه العقيلي بقوله: حدثني آدم قال: سمعت البخاري يقول: هذا الحديث وروح هذا منكر الحديث يعني روح بن عطيف لا روح بن الفرج؛ لأنه رواه عن يوسف بن عدي عن القاسم بن مالك عن روح بن عطيف عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وذكر ابن عدي في ترجمة روح بن عطيف وقال ابن معين: وهاه، وقال النسائي: متروك ثم ساق هذا الخبر انتهى، وقال الذهبي: أخاف أن يكون موضوعاً، وقال ابن حبان: موضوع، وحكم ابن الجوزي بوضعه وتبعه على ذلك المؤلف في مختصر "الموضوعات" وقال الحافظ ابن حجر: وأخرجه ابن عدي في الكامل من طريق أخرى عن الزهري لكن فيه أيضاً أبو عصمة متهم بالكذب قال الشارح: عزو المصنف له إلى ابن عدي وسكوته عما عيبه به من بيان القادح غير صواب بل وإن لم يتعقبه مخرجه فسكوت المصنف عليه غير مرضي؛ لأنه من أحاديث الأحكام وهو شديد الضعف فعدم بيانه لحاله لا يليق بكماله انتهى.
قلت: قد تعقباه المخرجان له هنا ابن عدي والعقيلي فلا وجه لتخصيص
(1) لم يرد في الأصل عزوه إلا إلى هق.
(2)
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 138)، والبيهقي في السنن (2/ 404)، والدارقطني (1/ 401)، والبخاري في التاريخ (1047)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 56)، وابن حبان في المجروحين (1/ 298)، وانظر التلخيص الحبير (1/ 278)، والموضوعات (2/ 76)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2441)، والضعيفة (148): موضوع.
الاعتراض بالسكوت عما عقبه ابن عدي وكأنه أراد مثلاً.
3293 -
"تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب ". (د ن ك) عن ابن عمرو.
(تعافوا الحدود فيما بينكم) أي تجاوزوا من العفو وهو التجاوز والخطاب لغير الأئمة من الأمة أي يعفو بعضكم عن بعض فيما أتاه الآخر إليه مما يوجب حدا ولا ترفعوها إليّ. (فإنه ما بلغني من حد) أي مما يوجب حداً. (فقد وجب) عليّ إقامته لأنها بعد البلوغ لا يسقطها عفو ذي الحق كالسارق ولو رفعه المسروق عليه ثم عفى عنه فإنه لا يسقط حده، والحديث عام لكل حد، وخصص أبو حنيفة هذه الصورة، فقال: يسقط الحد عن السارق بعفو المسروق عليه وينظر بم خصصه وكأنه بالقياس على سقوط العين المسروقة لو عفى عنها المسروق عليه وسبب الحديث في السرقة كما في مسند أبي يعلى: "أتي رسول الله برجل سرق فأمر بقطعه ثم بكى -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُئل فقال: كيف لا أبكي وأمتي تقطع بين أظهركم قال أفلا عفوت قال ذلك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود ولكن تعافوا
…
" الخ (1). (د ن ك)(2) عن ابن عمرو بن العاص) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي.
3294 -
"تعافوا تسقط الضغائن بينكم". البزار عن ابن عمرو.
(تعافوا تسقط الضغائن بينكم). (البزار (3) عن ابن عمرو).
3295 -
"تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من قلوب
(1) أخرجه أبو يعلى (328).
(2)
أخرجه أبو داود (4376)، والنسائي (4/ 330)، والحاكم (4/ 424)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2954).
(3)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (2058)، وانظر المجمع (8/ 82)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2442).
الرجال من الإبل من عقلها". (حم ق) عن أبي موسى (صح).
(تعاهدوا القرآن) قال القاضي (1): تعاهد الشيء وتعهده محافظته وتجديد العهد به والمراد منه الأمر على مواظبة تلاوته والمداومة على تكرار درسه.
قلت: وقدمنا التقديرات النبوية في ذلك في الهمزة في "اقرأوا". (فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا) بمثناة فوقية وصاد مهملة أي أسرع تخلصاً، وذهابا وانفلاتا وخروجا. (من قلوب الرجال) متعلق بتفصيًا والمراد لهم حفظه. (من الإبل) متعلق بأشد. (من عقلها) بضم المهملة والقاف جمع عقال بزنة كتاب ما يُعقل به الإبل أي تشد والإبل إذا انفلتت من عقالها فإنها لا تكاد تلحق ولعل النكتة في التمثيل وخصوصية الإبل الإشارة إلى أن كلام الله تعالى لعلو شأنه وعظمة مكانه وكثرة علومه وتتابع أنواره لا تسكن قلوب الرجال إلا بالشد عليه وقوة الإمساك بالتلاوة له وإلا فإن عظمة شأنه تقتضي مع تلوث العباد بالمعاصي وعدم عملهم بعلومه وتهديهم بأدائه وهديهم بأنواره أن لا يقر في قلوبهم ولا تكون صدورهم مساكنه فكأنه ينفلت منها لولا عقاله بدوام التلاوة فهذه والله أعلم هي نكتة الخصوصية في التمثيل وأما قول الشارح: إنه لأجل [2/ 311] أن القرآن ليس من كلام البشر بل كلام خالق القوى والقدر وليس بينه وبين البشر مناسبة قرينة لأنهم حوادث وهو قديم انتهى، فإنه كلام باطل لاتفاق الفريقين من القائل بقدمه والقائل بحدوثه بأن ألفاظه محدثة صرح به الشريف في حواشي الكشاف وغيره، ولا يخفى أن هذا الحديث توصية بالمحافظة على حفظ المتلو وهي العبارات المحدثة. (حم ق)(2) عن أبي موسى).
3296 -
"تعاهدوا نعالكم عند أبواب المساجد". (قط) في الإفراد (خط) عن
(1) شرح صحيح مسلم (6/ 77).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 411)، والبخاري (5033)، ومسلم (796).
ابن عمر.
(تعاهدوا نعالكم) أي تفقدوها بالنظر فيها. (عند أبواب المساجد) عند دخول المسجد فإن وجدتم فيها خبثا فامسحوه بالأرض. (قط) في الإفراد (خط)(1) عن ابن عمر) قال الخطيب: وهو غريب من حديث يحيى بن هاشم كان يضع انتهى، وقال الذهبي أيضاً: كان يضع الحديث.
3297 -
"تعتري الحدة خيار أمتي". (طب) عن ابن عباس.
(تعتري الحدة) بكسر المهملة الأولى وهي الخفة والنشاط والمراد هنا الصلابة والشدة والسرعة في إمضاء الخير وعدم الالتفات في ذلك إلى الغير كذا قال الشارح ويحتمل أن المراد الخفة والاحتداد في كل أمر يمدح أو يذم فيه إلا أنه لا يستمر عليها ولذا قال: تعتري فإنه لفظ يدل على أنها تعرض وتزول بسرعة، وهو إعلام بأن من اتصف بذلك كان مظنة للخير ومَعْدِنًا له. (خيار أمتي). (طب) (2) عن ابن عباس قال الهيثمي فيه: سلّام بن سلم الطويل وهو متروك (3).
3298 -
"تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له". (حم) عن ابن عباس (ض).
(تعجلوا إلى الحج) أي بادروا بالإتيان به وعدم تأخيره عن زمن إمكانه. (فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) من عَرَض كَضَرب وقد بين العارض ما
(1) أخرجه الخطيب في تاريخه (5/ 277)، والديلمي في الفردوس (2256)، وانظر العلل المتناهية (1/ 403)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2443)، والضعيفة (2495): موضوع.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 151)(11332)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 26)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2444): موضوع.
(3)
قال الحافظ في التقريب (2702): متروك من السابقة.
رواه الديلمي في روايته من قوله "من مرض أو حاجة"(1). (حم)(2) عن ابن عباس.
3299 -
"تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين: يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن، إلا عبدًا بينه وبين أخيه شحناء فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا". (م) عن أبي هريرة.
(تعرض) مبني للمجهول أي يعرضها الحفظة على الرب تعالى أو على المقربين من الملائكة. (أعمال الناس) أي المكلفين منهم بدليل المغفرة وعدمها، فإن من لا تكليف عليه لا ذنب عليه ولا عفو ولا عقوبة. (في كل جمعة) عبر بها عن الأسبوع لأنها أشرفه عند الله تعالى من إطلاق البعض على الكل. (مرتين: يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن، إلا عبداً) بالنصب ووجهه ظاهر، وفي رواية:"إلا عبد" بالرفع، قال الطيبي: وتقديره فلا يحرم أحد من الغفران إلا عبد ومنه: {فَشَرِبُوا مِنْهُ} [البقرة: 249] إلا قليل بالرفع. (بينه وبين أخيه شحناء) بفتح الشين المعجمة وسكون الحاء المهملة ممدود أي عداوة. (فيقال: اتركوا هذين حتى يفيئا) من فاء بالهمز إذا رجع أي حتى يرجعا عما هما عليه من التقاطع والتباغض، قال الطيبي: أفاد اسم الإشارة في قوله "هذين" بدل الضمير لمزيد التعيير والتنفير.
(م)(3) عن أبي هريرة.
3300 -
"تعرض الأعمال على الله تعالى يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله إلا
(1) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (2322)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 14)، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 416)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 340).
(2)
أخرجه أحمد (1/ 313)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2957).
(3)
أخرجه مسلم (2565).
ما كان من متشاحنين أو قاطع رحم". (طب) عن أسامة بن زيد.
(تعرض الأعمال على الله تعالى يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله إلا ما كان من متشاحنين أو قاطع رحم) تقدم الكلام في ذلك، قال الحليمي في عرض الأعمال: يحتمل أن الملائكة الموكلين بأعمال بني آدم يتناوبون فيقيم معهم فريق من الاثنين إلى الخميس، ثم يعرجون وفريق من الخميس إلى الاثنين وهكذا كلما عرج فريق قرأ ما كتب في موقعه من السماء فيكون ذلك عرضا في الصورة وهو غني عن عرضهم ونسخهم وهو أعلم بعباده منهم، قال البيهقي: وهذا أصح ما قيل قال والأشبه: أن توكيل ملائكة الليل والنهار بأعمال بني آدم عبادة قصدوا بها وسر عرضهم خروجهم عن عهدت التكليف ثم قد يظهر الله لهم ما يريد فعله من عرض عمله (1)، قلت: وقدمنا في الجزء الأول كلاما في ذلك. (طب)(2) عن أسامة بن زيد) قال الهيثمي: فيه موسى بن عبيدة وهو متروك.
3301 -
"تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس على الله، وتعرض على الأنبياء وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضا وإشراقا، فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم". الحكيم عن والد عبد العزيز.
(تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس على الله، وتعرض على الأنبياء) أي يعرض عمل كل أمة على نبيها أو كل فرد من الأمة على كل نبي منها ويحتمل أنه بعد بعثته صلى الله عليه وسلم لا عرض إلا عليه لأن أمة موسى عليه السلام مثلا ليست بعد بعثته صلى الله عليه وسلم أمة لموسى عليه السلام لأنها قد أمرت باتباع محمَّد صلى الله عليه وسلم وأنه إنما كان العرض على
(1) انظر: شعب الإيمان (3/ 394).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 167)(409)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 66)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2445).
الأنبياء قبل البعثة ثم المراد أمة الإجابة لكل نبي لا أمة الدعوة ويحتمل أن عمل كل أمة من الأمم تعرض [2/ 312] على كل نبي من الأنبياء تعظيما للرسل وتفريجا لهم بكثرة المطيعين (وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة) أي يعرض عمل كل فرع على أصله القريب أو على كل أصل له إلى آدم وحواء وتقدم حديث: "إن آدم في سماء الدنيا تعرض عليه أعمال ذريته" وهو يؤيد هذا والضمير في قوله (فيفرحون) يحتمل عوده إلى كل ما تقدم من الأنبياء والآباء والأمهات أو إلى الأخير فقط. (بحسناتهم) وفرح الأنبياء لأنه زيادة لهم في أجورهم؛ لأنهم دلوا على الخير وفعل الحسنات فلهم أجر مثل العاملين وفرح الآباء والأمهات أنه يلحق دعاء أولادهم والدعاء لا يقبل إلا من ذوي الحسنات ولأنهم يرجون شفاعتهم. (وتزداد وجوههم بياضًا وإشراقًا) يحتمل أنه في حال العرض، والمراد بها أرواحهم أو في الآخرة والمراد الوجه حقيقة وفيه دلالة أن المعروض عليهم أهل النجاة من عذاب الله لهم لا الذين وجوههم مبيضة مشرقة ويزدادون بحسنات ذريتهم ويحتمل أن فرحهم وزيادة أوجههم في الصفتين لقرار أعينهم بأن أولادهم متصفون بصفتهم من الرضوان وأنهم الجميع من سكان الجنان. (فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم) تقريع على مطوي أي يحزنون بسيئاتهم فيتأذون بها، قال الشارح.
فائدة: العرض عليهم إظهار الله تعالى للأموات عذره فيما يعامل به أحيائهم من عاجل العقوبات وأنواع البليات في الدنيا فلو بلغهم ذلك من غير عرض أعمالهم عليهم لكان وجدهم أشد انتهى.
قلت: هذا في حكمة عرض المعاصي فقط ولا تتم إلا إذا ثبت أنه يطلع الأموات على كل كائنة في الأحياء بعدهم، وليس في هذا الحديث إلا الإخبار بعرض الحسنات والسيئات فإن ثبت من غيره فذاك وإلا كان ذلك من الحكمة
المطلقة المجهول لنا تفصيلها وفيه ترغيب في الحسنات وزجر عن السيئات وإرشاد إلى كف اللسان عن قول السوء في الأموات لأنه من جملة السيئات، وفيه أن عرض الحسنات على الأموات حسنة لفاعلها لإدخاله السرور على غيره وتقدم أن إدخال السرور على المؤمن من الحسنات وهذا من فوائد فعل الحسنات أنه تسبب عنه حسنات غير مرادة لفاعلها وعكس ذلك في عرض السيئات فإنه آذى به المؤمنين وهي معصية فتسبب عن القبيح قبيح غير مراد. (الحكيم (1) عن والد عبد العزيز).
3302 -
"تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة". أبو القاسم بن بشران في أماليه عن أبي هريرة.
(تعرف إلى الله في الرخاء) بتشديد الراء أي تحبب إليه بشكر نعمته وعدم كفرانها والإحسان فيها كما أحسن الله إليه. (يعرفك في الشدة) أي بتفريجها عنك وإعانتك وإبعادك من كل ضيق فإنه تعالى إذا تعرفت إليه في حال الرخاء جازاك حال الشدة ولذا قال تعالى في يونس {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات:143، 144]، فأخبر أنه لما تقرب إليه في الرخاء أنجاه في الشدة وعكس ذلك في فرعون فإنه لما تنكر إلى ربه حال رخائه لم ينجه اللجأ عند بلائه فقال تعالى:{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91]. (أبو القاسم بن بشران في أماليه (2) عن أبي هريرة).
3303 -
"تعشوا ولو بكف من حشف فإن ترك العشاء مهرمة". (ت) عن
(1) أخرجه الحكيم في نوادره (2/ 260)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2446)، والضعيف (1480): موضوع.
(2)
أخرجه أبو القاسم بن بشران في أماليه برقم (1365)، وانظر: كشف الخفاء (1/ 307)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2961).
أنس.
(تعشوا ولو بكف) أي بملإ كف أطلق المحل على الحال مجازاً وقوله: (من حشف) بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة وفاء التمر اليابس الفاسد، وأردأ التمر أو الضعيف لا نواء له قاله في القاموس (1): وفيه إرشاد إلى سد الجائع حق عنه لما تيسر من غير تكلف. (فإن ترك العشاء مهرمة) أي مظنة للضعف والهرم؛ لأن النوم والمعدة خالية من الطعام يؤثر تحليلا للرطوبات الأصلية لقوة الهاضمة وفيه أنه لا ينبغي تعاطي الأمور المؤدية إلى الهرم؛ لأنه يعرض لما يضعف عن الطاعة.
(ت)(2) عن أنس) قال الترمذي: بعد روايته، هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه وعنبسة ضعيف وعبد الملك بن علّان مجهول انتهى.
قال الذهبي (3): إن عنبسة متروك، وقال النسائي: متروك، وأبو حاتم قال: وضاع، قال الزين: مدار الحديث هذا على عنبسة ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه، وكذا الصغاني وتعقبه المصنف فلم يأت إلا بما حاصله أن له شاهدًا.
3304 -
"تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال، منسأة في الأثر". (حم ت ك) عن أبي هريرة.
(تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم) أي مقداراً تعرفون به [2/ 313] أقاربكم فتصلوها والأمر هنا للندب لأنه ذريعة إلى صلة الأرحام.
(1) انظر القاموس (3/ 127، 128).
(2)
أخرجه الترمذي (1856)، وانظر علل ابن أبي حاتم (2/ 11)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2447)، وقال في الضعيفة (116) ضعيف جداً.
(3)
انظر المغني (2/ 494)، وضعفاء النسائي (1/ 76) وضعفاء ابن الجوزي (2/ 235).
وقال أبو محمَّد بن حزم (1): علم النسب منه فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية ومنه ما هو مستحب فمن ذلك أن تعلم أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ابن عبد الله الهاشمي فمن زعم أنه غير هاشمي كفر، وأن تعلم أن الخليفة من قريش وأن يعرف من تلقاه بنسب في رحم محرمة ليجتنب تزويج من يحرم عليه منهم وأن يعرف من يتصل به ممن يرثه أو يجب بره من صلة أو ثفقة أو معاونة وأن يعرف الصحابة رضي الله عنهم ليحسن إليهم لثبوت الوصية بذلك ولأن حبهم إيمان وبغضهم نفاق ومن الفقهاء من يفرق في الحرية والاسترقاق بين العرب والعجم فحاجته إلى علم النسب آكد ومن يفرق بين نصارى بني تغلب وغيرهم في الجزية وتضعيف الصدقة وما فرض عمر صلى الله عليه وسلم الديوان إلا على القبائل ولولا علم النسب ما تخلص لهم ذلك وتبعه علي وعثمان رضي الله عنهما انتهى. وهو كلام حسن وأما ما يأتي من قوله عليه السلام: علم النسب علم لا ينفع وجهالة لا تضر، فهو ذم للتوغل فيه والاسترسال بحيث يشغل عن الأهم ويزيد على كفاية ما ينتفع به كما يقيده حديث أبي هريرة عند ابن زنجويه يرفعه:"تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ثم انتهوا وتعلموا من العربية ما تعرفون به كتاب الله"(2) قوله ثم انتهوا مفيد أن الذم في الحديث الآتي موجه إلى التوغل ..
(فإن صلة الرحم محبة) بفتح الميم يريد مظنة أي محل للمحبة لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها. (في الأهل) ومحبة الأرحام بعضهم لبعض مطلوبة الله تعالى. (مثراة) بفتح الميم من الثرا الكثرة؛ أي سبب للكثرة. (في المال)
(1) جمهرة أنساب العرب (ص: 6).
(2)
أخرجه ابن زنجويه كما في فيض القدير (3/ 252) وقد عزاه صاحب الكنز (29162) إلى البيهقي في الشعب ولم أجده.
وزيادته. (منسأة) بالسين المهملة زنة مثراة من نسأ التأخير أي مظنة وسبب لذلك، وفيه أنه لا بأس بالعمل الشرعي وهو صلة الرحم هنا لقصد جلب المال وزيادة العمر. (في الأثر) أي الأجل، قال في عارضة الأحوذي: أما المحبة فبالإحسان إليهم وأما النسأ في الأثر فبتمادي الثناء عليه وطيب الذكر له انتهى.
قلت: وقدمنا في الجزء الأول أنه يجوز أن تكون زيادة في العمر حقيقة. (حم ت ك)(1) عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجاله قد وثقوا.
3305 -
"تعلموا مناسككم؛ فإنها من دينكم". ابن عساكر عن أبي سعيد.
(تعلموا مناسككم) جمع منسك اسم مكان من النسك وهو العبادة والطاعة وتطلق على أفعال الحج ويحتمل أنه المراد هنا به جزم الشارح، ويحتمل أن المراد الأعم. (فإنها من دينكم) فوافق الأول أن مناسك الحج جزء من الدين وشطر منه وفيه أنه يجوز تعليم الديانات وكيفياتها. (ابن عساكر (2) عن أبي سعيد) وأخرجه الديلمي والطبراني وأبو نعيم.
3306 -
"تعلموا العلم، وتعلموا للعلم الوقار". (حل) عن عمر.
(تعلموا العلم) تقدم المراد به في لسانه صلى الله عليه وسلم وأنه علم الكتاب والسنة. (وتعلموا للعلم الوقار) الرزانة والحلم والأناة في الأمور، وفيه أن الوقار مما يكتسب بالتعلم وهو محبوب لله من العالم وغيره إلا أن العالم قد هذب نفسه
(1) أخرجه أحمد (2/ 374)، والترمذي (1979)، والحاكم (4/ 178)، وانظر المجمع (1/ 192)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2965).
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 211)، والديلمي في الفردوس (2246)، والطبراني في مسند الشاميين (2181)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 237)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2454)، والضعيفة (3403).
بتعلم العلم فحثه صلى الله عليه وسلم على تكميل الكمال.
قال ابن المبارك: كنت عند مالك فلدغته عقرب ستة عشرة لدغة فتغير لونه وتصبر ولم يقطع الحديث، فلما فرغ سألته فقال: صبرت إجلالاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وكتب مالك إلى الرشيد إذا علمت علماً فليُر عليك أثره وسمته ووقاره لخبر: "العلماء ورثة الأنبياء"(1). (حل)(2) عن عمر).
3307 -
"تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منه". (طس عد) عن أبي هريرة.
(تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منه) حذفت إحدى تائيه وفيه الأمر بالتواضع للعالم والامتثال له والتذلل من الطالب للعلم منه، وكان ذلك دأب السلف لأن العلماء ورثة الأنبياء، وقد أمرنا بتعظيم الأنبياء كذلك وارثهم، وقد أخذ حبر الأمة عبد الله بن العباس رضي الله عنه بركاب زيد بن ثابت رضي الله عنه وقال: هكذا أمرنا أن نصنع بعلمائنا، فقبل زيدٌ يده وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم، فانظر صنع ابن عباس مع قرابته (3)[2/ 314] من الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم زيد وانظر إكرام زيد له، فرحم الله ذلك السلف الصالح.
قال السلمي: ما كان إنسان يجترئ على ابن المسيب أن يسأله حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير، وقال الشافعي: كنت أفتح الورق بين يدي مالك برفق لئلا
(1) أخرجه البخاري تعليقًا كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل، وأبو داود (3641)، والترمذي (2682)، وابن ماجه (223).
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 342)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2449)، والضعيفة (1610): ضعيف جداً.
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 478) وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم، وابن عساكر (19/ 326)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1/ 188).
يسمع وقعها (1). (طس عد)(2) عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه عباد بن كثير وهو متروك الحديث.
3308 -
"تعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن ينفعكم الله حتى تعملوا بما تعلمون". (عد خط) عن معاذ، وابن عساكر عن أبي الدرداء.
(تعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن ينفعكم الله حتى تعملوا بما تعلمون) لا شك أن العلم ليس مطلوبا لذاته بل للعمل به قال العلائي: مقصود الحديث أن العمل بالعلم هو المطلوب من العباد والنافع عند قيام الأشهاد ومن تخلق بالعلم عن العمل كان حجة على صاحبه وخزيًا وندامة يوم القيامة. (عد خط) عن معاذ، وابن عساكر (3) عن أبي الدرداء (قال الحافظ العراقي: في سنده ضعف، قال: ورواه الدارمي موقوفاً على معاذ بسند صحيح.
3309 -
"تعلموا من العلم ما شئتم، فوالله لا تأجروا بجمع العلم حتى تعملوا". أبو الحسن بن الأخرم المدني في أماليه عن أنس.
(تعلموا من العلم ما شئتم، فوالله لا تأجروا بجمع العلم حتى تعملوا) فيه بيان أن كل ما ورد في فضل العلم وتعلمه مقيد بما عمل به وإن علماً بلا عمل كشجرة بلا ثمر، وإن العلم الذي لا يعمل به عمل يحبه الله لا أجر عليه أصلاً مثل علم النجوم وظاهره أنه لا يجري له أجر العلم الذي تعلمه حتى يعمل به
(1) تاريخ دمشق (14/ 293).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (6184)، وابن عدي في الكامل (4/ 335)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 129)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2448)، والضعيفة (5163): ضعيف جداً.
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 25)، والخطيب في تاريخه (10/ 94)، والربيع بن حبيب في مسنده (1/ 364)، وانظر مختصر تاريخ دمشق (22/ 115)، وتخريج أحاديث الإحياء (1/ 41). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2453).
وتقدم الكلام فيه مرارا ولله القائل:
ولم يحمدوا من عالم غير عامل
…
خلا ولا من عامل غير عالم
رأوا طرقات المجد عوجاء قطيعة
…
وأقطع عجز عندهم عجز حازم (1)
(أبو الحسن بن الأخرم)(2) بالخاء المعجمة والراء بضبط المصنف رحمه الله المدني في أماليه عن أنس.
3310 -
"تعلموا الفرائض وعلموا الناس؛ فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي". (هـ ك) عن أبي هريرة.
(تعلموا الفرائض) جمع فريضة والأظهر أنها كل ما فرضه الله من الأحكام وتطلق على ما فرضه الله سبحانه من أنصباء المواريث وهي المراد هنا. (وعلموا الناس فإنه نصف العلم) سماه نصفاً له مجازاً أو اهتمامًا بشأنه وحثاً للنفوس على تعلمه، وأما ما يأتي من حديث:"العلم ثلاثة: آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة" على القول فإنه أريد بالفريضة علم المواريث فإنه لا ينافي جعله هنا نصفاً لما علم من أنه لم يرد التنصيف حقيقة. (وهو ينسى) فيه أنه أريد بالأمر بالتعلم هنا التكرار له والتذكر والمحافظة على قواعده فإنه أخبر عنه بأنه ينسى أي يسرع إليه النسيان دون غيره بكثرة تشابهه وطرقه ومصداقه موجود في الخارج فإنه أسرع العلوم نسيانًا وأحوجها إلى الرياضة والمذاكرة فيه، قال الماوردي: إنما حث على علم الفرائض لأنهم كانوا قريبين العهد بغير هذا التوارث ولئلا يعطل تشاغلهم بعلم أعم منه. (وأول شيء ينزع من أمتي) أي يرفع بموت من يعلمه فإذا كان أول ما ينزع فيحسن التشاغل بمعرفته والحرص
(1) الأبيات منسوبة لأبي تمام.
(2)
انظر فيض القدير (3/ 254)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2455).
على إحرازه واغتنام فرصة بقاءه نظير "حجوا قبل أن لا تحجوا"(1) ولا يقال كيف علل الأمر بتعلمه فإنه ينزع وما أخبر بنزعه واقع لا محالة لأنه ما أراد إلا الحث على طلبه قبل رفعه. (هـ ك)(2) عن أبي هريرة (قال الحافظ الذهبي: فيه حفص بن عمرو بن أبي العطاف واه بمرة، وقال ابن حجر: مداره على حفص هذا وهو متروك، قال البيهقي: تفرد به حفص وليس بالقوي.
3311 -
"تعلموا الفرائض والقرآن، وعلموا الناس فإني مقبوض". (ت) عن أبي هريرة.
(تعلموا الفرائض والقرآن) قال التوربشتي: ذهب بعضهم إلى أن المراد بالفرائض هنا علم المواريث ولا دليل معه والظاهر أن المراد ما افترضه الله على عباده، وقيل: أراد السنن الصادرة منه المشتملة على الأمر والنهي الدالة على ذلك كأنه قال تعلموا الكتاب والسنة. (وعلموا الناس فإني مقبوض) أي سأقبض أراد به موته وخص هذين القسمين لانقطاعهما بموته إذ أحدهما وحي إليه، والثاني: إعلام منه به. (ت)(3) عن أبي هريرة) قال الترمذي بعد إخراجه فيه اضطراب انتهى، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح أخرجه [2/ 315] أحمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم بلفظ "تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرأ مقبوض وإن العلم
(1) أخرجه الحاكم (1/ 617)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 341)، الدارقطني في السنن (2/ 302)، والبخاري في التاريخ الكبير (705)، وابن عدي في الكامل (2/ 396)، وأورده ابن حجر في اللسان (2/ 323) وقال: هذا إسناد مظلم وخبر منكر، والذهبي في الضعفاء (2/ 630)، وقال: إسناده مجهول فيه نظر.
(2)
أخرجه ابن ماجه (2719)، والحاكم 4/ 369، والبيهقي في السنن (6/ 208)، وانظر تلخيص الحبير (3/ 79)، والدراية (2/ 296)، والعلل المتناهية (1/ 137)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2451): ضعيف جداً.
(3)
أخرجه الترمذي (2091)، والنسائي 4/ 63، وأحمد (1/ 217)، والحاكم (4/ 369)، وانظر فتح الباري (12/ 5)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2450).
سيقبض حتى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما" (1) انتهى، قال الحافظ: رواته موثوقون إلا أنه اختلف فيه على عوف الأعرابي.
3312 -
"تعلموا القرآن واقرأوه وارقدوا؛ فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكئ على مسك". (ت ن هـ حب) عن أبي هريرة.
(تعلموا القرآن واقرأوه وارقدوا) أي اجعلوا آخر عملكم بالليل قراءة شيء منه كآية الكرسي وسورة الكافرون، قال الشارح: واعلم أني وقفت على أصول صحيحة فلم أر فيها لفظ "وارقدوا" فليحرر. (فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به) يحتمل عمل به أو صلى به الليل وهو الأنسب بالمشتبه به وهو: (كمثل جرابٍ محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان) فإنه لا يفوح المسك إلا إذا فتح إناؤه والإنسان كإناء القرآن إذا قرأه وقام به فاح خيره وظهر سره، وقوله:(محشو) بالحاء المهملة والشين المعجمة أي مملوء، ونصب (مسكًا) على التمييز وأراد مفتوحًا عن وكائه، بدليل يفوح فإنه لا يفوح أي يظهر ريحه ويصدع إلا إذا فتح، وبدليل مقابلته بقوله. (ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أويس على مسك) فإن الموكأ عليه الموثق والحديث حث على تعلم القرآن وقرأته والقيام به وأن لا يخلو العبد عنه سواء قام به وهي الرتبة العظمى أو قام عنه وهي دونها إلا أنه قد اتصف بحمله وشرف باتكائه عليه. (ت ن هـ حب) (2) عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن غريب.
(1) انظر الحديث السابق.
(2)
أخرجه الترمذي (2876)، والنسائي (5/ 227)، وابن ماجه (217)، وابن حبان (5/ 499)(2126)، و (6/ 316)(2578)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2452).
3313 -
"تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه، وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل". (حم) عن عقبة بن عامر.
(تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه وتغنوا به) بالغين المعجمة أي إقرأوه بتحزُّن وترقيق وليس المراد قراءته بالألحان والنغمات وتقدم معناه. (فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل) وقوله المخاض بفتح الميم جمع ماخض من النوق الحامل والعشار التي أتى عليه من حملها عشرة أشهر أفاده القاموس (1) وتقدم وجه التمثيل بها ولأن الإبل في أذهان المخاطبين قرينة الخطور فالتمثيل بها أتم في إبراز المعقول في هيئة المحسوس .. (حم)(2) عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
3314 -
"تعلموا من قريش ولا تعلموها، وقدموا قريشا ولا تؤخروها؛ فإن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش". (ش) عن سهل بن أبي حثمة.
(تعلموا من قريش) حذف المفعول يدل على عمومه أي كل علم لأن تقدير الخاص لا دليل عليه. (ولا تعلموها) إلا أن قوله: "فإن للقرشي قوة رجلين" قيل: إنه دليل على تقدير الخاص وهي الشجاعة والرأي والقيام بمعاظم الأمور ومهمات العلوم. (وقدموا قريشاً) أي في الآراء والإمارات. (ولا تؤخروها) تأكيد لما أفاده قدموا، وأما قوله في الأول ولا تعلموها فهو تأسيس لأن الأمر بالتعلم منها لا يستلزم عدم تعليمها. (فإن للقرشي قوة رجلين) قيل وهو يدل على أن المراد بالتقديم التقديم للإمامة العظمى والإمارة كما أنه دل على أن المراد تعلم الشجاعة والرأي.
(1) القاموس المحيط (1/ 843).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 146)، وانظر المجمع (7/ 169)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2964)، والصحيحة (3285).
قلت: والأظهر أن المراد تعلموا علم الكتاب والسنة ممن علمه. (من غير قريش) لأنه عرف من كثرة حثه صلى الله عليه وسلم أن المراد علم الكتاب والسنة لا غيره أن المراد تعلمه ممن علمه لا من الجاهل لأنه معلوم عقلا أنه لا يأمر بالتعلم منه وقوله: فإن للقرشي تعليل لذلك وإعلام بأن لهم قوة صبر على التعلم وقوة ذهن يدركون بها أسرار العلوم، ويحتمل أن الخطاب خاص لمن في عصره وأنه أراد بقريش السابقين من آله وأصحابه كالخلفاء وإنه إرشاد لللاحقين من الصحابة أن يتعلموا من السابقين ويقدموهم في أمور الدين وعلله بأن لهم قوة في الدين وفي البصائر سببها سبقهم إلى متابعته وأخذ المعارف عنه وهذا أقرب الاحتمالات. (ش)(1) عن سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة أنصاري خزرجي من صغار الصحابة مات المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين وقد حفظ عنه واختلف في اسم أبي حثمة فقيل عبد الله وقيل عامر (2).
3315 -
"تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا". ابن مردويه (خط) في كتاب النجوم عن ابن عمر.
(تعلموا من النجوم ما تهتدون به) أي تستدلون به على الطرق والساعات.
(في ظلمات البر والبحر) فإن بمعرفة النجوم ومطالعها ومغاربها نهتدي إلى [2/ 316] السبل ونحوها. (ثم انتهوا) أي عن تعلم ما يجاوز ذلك وقد علل النهي علي كرم الله وجهه بقوله: فإن النجامة تدعوا إلى الكهانة فالكاهن ساحر والساحر كافر والكافر في النار.
قلت: وفي قوله ثم انتهوا ما يدل على أنه لا مرجع إلى النجوم في أوقات الصلاة ونحوها فإنه لو أريد ذلك من عموم ظلمات البر والبحر لكان ذكره أهم
(1) أخرجه ابن أَبي شيبة (32386)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2966).
(2)
انظر: الإصابة (3/ 195).
ويحتمل دخوله فيه وبهذا يعرف أنه أريد بحديث: "من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر"(1) سيأتي أن المراد به ما زاد على ما ذكر الذي يجر إلى القول بتأثير النجوم بحاسة وسعادة. (ابن مردويه (خط)(2) في كتاب النجوم عن ابن عمر) قال عبد الحق: وليس إسناده مما يحتج به، قال ابن القطان: فيه من لا أعرف (3).
3316 -
"تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله، ثم تعمل برهة بسنة رسول الله، ثم تعمل بالرأي؛ فإذا عملوا بالرأي فقد ضلوا وأضلوا". (ع) عن أبي هريرة.
(تعمل هذه الأمة برهة) بضم الموحدة وسكون الراء أي مدة من الزمان تعمل. (بكتاب الله) أي وبالسنة لأنهما متلازمان لكنه حذف للعلم به وهو إخبار أنهم يعملون بما أنزله الله وبلغه رسول صلى الله عليه وسلم في زمنه وعقبه قبل اتباع الأهواء وتمهيد أقوال الناس وتقليدهم وقد صدق ذلك وكان خير القرون قرنه ثم تراخى الأمر وقصرت الهمم فأخذوا من السنة ما وضح وسهل وهو مراد بقوله. (ثم تعمل برهة بسنة رسول الله) فإن المراد أنه يشق عليهم أخذ الأعمال من الكتاب والجمع بينه وبين السنة وهؤلاء على خير أيضاً. (ثم تعمل بالرأي) مما يراه الإنسان من تلقاء نفسه أي ولم يستند إلى أدلة الكتاب والسنة في النهاية (4) أي المحدثين يسمون أصحاب القياس أصحاب الرأي انتهى. وينبغي أن يكون مرادهم بالقياس ما لم يقم الدليل على العمل به والنص على علته وهو ما يسمونه
(1) أخرجه أبو داود (3905)، وابن ماجه (3726).
(2)
أخرجه هناد في الزهد (997)، وأبو بكر النجاد في "مسند عمر" رقم (41)، وابن حزم في "جمهرة النسب" والخطيب في "القول في علم النجوم" (ص: 132)، وراجع: فتح الباري (6/ 527)، والتلخيص الحبير (2/ 187). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2456).
(3)
انظر: بيان الوهم والإيهام (2/ رقم 1055).
(4)
انظر النهاية (2/ 409).
تخريج المناط فإنه ما لم للأصوليين الدليل على العمل به. (فإذا عملوا بالرأي فقد ضلوا) أي في أنفسهم بسلوكهم ما لم يأذن الله به. (وأضلوا) أي غيرهم ممن تبعهم وفيه أن البراءة الأصلية دليل لأنه نهى عن الرأي فدل على أنه إذا لم يوجد الحكم نصا فالبراءة عنه أحكم. (ع)(1) عن أبي هريرة) قال أبو زرعة: لا ينبغي الجزم لهذا الحديث وبين الحافظ الهيثمي وجه ضعفه لأن فيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري متفق على ضعفه.
3317 -
"تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء". (خ) عن أبي هريرة (صح).
(تعوذوا بالله من جهد البلاء) بفتح الجيم أفصح من ضمها هي الحالة التي يمتحن بها الإنسان بحيث يتمنى الموت بسببها سواء كان في دينه أو دنياه في نفسه أو أهله. (ودرك) بفتح المهملة والراء. (الشقاء) الشقاوة: قال ابن حجر (2): هو الهلاك ويطلق على السبب المؤدي إلى الهلاك، وقيل: هو أحد دركات جهنم ومعناه من موضع أهل الشقاوة وهي جهنم أو من موضع يحصل لتأديته شقاوة ويحتمل أنه مصدر مضاف إلى فاعله أو مفعوله أي إدراكنا الشقاء أو إدراك الشقاء إيانا. (وسوء القضاء) أي القضاء الذي يوقع الإنسان تحول المقضي به ما يسوء. (وشماتة الأعداء) الشماتة الفرح أي من فرح العدو وهو لا يفرح إلا لمصيبة تنزل لمن يكره والتعوذ من السبب وهي المصائب التي يفرح بها العدو إلا أنه أقيم المسبب مقام السبب ونكتة ذلك أبانه أن شماتة العدو أهم في الاستعاذة من المصيبة واعلم أن شماتة الأعداء من عطف الخاص على ما يعمه فإن جهد البلاء
(1) أخرجه أبو يعلى (5856)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 179)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2457)، والضعيفة (3408).
(2)
فتح الباري (11/ 149).
مما يشمت به الأعداء وسوء القضاء كذلك ودرك الشقاء فتخصيصه بعد ما يعمه من الألفاظ الثلاثة عبارة لعظم شأنه. (خ)(1) عن أبي هريرة).
3318 -
"تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام؛ فإن الجار البادي يتحول عنك". (ن) عن أبي هريرة.
(تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام) بضم الميم أي الإقامة وهو ما يقيم به الإنسان ويحتمل أن يراد به دار البلاء كما تقدم من أن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي إلا أن قوله: (فإن الجار البادي يتحول عنه) يرشد إلى الأول وتقدم معناه في: "اللهم"، وروي أن لقمان قال لابنه: حملت الجندل والحديد وكل ثقيل فلم أحمل شيئاً أثقل من جار السوء، هذا وفي الحديث دليل على أنه يحسن الصبر وعدم الدعاء بزوال الأمر المكروه المعلوم زواله. (ن) (2) عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي [2/ 317]: وسنده صحيح.
3319 -
"تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: جار سوء إن رأى خيراً كتمه، وإن رأى شرا أذاعه، وزوجة سوء إذا دخلت عليها لسنتك، وإن غبت عنها خانتك، وإمام سوء إن أحسنت لم يقبل وإن أسأت لم يغفر". (هب) عن أبي هريرة.
(تعوذوا بالله من ثلاث فواقر) جمع فاقرة وهي الداهية كأنها تحطم فقار الظهر، وفي هذا الإيهام أولاً ثم التفسير ثانياً بقوله:(جار سوء) إلى آخره ما لا يخفى من تعظيم ذلك، وقوله جار سوء بالإضافة. (إن رأى خيرا كتمه) جملة مستأنفة حذف صدرها كأنه قيل وما جار السوء؟ فقال: هو الذي إن رأى خيراً لجاره من خصلة محمودة ونحوها طواها عن الناس. (وإن رأى شرا أذاعه)
(1) أخرجه البخاري (26347، 6616)، ومسلم (2707).
(2)
أخرجه النسائي (8/ 274)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2967)، والصحيحة (1443).
وأفشاه يفيضه إلى الناس وشنع به، وفيه أنه ينبغي إذاعة الخير من الجار والإخبار بحسن جواره وطي الشر منه واحتماله، وإن كتم الخير في القبح كإذاعة السر، ويحتمل أن الذم للجمع بين الأمرين وأنه لو لم يدع شراً ولا كتم خيراً لا يذم. (وزوجة سوء) بالتاء وفيه أنها جائزة وإن كان أكثر حذفها. (إذا دخلت عليها لسنتك) لسنة كضربة رماه بلسانه وأذاه بها. (وإن غبت عنها خانتك) أي في نفسها أو مالك أو عرضك. (وإمام سوء) فيه أنه يسمى الجائر إماماً. (إن أحسنت) أي إليه أو إلى رعيته. (لم يقبل) ذلك ولم يره إحساناً. (وإن أسأت) على جهة الهفوة في غير حق. (لم يغفر) ذنبك وفيه أنه ينبغي للسلطان أن يعرف للمحسن إحسانه ويغفر للمسيء نادرًا هفوته ولما كانت هذه الثلاثة الأمور لا يخلو عنه البشر عظم شأنها لما ذكرناه، وهل المراد التعوذ بهذا اللفظ المسرود عبارته أو يكفي المتعوذ من هذا أن يتعوذ من جار سوء وزوجة سوء وإمام سوء يحتمل الأمرين. (هب) (1) عن أبي هريرة) وفيه أشعث بن بُراز الهجيمي قال الذهبي في الضعفاء (2): ضعفوه وقال النسائي: متروك الحديث نقله عنه في الميزان ثم ساق له مما أنكر عليه هذا الخبر.
3320 -
"تعوذوا بالله من الرغب". الحكيم عن أبي سعيد.
(تعوذوا بالله من الرغب) بغين المعجمة بعد الراء آخره موحده قال في القاموس (3): الرغب بالضم وبضمتين كثرة الأكل وشدة النهم انتهى، وقال
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (9554)، والبخاري في التاريخ (3096) وانظر الميزان (1/ 425)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2459)، والضعيفة (3411).
(2)
انظر المغني (1/ 91)، وضعفاء النسائي (1/ 19).
(3)
انظر القاموس (1/ 74).
الحكيم الترمذي في تفسيره: إنه كثرة الأكل والجماع، وقال الراغب (1): كثرة الأكل والشبع مفقود حتى يحتاج أن يأكل صاحبه في اليوم مرات وصاحب هذا ممن الحرص عليه غالب فالتهاب نار الحرص تهضم طعامه وتنشف رطوبته.
قلت: وكثرة الأكل سبب لأدواء كثيرة في الدين والدنيا والبدن. (الحكيم (2) عن أبي سعيد).
(1) مفردات القرآن (ص: 564).
(2)
أخرجه الحكيم في نوادره (3/ 122)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2458).