الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل التاء مع الفاء
3322 -
" تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف في سبيل الله، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة". (طب) عن أبي أمامة.
(تفتح أبواب السماء) تقدم احتمال أنه حقيقة وأنه كناية عن الإجابة. (ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن) الأول: (عند التقاء الصفوف) أي في سبيل الله قال الغزالي (1): شرف الأوقات يرجع بالحقيقة إلى شرف الأحوال فحالة القتال في سبيل الله ينقطع عندها الطمع عن مهمات الدنيا وتهون على القلب حياته في حب الله وطلب رضاه. (وعند نزول الغيث) لأنه يحصل للقلب عند ذلك انفعال وإقبال. (وعند إقامة الصلاة) يحتمل أنه أريد إقامتها بألفاظ الإقامة ويحتمل أن المراد القيام إلى الصلاة فريضة أو نافلة وذلك أنه يحدث للقلب تأثر عند ذلك. (وعند رؤية الكعبة) ظاهره كلما رجع بنظره إليها ويحتمل أول رؤية. (طب)(2) عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه عفير بمهملة وفاء مصغر ابن معدان وهو مجمع على ضعفه، وقال ابن حجر: حديث غريب وقد تساهل الحاكم في المستدرك وصححه ورده الذهبي لأن فيه عفيراً واه جداً قال الشارح: وهذا الحديث لم أره في نسخة المصنف التي بخطه.
3323 -
"تفتح أبواب السماء لخمس: لقراءة القرآن، وللقاء الزحفين، ولنزول القطر، ولدعوة المظلوم، وللأذان ". (طس) عن ابن عمر.
(1) إحياء علوم الدين (1/ 304).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 169)(7713)، والحاكم (1/ 731)، وانظر التلخيص الحبير (4/ 99)، وقول الهيثمي في المجمع (10/ 155)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2465): ضعيف جداً.
(تفتح أبواب [2/ 318] السماء لخمس: لقراءة القرآن، وللقاء الزحفين) بالزاي والحاء المهملة والفاء تثنية زحف وتقدم أنه الجيش الذي يزحف وهو الذي عبر عنه في الأول لقوله: "التقاء الصفوف". (ولنزول القطر، ولدعوة المظلوم) تقدم أنه وإن كان كافراً وفيه أنه ينبغي الدعاء عند دعاء المظلوم؛ لأنه مظنة الإجابة كقراءته، ويحتمل أن المراد تفتح لنفس دعوته لا كفتحها في قراءته. (وللأذان) أي بصعوده ورفعه، فحال الأذان من مظان الإجابة والأولى أن يتابع أولاً المؤذن ثم يدعو عقيبه للتعليمات النبوية تقدمت قال العاملي: كأن السماء تفتح لنزول النصر عند القتال ونزول البر للمصلين فإذا صادف الدعاء فتحها لم يرد كما إذا صادف السائل باب السلطان الكريم مفتوحاً لا يكاد يرد. (طس)(1) عن ابن عمر بن الخطاب) قال ابن حجر: غريب وفيه حفص بن سليمان القارئ إمام في القراءة ضعيف في الحديث قال الهيثمي: ضعفه الشيخان وغيرهما.
3324 -
"تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟ هل من مكروب فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها أو عَشَّار". (طب) عن عثمان بن أبي العاصي.
(تفتح أبواب السماء نصف الليل) ظاهره فتح حقيقي قالوا إنما كان الفتح في ذلك الوقت لأنه وقت صفاء القلب وإخلاصه وفراغه من المشوشات وهو وقت اجتماع القلوب وتعاون الهمم واستدرار الرحمة. (فينادي مناد: هل من دل فيستجاب له؟) الداعي أعم من سائل الحاجات فعطف قوله: (هل من سائل فيعطى؟) خاص بعد العام فإن الأول يشمل طالب المعروف ومستدفع
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (3621)، وانظر التلخيص الحبير (4/ 99)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 328)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2464).
المكروه كما أن قوله: (هل من مكروب فيفرج عنه؟) كذلك وفي هذه الخصوصيات بعد العموم دليل أن الدعاء في تلك الحال مطلوب محبوب كما دل عليه أيضاً نداء المنادي، إن قيل نحن لا نسمعه فما فائدة نداءه لأنا نقول قد صرنا نعلمه بأخبار الصادق هنا متوفر هممها على الدعاء ولأنه يسمع الملأ الأعلى وبعلمهم أنه ساعة عطاء ولأنه عبادة للملك نفسه. (فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له، إلا زانية تسعى بفرجها) أي تكسب به. (أو عَشَّاراً) أي مكاس وذلك لعظم ذنبهما. (طب)(1) عن عثمان بن أبي العاصي)، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه علي بن زيد وفيه كلام.
3325 -
"تفتح لكم أرض الأعاجم، وستجدون فيها بيوتاً يقال لها: "الحمامات" فلا يدخلها الرجال إلا بإزار، وامنعوا النساء أن يدخلنها إلا مريضة أو نفساء". (هـ) عن ابن عمر.
(تفتح لكم أرض الأعاجم) يعني العراقين أرض كسرى ويحتمل أنه أراد به ما عدا أرض العرب (وستجدون فيها بيوتا يقال لها: "الحمامات") مأخوذة من الحميم الماء الحار، وتقدم أن أول من اتخذه سليمان عليه السلام. (فلا يدخلها الرجال إلا بإزار) ولو كان ليس فيها غيره لما تقدم من حديث:"فالله أحق أن يستحيا منه" وهذا الحديث من أعلام النبوة لأنه إخبار عن غيب وقع. (وامنعوا النساء أن يدخلنها إلا مريضة أو نفساء). (هـ)(2) عن ابن عمر).
3326 -
"تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر فيهما لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 59)(8391)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 88)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2971)، والصحيحة (1073).
(2)
أخرجه ابن ماجه (3748)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2466).
حتى يصطلحا". (خد م د ت) عن أبي هريرة (صح).
(تفتح أبواب الجنة) يحتمل الحقيقة ويحتمل أنه عبارة عن رفع المنزلة وكثرة الثواب، وكان هذا التفتح بعد عرض الأعمال فإن عرضها سبب للمغفرة في هذين اليومين. (يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر فيهما لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً) ويحتمل تعدد المكفرات وتعاضدها وقوله: (إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء) في النسخ بالرفع والوجه في العربية النصب وقد وردت رواية صحيحة قال الطيبي: وعلى الرفع يقال: إنه محمول على المعنى أي لا يبقى ذنب أحد إلا ذنب رجل وتقدم نظيره قريباً. (فيقال: انظروا) بفتح الهمزة أي يقول الله لملائكته النازلة بهدايا المغفرة، قال الطيبي: ولابد هنا تقدير من يخاطب بقوله: انظروا فإنه تعالى لما غفر للناس سواهما قيل اللهم اغفر لهما أيضاً فأجاب انظروا. (هذين حتى يصطلحا) قال المنذري (1): قال أبو داود: إذا كان الهجر لله تعالى فليس من هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نساءه أربعين يوما وابن عمر رضي الله عنه هجر ابناً له [2/ 319] حتى مات، قال ابن رسلان: ويظهر أنه لو صالح أحدهما الآخر فلم يقبل غفر للمصالح. (خد م د ت)(2) عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري فوهم المحب الطبري في عزوه إليه.
3327 -
"تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا
(1) انظر: الترغيب والترهيب (3/ 307).
(2)
أخرجه البخاري في الأدب (411)، ومسلم (2565)، وأبو داود (4916)، والترمذي (2023)، وابن ماجه (1740).
يعلمون". مالك (ق) عن سفيان بن أبي زهير (صح).
(تفتح) بالبناء للمفعول. (اليمن) أي بلادها وسميت يمنًا لأنها عن يمين الكعبة أو الشمس أو باسم يمين بن قحطان. (فيأتي قوم يبسون) بفتح المثناة التحتية مع كسر الموحدة وتشديد السين المهملة وهي سوق بلين أي يسوقون دوابهم إلى المدينة. (فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم) إلى البلاد التي تفتح ويدعوهم إلى سكناها، والمراد أن قوما ممن شهد فتحها إذا رأوا سعة عيشها هاجر إليها ودعوا غيرهم إلى ذلك. (والمدينة) جملة حالية أي مدينته صلى الله عليه وسلم التي يخرجون منها. (خير لهم) من اليمن لما فيه من البركات ببركاته صلى الله عليه وسلم فهي خير لهم من حظوظ الدنيا الفانية التي يريدونها بالخروج إليها. (لو كانوا يعلمون) أي خيريتها وحذف جوابها أي تعلموا ولا يصح أن تكون للتمني لأنه حينئذ لا يكونون عالمين بخيريتها فلا لوم عليهم والكلام مسوق للومهم ولا لوم على جاهل يتمنى له العلم بما عدل عنه وإنما نزّل صلى الله عليه وسلم علمهم مع مخالفته بالعمل منزلة عدمه نظير قوله تعالى:{وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة:102] مع قوله: {وَلَقَدْ عَلِمُوا} الآية كما عرف في علم البيان.
(وتفتح الشام) سمي به لكونه عن شمال الكعبة والخبر ملوح بأن فتح اليمن قبل الشام وقد كان كذلك فإنه ما فتح من الشام شيء إلا بعد وفاته عليه السلام، وقد روى مسلم "تفتح الشام ثم اليمن ثم العراق"(1) وأُوِّلَ بأن ثم ليست للترتيب أو بأنه ما كمل فتح اليمن إلا بعد الشام.
(فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم،
(1) أخرجه مسلم (1388).
والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) وبقية ألفاظه كما سلف وهو مسوق للإخبار بما يكون من علو الإِسلام وبأنه يفارق المدينة أقوام إلى غيرها وساقه أيضاً للتهجين على من يفارق المدينة. (مالك (ق)(1) عن سفيان) مثلث السين حيث رقع (ابن أبي زهير) وأبو زهير قال ابن حجر (2): اسمه: القرد بكسر القاف الشنؤي بفتح الشين المعجمة وضم النون وبعدها همزة ويقال الشنأي النمري بفتح النون صحابي حديثه في البخاري (3).
3328 -
"تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم؛ فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله تعالى له أمره، وجعل غناه في قلبه وما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا جعل الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة وكان الله تعالى بكل خير إليه أسرع". (طب) عن أبي الدرداء.
(تفرغوا من هموم الدنيا) أي فرغوا قلوبكم فإنها محل الهموم الدنيوية والقلب سلطان الإنسان ومستقر الخير وعليه تنزل الواردات الرحمانية وإذا ملئ بهموم الدنيا لم يلم به خير ولا نزلته إغاثة رحمته وكيف وهو متلهب بنيران الهموم ولكنه لما كان البشر جبل على ضعف وسار الهم لا يفارقه قال صلى الله عليه وسلم: (ما استطعتم) إشارة إلى أنه لا يخلو العبد عن الهم وزاده بيانا بقوله: (فإنه من كانت الدنيا أكبر همه) بالباء الموحدة أي أعظم شيء يهتم به فأرشد إلى أنه لا بد من شيء من الاهتمام بها يعفى عنه وقوله: (أفشى) بالشين المعجمة بعد الفاء وآخره ألف. (الله ضيعته) الضيعة كلما كان منه معاش العبد وهي بالضاد
(1) أخرجه مالك (1573)، والبخاري (1875)، ومسلم (1388)، وانظر فتح الباري (4/ 92).
(2)
انظر: الإصابة (3/ 133)، والتقريب (2441).
(3)
انظر: الإصابة (3/ 122).
المعجمة فمثناة تحتية والمراد كثر عليه معاشه ليشغله عن الآخرة. (وجعل فقره بين عينيه) أي مبصورا حاضرا لا يقنع بشيء عن شيء، قال العراقي: من الأدوية النافعة في ذلك أن يتحقق أن فوات لذات الآخرة أشد وأعظم من فوات لذات الدنيا فإنها لا آخر لها ولا كدر فيها، ولذات الدنيا سريعة الزوال وهي مشوبة بالكدرات فما فيها لذة صافية عن كدر، وفي الإقبال على الأعمال الأخروية والطاعات الربانية تلذذ بمناجاة الله تعالى واستراحة بمعرفته وطاعته وطول الأنس به ولو لم يكن للمطيع جزاء على طاعاته إلا ما يجده من حلاوة الطاعة، وروح الأنس بمناجاته تعالى لكفى، كيف بما يضاف إليه من النعيم الأخروي لكن هذه اللذة لا تكون في الابتداء بل بعد مدة [2/ 320] حتى يصير له الخير ديدنًا كما كان له السوء ديدنا. (ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله تعالى له أمره، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا جعل الله قلوب المؤمنين تعدوا) بالعين المهملة وفي نسخة تفدوا بالفاء أي تسرع بأربابها. (إليه بالود والرحمة) ويصدق فيه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} [مريم: 96].
وفيه أن من علامات تفريغ القلب لله محبة المؤمنين للإنسان. (وكان الله تعالى بكل خير إليه أسرع) من أموره المبلغة له إلى رضوانه. (طب)(1) عن أبي الدرداء)، ضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه محمَّد بن سعيد بن حسان المصلوب وهو كذاب.
3329 -
"تفقدوا نعالكم عند أبواب المساجد". (حل) عن ابن عمر.
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (5025)، والقضاعي في الشهاب (696)، وانظر الترغيب والترهيب (4/ 56)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 247)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2467)، وقال في الضعيفة (1018): موضوع.
(تفقَّدوا نعالكم عند أبواب المساجد) أي فأزيلوا ما فيها من الأقذار كما تقدم غير مرة. (حل)(1) عن ابن عمر) قال أبو نعيم: لا نكتبه إلا من حديث أحمد بن صالح الشمومي، انتهى، وأحمد هذا قال في الميزان عن ابن حبان: يضع الحديث وساق له هذا الحديث من مناكيره.
3330 -
"تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله تعالى؛ فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور، وهو فوق ذلك". أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس.
(تفكروا) أي أجيلوا أفكاركم وأعملوها. (في كل شيء) اعتبارا فإن كل كائن يدل على مكونه وكل مخلوق على خالقه، قال الراغب: الفكر قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم وهو تخيل عقلي موجود في الإنسان، والتفكير جولات تلك القوة بين الخواطر بحسب نظر العقل. (ولا تفكروا في ذات الله تعالى) فيه دليل على إطلاق الذات عليه تعالى، وإنما نهى عن التفكر في ذاته تعالى لأنه لا تفكر إلا فيما يعرفه العبد ويعلمه وقد تعالى الله سبحانه أن يحاط به علماً، ومن كلام أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه:"من تفكر في الخالق ألحد، ومن تفكر في المخلوق وحّد"(فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور) كأنه والله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم يزيدان في عظمة مخلوقاته وكبرياء ملكوته ما يشغل أفكاركم عن التفكر في ذاته فقد بث لكم من مخلوقاته ما تعلمون وتشاهدون وأخبركم الصادق بما لا تنظرون، وقال الرازي: أشار بهذا الحديث إلى أن من أراد الوصول إلى عنه العظمة وهوية الجلال تحير وتردّى بل عمي فإن نور جلال الهيبة تعمي أحداق العقول البشرية وترك النظر بالكلية في المعرفة يوقع
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية 7/ 269، وانظر الميزان (1/ 242)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2468)، والضعيفة (3018): موضوع.
في الضلال والطريقان مذمومان، والطريق القويم أن يخوض الإنسان البحث المعتدل ويترك التعمق. (وهو فوق ذلك) هذا ما يجب الإيمان به والسكوت عن معرفة كيفيته. (أبو الشيخ في العظمة (1) عن ابن عباس).
3331 -
"تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله فتهلكوا". أبو الشيخ عن أبي ذر.
(تفكروا في خلق الله) أي فيما بثه في الأكوان من الأنفس ونحوها. (ولا تفكروا في الله) أي في ذاته وماهية صفاته. (فتهلكوا). أبو الشيخ (2) عن أبي ذر.
3332 -
"تفكروا في الخلق، ولا تفكروا في الخالق؛ فإنكم لا تقدرون قدره". أبو الشيخ عن ابن عباس.
(تفكروا في المخلوق) أي في المخلوقات فإن في كل ذرة منها علمًا وحكمًا تقف العقول عندها وتدل على صانعها:
وفي كل شيء له آية
…
تدل على أنه واحد
(ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره) أي لا تعرفونه حق معرفته ولا تحيطون به علماً بل ولا شيء من علمه إلا بما شاء. (أبو الشيخ (3) عن ابن عباس)، صدره قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم ذات يوم وهم يتفكرون، فقال: ما لكم لا تتكلمون؟ قالوا: نتفكر في الله فذكره.
3333 -
"تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله". أبو الشيخ (طس عد هب) عن ابن عمر.
(تفكروا في آلاء الله) أي نعمه قال القاضي: التفكر فيها أفضل العبادات
(1) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (1/ 212)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2472).
(2)
أخرجه أبو الشيخ في العظمة (1/ 215)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2471).
(3)
أخرجه أبو الشيخ في العظمة (1/ 216)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2470).
قلت: كأنه لما يجر إليه من شكر نعمة الله تعالى والاعتراف بأياديه.
فائدة: قال الراغب (1): نبه بهذا الخبر على أن غاية معرفة الإنسان لربه أن يعرف أجناس الموجودات جواهرها وأعراضها المحسوسة والمعقولة ويعرف أثر الصنعة فيها وأنها محدثة وأن محدثها ليس إياها ولا مثلا لها بل هو الذي يصح ارتفاع كلها مع بقائه ولا يصح بقاؤها وارتفاعه ولما كان معرفة العالم كله تصعب على المكلف لقصور الأفهام عن بعضها واشتغال البعض بالضروريات جعل تعالى لكل إنسان من ذاته وبدنه عالمًا صغيرًا أوجد فيه كل ما هو موجود في العالم الكبير ليجري ذلك من العالم مجرى مختصر عن كتاب بسيط يكون مع كل أحد نسخة يتأملها حضرا وسفرا وليلا ونهارا فإن نشط تفرغ للتوسع في العلم نظرا في الكتاب الكبير الذي هو العالم فيطلع منه على [2/ 321] الملكوت ويقدر علمه وإلا فله مقنع بالمختصر {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] انتهى. (ولا تفكروا في الله). أبو الشيخ (طس عد هب)(2) عن ابن عمر) قال البيهقي هذا إسناد فيه نظر، قال الحافظ العراقي: قلت فيه الوازع بن نافع متروك.
3334 -
"تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله". (حل) عن ابن عباس.
(تفكروا في خلق الله) قال الجنيد (3): أشرف المجالس وأعلاها الجلوس مع الفكرة في ميدان التوحيد انتهى، إن في الليل والنهار عجائب نهار يحول وليل يزول وشمس تجري وقمر يسري وسحاب مكفهر وبحر مستطر وخلق يموت
(1) مفردات القرآن (ص: 53).
(2)
أخرجه أبو الشيخ في العظمة (1/ 210)، والطبراني في الأوسط (6310)، وابن عدي في الكامل (7/ 95)، والبيهقي في الشعب (120)، وانظر تخريج أحاديث الإحياء (4/ 186)، والمجمع (1/ 81)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2975)، والصحيحة (1788).
(3)
(2/ 314).
والد يتلف وولد يخلف ما خلق الله هذا باطلا وإن بعد ذلك شوابا وأحقاباً وحشرًا ونشراً وثواباً وعقاباً، قال بعضهم التفكر على أربعة أنحاء: فكرة في آلاء الله وعلامتها تولد المحبة.
قلت: وعليها قوله صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يعذوكم به من نعمه"(1)، وفكرة في وعد الله وعلامتها تولد الرغبة، وفكرة في وعيده بالعذاب وعلامتها تولد الرهبة، وفكرة في جفاء النفس مع إحسان الله وعلامتها تولد الحياء من الله عز وجل. (ولا تفكروا في الله). (حل)(2) عن ابن عباس) قال الهيثمي فيه الوازع متروك، وقال شيخه العراقي: سنده ضعيف جدًا ورواه الأصبهاني في الترغيب والترهيب من وجه أصح من هذا، وقال السخاوي (3): هذه الأسانيد كلها ضعيفة لكن اجتماعها يكتسب قوة.
(1) أخرجه الترمذي (3789).
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 76)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 81)، وكشف الخفاء (1/ 371)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2976).
(3)
انظر: المقاصد الحسنة (ص: 261).