الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الثاء المثلثة
فصل في الأحاديث المبتدأة بثلاث
3400 -
" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار". (حم ق ت ن هـ) عن أنس (صح).
(ثلاث) اسم نكرة وقع صفة لمحذوف هو المبتدأ أي خصال ثلاث وجملة: (من كن فيه) الخبر أي من اتصف بهن وهي كان التامَّة أي من وجدت فيه. (وجد حلاوة الإيمان) أي استلذ به وبما يتفرع عليه من الطاعات التذاذ من أصاب شيئاً حاليا وهي استعارة بالكناية شبه الإيمان بنحو العسل بجامع الالتذاذ فطوى المشبه به وأضافها إلى المشبه وهو من خواص المشبه به ولوازمه وهي الحلاوة وأثبتها له تخييلا، قال البيضاوي (1): والشارع عبر عن هذه الحالة بالحلاوة؛ لأنها أظهر اللذات المحسوسة نحو مجالس الذكر رياض الجنة، وأكل مال اليتيم أكل النار والعود في الكفر إلقاء في النار. (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) جملة مستأنفة استئنافًا بيانياً كأنه قيل: وما هذه الثلاث التي لها هذا الشأن؟ فأخبر أن الأولى زيادة محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في قلبه على كل محبوب له، وتعرف هذه المحبة بإيثار ما أمر الله ورسوله على كل ما نهى عنه، واجتناب كل ما لا يرضاه وفي الإتيان بمأذون من إعلام بأن المراد من الأحبيَّة أن تكون فاضلة للأنفس المحبوبة والأموال وكل شيء من صفات الكمال وجمع الضمير في سواهما مع النهي عنه في حديث:"ومن يعصهما" لأنه
(1) انظر فتح الباري (1/ 61).
في مقام الخطبة وهي تقتضي عدم الألغاز والمبالغة في الإيضاح بخلاف هنا، فالمراد اختصار اللفظ ليحفظ كذا قيل، وقال البيضاوي: ثَنّى الضمير هنا إيماء إلى أن المعتبر هو المجموع من المحبتين لا كل واحدة فإنها وحدها لاغية وأمر بالإفراد في حديث الخطيب إشعار بأن كل واحد من العصيانين [2/ 337] مستقل باستلزام الغواية.
قلت: وكنت أجيب عن سؤال في هذا أنه نهى صلى الله عليه وسلم عن التثنية في كلام غيره لإيهامه عدم تعظيم الله تعالى لا في كلامه صلى الله عليه وسلم فإنها وردت لأنه لا إيهام فيها لذلك، وتقدم الكلام على معنى المحبة والحامل عليها في حقه تعالى من إحسانه إليهم وإفضاله بكل نعيم، وأنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحب الله ولأنه الذي أنقذ العباد من الشرور وغير ذلك، قال البيضاوي (1): والمراد بالحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل فالمرء لا يؤمن إلا إذا تيقن أن الشارع لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل والعقل يقتضي ترجيح جانبه وكماله بأن يأسر هواه بحيث تصير تبعاً لعقله ويلتذ به التذاذا عقلياً إذا للذة إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك وليس بين هذه اللذة واللذة الحسية نسبة يعقد بها. (وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) أي لأن الله أمر بحبه فيحب أبويه لأن الله أمر بمحبتهما ويحب ولده لذلك ونحو ذلك وبالجملة أن يحب العبد لا لغوض من الأغراض إلا لأجل الله تعالى. (وأن يكره أن يعود في الكفر) الكراهة أمر طبيعي يوجبها ما يعلمه من الشر الذي يكرهه، وإذا علم أن الكفر جالب لكل بلاءً في الدنيا والآخرة كرهه (والعود) مستعمل في معنى الضرورة وهو يستعمل فيها كثيرًا إلا أن قوله:(بعد أن أنقذه الله منه) يشعر أن
(1) انظر فتح الباري (601).
المراد عود من تلبس به قبل أو يراد بالإبعاد منه التوفيق لخلافه {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43]، (كما يكره أن يلقى في النار) واعلم أنه: اشتمل الحديث على الإرشاد إلى التحلي بالصفات الكمال والتخلي من صفات النقصان فالأول بالأولين والثاني بالثالث والتخلي بالمعجمة مقدم على التحلي بالمهملة طبعاً إلا أنه آخره هنا لأنه قد استلزم التحلي بالكمال والتخلي عن النقصان فلم يذكره أحدا إلا تأكيدا وتصريحا باللازم؛ فإنه لا يحب الله ورسوله من لم يكره العود في الكفر فضلا عن أن يتصف بالأحبية لهما على ما سواهما، قال البيضاوي: جعل هذه الأمور الثلاثة عنوانا لكمال الإيمان المحصل لتلك اللذة؛ وإنه لا يتم إيمان عبد حتى يتمكن في نفسه أن المنعم والقادر على الإطلاق هو الله سبحانه ولا فاتح ولا مانع سواه وما عداه وسائط وأن الرسول هو العطوف الحقيقي الساعي في إصلاح شأنه وإعلاء مكانه وذلك يقتضي أن يتوجه بسرائره نحوه ولا يحب ما يحبه إلا لكونه وسطا بينه وبينه وأن يتيقن أن جملة ما وعد به أو أوعد حق فيتيقن أن الموعود كالواقع. (حم ق ت ن هـ)(1) عن أنس بن مالك)، قال النووي: هذا الحديث أصل من أصول الإِسلام.
3401 -
"ثلاث من كن فيه نشر الله تعالى عليه كنفه، وأدخله جنته: رفق بالضعيف، وشفقة على الوالدين والإحسان إلى المملوك". (ت) عن جابر.
(ثلاث من كن فيه ينشر الله سبحانه) بشين معجمة من النشر ضد الطي وروي بمثناة تحتية وسين مهملة وروي: (عليه كنفه) بكاف ونون وفاء وروي حتفه بحاء مهملة ومثناة ساكنة فوقية وفاء أي موته على فراشه والمعنى على
(1) أخرجه أحمد (3/ 77، 103)، والبخاري (16، 21، 6542)، ومسلم (43)، والترمذي (2624)، والنسائي (8/ 96)، وابن ماجه (4033)، وانظر قول النووي في شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 13).
الأولى نشر تعالى عليه حفظه وكلأه عما يحاذره وجعل الحفظ كالثوب المنشور مشتملا عليه من جميع جهاته، وعلى الثانية سهل الله عليه الميتة ونشرها عليه من غير كرب السياق ولا ذوق مرارة الفراق. (وأدخله جنته) وفسر الثلاث بقوله. (رفق بالضعيف) أي لين به ولطف لمعاملته وتقدم الوصية في الضعيفين المرأة واليتيم، والمراد هنا الأعم من ذلك فيشتمل المسكين. (وشفقة على الوالدين) أي رحمة لهما وإذا رحمهما استلزم برهما في كل مراد لهما ولعل العبرة بالأجر يشمل المشفق على أحدهما إذا كان ليس إلا هو موجود. (والإحسان إلى المملوك) أي مملوك نفسه ويحتمل [2/ 338]، الأعم ويرشد له ما تقدم من فضيلة الصدقة على مملوك عند مالك سوء فيحسن إليه بأمر سيده بالإحسان إليه والتخفيف عنه وبالتصدق عليه. (ت) (1) عن جابر بن عبد الله) قال الترمذي عقيبه: غريب انتهى وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري (2) قال المزني: هو متهم بالوضع.
3402 -
"ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه، ونشر عليه رحمته، وأدخله جنته: من إذا أعطى شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر". (ك هب) عن ابن عباس.
(ثلاث من كن فيه آواه الله) بالمد والقصر كما في القاموس (3). (في كَنفِه) أي أنزله وكان الأظهر تعديته بإلى ملاحظة لما هو معناه وهو الإنزال أو لأنه تعدى بعديته إلا أنه جعل الكنف له كالمنزل الذي ينزل فيه ويتمكن من حلوله. (وأدخله جنته: من إذا أعطى) مغير الصيغة أي أعطاه الله أو العباد. (شكر) المعطي وتفسير الثلاث لمن أتى أقره بتقدير قال السائل من ذا الذي يستحق ما
(1) أخرجه الترمذي (2494)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2556)، والضعيفة (92): موضوع.
(2)
انظر ضعفاء العقيلي (2/ 233).
(3)
القاموس المحيط (1/ 1603).
ذكر من الثلاث الموعودة على الخصال، أو أي شيء هذه الثلاث فأثابها وفاعلها. (وإذا قدر غفر) أي إذا تمكن ممن أساء إليه في نفس أو مال غفر إساءته، وفيه بيان عظم المغفرة عند القدرة وإن كانت مع عدمها له أجر فيها إلا أنه لا يظهر أثرها إلا مع القدرة ولذلك قيل:
كل عفو أتى بغير اقتدار
…
حجة لاجئ إليها اللئام (1)
(وإذا غضب) أي لغير الله. (فتر) أي سكن عن حدته ولسان عن شدته ورد غيظه وكظمه، واعلم أن ظاهر الحديث أن الثلاث العطايا على الثلاث الصفات لا أن كل هبة على كل مقابلة كل صفة ويحتمل ذلك وأن من فعل واحدة نال عطية. (ك هب) (2) عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي قال: قلت فيه واه فإن: فيه عمر بن راشد قال أبو حاتم فيه: وجدت حديثه كذبا، وقال البيهقي عقيب تخريجه: عمر بن راشد هذا شيخ مجهول من أهل مصر يروي ما لا يتابع عليه قال: وهو غير عمر بن راشد اليمامي انتهى، قال الشارح: وبه يعرف أن المصنف كما أنه أساء التصرف بإسقاطه من كلام البيهقي ما أعلّ به الحديث لم يصب في إيراده رأسا انتهى، قلت: لأنه شرط في خطبته أن لا يذكر حديث كذاب أو وضاع وقد اعترضناه في الجزء الأول بمثل هذا قبل رؤية الشرح.
3403 -
"ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال: الرضا بالقضاء، والصبر عن محارم الله، والغضب في ذات الله عز وجل ". (فر) عن معاذ.
(1) الأبيات منسوبة إلى أحمد بن الحسين -المتنبي- (303 - 354).
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 214)، والبيهقي في الشعب (4432)، وابن حبان في المجروحين (2/ 93)، وابن عدي في الكامل (6/ 377)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2546)، والضعيفة (5478): موضوع.
(ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال) قال الشارح: أنه حذف المصنف من الحديث ما وصف به الأبدال فيه من قوله: "الذين بهم قوام الدين وأهله" وهو ثابت في رواية مسند الفردوس. (الرضا بالقضاء) أي بعد القضاء كما في الدعاء: وأسألك الرضا بعد القضاء، لأن الذي قبله يوطن النفس والذي بعده هو الرضا. (والصبر عن محارم الله) كف النفس عن ارتكابها وهي كل ما حرمه الله تعالى. (والغضب في ذات الله عز وجل أي لأجل الله سبحانه في ارتكاب ما نهى عنه وترك ما أمر به. (فر) (1) عن معاذ) فيه ميسرة بن عبد الله قال الذهبي (2): كذاب مشهور، وشهر بن حوشب قال ابن عدي (3): لا يحتج به.
3404 -
"ثلاث من كن فيه حاسبه الله تعالى حساباً يسيراً، وأدخله الجنة برحمته: تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب (طس ك) عن أبي هريرة.
(ثلاث من كن فيه حاسبه الله تعالى حساباً يسيراً) بلا مناقشة فيه ولا شدة عليه ولا يطيل وقوفه لأجله. (وأدخله الجنة برحمته) أي وإن كان عمله لا يبلغه ذلك.
إن قلت: هذا عمل قد وعد عليه الجنة.
قلت: لم يوعد عليه من حيث أنه عمله بل من حيث أنه استحق به الرحمة والثلاث هي المذكورة على طريقة الاستئناف البياني. (تعطي من حرمك) أي من إحسانه ومعروفه ومودته وهذا من دفع السيئة بالتي هي أحسن وهذا في
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (2457)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2553)، وقال في الضعيفة (1474): موضوع.
(2)
انظر المغني (2/ 689).
(3)
انظر الكامل في الضعفاء (4/ 36).
الصلة. (وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك) أي تواصله ولا تجازيه بالقطيعة قطيعة وهذا في القرابة وغيرهم، والفرق بينه وبين الأول أن ذلك خاص في الإعطاء لمن حرمك، وهذا عام في القطيعة وغيرها. (ابن أبي الدنيا في ذم الغضب (طس ك) (1) عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبي بأن فيه سليمان بن أبي داود اليماني، وفي المهذب (2):[2/ 339] سليمان واهٍ، وفي الميزان قال البخاري: منكر الحديث قال: ومن قلت فيه منكر الحديث لا يحل رواية حديثه.
3405 -
"ثلاث من كن فيه وُقِيَ شح نفسه: من أدى الزكاة، وقرى الضيف، وأعطى في النائبة". (طب) عن خالد بن زيد بن حارثة.
(ثلاث من كن فيه وُقِيَ شح نفسه) أي وقاه الشر شح نفسه {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: 16] وهو من الوقاية الصيانة أي صانه عنه. (من أدى الزكاة؛ وقرى الضيف، وأعطى في النائبة) دل على أنه بفعله الثلاث صين عن الشح بها، ويحتمل أن يراد أنه إذا فعلها صانه الله عن الشح بما لا يحسن الشح فيه سواها وأنها أمهات الخير، والمراد بالزكاة الواجبة وقرى الضيف إنزاله وإطعامه، والنائية هو ما ينوب الرجل وينزل به من الملمات والحوادث والحروب ونحوها والمراد أعان من نائبة نابته. (طب)(3) عن خالد بن زيد بن حارثة) ويقال ابن زيد بن حارثة بالحاء المهملة ومثلثة الأنصاري
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (909)، والحاكم (2/ 563)، وانظر الميزان (3/ 288)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2550)، وقال في الضعيفة (1535): ضعيف جداً.
(2)
انظر: المهذب في اختصار السنن الكبير (برقم 16328).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 188)(4096)، وانظر: الإصابة (6/ 651)، وقول الهيثمي في المجمع (3/ 68)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2557)، والضعيفة (1952).
والأول بالجيم ومثناة تحتية بعد الراء قال الذهبي (1): مختلف في صحبته وقال ابن حجر: ذكره البخاري وابن حبان في التابعين وقال الهيثمي: هذا الحديث فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعيف انتهى لكن قال في الإصابة (2): إسناده حسن.
3406 -
"ثلاث من كن فيه فإن الله تعالى يغفر له ما سوى ذلك: من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يكن ساحرا يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه". (خد طب) عن ابن عباس.
(ثلاث من كن فيه فإن الله تعالى يغفر له ما سوى ذلك: من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يكن ساحراً يتبع السحرة) يتعلم منهم السحر ويعلمه ويعمل به. (ولم يحقد على أخيه) أي في الإِسلام لأن الحقد من أمهات المعاصي. قال الغزالي (3): لا يكاد ينفك عنه المناظر لأنه يضمر حقدًا على من يحرك رأسه عند كلام خصمه ويتوقف في كلامه فلا يقابله بحسن الإصغاء بل يضمر الحقد ويربيه في نفسه وغاية تماسكه الإخفاء بالنفاق. (خد طب)(4) عن ابن عباس)، قال الشارح: بإسناد حسن.
3407 -
"ثلاث من كن فيه فهي راجعة على صاحبها: البغى، والمكر، والنكث". أبو الشيخ وابن مردويه معا في التفسير (هب) عن أنس.
(ثلاث من كن فيه فهي راجعة على صاحبها) أي ضررها يؤول بفاعلها عائد عليه. (البغي) وهو مجاوزة الحد في الظلم والعدوان (والمكر) الخداع.
(1) انظر: تجريد أسماء الصحابة (1/ رقم 1548).
(2)
الإصابة (2/ 236).
(3)
إحياء علوم الدين (1/ 46).
(4)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (413)، والطبراني في الكبير (12/ 243)(13004)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2551).
(والنكث) نقض العهد ونبذه، وتمام الحديث عند الخطيب وغيره عن مخرجيه: "ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] وقرأ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23]، وقرأ:{فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10]، ولما كانت هذه من أمهات الذنوب كان وبالها عائد على فاعلها مع العذاب في الآخرة، والحكايات في ذلك واسعة بل المشاهدات. (أبو الشيخ وابن مردويه معا في التفسير (هب) (1) عن أنس) فيه مروان بن صبيح قال في الميزان: لا أعرفه وله خبر منكر ثم أورد له هذا الخبر وكذا قال في المغني (2).
3408 -
"ثلاث من كن فيه استوجب الثواب، واستكمل الإيمان: خلق يعيش به في الناس وورع يحجزه عن محارم الله تعالى، وحلم يرده عن جهل الجاهل". البزار عن أنس.
(ثلاث من كن فيه استوجب الثواب) أي استحقه استحقاقا لا خلف فيه من الله تعالى، والسين في (واستكمل الإيمان) يحتمل للسؤال أي طلب بفعله هذه الأمور كمال الإيمان لنفسه أو أنه بمعنى كمل الإيمان فيه. (خلق يعيش به في الناس) أي يداريهم به ويسالمهم فيسلم من شرهم وينال من خيرهم. (وورع) الكف عن المحارم والشبهات. (يحجزه) بالزاي أي يمنعه. (عن محارم الله تعالى) أي عن ما حرمه. (وحلم) أي عقل ووقار. (يرده عن جهل الجاهل) يمنعه عن مقابلة الجاهل عليه بغير الإغضاء والإعراض والصفح والاحتمال.
(1) أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 449)، والبيهقي في الشعب (6674)، وانظر الميزان (6/ 400)، والإصابة (4/ 253)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2555)، والضعيفة (1950).
(2)
انظر: المغني (2/ رقم 6167).
(البزار (1) عن أنس) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن سليمان قال البزار: حدث بأحاديث لا يتابع عليها.
3409 -
"ثلاث من كن فيه أو واحدة منهن فليتزوج من الحور العين حيث شاء: رجل ائتمن على أمانة فأداها مخافة الله عز وجل، ورجل عما عن قاتله، ورجل قرأ في دبر كل صلاة: "قل هو الله أحد" عشر مرات". ابن عساكر عن ابن عباس.
(ثلاث من كن فيه أو واحدة منهن فليتزوج) جاء بصيغة الأمر إعلاما بأنه قد صار من استحقاق التزوج بحيث صار مأمورا به. (من الحور العين حيث شاء) جاء بظرف المكان إعلاما بأنه قد مكن من أماكن الجنة يتبوأ منها حيث يشاء وقد استلزم أنه يتزوج ما يشاء من الحور العين. (رجل ائتمن على أمانة) أي كانت فيه هذه الصفة، والأمانة هي شاملة للأقوال والأموال. (فأداها مخافة الله عز وجل علة لأدائها أي أنه لا حامل له على تأديتها إلا خوفه من عقاب الله إن كتمها. (ورجل عفا عن قاتله) بأن أصابه بجراحة قاتلة فعفا عنه قبل موته. (ورجل قال في دبر كل صلاة) أي آخرها ويحتمل عقبها وهو المراد والمراد بها الصلاة المكتوبة كما يأتي التفسير به قريباً:[2/ 340](قل هو الله أحد)[الإخلاص: 1]، عشر مرات. (ابن عساكر (2) عن ابن عباس).
3410 -
"ثلاث من كن فيه أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: الوضوء على المكاره، والمشي إلى المساجد في الظلم، وإطعام الجائع". أبو
(1) أخرجه البزار (3254) كما في كشف الأستار، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 57)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2547).
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (62/ 235)، وأبو يعلى (1794)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2541)، والضعيفة (654): ضعيف جداً.
الشيخ في الثواب، والأصبهاني في الترغيب عن جابر.
(ثلاث من كن فيه أظله الله تحت عرشه) قال القاضي: تحت العرش عبارة عن اختصاصه بمكان من الله تعالى وقربه منه باعتياد أنه لا يضيع أجر من حافظ على ما ذكر كما هو حال من يقربه السلطان ويلازم حضرته. (يوم لا ظل إلا ظله: الوضوء على المكاره) أي المشاق من كونه بماء شديد البرد في شدة البرد (والمشي إلى المساجد) أي لصلاة أو اعتكاف أو تعلم علم أو اجتماع لتلاوة. (في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها وهو يشمل من مشى بالفانوس ونحوه لأنه ماش في ظلمة الليل ويحتمل خلافه. (وإطعام الجائع). أبو الشيخ في التواب، والأصبهاني (1) في الترغيب عن جابر).
3411 -
"ثلاث من جاء بهن مع الإيمان دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من الحور العين حيث شاء: من عفا عن قاتله، وأدى دينا خفيا، وقرأ في دبر كل صلاة مكتوب عشر مرات" قل هو الله أحد"". (ع) عن جابر.
(ثلاث من جاء بهن مع الإيمان) هو قيد يعتبر في كل ما سلف من القرب وإن طواه في بعضها فإنه للعلم به من قول الله تعالى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبياء: 94]. (دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من الحور العين حيث شاء: من عفا عن قاتله، وأدى دينا خفياً) أي لا يعلم به صاحبه الذي هو له أو يعلمه لكن لا بينة له عليه. (وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات "قل هو الله أحد").
قال الشارح: ظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه وليس كذلك فتمامه عند مخرجه أبي يعلى "فقال أبو بكر: أو إحداهن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم:
(1) انظر شرح الزرقاني (4/ 440)، وفيض القدير (3/ 290)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2548)، وقال في الضعيفة (572): موضوع.
أو إحداهن" (ع)(1) عن جابر) فيه عمر بن نبهان متروك (2)، كما قال الهيثمي: وقال الزين العراقي: ورواه أيضاً الطبراني وهو ضعيف (3).
3412 -
"ثلاث من حفظهن فهو وليي حقا، ومن ضيعهن فهو عدوي حقاً: الصلاة والصيام والجنابة". (طس) عن أنس (ص) عن الحسن مرسلاً.
(ثلاث من حفظهن) أي أتى بهن كما أمره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. (فهو وليي حقا) والولي خلافا لعدو ومن كان ولياً له صلى الله عليه وسلم فهو ولي الله يحفظه ويرعاه. (ومن ضيّعهن فهو عدوي حقاً: الصلاة) والمراد بها الفرائض. (والصيام) والمراد به رمضان. (والجنابة) والمراد الاغتسال منها. (طس) عن أنس) قال الهيثمي: فيه عدي بن المفضل ضعيف (ص)(4) عن الحسن مرسلاً).
3413 -
"ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير الحق، أو عق والديه، أو مشي مع ظالم لينصره". ابن منيع (طب) عن معاذ.
(ثلاث من فعلهن فقد أجرم) أي صار مجرماً. (من عقد لواء) هو العلم في الحرب والمراد من سعى فيه وجمع الناس عليه. (في غير حق) يعني ليقاتل من لا يجوز مقاتلته (أو عق والديه) أي أصليه فيشمل الأجداد والجدات، قال في الشعب (5): إن كعب الأحبار سئل عن العقوق للوالدين ما يجدونه في كتاب الله، قال إذا أقسم عليه لم يبره وإذا سأله لم يعطه وإذا ائتمنه خان فذلك العقوق. (أو
(1) أخرجه أبو يعلى (1794)، والطبراني في الكبير (23/ 395)(945)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 102)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2541)، والضعيفة (654): ضعيف جداً
(2)
انظر: المغني للذهبي (2/ رقم 4560).
(3)
انظر: تخريج أحاديث الإحياء (3/ 150).
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (8961) عن أنس، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 293)، والبيهقي في الشعب (2749) عن الحسن مرسلاً، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2542)، والضعيفة (3431).
(5)
انظر: شعب الإيمان للبيهقي (7894).
مشي) ليس المراد المشي على الأقدام فقط بل الإعانة بيده أو لسانه أو غيرهما. (مع ظالم) المراد به العاصي. (لينصره) على عصيانه، قال الشارح: تمامه عند الطبراني "يقول الله: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: 22] واعلم أن العطف بأو في هذا الحديث يقتضي ظاهره أن المراد من فعلهن أو إحداهن. (ابن منيع (طب)(1) عن معاذ) قال الهيثمي: فيه عبد العزيز بن عبد الله بن حمزة وهو ضعيف.
3414 -
"ثلاث من فعلهن أطاق الصوم: من أكل قبل أن يشرب، وتسحر، وقَالَ". البزار عن أنس.
(ثلاث من فعلهن أطاق الصوم) أي سهل عليه ولم تلحقه مشقة. (من أكل قبل أن يشرب) أي وقت الإفطار إلا أنه قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر على جرعة ماء أو تمرات فكأن المراد هنا لمن وجد ما يفطر به غير الماء. (وتسحر، وقَالَ) من القيلولة الاستراحة نصف النهار ولو لم ينم وعند الحاكم في هذه الرواية بدل القيلولة "ويمس شيئاً من الطيب". البزار (2) عن أنس).
3415 -
"ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتساباً كان حقًا على الله تعالى أن يعينه، وأن يبارك له: من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله تعالى أن يعينه، وأن يبارك له، ومن تزوج ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله تعالى أن يعينه، وأن يبارك له، ومن أحيا أرضاً ميتة ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله تعالى أن يعينه، وأن يبارك له". (طس) عن جابر.
(ثلاث من فعلهن ثقة بالله) أي توكلا على إعانته في ما يحتاجه فيما يريده.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 61)(112)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 90)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2545)، والضعيفة (1951).
(2)
أخرجه البزار (984) كما في كشف الأستار، والبيهقي في الشعب (3909)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2543).
(واحتساباً) للآخرة في ما يفعله. (كان حقاً على الله تعالى) أي لازما لا يتخلف تعالى عن: (أن يعينه، وأن يبارك له) كما لا يتخلف من عليه واجب عن فعله والبركة فيما يأتيه وفسر الثلاث الأولى بقوله: (من سعى وفكاك رقبته) بأن كاتب نفسه أو أتى من الأفعال إلى مولاه بما يخلصه وفي نسخة [2/ 341] رقبة بدون تاء مثناة مؤمنة قال الشارح: أي سعى في خلاصها بأن أعتقها أو سعى في عتقها، قلت: أو فكها من القتل وخلصها منه. (ومن تزوج ثقة بالله) في إعانته على مطلوبه وتيسيره لمرامه. (واحتساباً) لأجره تعالى له على امتثاله أمره وأمر رسو له بقوله صلى الله عليه وسلم: "تناكحوا تكاثروا"(1).
(كان حقاً على الله تعالى أن يعينه، وأن يبارك له) كرره في الثلاث زيادة في العناية والإعلام منه تعالى بذلك. (ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله تعالى أن يعينه وأن يبارك له) وقوله: "ميتة" أي لم يحيها أحد بإزراعها ونحوه وفيه محبة الله لأحياء الأرض بإزراعها أو عمارتها وأنه تعالى يعين من فعل ذلك ثقة به واحتسابًا لما عنده. (طس)(2) عن جابر) قال الذهبي في المهذب (3): إسناده صالح مع نكارته عن أبي أيوب يريد راويه عن أبي الزبير عن جابر.
3416 -
"ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود: العدل والغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله تعالى في السر والعلانية". الحكيم عن أبي هريرة.
(1) أخرجه عبد الرزاق (10391).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (4918)، وانظر المجمع (4/ 257)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2544)، والضعيفة (1256).
(3)
انظر: المهذب في اختصار السنن الكبير (رقم 16669).
(ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود) أي من أتاه الله إياهن ووفقه لفعلهن فقد أوتي الشكر كشكر آل داود عليه السلام المأمور به في قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} [سبأ: 13] كما دل عليه صدر الحديث قال راويه أبو هريرة: "إنه خطب صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} فذكره، وفيه أن الله أمرهم بالشكر وأتاهم إياه ووفقهم له (العدل) هو التوسط في الأمور بين طرفي الإفراط والتفريط في حال الغضب وحال الرضا فلا يستفزه الغضب فيجور على من يغضب عليه أو مطلقا بحيث يسلبه غضبه من تمييزه الحق من الباطل ولا يميل به رضاه عن من يحكم له أن يجور على خصمه أو مطلقاً بحيث يسلبه رضاه النباهة عن المحق من المبطل فيكون فعله تبعاً للنفس لا للحق وهذا أمر عزيز استواء المرء في حالتي رضاه وغضبه، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: "أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا"، (والقصد) هو العدل في الإنفاق فلا إسراف ولا تقتير. (في الغنى والفقر، وخشية الله تعالى) أي خوفه. (في السر والعلانية) أي حال سره وعلنه فلا يفترق السر والعلن في ذلك، وفيه أن من أتى بهذه الصفات فقد شكر ما أنعم الله به عليه. (الحكيم (1) عن أبي هريرة).
3417 -
"ثلاث من أخلاق الإيمان: من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل، ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق، ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له". (طس) عن أنس.
(ثلاث من أخلاق الإيمان: من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل، ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق) تقدمت كلها. (ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له) أي لم يتناول غير حقه، يقال تعاطيت الشيء إذا تناولته وتقدم الكلام في الأولتين
(1) أخرجه الحكيم في نوادره (2/ 7)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2539).
في الأول. (طس)(1) عن أنس (قال الحافظ الهيثمي: فيه بشر بن الحسين وهو كذاب انتهى، فكان ينبغي للمصنف حذفه من كتابه.
3418 -
"ثلاث من الميسر: القمار، والضرب بالكعاب، والصفير بالحمام". (د) في مراسيله عن زيد بن شريح مرسلاً.
(ثلاث من الميسر) في القاموس (2): الميسر اللعب بالقداح يَسَر يَيْسِرُ أو هو الجزور التي كانوا يتقامرون عليها كانوا إذا أرادوا أن ييسروا اشتروا جزورا نسيئة ونحروه قبل أن ييسروا وقسموه ثمانية وعشرين قسماً أو عشرة أقسام فإذا خرج واحد واحد باسم رجل رجل ظهر فوز من خرج لهم ذوات الأنصباء وغرم من خرج له الغُفْل انتهى، فقوله (القمار) بكسر القاف من قامره إذا خاطره فعليه كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن أهله وماله فأيهما قمر صاحبه ذهب بهما وقوله:(والضرب بالكعاب) بزنة كتاب أي اللعب بالنرد وهو لعبة وضعها أزدشير ابن تابك ومثله الشطرنج (والصفير بالحمام) أي الصياح بهن للعب والتفكه بها جعل صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة من الميسر أي في حكمه وهو التحريم والإثم. (د)(3) في مراسيله عن زيد بن شريح) قال الشارح: هو إما تصحيف من الناسخ أو سهو من المؤلف وإنما هو شريك بن طالب، قال ابن حجر: يقال إنه أدرك الجاهلية وقوله مرسلاً أرسل عن أبي ذر وعمر قال الذهبي ثقة.
3419 -
"ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال "لا إله إلا الله" ولا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإِسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل
(1) أخرجه الطبراني في الصغير (164)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 59)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2531)، والضعيفة (541): موضوع.
(2)
انظر القاموس: (2/ 163).
(3)
أخرجه أبو داود في المراسيل (518)، وانظر الإصابة (6/ 664)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2538)، والضعيفة (3440).
آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار". (د) عن أنس.
(ثلاث من أصل الإيمان) أصل الشيء قاعدته التي لو توهمت مرتفعة لارتفع بارتفاعها وفسرها بقوله: (الكف عمن قال "لا إله إلا الله") أي الكف عن دمه وماله وعرضه. (ولا نكفره بذنب)[2/ 234] أي لا يجعل كافراً بذنب ارتكبه وزيادة قوله: (ولا نخرجه من الإِسلام بعمل) للتأكيد أو لإفادة أنه لا يكفر بالذنب ولا يقال إنه ليس بمسلم ولا يقال لا يصفه بكفر ولا إسلام أو يكون كالإعلام بأنه يأتي من يخرج المسلم بالعمل القبيح كالخوارج، وفيه رد على من يكفر بالتأويل أشد رد. (والجهاد) أي للكفار والبغاة أي اعتقاد هذا هو الخصلة الثالثة. (ماض) ماض أي ثابت مستمر. (منذ بعثني الله) أي أمرني به وذلك بعد هجرته صلى الله عليه وسلم لأنه لم يأمر به من أول بعثته فهذه مدة ابتداء شرعيته ومدة انتهائها. (إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال) وليس بعده جهاد لأنه لا يكون بعده إلا خروج يأجوج ومأجوج ولا يطاق قتالهم بل يهلكهم الله بالنغف كما تقدم. (لا يبطله) أي يسقط وجوبه. (جور جائر) أي جور إمام المسلمين وخليفتهم الذي إليه أمر الجهاد وبيده عقد لواء الأجياد فإن كان جائرًا وجب الجهاد معه لأعداء الإِسلام. (ولا عدل عادل) استطراد وإلا فهو معلوم أنه لا يسقط بعدل عادل إنما الذي يتوهم سقوطه مع الجائرين وإرشاد إلى أنه لا فرق في وجوبه بين الأمرين وأنه كما يجب على العادل يجب مع الجائر وتقدم الكلام. (والإيمان بالأقدار). (د)(1) عن أنس) فيه يزيد بن أبي نُشْبَة بضم النون لم يخرج له أحد من الستة غير أبي داود وهو مجهول كما قال المزي وغيره (2).
(1) أخرجه أبو داود (2532)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2532).
(2)
انظر: تهذيب الكمال (32/ 254) والتقريب (7785).
3420 -
"ثلاث من الجفاء: أن يبول الرجل قائما، أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته، أو ينفخ في سجوده". (ن) البزار عن بريدة.
(ثلاث من الجفاء) هو من جفاه إذا لم يصله وقصر في حقه أي من خصال من قصر في آداب الصلاة وما أمر الله به من صلة الرحم وغيرها وما وصلها بما يستحقه وهذه العبارة في كراهة ما ذكر لا تحريمه وقوله: (أن يبول الرجل) مخرج على الأغلب وإلا فالمرأة مثله. (قائماً) إلا لعذر كما فعله صلى الله عليه وسلم. (أو يمسح جبهته) لإزالة حصاة أو نحوها في حال صلاته. (قبل أن يفرغ من صلاته، أو ينفخ) بالخاء المعجمة أي ينفخ التراب. (في) حال. (سجوده). (ن) البزار (1) عن بريدة) قال الزين في شرحه للترمذي وتبعه تلميذه الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
3421 -
"ثلاث من فعل أهل الجاهلية لا يدعهن أهل الإِسلام: استسقاء بالكواكب، وطعن في النسب، والنياحة على الميت". (تخ طب) عن جنادة بن مالك.
(ثلاث من فعل أهل الجاهلية) أي من عادتها التي كانت عليها التي تذم بها. (لا يدعهن أهل الإِسلام) قال ابن تيمية (2): ذم في الحديث من ادعى بدعوى الجاهلية وأخبر أن بعض الأمور الجاهلية لا يتركه أهل الإِسلام ذماً لمن لا يتركه وهذا يقتضي أن ما كان من أمر أهل الجاهلية وفعلهم، فهو مذموم في دين الإِسلام وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لهم ومعلوم أن
(1) أخرجه البزار (547) كما في كشف الأستار والطبراني في الأوسط (5998)، وانظر المجمع (2/ 83)، وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال بزار رجال الصحيح، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2535).
(2)
اقتضاء الصراط المستقيم (ص 69).
إضافتها إليها خرج مخرج الذم. (استسقاء بالكواكب) قال في مسند الفردوس عن الزهري: إنما غلظ القول فيه لأن العرب كانت تزعم أن المطر فعل النجم لا سقي من الله سبحانه أما من لم يُرد هذا وقال: مطرنا في وقت كذا بنجم طالع أو غارب فجائز انتهى، وتقدم الكلام غير مرة في قوله:(وطعن في النسب، والنياحة على الميت) والحديث من أعلام النبوة، فإنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع في كل زمان ومكان. (تخ طب)(1) عن جنادة بضم الجيم فنون فدال مهملة مختلف في صحبته، قال العجلي: تابعي ثقة وقال في التقريب: والحق أنهما اثنان صحابي وتابعي متفقان في الاسم وكنية الأب قال في الإصابة: رواه البخاري في تاريخه وفي إسناده نظر.
3422 -
"ثلاث من الكفر بالله: شق الجيب، والنياحة والطعن في النسب". (ك) عن أبي هريرة.
(ثلاث من الكفر: شق الجيب) أي عند المصيبة ويقاس عليه عند السرور كما يفعله الفسقة عند الطرب ونحوه، وتقدم الكلام على تسمية ذلك كفراً في أول الشرح وأن المراد أنهن من شعار الكفر أي أهله. (والنياحة، والطعن في النسب). (ك)(2) عن أبي هريرة).
3423 -
"ثلاث من نعيم الدنيا، وإن كان لا نعيم لها: مركب وطيء، والزوجة الصالحة، والمنزل الواسع". (ش) عن ابن قرة أو قرة.
(ثلاث من نعيم الدنيا، وإن كان لا نعيم لها) لأن نعيمها خيال وإقامتها إلى زوال وما هي إلا أحلام وما لذاتها إلا أوهام. (مركب وطيء) أي لين رقيق
(1) أخرجه البخاري في التاريخ (2298)، والطبراني في الكبير (2/ 282)(2178)، وانظر الإصابة (1/ 505)، والتقريب (1/ 142 رقم 973)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3040).
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 540)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2537).
سريع السير. و (المرأة الصالحة) تقدم أنها التي تسره بالنظر إليها وتحفظه إن غاب عنها. (والمنزل الواسع) لأن الضيق يضيق الصدر ويجلب الهم والغم ويسيء الأخلاق ويجلب الأسقام، والإخبار عن هذه الثلاثة إعلام بأنه من تيسرت له قد صار من أهل نعيم الدنيا [2/ 343] ووجب عليه زيادة الشكر لأنه مسئول عنه يوم القيامة {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر: 8]. (ش)(1) عن ابن قرة أو قرة بن إياس) بن هلال المزني جد إياس بن معاوية بن قرة، قال الذهبي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، وفي التقريب: صحابي نزل البصرة.
3424 -
"ثلاث من كنوز البر: إخفاء الصدقة، كتمان المصيبة، وكتمان الشكوى، يقول الله تعالى: إذا ابتليت عبدي فصبر ولم يشكني إلى عواده أبدلته لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، فإن أبرأته أبرأته ولا ذنب له، وإن توفيته فإلى رحمتي". (طب حل) عن أنس.
(ثلاث من كنوز البر) أي أن صاحبها بفعله لها يكنز له براً يلقاه في حين احتياجه في الآخرة وتقدم الكلام في: (إخفاء الصدقة) وأنه يعم الفرض والنفل، وقيل: النفل، وأما الفرض فيجهر به. (وكتمان) بفتح الكاف مصدر كتم الأمر إذا أخفاه (المصيبة) تشمل كل ما يصاب به الإنسان فلا يقول: أصابني كذا. (وكتمان الشكوى) هو خاص بكتمان شكوى الأسقام لأن الشكوى اسم للمرض كما قاله في القاموس (2) وكما أرشد إليه قوله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله) أي لملائكته أو لرسله أو أجمعين أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الكلام. (إذا ابتليت عبدي) أي بالأسقام ونحوها. (فصبر ولم يشكني إلى عواده) أي لم يشك ألمه
(1) أخرجه ابن أبي شيبة (34421)، وانظر التقريب (1/ 455)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2560)
(2)
انظر القاموس (4/ 349).
وشدة ما يلقاه منه إلى زوّاره، وفيه أن الشكاية من الألم شكاية من الله تعالى لولا عفوه لكانت من أعظم الذنوب. (أبدلته لحما خيرا من لحمه) أي الذي أذابه المرض وأذهبه السقم. (ودماً خيراً من دمه) الذي أنزفته الحمى، والخيرية باعتبار أنه أحب إلى الله فإنه لحم قد غسل صاحبه عن درن الذنوب أو أنه أكثر نورانية وأخف وأسرع إقبالا لفعل الخير، وظاهره أن هذا الإبدال كائن منه تعالى سواء توفي عبده فالإبدال في الآخرة أو أبرأه فالإبدال في الدنيا لأنه فرع قوله:(فإن أبرأته) وعقب به الإبدال أي إن رزقته الصحة من ألمه. (أبرأته ولا ذنب له) أي مغفورة له جميع ذنوبه فلا يبقى ذنباً يعاقب عليه من صغير ولا كبير. (وإن توفيته فإلى رحمتي) أي فأذهب به إلى رحمتي لا حساب عليه ولا عقاب. (طب حل)(1) عن أنس) فيه الجارود بن يزيد وهو متروك وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المصنف بأن الجارود لم يتهم بوضع بل هو ضعيف.
3425 -
"ثلاث من كنوز البر: كتمان الأوجاع، والبلوى، والمصيبات ومن بث لم يصبر". تمام عن ابن مسعود.
(ثلاث من كنوز البر: كتمان الأوجاع، والبلوى) هو نظير ما مر آنفاً. (و) عطف. (المصيبات) عليها وعلى البلوى من التعميم بعد التخصيص. (ومن بث) أي أشاع وشكى مصيبته للناس. (لم يصبر) أي لم يتصف بالصبر فإنه لا صبر مع الشكوى وتقدم الكلام في هذا غير مرة. (تمام (2) عن ابن مسعود) فيه ثابت بن عمرو قال الذهبي في المغني (3) قال الدارقطني: ضعيف.
(1) أخرجه الطبراني في الشاميين (1392)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 117)، وانظر الموضوعات (3/ 199)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2558)، والضعيفة (691): موضوع.
(2)
أخرجه تمام في فوائده برقم (1019)، وانظر فيض القدير (3/ 295)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2559)، وقال في الضعيفة (692): ضعيف جداً.
(3)
انظر المغني (1/ 121).
3426 -
"ثلاث من الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم، والإنصاف من نفسك". البزار (طب) عن عمار بن ياسر.
(ثلاث من الإيمان) أي من خصاله وشعبه وصفات من آمن. (الإنفاق من الإقتار) أي القلة والافتقار إذ لا يصدر إلا عن قوة ثقة بالله وإيقان بالإخلاف وتصديق لقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39] وزهد في الدنيا وعدم حرص على جمعها، قال ابن أبي شريف: هو عام في الإنفاق على العيال والأطفال وكل نفقة في طاعة وفيه أن نفقة المعسر على أهله أكثر أجراً من نفقة الموسر (وبذل السلام) أي إفشاؤه. (للعالم) بفتح اللام أي للخلق من صغير وكبير وشريف ووضيع وتقدم الكلام فيه في الهمزة ووجهه أنه من شعب الإيمان أنه دليل سلامة القلب وحسن الخلق والشفقة على العباد. (والإنصاف من نفسك) قدمنا فيه بحثا نفيسا في الجزء الأول في شرح قوله صلى الله عليه وسلم
…
(1). البزار (طب)(2) عن عمار بن ياسر) طريق البزار قال الهيثمي: فيها أن رجالها رجال الصحيح إلا أن الحسن بن عبد الله الكوفي شيخ البزار لم أر من ذكره وطريق الطبراني فيها القاسم أبو عبد الرحمن ضعيف.
3427 -
"ثلاث من تمام الصلاة: إسباغ الوضوء، وعدل الصف، والإقتداء بالإمام". (عب) عن زيد بن أسلم مرسلاً.
(ثلاث من تمام الصلاة) أي مكملاتها نافلة كانت أو فريضة وفيه دلالة أنها ليست بواجبة وتقدم تفسير: (إسباغ الوضوء، وعدل الصف) والمراد تسويته وإقامته على سمت واحد [2/ 344]، وتقدم الكلام فيه. (والاقتداء بالإمام)
(1) في الأصل بياض، بمقدار ربع سطر.
(2)
أخرجه البزار (1396)، والطبراني في المعجم الكبير كما عزاه له الهيثمي في المجمع (1/ 56، 57)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 141)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2533).
متابعته فلا يركع حتى يركع ولا يسجد حتى يسجد كما سلف. (عب)(1) عن زيد بن أسلم مرسلاً).
3428 -
"ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة". (طب) عن أبي الدرداء.
(ثلاث من أخلاق النبوة) أي التي أمر الله بها أنبياءه. (تعجيل الإفطار وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة) تقدم الكلام على الثلاث في قوله: "إنا معشر الأنبياء" آخر الهمزة. (طب)(2) عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: رواه مرفوعاً وموقوفاً والموقوف صحيح والمرفوع في رجاله من لم أجد ترجمته.
3429 -
"ثلاث من الفواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر، وجار إن رأى خيراً دفنه وإن رأى شرا أشاعه، وامرأة إن حضرت آذتك، وإن غبت عنها خانتك". (طب) عن فضالة بن عبيد.
(ثلاث من الفواقر) تقدم: أنها الدواهي واحدها فاقرة، كأنها تحطم الفقار كما يقال: قاصمة الظهر. (إمام) أي خليفة أو أمير. (إن أحسنت لم يشكر) وتقدمت هذه الثلاث. (وإن أسأت لم يغفر) وفيه أنه يتعين على الخليفة شكر المحسن من رعيته والعفو عن زلة العاصي؛ لأنها من صفات أئمة الخير (وجار إن رأى خيراً دفنه، وإن رأى شرا أشاعه) فيه أن من صفات الجار وحق جاره عليه أن الجار ينشر محاسن جاره ويطوي مساوئه، فإنه قد جعل دفن الخير كإشاعة الشر. (وامرأة) أي زوجة (إن حضرت آذتك، وإن غبت عنها خانتك) وهذان من حق الزوج على المرأة أن المرأة تجنب أذية زوجها باللسان واليد،
(1) أخرجه عبد الرزاق (2464)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2540).
(2)
لم أقف عليه في الكبير، وانظر قول الهيثمي في المجمع (2/ 105)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3038).
وخيانته في نفسها وماله. (طب)(1) عن فضاله) بزنة سحابة تقدم بن عبيد مصغر قال الحافظ العراقي: سنده حسن، وقال تلميذه الهيثمي: فيه محمَّد بن عصام بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم (2) وغيره ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله وثقوا.
3430 -
"ثلاث أخاف على أمتي: الاستسقاء بالأنواء، وحيف السلطان، وتكذيب بالقدر". (حم طب) عن جابر بن سمرة.
(ثلاث أخاف على أمتي: الاستسقاء بالأنواء، وحيف السلطان، وتكذيب بالقدر) تقدمت هذه الثلاث مرارا أولها في: "أخاف" الهمزة مع الخاء، وتقدم عليها الكلام هنالك وفي ذكر الاستسقاء بالأنواء أبلغ زجر عن اعتبار السعادة والنحاسة بها لأنه إذا خيف عليهم هذا الأمر الذي غايته نظر إلى وقت معين جرب وقوع الإغاثة فيه فكيف يسبقه السعادة والنحاسة إليها وأحسن من قال (3):
لخالقنا سبحانه الشكر والحمد
…
فلا زحل نحس ولا المشترى سعد
وما هي يا مغرور إلا كواكب
…
يسيرهن الواحد الصمد الفرد
يصرف أحوال العباد بحكمة
…
ويعلم ما يخفى لديهم وما يبدو
ويدني الذي لا يستطاع دنوه
…
ويدفع ما لا يستطاع له رد
(حم طب)(4) عن جابر بن سمرة) فيه محمَّد بن القاسم الأزدي وثقة ابن معين وكذبه أحمد وضعفه بقية الأئمة ذكره الهيثمي.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 318) رقم (824)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 168)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2536)، والضعيفة (3087).
(2)
انظر: الجرح والتعديل (8/ 53).
(3)
الأبيات منسوبة إلى حسن بن علي الهبل (1048 - 1079).
(4)
أخرجه أحمد (5/ 89)، والطبراني في الكبير (2/ 208)(1853)، وأبو يعلى (7462)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 203)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3022).
3431 -
"ثلاث أحلف عليهن: لا يجعل الله تعالى من له سهم في الإِسلام كمن لا سهم له وأسهم الإِسلام ثلاثة: الصلاة، والصوم، والزكاة، ولا يتولى الله عبدا في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة، ولا يحب قوما إلا جعله الله معهم، والرابعة لو حلفت عليها رجوت أن لا آثم: لا يستر الله عبداً في الدنيا إلا ستره يوم القيامة". (حم ن ك هب) عن عائشة (ع) عن ابن مسعود (طب) عن أبي أمامة.
(ثلاث أحلف عليهن) ليقف المحلوف عليه لإعلام الله له به وفيه أنه لا بأس بالحلف على ما علم الحالف به وإن كان لا منكر لكلامه وإنما هو للتأكيد وإبانة شأن ما حُلف عليه وهذا إخبار بأنه يحلف عليهن لو طلب منه ذلك، واقتضاه الحال وليس في هذا الكلام خلف، إن أريد بأحلف الإخبار فيحتمل أنه للإنشاء وإنه حلف، ويحتمل أنه مقدر وإن قوله:(لا يجعل الله تعالى) جوابه أي والله لا يجعل
…
إلخ من قوله: (من له) سهم. (في الإِسلام كمن لا سهم له) أي حظ له وشيء من أفعاله المعنية بقوله: (وأسهم الإِسلام ثلاثة) وحذف الحج والشهادة، أما الشهادة فلتضمن (الصلاة) لها وأما الحج فلأنه لا يعم وجوبه أو لندرة الإتيان به فإنه مرة في العمر بخلاف هذه الثلاثة فهي أمهات سهام الإِسلام. (والصوم، والزكاة) أي أنه لا يسوي تعالى بين من أتى بالثلاث أو بأحدها وبين من لم يأت بشيء منها.
إن قلت: ما فائدة هذه الأخبار وهو معلوم من الشريعة {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35] بل ومن العقل؟
قلت: هذا الإخبار ونحوه، هو الذي صيره عندنا معلوماً وهو إخبار لمن لم يعرف الشريعة ولمن هو مدعو إليها من كفار عصره صلى الله عليه وسلم وغيرهم. (ولا يتولى الله عبدا في الدنيا) أي بتوفيقه له إلى فعل الخيرات وترك المنكرات. (فيوليه غيره يوم القيامة) أي في المكافأة بل يتولاه هو سبحانه وتعالى [2/ 345] ولا يكله إلى
شفاعة شافع ولا غيره. (ولا يحب) رجل (قوما) في الدنيا. (إلا جعله الله معهم) في الآخرة أخياراً كانوا أو أشرارا وذلك أنه لا يحب أحدٌ أحداً إلا لمحبة ما اتصف به من خير أو شر فتجلبه محبته إلى الاتصال بهم. (والرابعة لو حلفت عليها) في هذه الصيغة دلالة على تقدير القسم وأن المذكورات جواب له حيث لم يقل لو أحلف عليها. (لرجوت) أي أملت. (أن لا آثم) أي في حلفي عليها، فيه دلالة على أن الحلف على الأمر المظنون يخاف منه الإثم. (لا يستر الله عبدا في الدنيا) أي يطلع تعالى عليه بمعصية فيستره عن عباده ولم يكشفه لهم. (إلا ستره يوم القيامة) بالمغفرة له وعدم العقوبة على ذنبه، ووجه رجائه صلى الله عليه وسلم أنه تعالى ما ستر عبده في الدنيا إلا كرماً منه ورفقا به ورحمة له، وهو تعالى في الآخرة متصف بهذه الصفات على أتم وجوهها بل رحمته هنالك تسعة وتسعون رحمة وفي الدنيا رحمة واحدة. (حم ن ك هب) عن عائشة) فيه شيبة الحضرمي عن عروة ويقال الخضرمي قال الذهبي في المغني (1): لا يعرف (ع) عن ابن مسعود (طب)(2) عن أبي أمامة قال الهيثمي: رجاله ثقات.
3432 -
"ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض". (م ت) عن أبي هريوة (صح).
(ثلاث إذا خرجن) ظاهره إذاح وقع خروج الثلاث، وفي الآية {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] وتفسير البعض بالثلاث صحيح فإنها بعض
(1) انظر: المغني (1/ 301) رقم (2807).
(2)
أخرجه أحمد (6/ 145)، والنسائي (4/ 75)، والحاكم (1/ 67)، والييهقي في الشعب (9013) عن عائشة، وأبو يعلى (4566)، والطبراني في الكبير (8/ 263)(8023) عن أبي أمامة وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 294)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3021)، والصحيحة (1387).
الآيات إلا أنه قد ثبت من حديث ابن مسعود أن البعض في الآية يريد به (طلوع الشمس من مغربها) فلعل هذا الحديث وقع منه صلى الله عليه وسلم قبل إعلام الله له أن البعض طلوع الشمس، وقوله:(لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً) هذا لفظ قرآني واختلف في العطف وتقريره أي ظاهر الآية أنه لا ينفع نفساً كافرة بعد ظهور الآية، كسبت عاطف على آمنت، والإيمان فإنه لا يقبل منها ولا نفساً مؤمنة لم تكسب خيراً قبله، قال جار الله (1): فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان وبين النفس التي آمنت في وقته ولم تكسب خيراً ليعلم أن قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يلزم أن لا ينفع الكسب المتأخر عن الآية ما لم يتقدم مثله قبلها وهو جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى حتى يفوز صاحبهما ويسعد وإلا فالشقوة والهلاك، انتهى.
واعلم أنه: قد استشكل كلامه لأنه صريح في أن الإيمان المجرد عن العمل قبل ظهور الآية لا ينفع وقد دلت الآيات والأحاديث الواردة بأن مجرد الإيمان ينفع ويؤثر النجاة من العذاب ولو بعد حين كما هو مذهب أهل السنة؛ ولأن نفيه لا يصح على مذهب جار الله وهو الاعتزال لأن الإيمان المجرد قد رفع صاحبه عن حضيض الكفر في أحكام الدنيا والآخرة ألا ترى أنه لا يعامل في الدنيا معاملة الكفار ولو بعد طلوع الآية وكذلك عذابه في الآخرة دون عذاب الكفار فقال سعد الدين في حواشي الكشاف: إن الآية من باب السلف التقديري أي لا ينفع نفساً إيمانها ولا كسبها في الإيمان ما لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فيه فيوافق الآيات والأحاديث الواردة بأن الإيمان المجرد ينفع يلزم أن لا ينفع
(1) انظر: الكشاف (ص: 386).
الكسب المتأخر عن الآية ما لم يتقدم مثله قبلها وهو
…
(1) واعترض بأنه خلاف القاعدة المعلومة شرعًا السالمة عن التخصيص، والتخصيص بالمحتمل غير صحيح لأنه علم شرعًا أنه لا ينفع كسب الخير بعد طلوع الآية سواء تقدمه كسب خير أو لا والسعد بتأويله جعله نافعًا إن تقدمه كسب في الإيمان قبل ظهورها، قال المعترض وإن أردت المطابقة التامة بين الآية وبين ما علم من الأحاديث حملت الخير الذي ظاهره العموم على الخصوص أعنى التوبة عن ما عدا الكفر فيكون معنى الآية لا ينفع نفسا بعد الآية توبتها عن الكفر ما لم تكن تابت عنه قبيل ذلك ولا تنفعها توبتها عن سائر المعاصي بعد الآية ما لم تكن تابت عنها قبلها قال: وليس فيه من البعد إلا حمل العام على الخاص وأكثر الكلام كذلك كما قيل كل عموم مخصوص انتهى.
قلت: ويظهر لي أن الأقرب أنه أريد لا ينفع نفسا إيمانها لم تتصف بالإيمان المجرد عن العمل من قبل [5/ 346] إذ لم تتصف بالإيمان المصحوب بكسب الخير فإذا كانت من قبل اتصفت به مجرداً أو مصحوباً بالكسب الخير فإنه ينفعها إيمانها بعد ظهور الآية العام وهو المجرد أو الخاص وهو المصحوب بكسب الخير والآية من عطف الخاص على العام وهو كثير كتابا وسنة وله نكت في باب البلاغة فلا يقال: لو أريد لكفى قوله آمنت إذ يعلم أنها إذا آمنت وكسبت خيراً كان النفع بالأولى وقرينته تقدير الإيمان في الأخير ما علم من الشريعة أنه لا قربة لكافر، وحاصله أنه نفى عدم نفع الإيمان بعد ظهور الآية ما لم يتقدمه إيمان مجرد أو إيمان مصحوب بكسب الخير وهذا أقرب الاحتمالات إذا لم يكن متعيناً؛ لأنه إن أريد بقوله آمنت الإيمان الخاص أي المصحوب بالعمل فلا فائدة لقوله {أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام: 158] بخلاف إذا أريد به
(1) كلمة واحدة غير واضحة.
العام المجرد عن العمل كان فائدة واضحة: وأنه من عطف الخاص على العام، وأما (الدجال، ودابة الأرض) فتقدم الكلام فيهما.
واعلم أن أكثر الأحاديث ناصة على أن البعض الذي لا ينفع الإيمان بعد ظهوره هو طلوع الشمس من مغربها قيل إنه متواتر لمن بحث وورد فيها أنها طلوع الشمس أو الدابة أنهما كانت الأولى فالأخرى على أثرها وهذا الحديث ذكر الثلاث كما ترى وأقرب توفيق بين الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبر قبل إعلام الله تعالى له بها بعينها وأنه طلوع الشمس والله أعلم. (م ت)(1) عن أبي هريرة.
3433 -
"ثلاث إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية تصيب ألماً، وأنا أكره الكي ولا أحبه". (حم) عن عقبة بن عامر.
(ثلاث إن كان في شيء شفاء) قد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء جهله من جهله وعلمه من علمه، فقوله:"إن كان في شيء شفاء" ليس المراد الشك في أنه لم يجعل الشفاء في شيء مجزوم به. (فشرطة محجم) تقدم عليه الكلام. (أو شربة عسل) قيل: كل من الأدوية خاص بنوع من الآلام ولابد منه. (أو كية تصيب) أي الكية. (ألماً) أي الذي هو الداء فإن الكي إنما يكون لاستخراج داء نزل بالبدن ويحتمل أنه قيد الثلاثة بأنه لا نفع لها إلا إذا أصابت الماء ويكون إشارة إلى أن لكل نوع من الآلام نوعا من الأدوية وأن هذه أمهات الأدوية وتقدم الكلام على الثلاثة كلها في الجزء الأول. (وأنا أكره الكي ولا أحبه). (حم)(2) عن عقبة بن عامر).
3434 -
"ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال قط من صدقة فتصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة ظلمها إلا زاده الله تعالى بها عزاً فاعفوا يزدكم الله عزاً، ولا فتح
(1) أخرجه مسلم (158)، والترمذي (3072).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 146)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3026).
العام المجرد عن العمل كان فائدة واضحة: وأنه من عطف الخاص على العام، وأما (الدجال، ودابة الأرض) فتقدم الكلام فيهما.
واعلم أن أكثر الأحاديث ناصة على أن البعض الذي لا ينفع الإيمان بعد ظهوره هو طلوع الشمس من مغربها قيل إنه متواتر لمن بحث وورد فيها أنها طلوع الشمس أو الدابة أنهما كانت الأولى فالأخرى على أثرها وهذا الحديث ذكر الثلاث كما ترى وأقرب توفيق بين الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبر قبل إعلام الله تعالى له بها بعينها وأنه طلوع الشمس والله أعلم. (م ت)(1) عن أبي هريرة.
3433 -
"ثلاث إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية تصيب ألماً، وأنا أكره الكي ولا أحبه". (حم) عن عقبة بن عامر.
(ثلاث إن كان في شيء شفاء) قد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء جهله من جهله وعلمه من علمه، فقوله:"إن كان في شيء شفاء" ليس المراد الشك في أنه لم يجعل الشفاء في شيء مجزوم به. (فشرطة محجم) تقدم عليه الكلام. (أو شربة عسل) قيل: كل من الأدوية خاص بنوع من الآلام ولابد منه. (أو كية تصيب) أي الكية. (ألماً) أي الذي هو الداء فإن الكي إنما يكون لاستخراج داء نزل بالبدن ويحتمل أنه قيد الثلاثة بأنه لا نفع لها إلا إذا أصابت الماء ويكون إشارة إلى أن لكل نوع من الآلام نوعا من الأدوية وأن هذه أمهات الأدوية وتقدم الكلام على الثلاثة كلها في الجزء الأول. (وأنا أكره الكي ولا أحبه). (حم)(2) عن عقبة بن عامر).
3434 -
"ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال قط من صدقة فتصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة ظلمها إلا زاده الله تعالى بها عزاً فاعفوا يزدكم الله عزاً، ولا فتح
(1) أخرجه مسلم (158)، والترمذي (3072).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 146)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3026).
كان الفاتح هو المفتوح له بخلاف فتح الله عليه وفتح له مع الاختلاف. (إلا فتح الله عليه باب فقر) أي قيض له أسبابا تجتاح ما جمعه كانت منسده عنه جزاءا وفاقا وهذا من المشاهدات لمن اعتبر. (ابن أبي الدنيا (1) في ذم الغضب عن عبد الرحمن بن عوف).
3435 -
"ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عز وجل عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر، وأحدثكم حديثا فاحفظوا: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه ويعلم الله فيه حقاً، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزق مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء". (حم ت) عن أبي كبشة الأنماري.
(ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عز وجل عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) هن السابقات آنفاً وقوله: (وأحدثكم حديثا فاحفظوا) تقديم هذه الجملة استجلاباً لإصغائهم إليه وإقبالهم عليه وتحفظهم له وقوله: (إنما الدنيا لأربعة نفر) أي إنما الناس فيها على هذه الطبقات الأربع. (عبد رزقه الله مالاً وعلما، فهو يتقي فيه) أي فيما رزقه الله من الأمرين، والضمير للمال لأن التقوى فيه
(1) أخرجه البزار (1032)، وابن عدي في الكامل (5/ 131)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3025).
أصعب فإنه لا يتقي فيه إلا من عمل بعلمه أوله وللعلم بتأويل المرزوق الدال عليه رزقه، ويؤيده أن العناية وقعت في نفيه الثلاث الآخر والضمائر فيه (مخافة ربه) أي مخافة عقابه بسبب ما أعطاه إذا لم يشكر نعمته بأن ينفق من المال في وجوه الخير ويعمل بما علمه الله. (ويصل فيه رحمه) أي بسبب ما أعطاه من المال الذي به تبل الرحم ومن العلم الذي به يعرف حقها ففاء للسببية. (ويعلم لله فيه حقاً) أي يعلم أنه من فضله وأنه يجب شكر نعمته فيتصدق من ماله ويقرض منه ويعين في وجوه البر فالمراد يعلم ويعمل وإنما حذفه للعلم بأنه لا يعد عالماً من لم يعمل، واعلم أنه عم أولاً بقوله:"يتقي فيه ربه" ثم خص من أفراد التقوى صلة الرحم ثم عم ثانياً بقوله: "ويعلم لله فيه حقاً". (فهذا) المتصف بما ذكرناه. (بأفضل المنازل) أي نازل أو كامل عند الله. (وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان) هذا الثاني وقد رزقه أحد الخيرين وهو عامل بعلمه لما تقدم ولأن هذه النية الصادقة دليل عمله الصالح. (فهو بنيته) أي معروف بها معامل على قدرها. (فأجرهما سواء) أي أجر العالم العامل المنفق وأجر العالم الذي لا مال له ينفقه لكنه عازم بأنه لو كان لأنفقه مستويان لأنهما قد استويا في العلم واستويا في الإنفاق، الأول بالإخراج حقيقة والثاني بالنية الصادقة فقد جعل أجر النية الصادقة كأجر العامل الجامع بين النية والإخراج.
إن قلت: قد ثبت أن من همّ بالحسنة والمراد نوى إخراجها كانت له حسنة فإن أخرج ما همّ به كانت عشراً فكيف سوى هنا بين من نوى الإخراج وبين من تحقق منه.
قلت: هذا يدل على أن من كان صادق النية في فعل أي خير ومنعه عنه مانع عدم الاستطاعة أنه مثل من استطاع في الأجر وهذا مقتضى فضل الله وعدله؛
لأنه ما عاق صادق النية إلا أنه تعالى ما أوسع عليه في العطاء فما امتنع عنه إلا لعائق القدر ويدل له حديث: "إن في المدينة أقواماً ما نزلنا منزلاً ولا هبطنًا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر"(1) قاله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فقد جعل المعذورين مع المستطيعين وعليه قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمجَاهِدُونَ
…
} الآية. [النساء: 95] فإنه استثنى أولى الضر وجعلهم كالمجاهدين. وبعد هذا يعلم أن حديث الهم بالحسنة لمن يستطيع فعلها.
إن قلت: يشكل عليه حديث: "ذهب أهل الدثور بالأجور
…
" (2) وقوله صلى الله عليه وسلم للفقراء: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
…
" (3) الحديث في فضل الذكر عقيب الصلوات فإنه دل على تقرير ذهاب ذو اللسان المنفقين [2/ 348] بالأجر وزيادة أجورهم لاتفاقهم.
قلت: يحتمل أنه وقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم قبل إعلام الله له بأن أجر ذي النية الصادقة والمنفق سواء، ويحتمل أن المراد هنا أنهما سواء في أجر نفس النية والمنفق أكثر أجراً بزيادة النفقة على النية وأنه يلاقي حديث:"من همَّ بحسنة كتبت له حسنة، فإن فعلها كتبت عشرة"(4) فكل هنا من الغني والفقير قد استويا في النية وافترقا في الإخراج إلا أن هذا خلاف ما سيق له الحديث هنا فإنه ظاهر في المساواة من كل وجه وقوله: (وعبد) هذا هو الثالث. (رزقه الله مالا ولم يرزقه علمًا) فهو. (يخبط في ماله) أي يتصرف فيه تصرفًا بغير علم. (لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقاً) بيان تخبطه في ماله. (فهذا) الخابط في ماله. (بأخبث المنازل) أي عند الله تعالى؛ لأنه أعطي نعم ما قام بحقها وفيه أن المال
(1) أخرجه البخاري (2839، 4423)، ومسلم (1191).
(2)
أخرجه البخاري (807)، ومسلم (595).
(3)
أخرجه مسلم (595).
(4)
أخرجه مسلم (128).
بلا علم وبال على صاحبه والرابع قوله: (وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علماً) فيه أنهما من فضل الله سبحانه وهبته وأنه لا ينفع الاجتهاد في حصولهما. (فهو يقول) عن نية صادقة وعزيمة أكيدة. (لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان) أي الذي أوتي مالاً فعمل فيه صالحا. (فهو بنيته) في الأجر أي معروف بها. (فوزرهما سواء) أي في الأجر أي وزن من رزق علمًا ومالاً فعمل فيه صالحاً ومن لم يرزقهما ينوي لو أعطي لعمل صالحاً هكذا قرَّره الشارح، ويحتمل أنه أريد بفلان في قوله: لعملت فيه بعمل فلان من أوتي مالاً بغير عمل فخبط فيه فإنه الأقرب ذكراً والأحوج إلى بيان حاله لأنه قد بين في صدر الحديث أجر من عمل صالحاً ومن نوى صالحا فهو محتاج إلى بيان حال من يقابله وهو من عمل غير صالح ونوى غير صالح ويدل له أيضاً قوله: لو أن لي مالا ولم يذكر العلم فما أراد إلا تمني حال من أوتي مالاً بغير علم وهذا الذي يظهر لي وقوله: فأنهما أي في الذنب والوزر وفي نسخة "وزرهما" ولا أدري ما صحتها فإن صحت أيدت التأويل الأول. (حم ت)(1) عن أبي كبشة) بموحدة ثم معجمة اسمه سعيد بن عمرو بن سعيد، وقيل: عمرو أو عامر ابن سعيد صحابي نزل الشام، (الأنماري) بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الميم آخره راء نسبة إلى أنمار (2)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
3436 -
"ثلاث جدهن جد وهزلهن جد. النكاح والطلاق، والرجعة". (د ت هـ) عن أبي هريرة.
(ثلاث جدهن جد) الجد خلاف الهزل والإخبار بأن جدهن جد مع أنه معلوم من سياق المعلوم مساق المجهول لإفادة حكم المجهول ومساق أنه
(1) أخرجه أحمد (4/ 231)، والترمذي (2325)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3024).
(2)
انظر: الإصابة (7/ 341).
كالمعلوم وهو كثير في كلامه صلى الله عليه وسلم وفي القرآن {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس: 49} مع أنه معلوم إحالة الاستقدام لا بأنه إن حكم الاستئخار مثله والمراد بالجدية وقوع مضمونها وصحة ما يترتب عليها. (وهزلهن جد) هذا هو المقصود بالإخبار، قال الزمخشري (1): الهزل واللعب من وادي الاضطراب والخفة كما أن الجد من وادي التماسك. (النكاح) أي عقده إذا وقع الهزل به من العاقد أو المعقود له فإنه ينعقد. (والطلاق) على الزوجة بأي عبارة، وظاهره ولو كناية مع أنها لا يقع إلا بنية الهازل وقرينته. (والرجعة) قال ابن العربي: وروي بدل الرجعة: "العتق" ولم يصح، وقال الحافظ ابن حجر (2): وقع عند الغزالي العتاق بدل الرجعة ولم أجده قال الشارح: خص الثلاثة بالذكر لتأكد أمر الفرج وإلا فكل تصرف ينعقد بالهزل على الأصح عند أصحابنا والشافعية إذ الهازل بالقول وإن كان غير مستلزم لحكمة فترتب الأحكام على الأسباب للشارع لا للعاقد فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أو أبى ولا يقف على اختياره وذلك لأن الهازل قاصد للقول مريد له مع علمه بمعناه وموجبه وقصدا للفظ المتضمن للمعنى قصد لذلك المعنى لتلازمهما إلا أن يعارضه قصد آخر كالمكره فإنه قصد غير المعنى المعول بموجبه فلذلك أبطله الشارع انتهى.
قلت: وفي كون المكره قصد غير المعنى تأمل. (د ت هـ)(3) عن أبي هريرة)، قال الترمذي: حسن غريب، وتعقبه الذهبي أخذا من ابن القطان (4) بأن فيه عبد
(1) الفائق (4/ 104).
(2)
انظر التلخيص الحبير (3/ 209)، وزاد المعاد (5/ 204)، والزرقاني 3/ 214).
(3)
أخرجه أبو داود (2194)، والترمذي (1184)، وابن ماجه (2039)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3027).
(4)
انظر: بيان الوهم والإيهام (3/ رقم 1283)، وقول الذهبي في التلخيص لمستدرك الحاكم.
الرحمن [2/ 349] ابن حبيب المخزومي قال النسائي: منكر الحديث ثم أورد له مما أنكر هذا الخبر.
3437 -
"ثلاث حق على الله ألا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع". البزار عن أبي هريرة.
(ثلاث) أي أنفس أو أشخاص. (حق على الله ألا يرد لهم دعوة) نكرة في سياق النفي يقتضي أن لا ترد لهم أي دعوة يدعون بها إلا ما نهى عنه الشارع. (الصائم حتى يفطر) قال النووي (1) في الأذكار: هكذا الرواية بالياء يريد بها أنها حين بالمثناة التحتية والنون فدل على أنه عند زمان إجابة دعوته من حين تلبسه بالصوم إلى أن يفطر أي بالفعل أو بدخوله في زمان الإفطار كما قيل. (والمظلوم) ويحتمل أن دعوته مقبولة مطلقًا أو على من ظلمه فقط وهو الأظهر من قوله: (حتى ينتصر) واعلم أن الحكمة ظاهرة في إجابة الصائم لأنه في عبادة وإجابة المظلوم لأنه هضم جانبه وكسر قلبه. (والمسافر) فإنه مجاب الدعوة إلا أن في حكمة ذلك خفاء وكأنه بفراق أهله ووطئه صار منفردا عن مألفه مكروباً بالفراق دياره منكسر النفس متعرض للأخطار فكانت رحمة الله إليه قربته وإجابته لدعوته سريعة. (حتى يرجع). (البزار (2) عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه إسحاق بن زكريا الأيلي شيخ البزار ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح.
3438 -
"ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر". (عق هب) عن أبي هريرة.
(1) الأذكار (ص 420).
(2)
أخرجه البزار (2653) كما في كشف الأستار، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 151)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2522).
(ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر) هن الثلاث الأول الراوي أبو هريرة وكأنه اختلف اللفظ عنه فخرج كلما بلغه. (عق هب)(1) عن أبي هريرة) فيه محمَّد بن سليمان الباغندي أورده الذهبي في الضعفاء (2) وقال: صدوق فيه لين.
3439 -
"ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده". (هـ) عن أبي هريرة.
(ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن) أي في إجابتهن هو كما سلف من نظائره. (دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده). (هـ)(3) عن أبي هريرة) ورواه الترمذي من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر وأبو جعفر لا يعرف حاله ولم يروه عنه غير يحيى ذكره ابن القطان (4).
3440 -
"ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر ". (حم خد د) عن أبي هريرة.
(ثلاث دعوات مستجابات) لا شك فيهن. (دعوة الوالد على ولده) مثل دعوته له. (ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر) والكل مقيد بما سلف في أنه حتى يرجع والآخر حتى ينتصر. (حم خد د)(5) عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن انتهى قال الشارح: والحديث رووه كلهم من رواية أبي جعفر المدني ويقال له
(1) أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 72)، والبيهقي في الشعب (7462)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3030)، وحسنه في الصحيحة (596).
(2)
انظر المغني (2/ 629).
(3)
أخرجه ابن ماجه (3862)، والترمذي (1905)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3033).
(4)
انظر: بيان الوهم والإيهام (4/ رقم 2077 و5/ 236).
(5)
أخرجه أحمد (2/ 258)، والبخاري في الأدب المفرد (481)، وأبو داود (1536)، والترمذي (3448)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3031).
المؤذن قال المناوي وغيره: لا يعرف قال ابن العربي في العارضة الحديث مجهول وربما شهدت له أصول.
3441 -
"ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر". أبو الحسن بن مهرويه في الثلاثيات، والضياء عن أنس.
(ثلاث دعوات لا ترد) كناية عن الإجابة. (دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر) وهي مقيدة أيضاً بحتى يفطر وحتى يرجع. (أبو الحسن بن مهرويه في الثلاثيات) أي الأحاديث المبدوءة بثلاث أو التي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين راويها ثلاثة كما هو المراد في ثلاثيات البخاري (والضياء (1) عن أنس) ورواه البيهقي في السنن وفيه إبراهيم بن بكر المروزي قال الذهبي: لا أعرفه.
3442 -
"ثلاث أعلم أنهن حق: ما عفا امرؤ عن مظلمة إلا زاده الله تعالى بها عزاً، وما فتح رجل على نفسه باب مسألة يبتغي بها كثرة إلا زاده الله تعالى بها فقراً، وما فتح رجل عن نفسه باب الصدقة يبتغي بها وجه الله تعالى إلا زاده الله كثرة". (هب) عن أبي هريرة.
(ثلاث أعلم أنهن حق: ما عفا امرؤ عن مظلمة إلا زاده الله تعالى بها عزاً، وما فتح رجل على نفسه باب مسألة يبتغي بها كثرة إلا زاده الله بها فقراً، وما فتح رجل عن نفسه باب الصدقة) عداه بعلى لمزاوجة الأول وإلا فالمحل محل اللام كما سلف. (يبتغي بها وجه الله تعالى إلا زاده الله تعالى بها كثرة). (هب)(2) عن أبي هريرة) وتقدمت فصوله قريباً (3).
(1) أخرجه الضياء في المختارة (2057)، والبيهقي في السنن (3/ 345)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3032).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (3413)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2520).
(3)
هذا غير موجود في الأصل إنما ذكرنا من المطبوع
"ثلاث حق على كل مسلم: الغسل يوم الجمعة، والسواك، والطيب". (ش) عن رجل (ض). =
3443 -
"ثلاث كلهن حق على كل مسلم: عيادة المريض، وشهود الجنازة، وتشميت العاطس إذا حمد الله". (خد) عن أبي هريرة.
(ثلاث حق على كل مسلم) ظاهره الإيجاب وتقدم ما يدل عليه مراراً وقيل إنه سنة مؤكدة وظاهر (عيادة المريض) أي مريض كان صديقاً أو عدواً قريباً أو بعيداً بأي نوع كان مرضه. (وشهود الجنازة) تقدم أنه حضورها والمراد جنازة مسلم، وتقدم الكلام في. (وتشميت العاطس إذا حمد الله) تعالى. (خد)(1) عن أبي هريرة).
3444 -
"ثلاث خصال من سعادة المرء المسلم في الدنيا: الجار الصالح، والمسكن الواسع، والمركب الهنيء". (حم طب ك) عن نافع بن عبد الحارث.
(ثلاث خصال من سعادة المرء المسلم في الدنيا) أي مما يدل على أنه تعالى قد أسعده فيها فيتعين عليه مزيد الشكر والاعتراف بالنعمة. (الجار الصالح) قد فسره حديث أنه الذي "إذا رأي خيرا أشاعه وإذا رأى سوءاً دفنه" فإنه ضد جار السوء. (والدار الواسع، والمركب الهنيء) وتقدَّم الكلام على الأخيرين في الحديث. (حم طب ك)(2) عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي) صحابي استعمله عمر [2/ 350] على مكة والطائف وكان فاضلاً (3). قال الحاكم: صحيح، وأقرَّه الحافظ الذهبي ورواه البيهقي في السنن وفيه إبراهيم بن بكر
= (ثلاث حق على كل مسلم الغسل يوم الجمعة، والسواك، والطيب". (ش) عن رجل).
أخرجه ابن أبي شيبة (4997)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3028)، والصحيحة (1796).
(1)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (519)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3035)، وصححه في الصحيحة (1800).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 407)، والبخاري في الأدب المفرد (116)، والحاكم (4/ 184)، والبيهقي في الشعب (9558)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3029).
(3)
انظر: الإصابة (6/ 408).
المروزي، قال الذهبي: لا أعرفه.
3445 -
"ثلاث خلال من لم تكن فيه واحدة منهن كان الكلب خير منه: ورع يحجزه عن محارم الله عز وجل، أو حلم يرد به جهل جاهل، أو حسن خلق يعيش به في الناس"(هب) عن الحسن مرسلاً.
(ثلاث خلال) بالخاء المعجمة بزنة خصال ومعناها جمع خلة. (من لم تكن فيه واحدة منهن كان الكلب خير منه) أي في صفاته أو عند الله أو في راحته في نفسه. (ورع يحجزه عن محارم الله عز وجل، أو حلم يرد به جهل جاهل، أو حسن خلق يعيش به في الناس) تقدم الكلام في الثلاث والمراد من خلا عن الاتصاف بها كلها لا من اتصف بواحدة فقط فإنه يخرج عن خيرية الكلب منه. (هب)(1) عن الحسن مرسلاً) قال الشارح: قد رواه الطبراني من حديث أم سلمة رواه عن شيخه إبراهيم بن محمَّد وضعفه الذهبي.
3446 -
"ثلاث ساعات للمرء المسلم ما دعا فيهن إلا استجيب له ما لم يسأل قطيعة رحم أو مأثماً: حين يؤذن المؤذن للصلاة حتى يسكت، وحين يلتقي الصفان حتى يحكم الله تعالى بينهما، وحين ينزل المطر حتى يسكن". (حل) عن عائشة.
(ثلاث ساعات للمرء المسلم) ليس مفهوم العدد مراداً فإن ثمة ساعات أخر لاستجابة الدعاء. (ما دعا فيهن إلا استجيب له ما لم يسأل قطيعة رحم أو مأثماً)، من عطف العام على الخاص تعظيما لشأن قطيعة الرحم وفيه أنه يجيء بأو كما يجيء بالواو. (حين يؤذن المؤذن للصلاة) أي صلاة كانت حضرها أو لم
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (8423) عن الحسن مرسلاً، والطبراني في الكبير (23/ 395)(944)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2523).
يحضرها لأنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء. (حتى يسكت) وقال الشارح: فمن عزم على حضور تلك الصلاة استجيب له دعاؤه لاهتمامه بالمسارعة إلى ما أمر به انتهى، قلت: وهو تقييد بلا دليل. (وحين يلتقي الصفان) أي للجهاد وذلك لأنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء لنزول النصر على المؤمنين كذلك: (حين ينزل المطر حتى يسكن). (حل)(1) عن عائشة).
3447 -
"ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وإخلاط البرُّ بالشعير للبيت لا للبيع". (هـ) وابن عساكر عن صهيب.
(ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل) ظاهره بالبركة للبائع والمشتري وقوله: (والمعارضة) بالعين المهملة والراء بخط المصنف وقال: على الحاشية بيع العرض بالعرض وقال ابن حجر (2): النسخ مختلفة، المفاوضة بالفاء وواو أو بقاف وراء وقد أخرجه الحربي في غرائبه بعين وراء وفسره بيع عرض بعرض ونقله الديلمي بقاف وراء وهي في عرف أهل الحجاز المضاربة. (وإخلاط البرُّ بالشعير للبيت) أي للأكل. (لا للبيع) فإنه لا بركة وإن كان بيعه بلا تدليس جائزاً قال الطيبي: في الخلال الثلاث هضم من حقه والأولان منها شرى سلعة للغير والثالث إلى نفسه قمعا لشهوته. (هـ) وابن عساكر (3) عن صهيب) قال المؤلف: قال الذهبي حديث واهٍ جداً، وقال ابن الجوزي: موضوع وهو من رواية عمرو بن بسطام مجهول.
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 320)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2524): ضعيف جداً، والضعيفة (3428): موضوع.
(2)
انظر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (2/ 144).
(3)
أخرجه ابن ماجه (2289)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 80)، وانظر الموضوعات (2/ 249)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2525): ضعيف جداً، وفي الضعيفة (2100): منكر.
3448 -
"ثلاث فيهن شفاء من كل داء إلا السام، السّنا، والسنوت". (ن) عن أنس.
(ثلاث فيهن شفاء من كل داء إلا السام) أي الموت. (السّنا) بالقصر نبت معروف قريب الاعتدال يسهل الصفراء والسوداء ويقوي القلب. (والسنوت) بفتح السين آخره مثناة فوقية العسل أو الرّب أو الكمون أو التمر أو الرازيانج أو الشبت مما يوجد في بعض النسخ "والحبة السوداء" وفي بعض الشونيز لا أصل لها وكل منها نفعه عظيم واعلم أنه لم يذكر في الحديث إلا اثنان (1) قال الشارح: وقد كنت توهمت أن فيه خللاً من النساخ حتى وقفت على نسخة المصنف التي بخطه فوجدتها بهذا اللفظ لا زيادة ولا نقص. (ن)(2) عن أنس بن مالك).
3449 -
"ثلاث لازمات لأمتي: سوء الظن، والحسد، والطيرة، فإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فاستغفر الله، وإذا تطيرت فامض". أبو الشيخ في التوبيخ (طب) عن حارثة بن النعمان.
(ثلاث لازمات) أي ثابت في طباع الأمة من حيث هي وإن خلا عنها بعض الأفراد. (لأمتي: سوء الظن، والحسد، والطيرة) بكسر الطاء وفتح المثناة التحتية وقد تسكن. (فإذا ظننت فلا تحقق) أي لا ترتب على المظنون ما ترتب على المحقق. (وإذا حسدت) أي وقع في القلب الحسد. (فاستغفر الله) ليدفع ما يترتب عليه من البغي، وقد تقدم:"وإذا حسدت فلا تبغ". (وإذا تطيرت فامض) أي للحاجة التي تريد، وتقدم هذا في بحث إذا وغيرها وفيه أنها أمور ترد على القلب لا يمكن دفعها لكن يجب مدافعة ما يتأثر عنها. (أبو الشيخ في التوبيخ
(1) انظر: زاد المعاد (4/ 67، 93).
(2)
أخرجه النسائي (4/ 373)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3034).
(طب)(1) عن حارثة بن النعمان، قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن قيس الأنصاري ضعيف.
3450 -
"ثلاث لم تسلم منها هذه الأمة: الحسد، والظن، والطيرة، ألا أنبئكم بالمخرج منها؟ إذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا تطيرت فامض". رسته في الإيمان عن الحسن مرسلاً.
(ثلاث لم تسلم [2/ 351] منها هذه الأمة: الحسد، والظن، والطيرة، ألا أنبئكم بالمخرج منها؟ إذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ) يؤخذ منه ومن الذي قبله أن على من وقع الحسد في قلبه أمران: الاستغفار؛ لأنه يحسده كالمعترض على ربه بتفضل بعض عباده عليه. والثاني: أن لا ينبغي على المحسود بفعل ولا قول: (وإذا تطيرت فامض). (رسته)(2) تقدم مرارا وهو بضم الراء بسكون السين المهملة وفتح المثناة لقب الحافظ عبد الرحمن بن عمرو الأصبهاني (في الإيمان عن الحسن مرسلاً).
3451 -
"ثلاث لن تزلن في أمتي: التفاخر بالأحساب، والنياحة والأنواء". (ع) عن أنس.
(ثلاث لن تزلن في أمتي: التفاخر بالأحساب، والنياحة، والأنواء) في القاموس (3): النوء النجم، يقال للغروب، جمعه: أنواء، ونواء، أو سقوط النجم في الغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته انتهى.
(1) أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه برقم (145و 227)، والطبراني في الكبير (3/ 228)(3227)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1962)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 78)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2526).
(2)
أخرجه رسته كما في الكنز (6/ 42) وانظر فيض القدير (3/ 304)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع:(2527).
(3)
انظر القاموس (1/ 1/ 31).
قال الزمخشري (1): هي ثمانية وعشرون نجماً معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها يسقط منها في كل ثلاثة عشر ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته وانقضاء هذه النجوم مع انقضاء السنة فكانوا إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من رياح ومطر فينسبون كل غير يكون عند ذلك إلى النجم الساقط، فيقولون: مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك.
(ع)(2) عن أنس) قال الهيثمي: رجاله ثقات.
3452 -
"ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذن إلا بسهمة حرصا على ما فيهن من الخير والبركة: التأذين بالصلاة، والتهجير بالجماعات، والصلاة في أول الصفوف". ابن النجار عن أبي هريرة.
(ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذن إلا بسهمة) أي ما اتصل أحد بواحدة منها إلا إذا خرجت له بعد الاستهام وفيه العمل بالقرعة. (حرصاً على ما فيهن من الخير) أي الأخروي. (والبركة) أي: زيادة الخير في سائر الأعمال، وقوله (حرصًا) علة لقوله:"ما أخذن". تقدم الكلام على التأذين وما فيه من الأجر (التأذين بالصلوات، والتهجير) بالجيم أي التبكير. (بالجماعات) الإتيان بها أول وقتها، وأطلق التهجير على التبكير مع أنه خاص بالمهاجرة من إطلاق المقيد وإرادة المطلق وتقدم الكلام في:(الصلاة في أول الصفوف). (ابن النجار (3) عن أبي هريرة) ورواه أبو الشيخ والديلمي.
(1) الفائق في غريب الحديث (4/ 29).
(2)
أخرجه أبو يعلى (1577)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3037).
(3)
أخرجه ابن النجار كما في الكنز (43235) وانظر فيض القدير (3/ 305)، وقال في الألباني في ضعيف الجامع (2528): ضعيف جداً.
3553 -
"ثلاث ليس لأحد من الناس فيهن رخصة: بر الوالدين مسلما كان أو كافراً، والوفاء بالعهد لمسلم كان أو كافراً، وأداء الأمانة لمسلم كان أو كافراً". (هب) عن علي.
(ثلاث ليس لأحد من الناس فيهن رخصة) أي في تركهن أي أنه يجب الوفاء بهن لكل أحد مسلم وكافر من كل أحد من مسلم وكافر على خطاب الكفار بالشرعيات. (بر الوالدين مسلما كان أو كافراً) أو كان الظاهر التثنية إلا أنه أفرده إعلامًا بأن حق كل واحد على انفراده في مراعاته والكفار عام يحتمل سواء كان معصوم الدم أم لا في الصور كلها، وبر الأب الكافر والأم مقيد بطاعتهما في غير معصية الله لقوله تعالى:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} الآية. [لقمان: 15]. (والوفاء بالعهد لمسلم كان أو كافراً، وأداء الأمانة لمسلم كان أو كافراً). (هب)(1) عن علي عليه السلام) فيه إسماعيل بن أبان فإن كان الغنوي الكوفي فهو كما قال الذهبي (2): كذاب وإن كان الوراق فثقة.
3454 -
"ثلاث معلقات بالعرش: الرحم تقول: "اللهم إني بك فلا أقطع"، والأمانة تقول: "اللهم إني بك فلا أختان"، والنعمة تقول: "اللهم إني بك فلا أكفر". (هب) عن ثوبان.
(ثلاث معلقات بالعرش: الرحم تقول: اللهم إني بك) أي متصل وملتصق حقي بحقك فلا يتم طاعتك إلا بالإحسان إليَّ وإني عائذة لك. (فلا أقطع) عما أوجبته من الصلة والبر والتعلق بالعرش كناية عن القرب من الله تعالى تعظيماً لحقها وإيجابا لصلتها وكذا النعمة. (والأمانة تقول: "اللهم إني بك فلا أختان"، والنعمة تقول: "اللهم إني بك فلا أكفر") وعياذ هذه الثلاث الخلال من أن يقع
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (4363)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2529).
(2)
انظر الميزان (1/ 368، 369)، والمغني (1/ 77).
فيها خلاف ما أمر الله من صلة الرحم وشكر النعمة وأداء الأمانة ردعاً للعباد عن الوقوع في ذلك لأنهم إذا فعلوا ذلك نشأ من عقوبة الله لهم شراً عظيماً وإعلام بأن من قابلها بخلاف ما أمر به قد خذله الله ولم يعذه من المكروه. (هب)(1) عن ثوبان) قال الشارح: بضم المثلثة بضبط المصنف، قلت: لا نعرفه إلا مفتوحاً وكأنه سبق وكتب، قال العلائي: حديث غريب فيه يزيد بن ربيعة الرحبي ضعيف متكلم فيه انتهى، وقال الهيثمي: فيه يزيد بن ربيعة متروك.
3455 -
"ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه". أبو الشيخ في التوبيخ (طس) عن أنس.
(ثلاث منجيات)[2/ 352] أي لفاعلهن من عذاب الله. (خشية الله تعالى في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر) تقدمت الثلاث مرتبا. (وثلاث مهلكات) أي تهلك صاحبها في الدنيا والآخرة. (هوى متبع) اسم مفعول، أي: يتبعه صاحبه ويجعله كالزمام يقوده إلى كل مهلكة، قال العراقي: الهوى المتبع طلبك المنزلة في قلوب الخلق لتنال الجاه والحكمة فهذا فيه هلك أكثر الناس. (وشح مطاع) قال ابن الأثير (2): هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله تعالى عليه في ماله، أي شح يطيعه صاحبه، ويصير كالأمير عليه وهو المأمور الذي لا يخالفه، قال الراغب: خص المطاع لينبه على أن الشح في النفس ليس مما يستحق الذم إذ هو ليس من فعله وإنما يذم بالانقياد له، قلت: ومثله قوله: "هوى متبع". (وإعجاب المرء بنفسه)
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (7939)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 149)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2530).
(2)
فتح الباري (10/ 261).
الإعجاب وجدان الشيء حسناً، قال القرطبي (1): هو ملاحظته لها بعين الكمال والاستحسان، مع نسيان منه لله تعالى، فإن ترفع على الغير واحتقره كان هو الكبر، قال الغزالي (2): أما العجب فهو الداء العضال، وهو نظر العبد إلى نفسه بعين العز والاستعظام، ونظره لغيره بعين الاحتقار ونتيجته في المجالس المتقدم والترفع وطلب التصدر وفي المحاورة الاستنكاف من أن يرد عليه كلامه، وقال الزمخشري (3): الإعجاب فتنة العلماء وأعظم بها فتنة. (طس)(4) عن أنس)، قال العراقي: إسناده ضعيف.
3456 -
"ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات: فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات: فالعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وخشية الله تعالى في السر والعلانية، وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السبرات؛ ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام". (طس) عن ابن عمر.
(ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات) أي كل من الثلاث سبب لكل من الهلاك والنجاة والتكفير ورفعة الدرجات. (فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله تعالى في السر والعلانية، وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة وإسباغ الوضوء في
(1) النهاية في غريب الحديث (2/ 488).
(2)
إحياء علوم الدين (3/ 354).
(3)
الفائق (2/ 436).
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (5452)، والقضاعي في الشهاب (325)، وانظر المجمع (1/ 91)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3039).
السبرات) جمع سبرة وهي شدة البرد. (ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام) هذه الاثنتى عشرة خصلة قد تقدمت بألفاظها ومعنى الكلام عليها فلا نعيده. (طس)(1) عن ابن عمر)، قال العلائي: سنده ضعيف وعده في الميزان من المناكير، وقال الهيثمي: فيه ابن لهيعة ومن لا يعرف.
3457 -
"ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام، وصلى، وحج، واعتمر، وقال: "إني مسلم"، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان". رسته في الإيمان وأبو الشيخ في التوبيخ عن أنس.
(ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام، وصلى، وحج، واعتمر، وقال: "إني مسلم") هذه جملة شرطية اعتراضية غنية عن الجواب وقال: إني مسلم أي فعل أفعال المسلمين وأخبر عن نفسه بالإِسلام. (من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان). رسته (2) في الإيمان وأبو الشيخ في التوبيخ عن أنس).
3458 -
"ثلاث من الإيمان: الحياء، والعفاف، والعي عي اللسان غير عي الفقه والعلم، وهن مما ينقضن من الدنيا ويزدن في الآخرة، وما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقصن من الدنيا، وثلاث من النفاق: البذاء والفحش، والشح، وهن مما يزدن في الدنيا". رسته عن عون بن عبد الله بن عتبة بلاغا.
(ثلاث من الإيمان) أي من صفاته وقواعده (الحياء) بالمد وتقدم غير مرة. (والعفاف) بفتح المهملة التعفف عن ما في أيدي الناس (والعي) بكسر المهملة
(1) خرجه الطبراني في الأوسط (5754)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 90)، وانظر الميزان (5/ 424)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3045).
(2)
أخرجه رسته وأبو الشيخ في التوبيخ كما في الكنز العمال (855)، وأخرجه أبو يعلى (4098)، وانظر المجمع (1/ 107)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3043) دون قوله: حج أو اعتمر فضعيف.
هو عدم طلاقة اللسان عند الكلام وتعسره عند الخصام ولذا فسره بقوله: (عي اللسان غير عي الفقه والعلم) أي الفهم، وسماه عيا مشاكلة، والمراد أي فهمه عن الله ورسوله وما كلف به صحيح لا خلل فيه ولسانه لا تكمل به العبارة عن جنانه وقوله:(وهن) الثلاث أي كل واحدة. (مما ينقضن من الدنيا) لأن من عف عنها إن كان لابسا لجلباب الحياء أو عي اللسان عن الطلب فاته من الدنيا ما يناله غيره ولذا قيل (1):
ليس للحاجات إلا
…
من له وجه وقاح
ولسان وبيان
…
وغدو وروح
(وهن يزدن في الآخرة) أي في الأجر منها والحظ منها وإن هذه صفات الإيمان ليكمل إيمانه فيثاب ولأنها تقل الدنيا عنده فيقل حسابه ويعظم بصبر ثوابه وخير الآخرة بالنسبة إلى الدنيا للدنيا خير لا يعد معه خير الدنيا ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (وما [2/ 353] يزدن في الآخرة أكثر مما ينقضن من الدنيا، وثلاث من النفاق) أي من صفات أهله وقواعده. (البذاء) وهو خلاف الحياء. (والفحش، والشح) وتقدما. (وهن مما يزدن في الدنيا) أي في حصول متاعها؛ لأنه يبقى الناس بذاء الرجل وفحشه فيعطونه، ولأنه لا يخرج ما دخل إليه لشحه وينقص من الأجرة لأن ما زاد في الدنيا نقص في الآخرة إذ هما ضرتان إذا رضيت إحداهما أغضبت الأخرى وما ينقص في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا. (رسته (2) عن عون) بفتح المهملة ونون آخره ابن عبد الله بن عتبة بلاغا وهو
(1) الأبيات منسوبة لأشجع السلمي.
(2)
أخرجه رسته كما في الكنز (43236)، والبخاري في التاريخ الكبير (809)، والدارمي (509)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2534).
هذلي كوفي فقيه تابعي جليل قال الذهبي: وثقوه (1).
3459 -
"ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله". (م د ن) عن أبي قتادة (صح).
(ثلاث من كل شهر) أي صوم ثلاثة أيام، وأنث بإرادة الليالي زاد النسائي: أيام البيض. (ورمضان إلى رمضان) أي صوم رمضان منتهيا ما ذكر من الثلاثة الأيام ورمضان إلى رمضان الآخر (فهذا) أي ما ذكر من صوم الثلاث ورمضان. (صيام الدهر كله) أي أنه في حكم الشارع في الأجر أجر صيام الدهر ليس صيام الدهر في لسان الشارع إلا هذا، ويحتمل أن المراد صيام الدهر أي أن صيام ما ذكر كصيام الدهر حقيقة إلا أنه قد أبطل هذا الاحتمال أحاديث النهي عن صيام الدهر والإخبار بأن من صام الدهر لا صام ولا أفطر والفاء في:"فهذا" أدخلت لأنه خبر عن مبتدأ نكرة موصوف بظرف قال الشارح: قد صح خبر صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر فما فائدة إضافة رمضان إليه مع أن قوله إلى رمضان يكون مستدركاً على توجيهه؟ والأقرب تعلق قوله: "إلى رمضان" بمحذوف خبر رمضان أي صوم رمضان إلى رمضان ولا يبعد أن يعطي الله بمجرد صوم رمضان ثواب سنة متصلاً انتهى. أراد أن اسم الإشارة إلى صوم ثلاثة أيام فقط وخبر عنه قوله: "إلى رمضان" اعتراض بين المبتدأ وخبره كأنه قيل: صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر وبه توافق الخبر الذي ذكره، وقوله:"وصوم رمضان إلى رمضان" تقدير خبره صوم الدهر كله حذف لأنه دل عليه الأول وعبارته قاصرة عن أداء مراده ولك أن تقول: إن المراد صوم الثلاث من كل شهر ورمضان بالدهر، وقوله:"إلى رمضان" ذكر لبيان ألقابه
(1) وقال الحافظ: ثقة عابد، انظر: الكاشف (4317)، والتقريب (5223).
وهو غير داخل في المعنى.
(م د ن)(1) عن أبي قتادة لم يخرج البخاري عن أبي قتادة شيئاً.
3460 -
"ثلاث هن علي فريضة وهن لكم تطوع: الوتر، وركعتا الضحى، والفجر". (حم ك) عن ابن عباس.
(ثلاث هن علي فريضة) أي كل واحدة، ولفظ رواية الحاكم:"فرائض" بقوله: (الوتر، وركعتا الضحى، والفجر) أي ركعتا الفجر، قال ابن حجر (2): يلزم من قال به وجوب ركعتي الفجر عليه ولم يقولوا به وإن وقع في كلام السلف ووقع في كلام الآمدي وابن الحاجب وقد ورد ما يعارضه انتهى، قال الشارح: أخشى أن يكون تحريفا فإن الذي وقفت عليه في تلخيص المستدرك بخط الحافظ الذهبي: النحر بالنون والحاء المهملة لا بفاء وجيم ولعله هو الصواب فلينظر. (حم ك)(3) عن ابن عباس) قال الحافظ ابن حجر: إنه حديث ضعيف من جميع طرقه وله طرق مدارها على أبي الخباب وجابر الجعفي وله طريق فيها مندل وأخرى فيها وضاح بن يحيى والكل ضعفاء.
3461 -
"ثلاث وثلاث وثلاث، فثلاث لا يمين فيهن، وثلاث الملعون فيهن، وثلاث أشك فيهن، فأما الثلاث التي لا يمين فيهن: فلا يمين للولد على والده، ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع سيده، وأما الملعون فيهن: فمن لعن والديه، وملعون من ذبح لغير الله، وملعون من غير تخوم الأرض، وأما التي أشك فيهن: فعزير لا أدري أكان نبيا أم لا، ولا أدري ألعن تبعاً أم لا، ولا
(1) أخرجه مسلم (1162)، وأبو داود (2425)، والنسائي (4/ 208).
(2)
فتح الباري (11/ 185).
(3)
أخرجه أحمد (1/ 231)، والحاكم (1/ 441)، وانظر التلخيص الحبير (2/ 18)، والدراية (1/ 191)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2561): موضوع.
أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا". الإسماعيلي في معجمه، وابن عساكر عن ابن عباس.
(ثلاث وثلاث وثلاث) يحتمل أنه مبني لعدم التركيب وأنه تعداد ويحتمل أن الخبر عن كل مقدر أي ثلاث أعدهن وإنهن شأنهن وفصلها بقوله: (ثلاث لا يمين فيهن) أي لا يعمل لمقتضى الحلف إذا وقع ولا يبقى الحالف على حكمها بل يجب عليه الحنث والتكفير، ويحتمل أنها لا ينعقد وهذا منه صلى الله عليه وسلم إجمال ثان. (وثلاث الملعون فيهن) أي الموجود فيهن حاصل له اللعن. (وثلاث أشك فيهن) أي لا أجزم في الخبر عنهن بشيء والتفصيل الثاني قوله:(فأما الثلاث التي لا يمين فيهن: فلا يمين للولد مع والده) أي أنها لا تنعقد يمينه في شيء لا يرضاه والده أو يتأذى بسبب الحلف عليه أو تنعقد لكن يجب ألا يعمل بمقتضاها وأن يكفر عنها ويرضي والده. (ولا للمرأة مع زوجها [2/ 354] ولا للمملوك مع سيده) وهذا فيما كان فيه إرضاء لمن ذكر في غير معصية وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفيه تنويه بحقوق من ذكر. (وأما الملعون فيهن) فملعون. (من لعن والديه) أو أحدهما فإنها تعود اللعنة عليه ومثله من تسبب للعن والديه بلعن من يلعنهما. (وملعون) بلعنة الله. (من ذبح) أي شيء. (لغير الله) تعالى كالذبح للأوثان وللجان وللمشاهد وظاهره من أراق أي دم تعظيما لها وتقربًا ولو قصد الذبح لله مع ذلك. (وملعون من غيّر تخوم الأرض) بالفوقية المثناة والخاء المعجمة بزنة فلوس مفرد وجمعه مثلة وقيل: مفرده تخم بزنة فلس أي حدودها الذي بها تمييز الأملاك والحقوق والطرقات، وقيل: حدود الحرم، وقيل: التي يهتدى بها في الطرقات وقيل: هو أن يدخل في أرضه ما ليس فيها والظاهر أن المراد الكل. (وأما التي أشك فيهن) أي لا أخبر عنهن بشيء فلا تسألوني عنها أو لا تظنوا أني لم أخبركم عنها وأنا
عالم بها. (فعزير لا أدري أكان نبياً أم لا) وهو الذي غلت فيه اليهود وقالت: إنه ابن الله كما حكاه تعالى عنهم وسبب قولهم أنهم قتلوا الأنبياء بعد موسى عليه السلام فرفع الله عنهم التوراة ومحاها من قلوبهم فخرج عزير وهو غلام يسيح في الأرض فأتاه جبريل فقال إلي أين تذهب؟ قال لطلب العلم فحفظه التوراة فأملاها عليهم على ظهر لسانه لا يخرم حرفا، فقالوا ما جمع الله التوراة في صدره وهو غلام إلا لأنه ابنه، قاله في الكشاف: وفي الإيثار في بحث القدر حديث أن الله تعالى محاه من ديوان الأنبياء فلا يذكر معهم عقوبة له على سؤاله عن القدر ولم يحضرني فأنقله وفيه دليل أنه أخبر صلى الله عليه وسلم بعد أنه نبي: (ولا أدري ألعن تبعاً) يروى بالمعلوم ونصب تبعا وبالمجهول ورفعه وهذا قبل علمه صلى الله عليه وسلم بأنه أسلم بدليل ما يأتي لا تسبوا وفي رواية: "لا تلعنوا تبعاً فإنه كان قد أسلم"(1). و (الحدود) أي التي تقام على من أتاها. (كفارة لأهلها) أي الذنب الذي أقيمت عليه فلا يعاقب عليه في الآخرة. (أم لا) وهذا قاله صلى الله عليه وسلم قبل علمه أنها كفارات فقد صح عند أحمد وغيره: "من أصاب ذنباً فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته"(2) وظاهره وإن لم يتب وعليه الجمهور واستشكل بأن قتل المرتد ليس بكفارة وأجيب بأنه مخصوص بالآية: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]. (الإسماعيلي في معجمه، وابن عساكر (3) عن ابن عباس).
3465 -
" ثلاث لا تؤخر، وهن الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا". (ت ك) عن علي (صح).
(1) أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (659).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 214).
(3)
أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجمه (1/ 396)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2562)، والضعيفة (3432).
(ثلاث لا تؤخر، وهن) أي بتقديم أي شيء عليهن. (الصلاة إذا أتت) قال ابن سيد الناس: رويناه بمثناتين وروي آنت بنون ومد أي حانت وحضرت وأكثر المحدثين أنه بمثناتين فوقيتين وهو الصحيح وإنما المحفوظ آنت بزنة حانت. (والجنازة إذا حضرت) أي لا تنتظر كثرة المصلين قيل إلا الأولى ولا ينتظر بها وقتا وقيل فيه أنه لا كراهة في الصلاة عليها في الثلاثة وقد يقال: إنه أطلق هنا وهو مقيد بأحاديث النهي وكذلك دفنها. (والأيم) هي من لا زوج لها. (إذا وجدت كفؤا) أي لا تؤخر تزويجها ولا تنتظر به شيء، قيل فيه دليل أنه لا ينتظر الولي إذا غاب وقيل ينتظر ثلاثا وقيل شهرًا ولا دليل على التحديد. (ت ك) (1) عن علي صلى الله عليه وسلم) قال الترمذي: غريب فيه سعيد بن عبد الله الجهني، وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء وجزم ابن حجر في تخريج الهداية: بضعف سنده، وقال في تخريج أحاديث الرافعي: رواه الحاكم من هذا الوجه فجعل محله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وهو من أغاليطه الفاحشة، وقال البيهقي في الباب: أحاديث واهية أصلها هذا وبه يعرف ما في جزم الحافظ العراقي تحسينه وما في قول المناوي: رجاله ثقات ورمز المصنف عليه بالصحة.
3463 -
"ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن، واللبن". (ت) عن ابن عمر.
(ثلاث لا ترد) أي لا ينبغي ردهن إذا أكرم الإنسان أخوه بها. (الوسائد) أي المخاد. (والدهن) قال الترمذي يعني به [2/ 355] الطيب. (واللبن) قال الطيبي: يريد أن من أكرم الضيف بالطيب والوسادة واللبن فلا يردها فإنها هدية قليلة المنة.
(1) أخرجه الترمذي (1075)، والحاكم (2/ 176)، والبيهقي في السنن (7/ 132)، وابن حبان في المجروحين (1/ 323)، وانظر الدراية (2/ 63)، وفيض القدير (3/ 310)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2563).
(ت)(1) قد جمعنا من قال: قد كان في سنة خير الورى صلى الله عليه وسلم طول الزمن أن لا يرد الطيب والمتكئ واللحم أيضاً يا أخي واللبن عن ابن عمر قال الترمذي غريب، وفي الميزان عن أبي حاتم: هذا حديث منكر وقال ابن القيم: إنه حديث معلول، وقال ابن حجر: إسناده حسن إلا أنه ليس على شرط البخاري.
3464 -
"ثلاث لا يجوز اللعب فيهن: الطلاق، والنكاح، والعتق". (طب) عن فضالة بن عبيد.
(ثلاث لا يجوز اللعب فيهن) أي الهزل لأنه فيهن جد فمن هزل فيهن لزمته وإلا كان فاعلاً ما لا يحل له. (الطلاق، والنكاح، والعتق) تقدمت الثلاث إلا أنه جعل الثالثة الرجعة، قال ابن حجر: وهذا اللفظ هو المشهور فيه. (طب)(2) عن فضالة بن عبيد) قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح.
3465 -
"ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم؛ فإن فعل فقد خانهم، ولا ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن فإن فعل فقد دخل، ولا يصلي وهو حقن حتى يتخفف". (د ت) عن ثوبان.
(ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن) أي يحرم على كل أحد فعلهن وفسرها بقوله: (لا يؤم رجل قوماً) ولو واحداً؛ لأن علته موجودة فيه وهي الخيانة وكما تحرم خيانة الجماعة تحرم خيانة الواحد. (فيخص) منصوب بالفاء لوقوعه بعد النفي. (نفسه بالدعاء دونهم) بل يتعين عليه أن يشملهم في دعائه في صلاته كلها والظاهر أنه لا يتعين عليه ذلك إلا إذا كان في الصلاة لا في الدعاء خارجها
(1) أخرجه الترمذي (2790)، وانظر الميزان (4/ 198)، وفتح الباري (5/ 209)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3046)، وصححه في الصحيحة (619).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 304)(780)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 335)، والتلخيص الحبير (3/ 209)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3047).
وذلك لأنه وافدهم والضامن لصلاتهم فلا يخص نفسه بأمر دون من وفد بهم. (فإن فعل) أي خص نفسه بالدعاء. (فقد خانهم) لأن ما أمره به الله أمانة فإذا خالف فقد خان الأمانة والخيانة محرمة إن قيل: جميع الأدعية المنقولة عنه صلى الله عليه وسلم في صلاته بلفظ الإفراد قال ابن القيم (1): والمحفوظ في أدعيته صلى الله عليه وسلم في الصلاة كلها بلفظ الإفراد وسرد منها ألفاظا ثم قال: وروى الإِمام أحمد وأهل السنن من حديث ثوبان وذكر حديث الكتاب قال: وقال ابن خزيمة في صحيحه (2): وقد ذكر حديث: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي
…
" الحديث، في هذا دليل على رد الحديث الموضوع: "لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم" وسمعت ابن تيمية (3) يقول: هذا الحديث عندي في الدعاء الذي يدعو به الإِمام لنفسه وللمأمومين ويشتركون فيه كدعاء القنوت ونحوه انتهى. (ولا ينظر) بالرفع نفي لا نهي. (في قعر بيت) أسفله والمراد هنا ما يحجبه أهله عن الناظرين إلا بإذنهم ولذا قال: (قبل أن يستأذن فإن فعل) أي نظر قعر بيت: (فقد دخل) أي أثم إثم من دخل وارتكب ما نهي عنه والثالثة قوله: (ولا يصلي) أي أجر أيّ صلاة. (وهو حقن) بزنة كتف الحابس لبوله والحابس لغائطه يقال له حاقن والمراد هنا الأمرين إما؛ لأن الحقن يشملهما لأنه الحبس للشيء أو بالقياس لأن العلة شغله القلب به، وما يتولد من علة بسبب حبسه وقد ثبت لا يصلي وهو يدافعه الأخبثان فلا يصلي. (حتى يتخفف) أي يخفف نفسه بإخراج الفضلات وهل له أن يخرج من الصلاة لذلك؟
وهل يصح صلاته لو صلى على حاله؟ ظاهر الحديث أن له أن يخرج وأما
(1) زاد المعاد (1/ 255).
(2)
صحيح ابن خزيمة (1579).
(3)
مجموع الفتاوى (23/ 2116)، والفتاوى الكبرى (5/ 331).
صحة صلاته فيحتمل صحتها ويأثم بفعلها ويحتمل أن لا تصح، وهل له أن يتخفف وإن فات الوقت؟ ظاهره له ذلك وفي حكم الأخبثين الريح. (في ت)(1) عن ثوبان) ورواه عنه ابن ماجه مع اختلاف يسير.
3466 -
"ثلاث لا يحاسب بهن العبد: ظِل خُص يستظل به، بها صلبه، وثوب يواري به عورته". (حم) في الزهد (هب) عن الحسن مرسلاً.
(ثلاث لا يحاسب بهن العبد) أي لا يسأله الله عنهن يوم الحساب وقوله: (ظِل خُص) بضم الخاء المعجمة وتشديد الصاد المهملة هو البيت من الخشب، وفي الفردوس: الخص بيت من قصب وخص الظل لأنه الذي يتمتع به من بيته لا نفس البيت فإنه تارك له. (يستظل به وكسرة) بفتح الكاف وكسرها وهي الجزء من العضو أو العضو الوافر أو نصف العظم بما عليه من اللحم كما في القاموس (2) والمراد هنا الأول. (يشد بها صلبه) الصلب الظهر والشد التقوية أي يقوي بها ظهره. (وثوب يواري به عورته) أي يغطيه. (حم) في الزهد (هب)(3) عن الحسن مرسلاً) قال البيهقي: هو مرسل جيد وقد أخرج الديلمي عن الحسن بن علي وعثمان مرفوعا: "ثلاث ليس على ابن آدم فيهن حساب طعام يقيم صلبه، وبيت يسكنه وثوب يواري عورته [2/ 356] فما فوق ذلك فكله حساب"(4).
(1) أخرجه أبو داود (90)، والترمذي (357)، وابن ماجه (923)، وأحمد (5/ 280)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2565).
(2)
انظر القاموس (2/ 123).
(3)
أخرجه هناد في الزهد (569) وابن أبي عاصم في الزهد (1/ 12)، والبيهقي في الشعب (10368)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2564)، والضعيفة (2134).
(4)
أخرجه الديلمي وفي الفردوس (2494) عن الحسن بن علي، و (5237) عن عثمان.
3467 -
"ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة، والقىء، والاحتلام". (ت) عن أبي سعيد.
(ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة) أي سواء حجم لغيره أو أحد حجم له فإنه لا يفطر وقد تقدم: "أفطر الحاجم والمحجوم له" وقال المصنف فيما تقدم أنه متواتر، قال ابن العربي (1): كنت متردداً لكثرة المعارضات في الروايات حتى أخبرني القاضي أبو المطهر بحديث: "أفطر الحاجم والمحجوم له" فرأيته حديثا عظيما ورجاله وسنده صحيحا فكنت تارة أحمله على لفظه وتارة أتأوله حتى قرأت على أبي الحسن بن المبارك فذكر بإسناده حديث أنس مر المصطفى صلى الله عليه وسلم بجعفر بن أبي طالب وهو يحتجم فقال: "أفطر هذان"(2) ثم رخص صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم وهذا حديث فيه ثلاثة فوائد: تسمية المحتجم وثبوت خطر الحجامة ومنعها للصائم وثبوت الرخصة بعد الحظر انتهى. (والقيء، والاحتلام). (ت)(3) عن أبي سعيد) قال الترمذي: عقب روايته: هذا غير محفوظ وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم مضعف والمشهور عن عطاء مرسلاً.
3468 -
"ثلاث لا يعاد صاحبهن: الرمد، وصاحب الضرس، وصاحب الدُّمَّل". (طس عد) عن أبي هريرة.
(ثلاث لا يعاد صاحبهن) أي لا يندب عيادته وهذا تخصيص لأحاديث ندب العيادة. (الرمد، وصاحب الضرس، وصاحب الدُّمَّل) لكنه قد ثبت عند البخاري في الأدب المفرد وعند أبي داود وصححه الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم عاد زيد بن أرقم من وجع بعينه، قيل: فالحديث أنه لا يعاد مبني على أنه لا ينقطع وإلا فإنه
(1) كتاب القبس (2/ 505).
(2)
أخرجه أبو داود (2369)، والنسائي (2/ 218).
(3)
أخرجه الترمذي (719)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2567).
مرض ويندب عيادة من نزل به. (طس عد)(1) عن أبي هريرة) قال البيهقي في الشعب: حديث ضعيف، وقال الهيثمي: فيه سلمة بن علي الخشني وهو ضعيف انتهى زاد ابن حجر: هذا الحديث صحح البيهقي وقفه على يحيى بن أبي كثير وذلك لا يوجب الحكم بوضعه إذ سلمة لم يجرح لكذب فجزم ابن الجوزي بوضعه وهم.
3469 -
"ثلاث لا يمنعهن: الماء، والكلأ، والنار". (هـ) عن أبي هريرة.
(ثلاث لا يمنعهن) أي لا يحل لأحد منعهن. (الماء) قيل أراد به ماء البئر المحفورة في موات فماؤها مشترك بين الناس والحافر كأحدهم والحديث ظاهر في الأعم من ذلك. (والكلأ) بالهمز مقصور النبات والمراد النبات المباح النابت في موات فلا يحل منع أهل الماشية من رعيه، أما ما نبت في ملك فقيل إنه مملوك. (والنار) بل أراد الأحجار التي تورى النار وأما النار التي يوقد الإنسان فله منع من أخذ جذوة منها إلا أن يلهب منها مصباحا أو يدني فيها ضغثا إذ لا ينقصها كذا قيل وظاهر الحديث خلافه. (هـ) (2) عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: سنده صحيح.
3470 -
"ثلاث يجلين البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء البخاري، وإلى الوجه الحسن". (ك) في تاريخه عن علي، وعن ابن عمر، وأبو نعيم في الطب عن عائشة، الخرائطي في اعتلال القلوب عن أبي سعيد.
(ثلاث يجلين البصر) بضم أوله وتشديد لامه وبفتحه وتخفيف لامه فالجيم
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (152)، وابن عدي في الكامل (6/ 313)، والبيهقي في الشعب (9188)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (2/ 315)، والموضوعات (3/ 209)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2566)، والضعيفة (150): موضوع.
(2)
أخرجه ابن ماجه (2473)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3048).
من التجلية. (النظر إلى الخضرة) من زرع وأشجار ونبات. (وإلى الماء البخاري، وإلى الوجه الحسن). (ك) في تاريخه عن علي عليه السلام) قال ابن الجوزي: باطل موضوع ووهب بن وهب يريد أبا البختري راويه كذاب ولم يتعقبه المصنف إلا بأنه ورد من طريق أخرى، (وعن ابن عمر) فيه عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي قال أبو نعيم: في حديثه نكارة، (وأبو نعيم في الطب عن عائشة) قال المصنف في مختصر الموضوعات: فيه سليمان بن عمر النخعي كذاب، (الخرائطي في اعتلال (1) القلوب) أي في كتابه المسمى بهذا في التصوف (عن أبي سعيد) قال المصنف: مجموع هذه الطرق يرتقي بها الحديث عن درجة الوضع.
3471 -
"ثلاث يزدن في قوة البصر: الكحل بالإثمد، والنظر إلى الخضرة، والنظر إلى الوجه الحسن". أبو الحسن الفراء في فوائده عن بريدة.
(ثلاث يزدن في قوة البصر: الكحل الإثمد) بكسر همزته هو الكحل الأسود يؤتى به من أصبهان ومزاجه بارد يابس ينفع العين ويقويها ويشد أعضاءها ويحفظ صحتها ويذهب اللحم الزائد في القروح ويزيلها وينفي أوساخها ويجلوها. (والنظر إلى الخضرة، والنظر إلى الوجه الحسن). أبو الحسن الفراء بفتح الفاء وتشديد الراء نسبة إلى خياطة الفراء وبيعها، في فوائده (2) عن بريدة) فيه أبو الهلال الراسبي ضعفه قوم ووثقه آخرون.
(1) أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب (1/ 168) رقم (346)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 366)، والرافعي في التدوين (3/ 359)، والديلمي في الفردوس (2485، 6869، 6870)، والخطيب في تاريخه (4/ 286)، انظر كشف الخفاء (1/ 386)، والموضوعات (3/ 220)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2568)، والضعيفة (3437).
(2)
أخرجه الخطيب في تاريخه (4/ 286)، والديلمي في الفردوس (2485)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2571).
3472 -
"ثلاثة يدخلون الجنة بغير حساب: رجل غسل ثيابه فلم يجد له خَلَفاً، ورجل لم ينصب على مستوقده قدران، ورجل دعا بشراب فلم يقل له: أيهما تريد؟ ". أبو الشيخ في الثواب عن أبي سعيد.
(ثلاثة يدخلون الجنة بغير حساب: رجل غسل ثيابه فلم يجد له خَلَفاً) أي ثوب يخلفة لعدم توسعه في الدنيا وزهده فيها وقلة ذات يده لا أنه تركه وهو قادر عليه فإنه يكره لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أنعم على عبده أحب أن يرى أثر نعمه عليه في ملبسه
…
" (1) الحديث، ولا يتم إلا [2/ 357] بتعدد الثياب. (ورجل لم ينصب على مستوقده قدران) لعدم تنويعه الأطعمة وتلوينها لفقره ورثاثة حاله. (ورجل دعا بشراب فلم يقل له: أيهما تريد؟) أي لم يقل له خادمه وأهله ذلك؛ لأنه لا يجد إلا نوعاً واحداً فهؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب إما لأنه لا شيء لهم يحاسبون عليه، أو لأنهم لهذه الخلال لا يحاسبون بغيرها. (أبو الشيخ (2) في الثواب عن أبي سعيد).
3473 -
"ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة: الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والدعاء في الرخاء". أبو الشيخ عن عمران بن حصين.
(ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة) الرغائب بالغين المعجمة جمع رغيبة وهي العطاء الكثير والأمر المرغوب فيه. (الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والدعاء في الرخاء) بالخاء المعجمة ممدود: العيش الهني والخصب والسعة وهو يوافق: "من تعرف على الله في الرخاء تعرَّف الله في الشدة" وذلك
(1) أخرجه أبو الشيخ في الثواب كما في الكنز (6078)، والبيهقي في السنن (3/ 271)، والقضاعي في الشهاب (1102).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (2490)، وانظر فيض القدير (3/ 314)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2569)، وقال في الضعيفة (3438): ضعيف جداً.
لأن النعمة تطغي العبد فمن ذكر الله فيها فقد بريء عن الطغيان وقام بشكر الإحسان. (أبو الشيخ (1) عن عمران بن حصين).
3474 -
"ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه". (طس ك هب) عن عثمان بن طلحة الحجبي (هب) عن عمر موقوفاً.
(ثلاث يصفين) بضم التحتية المثناة ومهملة ففاء مكسورة من التصفية: التنقية أي تنقيته. (لك ود أخيك) عن الغش وإضمار خلاف ما يظهر. (تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه) والثلاث تقدمت غير مرة والمراد بالأخ المسلم الذي له أخوة في الدين وهي في أخ النسب بالأولى، وتمام الحديث عند مخرجه البيهقي:"وثلاث من البغي تجد على الناس فيما تأتي وترى من الناس ما يخفى عليك من نفسك وتؤذي جليسك فيما لا يعنيك" انتهى، والمصنف اقتصر على صدره. (طس ك هب) عن عثمان بن طلحة الحجبي) بفتح الحاء والجيم نسبة إلى حجابة الكعبة وتقدم أنه صحابي من الطلقاء قال الهيثمي: فيه موسى بن عبد الملك بن عمير وهو ضعيف، انتهى، قاله في كلام على رواية الطبراني، وقال أبو حاتم: هذا منكر وموسى ضعيف. (طب)(2) عن عمر موقوفاً).
3475 -
"ثلاثة إذا رأيتهن فعند ذلك تقوم الساعة: خراب العامر، وعمارة
(1) أخرجه أبو الشيخ كما في الكنز (43211) وانظر فيض القدير (3/ 314)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2570)، والضعيفة (3439).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (3496)، والحاكم (3/ 485)، والبيهقي في الشعب (8772)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 82)، وعلل الدارقطني (7/ 38)، والبيهقي في الشعب (6749) عن عمر رضي الله عنه موقوفاً، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2572).
الخراب، وأن يكون المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وأن يتمرس الرجل بالأمانة تمرس البعير بالشجرة". ابن عساكر عن محمَّد بن عطية السعدي.
(ثلاثة إذا رأيتهن فعند ذلك) النسخ التي رأيناها ومنها ما قوبل على نسخة المصنف ليس بعد اسم الإشارة إلا قوله: "خراب العامر
…
" ألخ. وفي نسخة الشارح بعده: (تقوم الساعة) ولابد منه فإما أن يكون ساقطا فيما رأيناه من نسخه أو يكون محذوفا من الرواية اكتفاء بظهوره فقدره الشارح لأن النسخة من الشرح كثيرة الغلط لا يثق بها الناظر حتى يعرف ما هو متن مما هو شرح وأول الثلاث قوله: (خراب العامر، وعمارة الخراب) قال ابن قتيبة (1): أراد نحوا مما يفعله الملوك من إخراب بناءٍ جديد محكم وابتناء غيره في الموات لغير علة إلا إعطاء النفس الشهوة ومتابعة الهوى، والثانية: (وأن يكون المعروف منكراً) بالواو عطف على الأولى وحذفها في نسخ مبني على أن قوله: "إخراب العامر
…
" إلخ هو المشار إليه بقوله: ذلك بناء على عدم نسخه تقوم الساعة وعلى جعل الأمر بالمعروف خصلة من الثلاث والنهي عن المنكر ثانية إلا أن مع ثبوت يوم القيامة أو حذفها للعلم بها وثبوت الواو فإن الأظهر ما فسرناه به أولا وذلك لأن المعروف جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قسماً واحداً في كثير من عباراته صلى الله عليه وسلم، وقوله منكراً أي ينكره الناس ويردون على من أمر به لعدم أنسهم به وولوعهم بخلافه. (والمنكر معروفاً) لأنهم ألفوه فعرفوه وزين لهم الشيطان أعمالهم والثالثة:(وأن يتمرس الرجل بالأمانة) بمثناة تحتية وفوقية فميم مفتوحات فراء مشددة مفتوحة فسين مهملة أي يتلعب بها. (تمرس البعير بالشجرة) فيصنع فيه صنع من ليس بمكلف ولا مخاطب بالشيء الذي لا
(1) غريب الحديث (1/ 401).
يحترم وتقدم الكلام في رفع الأمانة. (ابن عساكر (1) عن محمَّد بن عطية) ابن عروة (السعدي) تابعي وثقه ابن حبان (2) وكان على المصنف أن يقول مرسلاً فإن إطلاقه يوهم أنه صحابي قال الهيثمي: فيه يحيى بن عبد الله النابلسي وهو ضعيف انتهى قاله على رواية الطبراني؛ لأنه أخرجها أيضاً من هذا الوجه.
3476 -
"ثلاثة أصوات يباهي الله بهن الملائكة: الأذان والتكبير في سبيل الله، ورفع الصوت بالتلبية". ابن النجار (فر) عن جابر.
(ثلاثة أصوات يباهي الله بهن الملائكة) أي يفاخرهم بها. (الأذان والتكبير في سبيل الله، ورفع الصوت بالتلبية) فإنه يقول: انظروا إلى عبادي يذكرونني في أوقات الصلاة والقتال والحج وفيه سنية التكبير حال القتال وتقدم الكلام فيه [2/ 358]. ابن النجار (فر)(3) عن جابر) فيه معاوية بن عمرو البصري (4) قال الذهبي (5): واه، وأسيد ابن أبي سعد قال أبو زرعة والدارقطني: ضعيف وقرة بن عبد الرحمن قال أحمد: منكر الحديث جداً، وقال فيه ابن حجر: حديث غريب ضعيف.
3477 -
"ثلاثة أعين لا تمسها النار: عين فقئت في سبيل الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله". (ك) عن أبي هريرة.
(ثلاثة أعين) كان الأظهر ثلاث؛ لأن المعدود مؤنث إلا أنه جاز باعتبار أن
(1) أخرجه أخرجه ابن عساكر في تاريخه (52/ 2394، 4395)، والطبراني في الكبير (19/ 243)(545)، وابن قانع في معجم الصحابة (958)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 330)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2573)، والضعيفة (3435).
(2)
الثقات لابن حبان (4/ 187).
(3)
أخرجه الديلمي في الفردوس (2538)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2574)، والضعيفة (3433).
(4)
تقريب التهذيب (1/ 538).
(5)
تلخيص المستدرك (2/ 92)، وانظر كذلك: ميزان الاعتدال (5/ 470).
المفرد يؤنث ويذكر إن صح والجمع كذلك أو لأنه أولها بالأعضاء. (لا تمسها النار) أي تمس الأعين نفسها ويحتمل لا تمس صاحبها لأجلها (عين فقئت) أي أصيبت وبخست. (في سبيل الله) في قتال الكفار أو البغاة. (وعين حرست في سبيل الله) أي حفظت المسلمين في ليل أو نهار في الجهاد. (وعين بكت من خشية الله) أي من خوف عقابه. (ك)(1) عن أبي هريرة)، قال الحاكم: ورده الذهبي بان فيه عمرو بن راشد ضعفوه.
3478 -
"ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجير فاستوفى منه ولم يوفه". (هـ) عن هريرة.
(ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة) هو خصم كل ظالم إلا أنه خص الثلاثة لعظم جرمهم. (ومن كنت خصمه خصمته) أي غلبته؛ لأني لا أخاصم إلا على الحق وبالحق غالب، أولهم:(رجل أعطى بي) أعطى يصح قراءته مجهولاً أي أعطاه مسلم الأمان باسمي أو بديني الذي جئت به، كأن يقال عندك عهد الله أو دينه أو عهد رسوله ومعلوما كأن يعطي غيره عهد الله أن لا خانه (ثم غدر) أي نقض العهد الذي عاهد عليه لأنه جعل الله كفيلاً فيما لزمه من الوفاء بما أعطى فكان خصمه إذ غدر الله ورسوله؛ لأن الكفيل خصم مطالب للمكفول له (ورجل باع حرا فأكل ثمنه) أي انتفع به وذلك لأن الحر ملك لله تعالى فبائعه غاصب لملك الله الذي لم يأذن له فيه فالغاصب يخصمه المغصوب عليه وهو الرب تعالى. (ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه) أي من الأجر العمل. (ولم يوفه أجره) أي لم يعطه شيئاً منه أو لم يوفه أي لم يعطه إلا بعضه؛ لأن الإيفاء يستعمل للأمرين معاً.
(1) أخرجه الحاكم (2/ 92)، والبيهقي في الشعب (795)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2575)، والضعيفة (3482).
(هـ)(1) عن أبي هريرة).
اعلم أن الحديث قد رواه البخاري في صحيحه ولكن بدون لفظ: "ومن كنت خصمه خصمته" وهو عنده حديث قدسي، ولفظه عن الله تبارك وتعالى:"ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
3479 -
"ثلاثة تحت العرش يوم القيامة: القرآن له ظهر وبطن يحاج العباد، والرحم تنادي: صل من وصلني، واقطع من قطعني، والأمانة". الحكيم ومحمد بن نصر عن عبد الرحمن بن عوف.
(ثلاثة تحت العرش يوم القيامة) قال القاضي (2) هو عبارة عن اختصاص هذه الثلاثة، من الله تعالى بما كان يقرب منه واعتبار عنده بحيث لا يضيع أجر من حافظ عليها ولا يهمل مجازاة من ضيعها فأعرض عنها كما هو حال المقربين عند السلطان والواقفين تحت عرشه فإن التوسل بهم وشكرهم وشكايتهم لها له تأثير عظيم عنده انتهى. (القرآن) هو أول الثلاثة. و (له ظهر وبطن) قيل: أنها جملة حالية من ضمير القرآن الذي في خبره وهو نجاح العباد وقيل بل اعتراضية تنبه السامع على جلالة شأن القرآن وامتيازه عما سواه. (وهو يحاج العباد) أي يخاصمهم في ما أضاعوه من العمل بما فيه والقيام بحق ظاهره وباطنه.
واعلم أنه قد اختلف في المراد بظهره وبطنه، فقال ابن الأثير (3) وغيره: ظهره لفظه وبطنه معناه أو ظهره ما ظهر تأويله وبطنه ما بطن تفسيره، أو ظهره تلاوته وبطنه تفهمه، أو ظهر استوى المكلفون فيه من الإيمان والعمل بمقتضاه
(1) أخرجه البخاري (2227 - 2270)، وابن ماجه (2442).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 112).
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 364).
وبطنه ما وقع التفاوت في فهمه بين العباد على حسب مراتبهم في الأفهام والعقول وتباين منازلهم في المعارف والعلوم. قال الحكيم: ظهره يحاج العامة وبطنه يحاج الخاصة فإن أهل الملة صنفان. (والرحم) تقدم الكلام فيها. (تنادي: صِل) أي بغفرانك إحسانك وإكرامك وصلتك. (من وصلني) في دار الدنيا. (واقطع) عن ذلك. (من قطعني) فيها وقوله: (والأمانة) في نسخ الجامع هكذا بغير زيادة وفي شرحه زيادة: "تنادي: ألا من حفظني حفظه الله ومن ضيعني ضيعه الله" وشرحها ولم يذكر أنها لا توجد إلا في بعض النسخ فينظر فيه، وفي قوله: ألا من حفظني حفظه الله إلى آخره والإتيان به على جهة الإخبار ما تنادي أن شأنها [2/ 359] أعظم من شأن الرحم وذلك؛ لأن حفظها أشد من رعاية حق الرحم فالتكليف بها أشد ويحتمل أنه أريد كل أمانة ومنها التكاليف الشرعية المفسر بها قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الآية [الأحزاب: 72](الحكيم ومحمد بن نصر (1) عن عبد الرحمن بن عوف) قال النووي: فيه كثير بن عبد الله اليشكري متكلم فيه (2).
3480 -
"ثلاثة تستجاب دعوتهم: الوالد، والمسافر، والمظلوم "(حم طب) عن عقبة بن عامر.
(ثلاثة تستجاب دعوتهم) أي دعوة كل واحد منهم. (الوالد) ومثله الوالدة حيث ورد. (والمسافر، والمظلوم) تقدم الكل مراراً. (حم طب)(3) عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه.
(1) أخرجه الحكيم في نوادره (2/ 187، 4/ 168)، والديلمي في الفردوس (2527)، والعقيلي في الضعفاء 4/ 5، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2577)، والضعيفة (1337).
(2)
انظر: ميزان الاعتدال (3/ 409).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 154)، والطبراني في الكبير (17/ 340)(939)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3049).
3481 -
"ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف". (حم ت ن هـ ك) عن أبي هريرة (ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في سبيل الله)، والمكاتب الذي يريد الأداء، (والناكح الذي يريد العفاف) تقدم في أربعة وزيد الرابع الحاج فمفهوم عدده غير مراد. (حم ت ن هـ ك)(1) عن أبي هريرة).
3482 -
"ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون: عبد أدى حق الله وحق مواليه ورجل يؤم قوما وهم به راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلية". (حم ت) عن ابن عمر.
(ثلاثة على كثبان المسك) بضم الكاف جمع كثيب وهو الرمل المستطيل، وفيه أن هذه الكثبان تكون في الموقف قبل دخول الجنة، ويحتمل أنهم قد أدخلوا الجنة وقوله:(يوم القيامة) يصدق على الأمرين (يغبطهم الأولون والآخرون) الغبطة حسد خاص غير مذموم وهو أن يتمنى مثل حال غيره من غير أن تزول عنه النعمة التي غبطه عليها. (عبد أدى حق الله سبحانه وحق مواليه ورجل يؤم قوماً وهم به راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلية) وتقدم الكلام في فضل الثلاثة وذكر الرجل غير مراد تخصيصه لما ذكر عن الأنثى لما بيناه غير مرة من أنهم الأصل في الأحكام والأكثر في الذكر مع أن حكم النساء كذلك. (حم ت)(2) عن ابن عمر) قال الترمذي مخرجه: حسن غريب، قال المناوي: فيه أبو اليقظان عثمان بن عمير، قال
(1) أخرجه أحمد (2/ 251، 437)، والترمذي (1655)، والنسائي (6/ 15)، وابن ماجه (2518)، والحاكم (2/ 174، 236)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3050).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 26)، والترمذي (1986)، وانظر فيض القدير (3/ 317)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2579).
الذهبي: كان شيعياً ضعفوه انتهى، قلت: عثمان بن عمير (1) بالتصغير ويقال ابن قيس والصواب أن قيسا جد أبيه وهو عثمان بن أبي حميد البجلي أبو اليقظان الكوفي الأعمى ضعيف اختلط وكان يدلس ويغلو في التشيع من السادسة مات في حدود المائة وخمسين تقريبا، وتلك شكاة ظاهر عنك عادها.
3483 -
"ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع ولا يفزعون حين يفزع الناس: رجل تعلم القرآن فقام به يطلب وجه الله وما عنده، ورجل نادى في كل يوم وليلة خمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده، ومملوك لم يمنعه رق الدنيا من طاعة ربه". (طب) عن ابن عمر.
(ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع) هاله الأمر يهوله أي أفزعه والفزع هو الذعر والفَرَق كما في القاموس (2) أي لا يفزعون لأنهم قد بشروا بالنجاة فلا خوف يفزعهم وقوله: (ولا يفزعون حين يفزع الناس) ليس بتكرير للأول لأن المراد لا يتصفون بالفزع قبل فزع الناس وإذا فزعوا لم يفزعوا أيضا وقد ثبتت هذه الصفة في القرآن للذين سبقت لهم من الله الحسنى فإنه لا يحزنهم الفزع الأكبر فهؤلاء الثلاثة بعض أفراد ذلك العام لا مفهوم لعدده. (رجل تعلم القرآن فقام به يطلب) به أي بالقيام بكتاب الله سبحانه من تلاوته والعمل بأحكامه والتدبر لآياته، أي لا يبتغي به شيئاً آخر غير ذلك وكذلك المنادي بالصلوات. (وجه الله) أي مرضاته واتباع أمره. (وما عنده) ثوابه وجزاؤه الجزيل. (ورجل نادى في كل يوم وليلة بخمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده، ومملوك لم يمنعه رق الدنيا من طاعة ربه). (هب)(3) عن ابن عمر قال الهيثمي: فيه بحر بن كنيز
(1) انظر التقريب (1/ 386)، والكاشف (2/ 11).
(2)
انظر القاموس (3/ 63).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 433)(13584)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 327) =
السقاء ضعيف بل متروك انتهى، قلت: كنيز بنون وزاي مصغر وضبطه عبد الغني بفتح الكاف قاله في الخلاصة (1).
3484 -
"ثلاثة في ظل الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله: رجل حيث توجه علم أن الله تعالى معه، ورجل دعته امرأة إلى نفسها فتركها من خشية الله، ورجل أحب لجلال الله". (طب) عن أبي أمامة.
(ثلاثة في ظل الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله: رجل حيث توجه علم أن الله تعالى معه) أي مراقب هذا العلم وعمل به ولاحظ مولاه في كل خطرة ولحظة فإنه تعالى مع عبده حيث كان {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]. (ورجل دعته امرأة إلى نفسها) أي إلى الزنا بها وقد قيدها في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله بذات المنصب والجمال ويحتمل هنا التقييد. (فتركها من خشية الله) أي خشية عقابه لا لغرض آخر من خوف العار وغيره. (ورجل أحب لجلال الله تعالى) حذف المحبوب ويحتمل أن يقدر خاصاً أي رجلاً ويحتمل أن يراد أعم من ذلك كمحبة الأفعال الصالحة ونحوها وكل ما يحبه الله أي إعظاما لله تعالى وإجلالا له لا لغيره من دواعي الحب كإحسانه إليه أو جاهه أو قرائنه. (طب)(2) عن أبي أمامة)، قال الهيثمي: فيه بشر بن نمير وهو متروك.
3485 -
"ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله: واصل الرحم
= وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2578). ورد في الأصل "هب" وفي المطبوع "طب" والصحيح ما أثبتناه.
(1)
خلاصة تذهيب التهذيب (1/ 111)، وانظر: المؤتلف والمختلف للأزدي (2/ 616 رقم 1813).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 240)(7935)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 279)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2581)، والضعيفة (2444) ضعيف جداً.
يزيد الله في رزقه، ويمد في أجله، وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاماً صغاراً فقالت: لا أتزوج أقيم على أيتامي حتى يموتوا أو يغنيهم الله، وعبد صنع طعاماً فأضاف ضيفه، وأحسن نفقته فدعا عليه اليتيم والمسكين فأطعمهم لوجه الله عز وجل ". أبو الشيخ في الثواب والأصبهاني (فر) عن أنس.
(ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله: واصل الرحم يزيد الله في رزقه، ويمد في أجله) كأنه استطراد وخروج عن ذكر ماله في الآخرة إلى ماله في الدنيا وتقدم هذا. (وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاماً صغاراً) المراد الجنس [2/ 360] فيشمل الواحد قيل: ويدخل فيه أولاد الأولاد. (فقالت: لا أتزوج أقيم على أيتامي) جملة استئنافية أي أنا أقيم. (حتى يموتوا أو يغنيهم الله) فيه أن تخليها عن الزواج أفضل لمثلها وفيه أن حق الزوج أقدم من حق الأولاد. (وعبد صنع طعاماً فأضاف ضيفه) أي من طعامه ذلك. (وأحسن نفقته) حتى استغنى. (فدعا له) وفي نسخة "عليه" أي طلب على ما تركه الأضياف في الطعام. (اليتيم والمسكين فأطعمهم) جمع الضمير؛ لأنه أراد الجنس منهما قاصداً: (لوجه الله عز وجل في إطعامهم وفيه أن الأولى تقديم الضيف بالإكرام ثم غيره من المستحقين.
(أبو الشيخ في الثواب والأصبهاني (فر)(1) عن أنس) فيه حفص بن عبد الرحمن قال الذهبي في الضعفاء (2) قال أبو حاتم: مضطرب الحديث.
3458 -
"ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله
(1) أخرجه أبو الشيخ في الثواب كما في الكنز (43243)، والديلمي في الفردوس (2526)، وقال الألباني: في ضعيف الجامع (2580)، والضعيفة (3436): ضعيف جداً.
(2)
انظر المغني (1/ 180).
تعالى، ورجل خرج غازياً في سبيل الله، ورجل خرج حاجاً". (حل) عن أبي هريرة. (ثلاثة في ضمان الله عز وجل أي في حفظه وكلائته ورعايته، أو في ضمان الوفاء بأجورهم أو قبول أعمالهم أو تسببهم للخير. (رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجل خرج غازياً في سبيل الله، ورجل خرج حاجاً). (حل)(1) عن أبي هريرة.
3487 -
"ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث". (حم) عن ابن عمر.
(ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق) لوالديه أو أحدهما. (والديوث) فسره بقوله: (الذي يقر في أهله الخبث) أي زوجته أو سريته أو قرابته وأراد بالخبث الزنا أي لا يغار ولا ينهى عنه، وتقدم الأولان. (حم) (2) عن ابن عمر قال الهيثمي: فيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات.
3488 -
"ثلاثة كلهم ضامن على الله: رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله". (د حب ك) عن أبي أمامة.
(ثلاثة كلهم ضامن على الله) أي مضمون على حد (عيشة راضية) أو ذو
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 251)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3051)، والصحيحة (598).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 69، 128)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 147)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3052)
ضمان كالقاسط والابن فهو من باب النسب ذكره البيضاوي وسبقه إليه النووي (1).
قال الطيبي: عدّى ضامن بعلى تضميناً لمعنى الوجود والمحافظة على سبيل الوعد أي يجب على الله وعداً أن يكلأه من مضار الدنيا والدين انتهى. (رجل خرج) من بيته أو وطنه. (غازياً في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بأجر أو غنيمة) هذان الأولان تقدما غير مرة والثالث: (رجل دخل بيته بسلام) أي لازم بيته إيثاراً للعزلة وطلباً للسلامة من الفتنة، أو المراد أنه إذا دخله سلم على أهله ونفسه ائتماراً بقوله تعالى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61].
(فهو ضامن على الله) قال الطيبي: والأول أوجه وبملائمة ما قبله أوثق لأن المجاهد في سبيل الله سفراً والرواح إلى المسجد حضرا ولزوم البيت اتقاء من الفتن أخذ بعضها بحجزة بعض ولم يذكر الشيء المضمون به في هذا اكتفاء بما قبله. (د حب ك)(2) عن أبي أمامة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي.
3489 -
"ثلاثة ليس عليهم حساب فيما طعموا إذا كان حلالاً: الصائم، والمتسحر، والمرابط في سبيل الله عز وجل ". (طب) عن ابن عباس.
(ثلاثة ليس عليهم حساب فيما طعموا إذا كان حلالاً) من أنه يحاسب العبد على ما طعم من الحلال غير هؤلاء الثلاثة الذين هم: (الصائم، والمتسحر،
(1) انظر: شرح مسلم للنووي (13/ 20).
(2)
أخرجه أبو داود (2494)، وابن حبان (2/ 252)(499)، والحاكم (2/ 83)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3053).
والمرابط في سبيل الله عز وجل. (طب)(1) عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن عصمة عن أبي الصباح وهما مجهولان.
3490 -
"ثلاثة من كن فيه يستكمل إيمانه: رجل لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرائي بشيء من عمله وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة اختار أمر الآخرة على الدنيا". ابن عساكر عن أبي هريرة.
(ثلاثة من كن فيه استكمل إيمانه) مبني لهما للفاعل والمفعول فإيمانه منصوب ومرفوع أي يكون إيمانه كاملا لا نقص فيه إذا اتصف بالثلاث الصفات. (رجل لا يخاف في الله لومة لائم) أي لا يترك ما أمر الله به وما نهى عنه مراقبة للناس ولومهم وذمهم له بل يؤثر ما أمر الله به على كل ما سواه، وفيه أنه لا ينبغي لأحد أن يترك أمرا دينيا مخافة ذم الناس له، وفيه أنه يجوز ذلك إلا أن غيره أفضل منه. (ولا يرائي بشيء من عمله) وتقدم الكلام في الرياء. (وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة اختار أمر الآخرة على الدنيا). (ابن عساكر (2) عن أبي هريرة).
3491 -
"ثلاثة من قالهن دخل الجنة: من رضي بالله رباً، وبالإِسلام دينا، وبمحمد رسولاً، والرابعة لها من الفضل كما بين السماء والأرض، وهي الجهاد في سبيل الله عز وجل ". (حم) عن أبي سعيد.
(ثلاثة) أي ألفاظ. (من قالهن) أي عاملا بمقتضاهن. (دخل الجنة: من رضي بالله ربًّا) ورضي بما أتاه منه من شرائعه أو أقداره ومصائبه وانقاد له انقياد العبد
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 359)(12012)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 151)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2582)، والضعيفة (631): موضوع.
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 13)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2585)، والضعيفة (3444).
الراضي بمولاه ومن رضي: (بالإِسلام ديناً)[2/ 361] فلم يؤثر شيئاً يخالفه ولا ترك أمرا دعاه إليه (و) إذا رضي: (بمحمد رسولاً) من ربه آمن به وبكل ما جاء به ودل على أنه أراد ذلك قوله: (والرابعة لها من الفضل) أي على ما ذكر من الثلاث. (كما بين السماء والأرض) كأنه أراد له درجة بالجنة إذ مسافة درج الجنة كما بين السماء والأرض كما ستأتي: (وهي الجهاد في سبيل الله عز وجل فإن المراد به الفعل نفسه، إن قيل: قد دخل في الإِسلام، قلت: نعم لكنه لما كان أشق الواجبات على النفس لأن فيه ذهابها أفرده إن قلت فهو أفضل من التوحيد والإِسلام، قلت: يحتمل أنه لم يرد تفضيله عليهما بل ذكر فضله في نفسه لما فيه من المشقة. (حم)(1) عن أبي سعيد).
3492 -
"ثلاثة من السعادة، وثلاثة من الشقاء فمن السعادة: المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة تلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق. ومن الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عليها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق". (ك) عن سعد.
(ثلاثة من السعادة، وثلاثة من الشقاوة فمن السعادة: المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك) تقدمت الثلاث هذه في قوله: "ثلاث من نعيم الدنيا" والمراد أنها من دليل سعادة المرء في دنياه ودينه لأن هذه الثلاثة حصولها له من أسباب رضاه وشكره فإذا أعجبته زوجته وخَلقها وخُلقها وبأمانتها وحفظها لنفسها وماله أغنته عن طموح النفس إلى غيرها
(1) أخرجه أحمد (3/ 14)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2584)، والضعيفة (3443).
وأعانته على دينه ودنياه. (والدابة تكون وطيئة) أي التي يركبها والوطيئة حسنة السير سريعة المشي بلا إزعاج. (تلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق) أي ما يرتفق بها فيها، وفيه أنه ينبغي للإنسان طلب هذه الثلاثة وأنه لا ينافي الزهادة في الدنيا فإنها من أعوانه على الخيرية. (ومن الشقاوة) أي من أسباب كدر العيش وضيق الحال. (المرأة تراها فتسوؤك) لسوء خَلقها وخُلقها. (وتحمل لسانَها عليك) أي تؤذيك بالشتم وسعة المطالب كأن قلبها يحمل لسانها على الكلام ويغريها به. (وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها) من إتيان الفاحشة. (ومالك، والدابة تكون قطوفاً) بفتح القاف آخرها فاء أي بطيئة السير إذ القطوف من الدواب بطيء السير، وفيه بأنه يحسن تجنب هذه الثلاثة ويطلب ما هو على خلافها وأنه لا مذمة على العبد في ذلك في دينه. (فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق). (ك)(1) عن سعد) هو إذا أطلق ابن أبي وقاص قال الحاكم: تفرد به محمد بن سعد عن أبيه فإن كان حفظه فعلى شرطهما وتعقبه الذهبي فقال محمد قال أبو حاتم: صدوق يغلط، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، قلت: لا يعقب على الحاكم وقد قيده بالشرطية (2).
3493 -
"ثلاثة من الجاهلية: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة". (طب) عن سلمان.
(ثلاثة من الجاهلية) أي من صفاتها. (الفخر بالأحساب، والطعن في
(1) أخرجه الحاكم (2/ 175)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3056).
(2)
الذي في المطبوع من المستدرك تفرد به محمد بن بكير -الحضرمي- عن خالد بن عبد الله الواسطي. ومحمد بن بكير الحضرمي ترجم له الحافظ في التقريب (5765) وقال: صدوق يخطئ، وقال: قيل إن البخاري روى أ. هـ. وانظر: الإتحاف (5/ 139) رقم (5076).
الأنساب، والنياحة) مر غير مرة ذكر الثلاث هذه. (طب) (1) عن سلمان يعني الفارسي قال الهيثمي: فيه عبد الغفور أبو الصباح ضعيف.
"ثلاثة من مكارم الأخلاق عند الله: أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك". (خط) عن أنس.
(ثلاثة من مكارم الأخلاق عند الله: أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك)(خط)(2) عن أنس.
3495 -
"ثلاثة من السحر: الرُّقَى، والتول، والتمائم". عن أبي أمامة.
(ثلاثة من السحر: الرقى) جمع رقية وتقدم الكلام فيها وأن أحاديث النهي والذم لها تتوجه إلى ما كان بغير اللسان العربي وقوله: (التول) بكسر المثناة الفوقية وفتح الواو قال الديلمي: التول ما يحبب المرأة إلى زوجها وأما: (التمائم) فهي جمع تميمة وهي خرزات تعلقها العرب على أولادها لاتقاء العين فأبطلها الشارع. (طب)(3) عن أبي أمامة قال الهيثمي: فيه علي بن يزيد الإلهاني وهو ضعيف.
3496 -
"ثلاثة من أعمال الجاهلية لا يتركهن الناس: الطعن في الأنساب، والنياحة، وقولهن مطرنا بنوء كذا وكذا". (طب) عن عمرو بن عوف.
(ثلاثة من أعمال الجاهلية لا يتركهن الناس) هذا من أعلام النبوة. (الطعن في الأنساب، والنياحة، وقولهم مطرنا بنوء كذا وكذا) تقدم الكلام في هذا مراراً.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 239)(6100)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 13)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3055).
(2)
أخرجه الخطيب في تاريخه (1/ 329)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2586)، والضعيفة (3434): ضعيف جدًا.
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 203)(7823)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 109)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2583).
(طب)(1) عن عمرو بن عوف) بن مالك المزني قال الهيثمي: فيه كثير بن عبد الله المزني ضعيف.
3497 -
"ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة عبد: رجل يكون في بَرّيّة حيث لا يراه أحد إلا الله فيقوم فيصلي، ورجل يكون معه فئة فيفر عنه أصحابه فيثبت، ورجل يقوم من آخر الليل". ابن منده وأبو نعيم في الصحابة عن ربيعة بن وقاص
(ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة عبد) ما لم يدع بإثم كما قيده فيما مضى (رجل يكون في بَرّيّة حيث لا يراه أحد إلا الله) مرفوع بالبدلية من أحد (فيقوم فيصلي) أي فرضا أو نفلا ففيه مأخذ أن الجماعة لا تجب وقد ثبت أحاديث في فضل صلاة المرء في البرية. (ورجل يكون معه فئة) أي طائفة في جهاد العدو. (فيفر عنه أصحابه فيثبت)[2/ 362] فيقاتل فيقتُل أو يُقتل وفيه جواز الانفراد عن القوم ومقاتلة العدو ولو كثر عدده وأنه لا يكون إلقاء للنفس إلى التهلكة فيكون له الأجر الكبير. (ورجل يقوم من آخر الليل) أي بعضا من الآخر وهو من بعد الثلث بصلاة وتلاوة فإن قيام الليل عبارة عن ذلك. (ابن منده وأبو نعيم (2) في الصحابة عن ربيعة بن وقاص) قال الذهبي: حديث مضطرب (3).
3498 -
"ثلاثة نفر كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار وكان لآخر عشر أواق فتصدق منه بأوقية وآخر كان له مائة أوقية فتصدق منها بعشر
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 19)(20)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 13)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3054).
(2)
أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ رقم 2779)، وقال: في إسناده حديثه (ربيعة بن وقّاص) نظر. انظر الإصابة (2/ 477)، وفيض القدير 3/ 322، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2587)، والضعيفة (3445): ضعيف جداً.
(3)
قاله الذهبي في كتابه: تجريد أسماء الصحابة (1/ 182 رقم 1883).
أواق، هم في الأجر سواء، كل تصدق بعشر ماله". (طب) عن أبي مالك الأشعري.
(ثلاثة نفر) الحديث كأنه إخبار عن الواقع ويحتمل أنه إخبار عما يقع وفيه أن الأجر باعتبار مقدار المخرج منه. (كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار وكان لآخر عشرة أواق) كأن الظاهر عشر دنانير ميزة فكأنه على مزاوجة دنانير وفي الأجر مثله. (فتصدق منه بأوقية وآخر كان له مائة أوقية فتصدق منها بعشر أواق، هم في الأجر سواء) كل واحد قد أخرج عشر ماله وفيه أن القليل من القليل كالكثير من الكثير وليس باعتبار الموقع من المعطى فإنه لا شك أن موقع العشر الأواقي أعظم عند الأخذ من الدينار وفيه أن ذا المال الكثير يتعين عليه التوسع في الصدقة لينال درجة ذي المال الحقير المنفق وقوله: (كل تصدق بعشر ماله) جملة مستأنفة للتعليل كأنه قيل: ولما استووا وقد اختلف المال المتصدق به كثرة وقلة؟ قال: قد
…
إلخ. (طب)(1) عن أبي مالك الأشعري) كعب بن مالك (2).
3499 -
"ثلاثة هم حُدَّثُ الله يوم القيامة: رجل لم يمش بين اثنين بمراء قط، ورجل لم يحدث نفسه بزنا قط، ورجل لم يخلط كسبه بربا قط". (حل) عن أنس.
(ثلاثة هم حُدَّاثُ الله يوم القيامة) بضم المهملة وتشديد الدال المهملة ومثلثة قال في النهاية (3): أي جماعة يتحدثون وهي جمع على غير القياس حملاً على نظيره نحو سامر وسُمَّار فإن السُّمَّار المحدثون والمراد أنهم يكلمون الله تعالى
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 292)(3439)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2588).
(2)
أبو مالك الأشعري له صحبة واختلفوا في اسمه اختلافاً كثيراً انظر: تهذيب الكمال (34/ 245).
(3)
انظر النهاية (1/ 350).
ويكلمهم في الموقف والناس في شغل بأنفسهم الأول: (رجل لم يمش بين اثنين بمراء قط) أي لم ينقل من هذا إلى هذا أخباراً ولا كلاما يثير به الشر بينهما ويدخل فيه النمام والثاني: (رجل لم يحدث نفسه بزنا قط) أي ما هم به ولا جال في خاطره ولا تعلق بباله بل كرمت نفسه عن خطراته كما قيل في صفته صلى الله عليه وسلم كرمت نفسه فلا يخطر السوء على باله ولا الفحشاء وذلك لشدة مراقبته الله سبحانه وتعالى وشغل فكره بتطهيره عن الأدناس الفكرية والخطرات الشهوانية والثالث: (رجل لم يخلط كسبه برباً قط) بالباء الموحدة تقدم مراراً. (حل)(1) عن أنس) ورواه عنه أيضاً الديلمي.
3500 -
"ثلاثة لا تحرم عليك أعراضهم: المجاهر بالفسق، والإمام الجائر، والمبتدع". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن الحسن مرسلاً.
(ثلاثة لا تحرم عليك أعراضهم) بل يجوز اغتيابهم الحديث مطلق والظاهر أنه مقيد بما إذا كان اغتيابهم تحذيراً من شرهم وتعريفا بحالهم ونحو ذلك بما له فائدة في الدين، لا لمجرد التفكه والتللذ بذمهم. (المجاهر بالفسق) أي الآتي بما يفسق به جهاراً من غير مساترة فإنه يجوز ذكره بما يجاهر به فقط ولا يتعداه إلى سائر معاتبه. (والإمام الجائر) أي الخارج عن الحق وفي تسميته إماما لغة. (والمبتدع) فهو لا يجوز غيبتهم بالقيد الذي ذكرناه والشرط الذي أسلفناه. (ابن أبي الدنيا (2) في ذم الغيبة عن الحسن مرسلاً).
3501 -
"ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون". (ت) عن أبي أمامة.
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 263)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2589)، والضعيفة (3446) ضعيف جداً.
(2)
أخرجه ابن بي الدنيا في ذم الغضب (100)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2590).
(ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم) أي لا ترفع إلى السماء وهو كناية عن عدم قبولها كما صرح به في رواية للطبراني، وقيل: لا يرتفع إلى الله تعالى رفع العمل الصالح بل شيئاً قليلاً من الرفع كما نبه عليه بذكر الآذان وخصها بالذكر لما يقع فيها من التلاوة والدعاء وهذا كقوله في المارقة: "يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم" عبر به عن عدم القبول بعدم مجاوزته الآذان بدليل التصريح بعدم القبول في رواية أخرى، أو المراد لا ترفع عن آذانهم فتظلهم كما يظل العمل الصالح صاحبه يوم القيامة والثلاثة تقدم ذكرهم في الجزء الأول. (العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام يؤم قوماً وهم له كارهون). (ت)(1) عن أبي أمامة) قال الترمذي: حسن غريب وضعفه الهيثمي وأقرَّه عليه الزين العراقي في موضع وقال في آخر: إسناده حسن، وقال الذهبي: إسناده ليس بالقوي وروي بإسنادين آخرين هذا أمتنهما.
3502 -
"ثلاثة لا ترى أعينهم النار يوم القيامة: عين بكت من خشية الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله". (طب) عن معاوية بن حيدة.
(ثلاثة لا ترى أعينهم النار يوم القيامة) كناية عن عدم دخولهم إياها وأما وقوع الرؤية فالظاهر أنه كائن لكل من في الموقف ويحتمل الحقيقة [2/ 363](عين بكت من خشية الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله) بالغين المعجمة وتشديد الضاد المعجمة أي خفضت وأطرقت والمراد أنها وقعت منها هذه الأفعال وماتت ولم تحدث ما يبطلها ويغير ثوابها.
(1) أخرجه الترمذي (360)، والبيهقي في السنن (3/ 128)، وانظر: تخريج أحاديث الإحياء (1/ 121)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3057).
(طب)(1) عن معاوية بن حيدة) قال الهيثمي: فيه أبو حبيب العبقري ويقال: العزي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
3503 -
"ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان". (هـ) عن ابن عباس.
(ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً) تقدم آنفاً معناه. (رجل أمّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان) أي متهاجران متقاطعان من الصرم القطيعة، والمراد أخوان في دين أو نسب، وإنما التصارم فوق الثلاث؛ لأنه قد أبيح ثلاثاً. (هـ) (2) عن ابن عباس) قال الزين العراقي في شرح الترمذي: إسناده حسن.
3504 -
"ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله تعالى فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب تبارك وتعالى: "وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين". (حم ت هـ) عن أبي هريرة.
(ثلاثة لا ترد دعوتهم) أي بل يستجاب سواء كانت لهم أو لغيرهم. (الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم) تقدمت الثلاثة وقوله: (يرفعها الله حال من دعوة المظلوم. (فوق الغمام) بزنة السحاب هي السحاب. (وتفتح لها أبواب السماء) أي لعظمة أمرها فإنها تفتح أبواب السماء لها نفسها أو للملك الذي يرفعها. (ويقول الرب تبارك وتعالى: وعزتي لأنصرنك) إعلام بأن المالك للظالم المتصرف فيه كيف يشاء القادر هو المقسم بعزته وهي غلبته وعظمته
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 416)(1003)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 288)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2591)، وصححه في الصحيحة (2673).
(2)
أخرجه ابن ماجه (971)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2593).
لينصرن المظلوم فلا غالب له ولا راد لأمره وكفى بهذه العبرة والإخبار الصادق تسلية ونصرة. (ولو بعد حين) فيه دلالة على أن حكمته تعالى تقتضي بأن يمهل الظالم ولا يهمله ومن محاسن كلام ابن القيم (1) في بعض كتبه في الكلام بعد سرد حديث الحجر المغصوب في البناء أساس الخراب سبحان الله كم بكت في تنعم الطاغين أرملة واحترقت كبد يتيم وجرت دمعة مسكين {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ} [المرسلات: 46]، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88] ما ابيض لون رغيفهم حتى اسود لون صنيعهم وما سمنت أجسامهم حتى نحلت أجسام من استأثروا عليه لا تحتقر دعاء المظلوم فشرر قلبه محمول بضجيج صوته إلى سقف بيتك ويحكي نبال أدعيته مصيبة وأن يأخذ الوقت قوسه قلبه المقروح ووتره الليل وأستاذه صاحب لأنصرنك ولو بعد حين لقد رأيت ولكن لست تعتبره احذر عداوة من ينام وطرفه باك يقلب وجهه نحو السماء يرمي سهاما ما لها غرض سوى الإخشاء منك فلربما ولعلها. (حم ت هـ)(2) عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن غريب انتهى قال الشارح: وفيه مقال طويل بينه ابن حجر وغيره.
3505 -
"ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا، وأمة أو عبد أبق من سيده فمات، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده، فلا تسأل عنهم"(خد ع طب ك هب) عن فضالة بن عبيد.
(ثلاثة لا تسأل عنهم) مبني للمعلوم أي لا تسأل عن كيفية عقوبتهم فهي من
(1) بدائع الفوائد (3/ 762).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 445)، والترمذي (3598)، وابن ماجه (1752)، وانظر التلخيص الحبير (2/ 96)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2592)، والضعيفة (1358).
الفظاعة بحيث لا يحتملها السمع أو لا تهتم بهم ولا تسأل عنهم فهم أحقر من أن تعتني بشأنهم وتشتغل بالسؤال عنهم، أو لا تسأل الشفاعة فيهم فإنهم هالكون أولهم:(رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً) أي فارق عمن اجتمع عليه الناس ولا أتى أمراً يوجب فراقه من ظلم وعصيان لله وتعد لحدوده فإنه لا يجوز من أحد الخروج عليه فإن المراد فارقه مفارقة تضره وتضر المسلمين ولذا قال فارق الجماعة وعصى إمامه فأنه لو عصى إمامه وبقى في جماعته غير متعد بصره أحداً لم يدخل في الوعيد، وأخص الناس لهذه الصفة الخوارج المارقون فإنهم كانوا بهذه الصفة وماتوا عاصين غير تائبين. (وأمة أو عبد أبق من سيده فمات) لعل تقديم الأمة إشعارا بأن إباقها أشد قبحا وأعظم عند الله إثما ولذلك خصصها بتقديم الذكر وإلا فإن غالب الأحاديث يذكر فيها العبد والأمة تبع له كما تكرر ذكر الرجل والمرأة متابعة له كما تقدم الكلام في صدره وتقدم الكلام في الإباق. (وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا) أي ما تحتاجه فيما يقوم بمؤنتها [2/ 364] ولا مفهوم لهذا القيد لأنها منهية عن التبرج للرجال مطلقا وإنما هو لبيان كمال قبح ما أتت به وأنه لا معذرة لها فإن أسباب العفة غير مفقودة لديها نظير ذم الشيخ الزاني. (فتبرجت) أي تعرضت لهم والتبرج التبختر في المشي المنهي عنها في قوله تعالى:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] وقوله: (فلا تسأل عنهم) تأكيد للأول وهو نهي فيهما معا مجزوم. (خد ع طب ك هب)(1) عن فضالة بن عبيد) قال الحاكم: على شرطهما ولا أعلم له علة وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (590)، وأبو يعلى (7203)، والطبراني في الكبير (18/ 306)(788)، والحاكم (1/ 206)، والبيهقي في الشعب (7797)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 105)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3058)، والصحيحة (542).
3506 -
"ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل ينازع الله إزاره، ورجل ينازع الله رداءه، فإن رداءه الكبرياء وإزاره العز، ورجل في شك من أمر الله، والقنوط من رحمة الله". (خد ع طب) عن فضالة بن عبيد.
(ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل ينازع الله إزاره، ورجل ينازع الله رداءه) قال في النهاية (1): ضرب الإزار والرداء مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما. (فإن رداءه الكبرياء وإزاره العز) شبههما بالإزار والرداء المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان أو لأنه لا يشاركه في ردائه وإزاره أحد فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشاركه فيهما أحد والمنازعة والمجاذبة والمراد أنه بتكبره وتعززه كأنه ينازع ربه صفته الخاصة به. (ورجل في شك من أمر الله) أي في ريب من شأنه تعالى وأوامره ونواهيه أو وجوده وصفاته وجعل الشك ظرفا له لتمكنه فيه إما إشارة إلى أنه لا يبلغ به الإثم هذه الرتبة إلا إذا تمكن في الريب لا إذا كان عارضا وخاطرًا يزول أو إشارة إلى أن أدنى شك وريب يكون به صاحبه كأنه في غاية التمكن فيه وأنه لا عذر له فيه لتعاضد أدلة اليقين وطلوع شموس براهين الحق {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10](والقنوط) بضم القاف اليأس. (من رحمة الله) فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون وهو عطف على الشك وفيه النكتة الأخيرة لا الأولى إلا باحتمال بعيد، وفيه أنه لا ييأس المذنب من رحمة الله تعالى وأن رحمته واسعة كل شيء والمراد رحمته في الدارين. (خد ع طب) (2) عن فضالة بن عبيد) قال الهيثمي: رجاله ثقات.
(1) انظر النهاية (1/ 44).
(2)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (590)، وأبو يعلى (7204)، والطبراني في الكبير (18/ 306)(789)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 105)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3059)، والصحيحة (542).
3507 -
"ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضأ". (د) عن عمار بن ياسر.
(ثلاثة لا تقربهم الملائكة) أي النازلون بالبركة والرحمة والطائفون على العباد بالزيارة واستماع الذكر كما يرشد إليه قوله في الثاني بخير لا الحفظة فإنهم لا يفارقونه طرفة عين وفي قوله: (جيفة الكافر) أي ميتته إشعار بأن المراد ملائكة الرحمة لا ملائكة العذاب فإنه قد ثبت قربانهم له، ويحتمل أن المراد بجيفة جسده الخالي عن روحه فلا يقربونه والعذاب والقربان لروحه وفي قوله جيفة إلمام بهذا بخلاف المؤمن فإنهم يقربون روحه وجسده خاليا عنه. (والمتضمخ بالخلوق) بفتح الخاء طيب له صبغ يتخذ من الزعفران وغيره لما فيه من التشبه بالنساء. (والجنب إلا أن يتوضأ) قال الكلاباذي: يجوز أنه في من اجتنب من محرَّم أما من حلال فلا تجتنبه الملائكة ولا البيت الذي هو فيه فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا بغير حلم ويصوم ذلك اليوم وكان يطوف على نسائه بغسل واحد ويجوز أنه فيمن أجتنب باحتلام وترك الغسل مع وجود الماء فبات جنباً؛ لأن الحلم من الشيطان فمن تلعب به في يقظة أو منام تجنبه الملك الذي هو عدو الشيطان انتهى، (د)(1) عن عمار بن ياسر).
3508 -
"ثلاثة لا تقربهم الملائكة بخير: جيفة الكافر، والمتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يبدو له أن يأكل أو ينام فيتوضأ وضوءه للصلاة". (طب) عن عمار بن ياسر.
(ثلاثة لا تقربهم الملائكة بخير) أي ببركة ورحمة وهو مقيد لإطلاق الأول: (جيفة الكافر) في التعبير عن ميتته بالجيفة إبعاد له وتحقير. (والمتضمخ
(1) أخرجه أبو داود (4180)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3061).
بالخلوق، والجنب إلا أن يبدو له أن يأكل أو ينام فيتوضأ وضوءه للصلاة) استثناء من الحث للإعلام بأنه إذا توضأ وضوءه للصلاة والظاهر أن المراد بعد غسله للنجاسة لإرادة أكل فإنها تقربه الملائكة، ويلحق بالأكل النوم لثبوته في حديث آخر، والظاهر أن التقييد بالأكل خرج مخرج الغالب لا أنه لا يكون الحكم إلا إذا فعل الوضوء لأجله. قال القاضي: المراد بالكلام حيث تهاون في الغسل وآخره [2/ 365] حتى مر عليه وقت صلاة وجعل ذلك دأباً وعادة فإنه مستخف بالشرع متساهل بالدين غير مستعد لاتصالهم والاختلاط بهم لا جنب كان لما ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد. (طب)(1) عن عمار بن ياسر قال في مسند الفردوس وفي الباب ابن عباس وغيره.
3509 -
"ثلاثة لا تقربهم الملائكة: السكران، والمتضمخ بالزعفران، والحائض والجنب". البزار عن بريدة.
(ثلاثة لا تقربهم الملائكة: السكران، والمتضمخ بالزعفران) فيه بيان أنه الخلوف أو من أفراده. (والحائض والجنب) هؤلاء أربعة فيحتمل أنه أراد بالآخرين المحدث حدثًا أكبر سماهما واحداً. (البزار (2) عن بريدة)، قال الهيثمي: فيه عبد الله بن حكيم لم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
3510 -
"ثلاثة لا يجيبهم ربك عز وجل: رجل نزل بيتاً خرباً، ورجل نزل على طريق السبيل، ورجل أرسل دابته، ثم جعل يدعو الله أن يحبسها". (طب) عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 361)(12017)، والديلمي في الفردوس (2515)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2595).
(2)
أخرجه البزار (1402)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 72)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3060).
(ثلاثة لا يجيبهم ربك عز وجل أي لا يجيب دعاءهم ولا يلبي نداءهم، الأول: (رجل نزل) أي حل وسكن. (بيتاً خرباً) أي مشارفاً على الخراب أو بعضه خراباً وبقيته على الهدام؛ لأنه عرض نفسه للهلاك وقد نهى عن إهلاكها وأمر باتخاذ أسباب السلامة فصار عاصيا فلا تجاب له دعوة ومثله سائر الأسباب كمن قطع مفازة فيها السبع ويعلم أنه لا دافع له عنه ونحوها من الأسباب، وفيه أن إضاعة النفس لا تجوز فيجب عليه تطلب ما يسد جوعته وظمأه. (ورجل نزل على طريق السبيل) الإضافة بيانية إذ الطريق هي السبيل ويحتمل أنه من إضافة العام إلى الخاص فإن الطريق يحتمل المملوكة وغيرها فلا يكون النازل المراد هنا إلا من نزل طريقا مسبلة لا طريقاً يملكها أي أقام بها فتخطاه المارة وربما عثرت به دابة أو حمله سيل فهو متعرض أيضاً لإهلاك نفسه، وفي بعض النسخ السيل بدون موحدة وكان معناه حسنا إلا أنه لم يثبت ما صحح من النسخ (ورجل أرسل دابته) أي أطلقها عن وثاقها. (ثم جعل يدعو الله أن يحبسها) فإنه تعالى لا يجيب دعاءه؛ لأنه قد نهاه عن إضاعة الأسباب وقد قال صلى الله عليه وسلم "اعقلها وتوكل". (طب)(1) عن عبد الرحمن بن عائذ) بالمهملة وهمزة والمعجمة (الثمالي) بمثلثة مضمومة والتخفيف نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد وفي نسخ اليمامي، قال الهيثمي: فيه صدقة بن عبد الله السمين وثقه دحيم وضعفه أحمد.
3511 -
"ثلاثة لا يحجبون عن النار: المنان، وعاق والده، ومدمن الخمر". رستة في الإيمان عن أبي هريرة.
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير كما عزا له الهيثمي في المجمع (3/ 213)، والإصابة (5/ 235)، والمناوي في فيض القدير (3/ 326)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2596)، والضعيفة (3449).
(ثلاثة لا يحجبون عن النار) أي لا يمنعون عنها برحمة الله ولا بأعمالهم ولا بشفاعة، وفي التعبير بهذه العبارة إشعار بأنهم قد صاروا لقبح أعمالهم بحيث يطلبون دخول النار. (المنان) هو الذي يعتدي بما أعطاه ويمن به على من حباه. (وعاق والده) أو أحدهما. (ومدمن الخمر) وتقدم وعيد الثلاثة غير مرة. (رستة (1) في الإيمان عن أبي هريرة).
3512 -
"ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر، ومن مات وهو مدمن للخمر سقاه الله من نهر الغوطة، نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن". (حم طب ك) عن أبي موسى.
(ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر) أي قابل لما يدعيه الساحر من الآثار سواء عمل به أو لم يعمل وسواء تعلمه أو لم يتعلمه، ففيه أنه يجب تكذيب الساحر ورد ما يزعمه وما عرف من الآثار أنه حقيقة فإنه يجب أن يعلم أنه بإذن الله وخلقه لا بسحر الساحر. قال الذهبي: ويدخل تعلم السيمياء وعملها وهي محض السحر وعقد الرجل عن زوجته ومحبة الزوج لامرأته وبغضها وأشباه ذلك بكلمات مجهولة. (ومن مات مدمن للخمر سقاه الله من نهر الغوطة) بضم الغين المعجمة، في القاموس (2): أنها مدينة دمشق فيحتمل أنها تجعل نهرا يوم القيامة بذلك وأنه اسم النهر في الآخرة وفسره الإبدال بقوله. (نهر يجري من فروج المومسات) بالسين المهملة مضموم الميم جمع مومسة واحدة الزواني. (يؤذي أهل النار) على ما بهم من الأذى فإنهم لا يتأذون إلا من أمر مهول يذهلهم عما هم فيه. (ريح فروجهن) فكيف
(1) أخرجه رسته في الإيمان كما في الكنز (43805)، وانظر فيض القدير (3/ 326)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2597).
(2)
انظر القاموس (2/ 376، 377).
الخارج منها فإنه لا يؤدي ريح المخرج إلا من شدة نتن الخارج في الأغلب. (حم طب ك)(1) عن أبي موسى) قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي.
3513 -
"ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء". (ك هب) عن ابن عمر.
(ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث) هم من ديَّثت البعير إذا ذلّلته ولينته بالرياضة فكان الديوث ذلَّل حتى رأى المنكر بأهله فهان عليه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى (2): ذكر الديوث يدل على أن الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له فالغيرة [2/ 366] تحمي القلب فتحمى له الجوارح فتدفع السوء والفواحش وعدمها يميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة، والغيرة في القلب كالقوة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت كان الهلاك. (ورجلة النساء) بفتح الراء وضم الجيم، وقيل بكسرها وفتح اللام أي المتشبهة بالرجال في الزي والهيئة لا في العلم والرأي فإنه محمود. (ك هب) (3) عن ابن عمر) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص.
3514 -
"ثلاثة لا يدخلون الجنة: والديوث أبداً، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر". (طب) عن عمار بن ياسر.
(ثلاثة لا يدخلون الجنة: أبداً) قيل التقييد بها مع كونها لا يدخلها التخصيص على ما قيل يدل على أنه أريد بالثلاثة من استحل. (الديوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر) وتقدمت الثلاثة وتمام الحديث هذا عند الطبراني: "قالوا: يا
(1) أخرجه أحمد (4/ 399)، والحاكم (4/ 163)، وابن حبان في موارد الظمآن (1380)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2598)، والضعيفة (1463).
(2)
الجواب الكافي (1/ 45).
(3)
أخرجه الحاكم (1/ 144)، والبيهقي في الشعب (10799)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3063)، والصحيحة (3099).
رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث؟ قال:"الذي لا يبالي من دخل على أهله"، قلنا: فما الرجلة؟ قال: "التي تتشبه بالرجال" انتهى. (طب)(1) عن عمار بن ياسر) قال الهيثمي: فيه مساتر وليس فيهم من قيل إنه ضعيف ورواه عنه أيضاً البيهقي في الشعب.
3515 -
"ثلاثة لا يرد الله دعائهم: الذاكر الله كثيراً، والمظلوم، والإمام المقسط". (هب) عن أبي هريرة.
(ثلاثة لا يرد الله دعائهم) أي بل يستجيبه فإنه كناية عن ذلك وإن كان أعم منه. (الذاكر الله كثيراً) أي دائماً أو غالبا وتقدم ذكر. (المظلوم، والإمام المقسط). (هب)(2) عن أبي هريرة) فيه حميد بن الأسود أورده الذهبي في الضعفاء (3) وقال: كان عفان يحمل عليه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ثقة ضعفه أبو حاتم عن شريك بن أبي نمر قال يحيى والنسائي: ليس بالقوي.
3516 -
"ثلاثة لا يريحون رائحة الجنة: رجل ادعى إلى غير أبيه، ورجل كذب علي، ورجل كذب على عينيه". (خط) عن أبي هريرة.
(ثلاثة لا يريحون رائحة الجنة) من راح إذا أدرك الرائحة وهي العرف أي لا يجدونه وقد ثبت أنه يدرك من مسير خمسمائة عام وهو كناية عن عدم دخولها نفي اللازم لانتفاء ملزومه. (رجل ادعى إلى غير أبيه) أي انتسب إلى غير من خلقه الله من مائه فهو كاذب على الله تعالى. (ورجل كذب علي) أي افترى عليه صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً. (ورجل كذب على عينيه) أي قال: رأيت في منامي
(1) لم أقف عليه من الكبير، وأخرجه البيهقي في الشعب (10800)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 327)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3062).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (588)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3064)، وصححه في الصحيحة (3074).
(3)
انظر المغني (1/ 193).
كذا كاذباً فإنه كذب على الله تعالى وعلى ملك الرؤيا إذ الرؤيا الصالحة بشرى من الله تعالى وذلك ذنب كبير فاستحق العقوبة ولأن رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة كما ثبت في عدة من الأخبار فكأن الكاذب فيها متنبئاً بادعائه جزءًا من ستة وأربعين جزءا من النبوة، ومدعي الجزء كمدعي الكل ذكره الكلاباذي. (خط) (1) عن أبي هريرة) ورواه عنه البزار قال الهيثمي: فيه عبد الرزاق بن عمر ضعيف ولم يوثقه أحد.
3517 -
"ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو علم، وإمام مقسط". (طب) عن أبي أمامة.
(ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم، وإمام مقسط). (طب)(2) عن أبي أمامة، قال الهيثمي: هو من رواية عبد الله بن زحر عن علي بن زيد وكلاهما ضعيف.
3518 -
"ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق بين النفاق: ذو الشيبة في الإسلام، والإمام المقسط، ومعلم الخير". أبو الشيخ في التوبيخ عن جابر.
(ثلاثة لا يستخف بحقهم) والحق الذي لهم توقيرهم بالتعظيم والإجلال والرعاية وقبول كلامهم ونحوه. (إلا منافق) ليس المراد به مظهر خلاف ما يبطن من إهانتهم بل يتصف بصفة المنافق فإن من صفته أن يستخف بحق من جعل الله له حقاً (بين النفاق) بتشديد المثناة التحتية أي ظاهرة واضخة وذلك لأنه نفاقاً عملي يظهر للأبصار فهو أوضح من النفاق القلبي وإنما كان ذلك نفاقا
(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 75)، والديلمي في الفردوس (2507)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 148)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2599)، والضعيفة (2138): ضعيف جداً.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 202)(7819)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 127)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2601)، والضعيفة (3249): منكر.
لأن الله تعالى أمر بإكرامهم فتارك أمرا فيه منافق وهم: (ذو الشيبة في الإسلام) لا الشايب في غيره فإنه لا حق له به بل إهانته مرادة لذهاب عمره في معصية الله تعالى. (ومعلم الخير) أي يعلم الناس الخير أي علم الشريعة وهو علم السنة والكتاب لا غيره، ثم المراد العامل لا الخليع فإنه لإهانته حق العلم لا حق له وأحسن من قال:
قالوا فلانٌ عالم فاضل
…
فعظموه مثل ما يقتضي
فقلت لما لم يكن ذا تقىً
…
تعارض المانع والمقتضي (1)
(والإمام المقسط) أي العادل في رعيته. أبو الشيخ (2) في التوبيخ عن جابر قال الشارح: إنه ضعيف ولم يبين وجهه، لكن قالوا له وللذي قبله شواهد منها ما رواه الخطيب عن أبي هريرة مرفوعاً:"لا يوسع المجلس إلا لثلاثة لذي علم لعلمه [2/ 367] ولذي سلطان لسلطانه ولذي سن لسنه"(3) وعن كعب قال: نجد في كتاب الله تعالى أن يوسع في المجلس لذي الشيبة المسلم والإمام العادل ولذي القرآن ونعظمهم ونوقرهم ونشرفهم.
3519 -
"ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً: عاق، ومنان، ومكذب بالقدر". (طب) عن أبي أمامة.
(ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفاً) أي توبة أو نافلة أو وجها يصرف عن نفسه العذاب. (ولا عدلاً) أي فريضة وقيل فدية يعني لا يقبل الله قبولاً يكفر به عنه هذه الخطيئة وإن كان قد تكفرها طاعات أخر. (عاق، ومنان،
(1) الأبيات منسوبة لابن دقيق العيد.
(2)
أخرجه الرافعي في التدوين (1/ 186)، والخطيب في تاريخه (8/ 27)، وتاريخ دمشق (43/ 453)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2600)، وقال في الضعيفة (3249): منكر.
(3)
أخرجه الديلمي في الفردوس (8023)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 364).
ومكذب بالقدر) الثلاثة تقدم تفسيرهم. (طب)(1) عن أبي أمامة) قال الهيثمي رواه بإسنادين في أحدهما بشر بن نمير وهو متروك وفي الآخر عمر بن يزيد وهو ضعيف انتهى ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وقال ابن حبان: عمر بن يزيد يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل انتهى، وخالفهم الذهبي وقال عمر بن يزيد صويلح.
3520 -
"ثلاثة لا يقبل الله تعالى منهم صلاة: الرجل يؤم قوما وهم له كارهون، والرجل لا يأتي الصلاة إلا دباراً، ورجل اعتبد محرراً". (د هـ) عن ابن.
(ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: الرجل يؤم قوما وهم له كارهون، والرجل لا يأتي الصلاة إلا دباراً) بكسر الدال المهملة أي بعد فوات وقتها، وقيل دبارا جمع دبر وهو آخر الوقت نحو {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] والمراد يأتيها حين أدبر وقتها وهذا فيمن اتخذه ديدنا وعادة. (ورجل اعتبد محرراً) أي اتخذه عبداً كأن يأخذ حراً فيدعيه عبداً أو يعتق عبداً أو يكتمه عتقه ويستخدمه (د هـ)(2) عن ابن عمرو بن العاص) فيه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: عبد الرحمن الأفريقي ضعفه الجمهور.
3521 -
"ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحو". ابن خزيمة (حب هب) عن جابر.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 119)(7547)، و (8/ 240)(7938)، وابن عدي في الكامل (2/ 7)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 206)، والعلل المتناهية (1/ 157)، وقال المنذري (3/ 224): إسناده حسن، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 218)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3065)، والصحيحة (1785).
(2)
أخرجه أبو داود (593)، وابن ماجه (970)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2603).
(ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة) تقدم الكلام عن معنى نفي القبول. (ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة) تعميم من بعد التخصيص. (العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه) فيه تنبيه ربه تعالى لا يقبل حسنة العاصي من عباده؛ لأنه إذا لم يقبل حسنة من عصى مولاه الذي حقه عليه بالنسبة إلى حق الله على عبيده لا يستحق أن يسمى حقًّا فكيف يقبل حسنة من عصى من لا يقوم بحقه أحد ولا اجتهد في طاعته عمره كله إلا أنه تعالى بكرمه وغناه يقبل طاعة من عصاه وإلا لزم أن لا يقبل إلا طاعة المعصوم إذ كل بني آدم خطاؤون. (والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحوا) أي لا يقبل له صلاة ولا حسنة حال سكره، إن قلت: السكران لا تسمى صلاته صلاة؟ قيل: إنها سميت باعتبار الصورة، ويحتمل أن المراد به الساكر وإن لم يصر ثملاً. (حب هب) (1) عن جابر) فيه زهير بن محمد عن ابن المنكدر قال البيهقي في السنن: تفرد به زهير، قال الذهبي في المهذب (2): قلت هذا من مناكير زهير.
3522 -
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منة، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". (حم م4) عن أبي ذر (صح).
(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة) أي كلاما يرضى به عنهم أو لا يرسل ملائكته بالتحية إليهم أو بالبشارة بالنجاة بالرحمة. (ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم) أي لا يطهرهم عن أدران الذنوب بمياه مغفرته، وتقدم أن نفي النظر كناية عن
(1) أخرجه ابن خزيمة (940)، وابن حبان (12/ 168)(5355)، والبيهقي في الشعب (5591، 8600)، وانظر علل ابن أبي حاتم (1/ 174)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2602)، والضعيفة (1075).
(2)
انظر: المهذب في اختصار السنن الكبير (رقم 1643).
الإهانة والاستحقار. (ولهم عذاب أليم) أي مؤلم أو وصف بصفة من ملابسه وفسرهم بقوله: (المسبل إزاره، والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة) أي منَّ به على من أعطاه ويحتمل أنه أريد بالمنِّ النقص الذي ينقص غيره حقه كالنقص في الكيل والوزن ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} [القلم: 3] أي منقوص. (والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) أي صاحبه أو بمعنى مكذوب أو إسناد مجازي والسلعة: المتاع وما أتجر فيه كما في القاموس (1) بالحلف الكاذب أي بسببه، قال الطيبي: جمع الثلاثة في قرن لأن المسبل إزاره هو المتكبر المرتفع بنفسه على الناس يحتقرهم والمنان إنما يمن بعطائه لما رآه من علوه على من أعطاه والحالف البائع يراعي غبطة نفسه وبذلك يجازيهم الله تعالى باحتقاره لهم وعدم التفاته إليهم كما صرح به ولا يكلمهم وإنما قدم ذكر الجزاء مع أن رتبته التأخير عن الفعل لتعظيم شأنه وتهويل أمره [2/ 368] ولتذهب نفس السامع كل مذهب ولو قيل: المسبل والمنان والمنفق لا يكلمهم الله لم يقع هذا الموقع انتهى. قلت: ولا يخفى أنه أراد بقوله جزاء أي مجازاته تعالى لهم أي الإخبار عنها. (حم م4)(2) عن أبي ذر.
3523 -
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعته لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل مائه فيقول الله: "اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك". (ق) عن أبي هريرة (صح).
(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعته لقد
(1) انظر القاموس (3/ 39).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 158، 162، 168، 177)، ومسلم (106)، وأبو داود (4087)، والترمذي (1211)، والنسائي (2/ 42، 6/ 294)، وابن ماجه (2208).
أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب) أي لقد أعطاه مساوم أوفى أكثر مما أعطاه من يريد بيعها منه وكلاهما مبنيان للمجهول وهذا أحد أنواع تنفيق السلعة باليمين الكاذبة. (ورجل حلف على يمين) عداه بعلى لتضمينه معنى مقدما ومصراً أي حلف مقدما على يمين. (كاذبة) لكذب المحلوف عليه، وخص (بعد العصر) لأنه وقت شريف ترفع فيه الأعمال ووقت ختامها والأمور بخواتمها فتغلظ فيه عقوبة الذنب كذا قيل، وقيل: إنه ليس بقيد وإنما خرج مخرج الغالب؛ لأن مثله غالبا يقع في أواخر النهار حيث يريدون الفراغ من معاملاتهم. (ليقتطع مال رجل مسلم) ومثله المعاهد والاقتطاع أخذ قطعة منه. (ورجل منع فضل مائه) أي ما زاد على كفايته وظاهر إضافته إليه أن الكلام في بئر حفرها في ملكه أو في موات للارتفاق وفضل عن حاجته ما يحتاجه غيره، وقيل إن في قوله أجرًا ما لم يعمل بذاك ما يدل أنه أريد المياه المتاحة النابعة في موضع لا يختص بأحد ولا صنع للآدميين في إجرائها وإنباطها كمياه العيون والأنهار الجارية في بطون الأودية والتقييد في الحديث الثاني بقوله في:"فلاة" ربما أرشد إلى هذا وإن كان يحتمل أن الوعيد لمانع فضل مائه وفضل ما في الفلاة ولذا قلنا ربما. (فيقول الله: "اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك). (ق)(1) عن أبي هريرة).
3524 -
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا: فإن أعطاه منها وفي، وإن لم يعطه منها لم يف". (حم ق4) عن أبي هريرة (صح).
(1) أخرجه البخاري (2369)، ومسلم (108).
(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل مائه في الفلاة) بالفاء والقصر الأرض الخالية. (يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله له لأخذها بكذا وكذا) هو نوع من تنفيق السلعة باليمين غير الأول وبه يعلم أنه ما أراد تنفيقها باليمين الكاذبة خصوص يمين. (فصدقه) فيما حلف عليه وظاهره أنه لا وعيد إذا لم يصدقه. (وهو على غير ذلك) أي والحال أنه على غير ما حلف عليه. (ورجل بايع إماماً) قال الخطابي (1): الأصل في المبايعة للإمام أن يبايع على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر انتهى فقوله: (لا يبايعه إلا لدنيا) أي لا يقصد بها إلا تحصيل مال معه أو جاه لا يقصد له غير ذلك، وفيه أنه لو قصد ذلك منضما إلى ما يقصد به البيعة لجاز له وفي قوله:(فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف) ما يدل على أنه لو بايعه للدنيا لا غير ثم وفي له سواء أعطاه أو منعه على أنه لا يشمله الوعيد وإن كان آثماً بسوء مقصده. (حم ق4)(2) عن أبي هريرة).
3525 -
"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر". (م ن) عن أبي هريرة (صح).
(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر) وتقدم بيان أن الزنى من الشيخ والاستكبار من الفقير أشد قبحاً فيهما من غيرهما، وأما الملك الكذاب فقال
(1) انظر: فتح الباري (13/ 203).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 253)، البخاري (2358، 369، 7212، 7446)، ومسلم (108)، وأبو داود (3474)، والترمذي (1595)، والنسائي (3/ 492)، وابن ماجه (2207).
القونوي سر عده منهم أن الكذب قسمان: ذاتي وصفاتي، فالصفاتي محصور في موجبين الرغبة والرهبة والملك ليس حكمه مع الرغبة بصورة رهبة منه أو رغبة عنده توجب الإقدام على الكذب فإذا كان الملك كذابا فلا عذر له إلا لؤم الطبع فهو وصف ذاتي له والأوصاف الجبلية تستلزم نتائج أسبابها. (م ن)(1) عن أبي هريرة).
3526 -
"ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى". (حم ن ك) عن ابن عمر.
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى) تقدم [2/ 369] غير مرة ذكر الستة والمغايرة في الوعيد لفظية؛ لأن من لا ينظر الله إليه لا يدخل الجنة ومن لا يدخلها لا ينظر الله إليه. (حم ن ك)(2) عن ابن عمر) فيه عبد الله بن يسار الأعرج قال الصدر المناوي: لا يعرف حاله.
3527 -
"ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: المنان عطاءه، والمسبل إزاره خيلاء، ومدمن الخمر". (طب) عن ابن عمر.
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: المنان عطاءه) إنما كثر وعيد المنان وكان في هذه الغاية لأنه في الحقيقة جمع بين قبيحين، الأول: عدم شكر نعمة الله عليه حيث أهّله بأن يكون واهبا ومنفقا ورزقه العين التي يصدق بها ثم يسر من
(1) أخرجه مسلم (107)، والنسائي في الكبرى (4/ 269).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 134)، والنسائي (5/ 80)، والحاكم (1/ 144)، وانظر فيض القدير (3/ 331)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3071)، وحسنه في الصحيحة (674).
يتصدق عليه ثم ألهمة إخراج الصدقة وجعل يده العليا التي هي خير من السفلى فهذه نعم عديدة يجب شكرها فإن الذي خصصه بها ولم يجعله هو السائل قد من عليه منة عظيمة وأنعم عليه نعمة جسيمة فلا يبدل نعمة الله كفراً، والثاني: اعتداده على من أعطاه بما أعطاه فإنه في الحقيقة ما أعطى إلا شيئاً لنفسه ليحرز به الأجر وقد أعانه قابله وسائله بكسبه للأجر فإنه لا يتم له الثواب إلا بقبول السائل فالمسائل منّة عليه أيضا ثم إنه بمنه تعرض لإبطال الأجر وإتلاف المال فإنه أضاعه بمنّته لم يبق له أجر ولا ذكر وكلاهما منهي عنهما فلذا عظم وعيده وضمه الشارع فيه إلى: (المسبل إزاره خيلاء، ومدمن الخمر) قال الطيبي: جمع الثلاثة في قرن لأن المنان إنما منَّ بعطائه لما رأى من فضله وعلوه على المعطى له والمسبل إزاره هو المتكبر الذي يترفع بنفسه على الناس ويحط منزلتهم ومدمن الخمر يراعي لذة نفسه ويفخر حال السكر على غيره ويتيه والحاصل من المجموع عدم المبالاة بالغير. (طب)(1) عن ابن عمر قال الهيثمي: رجاله ثقات.
3528 -
"ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه". (طب هب) عن سلمان.
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط) بضم الهمزة مصغر والشين المعجمة من الشمط وهو الشيب والشمطان الشعرات البيض (زان) وذلك لأنه لا عذر له على إتيانه الفاحشة إذ الشباب قد ولّى وكان شعبة من الجنون فإقدام الشباب فيه له بعض المعذرة وإن كان
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 390)(13442)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 147)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2604)، والضعيفة (3450).
عاصياً إلا أن درجات العصيان تتفاوت، فالشيخ الزاني أشد عذاباً وأمقت عند الله فإن شهوته ضعيفه وقوته منحطة فإذا زنى فما هو إلا أنه مجبول على الفساد وأنه صار وصفا ذاتيا له مستلزماً لقبائح النتائج، ثم أنه قد لا يوفق للتوبة وفي اللفظ إعلام بأنه صغره مع أن الشمط أوائل الشيب بأن أدنى الشيب يستحق به الوعيد. (وعائل) وتقدم أنه بالمهملة الفقير. (متكبر) هو الذي يتعاطى الكبر ويتطلبه قال القونوي: الكبر ينقسم إلى قسمين: ذاتي وصفاتي فالتكبر الصفاتي محصور في موجبتين المال والجاه فالتكبر وإن كان قبيحا شرعا وعقلاً لكن لأصحاب المال والجاه فيه صورة عذر، وأما عادمهما إذا تكبر فلا عذر له بوجه فالتكبر إذن صفة ذاتية له فلا جرم ينتج نتيجة رديئة. (ورجل جعل الله بضاعته) بفتح الاسمين مفعولاً جعل وفاعله ضمير الرجل لما كان:(لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه) فكأنه جعل ربه نفس بضاعته وفيه من تهجين حاله ما لا يخفى كأنه ما شرى إلا ربه وما باع إلا خالقه ويأتي فيه ما سلف من أنه صار الحلف له صفة ذاتية حيث يقسم في كل محل احتاج إليه فيه أو لا. (طب هب)(1) عن سلمان قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في الثلاثة: رجاله رجال الصحيح.
3529 -
"ثلاثة لا ينظر الله إليهم غدا: شيخ زان، ورجل اتخذ الإيمان بضاعة يحلف في كل حق وباطل، وفقير مختال يزهو". (طب) عن عصمة بن مالك.
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم غداً) أي في الآخرة يسمى غدا وهو اليوم الذي بعد يومك للإعلام بأن مدة الدنيا كأنها يوم واحد ومنه: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 246)(6111)، والأوسط (5577)، والصغير (821)، والبيهقي في الشعب (7803)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 78)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3072).
قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]. (شيخ زان، ورجل اتخذ الإيمان بضاعة يحلف في كل حق وباطل، وفقير مختال) تقدمت الثلاثة آنفاً. (مزهو) بفتح الميم ثم زاي بزنة مدعو اسم مفعول من زهى أي تكبر وتعاظم وافتخر. (طب)(1) عن عصمة) (2) بالمهملتين الأولى مكسورة هو أنصاري خطمي وغلط ابن مندة وجعله خثعمياً، قال الهيثمي: إسناده ضعيف.
3530 -
"ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: حر باع حرّاً، وحر باع نفسه، ورجل أبطل كراء أجير حين جف رشحه". الإسماعيلي في معجمه عن ابن عمر.
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: حر باع حرًّا، وحر باع نفسه) لم يشمله قوله باع حرا لأنه ظاهر في تغاير البائع والمبيع ولأنه أعم من الآخر لأنه إذا باعه الغير فقد يكون ذلك المبيع راضياً أو مكرهاً [2/ 370] بأن يقر بأنه عبد أو ينكر فيقام عليه بينة كاذبة في نفس الأمر فيتم بيعه فيأثم البائع لا المبيع بخلاف بائع نفسه فلا يكون إلا برضاه واختياره، إن قلت: يعارضه ما ثبت من حديث: "أن الخضر لما سأله سائل ولم يجد ما يعطيه أمره بأن يبيعه وينتفع بثمنه ففعل.
قلت: كان في تلك الشريعة فنسخه هذا الخبر ونحوه وقال الشارح في جوابه: لأن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا على أنه لمقصد آخر ومنه جليلة المقدار وليس الكلام فيها انتهى وهو كلام معتل إذ لا نفى أنا غير متعبدين بشرع من قبلنا على العموم غير صحيح كما عرف في الأصول والثاني أن المقاصد الجليلة لا تبيح ما حرمه الله تعالى. (ورجل أبطل كراء أجير) بأن مطله أو تحيل في إبطاله. (حين جف رشحه) أي جف عرقه الذي أثاره تعبه فيما استأجر عليه وهذا بيان أشد
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 184)(492)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 78)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3070).
(2)
الإصابة (4/ 504).
أنواع المطل وإلا فإمطاله متوعّد عليه مطلقاً. (الإسماعيلي (1) في معجمه).
3531 -
"ثلاثة لا ينفع معهن عمل: الشرك بالله وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف". (طب) عن ثوبان.
(ثلاثة لا ينفع معهن عمل) أي لا يُقبل ولا يُرفع لأنه صادر عما هو مخاطب بما هو أوجب عليه من عمله. (الشرك بالله وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف) تقدم ذكر الثلاثة. (طب)(2) عن ثوبان) قال الهيثمي: فيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف.
3532 -
"ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران، وعبد مملوك أدى حقوق الله وحق سيده فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاها ثم أدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران". (حم ق ت ن هـ) عن أبي موسى (صح).
(ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين) فيه أنه يحتمل أن المراد أجر كل طاعة من المذكورات مثلاً من آمن برسوله له أجر إيمانه به ومن أمن بمحمد صلى الله عليه وسلم له أجر إيمانه به وكذا فسره الشارح ويحتمل أن يعطى على كل طاعة فعلها أجران مضاعفة له من ربه على ما أتى به من المشاق من طاعاته وهي إيمانه مثلا برسوله أولا ثم إذعانه لمحمد صلى الله عليه وسلم ثانيا فإن خروجه عن ملته وفراقه لدينه أمر عظيم ما احتمله إلا أفراد كعبد الله بن سلام صلى الله عليه وسلم فاستحق بذلك مضاعفة كل
(1) أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجمه (2/ 613)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2605)، والضعيفة (3451).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 95)(1420)، وانظر المجمع (1/ 104)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2606)، والضعيفة (1384): ضعيف جداً.
حسنة يأتي بها وهو الأقرب والإفادة به أتم لأنه لو أريد المعنى الأول لكان صادقا على كثير من المكلفين فإن من أتى بطاعة فله أجرها ولا شك أن الإيمان بالرسول الأول طاعة ثم بالثاني طاعة وأن الوفاء بحق المالك طاعته والوفاء بحق الله طاعته ونحو ذلك وقد تقدم في الجزء الأول الكلام في هذا. (رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وصدقه) أي أدرك محمدا صلى الله عليه وسلم فآمن به بنبوته وعمومها ثم اتبعه في امتثال أوامره ونواهيه لا كالذين قالوا: إنه نبي لكن لم يبعث إلا إلى قومه فهذا قد آمن به ولكن ما اتبعه، وقوله وصدقه أي في كل ما أخبر به إجمالاً وتفصيلاً وهل المراد أدرك البعثة وزمنها أو أدرك شرعه فعلى الأول الكرماني فلا يشمل الوعد إلا من آمن به من أهل الكتاب في عصره صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني وعليه البلقيني وتلميذه الحافظ ابن حجر فيشمل كل من آمن به منهم إلى يوم القيامة وهو الأظهر. (فله أجران وعبد مملوك أدى حقوق الله وحق سيده فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها) بتخفيف الذال المعجمة. (فأحسن غذاها) بالمد والمراد أنه أكرم مثواها وأحسن معيشتها وهذب أخلاقها وهو المراد بقوله. (ثم أدبها فأحسن تأديبها) وقوله. (وعلمها فأحسن تعليمها) أي لما تحتاج إليه في دينها فجمع لها بين ثمرة ظاهرها بحسن الغذاء وباطنها بحسن الدين والأخلاق فإن الآداب الظاهرة نتيجة الأخلاق الباطنة. (ثم أعتقها) عبر عنه بثم التي للتراخي لإفادة أنه قد كملت لديه بحسن الظاهر والباطن فالنفس عليها شحيحة والإلف بها كامل فإذا أعتقها حينئذ عظم الموقع بإخراجها عن ملك اليمين. (وتزوجها) أي كمل عليها نعمة الحرية بالإعفاف والكفالة وبهضم نفسه بجعل مملوكته زوجته فلا غرو عظم أجره في ذلك وإعادة. (فله أجران) في كل ما ذكره من الثلاثة لطول الفصل بينها وللإعلام بأن كل جملة تستقل بنفسها وتستحق الذكر مفصلا بانفرادها وهذا الذكر للأجران
هو الذي قاد الشارح إلى الاحتمال الأول إذ لو أريد أن لكل طاعة أجران أي طاعة أتى بها بعد ذلك لما نص على إحدى هذه/ [2/ 371] المذكورات وأقول لا دلالة فيه لأنه تنصيص على بعض أفراد طاعاته والتي بها استحق المضاعفة مع أنه يحتمل أنه يريد فله أجران أي فيما يأتي به لا في هذه المذكورات فإنه لو لوحظ أجر كل عمل هنا على انفراده لكانت أجور الثالث أربعة التأديب والتعليم والإعفاف والتزويج، قال شارحه: فإن قيل ينبغي أن يكون للأخير أربعة أجور ثم قال قلنا لم يعتبر فيهما إلا الأخيران اللذان هما كالمتعاقبين كإخوانه انتهى.
قلت: كان القياس أن يكون خمسة أجور لأن التغذية خامسها وقوله إنه اعتبر الأخيران لا دليل عليه والأظهر أن هذا يوجد الاحتمال الثاني الذي ذكرناه لأنه ما أريد إلا مضاعفة طاعاته مطلقا وإلا فلا يبقى فضيلة للثلاثة المذكورين على غيرها. (حم ق ت ن هـ)(1) عن أبي موسى).
3533 -
"ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين والناس في الحساب: رجل لم تأخذه في الله لومة لائم، ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له ورجل لم ينظر إلى ما حرم الله عليه". الأصبهاني في ترغيبه عن ابن عمر.
(ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين والناس في الحساب) فهم مخصوصون بالأمان والتحدث والناس في أضيق حال وأسوأ أمر. (رجل لم تأخذه في الله لومة لائم) أي أنه لا يبالي بلوم من لامه على تكلمه أو فعله لله فلما لم يخف الناس في الله لم يخفه تعالى حين يخيفهم. (ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له) من مال أو أجنبية أو كسب ما يحرم أو كل عمل تباشره اليدان. (ورجل لم ينظر إلى ما حرم
(1) أخرجه أحمد (4/ 402، 405)، والبخاري (3011)، ومسلم (154)، والترمذي (1116)، والنسائي (6/ 115)، وابن ماجه (1956).
الله عليه). (الأصبهاني (1) في ترغيبه عن ابن عمر).
3534 -
"ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله فأما الذين يحبهم الله: فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم لقرابة بينه وبينهم فمنعوه فتخلف رجل بأعقابه لا يعلم بعطيته إلا الله، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به ووضعوا رؤوسهم وقام أحدهم يتملقني ويتلو آياتي، ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له، والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزاني، وفقير مختال، والغني الظلوم". (ت ن حب ك) عن أبي ذر (صح).
(ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله فأما الذين يحبهم الله: فرجل أتى قوما فسألهم بالله) ليس هو أحد الثلاثة بل هو سبب القصة والذي بواسطته حصل ذكر الرجل المحبوب لله وقوله. (ولم يسألهم لقرابة بينه وبينهم فمنعوه) أي أنه لا وسيلة له إليهم إلا الله تعالى والظاهر أنه أريد بذلك بيان أن الذي أعطاه لم يعطه إلا لوجه الله تعالى فلو كان قريبا للسائل لم يكن له هذه الصفة أما لو كان من حرمه قرابة والمعطي أجنبيا لكان بهذه الصفة. (فتخلف رجل بأعقابه) بالقاف والباء الموحدة بعد الألف أي تأخر بعدهم حتى لا يعلموا (بإعطائه) وزاد بيان كيفية أسراره بما ذكره من إنه سراً. (لا يعلم بعطيته إلا الله) ولم يكتف بقوله سراً لأنه قد يتوهم أنه قد أريد السر عن قومه فأبان أنه لا يعلمه أحد. (وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به) بما بمال إليه عوض عنه (ووضعوا رؤوسهم) ووضع الرأس كناية عن النوم. (وقام أحدهم يتملقني)
(1) أخرجه الأصبهاني في ترغيبه كما في الكنز (15/ 4353)، وانظر شرح الزرقاني (4/ 441)، وفيض القدير (3/ 334)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2607)، وقال في الضعيفة (5476): موضوع.
بمثناة تحتية مفتوحة والمثناة الفوقية والقاف بعد اللام أي يتضرع إلي ويزيد في الدعاء والابتهال طلبا لمودتي. (ويتلو آياتي، ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا) أي أصحاب السرية. (فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له) أي توجه نحو العدو بعد فرار الناس عنه وفيه دليل أنه ليس إلقاء النفس إلى التهلكة وإن جهاد الواحد للأكثر من الاثنين فضيلة وإن لم يكن واجباً فإن الواجب إنما هو ثباته للاثنين لمقتضى آية الأنفال. (والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزاني، وفقير مختال، والغني الظلوم) بفتح الظاء أي كثير الظلم ومفهوم المبالغة غير مراد فلا يريد صلى الله عليه وسلم أن الغني قليل الظلم غير مبغوض لله بل أراد أن الغني وإن قل ظلمه فإنه كثير بحيث يطلق عليه صفة المبالغة ويحتمل أنه لا يكون مبغوضاً عنده إلا إذا كثر منه الظلم (ت ن حب ك)(1) عن أبي ذر)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي.
3535 -
"ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يشنؤهم الله: الرجل يلقي العدو في فئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه، والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحبوا أن يمسوا الأرض فينزلون فيتنحى أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم، والرجل يكون له الجار يؤذيه جاره فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما بموت أو ظعن، والذين يشنؤهم الله: التاجر الحلاف، والفقير المختال، والبخيل المنان". (حم) عن أبي ذر.
(ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يشنؤهم الله) بالشين المعجمة فالنون فهمزة أي يبغضهم (الرجل يلقي العدو في فئة فينصب لهم نحره) أي يقاتلهم ولا يولي عنهم دبره. (حتى يقتل أو يفتح لأصحابه، والقوم يسافرون فيطول سراهم)
(1) أخرجه الترمذي (2568)، والنسائي (5/ 84)، وابن حبان (3349)، والحاكم (1/ 577)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2610).
بضم المهملة سير الليل خاصة. (حتى يحبوا أن يمسوا) بفتح المثناة التحتية والميم وتشديد السين المهملة. (الأرض) أي يضعوا جنوبهم عليها للنوم. (فينزلون فيتنحى) بالمثناة التحتية فنون فمثناة فوقية فحاء مهملة أي ينفرد بأخذ ناحية. (أحدهم فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم، والرجل يكون له جار يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما بموت أو ظعن) بتحريك العين المهملة رحيل. (والذين يشنؤهم الله: التاجر الحلاف، والفقير المختال، والبخيل المنان) وتقدم في بقيته الكلام. (حم)(1) عن أبي ذر) قال [2/ 373] الحافظ العراقي: فيه أبو الأحمس ولا يعرف حاله قال ورواه أحمد والنسائي بلفظ آخر بإسناد جيد.
3536 -
"ثلاثة يحبهم الله عز وجل: رجل قام من الليل يتلو كتاب الله، ورجل تصدق صدقة بيمينه يخفيها من شماله، ورجل كان في سرية فانهزم أصحابه فاستقبل العدو". (ت) عن ابن مسعود.
(ثلاثة يحبهم الله عز وجل: رجل قام من الليل يتلو كتاب الله) أي في نافلة أو في غيرها ومن تبعيضية لإفادة أنه يحصل الوعد ولو بساعة منه. (ورجل تصدق صدقة بيمينه يخفيها من شماله) مبالغة في أنه يتمها من بعض جوارحه فضلا عن غيره (ورجل كان في سرية فانهزم أصحابه فاستقبل العدو). (ت)(2) عن ابن مسعود) قال الشارح: من رواته أبو بكر بن عياش كثير الغلط.
3537 -
"ثلاثة يحبها الله عز وجل: تعجيل الفطر، تأخير السحور، وضرب
(1) أخرجه أحمد (5/ 151، 176)، والنسائي (5/ 84)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3074)
(2)
أخرجه الترمذي (2567)، وانظر علل الترمذي (1/ 337)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2609).
اليدين إحداهما بالأخرى في الصلاة". (طب) عن يعلى بن مرة.
(ثلاثة) أي أفعال. (يحبها الله عز وجل: تأخير السحور) بفتح المهملة. (وتعجيل الفطر وضرب اليدين) أي وضع اليمنى على اليسرى كما تقدم بألفاظه هذه غير مرة وأنه من سنن الأنبياء. (طب)(1) عن يعلي بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء، قال الهيثمي فيه: عمر بن عبد الله بن يعلى ضعيف.
3538 -
"ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيها ماله وقد قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} ". (ك) عن أبي موسى.
(ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم) أي دعاؤهم في كشف هذه الثلاث المذكورة. (رجل كانت تحته امرأة سيئة الخُلُق) بضم الخاء فإذا آذته سأل الله أن يفرج عنه منها فإنه لا يجاب لأنه تعالى قد شرع له ما يخلصه منها ولذا قال: (فلم يطلقها) وفيه أنه تعالى لا يبغض طلاق سيئة العِشْرة. (ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه) يعني فإنه إذا أنكره فدعا عليه لا يجاب في دعائه ذلك؛ لأنه مسيء بترك الإشهاد الذي أرشده الله إليه في: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} الآية [البقرة: 82].
(ورجل آتى) بالمد بزنة أعطى ومعناه. (سفيهاً) قال الشارح: نحو محجورا عليه انتهى ويحتمل أنه أريد ما في آية النساء {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] وهم المبذرون الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا يرى لهم رأي في
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 263)(676)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 177)، وانظر المجمع (2/ 105، 3/ 155)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2608): ضعيف جدا، وضعفه في الضعيفة (3442).
إصلاحها والتصرف فيها إلا أنه هناك أريد به أموال اليتامى وإذا كان الضمير في ماله هنا للسفيه كان معناه معنى الآية وتلاوته صلى الله عليه وسلم للآية عقيب ذلك من قوله.
(وقد قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} من أعظم دليل أنه المراد ويحتمل أنه أراد مال الإنسان المعطي اسم فاعل لمن حجر عليه أو علم سوء تصرفه فأعطاه مال نفسه ليتجر فيه؛ فإنه داخل في عموم لفظ الآية وإن كانت نزولا وسياقا في مال اليتامى. (ك)(1) عن أبي موسى، قال الحاكم: على شرطهما ولم يخرجاه؛ لأن القوم رووه عن سعيد موقوفاً ورفعه معاذ بن معاذ عنه انتهى وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في المهذب (2) قال: إسناده مع نكارته نظيف.
3539 -
"ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل إذا قام من الليل يصلي، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال". (حم ع) عن أبي سعيد.
(ثلاثة يضحك الله إليهم) أي يرضى عنهم ويلطف يهم، قالوا: الضحك منه تعالى محمول على غاية الرضى والرأفة والدنو والقرب كأنه قيل رضي عنهم ويدنوا إليهم برأفته ورحمته ولطفه، قال الطيبي: يجوز أن يضمر الضحك معنى النظر وتعدى بعديته بإلى فالمعنى أنه تعالى ينظر إليهم ضاحكاً أي راضياً عنهم منعطفاً عليهم؛ لأن الملك إذا نظر إلى بعض رعيته بعين الرضا لا يدع من الإنعام والإكرام شيئاً إلا فعل في حقه وفي عكسه لا يكلمهم ولا ينطر إليهم ولا يزكيهم. (الرجل إذا قام من النوم يصلي) أي لصلاة نافلة أو فريضة نام عنها قال الطيبي: قدم هذا على الأخيرين إمَّا تنزيهًا فإن محاربة النفس التي هي أعدى عدو لله تعالى أشد من محاربة عدوك الذي هو الشيطان ومحاربة الشيطان أصعب عن محاربة أعداء الدين أو ترقباً فإن محاربة من يليك أقدم والأخذ
(1) أخرجه الحاكم (2/ 331)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3075)، والصحيحة (1805).
(2)
انظر: المهذب في اختصار السنن الكبير (برقم 15906).
بالأصعب والأصعب أحرى وأولى من أخذ الأصعب فالأسهل انتهى. (و) الآخران هما: (القوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال). (حم ع)(1) عن أبي سعيد) ورواه ابن ماجه بخلاف في لفظه يسير.
3540 -
"ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار". (ك) في تاريخه عن أبي هريرة.
(ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين، والإمام المقتصد) أي في إنفاقه العادل كما قيده بذلك غير مرة. (وراعي الشمس بالنهار) أراد به المؤذن يراقب الأوقات وغيره فمن يراقب الوقت ليأتي بالطاعة. (ك)(2) في تاريخه عن أبي هريرة) فيه جماعة مجاهيل قاله الشارح.
3541 -
"ثلاثة يهلكون عند الحساب: جواد، وشجاع، وعالم". (ك) عن أبي هريرة.
(ثلاثة يهلكون عند الحساب: جواد) لأنه يبطل طاعاتهم والمراد بالجواد الذي أنفق لغير الله؛ لأنه لا أجر له وقد أثم بالإعطاء لغير الله تعالى. (وشجاع) من تشجع وقاتل [2/ 373] لغير إعلاء كلمة الله تعالى. (وعالم) لم يعمل بعلمه. (ك)(3) عن أبي هريرة).
3542 -
"ثلاثون خلافة نبوة وثلاثون خلافة وملك، وثلاثون تجبر، ولا خير فيما وراء ذلك". يعقوب بن سفيان في تاريخه عن معاذ".
(ثلاثون) أي من السنين بعد وفاته. (خلافة نبوة) أي يعمل الخلفاء فيها أعمال من استخلفوا عنه وهو النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت هذه الثلاثون مدة الخلفاء
(1) أخرجه أحمد (3/ 80)، وأبو يعلى (1004)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2611).
(2)
انظر فيض القدير (3/ 337)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2612)، والضعيفة (3453).
(3)
أخرجه الحاكم (1/ 189)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2613)، والضعيفة (3454).
الأربعة رضي الله عنهم. (وثلاثون خلافة وملك) أي يخرج عن خلافة النبوة وتصير ملكا لا يجبر فيه والثلاثون هذه أيام معاوية ويزيد ومعاوية الأصغر ومروان وبعض أيام عبد الملك (وثلاثون تجبر) أي ملوك جبابرة وهي دولة بني أمية وبني العباس وما وراؤها وقوله: (ولا خير فيما وراء ذلك) ويحتمل عوده إلى الكل وإنه يبقى مع الملك، والتجبر خير في الجملة وينتفي من بعدها بالكلية ويحتمل عوده إلى الأول. (يعقوب بن سفيان في تاريخه (1) عن معاذ) ورواه الطبراني أيضاً لكن قال الهيثمي: فيه مطر بن العلاء الرملي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (9270)، وانظر الإصابة (7/ 28)، وانظر: قول الهيثمي في المجمع (5/ 190)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2614).