المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخاء مع اللام - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في التاء مع الجيم

- ‌فصل في التاء مع الحاء المهملة

- ‌فصل في المثناة الفوقية مع الخاء المعجمة

- ‌فصل في المثناة مع الدال المهملة

- ‌فصل في المثناة مع الذال المعجمة

- ‌فصل في المثناة مع الراء

- ‌فصل المثناة مع الزاي

- ‌فصل في التاء مع السين المهملة

- ‌فصل التاء مع الصاد المهملة

- ‌فصل التاء مع الطاء

- ‌فصل التاء مع العين المهملة

- ‌فصل التاء مع الغين المعجمة

- ‌فصل التاء مع الفاء

- ‌فصل التاء مع القاف

- ‌فصل التاء مع الكاف

- ‌فصل التاء مع الميم

- ‌فصل التاء مع النون

- ‌فميل التاء مع الهاء

- ‌فصل التاء مع الواو

- ‌فصل في المحلى بأل من باب التاء المثناة الفوقية

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌فصل في الأحاديث المبتدأة بثلاث

- ‌فصل في المثلثة مع الميم

- ‌فصل المثلثة مع النون

- ‌فصل المثلثة مع المحلى باللام

- ‌فصل المثلثة مع الواو

- ‌فصل المثلثة مع الياء المثناة

- ‌حرف الجيمأي الأحاديث المبتدأة بالجيم

- ‌فصل الجيم مع الألف

- ‌فصل الجيم مع الباء الموحدة

- ‌فصل في الجيم مع الدال المهملة

- ‌فصل الجيم مع الراء

- ‌فصل الجيم مع الزاي

- ‌فصل الجيم مع العين المهملة

- ‌الجيم مع اللام

- ‌الجيم مع الميم

- ‌الجيم مع النون

- ‌الجيم مع الهاء

- ‌المحلى بأل من هذا الحرف

- ‌الجيم مع الهاء

- ‌الجيم مع الياء آخر الحرف

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌الحاء مع الألف

- ‌الحاء مع الموحدة

- ‌الحاء مع الموحدة

- ‌الحاء مع التاء

- ‌الحاء مع الجيم

- ‌الحاء مع الدال المهملة

- ‌الحاء مع الذال المعجمة

- ‌الحاء مع الراء

- ‌الحاء مع الزاي

- ‌الحاء مع السين

- ‌الحاء مع الصاد المهملة

- ‌الخاء مع الضاد المعجمة

- ‌الحاء مع الفاء

- ‌الحاء مع القاف

- ‌فائدة:

- ‌نكتة:

- ‌الحاء مع الكاف

- ‌الحاء مع اللام

- ‌الحاء مع الميم

- ‌الحاء مع الواو

- ‌الحاء مع الياء

- ‌المحلى باللام من حرف الحاء المهملة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌الخاء مع الألف

- ‌الخاء مع الدل المهملة

- ‌الخاء مع الذال المعجمة

- ‌الخاء مع الراء

- ‌الخاء مع الشين المعجمة

- ‌الخاء مع الصاد المهملة

- ‌الخاء مع الطاء

- ‌الخاء مع الفاء

- ‌الخاء مع اللام

- ‌الخاء مع الميم

- ‌الخاء مع الياء المثناة التحتية

الفصل: ‌الخاء مع اللام

‌الخاء مع اللام

3907 -

" خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض". أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي هريرة.

(خلفت فيكم شيئين) أي سأخلف أو بمعنى تركت. (لن تضلوا بعدهما) إذا تمسكتم بهما. (كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) تقدم تقريره. (أبو بكر الشافعي (1) في الغيلانيات عن أبي هريرة) ورواه عنه الدارقطني بلفظه وفيه كما قال الفريابي صالح بن موسى ضعفوه وفيه داود بن عمر الضبي قال أبو حاتم: منكر الحديث.

3908 -

"خلقان يحبهما الله، وخلقان يبغضهما الله: فأما اللذان يحبهما الله فالسخاء والسماحة، وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل، وإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله على قضاء حوائج الناس". (هب) عن ابن عمرو.

(خلقان) بضم الخاء واللام تثنية خلق تقدم تفسيره. (يحبهما الله) أي يرضاهما ويثيب عليهما. (وخلقان يبغضهما الله) فيعاقب عليهما. (فأما اللذان يحبهما الله تعالى فالسخاء) بالمد. (والسماحة) أي: الجود بطيبة نفس، وفي رواية للديلمي بدل:"السماحة ": "الشجاعة". (وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل) عطفه عليه مع أنه منه إبانة لشدة ذمه عنده تعالى. (وإذا أراد الله بعبد خيراً) يقاوم بيان معنى إرادته تعالى الخير لعبده. (استعمله على قضاء حوائج الناس) أي جعله عاملاً عليها وساقها إليه ورزقه القيام بها وذلك؛ لأن في قضاء حوائج

(1) أخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (رقم 597)، والدارقطني (4/ 245)، والحاكم (1/ 172)، والبيهقي في السنن (10/ 114)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3232).

ص: 493

العباد من الأجر ما لا يحيط به العبارة فيسوق تشبيه إلى من يريد له الخير. (هب)(1) عن ابن عمرو) ورواه الأصبهاني وغيره.

3909 -

"خلق الله الخلق فكتب آجالهم، وأعمالهم، وأرزاقهم". (خط) عن أبي هريرة.

(خلق الله الخلق) أي المخلوقات كلها. (فكتب آجالهم) أي الحد الذي ينتهي إليه أعمارهم. (وأعمالهم) أي مقاديرها طولًا وقصراً. (وأرزاقهم) وتقدم الكلام فيه. (خط)(2) عن أبي هريرة) فيه عبد الرحمن بن عبد العزيز قال الذهبي (3): مضطرب الحديث وبشر بن الفضل (4) مجهول.

3910 -

"خلق الله جنة عدن، وغرس أشجارها بيده، فقال لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون". (ك) عن أنس.

(خلق الله جنة عدن) قيل اسم جنة من الجنان وقال ابن القيم (5): الصحيح إنها كلها جنات عدن والاشتقاق يدل على أنها كلها جنات عدن لأنه من الإقامة والدوام يقال عدن إذا أقام. (وغرس أشجارها بيده) عبارة عن كمال العناية بها فإنه لا يعمل الملك عملا بيده إلا إذا اعتنى فيه وأطلق اللازم وهو اليد وأراد الملزوم وهو العمارة التامة وذلك تفضيل لها منه تعالى على غيرها ولا يخفى أن هذا فيه ما يدل أنها جنة خاصة من الجنان لا كما قال ابن القيم. (فقال لها) أي

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (7659، 10839)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2843)، والضعيفة (1706): موضوع.

(2)

أخرجه الخطيب في تاريخه (11/ 211)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2841)، والضعيفة (3550).

(3)

انظر الميزان (4/ 302).

(4)

انظر المغني (1/ 107).

(5)

انظر: حادي الأرواح (ص: 68).

ص: 494

بعد تمام العناية بها. (تكلّمي) أي تتكلم ما فيك من الحور والولدان أو أنث حقيقة كما في: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] وإن جهلنا الكيفية. (فقالت: قد أفلح المؤمنون) أي فازوا وظفروا حيث بلغ بهم عناية الرب إلى اتخاذ هذا المسكن لهم، وفي هذا الإخبار حث للنفوس على التشمير للأعمال المبلغة إلى هذه الدار. (ك) (1) عن أنس) قال الحاكم عقيبه: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: بل ضعيف انتهى، وفي الميزان: إنه باطل.

3911 -

"خلق الله آدم من تراب الجابية، وعجنه بماء الجنة". (عد) عن أبي هريرة.

(خلق الله آدم من تراب الجابية) بالجيم وموحدة بعد الألف فمثناة تحتية موضع بدمشق. (وعجنه بماء الجنة) قال القاضي: واشتهر أن آدم خلق من طين وأنه كان ملقى ببطن عمان وهو من أودية عرفات وظاهر هذا أنه خلق في الجنة ولفق بين الحديثين بأن طينته خمرت في الأرض وألقيت فيها حتى استعدت لقبول الصورة الإنسانية فحملت إلى الجنة فصورت ونفخ فيها الروح. الحكيم (عد)(2) عن أبي هريرة) وإسماعيل بن رافع قال الدارقطني وغيره: متروك الحديث وقال ابن عدي أحاديثه كلها فيها نظر ثم ساق هذا الخبر.

3912 -

"خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر -وهم نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك

(1) أخرجه الحاكم (2/ 426)، وانظر الميزان (5/ 176)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2842)، والضعيفة (1283).

(2)

أخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 281)، وانظر الميزان (1/ 384)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2838).

ص: 495

ورحمة الله، فزادوه:"ورحمة الله" فكل من يدخل الجنة على صورة آدم في طوله ستون ذراعا، فلم تزل الخلق تنقص بعده حتى الآن". (حم ق) عن أبي هريرة (صح).

(خلق الله آدم على صورته) أي على صورة آدم التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى موته لم يتفاوت هيئته بخلاف بنيه فإن كلا منهم يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما وأعصاباً عارية ثم يكسوها لحما ثم حيواناً مخبأ لا يأكل ولا يشرب ثم يكون مولودًا رضيعاً ثم طفلاً مترعرعاً ثم مراهقاً ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا، والمعنى: خلق الله آدم أي صوّره أو نفخ فيه الروح حال كونه على صورته التي هو عليها وفي قوله: (وطوله ستون ذراعًا) ما يدل على ذلك ويدل له أيضاً ما في رواية أحمد ولم ينتقل أطوارا كذريته والمراد بذراع نفسه، قال ابن حجر: وروى عبد الرزاق "أن آدم لما أهبط إلى الأرض كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه الله إلى ستين ذراعاً"(1) فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء فطرته، وظاهر هذا الحديث أنه خلق ستين ذراعا ابتداء وهو المعتمد. (ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر) وذلك بعد أن علمه تعالى السلام. (وهم نفر من الملائكة جلوس) هذا مدرج من كلامه صلى الله عليه وسلم لا من كلام الله تعالى بيانا لهم، قال ابن حجر: لم أقف على تعيينهم. (فاستمع ما يجيبونك) بالجيم من الإجابة وبالحاء المهملة ومثناة مشددة من التحية. (فإنها) أي الذي يجيبونك به وأنثه باعتبار تحية أوقاتها أي المذكورة باعتبار أنها جملة من الابتداء أو الجواب. (تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله) فيه جواز حذف الواو في الرد وقدمنا البحث في ذلك في الجزء الأول.

(1) أخرجه عبد الرزاق (9090).

ص: 496

(فزادوه ورحمة الله) قال القرطبي (1): قد دل هذا الخبر على تأكيد السلام وأنه من الشرائع القديمة التي كلف بها آدم عليه السلام ثم لم تنسخ في شريعة انتهى. (فكل من يدخل الجنة) أي من نبيه. (على صورة آدم) حسنًا وضاحة ولونا، وفي "مثير الغرام في زيارة القدس والشام": أن آدم عليه السلام كان أمرد وإنما حدثت اللحية لولده وكان أجمل البرية وعند ابن أبي الدنيا عن أنس يرفعه: "أنهم يدخلون الجنة على طول آدم وعلى حسن يوسف وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثون سنة"(2). (في طوله ستون ذراعاً) قال السمهودي: ما ذكر من الصفات من طول آدم وغيره ثابت لكل من يدخل الجنة كما تقرر فيشمل من مات صغيرا بل جاء ما يدل على ثبوت ذلك في السقط وروى البيهقي (3) بسند حسن عن المقدام: "ما من أحد يموت سقطًا ولا هرمًا وأنحاء الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاث وثلاثين فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب، ومن كان من أهل النار عظم كالجبال (4). (فلم تزل الخلق تنقص بعده حتى الآن) أي فإنه انتهى نقصها واستقرت على هذه الأشكال المختلفة اختلافاً يسيراً، قيل: هذا مقدم في الترتيب على قوله: فكل من يدخل الجنة إلى آخره، قال ابن حجر (5): هذا يشكل بما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار ثمود فإن مساكنهم تدل على أن قامتهم لم تكن مفرطة في الطول على حسب ما يقتضيه الترتيب المألوف وعهدهم قديم والزمان الذي بينهم

(1) فيض القدير (3/ 446).

(2)

الأحاديث المائة لابن طولون (94).

(3)

أخرجه في البعث والنشور (ص: 437).

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 280) 663) ومسند الشاميين (1839).

(5)

فتح الباري (6/ 367).

ص: 497

وبين آدم دون ما بينهم وبين هذه الأمة ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذه الإشكال انتهى.

قلت: قد يقال إنه ليس في الحديث دلالة على أنها تنقص تدريجا كل زمان مقدارا معينا بل المراد أنها تناقصت وانتهاء نقصانها إلى أن تكلمه وزمانه وعصره فيحتمل أنه رفع النقص الكبير في أول الزمن أيام نوح وبعد الطوفان ولم تبلغ هذه الغاية فما زال يظهر نقصه وإن قل إلى زمانه فثمود لا يلزم أن يقال إليها باعتبار ومنها من زمن آدم يحتمل طولاً زائداً على ما دل عليها أثارها؛ لأنه لا يراد ذلك إلا لو كان النقص في كل زمان مقداراً معيناً. (حم ق)(1) عن أبي هريرة) ورواه الطبراني وغيره.

3913 -

"خلق الله مائة رحمة، فوضع رحمة واحدة بين خلقه يتراحمون بها، وخبأ عنده مائة إلا واحدة". (م ت) عن أبي هريرة (صح).

(خلق الله مائة رحمة، فوضع رحمة واحدة بين خلقه يتراحمون بها، وخبأ عنده مائة إلا واحدة) تقدم الحديث قريباً. (م ت)(2) عن أبي هريرة).

3914 -

"خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل"(حم م) عن أبي هريرة (صح).

(خلق الله التوبة) أي الأرض ذات التربة. (يوم السبت) هذا ابتداء خلق

(1) أخرجه أحمد (2/ 315، 323)، والبخاري (3148)، ومسلم (2841).

(2)

أخرجه البخاري (6104)، ومسلم (2752)، والترمذي (3541).

ص: 498

الأرضين. (وخلق فيها) أي في التربة. (الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه) أي كل ما يكره من دواب السموم والشرور وغيرها. (يوم الثلاثاء، وخلق النور) بالراء وفي رواية: "الحوت" بالتاء ولا ينافيه لأنه خلقهما فيه معًا والنور لعله يشمل الشمس والقمر والنجوم. (يوم الأربعاء) وقيل: المراد بالنور الخير فيشمل الأنهار والماء (وبث فيها الدواب) أي فرّق فيها أحادًا متكثرة في جهات مختلفة والدواب جمع الدابة من الدبيب الحركة بالنفس. (يوم الخميس، وخلق الله آدم بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق) قد وقع هذا الترتيب على وفق الحكمة الإلهية فإنه قدم أصل المنزل ثم أرساه بالأوتاد ثم أخصبه بالأشجار ثم خلق ما لا بد منه من الشرور في هذه الدار ثم خلق ما يدفعه من الخير والأنوار، وفي تقديم خلق المكروه إشارة إلى أن هذه الدار دار الشرور وإنه الأصل فيها ثم بث ما لا يتم نفع الحيوان الإنساني إلا به من الدواب ثم بعد تأهيب المسكن وما فيه خلق الساكن:(في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل) وفي هذا الترتيب إرشاد للعباد إلى الأناة في الأفعال والتؤدة وإلا فإنه قادر على إيجاد الكل في أقل من لحظة، والحديث دل على أنها خلقت الأرض بما فيها في أسبوع وخلق آدم في آخره إلا أنه قد ثبت أنها قد سكنت الأرض من قبل آدم الجن كما سرده أئمة التفسير في تفسير:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30] وثبت أن آدم جمع من تربة الأرض وبقي ملقى أربعين سنة، ولعله يقال إن الأرض مخلوقة قبل ذلك على غير هذه الهيئة التي خلقت عليها ووصفها في الحديث. (حم م) (1) عن أبي هريرة) قال الزركشي: أخرجه مسلم وهو من غرائبه وقد تكلم فيه ابن المديني

(1) أخرجه أحمد (2/ 327)، ومسلم (2789)، والبخاري في التاريخ الكبير (1317).

ص: 499

والبخاري وغيرهما من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب الأحبار لأن أبا هريرة إنما سمعه من كعب لكنه اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعاً، قال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات وفيه ذكر خلق الأرض وإقامتها في سبعة أيام وهذا خلاف القرآن لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السماوات في يومين.

3915 -

"خلق الله عز وجل الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف عليهم الحساب والعقاب، وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله". الحكيم وابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن أبي الدرداء.

(خلق الله عز وجل الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض) بفتح الخاء أشهر من كسرها وضمها وشينين معجمات وهي خرشاتها وهوامها قال جار الله (1): الواحدة خشاشة سميت به لاتخشاشها في التراب من خش الأرض دخل فيها. (وصنف كالريح في الهواء) أي يطيرون لهم أجنحة كما تقدم في الجيم في حديث الجن. (وصنف عليهم الحساب والعقاب) هم الذين تقدم أنهم يحلون ويظعنون وفيه أن الأولين لا حساب عليهم. (وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف) باعتبار الصفات لا باعتبار الذوات والأول باعتبارهما معاً. (صنف كالبهائم) زاد الديلمي: في روايته هنا قال الله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] الآية. وقد نزلهم منزلة البهائم حقيقة حتى في

(1) انظر: الفائق (1/ 370).

ص: 500

الأجسام وهم الكفار فإنهم لما استعملوا أبدانهم في غير ما خلقت له من عبادة الله تعالى كانت كأجسام البهائم حقيقة ولذا قال في الصنف الثاني: (وصنف أجسادهم أجساد بني آدم) فهم يستعملونها في الطاعة ظاهراً. (وأرواحهم أرواح الشياطين) خبثًا وشرية وهؤلاء هم أشرار العصاة ويحتمل أنهم المنافقون فقط. (وصنف في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) وهؤلاء هم خلص المؤمنين وهو الدليل على أنه أريد بالأوسط أشرار العصاة، قال الغزالي قال وهب: بلغنا أن إبليس تمثل ليحيى بن زكريا عليهما السلام فقال: أخبرني عن بني آدم؟ قال: هم عندنا ثلاثة أصناف: أما صنف منهم فأشد الأصناف علينا نقبل عليه حتى نفتنه ونتمكن منه ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شيء أدركناه منه فلا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن في عناء منه والصنف الآخر في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلعب بهم كيف شئنا، والصنف الثالث مثلك معصومون لا نقدر منهم على شيء انتهى. (الحكيم (1) وابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن أبي الدرداء) فيه يزيد بن سنان الرهاوي قال في الميزان: ضعفه ابن معين وغيره وتركه النسائي وساق له مناكير هذا منها.

3916 -

"خلق الله آدم فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم اللبن، ثم ضرب كتفه اليسرى فخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي". ابن عساكر عن أبي الدرداء.

(خلق الله آدم فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم اللبن) لونا

(1) أخرجه الحكيم في نوادره (1/ 50)، وابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان (86)، وأبو الشيخ في العظمة (5/ 1639)، وابن حبان في المجروحين (3/ 107)، وانظر الميزان (7/ 248)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2839).

ص: 501

وذلك لأنهم أهل النجاة فقد أخرجهم بيض الألوان لأنهم في (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) بيض الوجوه ولأنهم يلبسون نور الإيمان في دار الدنيا ويعطون نورهم يوم القيامة وأخرجهم من اليمنى لأنهم أصحاب اليمين. (ثم ضرب كتفه اليسرى فخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم) بضم الحاء المهملة جمع حممة الفحمة وذلك لأنهم من المسودة وجوههم في الآخرة ولأنهم يتصفون بظلمة الكفر وفي قوله في الأول فأخرج بنسبة الإخراج إلى ذاته تشريفا لتلك الذرية وفي قوله في الآخر فخرج وصفا لها وإعلاما بعدم العناية بها. (قال: هؤلاء في الجنة) أي الذرية البيضاء. (ولا أبالي) أي لا أكترث بإدخالهم دار كرامتي مع أنهم لا يأتون من الأعمال ما يوجبها فإنه لا يدخل أحد بعمله الجنة ويحتمل أنه ذكر مشاكلة لما بعده. (وهؤلاء) الذرية السوداء. (في النار) أي مصيرهم ومآلهم. (ولا أبالي) بإدخالهم إياها وتعذيبهم لأنهم يستحقون ذلك فلا يستحقون مبالاة لعذابهم، والمراد أنه تعالى قد علم ما يأتيه كل من الفريقين باختياره فاختاره بأنهم من أهل الجنة ومن أهل النار إعلام بما يختاره كل فريق من غير جبر ولا قسر. (ابن عساكر (1) عن أبي الدرداء) وأخرجه أحمد والطبراني والبزار قال الهيثمي: ورجاله ثقات انتهى.

3917 -

"خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا، وخلق فرعون في بطن أمه كافراً ". (عد طب) عن ابن مسعود.

(خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمناً) أي محكوماً عليه بالإيمان

(1) أخرجه أحمد (6/ 441)، والديلمي في الفردوس (5290)، والحكيم في نوادره (4/ 201)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1059)، والبخاري في التاريخ الكبير (2314)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 397 و 52/ 366)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 185)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3234).

ص: 502

معلوما فيه أنه يختاره وإلا فمن في البطن لا يتصف به حقيقة وكذلك قوله: (وخلق فرعون في بطن أمه كافراً) قال الذهبي: وكذلك جميع من خلقه فليس للرسل أثر في سعادة أحد كما أنه ليس لإبليس أثر في شقاوة أحد لتميز أهل القبضتين عند الحق قبل بعثة الرسل لا يزيدون ولا ينقصون انتهى، قال الغزالي: من هنا يأتي الشيطان الإنسان فيقول: لا حاجة لك إلى العمل؛ لأنك إن خلقت سعيدا لن يضرك قلة العمل وإن خلقت شقيا لم تنفعك كثرته، فإن عصم الله العبد رده بأن يقول: إنما أنا عبد الله وعلى العبد امتثال العبودية والرب أعلم بربوبيته يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد وأنه ينفعني العمل حيث كنت فإن كنت سعيداً احتجت إليه لزيادة الثواب أو شقيا فكيف ألزم نفسي على أن لا يعذبني على الطاعة كيف ووعده الحق وقد وعد على الطاعة بالإثابة.

(عد طب)(1) عن ابن مسعود) وأخرجه الديلمي قال الهيثمي: إسناده جيد انتهى وفي الميزان: أن فيه محمد بن سليم العبدي من حديثه ونقل عن النسائي وغيره أنه غير قوي وعن آخرين أنه ثقة.

3918 -

"خلق الله الحور العين من الزعفران". (طب) عن أبي أمامة.

(خلق الحور العين من الزعفران) هي خلقة البعض منهن وتقدم أن بعضهن خلق من التسبيح، قال ابن القيم (2): هذا في المنشآت في الجنة ليس في المولودات بين الآباء والأمهات وإذا كان هذه الخلقة الآدمية التي هي أحسن الصور مادتها من تراب فما الظن بمن خلقت من ماء وزعفران

(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 215)، والطبراني في الكبير (10/ 224)(10543)، وانظر الميزان (6/ 179)، وقول الهيثمي في المجمع (7/ 193)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3237).

(2)

حادي الأرواح (صـ 162).

ص: 503

الجنة. (طب)(1) عن أبي أمامة) ورواه عنه الديلمي أيضًا.

3919 -

"خلق الله الإنسان والحية سواء: إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلوها حيث وجدتموها". الطيالسي عن ابن عباس.

(خلق الإنسان والحية سواء) أي متماثلان في نفرة كل واحد عن الآخر وخوفه منه. (إن رآها أفزعته) أي أخافته لما فيها من السمية. (وإن لدغته أوجعته، فاقتلوها حيث وجدتموها) هو مقيد بغير حيات البيوت وتقدم البحث في ذلك. الطيالسي (2) عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً الطبراني في الأوسط قال الهيثمي: وفيه جابر غير منسوب والظاهر أنه الجعفي وقد ضعفوه.

3920 -

"خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم". (حم م) عن عائشة (صح).

(خلقت الملائكة من نور) فهي أرواح مجردة عن كل كثيف. (وخلق الجان) هو أبو الجن أو هو إبليس. (من مارج من نار) أي من نار مختلطة بهواء مشتعل والمرج الاختلاط فهو من عنصرين هواء ونار. (وخلق آدم مما وصف لكم) مبنيا وصف للمفعول أي وصفه الله في كتابه ففي بعضها أنه خلقه من ماء وفي بعضها من تراب وفي بعضها من المركب منهما وهو الطين وفي بعضها من صلصال وهو الطين ضربته الشمس والريح حتى صار كالفخار. (حم م)(3) عن عائشة) ولم يخرجه البخاري.

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 200)(7813)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 419)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2840).

(2)

أخرجه الطيالسي (2619)، والطبراني في الأوسط (4500)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 45)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2837): ضعيف جداً.

(3)

أخرجه أحمد (6/ 153، 168)، ومسلم (2996).

ص: 504

3921 -

"خلقت النخلة، والرمان، والعنب من فضل طينة آدم". ابن عساكر عن أبي سعيد.

(خلقت النخلة، والرمان، والعنب من فضلة طينة آدم) قد يقال تقدم قريبا أن خلق الأشجار قبل خلق آدم فكيف التلفيق؟ وجوابه أن المراد بخلق آدم نفخ الروح فيه فقد كانت حمرت طينته وفصلت منها فصلة خلقت منها المذكورات أو إنه يخص الأشجار ما عدا الثلاث، وتقدم:"أكرموا عمتكم النخلة" الحديث. ابن عساكر (1) عن أبي سعيد) وأخرجه الديلمي أيضًا بسند مقدوح فيه.

3922 -

"خلل أصابع يديك ورجليك". (حم) عن ابن عباس.

(خلل أصابع يديك ورجليك) أي في الوضوء وظاهر الأمر الوجوب لكن قيل صرفه إلى الندب أدلة أُخر. (حم)(2) عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن أبي زياد ضعيف.

3923 -

"خللوا بين أصابعكم لا يخللها الله يوم القيامة بالنار". (قط) عن أبي هريرة.

(خللوا بين أصابعكم لا يخللها الله يوم القيامة بالنار) الوعيد دليل الوجوب إذ لا وعيد على ترك مندوب إلا أن الحديث لا يقوم به حجة. (قط)(3) عن أبي هريرة) قال ابن حجر: إسناده واهٍ جدًّا وتبعه السخاوي، وقال الكمال بن

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 382)، والديلمي في الفردوس (2954)، والرافعي في التدوين (2/ 417)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2844)، وقال في الضعيفة (262): ضعيف جداً.

(2)

أخرجه أحمد (1/ 287)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (2/ 130)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3239)، والصحيحة (1306، 1349).

(3)

أخرجه الدارقطني (1/ 95)، وانظر الدراية (1/ 24)، والمقاصد الحسنة (صـ 326)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2846)، والضعيفة (3551): ضعيف جداً.

ص: 505

الهمام: حديث ضعيف فيه يحيى بن ميمون التمار.

3924 -

"خللوا بين أصابعكم لا يخلل الله بينها بالنار، وويل للأعقاب من النار". (قط) عن عائشة.

(خللوا بين أصابعكم لا يخلل الله بينهما بالنار، وويل للأعقاب من النار) استطرد من تخلل الأصابع إلى غسل الأعقاب لأنه يقع التساهل فيهما معا كثير. (قط)(1) عن عائشة) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ويخلل أصابعه ويدلك عقبيه ويقول: "خللوا أصابعكم لا يخللها الله بالنار وويل للأعقاب من النار" هذا لفظ الدارقطني من رواية عمر بن قيس ثم قال الدارقطني: ضعف قيس ويحيى بن ميمون وقال ابن حجر: سنده ضعيف جداً.

3925 -

"خللوا لحاكم، وقصوا أظفاركم، فإن الشيطان يجري ما بين اللحم والظفر". (خط) في الجامع وابن عساكر عن جابر.

(خللوا لحاكم، وقصوا أظفاركم، فإن الشيطان يجري ما بين اللحم والظفر) أي إذا رآه متسخا أو أنه مسكنه فيحب اتساخه. (خط)(2) في الجامع وابن عساكر عن جابر).

3926 -

"خليلي من هذه الأمة أويس القرني". ابن سعد عن رجل مرسلاً.

(خليلي من هذه الأمة أويس) مصغر بضم الهمزة ابن عامر أو عمرو. (القرني) بفتح القاف والراء نسبة إلى قبيلة من مُرّاد من اليمن لم يره النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أخبر بفضله، قتل مع أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه بصفين وقيل مات على

(1) أخرجه الدارقطني (1/ 95)، وانظر الدراية (1/ 24)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2845).

(2)

أخرجه الخطيب في جامعه (1/ 374)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 247)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2847)، والضعيفة (1705): موضوع.

ص: 506

أبي قبيس وقيل بدمشق، وفي الميزان عن مالك أنه أنكره، وقال ابن حبان: كان بعض أصحابنا ينكر كونه [في الدنيا](1).

والمراد من قوله: "خليلي" أي في الآخرة لأنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أو المراد يصلح لخلتي لو أدركني. ابن سعد (2) عن رجل) من التابعين (مرسلاً).

(1) انظر: ثقات ابن حبان (4/ 53)، وميزان الاعتدال (1/ 279) و (1/ 281).

(2)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (6/ 163)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2848): موضوع، وقال في الضعيفة (1707): منكر.

ص: 507