الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجيم مع النون
3584 -
" جنان الفردوس أربع: جنتان من ذهب حليتها وآنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما، ما بين القوم وبين أن يظهروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن ثم تصدع بعد ذلك أنهاراً". (حم طب) عن أبي موسى.
(جنان الفردوس أربع) العدد قرآني قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] ثم قال: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] والفردوس قال الحكيم: إنه سَرة الجنة ووسطها والفردوس جنات عدن فعدن كالمدينة والفردوس كالعُراء حولها انتهى، قلت: وهما غير الجنان الأربع وإنما تنسب إليه لأنه أصلها ولأن ماؤها يجري منه، ويأتي عن ابن القيم (1) ما يخالف كلام الحكيم (جنتان) مبتدأ. (من ذهب) خبره. حليتهما مبتدأ آخر وما عطف عليه من قوله:(حليتُهما وآنيتهما وما فيهما) والخبر مقدر أي من ذهب حذف لدلالة الأول عليه فيدل هذا التركيب أن الجنتان نفسهما من ذهب وكل ما فيهما من ذهب إلا أنه قد عارضه حديث أبي هريرة: قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: "لبنة من ذهب ولبنة من فضة"(2) أحمد والترمذي وصححه ابن حبان، وفي حديث البزار "خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة"(3) وجمع بأن حديث الكتاب صفة ما في كل جنة من آنية وغيرها، والثاني صفة حوائط الجنة كلها.
(1) طريق الهجرتين (ص 297).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 362، 445)، والترمذي (2526)، وابن حبان رقم (7387).
(3)
عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 732) إلى البزار، وانظر: فتح الباري (13/ 432).
قلت: ولا يتم إلا بجعل قوله "من ذهب" خبر مقدم وقوله حليتهما وما عطف عليه والجملة برمتها خبر عن جنتان ويكون معنى جنتان حليتهما وآنيتهما وما فيهما من ذهب ويكون الكلام سيق لإفادة الإخبار عن ما فيهما لا لما هما مبنيان منه فيكون غير مراد بهذا الحديث بل بحديث أبي هريرة ومثله قوله: (وجنتان من فضة) لعلهما المرادتان بقوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62]. (حليتهما وآنيتهما وما فيهما) أي حلية من يدخلهما وقوله: (ما بين القوم) أي الداخلين الجنة. (وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه) تقدم البحث في الصفات وأنه يؤمن بها كما هي من غير تفتيش عن كيفيتهما وقوله: (في جنة عدن) متعلق بالقوم أي بين القوم في جنة عدن لا إلى الله تعالى لأنه تعالى لا تحويه الأمكنة قاله عياض، وقال القرطبي: يتعلق بمحذوف في محل الحال من القول أي كائنين في جنة عدن، وقال الهروي: هو ظرف لينظروا بين بهاءان النظر لا يحصل إلا بعد الإذن لهما في الدخول في جنة عدن قوله: (وهذه الأنهار) إشارة إلى ما قد صار معلومًا عند المخاطبين من الكتاب العزيز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} الآية [محمد: 15] فيها أربعة أنهار من الماء والعسل والخمر واللبن وقد عرفت من السنة أيضا كما تقدم. (تشخب) بالمثناة الفوقية فشين معجمة [2/ 382] فخاء معجمة مضمومة فموحدة أي يسيل ويجري. (من جنة عدن ثم تصدع) بفتح المثناة الفوقية وصاد ودال وعين مهملات أي تعرف. (بعد ذلك أنهاراً) أي في الجنان الأربع وفيه أن جنة عدن غير الأربع وقد ثبت ذلك عند أبي الدنيا من حديث أنس (1) مرفوعاً: "خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من
(1) انظر الترغيب والترهيب (4/ 283)، وفيض القدير (3/ 315)، وتفسير ابن كثير (3/ 239).
ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجدة خضراء ملاطها المسك وحصاؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران" انتهى. (حم طب)(1) عن أبي موسى) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
3585 -
"جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المظاهر، وجروها في الجمع". (هـ) عن واثلة.
(جنبوا مساجدنا صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم، وخصوماتكم) أي بعدوها عنهم وعن الدخول بهم إليها؛ لأنه لا يؤمن تنجيسها وإهانتها باللعب ونحوه وهي كراهة تنزيهية بدليل أنه صلى الله عليه وسلم أدخل الحسنين عليهما السلام وأمامة بنت ابنته لبيان الجواز والخصومة الجدال ويدخل فيه ما اعتاده حكام الشريعة دخولا أوليا فإنه داخل في الخصومة (و) في: (رفع أصواتكم) ومن رفع الأصوات هذه القراءة في كتب التقليد والجدال عليها بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير إلا التقيد بمذهب رجل معين وهو داخل في الخصومة أيضا ورفع الصوت مخصص بتلاوة القرآن والذكر لمن لم يشغل غيره. (وإقامة حدودكم) التي أوجبها الله تعالى، وفيه أنه إذا منع عن إقامة ما وجب لما يتبعه من اجتماع ولغط فبالأولى ما لا يحب بل ما يكره ولقد خالف الناس هذه النواهي شرقا وغربا وصارت المساجد أشبه بالأسواق لا ينتهي العارف ولا ينزجر المعرف (وسل سيوفكم) ومثلها سائر أنواع السلاح. وقوله:(واتخذوا على أبوابها المظاهر) جمع مظهرة وهي محل التطهر سواء كان فيه ماء أو لا بل يحمله إليه المصلي وذلك لأن اتخاذها إعانة على تأدية الفريضة وقوله. (وجمروها) بالجيم
(1) أخرجه أحمد (4/ 416)، ولم أقف عليه من الكبير، والطيالسي (529)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 398)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2635)، والضعيفة (3464).
وتشديد الميم والراء أي بخّروها. (في الجمع) أي في كل يوم جمعة. (هـ)(1) عن واثلة) فيه الحارث بن نبهان قال الزين العراقي: والحارث بن نبهان ضعيف وقال ابن حجر: حديث ضعيف وعده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح وقال ابن حجر: في تخريج الهداية له طرق أسانيدها كلها واهية وقال عبد الحق: لا أصل له.
(1) أخرجه ابن ماجه (750)، وانظر التلخيص الحبير (4/ 188)، والدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 288)، والعلل المتناهية (1/ 403)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2636).