الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الجيم مع العين المهملة
3571 -
" جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه". (ق) عن أبي هريرة (صح).
(جعل الله الرحمة) أي خلق رحمته وقدرها، قال الزركشي في رواية:"جعل"، وفي أخرى:"خلق" فإن قيل: كيف هذا والرحمة صفة الله تعالى وهي إما صفة ذات فتكون قديمة أو صفة فعل فكذلك عند الحنفية؟ وحادثة عند غيرهم وجوابه: أنه أريد بها هنا متعلق الرحمة وهي النعم والمنافع ولا يصح التجزئة إلا لها: (مائة جزء) قال الكرماني (1): الرحمة هنا عبارة عن القدرة المتعلقة بإيصال الخير والقدرة في نفسها غير متناهية لكن حصرت في مائة على سبيل التمثيل تسهيلاً للفهم وتقليلاً لما عند الخلق وتكثيرا لما عند الله سبحانه. (فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، أنزل في الأرض جزءاً واحداً) قال القرطبي: هذا نص في أن الرحمة يراد بها متعلق الإرادة لا نفس الإرادة؛ فإنها راجعة إلى النعم والمنافع، قلت: فيندفع سؤال الزركشي. (فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس) أي مثلاً وغيره مثله (حافرها عن ولدها) عند إرضاعها له. (خشية أن يصيبه) ضبطه المصنف بخط يده بمثناة تحتية فالضمير للحافر وخص الفرس؛ لأنها أشد الحيوان المألوف إدراكا ومع ما فيها من الخفة والسرعة فرفع حافرها خشية ضرر ولدها به، وفيه أن هذه الرحمة التي له تعالى جعلها لعباده فأعطاهم جزءًا منها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة ضم الواحد إلى التسعة
(1) انظر: فتح الباري (10/ 433).
والتسعين وتفضل بها على عباده في يوم الحاجة والفاقة كما أفاده غيره. (ق)(1) عن أبي هريرة ورواه أيضاً أحمد عن سلمان رضي الله عنه.
3572 -
"جعل الله الأهلة مواقيت للناس، فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوماً". (ك) عن ابن عمر.
(جعل الله الأهلة مواقيت للناس) جمع ميقات أي أوقات قدر فيها حجهم وصومهم وغيرها مما أناطه بالأزمنة والميقات الزمان والهلال ليس الميقات فالمراد علامة للوقت واللفظ مأخوذ من الآية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189]. (فصوموا) أي رمضان. (لرؤيته) أي لوقت رؤية هلاله الدال عليه أي لرؤيته إياه فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله. (و) مثله. (أفطروا لرؤيته) وهذا بيان لأحد أنواع ما جعل الهلال علامة لوقته وخصه عناية لبيانه وتبيان زمانه (فإن غم عليكم) كالجواب لما يقال قد تحول دونه سحابة فلا نراه، فقال: إن اتفق ذلك (فعدوا ثلاثين يوما) أي عدوا شعبان ثلاثين يوماً ثم صوموا وعدوا رمضان كذلك ثم افطروا. (ك)(2) عن ابن عمر) ورواه أبو نعيم والطبراني عن طلق بن علي.
3573 -
"جعل الله التقوى زادك، وغفر ذنبك، ووجهك للخير حيثما تكون". (طب) عن قتادة بن عياش.
(جعل الله التقوى زادك، وغفر ذنبك، ووجهك للخير حيثما تكون) أي جعل الخير مواجها لك في أي مكان حتى لا تنظر إلا إياه وهو دعاء للمسافر من
(1) أخرجه البخاري (6000)، ومسلم (2752) عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد (5/ 439) عن سلمان.
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 423) عن ابن عمر، وأخرجه أحمد (4/ 23)، والطبراني في الكبير (8/ 331)(8237)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3093).
المقيم وكأنه قاله صلى الله عليه وسلم لبعض من ودعه ولعله قتادة الراوي وتقدَّم في الدعوات. (طب)(1) عن قتادة بن عياش) بالمهملة فمثناة تحتية فشين معجمة بعد الألف الجرشي وقيل الرهاوي (2).
3574 -
"جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار يقومون الليل ويصوم النهار ليسوا بِأَثَمَةٍ ولا فجار". عبد بن حميد والضياء عن أنس.
(جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار) أي جعل دعاءكم لكم لأنه سبق للدعاء لمن أكرم الضيف ونحوه وصلت عليكم الملائكة
…
الحديث (يقومون الليل ويصومون النهار) الجملة صفة لقوم يحتمل أنها كاشفة وأن هذه حقيقة الأبرار ويحتمل غيره، ثم يحتمل أن [2/ 380] القوم الأبرار الداعين بهذا ويحتمل أن المراد الدعاء لهم بأنه تعالى يرزقهم دعوات من كانوا بهذه الصفات. (ليسوا بِأَثَمَةٍ) بالهمز مفتوحة والمثلثة جمع آثم. (ولا فجار) بالجيم جمع فاجر أي قوم متصفين بالبر والقيام والصيام منتف عنهم صفة الإثم والفجور وهو أحد الأدعية لمن أطعم الطعام. (عبد بن حميد والضياء (3) عن أنس).
3575 -
"جعل الله الحسنة بعشر أمثالها: الشهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الشهر تمام السنة". أبو الشيخ في الثواب عن ثوبان.
(جعل الله الحسنة بعشر أمثالها: الشهر بعشرة أشهر) بيان لبعض أفراد الحسنات وبيان مضاعفتها وأراد بالشهر رمضان ومقتضى عموم المضاعفة
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 15) رقم (22)، والبخاري في تاريخه (824)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 360)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2631)، والضعيفة (3462).
(2)
انظر: الإصابة (5/ 418) وفيه: قتادة بن عباس، قال البخاري: له صحبة.
(3)
أخرجه عبد بن حميد (1360)، والضياء في المختارة (1700)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3093).
للحسنة أن الأشهر غيره مثله إلا أنه قد تقرر في الشريعة أن ثواب الواجب أكثر من ثواب النافلة إلا أن قوله: (وصيام ستة أيام بعد الشهر) أي عقيبه بتصريح غيره أنها من شوال (تمام السنة) قد جعل فيه الست شهرين ومعلوم أنها نافلة تقضي بالمساواة إلا أن يقال: إن المضاعفة وإن ثبتت للكل من واجب ونافلة إلا أن نوع جزاء الواجب أعظم قدراً من نوع جزاء النافلة فذلك كالجواهر وهذا كاللآلئ، قال في الفردوس: هذا بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال فقد صام السنة كلها"(1). أبو الشيخ (2) في الثواب عن ثوبان.
3576 -
"جعل الله عذاب هذه الأمة في دنياها". (طب) عن عبد الله بن يزيد.
(جعل الله عذاب هذه الأمة في دنياها) أي يقتل بعضها بعضا وبالأسقام والأخواف والقحط وبإقامة الحدود على العصاة، وبالجملة كل مصيبة، ولعله خاص لبعض الأمة لأنه قد ثبت أنه لابد من عذاب الآخرة للعصاة ولأن المعذب المقتول لا القاتل فله عذاب آخر، ويحتمل أن المراد جعل ذلك معظم عذابها فيخف بسببه عذابها في الآخرة. (طب)(3) عن عبد الله بن يزيد) أوسي خطمي شهد الحديبية.
3577 -
"جعلت قرة عيني في الصلاة". (طب) عن المغيرة.
(جعلت قرة عيني في الصلاة) أي جعل الله في الصلاة قرة عيني لما فيها من العبادة والمعارف والمناجاة لربه والمثول بين يديه فالصلاة طروف وقرة عينه
(1) أخرجه النسائي (2/ 163)، وأحمد (3/ 308).
(2)
أخرجه أبو الشيخ في الثواب كما في الكنز (24213)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3094).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (7164)، وفي الصغير (893)، والحاكم (1/ 113، 4/ 283)، والقضاعي في الشهاب (1000)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3096).
لطروف والصلاة مشتملة عليها مختصة بها ويأتي قريبا أبسط من هذا. (طب)(1) عن المغيرة) هو ابن شعبة ورواه عنه الخطيب في التاريخ.
3578 -
"جعلت لي الأرض مسجدا وطهوراً". (هـ) عن أبي هريرة (د) عن أبي ذر.
(جعلت لي الأرض مسجداً) أي جعل الله كل جزء فيها يصلح جعله مكاناً للسجود، ويصلح أن يبنى فيه مسجداً والأرض المغصوبة والمتنجسة خارجة عن العموم لما خصها من الأدلة. (وطهوراً) بفتح الطاء وقد بين مجمله حديث مسلم بلفظ:"تربتها طهوراً" والحديث ورد إخباراً بمنة الله عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته بتوسيعه لهم محل عبادته وأن من قبلهم كانت لا تجزئه صلاته إلا في كنيسة أو بيعة وفيه دليل على اختصاص الأمة بشرعية التيمم وفيه أن الطهور كان في شرع من قبلنا وتقدم الكلام على الحديث في: "أعطيت خمساً". (هـ) عن أبي هريرة (د)(2) عن أبي ذر).
3579 -
"جعل لي كل أرض طيبة مسجداً وطهوراً". (حم) والضياء عن أنس.
(جعلت لي كل أرض طيبة) بالتشديد للمثناة التحتية أي نظيفة غير خبيثة وقوله: (مسجداً وطهوراً) قال الزين العراقي: أراد بالطيبة الطاهرة وبالطهور المطهر لغيره ولو كان معنى طهوراً طاهرا لزم تحصيل الحاصل. (حم) والضياء (3) عن أنس) قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 420) رقم (1012)، والخطيب في تاريخه (14/ 189)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3098)، والصحيحة (1809).
(2)
أخرجه ابن ماجه (567) عن أبي هريرة، وأبو داود (489) عن أبي ذر، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3099).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 222)، والضياء في المختارة (124)، وانظر التلخيص الحبير (1/ 149)، =
3580 -
"جعل الخير كله في الربعة". ابن لال عن عائشة (ض).
(جعل الخير كله في الربعة) بفتح الراء وسكون الموحدة أي الرجل المعتدل الذي ليس بالطويل ولا القصير أي أن خلقه على تلك الهيئة من أدلة أن الخير قد صار مشمولا له وصار كأنه ظرف له وقد كان صلى الله عليه وسلم كذلك. (ابن لال (1) عن عائشة) قال السخاوي (2): ما اشتهر على الألسنة من خبر ما خلا قصير من حكمة لم أقف عليه.
= وصححه الألباني في صحيح الجامع (3100).
(1)
أخرجه ابن لال كما في الكنز (30751)، وكشف الخفاء (2/ 243)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2630).
(2)
انظر المقاصد الحسنة (ص: 580).