الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِن قَالَ المبتدع: لَيْسَ فِيهِ قُرْآن فقد خَالف الْإِجْمَاع أَنه مصحف الْقُرْآن، وَلَا يجوز أَن يُسمى مصحف الْقُرْآن، وَلَيْسَ فِيهِ قُرْآن، لِأَنَّهُ لَو لم يكن فِيهِ قُرْآن كَانَ من سَمَّاهُ مصحف الْقُرْآن كَاذِبًا.
وَلِأَن الشَّيْء لَا يُضَاف إِلَى الشَّيْء حَقِيقَة وَأَحَدهمَا مَعْدُوم غير مَوْجُود، فإضافة الْمُصحف إِلَى الْقُرْآن إِنَّمَا يَصح حَقِيقَة إِذا كَانَ فِيهِ الْقُرْآن فِي الْحَال، لِأَن الْحُرُوف والكلمات والآيات والسور الْمَكْتُوبَة فِي الْمُصحف وَغَيره من نفس الْقُرْآن وعينه، لِأَنَّهَا حُرُوفه وكلماته، وسوره، وَإِذا عدت قيل: عدت حُرُوف الْقُرْآن وكلماته، حَتَّى لَو أَن حَالفا حلف أَنه لَا يتَلَفَّظ بِالْقُرْآنِ أَو بِآيَة من آيَاته، أَو سُورَة من سوره فَقَرَأَ الْكِتَابَة أَو تلفظ بِتِلْكَ الْحُرُوف أَو بِبَعْض ذَلِكَ كَانَ حانثا فِي يَمِينه، لِأَنَّهُ تلفظ بِمَا هُوَ قُرْآن. وَلِأَنَّهُ:
112 -
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
أَنه نهى أَن يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو ". مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو. فَسمى الْمُصحف قُرْآنًا.
وَلِأَن الله قَالَ: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا فِي قرطاس فلمسوه بِأَيْدِيهِم} فأبان أَن الْمَكْتُوب فِي الْقَرَاطِيس وعَلى الْجِدَار، والبساط، وَغَيرهَا قُرْآن يَقع اللَّمْس عَلَيْهِ
.
وَلِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {إِنَّه لقرآن كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطهرُونَ} فَدلَّ أَن الْمَكْتُوب فِي الْمُصحف قُرْآن لِأَن الله سَمَّاهُ قُرْآنًا.
فَإِن قيل: المُرَاد بذلك الَّذِي فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَأَرَادَ بالمطهرين الْمَلَائِكَة.
قيل: المُرَاد بِهِ الْقُرْآن الَّذِي هُوَ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَالْقُرْآن الَّذِي عندنَا، لِأَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ قُرْآنًا فِي كلا الْمَوْضِعَيْنِ.
وَقَوله: لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ، يَعْنِي الْمَلَائِكَة وَالنَّاس، فَكَمَا لَا يجوز أَن يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ من الْمَلَائِكَة، كَذَلِك لَا يجوز أَن يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ من النَّاس لِأَن الْمُحدث، وَالْجنب لَا يجوز لَهما أَن يمسا الْمُصحف حَتَّى يتطهرا.