الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَزَّ وَجَلَّ نَاسًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا يَأْخُذُ نِقْمَتَهُ مِنْهُمْ، وَقَالَ: لَمَّا أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ عز وجل النَّارَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ لَهُمُ الْمُشْركُونَ: كنت تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا فَمَا بَالُكُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟ فَإِذَا سَمِعَ اللَّهُ عز وجل ذَلِكَ مِنْهُمْ أَذِنَ فِي الشَّفَاعَةِ لَهُمْ، فَتَشْفَعُ الْمَلائِكَةُ، وَالنَّبِيُّونَ، وَيَشْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى يَخْرُجُوا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قُولُوا: يَا لَيْتَنَا كُنَّا مِثْلَهُمْ فَتُدْرِكُنَا الشَّفَاعَةُ فَنَخْرُجُ مَعَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} فَيُسَمُّونَ فِي الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ. مِنْ أَجْلِ سَوَادٍ فِي وُجُوهِهِمْ، فَيَقُولُونَ رَبَّنَا أَذْهِبْ عَنَّا هَذَا الاسْمَ فَيَأْمُرُهُمْ فَيَغْتَسِلُونَ فِي نَهْرِ الْجَنَّةِ فَيَذْهَبُ ذَلِكَ الاسْمُ عَنْهُمْ ". فَأَقَرَّ بِهِ أُسَامَةُ، قَالَ: نَعَمْ.
494 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: "
يَخْرُجُ ضُبَارَةٌ مِنَ النَّارِ قَدْ كَانُوا فَحْمًا، فَقَالَ: بُثُّوهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَرُشُّوا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَاءِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّمَا كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ
.
فصل
قَالَ بعض عُلَمَاء أهل السّنة أما بعد فَإِنِّي وجدت جمَاعَة من مَشَايِخ السّلف وَكَثِيرًا مِمَّن تَبِعَهُمْ من الْخلف من عَلَيْهِم الْمُعْتَمد فِي أَبْوَاب الدّيانَة، وبهم الْقدْوَة فِي اسْتِعْمَال السّنة قد أظهرُوا اعْتِقَادهم، وَمَا انطوت عَلَيْهِ ضمائرهم فِي
مَعَاني السّنَن ليقتدي بهم المقتفي، وَذَلِكَ حِين فَشَتْ الْبدع فِي الْبلدَانِ وَكَثُرت دواعيها فِي الزَّمَان، فَحِينَئِذٍ وَقع الِاضْطِرَار إِلَى الْكَشْف وَالْبَيَان ليهتدي بهَا المسترشد فِي الْخلف كَمَا فَازَ لَهَا من مضى من السّلف نسْأَل الله تَعَالَى أَن يجعلنا من الْمُتَّقِينَ، وَأَن يعصمنا من اختراع المبتدعين، وَأَنا أذكر بِتَوْفِيق الله تَعَالَى جمَاعَة من أَئِمَّتنَا من السّلف مِمَّن شرعوا فِي هَذِهِ الْمعَانِي فَمنهمْ أَبُو عبد الله سُفْيَان بن سَعِيد بن مَسْرُوق الثَّوْريّ فَإِنَّهُ قد أظهر اعْتِقَاده، ومذهبه فِي السّنة فِي غير مَوضِع، وَقد أملاه عَلَى شُعَيْب بن حَرْب.
وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ الْهِلَالِي فَإِنَّهُ قد أجَاب فِي اعْتِقَاده حِين سُئِلَ عَنهُ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الثَّقَفِيّ، وَمِنْهُم أَبُو عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ إِمَام أهل الشَّام فَإِنَّهُ قد أظهر اعْتِقَاده فِي زَمَانه، وَرَوَاهُ ابْن إِسْحَاق الْفَزارِيّ.
وَمِنْهُم أَبُو عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الْمُبَارك إِمَام خُرَاسَان، والفضيل ابْن عِيَاض، ووكيع بن الْجراح، ويوسف بن أَسْبَاط، قد أظهرُوا اعْتِقَادهم، ومذاهبهم بالسنن، وَمِنْهُم شريك بن عبد الله النَّخعِيّ، وَيحيى بن سَعِيد الْقطَّان، وَأَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ، وَمِنْهُم أَبُو عبد الله مَالك بن أنس الأصبحي الْمَدِينِيّ إِمَام دَار الْهِجْرَة وفقيه الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ قد أظهر اعْتِقَاده فِي بَاب الْإِيمَان وَالْقُرْآن، وَمِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي المطلبي سيد الْفُقَهَاء فِي زَمَانه، وَمِنْهُم أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام، وَالنضْر بن شُمَيْل، وَأَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن يَحْيَى الْبُوَيْطِيّ من تلاميذ الشَّافِعِي أظهر اعْتِقَاده حِين ظَهرت المحنة فِي بَاب الْقُرْآن، وَمِنْهُم أَبُو عبد الله أَحْمَد بن حَنْبَل سيد أهل الحَدِيث فِي زَمَانه، وَأفضل من تورع فِي عصره، وأوانه قد أظهر اعْتِقَاده ودعا النَّاس إِلَيْهِ وَثَبت فِي المحنة، وَبَالغ فِيهِ غَايَة الْمُبَالغَة، وَمِنْهُم الشَّيْخ الزَّاهِد الْفَاضِل زُهَيْر ابْن نعيم البابي السجسْتانِي، لَهُ اعْتِقَاد فِي رِسَالَة كتبهَا إِلَى بعض إخوانه
وَمِنْهُم أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بن يَحْيَى السَّاجِي الْفَقِيه لَهُ اعْتِقَاد، وَمِنْهُم أَبُو رَجَاء قُتَيْبَة بن سَعِيد الثَّقَفِيّ البغلاني لَهُ اعْتِقَاد رَوَاهُ عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس السراج، وَمِنْهُم الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الاحتياطي لَهُ اعْتِقَاد رَوَاهُ عَنهُ أَحْمَد بن مُوسَى الْبَصْرِيّ، وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عكاشة الْكرْمَانِي، وَمِنْهُم أَحْمَد بن مُحَمَّد بن غَالب الْمَعْرُوف بِغُلَام الْخَلِيل صَاحب أَحْمَد بن حَنْبَل، وَمِنْهُم الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحَارِث لَهُ سُؤَالَات سَأَلَ عَنْهَا مَشَايِخ الْآفَاق فَأَجَابُوهُ باعتقادهم فِي الْإِيمَان حدث بِهِ مَشَايِخ سجستان، وَمِنْهُم أَحْمد ابْن نصر المقريء النَّيْسَابُورِي كَانَ أحد عُلَمَاء خُرَاسَان وعبادها، رَحل عَن
خُرَاسَان حِين نبغت نَابِغَة الكرامية وَله سُؤَالَات سَأَلَهَا عَن مَشَايِخ الْآفَاق حدث بِهِ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة عَنهُ، وَلأبي بكر بن خُزَيْمَة اعْتِقَاد، ولعَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي حَاتِم الرَّازِيّ، وَلأبي الْفضل مُحَمَّد بن أَبِي الْحُسَيْن جَاوز أَبِي سَعِيد الْهَرَوِيّ حَافظ خُرَاسَان، وعالمها فِي زَمَانه، وَكَانَ أَبُو أَحْمَد ابْن أَبِي أُسَامَة الْقرشِي الْهَرَوِيّ من أفاضل من بخراسان من الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء أمْلى اعتقادا لَهُ قَالَ: وَيَنْبَغِي لمن من الله بِعلم الْهِدَايَة والكرامة بِالسنةِ مِمَّن بَقِي من الْخلف الْقدْوَة مِمَّن مضى من السّلف، وَأَن مَذْهَبنَا وَمذهب أَئِمَّتنَا من أهل الْأَثر: أَن نقُول إِن الله عز وجل أحد لَا شريك لَهُ، وَلَا ضد لَهُ وَلَا ند وَلَا شَبيه لَهُ، إِلَهًا وَاحِدًا صمدا لم يتَّخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا وَلم يُشْرك فِي حكمه أحدا
قَالَ: ونؤمن بصفاته أَنه كَمَا وصف نَفسه فِي كِتَابه الْمنزل الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه، تَنْزِيل من حَكِيم حميد، ونؤمن بِمَا ثَبت عَن