الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زبيب، أَو عِنَب، أَو عسل، أَو شعير، أَو ذرة وَأَن من شربهَا كَانَ عَلَى الإِمَام إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ.
وَأَن الأوتار والمزامير كلهَا من فعل الشَّيْطَان لَا يحل لمُسلم أَن يسْمعهَا أَو يستعملها فَإِن فعل ذَلِكَ كَانَ عَاصِيا آثِما.
وَالشَّمْس تطلع من مغْرِبهَا فِي آخر الزَّمَان عَلَى مَا جَاءَت الْأَخْبَار الصَّحِيحَة فِيهِ دون قَول من أنكر ذَلِكَ، فَالله قَادر عَلَى إطلاعها من مغْرِبهَا كَمَا هُوَ قَادر عَلَى إطلاعها من مشرقها.
535 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -: "
إِن الشَّمْس تغرب فِي كل لَيْلَة فَتَقَع تَحت الْعَرْش سَاجِدَة فَتَسْتَأْذِن لَهَا بالطلوع من مطْلعهَا فَإِذا قربت الْقِيَامَة تستأذن فَيُؤذن لَهَا بالطلوع من مغْرِبهَا
"
فصل
قَالَ بعض الْعلمَاء: الدّين لَا يدْرك بِالْعقلِ، وَالْعقل نَوْعَانِ غريزي واكتسابي، فالغريزي مَا يكون مَوْجُودا مَعَ الْمَوْلُود كعقله للارتضاع وَأكل الطَّعَام وضحكه مِمَّا يسره وبكائه مِمَّا لَا يهواه وامتناعه مِمَّا يضرّهُ، كل هَذَا يعقله بِالْعقلِ الغريزي
.
وأصل الْعقل فِي اللُّغَة الْحَبْس، وَالْحَيَوَان قد يحبس نَفسه عَمَّا يضرّهُ وَذَلِكَ إلهام يَدعُوهُ إِلَى مَا يَنْفَعهُ حَتَّى لَا يقرب مِمَّا فِيهِ ضَرَره وهلاكه، بل ينفر مِنْهُ وَلَا يَأْكُل مِمَّا يضر بِهِ، أَو يكون سما من النَّبَات وَغَيره.
ثمَّ يكْتَسب الصَّبِي زِيَادَة فِي الْعقل عَلَى مُرُور الْأَيَّام إِلَى أَن يبلغ أَرْبَعِينَ سنة، فَحِينَئِذٍ يكمل عقله قَالَ الله تَعَالَى:{حَتَّى إِذا بلغ أشده وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة} أَي بلغ كَمَال الْعقل، وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ بعد ذَلِكَ يَأْخُذ عقله فِي النُّقْصَان إِلَى أَن يخرف وَتلك زِيَادَة عقل اكتسابي، فَأَما الْعلم يكون كل يَوْم فِي زِيَادَة، ومنتهى تعلم الْعلم يَنْتَهِي الْعُمر، فالإنسان لَا يصير مستغنيا عَن زِيَادَة الْعلم مَا دَامَ بِهِ رَمق وَقد يَسْتَغْنِي عَن زِيَادَة الْعقل إِذا بلغ منتهاه، وَهَذَا يدل عَلَى أَن الْعقل أَضْعَف من الْعلم، وَأَن الدّين لَا يدْرك بِهِ لضَعْفه وقلته، وَيدْرك بِالْعلمِ لقُوته وكثرته، وَيدل عَلَى ذَلِكَ أَن الْعَاقِل إِذا جن ذهب عَنهُ الْعقل الاكتسابي وَلم يتعهد إِلَى أَمر الْآخِرَة، وَمَا يتَعَلَّق بِالدّينِ وَبَقِي مَعَه الْعقل الغريزي يفعل مَا يَفْعَله الصَّبِي، وعقل نَفسه عَمَّا يعقله، وَلم يذهب عَنهُ
مَا يتَعَلَّق بالأمور الدنوية من الْأكل وَالشرب والإمساك عَمَّا يضر بِهِ والإسراع إِلَى مَا يَنْفَعهُ، فَدلَّ أَن قَلِيل الْعقل وَكَثِيره لَا مجَال لَهُ فِي الدّين مَا لم تنضم إِلَيْهِ قرينَة، وَلِأَن الْعقل يتَضَمَّن ظنا وشكا، لِأَن الْعَاقِل إِذا قَالَ شَيْئا فِي أَمر الدّين يعقله قَالَ كَذَا يُوجب عَقْلِي فيكل علم ذَلِكَ إِلَى عقله وظنه والعالم يَقُول: هَذَا الَّذِي أعلمهُ يَقِينا وأتحققه.
وَمن الدَّلِيل عَلَى ضعف الْعقل أَن الدّين لَا يدْرك بِهِ أَن الله تَعَالَى ذمّ الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا يرجعُونَ فِي نفاقهم إِلَى عُقُولهمْ فَقَالَ تَعَالَى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ من بعد مَا عقلوه وهم يعلمُونَ} أَي من بعد مَا قَالُوا: وقفنا عَلَى كَلَام الله تَعَالَى بعقولنا وهم يعلمُونَ بطلَان مَا أدركوه بعقولهم.
فَدلَّ هَذَا عَلَى أَن معنى كَلَام الله لَا يدْرك بِالْعقلِ وَإِنَّمَا يدْرك بِالْعلمِ، وَلِأَن الْعقل لَا مجَال لَهُ فِي إِدْرَاك الدّين بِكَمَالِهِ وبالعلم يدْرك بِكَمَالِهِ، وَلِأَن الْعلم يستحسن أَشْيَاء فِي الدّين وَلَا يردهَا شرعا ويستقبحها الْعقل ويردها طبعا فَإِن مجامعة الزَّوْج امْرَأَته يردهَا الْعقل ويحسنها الْعلم وَالشَّرْع، وَأكل الْميتَة
كالسمك وَالْجَرَاد، وَأكل الدَّم كالكبد وَالطحَال، وَأكل الكرش الَّذِي هُوَ وعَاء
…
والنجاسات، وَإِن غسل وطهر بِالْمَاءِ فَإِن الطَّبْع ينفر عَن تنَاوله وَالْعلم يحله، وَكَذَلِكَ قتل الْحَيَوَان من الصَّيْد وَالدَّوَاب يُنكره الْعقل لَا سِيمَا قتل الْإِنْسَان، وَالشَّرْع وَالْعلم يحله إِذا كَانَ وَاجِبا.
فَبَان أَن الْعقل لَا مجَال لَهُ فِي دَرك الدّين إِذا كَانَ مُنْفَردا عَن قرينه وَلَو كَانَ لِلْعَقْلِ مجَال فِي الدّين يدْرك بِهِ الدّين لَكَانَ الْعُقَلَاء من الْكفَّار لَا يصرون عَلَى الْكفْر ويبصرون الدّين القويم لَا سِيمَا كفار قُرَيْش الَّذين كَانُوا معروفين بوفور الْعقل وأصالة الرَّأْي حَتَّى وَصفهم الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَقَالَ: {أم تَأْمُرهُمْ أحلامهم بِهَذَا} أَي عُقُولهمْ فَدلَّ أَن الْعقل لَا يهدي إِلَى الدّين.
536 -
وَقَالَ بعض الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم: لَو كَانَ الدّين بِالْعقلِ لَكَانَ بَاطِن الْخُف أولى بِالْمَسْحِ من ظَاهره.
وَلِأَن الْخَارِج النَّجس من مخرج الْحَدث يُوجب غسل بعض أَعْضَاء الْجَسَد وَالْخَارِج الَّذِي هُوَ طَاهِر فِي قَول كثير من الْعلمَاء يُوجب غسل