الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِن قيل: أَنا نرى الْمَصَاحِف تحرق، والسواد يمحى، وَيغسل. قيل: المحو وَالْغسْل إِذا حصل لم يكن وَاقعا عَلَى صِفَات لربنا عز وجل، لِأَن الله عز وجل يظْهر صفته كَيفَ يَشَاء، يَشَاء مرّة عَلَى الْأَلْسِنَة، وَمرَّة فِي الْمَصَاحِف وَالله تَعَالَى لَا مثل لَهُ وَكَلَامه لَا مثل لَهُ، وَلَيْسَ إِلَى الْخَوْض فِي آيَاته وَصِفَاته بالعقول سَبِيل، عصمنا الله من الْقدح، والخوض فِيمَا لَا نحيط بِهِ علما بفضله وَرَحمته.
فصل
قَالَ بعض الْعلمَاء: لَا يُوصف الله إِلَّا بِمَا وصف بِهِ نَفسه أَو قَالَه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم َ -،
أَو أجمع عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ.
سَأَلَ أَبُو الْعَبَّاس الناشيء أَبَا إِسْحَاق الزّجاج فَقَالَ: الله عز وجل الرَّحِيم، وَيَقُول: فلَان رَحِيم، كَيفَ نفرق بَينهمَا، وَإِنَّمَا الرَّحْمَة رقة؟ فَكيف جَازَ أَن يُوصف الله عز وجل بهَا؟ فحاد
وَقَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعت إِسْحَاق يَقُول: إِن الله عز وجل وصف نَفسه فِي كِتَابه بِصِفَات اسْتغنى الْخلق كلهم أَن يصفوه بِغَيْر مَا وصف بِهِ نَفسه.
وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا يلْزم الْعباد الاستسلام، وَلَا يعرف ملك مقرب، وَلَا نَبِي مُرْسل تِلْكَ الصِّفَات، إِلَّا بالأسماء الَّتِي عرفهم الرب عز وجل، وَلَا يدْرك بالعقول والمقاييس مُنْتَهى صِفَات الله عز وجل، فسبيل ذَلِكَ إِثْبَات معرفَة صِفَاته بالاتباع والاستسلام، فَإِن طعن أهل الْأَهْوَاء عَلَى أهل السّنة ونسبوهم إِلَى التَّشْبِيه إِذا وافقوا بَين الْأَسْمَاء. يُقَال: لَيْسَ الْأَمر كَمَا يتوهمون لِأَن الشَّيْئَيْنِ لَا يشتبهان لاشتباه أسمائها فِي اللَّفْظ، وَإِنَّمَا يشتبهان بأنفسهما أَو بمعان مشتبهة فيهمَا، وَلَو كَانَ الْأَمر كَمَا قَالُوا وتوهموا لاشتبهت الْأَشْيَاء كلهَا لِأَنَّهُ يَقع عَلَى كل وَاحِد مِنْهُم اسْم شَيْء.