الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرُوِيَ عَن أَحْمَد بن حَنْبَل رحمه الله قَالَ: رَآهُ بِعَين رَأسه. وَرُوِيَ عَنهُ أَنه رَآهُ بِعَين قلبه، وَالصَّحِيح أَنه رَآهُ بِعَين رَأسه، وَعين قلبه.
قيل فِي التَّفْسِير: {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} رَآهُ فِي الْمرة الأولى بعيني قلبه، وَفِي الْمرة الْأُخْرَى بعيني رَأسه.
فصل
ذكر الشَّيْخ أَبُو زيد مُحَمَّد بن أَحْمد الْفَقِيه المرزوي، وَكَانَ أوحد وقته قَالَ: لما فرغت من درسي عَلَى أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد المرزوي
وَأَرَدْت الرُّجُوع إِلَى أَهلِي قَالَ لي الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق: إِنَّك ترجع إِلَى مرو، ويحدق بك النَّاس للتفقه فيشغلونك، وَمَا حججْت حجَّة الْإِسْلَام، ونفسك تطالبك بذلك فتحتاج أَن تنشيء لَهَا سفرة أُخْرَى، فَإِن كَانَت بقيت مَعَك بَقِيَّة من النَّفَقَة فَقدم الْحَج حَتَّى تَنْصَرِف إِلَى أهلك بقلب فارغ، وَإِن ضَاقَتْ بك النَّفَقَة فعرفني حَتَّى أدبر لَك، فَقلت: بَقِي معي مَا أَرْجُو أَن يقوم بِي، فاكتري لي فِي وسط السّنة، وأوصاهم بِي، وَخَرجْنَا قَاصِدين إِلَى الْمَدِينَة فوصلناها لأيام مضين من رَجَب، فَأَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّة رَجَب، وَإِلَى النّصْف من شعْبَان، وتهنأنا بالزيارات الَّتِي بهَا، ثمَّ خرجنَا من الْمَدِينَة، وأتينا مَكَّة لأَرْبَع بَقينَ من شعْبَان فصمنا بهَا رَمَضَان، وقضينا نهمتنا من الاعتمار، فَأَقَمْنَا إِلَى وَقت الْحَج، وَسَهل الله تَعَالَى لنا الْحَج، فحين فَرغْنَا مِنْهُ أَشَارَ عَليّ بعض أَصْحَابِي بِالْخرُوجِ عَلَى طَرِيق الْبَصْرَة فَإِنَّهُ أخف فِي الْمُؤْنَة، وَأقرب إِلَى خُرَاسَان فاكتريت وَهَيَّأْت أشغالي، وَخرجت فِي الْبَصرِيين حَتَّى استتب بِنَا السّير، وَإِذا فِي القطار الَّذِي أَنا فِيهِ رجل من فُقَهَاء الْبَصْرَة، ومياسيرها، وأمثالها، وَإِذا القطار بأسره لَهُ والمكارون خدمه، فَكُنَّا ننزل أَوْقَات الصَّلَوَات، وأوقات الرواح نستأنس، ونتذاكر حَتَّى تَأَكد بيني وَبَينه الْأنس، فَأمر جمالي أَن يقطر جملي إِلَى جمله، فَيذْهب أوقاتنا فِي المذاكرة حَتَّى إِذا قربنا من الْبَصْرَة قَالَ لي: أَيهَا الْفَقِيه أَنْت عَلَى جنَاح السّفر وَلست تنوي الْإِقَامَة بِالْبَصْرَةِ، وَإِنَّمَا مكثك فِيهَا قدر مَا تصلح من شؤونك، وَإِنِّي أحب أَن تنزل عِنْدِي أَيَّام مكثك بِالْبَصْرَةِ فَلَا تحْتَاج إِلَى إصْلَاح منزل، فأجبته إِلَى ذَلِكَ لما صَار بَيْننَا من
الانبساط، وَقدمنَا الْبَصْرَة سَالِمين، وَإِذا الرجل من جلة أهل الْبَصْرَة ينتابه النَّاس من كل جَانب عَلَى طبقاتهم لتهنئته، وَالسَّلَام عَلَيْهِ وأنزلني حجرَة من دَاره فَكَانَ كل يَوْم يَجِيء ويصبحني، يذهب إِلَى بهو لَهُ يقْعد لسلام النَّاس حَتَّى إِذا انْقَطع النَّاس عَنهُ عَاد إِلَى عِنْدِي، وكل من جَاءَهُ، من أهل الْعلم يُنَوّه بِي عِنْدهم فَإِذا انصرفوا من عِنْده دخلُوا إِلَيّ فهنوني وَرُبمَا ذاكروني حَتَّى كَانَ بعد أَيَّام دخل عَلَيْهِ شخص، ثمَّ انْصَرف من عِنْده، وَدخل عَليّ وَمَعَهُ نفر فألقي إِنْسَان مِنْهُم مَسْأَلَة من الْكَلَام فاعتذرت واستعفيت، وَقلت: لَيْسَ هَذَا من علمي، وَإِنَّمَا كَانَ كدحي فِي الْفِقْه، وَمَا أُرِيد الْخَوْض فِيمَا لَيْسَ لي بِهِ دربة فذنب بعض الْحَاضِرين، وَكلمَة فِي الْمَسْأَلَة فَوَجَدته باقعة حسن التَّصَرُّف فِي الْكَلَام والاحتيال فِي دفع مقَالَة الْخصم، فَأَعْجَبَنِي حسن تصرفه فزهزهت لَهُ فَقَامَ وَخرج، فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة جَاءَ الشَّيْخ فَذكرت لَهُ مَا أعجبني من كَلَام من تكلم، وحلاوته بقلبي فَقَالَ: هَذَا من أهل الاعتزال فَارق أَصْحَابه، وَعَاد إِلَيْنَا، وَصَارَ يرد عَلَيْهِم بعد طول صحبته لَهُم يُقَال لَهُ: عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْأَشْعَرِيّ، فَلَمَّا أمسينا قُمْت فِي اللَّيْل لورد لي، ثمَّ أغفيت بعد ذَلِكَ من آخر اللَّيْل فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أتيت الْمَدِينَة فِي ركب من النَّاس زائرين، وَلم يكن فِي الْقَوْم من زار غَيْرِي، وَكنت قريب عهد بالزيارة، فَأَمَرتهمْ فاغتسلوا، ولبسوا أحسن مَا عِنْدهم وَتَقَدَّمت بهم لأزور بهم، فَجئْت إِلَى الْبَاب الَّذِي كنت مِنْهُ فَإِذا هُوَ مصمت لَا خرق فِيهِ فَجئْت إِلَى بَاب آخر فَإِذا هُوَ كَذَلِك