الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} ، وواضح زيف هذا وبطلانه.
ولله در أبي هريرة ذلك الصحابي الجليل، ما أكثر ما جنى من حسنات أولئك الذين تطاولوا عليه فرضي الله عنه وأرضاه.
من المكثرين من الرواية "عبد الله بن عمر
":
علم من أعلام الرواية، ونجم من نجومها، إنه الناسك العابد، والورع الزاهد عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي القرشي، وهو شقيق حفصة أم المؤمنين أمهما زينب بنت مظعون.
أسلم عبد الله صغيرا، وهاجر مع أبيه، وقيل: قبله، وكان عمره آنئذ إحدى عشرة سنة، وتعين للجهاد، وأمضي له في غزوة الخندق، وكان عمره خمس عشرة سنة، بعد أن رد في بدر وأحد، ومنذ أن أجيز من قبل القائد كانت له مشاركة فعلية في كل المشاهد، وبعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى قاتل وجاهد، فكان في جيش اليرموك، وشارك في فتح مصر وشمال أفريقيا.
وقد اشتهر بالحرص على الاتباع، وعرف بتحري الإفتاء، وكان يحضر مجالس التحديث، ويسأل عما غاب عنه مما سوغ لمحمد ابن الحنفية أن يقول فيه:"كان ابن عمر حبر هذه الأمة"، وقال عنه ابن مسعود:"إن أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر"، وقال جابر بن عبد الله:
"ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به، ومال بها غير عبد الله بن عمر".
وقد ورث عن أبيه الجرأة في الحق والشدة فيه وكانت له مواقف عديدة لازم فيها الحق، وجهر به، ولم تأخذه فيه لومة لائم مما جعل أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول فيه مقارنا بينه وبين أبيه:"كان عمر في زمان له فيه نظراء وكان ابن عمر في زمان ليس فيه نظير".
وكان مثالا في الورع والتقوى وكثرة العبادة، يقوم أكثر الليل بعد أن سمع هذا الحض والتشجيع:"نعم العبد عبد الله بن عمر لو كان يقوم من الليل"، وكان شديد الخشوع ظاهر الخضوع تغلبه الدموع عند سماع القرآن، فكلما سمع قوله {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} 1 غلبه البكاء.
ولا عجب فهو ابن عمر، وكان رضي الله عنه لا يصوم في السفر ولا يكاد يفطر في الحضر، وإذا وضع الطعام أمامه لا تمد يده إلا إذا حضر معه على خوانه يتيم.
وكان يحرص على اقتفاء النهج القويم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فيتحرى مبرك ناقته ليبرك ناقته فيه. وأخبار ذكائه مشهورة مستفيضة وأدبه جم مشهود له به، والسؤال عن الشجرة التي لا يسقط ورقها، وأنها مثل المؤمن، ومعرفته بالإجابة، وعدم ذكره لها خير دليل على ذلك.
1 سورة الحديد: 16.
وقد روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وعن كبار الصحابة؛ كأبي بكر وعمر وعثمان وأبي ذر ومعاذ وعائشة وغيرهم.
وروى عنه خلق كثير منهم: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وبنوه: سالم وعبد الله، وحمزة، وبلال، ومولاه نافع، ومولى أبيه أسلم.
وروى عنه كبار التابعين؛ كسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. ومن الطبقة التي بعد هؤلاء روى عنه عبد الله بن دينار، وزيد بن أسلم، وأخوه خالد، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وغيرهم.
وقد اشتهر عبد الله بالتواضع والتسامح والرحمة والكرم، يكثر التصدق بما يشتهيه من الطعام، ويتقرب إلى الله بما يعجبه من ماله، أتته في ليلة عشرة آلاف درهم، فما بات حتى وزعها، وكان في ملجس فأتي ببضعة وعشرين ألفا فما قام من مجلسه حتى فرقها وزاد عليها، وقد ينفد ما معه فيستدين ليعطي ذوي الحاجات.
ولرصيده الضخم من الفضائل رشحه بعض الصحابة للخلافة بعد أبيه، فأبى عمر إلا أن يجعلها شورى في ستة ممن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راض، وقال قولته المشهورة: يكفي آل الخطاب أن يسأل منهم واحد عن أمور المسلمين.
واعتزل ابن عمر الفتن وتفرغ للعبادة والعلم، ولذا كان من المكثرين من الرواية.