الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخرجه عندهما من طرق أخرى غير طريق ابن شهاب، كما صح من طريقه، وأخرج الحديث أيضا أصحاب السنن الأربعة، والإمام أحمد في مسنده، والدارمي في سننه.
ولم يبق إلا أن يسلم ابن شهاب من كل ما اتهم به، وأن تسلم ساحته، وأن يبرأ جانبه من كل ما ألصق به.
إنه إذن الثقة الثبت الحجة الحافظ أعلم التابعين بالسنة الماضية، فرضي الله عنه وأرضاه وأحسن إليه1.
1 أطلنا في ترجمته وكان غيرنا أطول، فقد ترجم له ابن سعد في طبقاته ج2، ق2، ص135-136، والذهبي في التذكرة ج1، ص108-113، وابن كثير في البداية والنهاية ج9، ص383-392، وابن حجر في تهذيب التهذيب ج8، ص445-451 وابن خلكان في وفيات الأعيان ج4، ص177-179، وابن الجوزي في صفة الصفوة ج2، ص136-139، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ج8، ص71-74، والسيوطي في طبقات الحفاظ ص42، والدكتور السباعي في السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص206-226، والدكتور محمد عجاج الخطيب في السنة قبل التدوين ص489-513، وغيرهم كثير.
8-
نافع مولى ابن عمر:
هو أبو عبد الله العدوي المدني مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أحد أعلام التابعين. قيل: أصله من المغرب، وقيل: من الديلم شمال العراق، أسر في أحد الحروب بين المسلمين والفرس فكان من نصيب عبد الله بن عمر، فلزمه ما يقرب من ثلاثين سنة، تعلم خلالها القرآن والسنة.
وروي عن ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وعائشة وأم سلمة، وعبد الله وعبيد الله وسالم وزيد أولاد عبد الله بن عمر وغيرهم.
وروي عن نافع من التابعين الزهري وابن كيسان وحميد الطويل وغيرهم.
كما أخذ عنه من أتباع التابعين الأوزاعي وابن جريج والليث بن سعد ومالك بن أنس.
ورواية مالك عن نافع تكتسب أهمية خاصة حيث عرفت بسلسلة الذهب فأصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر.
وكان نافع ثقة ضابط صحيح الرواية لا يعرف له خطأ في جميع ما رواه، كثير الحديث، قال عنه عبد الله بن عمر:"لقد من الله علينا بنافع" وقال عنه مالك بن أنس: "كنت إذا سمعت من نافع يحدث عن ابن عمر لا أبالي أن لا أسمعه من غيره".
وبلغ من منزلته في الحديث أن اختاره عمر بن عبد العزيز معلما لأهل مصر يعلمهم السنن، ويبصرهم بدينهم.
وتوفي نافع رضي الله عنه بالمدينة سنة سبعة عشرة ومائة على الراجح في تحديد سنة وفاته1.
1 انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ ج1، ص99، وتهذيب التهذيب ج1، ص412، وطبقات الحفاظ ص40.
هذه أمثلة رائدة، ونماذج رائعة لجموع التابعين الجامعة التي كانت الأكثر والأغلب والتي استطاعت أن تحتوي محاولات القلة القليلة الضئيلة من ذوي البدع والأهواء الذين كانوا يمثلون نقطة في بحر لا تعكره الدلاء، فلا سبيل إلى تشكيك في السنة الغراء في جهة أنها تعرضت في مهدها لبعض العواصف، ولا سبيل في صحة هذا الادعاء المغرض الذي يريد النيل من الدين لأن الله تكفل بحفظ كتابه واقتضى حفظ الكتاب حفظ البيان والتفسير له، وكان الحفظ بواسطة الصحابة الكرام ثم تابعيهم، وتابعي تابعيهم بإحسان، وتوالت الجهود وتتابعت خدمة الحديث إلى أن بلغت تمام نضجها في آخر القرن الهجري الأول لتمثل فاتحة القرن الهجري الثاني مرحلة جديدة جديرة بالدراسة.