المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فمن وهب ومتى ولد وما رأى علماء الجرح التعديل فيه - الضوء اللامع المبين عن مناهج المحدثين

[أحمد محرم الشيخ ناجي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌المبحث الأول: الحديث في العهد النبوي

- ‌القرآن يقدم الحديث وصاحبه إلى الأمة:

- ‌على طريق التأكيد تمضي المائدة والأنفال:

- ‌القرآن يواصل حديثه عن استواء طاعة الله ورسوله في الوجوب:

- ‌قمة ما تستند إليه السنة في حجيتها:

- ‌‌‌المطاعوالمطاع فيه والمطيعون

- ‌المطاع

- ‌المطاع فيه: "السنة أو الحديث

- ‌المطيعون:

- ‌الترغيب في طلب وحفظ السنة وتبليغها

- ‌إقبال الصحابة على تلقي الكتاب والسنة:

- ‌وجوه بين السنة للقرآن

- ‌عوامل وأسباب انتشار السنة في العهد النبوي:

- ‌المبحث الثاني: السنة في عهد الصحابة

- ‌مدخل

- ‌احتياط الصحابة وتثبتهم من الراوي والمروي:

- ‌نقد الصحابة للمتن:

- ‌رد ما جاء في ضعيف الخبر من أن عمر حبس ثلاثة نفر من الصحابة لإكثارهم الرواية

- ‌مدخل

- ‌أولا: ابن مسعود:

- ‌ثانيا: أبو الدرداء:

- ‌ثالثا: أبو مسعود الأنصاري:

- ‌رابعًا: أبو ذر الغفاري:

- ‌هل روى الصحابة الحديث بالمعنى أم باللفظ

- ‌دعوى باطلة وردها:

- ‌عدالة الصحابة ومعناها:

- ‌المكثرون من الرواية والتعريف بهم:

- ‌رواية الإسلام: أبو هريرة

- ‌عدد مروياته وما أثير حوله من شبه:

- ‌افتيات أبي رية وجرأته:

- ‌من المكثرين من الرواية "عبد الله بن عمر

- ‌ومن المكثرين من الرواية "أنس بن مالك

- ‌من المكثرين من الرواية "أم المؤمنين عائشة

- ‌من المكثرين من الرواية "عبد الله بن عباس

- ‌ومن المكثرين من الرواية "جابر بن عبد الله الأنصاري

- ‌ومن المكثرين من الرواية "أبو سعيد الخدري

- ‌من المكثرين من الرواية عبد الله بن عمرو العاص

- ‌كلمة عن الإسرائيليات وموقف الصحابة منها والرد على المتقولين:

- ‌فمن وهب ومتى ولد وما رأى علماء الجرح التعديل فيه

- ‌المبحث الثالث: التابعون والحديث إلى نهاية القرن

- ‌مدخل

- ‌من هم التابعون

- ‌هل التابعون كلهم عدول

- ‌ظهور الفرق في عهد التابعين:

- ‌الخوارج:

- ‌قلة فقه الخوارج، واجتراؤهم على الحديث:

- ‌الشيعة:

- ‌موقف الشيعة من الحديث ووضعهم له:

- ‌الفرق الأخرى وأثرهم في الحديث:

- ‌جهود التابعين في المحافظة على الحديث ومقاومة الضالين:

- ‌أهم المدارس الحديثية في الأمصار الإسلامية ومناهج

- ‌مدخل

- ‌ مدرسة المدينة:

- ‌ مدرسة مكة:

- ‌ مدرسة الكوفة:

- ‌ مدرسة البصرة:

- ‌ مدرسة الشام:

- ‌ مدرسة مصر:

- ‌ مدرسة اليمن:

- ‌ سعيد بن المسيب:

- ‌ سالم بن عبد الله:

- ‌ سليمان بن يسار:

- ‌ عبيد الله بن عتبة:

- ‌ عروة بن الزبير:

- ‌ القاسم:

- ‌ ابن شهاب الزهري:

- ‌ نافع مولى ابن عمر:

- ‌المبحث الرابع: مناهج المحدثين في القرن الهجري الثاني

- ‌مدخل

- ‌ أبو حنيفة:

- ‌ الإمام مالك:

- ‌الإمام الشافعي وجهوده في السنة

- ‌ ابن جريج وقيمة الرواية عنه:

- ‌ شعبة أمير المؤمنين في الحديث:

- ‌ علم الرواية والنقد والورع والزهد "ابن المبارك

- ‌مسك الختام مع علم الأعلام في الرواية والنقد": "ابن مهدي

- ‌خاتمة

- ‌الفهرس

الفصل: ‌فمن وهب ومتى ولد وما رأى علماء الجرح التعديل فيه

يهود فأسلم، وقدم المدينة، ثم خرج إلى الشام، فسكن حمص حتى توفي بها سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان، وقيل: سنة أربع وثلاثين.

وقد ذكر ابن سعد قصة إسلامه، وفحواها أن أباه أعطاه كتابا مختوما، وأوصاه أن لا يفض ختمه، فلما توفي أبوه دار في خاطره أن في الكتاب سرًّا ففتحه، وقرأ ما فيه من أوصاف النبي الأمي وأمته، فأسلم.

وكان ذلك جوابه على من سأله عن تأخر إسلامه، وقد بالغ أبو رية في استبعاد هذه القصة واستغرباها، ورمى كعبا باختلاقها، ولا غرابة في هذا، بل الغرابة كل الغرابة في استبعاد ما قرره القرآن، ورمي البرآء بالإفك والبهتان.

والأعجب والأغرب أن تضيع مقاييس الزمان، فيكون التابعي "وهب بن منبه" واحدًا ممن رمى الصحابة بالأخذ عنهم، وتنوقلت الإسرائيليات بواسطتها.

ص: 160

‌فمن وهب ومتى ولد وما رأى علماء الجرح التعديل فيه

فمن وهب؟ ومتى ولد؟ وما رأي علماء الجرح والتعديل فيه؟

إنه: وهب بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني، ولد آخر خلافة عثمان سنة أربع وثلاثين، فلقي كثيرا من الصحابة، وروى عنهم كأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وابن عمرو وجابر وأنس.

وروى عن التابعين؛ كعمرو بن شعيب، وأبي خليفة البصري، وهمام بن منبه أخي وهب.

وروى عنه ابناه: عبد الله وعبد الرحمن، وابنا أخيه: عبد الصمد وعقيل ابنا معقل، وعمرو بن دينار، وروى هو أيضا عنه.

ص: 160

كان وهب من أبناء فارس الذين حسن إسلامهم؛ لذا قال العجلي: تابعي ثقة، وكان على قضاء صنعاء، ووثقه أبو زرعة، والنسائي، ابن حبان، وكان أبوه منبه من أهل هراة، فأخرجه كسرى غلى اليمن، فأسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن إسلامه، وسكن وولده بلاد اليمن.

وكان وهب عف اللسان، ذكر أنه مكث أربعين سنةً لم يسبَّ شيئا فيه الروح، وكان عابدا يقوم الليل، ذكر أنه لبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وُضوء.

قال الإمام أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن أبيه: حج عامة الفقهاء سنة مائة، فحج وهب فلما صلوا العشاء، أتاه نفر فيهم عطاء والحسن، وهم يريدون أن يذاكروه القدر، قال: فأمعن في باب من الحمد، فما زال فيه، حتى طلع الفجر، فافترقوا ولم يسألوه عن شيء، قال أحمد: وكان يتهم بشيء من القدر، ثم رجع. قال حماد بن سلمة عن أبي سنان: سمعت وهب بن منبه يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الأنبياء، كلها من جعل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر، فتركت قولي.

وقال الجوزجاني: كان وهب كتب كتابا في القدر، ثم حدثت أنه ندم عليه. وقال ابن عيينة عن عمرو بن دينار: دخلت على وهب داره بصنعاء فأطعمني جوزا من جوزه في داره، فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت في القدر، فقال: أنا والله وددت ذلك. ومن أقواله: العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والصبر أمير جنوده والرفق أبوه واللين أخوه.

ص: 161

وتوفي وهب سنة عشر ومائة، وقيل: سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة أو ست عشرة ومائة.

وهو ثقة عند عامتهم، ولم يضعفه إلا ابن علي الفلاس.

روى له البخاري حديثا واحدا من روايته عن أخيه، عن أبي هريرة: ليس أحدًا أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب1.

وبعد فقد أطلنا الكلام عن كعب ووهب عمدًا؛ لرد ما أثير حولهما من شبهة حول الرواية عنهما كذلك.

وكان حقهما أن يذكرا في التابعين، فلا صحبة لهما لكن كعبا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وروى عنه كثيرون من الصحابة، واتخذ البعض من ذلك وسيلة للغمز واللمز في حملة الوحي ونقلته الأُوَل.

وأما وهب فتابعي روى عن الصحابة، ولم يذكر أن صحابيا روى عنه.

ومع ذلك آثرنا ذكر ترجمته هنا، وبيان حاله؛ لاقترانه بكعب وابن سلام في الوصمة التي أريد أن يوصم بها الصحابة رضوان الله عليهم، وهي الأخذ عن الإسرائيليات، وتناقلها مما يفضي إلى عدم الاستيثاق بمروياتهم، والطعن في عدالتهم، وهيهات أن تتحقق هذه الأماني الكاذبة، أو أن يصدق على الأيام حلم من يريدون النيل من الإسلام من خلال التطاول على أصله الثاني

1 تهذيب التهذيب ج11، ص166-168، وميزان الاعتدال ج4، ص352-353.

ص: 162

والتشكيك فيه {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} 1.

نعم يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المستشرقون، أو صنائعهم المستعربون، الذين لا يروقهم إلا الوافد، ولا يعجبهم إلا الفكر المستورد، فذرهم يأكلون ويتمتعون ويلههم الأمل، فسوف يعلمون.

ونمضي مع الحق فنتعرف على دور التابعين في تبليغ السنة وخدمتها والمصاعب التي واجهتهم.

1 سورة التوبة: 32، 33.

ص: 163