الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5-
شعبة أمير المؤمنين في الحديث:
شعبة بن الحجاج بن الورد أبو بسطام العتكي، مولاهم، واسطي الأصل بصري الدار، رأى الحسن، ومحمد بن سيرين، وسمع قتادة، ويونس بن عبيد، وأيوب، وخالد الحذاء، وعبد الملك بن عمير، وأبا إسحاق السبيعي، وطلحة بن مصرف، وعمرو بن مرة، ومنصور بن المعتمر، وسلمة بن كهيل، وسليمان الأعمش، وعمرو بن دينار، وسعيد المقبري، وخلقًا كثيرا من طبقتهم.
وروى عنه: أيوب السختياني، والأعمش، ومحمد بن إسحاق، وإبراهيم بن سعد، وسفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم.
ولقد لقب شعبة بشيخ الإسلام الحافظ الحجة -أمير المؤمنين وكان أرعى الناس للمسكين وأرفقهم به- إذا رأى مسكينا لا يرفع عنه بصره حتى يغيب عنه.
وكان أعرف أهل زمانه بشعر العرب، شديد الاشتياق من الحديث، يعتمد على ذاكرته، ولا يكتب إلا نادرًا، يسمع الحديث عشرين مرة، بينما يكتفي غيره بمرة، يكره التدليس كراهية شديدة، ويرى أنه أخو الكذب، ولأن يخر من السماء أهون عليه من أن يدلس، وكان جوادًا كريما شديد السخاء، منحه المهدي ثلاثين ألفا ففرقها، وما حبس شيئا على نفسه في طلب الحديث حتى إنه باع طست أمه بسبعة دنانير.
وبذلك كله استحق هذا الثناء العاطر، قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث.
وقال الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الحديث. وقال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. وقال أبو بكر البكراوي: ما رأيت أحدا أعبد لله من شعبة، لقد عَبَدَ اللهَ حتى جف جلده على عظمه واسود. وقال أبو داود الطيالسي: قلت ليحيى بن سعيد: رأيتَ أحدًا أحسن حديثا من شعبة؟ قال: لا. قلت: كم صحبته؟ قال: عشرين سنة. وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمةً وحده في هذا الشأن. يعني في الرجال وبصره بالحديث.
وقال الإمام أحمد: شعبة أثبت في الحكم من الأعمش، وأحسن حديثا من الثوري، لم يكن في زمن شعبة مثله. وقال ابن منجويه: كان من سادات أهل زمانه حفظا وإتقانا وورعا وفضلا، وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين وجانب الضعفاء والمتروكين، وصار علما يقتدى به وتبعه عليه بعده أهل العراق.
نعم كان شعبة جبل الحفظ، وسياج الرواية، وصونا للحديث، وسورًا صعب على أعداء السنة أن يتسوروه، وكان جديرا بتضرع وكيع بن الجراح إلى الله أن يرفع له في الجنة درجات بذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي سنة ستين ومائة1 لقي شعبة ربه راضيا مرضيا بعد سبع وسبعين سنة قضاها في خدمة الحديث، مما أورثه ذكرا خالدا، فرضي الله عن شعبة2.
1 انظر ترجمته في التاريخ الصغير ق2، ص135.
2 تاريخ بغداد ج3 ص255-266.
وتذكرة الحفاظ ج1 ص193-197.
وطبقات الحفاظ ص83-84.