الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله سبحانه وتعالى، وأنه لن يقبل من البشر دينًا غيره، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: 19) وقال عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85) وقال عز وجل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة: 285).
تنوع الخطاب الدعوي وفق أحوال المدعوّين
لا بُدَّ للداعية من اتباع المنهج القرآني والمسلك النبوي في الدعوة إلى الإسلام، كما قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125) وكلمة الحكمة: هي وضع الأمور في نصابها، واتباع الوسائل الحديثة في استجلاب الأنصار وقيادة الناس والجماهير والأتباع، وإفهام الناس، وخصوصًا أهل الغرب، بأنّ الإسلام لا يجعل من العرب شعبًا مختارًا يفضل غيره بسلالة معينة أو دم خالص، بل إن الله اختار هذا الدين لعباده مشتملًا على تعاليم راشدة، وشريعة عادلة، ثم وكِّل إلى العرب أن يحملوا هذه التعاليم والشرائع ليعملوا بها وليعلموها من شاء، ولا بد من القدوة الحسنة في الدعاة إلى الإسلام، والقدوة الحسنة هي أهم الدعائم، فالمسلمون الذين يطوفون الآن في المشارق والمغارب، في أمريكا وفي أوروبا وفي اليابان وفي إفريقيا، لو كانوا صورة صادقة للإسلام الصافي لاستجاب لهم كثيرون، لكنهم يحملون أسماء إسلامية ويتصرفون تصرفات تُحتسَب على الإسلام والمسلمين، ولا بد كذلك من العمل على تأليف القلوب، فإن تأليفها بالأموال أساس من الأسس الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم، فقد جعل للمؤلفة قلوبهم مصرفًا من
مصارف الزكاة والصدقات، وهو ليس شراء للذمم، وإنما هو إظهار لمروءة الإسلام ولتعاليمه في معاونة المحتاجين.
المسلمون هم أمة الإجابة، وذلك أمر مقرر بعد إسلامهم واستجابتهم لنداء الحق، والدخول في دين الله تعالى، ولقد بلّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، ولم ينتقل إلى ربه إلّا بعد أن أوصل الإسلام إلى العالم المعروف يوم ذاك، وأرسل رسله، وكتب إلى كل ملوك وسلاطين الدنيا، وبعدما أوجد للإسلام قاعدة بشرية تتحمّل مسئوليتها تجاه الدعوة، تتمثل في أبناء الجزيرة العربية، وقد قام الصحابة والتابعون من بعدهم بواجبهم، وشعروا بثقل الأمانة التي تحملوها، فشمّروا عن سواعدهم، وانطلقوا إلى كل مكان أمكنهم أن يصلوا إليه، داعين إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن.
وانتشار الإسلام بدأ ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مستمر حتى الآن، فلقد بدأ بالدعوة سرًّا في مكة، ثم كان الجهر بها، وبعد الهجرة كانت الغزوات والفتوحات حتى وصل للعالم كله، وهكذا ظهر الإسلام في جزيرة العرب، ومن مكة والمدينة كان انطلاقه، ولم ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلّا وقد أسلمت الجزيرة العربية كلها، ودخلت في دين الله تعالى جميعًا.
وبعدها قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)) وفي نفس الوقت وصل البلاغ إلى أقاليم العالم بواسطة الرسائل والوفود وحركة التجار، وانتشار أخبار الإسلام والمسلمين، بما فيها من مزايا ومحاسن، ومن الجزيرة العربية بدأ انطلاق الفاتحين، ففتحوا بلاد الشام ومصر، اللذين مثّلا نقطتي الانطلاق لنشر الإسلام شرقًا وغربًا، ومن مصر تحرك المسلمون بإسلامهم في موجات متتابعة إلى جهات ثلاث، بواسطة الدعاة والفاتحين، فمن مصر اتجهت الانطلاقة الأولى
إلى الشمال الإفريقي، وتمَّ فتحه، فدخلت ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا في الإسلام، ومن الشمال الإفريقي امتدَّ الإسلام إلى الأندلس والبرتغال وجنوب فرنسا.
ومن مصر أيضًا كانت الانطلاقة الثانية إلى الجنوب، وتمَّ فتح بلاد النوبة والسودان وتشاد، ووقفت عند حدود الصحراء الكبرى، ومن مصر كذلك كانت الانطلاقة الثالثة إلى الشمال؛ حيث ركب المسلمون البحر الأبيض، وفتح أهم جزره مثل تكريت وصقلية، وغيرها، وباستقرار الإسلام في السودان صار السودان مركزًا رئيسيًّا للدعاة والعلماء بالنسبة لأفريقيا، وقد ساهم عرب الجزيرة في مساعدة السودانيين في إيصال الإسلام إلى شرق أفريقيا، فركبوا البحر الأحمر إلى قارة أفريقيا، وتمكنوا مع السودانيين والأحباش في نشر الإسلام في أوغندا وكينيا وزيمبابوي ومقديشيو وجزر القمر وتنزانيا وغيرها.
وهكذا وصل الإسلام إلى كل إفريقيا في القرن الأول لظهور الإسلام ما عدا جنوب أفريقيا، فقد وصلها الإسلام متأخرًا مع المهاجرين المسلمين، الذين جاءوا من الهند وبلاد المغرب وأفريقيا.
ومن بلاد الشام، الجناح الشرقي للإسلام، وصل الإسلام إلى بلاد فارس إيران، ومن إيران تحرك الإسلام جنوبًا إلى الهند، وشرقا إلى بلاد التركستان وأفغانستان، ومن بلاد التركستان انطلق الإسلام إلى الصين، وقد قام عرب الجزيرة بركوب البحر إلى الجنوب الذي كانوا يذهبون إليه تجارًا، يحملون الإسلام في سلوكهم ونشاطهم، وتمكنوا بذلك من نشر الإسلام في الجزر وأشباه الجزر الموجودة في المحيط الهندي، وبذلك دخل الإسلام في الملاوي وإندونيسيا والفلبين وماليزيا وسيلان، ولما استقرّ الإسلام في وسط وجنوب آسيا، اهتمّ أهل هذه