الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران: 97) قالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ فسكت. قالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ قال:((لا، ولو قلت "نعم" لوجبت)) فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (المائدة: 101).
شروط وجوب الحج، وصحة أركانه، وواجباته ومحظوراته
أما الشرائط فشرط صحة الحج اثنان: الوقت، والإسلام، فيصح حج الصبي ويُحرِم بنفسه إن كان مميزًا، ويحرم عنه وليه إن كان صغيرًا، ويفعل به ما يفعل في الحج من الطواف والسعي وغيره. وأما الوقت فهو شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر من يوم النحر، فمن أحرم بالحج في غير هذه المدة فهي عمرة، وجميع السنة وقت العمرة، ولكن من كان معكوفًا على النسك أيام منى فلا ينبغي أن يحرم بالعمرة؛ لأنه لا يتمكن من الاشتغال عقيبه؛ لاشتغاله بأعمال منى.
وأما شروط وقوعه عن حجة الإسلام فخمسة: الإسلام والحرية والبلوغ والعقل والوقت، فإن أحرم الصبي أو العبد ولكن عُتق العبد وبلغ الصبي بعرفة أو بمزدلفة، وعاد إلى عرفة قبل طلوع الفجر أجزأهما عن حجة الإسلام؛ لأن الحج عرفة وليس عليهما دم إلا شاة، وتشترط هذه الشرائط في وقوع العمرة عن فرض الإسلام إلا الوقت. وأما شروط وقوع الحج نفلًا عن الحر البالغ فهو بعد براءة ذمته عن حجة الإسلام، فحج الإسلام متقدم ثم القضاء لمن أفسده في حالة الوقوف، ثم النذر ثم النيابة ثم النفل، وهذا الترتيب مستحق، وكذلك يقع وإن نوى خلافه.
أما شروط لزوم الحج:
فخمسة: البلوغ، والإسلام، والعقل، والحرية، والاستطاعة، ومن لزمه فرض الحج لزمه فرض العمرة، ومن استطاع لزمه الحج وله التأخير، ولكن فيه على خطر، فإن تيسر له ولو في آخر عمره سقط عنه، وإن مات قبل الحج لقي الله عز وجل عاصيًا بترك الحج، وكان الحج في تركِته يحج عنه، وإن لم يوصي كسائر ديونه، وإن استطاع في سنة فلم يخرج مع الناس وهلك ماله في تلك السنة قبل حج الناس، ثم مات لقي الله عز وجل ولا حج عليه، ومن مات ولم يحج مع اليسار فأمره شديد عند الله تعالى. قال عمر رضي الله عنه:"لقد هممت أن أكتب في الأمصار بضرب الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبيلًا".
وعن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاوس: "لو علمت رجلًا غنيًا وجب عليه الحج، ثم مات قبل أن يحج ما صليت عليه". وبعضهم كان له جار موسر فمات ولم يحج فلم يصل عليه. وكان ابن عباس يقول: "من مات ولم يُزك ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا". وقرأ قوله عز وجل: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} (المؤمنون: 99، 100).
وأما الأركان التي لا يصح الحج بدونها فخمسة:
الإحرام، والطواف، والسعي بعده، والوقوف بعرفة، والحلق بعده على قول. وأركان الحج كذلك إلا الوقوف. والواجبات المجبورة بالدم ست: الإحرام من الميقات، فمن تركه وجاوز الميقات مَحلًا فعليه شاة. والرمي فيه الدم قولًا واحدًا. وأما الصبر بعرفة إلى غروب الشمس والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى وطواف الوداع فهذه الأربعة يجبر تركها بالدم على أحد القولين، وفي القول الثاني فيها دم على وجه الاستحباب.
وأما وجوه أداء الحج والعمرة فثلاثة:
الأول: الإفراد، وهو الأفضل وذلك أن يقدم الحج وحده، فإذا فرغ خرج إلى الحل فأحرم واعتمر، وأفضل الحِل لإحرام العمرة الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية، وليس على المفرد دم إلا أن يتطوع.
الثاني: القران، وهو أن يجمع فيقول: لبيك بحج وعمرة معًا، فيصير محرمًا بهما، ويكفيه أعمال الحج وتندرج العمرة تحت الحج كما يندرج الوضوء تحت الغسل، إلا أنه إذا طاف وسعى قبل الوقوف بعرفة فسعيه محسوب من النسكين، وأما طوافه فغير محسوب لأن شرط الطواف الفرد في الحج أن يقع بعد الوقوف، وعلى القارن دم شاة، إلا أن يكون مكيًا فلا شيء عليه؛ لأنه لم يترك ميقاته، إذ ميقاته مكة.
الثالث: التمتع، وهو أن يجاوز الميقات محرمًا بعمرة ويتحلل بمكة، ويتمتع بالمحذورات إلى وقت الحج، ثم يحرم بالحج، ولا يكون متمتعًا إلا بخمس شرائط:
أحدها: ألا يكون من حاضري المسجد الحرام، وحاضره من كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة.
الثاني: أن يقدم العمرة على الحج.
الثالث: أن تكون عمرته في أشهر الحج.
الرابع: ألا يرجع إلى ميقات الحج ولا إلى مثل مسافته لإحرام الحج.
الخامس: أن يكون حجه وعمرته عن شخص واحد؛ فإذا وجدت هذه الأوصاف كان متمتعًا ولزمه دم شاة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج قبل
يوم النحر متفرقة أو متتابعة، وسبعة إذا رجع إلى الوطن، وإن لم يصم الثلاثة حتى رجع إلى الوطن صام العشرة تتابعًا أو متفرقًا.
وأما محظورات الحج والعمرة:
فستة:
الأول: اللبس للقميص والسراويل والخف والعمامة، بل ينبغي أن يلبس إزارًا ورداء ونعلين، فإن لم يجد نعلين فمكعبين، فإن لم يجد إزارًا فسراويل.
الثاني: الطِّيب.
الثالث: الحلق.
الرابع: الجماع، وهو مفسد للصيام.
الخامس: مقدمات الجماع كالقبلة والملامسة التي تنقض الطهر.
السادس: قتل صيد البر، أعني ما يؤكل أو هو متولد من الحلال والحرام، فإن قتل صيدًا فعليه مثله من النعم، يراعى فيه التقارب في الخلقة، وصيد البحر حلال ولا جزاء عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.