المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهداف دراسة السيرة النبوية، والبيئة التي نشأت فيها الدعوة - أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌حقيقة مذهب السلف في الإيمان بالقدر، والنصوص الدالة عليه

- ‌تعريفات القضاء والقدر، والفرق بينهما

- ‌أدلة وجوب الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌الدرس: 2 تابع الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌أقسام القدر، وحكم التكذيب به

- ‌الاحتجاجُ بالقدر لترك الواجبات وفعل المعاصي احتجاجٌ باطلٌ

- ‌أثر الإيمان بالقدر على المسلم

- ‌الدرس: 3 الأساليب والوسائل الدعوية من خلال السيرة النبوية (1)

- ‌أهداف دراسة السيرة النبوية، والبيئة التي نشأت فيها الدعوة

- ‌الإعداد الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوم بأعباء الدعوة

- ‌دلائل النبوة في مولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس: 4 الأساليب والوسائل الدعوية من خلال السيرة النبوية (2)

- ‌عصمة الله رسولَه صلى الله عليه وسلم من دنس الجاهلية

- ‌الإعداد الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من سن الخامسة والعشرين حتى بلوغه الأربعين

- ‌الدرس: 5 الأساليب والوسائل الدعوية من خلال السيرة النبوية (3)

- ‌حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي

- ‌حال النبي عند نزول الوحي عليه، وصور ذلك الوحي

- ‌حديث بدء الوحي وما فيه من الفوائد

- ‌الدرس: 6 بدء الوحي، وبداية الدعوة السرية

- ‌بداية نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وفترته

- ‌مرحلة الدعوة السرية

- ‌الدرس: 7 دروس وعبر من مراحل الدعوة إلى الله عز وجل

- ‌أساليب المشركين المتنوعة في إجهاض الدعوة

- ‌السخرية والتكذيب، وصد الناس عن الدعوة، والاعتداء، والمطالب التعجيزية

- ‌الدرس: 8 تابع دروس وعبر من مراحل الدعوة إلى الله عز وجل

- ‌الهجرة إلى الحبشة، وما يستفاد منها

- ‌مرحلة ما بعد وفاة أبي طالب والسيدة خديجة، والرحلة إلى الطائف

- ‌الدرس: 9 دروس في فقه الدعوة من خلال الهجرة إلى المدينة

- ‌المسلمون يبدءون الهجرة إلى المدينة بعد بيعة العقبة الثانية

- ‌الإعداد والتخطيط للهجرة، والدروس المستفادة منها

- ‌الدرس: 10 تابع دروس في فقه الدعوة من خلال الهجرة إلى المدينة

- ‌تخطيط النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة إلى المدينة

- ‌نتائج الهجرة

- ‌ملامح شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس: 11 هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تريبة أصحابه

- ‌تربية الصحابة على أخلاق الإسلام السامية

- ‌وُدُّ النبي صلى الله عليه وسلم ووفاؤه، وتفقُّد أحوال أصحابه، وكرمه

- ‌غضبه صلى الله عليه وسلم وشدته في الحق

- ‌الدرس: 12 تابع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تريبة أصحابه

- ‌أثر شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه

- ‌تأليف قلوب الصحابه واستمالتهم، والاهتمام بأمرهم، وتفقد أحوالهم، وقضاء حوائجهم

- ‌الدرس: 13 تعريف بالمدعو وبيان حقوقه وواجباته، وسنة الاختلاف

- ‌التعريف بالمدعو، وبيان حقوقه وواجباته

- ‌سنة الاختلاف، والاختلاف فى علم الفقه، والاختلاف بين الصحابة

- ‌الدرس: 14 أصناف المدعوين وكيفية دعوتهم، والدعوة على الوجه الأمثل

- ‌أصناف المدعوين: الملأ، وجمهور الناس، والمنافقون، والعصاة

- ‌تنوع الخطاب الدعوي وفق أحوال المدعوّين

- ‌أحوال الدعوة في الأقطار الإسلامية، وكيف تكون الدعوة على الوجه الأمثل

- ‌الدرس: 15 معاملة غير المسلمين وكيف يدعون إلى الإسلام

- ‌القاعدة الأولى في معاملة أهل الذمة في دار الإسلام

- ‌الأساس الفكري لتسامح المسلمين، وتبليغ الدعوة لغير المسلمين

- ‌الدرس: 16 أساليب الإقناع والتأثير النفسي: الخطابة

- ‌الخطابة: تعريفها، وقيمتها، وتاريخها، ومكانتها في العصر الجاهلي

- ‌خصائص الخطابة في العصر الجاهلي وأغراضها

- ‌الدرس: 17 بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم وأثرها في الخطابة

- ‌أثر القرآن في بلاغة الرسول، وبلوغه صلى الله عليه وسلم الغاية في البيان

- ‌أمور مهمة في وصف بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمثلة من كلامه

- ‌الدرس: 18 من أنواع الخطابة الدينية: خطبة الجمعة

- ‌الجمعة: تعريفها، وفضلها، وسننها، وشروطها، ووقتها، ومن تجب عليهم

- ‌آداب الجمعة

- ‌الدرس: 19 خطبتا العيدين، والخطب الدينية في موسم الحج

- ‌صفة صلاة العيد وكيفيتها

- ‌الخطب الدينية في موسم الحج

- ‌شروط وجوب الحج، وصحة أركانه، وواجباته ومحظوراته

- ‌الدرس: 20 تابع الخطب الدينية في موسم الحج

- ‌بيان بعض أحكام الحج

- ‌ركوب الطائف، وسنن الوقوف بعرفة، والدفع إلى منى

- ‌الدرس: 21 من أساليب الإقناع العقلي ووسائله

- ‌الجدل

- ‌المحاجة، والمناظرة، والمحاضرة، والندوة، والدرس الديني

الفصل: ‌أهداف دراسة السيرة النبوية، والبيئة التي نشأت فيها الدعوة

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثالث

(الأساليب والوسائل الدعوية من خلال السيرة النبوية (1))

‌أهداف دراسة السيرة النبوية، والبيئة التي نشأت فيها الدعوة

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونصلي ونسلم على خير خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه، ومن استن بسنته وسار على نهجه إلى يوم الدين وبعد:

أولًا تمهيدًا عن أهداف دراسة السيرة النبوية:

إن لدراسة السيرة العطرة أهدافًا عديدة من أهمها:

1 -

يجد المرء في سيرته صلى الله عليه وسلم ما يعينه على فهم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

2 -

إن الدارس لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يقف على التطبيق العملي لأحكام الإسلام التي تضمنتها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في مجالات الحياة المختلفة.

3 -

إن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي معرفة شمائله وأحواله صلى الله عليه وسلم في المجالات المختلفة.

4 -

إن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على محبة العبد ربه، وسينال العبد محبة الله له، وفي هذا يقول الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: 31).

5 -

يقف الدارس لسيرته صلى الله عليه وسلم على حقائق معجزاته، وهي دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم مما يقوي ويزيد الإيمان من ناحية، والفهم الجيد لهذه المعجزات في ضوء معرفة هذه الوقائع من ناحية أخرى.

6 -

إن معرفة ما حفلت به السيرة من مواقف إيمانية عقدية وقفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لإعلاء كلمة الله- تقوي من مزاعم المؤمنين السائرين على درب الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبتهم للدفاع عن الدين والحق، وتبعث في قلوبهم الطمأنينة.

ص: 45

7 -

في سيرته صلى الله عليه وسلم دروس كثيرة لجميع الناس ومواساة لهم في كافة أنواع الابتلاءات التي يتعرضون لها؛ لا سيما الدعاة.

8 -

إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم هي المثل الأعلى للإنسان الكامل في جميع الجوانب.

9 -

يحصل دارس السيرة على قدر كبير من المعارف الصحيحة في علوم الإسلام المختلفة؛ من عقيدة، وشريعة، وأخلاق، وتفسير، وحديث، وسياسة، وتربية، واجتماع.

10 -

يقف الدارس لسيرته صلى الله عليه وسلم على تطور الدعوة الإسلامية، وما كابده الرسول وأصحابه لإعلاء كلمة الله، وما واجهه هو وأصحابه من مشكلات، وكيفية التصرف في تذليل تلك العقبات وحل تلك المشكلات.

ولقد قيض الله تعالى للسيرة النبوية رجالًا عظامًا نقلوها إلينا مصونة من التبديل والتحريف، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال:((يحمل هذا العلم من كل خلَف عدولُه؛ ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)).

البيئة التي نشأت فيها الدعوة:

لقد تبوأ القرشيون مكانة كبيرة بوجود البيت العتيق الذي يحج إليه العرب من شتى المناطق، والتي كانت تحيط به أصنامهم التي زاد عددها كثيرًا، حتى وصلت إلى ثلاثمائة وستين صنمًا، وقد تولوا السقاية والرفادة والحجابة واللواء والندوة، وتمكن هاشم بن عبد مناف بن قصي من عقد الإيلاف، وتوسيع نطاق التجارة المكية بنقلها من النطاق الإقليمي إلى آفاق العالم القديم الرحبة؛ لقوله سبحانه وتعالى:{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} (قريش: 1، 2).

ص: 46

وقد حاز عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم مكانة متميزة في قلوب الناس لكرمه وجوده، واشتهر بحفره بئر زمزم التي وفرت المياه في مكة؛ ومع أن عبد المطلب لم يكن أغنى رجال مكة ولا هو زعيمها الوحيد غير أن صلته المباشرة بشئون البيت العتيق وقيامه بخدمة حجاج البيت جعلته من أبرز زعماء مكة؛ فكان هو الذي فاوض أبرهة حين قدم بالأحباش غازيًا لمكة بقصد هدم الكعبة.

وعلى ذلك؛ فقد كانت عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم تتبوأ مكانة متميزة عن غيرها قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وعند بعثته.

أما تصوراتهم عن الله عز وجل: فقد انحرفوا عن الطريق القويم واتخذوا أصنامًا لهم عبدوها في كل مكان، وكانوا يتمسحون بها عند سفرهم وعند قدومهم؛ ولذلك فقد تعجبوا أن دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد وقالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: 5).

قد روى الشيخان: أن عمرو بن عامر الخزاعي كان أول من سيب السوائب، كما أنكروا القيامة والبعث والنشور والدار الآخرة والحساب والجنة والنار؛ رغم إقرارهم بالربوبية وقسمهم بالله، كما قال سبحانه:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} (النحل: 38)؛ فهم يعبدون الأصنام لتقرِّبهم إلى الله تعالى الذي يطمعون منه أن يمنحهم ما يأملون في هذه الحياة، التي تنتهي عادة بالهلاك الأبدي الدائم عندهم الذي ينسبونه إلى الدهر:{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (الجاثية: 24)، ويفضح القرآن إنكارهم للآخرة في مواضع كثيرة من الكتاب العزيز: قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (هود: 7) وقال تعالى أيضًا: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} (الأنعام: 29).

ص: 47