الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية لا تبطل وإِن بقي الإِمام وحدَه؛ اعتبارًا بالمسبوق، فعدَّه المعظمُ قولًا خامسًا مخرَّجًا، وأباه بعضُهم، وفُرِّق بأنَّ المسبوقَ تابعٌ لمن صحَّت جمعتُه، والإِمام هاهنا يصير تبعًا لمن لم تصحَّ جمعتهُ، فإن شرطنا بقاءَ العدد، فلم ينفضَّ السامعون حتَّى أحرم أربعون لم يسمعوا الخطبة، فلا تبطل الجمعة؛ لأنَّهم لمَّا تبعوهم ثبت لهم حكمُهم، ولا يمتنع أنَّ يُشترطَ بقاء أربعين من السامعين، وإِن جوَّزنا أنَّ يبقى معه واحد أو اثنان، فلابدَّ من كمالهما على الظاهر، وفي العبد والمسافر احتمالٌ ذكره صاحب "التقريب".
* * *
508 - [فصل في تأخُّر إِحرام الجماعة عن إِحرام الإمام]
(1)
شرط القفَّال (في ذلك أنَّ يُدركوه في الركوع)(2)، فإِن أدركوه في اعتداله لم تصحَّ الجمعة، وشرط أبو محمَّد أنَّ لا يتأخروا عن إِحرامه بما يعد فصلًا طويلًا، وشرط الإِمام ألَّا يتأخَّروا إِلى حدٍّ يسقط عنهم شيءٌ من قراءة الفاتحة؛ لأنَّ ذلك من أحكام المسبوقين.
* * *
509 - فصل في الزِّحام [عن سجود الركعة الأولى]
(3)
إِذا زُحِم عن سجود الصلاة، فله قطعُ القدوة عند الصيدلانيِّ، وفرَّق
(1) ما بين معكوفتين ساقط من "ح".
(2)
ما بين قوسين هو عبارة "م"، أما عبارة "ح": فهي: "ألا يتأخر إحرام الجماعة مع الإمام عن الركوع".
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ح".
الإمامُ بين الجمعة وغيرها من جهة وجوب الاقتداء في الجمعة، ولعلَّ ذلك مرادُ الصيدلانيِّ، فإِذا زحم عن سجود الركعة الأولى، وكان بمكان عالٍ يمكنه أنَّ يضعَ جبهته على ظهر إِنسان ويأتيَ بالهيئة المشروطة في السجود، فعل ذلك، والتخلُّف بعذر الزحمة لا يقطعُ القدوةَ على الإِطلاق بالاتفاق، وإِن لم يمكنه ذلك فيصبرُ حتَّى يزولَ الزِّحام، أو يومئ بما يقدِر عليه، أو يتخير بين الإِيماء والصبر؟ فيه ثلاثة أوجه، والمذهب أنَّه يصبر، ثم ينقسم أمره إِلى قسمين:
القسم الأوَّل: أن يتمكَّن من السجود قبل ركوع الإِمام في الثانية، فله عند فراغه من السجود سبعةُ أحوال:
الحال الأولى: أنَّ يدرك الإِمامَ قائمًا، فيقرأ الفاتحة، ويركع معه، فقد تمت جمعتُه، ويعذر في تخلُّفه بالاتِّفاق.
الحالُ الثانية: أنَّ يدركَه راكعًا، فيركع متابعًا كالمسبوق، أو يقرأ مرتِّبًا لصلاة نفسه؟ فيه وجهان؛ فإِن قلنا: يقرأ، فلا يقطع القدوة، بل يرتِّب صلاة نفسه عازمًا على لُحوق الإِمام، وهو في قدوة حكميَّة لو سها تحمَّله الإِمام.
الحال الثالثة: أنَّ يدركَه قائمًا، ولا يتمكَّن من إِتمام الفاتحة، فإِن قلنا: يقرأ لو أدركه راكعًا، فليقرأ هاهنا، وإِن قلنا: يركع ثَمَّ، ففي ركوعه هاهنا خلافٌ مرتَّب على المسبوق إِذا أدرك بعضَ الفاتحة؛ فإن راعينا ترتيبَ الصلاة، فالوجه الاقتصار على الفرائض؛ ليدرك الإِمام، ويحتمل أنَّ يأتيَ بالمتوسِّط من السنن كما قلنا في المسبوق إِذا اشتغل بالافتتاح والتعوُّذ.
الحال الرابعة: أنَّ يدركَه فيما بعد الركوع، ففيه طريقان، المشهورُ
بناءُ ذلك على الخلاف في المتابعة والترتيب؛ فإِن قلنا: يتابع، فلا يُحسب له ما يتابع فيه كالمسبوق، ويأتي بركعة بعد سلام الإِمام، وقد تمَّت جمعته، وإِن قلنا: يرتِّب صلاتَه، فوافق، فقد أدرك الركعة الثانية أيضًا.
والطريقة الثانية: تتعيَّن متابعةُ الإِمام؛ إِذ لو رتَّب لطال تخلُّفُه، بخلاف ما لو أدركه في الركوع، وعلى هذه الطريقة لو لم يتمكَّن من السجود ولا من المتابعة في الركوع حتَّى اعتدل الإِمام عن الركوع، فقد فاتته الجمعةُ وإِن سجد عن الأولى؛ لإِفراط تخلُّفه.
الحال الخامسة: أنَّ يتحلَّل الإِمام عَقيب سجوده، فعلى قول المعظم يأتي بركعة أخرى؛ إِكمالًا لجمعته، وهل يكون في هذه الركعة في قدوة حكميَّة؟ فيه وجهان، ولا وجهَ لذلك؛ إِذ كيف يُقدَّر الاقتداء بمن ليس في الصلاة؟ !
الحال السادسة: أن يدرك الإِمامَ وقد سلَّم قبل أنَّ يرفعَ المزحومُ رأسَه من السجود، فلا تحصل له الجمعةُ، ولا تثبت هاهنا قدوة حكميَّة؛ لأنَّ مَنْ أثبتها جعلها تبعًا لركعة تامَّة، بخلاف ما هاهنا.
الحال السابعة: أن يرفعَ عن السجدتين، فيسلِّم الإِمام قبل اعتداله، فالظاهر الإِدراك، وفيه احتمال.
القسم الثاني: ألا يتمكنَ من السجود حتَّى يركعَ الإِمام في الثانية، فهل يسجد رعاية للترتيب، أو يركع؛ لئلا يَطُول تخلُّفه؟ فيه قولان منصوصان؛ فإِن قلنا: يركع، فوافق وأتى بالركعة الثانية مع الإِمام، فبأيِّ ركوعيه يُحتَسَب؟ فيه وجهان؛ فإِن حَسَبْنا الثانيَ، فليُكمِل جمعتَه بركعة أخرى، وإِن حسبنا