الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمد لله، والصلاة على رسول الله، والتوصية بتقوى الله، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
والحمدلة والصلاة والتوصيةُ أركان في كل خطبة، والمشهور وجوبُ القراءة، وذكر أبو إسحاق المروزيُّ في وجوبها وجهين؛ فإِن أوجبناها، ففي اختصاصِها بالأُولى وجهان:
أحدهما: تختصُّ الأولى بالقراءة، والثانيةُ بالدعاء.
والثاني: تختصُّ الثانية بالدعاء، وتجوز القراءةُ في أيّتهما شاء، وهو الظاهر.
وقال العراقيون: تجب القراءةُ فيهما، ونصَّ الشافعيُّ وصاحب "التلخيص" في الأركان على الحمد والصلاة والوعظ، ولم يتعرَّضا للقراءة والدعاء.
ويتعيَّن الحمدُ والصلاة، فلا يقوم غيرُهما مقامَهما، وأبعد مَنْ أوجب الثناءَ، ولم يتعرَّض للحمد، وذكر العراقيُّون ذكرَ الله ورسوله، ولعلَّهم أرادوا بذلك الحمدَ والصلاة.
* * *
538 - فصل في كيفيَّة الوصيَّة بالتقوى
ولا تتعيَّن للوصيَّة صيغةٌ، والغرضُ الحثُّ على التقوى، وهي فعلُ المأمورات واجتناب المنهيَّات، ولا تتعيَّن بالتقوى، بل الغرضُ الوعظ. نصَّ عليه في "الإِملاء"، والمواعظُ راجعة إِلى الحثِّ على الطاعة، واجتناب
المعصية، وأحدهما مُشعِرٌ بالآخر، فيُكتفى به، وإِن رغَّب في الثواب، أو حذَّر من العقاب، أجزأه ذلك عند الإِمام، وإِن لم يتعرَّض للأمر والنهي، ولم يُكتفَ بالأمر بالإحسان من غير تعرُّض لذكر الله، ولا بذكر الموت ما لم يتعرَّض للاستعداد له، ولا بالتحذير من الاغترار بالدنيا؛ فإِنَّه ممَّا يتواصى به منكرو المعاد.
وإِن اقتصر على قوله: (أطيعوا الله، واجتنبوا معاصيه)، كفى ذلك عند الأصحاب، وأباه الإِمام، وَشَرطَ فصلًا يهزُّ ويقع من السامعين موقعًا، ويحثُّهم على الخير، وبه أشعر كلام الشافعيِّ؛ إذ ذكر لفظ الوعظ مع مراعاته للاتِّباع.
* * *
539 -
[فصل](1) في بيان ما يجب من القراءة
وإِذا أوجبنا القراءةَ على المشهور، فلابدَّ من آية تامَّة، وأجاز الإِمامُ بعضَ آية طويلة، ولم يجوِّز قولَه:{ثُمَّ نَظَر} وإِن كان آيةً، وضَبطَ القراءةَ بما لا يجري على نظمه ذكرٌ من الأذكار، وهو الذي يحرم على الجُنُب قراءتُه، وتردَّد فيما تحرم قراءتُه على الجنب، ولا يستقلُّ بمعناه، وأجاز ما يستقلُّ بوعد أو وعيد أو حكم شرعيٍّ أو غير ذلك.
وأما الدعاء: فيكفي أنَّ يدعوَ لعامَّة المؤمنين بجهة من الجهات، فإِن اقتصر على أوطار الدنيا لم يجز عند الإِمام، ولو أبدل جميعَ الأركان بآي
(1) سقط من "ح".
يشتمل على معانيها، لم يجز؛ إِذ لا تسمَّى خطبةً، وإِن أبدل بعضَ الأركان؛ كالتحميد أو الوعظ، فقد أجازه أبو محمَّد، ولم يُبْعِدْه الإِمام، لكنْ لا تُحسب القراءةُ عن الوعظ وعن القراءة.
* * *
540 -
[فصل](1) في القيام في الخطبتين والقعود بينهما
ويجب القيامُ فيهما على القادر، وكذلك تجبُ القعدةُ بينهما مع الطمأنينة، وهذه الجلسة تقاربُ الجلسةَ بين السجدتين في الأقل والأفضل، وقدر الشافعيُّ الأفضلَ بـ (سورة الإِخلاص) ومن أخصَّ أركان الخطبتين رفعُ الصوت بهما.
* * *
541 -
[فصل](2) في شرائط الخطبتين
يُشترط في الجمعة تقدُّم الخطبتين، ويُشترط في الخطبتين وقوعُهما في الوقت، وفي طهارتي الحدَثِ والخَبَثِ، وسَتْرِ العورة وجهان، ولا يُشترط استقبالُ القبلة ولا استدبارُها، والأدبُ استدبارُها؛ فإِن استقبلها وأسمع، أو وقف في أُخريات المسجد مستقبلًا، جاز وإِن خالف الأدبَ.
فإِنْ شَرَطْنا الطهارةَ، فأحدث في أثنائها، فلا يُعتدُّ بما يأتي به مع الحدَث، وإن شَرَطنا الوِلاء، فتطهَّر في زمان لا ينقطعُ بمثله الولاءُ، ففي
(1) ما بين معكوفتين سقط من "ح".
(2)
ما بين معكوفتين سقط من "ح".