الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدة؛ نظرًا إِلى ما حدث من الاتِّصال.
والثالث: أنَّ العلَّة كثرة الناس، وضيق المكان، فيلحق بها ما ساواها في ذلك من البلاد، وإِن لم يكن شيءٌ من ذلك، فلا تُقام بالبلدة الواحدة إِلا جمعةٌ واحدة.
فإن وقعت جمعتان صحَّت السابقة دون اللاحقة، إِلا أن يكونَ الإِمامُ مع اللاحقة، فوجهان أصحُّهما: أنَّها لا تترجَّح بحضوره؛ إِذ لا يجب مراجعةُ الولاة في الجمعة، وإِن كان الأَولى أن يُراجَعوا، ويعتبر السبقُ بالإِحرام على الأصحِّ، وقيل: بالشروع في الخطبة، وأبعد من قال: بالسلام.
وإِن وقعتا معًا، أو احتُمِل وقوعُهما معًا، فلا تصحُّ واحدةٌ منهما، وتلزمهم الجمعةُ.
قال الإِمام: قياسُ الاحتياط في صورة الاحتمال أن تلزمهم الجمعةُ؛ لاحتمال وقوعهما معًا، وأن يلزمَهم الظهرُ؛ لاحتمال التلاحق، وإِن تلاحقتا ولم تُعرف السابقةُ، فهل تلزمهم الجمعة أو الظهر؟ فيه قولان، ووَجْهُ وجوب الجمعة أنَّها بنيت على كمال، فجاز أن يُشترط فيها تعيُّنُ البراءة مع التعيين، وإِن عرفت السابقة، ثمَّ نُسيتْ، لزمتهم الظهرُ، وأبعد مَنْ طرد القولين.
547 - فرع:
لو علموا في أثناء الجمعة أنَّهم سُبقوا، ففي بناء الظهر عليها قولان.
548 - القراءة في الجمعة:
قال في القديم: يقرأ في الأولى من الجمعة بـ (سبح اسم ربك الأعلى)،
وفي الثانية بـ (الغاشية).
وفي الجديد: يقرأ في الأولى (الجمعة)، وفي الثانية (المنافقين)؛ فإِن نسي (الجمعةَ) في الأولى قرأها في الثانية مع (المنافقين).
* * *
549 -
[باب](1) التبكير إلى الجمعة
يُستحبُّ لقاصد الجمعة أن يأتيَها ماشيًا بالسكينة والوقار، وأن يتطيَّب ويتزيَّن، وأحبُّ الثيابِ إِلى الله البياضُ.
وإن حَضَرها العُجَّزُ فلا يَلْبَسْنَ الشهيرةَ من الثياب، ولا يتطيَّبنَ بما فيه شهرة.
وقد قال عليه السلام: "مَنْ راح إِلى الجمعة في الساعة الأُولى فكأنَّما قرَّب بدنةً، ومن راح في الساعة الثانية فكأنَّما قرَّب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنَّما قرَّب كبشًا، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنَّما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنَّما قرَّب بيضة"(2).
وأراد عليه السلام بذلك الحثَّ على المسابقة إِلى الجمعة، وبيانَ منازل السابقين، وغلط من حمله على الساعات التي قُسِّم عليها الليل والنهار؛ لأنَّ السلف لم يكونوا يبكِّرون في أوَّل ساعات النهار مع أنَّ الساعةَ الخامسة تقع في الصيف قبل الزوال، وفي الشتاء قريبًا من العصر، فلا يحمل كلامُ الرسول عليه السلام على ما ذكره أصحاب التقاويم.
* * *
(1) سقط من "ح".
(2)
أخرجه البخاري (881)، ومسلم (850)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.